الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب: مَنْ أَعَادَ الْحَدِيْثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ
فَقَالَ: "ألَا وَقَوْلُ الزُّورِ". فَمَا زَالَ يُكَرِّرهَا.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ بَلَّغْتُ؟ " ثَلَاثًا.
قَوْلُهُ: (باب: من أعاد الحديث ثلاثًا ليُفهَم) هو بضم الياء وفتح الهاء، وفِي روايتنا أيضًا بكسر الهاء، لكن في رواية الأصيلي وكريمة:"ليُفهَم عنه"، وهو بفتح الهاء لا غير.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: ألا وقول الزور) كذا في رواية أبي ذر، وفِي رواية غيره:"فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم"، وهو طرف معلق من حديث أبي بكرة المذكور في الشهادات (1)، وفِي الديات (2) الَّذِي أوله:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا" فذكر الحديث، ففيه معنى الترجمة لكونه قَالَ لهم ذلك ثلاثًا.
قَوْلُهُ: (فما زال يكررها) أي: في مجلسه ذَلِكَ، والضمير يعود عَلى الكلمة الأخيرة وهي:"قول الزور"، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالَى في مكانه.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابن عمر) وهو طرف أيضًا من حديث مذكور عند المصنف في كتاب الحدود أوله: "قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "أي شهر هذا؟ " (3). فذكر الحديث وفيه هذا القدر المعلق.
وقوله (ثلَاثًا) متعلق بـ"قال" لا بقوله: "بلَّغت".
(1)"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الشهادات، باب: ما قيل في شهادة الزور) برقم (2654).
(2)
حديث أبي بكرة ليس في كتاب الديات، بل في (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب: إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدُّنْيَا والآخرة) برقم (6919)، ولفظه:"أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور -ثلَاثًا-، أو قَالَ: الزور فما زال يكررها حتَّى قلنا: ليته سكت". فلفظة: "ثلَاثًا" أتت مع كلمة: "الزور"، وليس مع:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر".
(3)
"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الحدود، باب: ظهر المؤمن حِمًى إلَّا في حدٍّ أو حقٍّ) برقم (6785)، ولكن لفظه فيه:"أي شهر تعلمونه أعظم حرمة؟ ".
94 -
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الله، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا (1).
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عبدة) هو ابن عبد الله الصَّفَّار، ولَم يَخرج البُخَاريّ عن عَبْدة بن عبد الرحيم المَروزي، وهو من طبقة عَبْدة الصَّفَّار، وفِي رواية الأصيلي:"حَدَّثَنَا عَبْدَة الصَّفَّار".
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عبد الصمد) هو ابن عبد الوارث بن سعيد يكنى أبا سهل.
و(المثنى) والد عبد الله هو بضم الميم وفتح المثلثة وتشديد النون المفتوحة وهو ابن عبد الله بن أنس بن مالك، وثمامة عمه، ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون.
قَوْلُهُ: (عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كَانَ) أي: من عادة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم[والمراد أن أنسًا مخبر عما عرفه من شأن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم](2) وشاهده، "إن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك.
ويؤيد ذَلِكَ أن [145 / ب] المصنف أخرجه في كتاب الاستئذان (3) عن إسحاق -وهو ابن منصور-، عن عبد الصمد بهذا الإسناد إلَى أنس فَقالَ:"إنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ".
قَوْلُهُ: (كَانَ إِذَا تكلم) قَالَ الكِرْمَاني: مثل هذا التركيب يشعر بالاستمرار عند الأصوليين.
قَوْلُهُ: (بكلمة) أي: بجملة مفيدة.
قَوْلُهُ: (أعادها ثلاثًا) قد بَيَّن المراد بذلك في نفس الحديث بقوله: "حَتَّى تفهم
(1) في هذا الباب قبل هذا الحديث حديث آخر، ولفظه:"حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلَاثًا". وهذا الحديث ليس "في نسخة أبي ذر الهروي، ولا نسخة ابن عساكر، وابن حجر لم يتطرق إليه في شرحه، مما يدل علي أنَّه ليس في نسخته أيضًا، فلذلك حذفناه.
(2)
زيادة من "الفتح".
(3)
"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثًا) برقم (6244).
عنه"، وللترمذي والحاكم في المستدرك: "حَتَّى تُعقل عنه" (1). ووهم الحاكم في استدراكه وفِي دعواه أن البُخَاريّ لَم يخرجه.
وَقَالَ الترمِذيّ: حسن صحيح غريب، إنَّما نعرفه من حديث عبد الله بن المُثَنَّى. انتهى.
وعبد الله بن المُثَنَّى ممَّن تفرد البُخَاريّ بإخراج حديثه دون مُسْلِم، وقد وثقه العِجْلي والترمذي، وَقَالَ أبو زُرعة وأبو حاتم: صالح، وَقَالَ ابن أبي خَيْثَمة عن ابن مَعِين: ليس بشيء، وَقَالَ النَّسائي: ليس بالقوي.
قُلْت: لعله أراد في بعض حديثه، وقد تقرر أن البُخَاريّ حيث يُخَرِّج لبعض من فيه مقال لا يُخَرِّجُ شيئًا ممَّا أنكر عليه.
وقول ابن معين: ليس بشيء، أراد به في حديث بعينه سئل عنه، وقد قواه في رواية إسحاق بن منصور عنه.
وفِي الجملة فالرجل إِذَا ثبتت عدالته لَم يقبل فيه الجرح إلَّا إِذَا كَانَ مفسَّرًا بأمر قادح، وذلك غير موجود في عبد الله بن المثنى هذا، وقد قَالَ ابن حِبَّان لما ذكره في "الثقات": ربما أخطأ.
والذِي أنكر عليه إنّما هو من روايته عن غير عمه ثُمامة، وَالبُخَاريّ إنَّما أخرج له عن عمه هذا الحديث وغيره، ولاشك أن الرجل أضبط لحديث آل بيته من غيره.
وَقَالَ ابن المنير: نبه البُخَاريّ بهذه الترجمة عَلى الرد عَلى من كره إعادة الحديث، وأنكر عَلى الطالب الاستعادة وعَدَّه من البلادة، قَالَ: والحق أن هذا يَختلف باختلاف القرائح، فلا عيب عَلى المستفيد الَّذِي لا يحفظ من مرة إِذَا استعاد، ولا عذر للمفيد إِذَا لَم يُعد، بل الإعادة عليه آكد من الابتداء؛ لأن الشروع ملزم.
وَقَالَ ابن التين: فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الإعذار والبيان.
(1) أخرجه التّرمِذيّ في "السنن"(كتاب المناقب، باب: في كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم) برقم (3640)، والحاكم في "المستدرك"(كتاب الأدب، باب: كَانَ النَّبِيّ إذَا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا)(4/ 273)، ولكن بلفظ:"لتعقل عنه" عندهما.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أتى عَلى قوم) أي: وَكَانَ إذَا [146 / أ] أتى. . . .
قَوْلُهُ: (فسلم عليهم) هو من تتمة الشرط.
وقوله: (سلم عليهم) هو الجواب. قَالَ الإسماعيلي: يشبه أن يكون ذلِكَ كَانَ إِذَا سَلَّم سلام الاستئذان عَلى ما رَوَاهُ أبو موسى وغيره. وأما أن يمر المار مُسْلِّمًا فالمعروف عدم التكرار.
قُلْت: وقد فهم المصنف هذا بعينه، فأورد هذا الحديث مقرونًا بحديث أبي موسى في قصته مع عمر كما سيأتي في الاستئذان (1)، لكن يحتمل أن يكون ذَلِك كَانَ يقع أيضًا منه إِذَا خشي ألَّا يُسمع سلامه، وما ادعاه الكرماني من أن الصيغة المذكورة تُفيد الاستمرار ممَّا ينازع فيه. والله أعلم.
(1)"صحيح البُخَاريّ"(كتاب الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثًا) برقم (6244، 6245).
95 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تخَلَّفَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الصَّلاةَ صَلاةَ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:"وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
قَوْلُهُ: في حديث عبد الله بن عمرو: (فأدركنا) هو بفتح الكاف.
وقَوْلُهُ: (أرهقنا) بسكون القاف، وللأصيلي:"أرهقتنا".
وقَوْلُهُ: (صلاة العصر) هو بدل من الصلاة، إن رفعًا فرفع، وإن نصبًا فنصب.
قَوْلُهُ: (مرتين أو ثلاثا) هو شك من الراوي، ويدل عَلى [أن](1) الثلاث ليست شرطًا، بل المراد التفهيم، فإذا حصل بدونها أجزأ، وسيأتي الكلام عَلى المتن في الطهارة إن شاء الله تعالَى.
(1) زيادة من "الفتح".