المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌41 - باب: السمر بالعلم - النكت على صحيح البخاري - جـ ٢

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌37 - بَابُ: سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ

- ‌38 - بَابٌ

- ‌39 - بَابُ: فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بَابٌ: أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - باب: مَا جَاءَ إِنَّ الأَعْمَالَ بالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - باب: قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ لله وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" وَقَوْلهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - باب: فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌2 - باب: مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ في حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الْحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - باب: مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بالْعِلْمِ

- ‌4 - باب: قَوْلِ الْمُحَدِّثِ: حَدَّثَنَا، وأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا

- ‌5 - بابُ: طَرْحِ الإمَام الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ

- ‌6 - بابُ: مَاجَاءَ في الْعِلْمِ

- ‌7 - بَابُ: مَا يُذْكَرُ في الْمُنَاوَلَةِ وَكِتَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ بالْعِلْمِ إِلى الْبُلْدَانِ

- ‌8 - بَابُ: مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بهِ الْمَجْلِسُ وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً في الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا

- ‌9 - باب: قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بَابُ: الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

- ‌11 - باب: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - باب: مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ الْعِلْمِ يَوْمًا مَعْلُومًا

- ‌13 - باب: مَنْ يُرِدِ اللهُ بهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ

- ‌14 - باب: الْفَهْمِ في الْعِلْمِ

- ‌15 - باب: الاغْتِبَاط في الْعِلْمِ وَالْحِكمَةِ وَقَالَ عُمَرُ: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا

- ‌16 - باب: مَا ذُكِرَ في ذَهَابِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم في الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ

- ‌17 - باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ

- ‌18 - باب: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ

- ‌19 - باب: الْخُرُوجِ في طَلَبِ الْعِلْمِ، وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ في حَدِيثٍ وَاحِدٍ

- ‌20 - باب: فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ

- ‌21 - باب: رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ

- ‌22 - باب: فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌23 - باب: الْفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - باب: مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بإِشَارَةِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - باب: تَحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإيمَانَ وَالْعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ

- ‌26 - باب: الرِّحْلَةِ في الْمَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ

- ‌27 - باب: التَّنَاوُبِ في الْعِلْمِ

- ‌28 - باب: الْغَضَبِ في الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ

- ‌29 - باب: مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَوِ الْمُحَدِّثِ

- ‌30 - باب: مَنْ أَعَادَ الْحَدِيْثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ

- ‌31 - باب: تَعلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ

- ‌32 - باب: عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعلِيمِهِنَّ

- ‌33 - باب: الْحِرْصِ عَلَى الْحَدِيثِ

- ‌34 - باب: كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ

- ‌35 - باب: هَلْ يَجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا عَلَى حِدَةٍ في العِلْمِ

- ‌36 - باب: مَنْ سَمِعَ شَيْئًا، فَرَاجَعَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ

- ‌37 - باب: لِيُبَلِّغِ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائبَ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌38 - باب: إِثمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌39 - باب: كِتَابَةِ الْعِلْمِ

- ‌40 - باب: الْعِلْمِ وَالْعِظَةِ باللَّيْلِ

- ‌41 - باب: السَّمَرِ بالْعِلْمِ

- ‌42 - باب: حِفْظِ الْعِلْمِ

الفصل: ‌41 - باب: السمر بالعلم

‌41 - باب: السَّمَرِ بالْعِلْمِ

116 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنى اللَّيْثُ، حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِم، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ:"أَرَأَيْتكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هو عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ".

قَوْلُهُ: (باب السَّمَر) هو بفتح المُهملة والميم، وقيل: الصواب إسكان الميم لأنه اسم للفعل، ومعناه: الحديث بالليل قبل النَّوم، وبهذا يظهر الفرق بين هذه الترجمة والتي قبلها.

قَوْلُهُ: (بالعلم) كذا في رواية أبي ذر بإضافة الباب إلَى السَّمر، وفي رواية غيره "باب السَّمَرُ في العِلْم" بتنوين باب.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَني الليث حَدَّثه عبد الرحمن) أي أنه حَدَّثه عبد الرحمن، وفي رواية غير أبي ذر: حَدَّثَنِي عبد الرحمن، والليث وعبد الرحمن قرينان.

قَوْلُهُ: (عن سالِم) أي: ابن عبد الله بن عُمَر.

قَوْلُهُ: (أبي حَثْمة) بفتح المهملة وسكون المثلثة، واسم أبي حَثْمَة عبد الله بن حُذَيْفَة العَدَوي، وأما أبو بكر الرَّاوي تابعيٌّ مشهور لَم يُسَم، وقد قيل: إن اسمه كنيته.

قَوْلُهُ: (صَلَّى لَنا) أي: إمَامًا، وفي رواية:"بِنَا" بالموحدة.

قَوْلُهُ: (العشاء) أي: صلاة العِشَاء.

قَوْلُهُ: (في آخر حياته) جاء مُقيدًا من رواية جَابر أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلم بشهر (1).

(1) أخرجه مسلم في "صحيحه"(كتاب فضائل الصحابة، باب: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم") برقم (2538)، ولفظه:"ما من نفس منفوسة اليوم تأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذٍ".

ص: 234

قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتكم) هو بفتح المثناة؛ لأنها ضمير المُخاطب، والكاف ضَميرٌ ثان لا محل لها من الإعراب، والهمزة الأولَى للاستفهام، والرُّؤية بمعنى العِلْم أو البَصَر، والمعنى أَعَلِمْتُم أو أَبْصَرْتُم لَيْلَتكم، وهي منصوبة على المفعولية، والجواب محذوف تقديره:"فَاضبِطُوها".

وتَرِدُ أَرأَيْتكم للاستخبار كما في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ} الآية [الأنعام: 40]. قال الزَّمَخشري: المعنى أخبروني، ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره:"مَن تدعون"، ثم [160/ أ] بَكُتَهُم فقال:{أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام: 40]. انتهى

وإنّما أَوْرَدتُ هذا؛ لأن بعضَ الناس نَقَل كلام الزَّمخشري من الآية إلَى هذا الحديث وفيه نظرٌ؛ لأن التَّقدير يصير: "أَخْبِروني لَيْلَتكم هذه فَاحْفَظُوها" وليس ذلك مُطابقا لسياق الآية.

قَوْلُهُ: (فإن رأس) وللأَصِيلي: "فإن عَلَى رأس"، أي: عِنْد انْتِهَاء المائة.

قَوْلُهُ: (منها) فيه دليل على أن "مِنْ" تكون لابتداء الغاية في الزَّمان.

قَوْلُهُ: (لا يبقى مِمن هو على ظهر الأرض) أي: الآن موجودًا أحد إذ ذَاك، وقد ثبت هذا التقدير عند المُصَنِّف من رواية شُعَيْب، عن الزُّهري كما سيأتي في الصلاة (1).

(1)"صحيح البخاري"(كتاب مواقيت الصلاة، باب: ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا) برقم (564).

ص: 235

117 -

حَدَّثنا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحُكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ في بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا في لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ:"نَامَ الْغُلَيِّمُ" -أَوْ كَلِمَة تُشْبِهُهَا- ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكعَاتٍ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ -أَوْ خَطِيطَهُ- ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الحَكَم) بفتحتين هو: ابن عُتَيْبة بالمثناة تصغير عُتْبَة، وهو تابعي صغير وكان أحد الفقهاء.

قَوْلُهُ: (ثم جاء) أي: مِنَ المسجد.

قَوْلُهُ: (نام الغُلَيِّم) بضم المعجمة، وهو من تصغير الشَّفَقَة، والمراد به ابن عَبَّاس، ويحتمل أن يكون ذلك إخبارًا منه صلى الله عليه وسلم بنومه، أو استفهامًا بحذف الهمزة وهو الواقع، ووقع في بعض النسخ:"يا أم الغَلَيِّم" بالنداء، وهو تصحيف لم تثبت به رواية.

قَوْلُهُ: (أو كلمة) بالشَّكِّ من الرَّاوي، والمُرَاد بالكلمة: الجُمْلة أو المُفرَدة، ففي رواية أخرى:"نَام الغُلام".

قَوْلُهُ: (غَطيطه) بفتح الغين المعجمة: وهو صَوْت نَفَس النائم، والنَّخير أقوى منه.

قَوْلُهُ: (أو خطيطه) بالخاء المعجمة، والشك فيه من الرَّاوي، وهو بمعنى الأول، قاله الدَّاودي، وقال ابن بَطَّال: لَم أجده بالخاء المعجمة عند أهل اللغة. وتَبعه القاضي عِيَاض فقال: هو هُنَا وَهمٌ. انتهى

وقد نقل ابن الأثير عن أهل الغريب أنه دون الغطيط.

قَوْلُهُ: (ثم صلى ركعتين) أي: ركعتي الفجر، وأغرب الكِرْمَاني فقال: إنّما فصل بينهما وبين الخمس ولم يقل: سبع ركعات، لأن الخَمْس اقتدى ابن عباس به فيها بخلاف الركعتين؛ أو لأن الخَمْس بسلام والركعتين بسلام آخر. انتهى

ص: 236

وكأنه ظن أن الركعتين من جملة صلاة الليل وهو محتمل، لكن حملها على سنة الفجر أَوْلَى ليحصل الختم بالوتر، وسيأتي تفصيل هذه المسألة في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالَى.

ومناسبة [160/ ب] حديث ابن عمر للترجمة ظاهرة لقوله فيه: "قام فقال" بعد قوْله: "صلى العشاء".

وأما حديث ابن عباس فقال ابن المُنَيِّر ومن تبعه: يحتمل أن يُريد أن أصل السمر يثبت بهذه الكلمة وهي قوله: "نَام الغُليم"، ويحتمل أن يريد ارتقاب ابن عباس لأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فرق بين التعلم من القول والتعلم من الفعل، فقد سمر ابن عباس ليلته في طلب العلم، زاد الكَرْمَاني: أو ما يفهم من جعله إيّاه على يمينه، كأنه قال له: قف على يميني، فقال: وقفت.

وكل ما ذكروه معترض؛ لأن كل من يتكلم بكلمة واحدة لا يسمى سامرًا، وصنيع ابن عباس يُسمى سَهَرًا لا سَمَرًا، إذ السَّمر لا يكون إلا عن تحدث، قاله الإسماعيلي، وأبعدها الأخير؛ لأن ما يقع بعد الانتباه من النوم لا يُسمى سَمَرًا.

وقال الكِرْمَاني تبعًا لغيره أيضًا: يحتمل أن يكون مراد البخاري أن الأقارب إذا اجتمعوا لابد أن يجري بينهم حديث للمؤانسة، وحديثه صلى الله عليه وسلم كله علم وفوائد.

قلت: والأولى من هذا كله أن مناسبة الترجمة مستفادة من لفظ آخر في هذا الحديث بعينه من طريق أخرى، وهذا يصنعه المصنف كثيرًا، يريد به تنبيه الناظر في كتابه على الاعتناء بتتبع طرق الحديث، والنظر في مواقع ألفاظ الرواة؛ لأن تفسير الحديث بالحديث أولى من الخوض فيه بالظن.

وإنما أراد البخاري هنا ما وقع في بعض طرق هذا الحديث مما يدل صريحًا على حقيقة السَّمَر بعد العِشَاء، وهو ما أخرجه في التفسير وغيره من طريق كُريب عن ابن عباس قال:"بت في بيت ميمونة فتحدث رسول الله مع أهله ساعة ثم رقد. . . ."(1).

(1)"صحيح البخاري"(كتاب التفسير، باب: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية) برقم (4569).

ص: 237

فصحت الترجمة بحمد الله تعالَى من غير حاجة إلَى تعسف ولا رجم بالظن، وسنذكر باقي مباحث هذا الحديث حيث ذكره المصنف مطولًا في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالَى.

ويدخل في هذا الباب حديث أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم بعد العشاء"، وقد ذكره المصنف في كتاب الصلاة (1).

ولأنس حديث آخر في قصة أُسَيد بن حُضير وقد ذكره المصنف في المناقب (2).

وحديث عمر: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمور المسلمين". أخرجه الترمذي، والنسائي (3) ورجاله ثقات، وهو صريح في المقصود، إلا أن في إسناده اختلافًا على عَلْقَمة، فلذلك لم يصح على شرطه.

وحديث عبد الله بن عَمرو [161/ أ]: "كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح لا يقوم إلا إلَى عظيم صلاة". رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة (4)، وهو من رواية أبي حسان، عن عبد الله وليس على شرط البخاري، والله أعلم.

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب مواقيت الصلاة، باب: السمر في الفقه والخير بعد العشاء) برقم (600)، ولفظه:"انتظرنا النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى كان شطر الليل يبلغه فصلى لنا ثم خطبنا".

(2)

"صحيح البخاري"(كتاب المناقب، باب: منقبة أسيد بن حضير، وعباد بن بشر رضي الله عنهما) برقم (3805)، ولفظه:"أن رجلين خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة. . . .".

(3)

أخرجه الترمذي (كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرخصة في السمر بعد العشاء) برقم (169)، والنسائي في السنن الكبرى كما في "تُحفة الأشراف" (8/ 91) وقال المزي: ببعضه. أي: لم يذكر الحديث كاملًا، وهو موجود في المطبوع من "السنن الكبرى"(كتاب المناقب، باب: عبد الله بن مسعود)(5/ 71) برقم (8256)، ولفظه:"من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد"، وليس فيه ذكر للسمر.

(4)

أخرجه أبو داود في "السنن"(كتاب العلم، باب الحديث عن بني إسرائيل) برقم (3663)، وابن خزيمة في "صحيحه" برقم (1342).

ص: 238