المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(عبد الله بن الزبير) - الوافي بالوفيات - جـ ١٧

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْجُزْء السَّابِع عشر)

- ‌(عبد الله)

- ‌(عبد الله بن إِبْرَاهِيم)

- ‌ابْن الخشاب النَّحْوِيّ عبد الله بن أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الله بن نصر بن الخشاب أَبُو محمدٍ ابْن أبي الْكَرم النَّحْوِيّ

- ‌(عبد الله بن الأرقم الْكَاتِب)

- ‌(عبد الله بن ادريس)

- ‌(عبد الله بن إِسْحَاق)

- ‌(عبد الله بن أسعد)

- ‌(عبد الله بن إِسْمَاعِيل)

- ‌(عبد الله بن أبي بكر)

- ‌(عبد الله بن جَابر)

- ‌(عبد الله بن جَعْفَر)

- ‌(عبد الله بن الْحَارِث)

- ‌(عبد الله بن حبيب)

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(رب أعن)

- ‌(عبد الله بن الْحر)

- ‌(عبد الله بن الْحسن)

- ‌(عبد الله بن الْحُسَيْن)

- ‌(عبد الله بن حمدَان)

- ‌(عبد الله بن حمْرَان)

- ‌(عبد الله بن خازم)

- ‌(عبد الله بن رِفَاعَة)

- ‌(بن عدي بن عَليّ بن أبي عمر بن الذَّيَّال بن ثَابت بن نعيم)

- ‌(عبد الله بن الزبير)

- ‌(عبد الله بن زيد)

- ‌(عبد الله بن سَالم)

- ‌(عبد الله بن السَّائِب)

- ‌(عبد الله بن سعد)

- ‌(عبد الله بن سعيد)

- ‌(عبد الله بن سُلَيْمَان)

- ‌(عبد الله بن شبْرمَة بن الطُّفَيْل)

- ‌(أَبُو شبْرمَة الضَّبِّيّ الْكُوفِي الْفَقِيه)

- ‌(عبد الله بن شُرَحْبِيل بن حَسَنَة)

- ‌(عبد الله بن صَالح)

- ‌(عبد الله بن طَاهِر)

- ‌(عبد الله بن عَامر)

- ‌(عبد الله بن عَبَّاس)

- ‌(عبد الله بن عبد الْبَاقِي)

- ‌(عبد الله بن عبد الرحمان)

- ‌(عبد الله بن عبد الْعَزِيز)

- ‌(عبد الله بن عبد الله)

- ‌(بن الْحَارِث بن نَوْفَل)

- ‌(عبد الله بن عبد الْملك)

- ‌(عبد الله بن عبيد الله)

- ‌(عبد الله بن عُثْمَان)

- ‌(عبد الله بن عدي)

- ‌(عبد الله بن عقيل)

- ‌(عبد الله بن عَليّ)

- ‌(عبد الله بن عمر)

- ‌(عبد الله بن عَمْرو)

- ‌(عبد الله بن عمرَان)

- ‌(عبد الله بن عون)

- ‌(عبد الله بن عَيَّاش)

- ‌(عبد الله بن عِيسَى)

- ‌(عبد الله بن غَانِم)

- ‌(عبد الله بن فروخ)

- ‌(عبد الله بن الْقَاسِم)

- ‌(عبد الله بن أبي قَتَادَة)

- ‌(عبد الله بن كثير)

- ‌(عبد الله بن كَعْب)

- ‌(عبد الله بن كيسَان)

- ‌(عبد الله بن الْمُبَارك)

- ‌(بن وَاضح الْحَنْظَلِي)

- ‌(عبد الله بن الْمثنى)

- ‌(بن عبد الله بن أنس بن مَالك بن نصر الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ)

- ‌(عبد الله بن مُحَمَّد)

- ‌(عبد الله بن مَرْوَان)

- ‌(عبد الله بن مَسْعُود)

- ‌(عبد الله بن مُسلم)

- ‌(عبد الله بن مسلمة)

- ‌(عبد الله بن مُصعب)

- ‌(عبد الله بن مُطِيع بن رَاشد)

- ‌(عبد الله بن المظفر)

- ‌(عبد الله بن معاوبة)

- ‌(عبد الله بن مَنْصُور)

- ‌(عبد الله بن مُوسَى)

- ‌(عبد الله بن مُوسَى الجون)

- ‌(بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب)

- ‌(عبد الله بن نَافِع)

- ‌(عبد الله بن هَارُون)

- ‌(عبد الله بن هبة الله)

- ‌(عبد الله بن يحيى)

- ‌(عبد الله بن يزِيد)

- ‌(عبد الله بن يَعْقُوب)

- ‌(عبد الله بن يعلى الصليحي)

- ‌(عبد الله بن يُوسُف)

- ‌(عبد الله بن يُونُس)

- ‌(الْجُزْء الثَّامِن عشر)

الفصل: ‌(عبد الله بن الزبير)

الْقرشِي السَّهْمِي عبد الله بن الزبعري بِكَسْر الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَبعدهَا ألفٌ مَقْصُورَة ابْن قيس بن عدي بن سهم الْقرشِي السَّهْمِي الشَّاعِر كَانَ من أَشد النَّاس على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعَلى أَصْحَابه بِنَفسِهِ وَلسَانه وَكَانَ من أشعر النَّاس يَقُولُونَ هُوَ أشعر قُرَيْش قاطبةً ثمَّ إِنَّه أسلم عَام الْفَتْح بعد أَن هرب يَوْم الْفَتْح إِلَى نَجْرَان فَرَمَاهُ حسان بن ثَابت ببيتٍ وَاحِد وَهُوَ من الْكَامِل

(لَا تعدمن رجلا أحلك بغضه

نَجْرَان فِي عيشٍ أجذ لئيم)

فَأسلم وَحسن إِسْلَامه وَاعْتذر للنَّبِي صلى الله عليه وسلم بأشعارٍ حسانٍ كثيرةٍ فَقبل عذره مِنْهَا قَوْله من الْكَامِل

(منع الرقاد بلابلٌ وهموم

وَاللَّيْل معتلج الرواق بهيم)

(مِمَّا أَتَانِي أَن أَحْمد لامني

فِيهِ فَبت كأنني محمومُ)

(يَا خير من حملت على أوصالها

عيرانةٌ سرح الْيَدَيْنِ غشوم)

(إِنِّي لمعتذر إِلَيْك من الَّذِي

أسديت إِذا أَنا فِي الضلال أهيم)

)

(أَيَّام تَأْمُرنِي بأغوى خطةٍ

سهمٌ وتأمرني بهَا مَخْزُوم)

(وأمد أَسبَاب الردى ويقودني

أَمر الغواة وَأمرهمْ مشؤوم)

(فاليوم آمن بِالنَّبِيِّ محمدٍ

قلبِي ومخطىء هَذِه محروم)

(مَضَت الْعَدَاوَة وَانْقَضَت أَسبَابهَا

وَأَتَتْ أواصر بَيْننَا وحلوم)

(فَاغْفِر فدى لَك وَالِدَايَ كِلَاهُمَا

وَارْحَمْ فَإنَّك رَاحِم مَرْحُوم)

(وَعَلَيْك من سمةِ المليك علامةٌ

نورٌ أغرّ وخاتمٌ مختوم)

(أَعْطَاك بعد محبةٍ برهانه

شرفاً وبرهانُ الْإِلَه عَظِيم)

3 -

(عبد الله بن الزبير)

ص: 90

ابْن عبد الْمطلب عبد الله بن الزبير بن عبد الْمطلب بن هَاشم الْقرشِي الْهَاشِمِي وَأمه عَاتِكَة بنت وهب بن عَمْرو بن عائذٍ لَا عقب لَهُ قتل يَوْم أجنادين سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَوجد عِنْده عصبةٌ من الرّوم قد قَتلهمْ ثمَّ اثخنه الْجراح فَمَاتَ رضي الله عنه وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول لَهُ ابْن عمي وحبي وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه كَانَ يَقُول ابْن أميّ قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أحفظ لَهُ رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد روى عَنهُ أختاه ضُباعة وَأم الحكم وَكَانَت سنهُ يَوْم قتل نحراً من ثَلَاثِينَ سنة

أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الله بن الزبير بن العوّام بن خويلد بن أَسد بن قصي الْقرشِي الْأَسدي يكنى أَبَا بكرٍ هُوَ أول مولودٍ ولد فِي الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ روى عَن أَبِيه وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان شهد اليرموك وغزا الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَالْمغْرب وَله مواقفٌ مشهودةٌ وَكَانَ فَارس قريشٍ فِي زَمَانه بة يع بالخلافة سنة أربعٍ وَسِتِّينَ وَحكم على الْحجاز واليمن ومصر وَالْعراق وخراسان وَأكْثر الشَّام

وَولد سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة وَتُوفِّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَله ثَمَان سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر خرجت أَسمَاء أمه حِين هَاجَرت حُبْلَى فنفست بِعَبْد الله فِي قبَاء قَالَت أَسمَاء ثمَّ جَاءَ بعد سبع سِنِين ليبايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك الزبير فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين رَآهُ مُقبلا ثمَّ بَايعه وَلما قدم الْمُهَاجِرُونَ أَقَامُوا لَا يُولد لَهُم فَقَالُوا سحرتنا يهود حَتَّى

ص: 91

كشرت فِي ذَلِك القالة فَكَانَ أول مولودٍ بعد الْهِجْرَة فَكبر الْمُسلمُونَ تَكْبِيرَة)

وَاحِدَة حَتَّى ارتجت الْمَدِينَة وَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأذن فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلَاةِ وَكَانَ عارضاه خفيفين فَمَا اتَّصَلت لحيته حَتَّى بلغ سِتِّينَ سنة وأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يحتجم فَلَمَّا فرغ قَالَ يَا عبد الله إذهب بِهَذَا الدَّم فاهرقه حَيْثُ لَا يراك أحد فَلَمَّا برز عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عمد إِلَى الدَّم فشربه فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ مَا صنعت بِالدَّمِ قَالَ عَمَدت إِلَى أخْفى موضعٍ علمت فَجَعَلته فِيهِ قَالَ لَعَلَّك شربته قَالَ نعم قَالَ وَلم شربت الدَّم ويلٌ للنَّاس مِنْك وويل لَك من النَّاس وَعَن ابْن أَبْزي عَن عُثْمَان أَن ابْن الزبير قَالَ لَهُ حَيْثُ حصر إِن عِنْدِي نَجَائِب أعددتها لَك فَهَل لَك أَن تحول إِلَى مَكَّة فيأتيك من أَرَادَ أَن يَأْتِيك قَالَ لَا إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول يلْحد بِمَكَّة كبشٌ من قُرَيْش اسْمه عبد الله عَلَيْهِ مثل نصف أوزار النَّاس رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَعَن إِسْحَاق ابْن أبي إِسْحَاق قَالَ حضرت قتل ابْن الزبير جعلت الجيوش تدخل عَلَيْهِ من أَبْوَاب الْمَسْجِد فَكلما دخل قوم من بابٍ حمل عَلَيْهِم وَحده حَتَّى يخرجهم فَبينا هُوَ على تِلْكَ الْحَال إِذا جَاءَتْهُ شرفةٌ من شرفات الْمَسْجِد فَوَقَعت على راسه فصرعته وَهُوَ يتَمَثَّل من الرجز

(أَسمَاء يَا أَسمَاء لَا تبكيني

لم يبْق إِلَّا حسبي وديني)

وصارم الثت بِهِ يَمِيني وَقَالَ سهل بن سعدٍ سَمِعت ابْن الزبير يَقُول مَا أَرَانِي الْيَوْم إِلَّا مقتولاً لقد رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَن السَّمَاء فرجت لي فدخلتها فقد وَالله مللت الْحَيَاة وَمَا فِيهَا وَقَالَ عَمْرو بن دينارٍ كَانَ ابْن الزبير يُصَلِّي فِي الْحجر والمنجنيق يُصِيب طرف ثَوْبه فَمَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَكَانَ يُسمى حمامة الْمَسْجِد وَقَالَ ابْن إِسْحَاق مَا رايت أحدا أعظم سَجْدَة بَين عَيْنَيْهِ من ابْن الزبير وَجَاء الْحجَّاج إِلَى مَكَّة فنصب المنجنيق عَلَيْهَا وَكَانَ ابْن الزبير قد نصب فسطاطاً عِنْد الْبَيْت فَاحْتَرَقَ فطارت شرارةٌ فَاحْتَرَقَ الْبَيْت وَاحْتَرَقَ قرنا الْكَبْش الَّذِي فدي بِهِ إِسْمَاعِيل يومئذٍ وَرمى الْحجَّاج المنجنيق على ابْن الزبير وعَلى من مَعَه فِي الْمَسْجِد وَجعل ابْن الزبير على الْحجر الْأسود بَيْضَة ترد عَنهُ يَعْنِي خوذةً ودام الْحصار سِتَّة أشهرٍ وَسبع عشرَة لَيْلَة وخذل ابْن الزبير أَصْحَابه وَخَرجُوا إِلَى الْحجَّاج ثمَّ إِن الْحجَّاج أَخذه وصلبه مُنَكسًا وَكَانَ آدم نحيفاً لَيْسَ بالطويل بَين عَيْنَيْهِ أثر السُّجُود قيل إِنَّه بَقِي مصلوباً سنة ثمَّ جَاءَ إِذن عبد الْملك بن

ص: 92

مَرْوَان أَن يسلم وَلَدهَا إِلَيْهَا فحنطته وكفنته وصلت عَلَيْهِ وَحَمَلته فدفنته فِي الْمَدِينَة فِي دَار صَفِيَّة بنت)

حييّ ثمَّ زيدت دَار صَفِيَّة فِي الْمَسْجِد فَهُوَ مدفونٌ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَ أبي بكر وَعَمْرو رضي الله عنهما وَكَانَ كثير الصَّلَاة كثير الصّيام شَدِيد الْبَأْس كريم الْجدَّات والأمهات والخالات وَقَالَ مَالك ابْن الزبير كَانَ أفضل من مَرْوَان وَكَانَ اولى بِالْأَمر من مَرْوَان وَمن ابْنه وَقَالَ عَليّ بن زيد الجدعاني إِلَّا أَنه كَانَت فِيهِ خلالٌ لَا تصلح مَعهَا الْخلَافَة لِأَنَّهُ كَانَ بَخِيلًا ضيق الْعَطاء سيىء الْخلق حسوداً كثير الْخلاف أخرج مُحَمَّد بن الحنيفة وَنفى عبد الله بن عَبَّاس إِلَى الطَّائِف وَقَالَ عَليّ بن أبي طالبٍ مَا زَالَ الزبير يعد منّا أهل الْبَيْت حَتَّى نَشأ عبد الله وَلما كَانَ قبل قَتله بِعشْرَة أَيَّام دخل على أمه وَهِي شاكيةٌ فَقَالَ لَهَا كَيفَ تجدينك يَا أمه قَالَت مَا أجدني إِلَّا شاكية فَقَالَ لَهَا إِن فِي الْمَوْت لراحةً قَالَت لَعَلَّك تمنيته لي مَا أحب أَن أَمُوت حَتَّى يَأْتِي عَليّ أحد طرفيك إِمَّا قتلت فأحتسبك وَإِمَّا ظَفرت بعدوك فقرت عَيْني قَالَ عُرْوَة فَالْتَفت إِلَيّ فَضَحِك قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ دخل عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِد فَقَالَت يَا نَبِي لَا تقبلن مِنْهُم خطةً تخَاف فِيهَا على نَفسك الذل مَخَافَة الْقَتْل فوَاللَّه لضربة سيف فِي عز خير من ضَرْبَة سوطٍ فِي مذلةٍ قَالَ فَخرج وَقد جُعل لَهُ مصراعٌ عِنْد الْكَعْبَة وَكَانَ تَحْتَهُ فأتاهُ رجلٌ من قُرَيْش فَقَالَ أَلا نفتخ لَك بَاب الْكَعْبَة فتدخلها فَقَالَ عبد الله من كل شَيْء تحفظ أَخَاك إِلَّا من نَفسه وَالله لَو وجدوكم تَحت أَسْتَار الْكَعْبَة لقتلوكم وَهل حُرْمَة الْمَسْجِد إِلَّا كَحُرْمَةِ الْبَيْت ثمَّ تمثل من الطَّوِيل

(وَلست بمبتاع الْحَيَاة بسبةٍ

وَلَا مرتقٍ من خشيَة الْمَوْت سلما)

ثمَّ شدّ عَلَيْهِ أَصْحَاب الْحجَّاج فَقَالَ أَيْن أهل مصر قَالُوا هم هَؤُلَاءِ من هَذَا الْبَاب فَقَالَ لأَصْحَابه إكسروا أغماد سُيُوفكُمْ وَلَا تميلوا عني فَإِنِّي فِي الرعيل فَفَعَلُوا ثمَّ حمل عَلَيْهِم وحملوا مَعَه وَكَانَ يضْرب بسيفين فلحق رجلا فَقطع يَده وانهزموا فَجعل يَضْرِبهُمْ حَتَّى أخرجهم من بَاب الْمَسْجِد فَجعل رجل أسود يسبه فَقَالَ لَهُ اصبر يَا ابْن حام ثمَّ حمل عَلَيْهِ فصرعه ثمَّ دخل عَلَيْهِ أهل حمص من بَاب بني شيبَة فَشد عَلَيْهِم وَجعل يَضْرِبهُمْ بِسَيْفِهِ حَتَّى أخرجهم من الْمَسْجِد ثمَّ انْصَرف وَهُوَ يَقُول من الرجز

(لَو كَانَ قَرْني وَاحِدًا كفيته

أوردته الْمَوْت وَقد ذكيته)

ثمَّ دخل عَلَيْهِ أهل الْأُرْدُن من بابٍ آخر فَجعل يَضْرِبهُمْ بِسَيْفِهِ حَتَّى أخرجهم من الْمَسْجِد وَهُوَ يَقُول من الرجز)

ص: 93

(لَا عهد لي بغرةٍ مثل السَّيْل

لَا ينجلي قتامها حَتَّى اللَّيْل)

وَأَقْبل عَلَيْهِ حجرٌ من نَاحيَة الصَّفَا فَضَربهُ بَين عَيْنَيْهِ فَنَكس رَأسه وَهُوَ يَقُول من الطَّوِيل

(فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا

وَلَكِن على أقدامنا تقطر الدما)

وحماه موليان وَأَحَدهمَا يَقُول من الرجز العَبْد يحمي ربه ويحتمي ثمَّ اجْتَمعُوا عَلَيْهِ فَلم يزَالُوا يضربونه حَتَّى قَتَلُوهُ ومولييه جَمِيعًا وَلما قتل كبر عَلَيْهِ أهل الشَّام فَقَالَ عبد الله بن عمر المكبرون عَلَيْهِ يَوْم ولد خير من المكبرين عَلَيْهِ يَوْم قتل وَقتل مَعَه مِائَتَان وَأَرْبَعُونَ رجلا مِنْهُم من سَالَ دَمه فِي جَوف الْكَعْبَة قَالَ ابْن عبد الْبر رَحل عُرْوَة بن الزبير إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان فَرغب إِلَيْهِ فِي إنزاله من الْخَشَبَة فأسعفه فَأنْزل قَالَ ابْن أبي ملكية كنت الْآذِن بِمن بشر أَسمَاء بنزوله عَن الْخَشَبَة فدعَتْ بمركن وشب يمانٍ فأمرتني بِغسْلِهِ فَكُنَّا لَا نتناول عضوا إِلَّا جَاءَ مَعنا فَكُنَّا نغسل الْعُضْو ونضعه فِي أَكْفَانه وتنناول الْعُضْو الَّذِي يَلِيهِ فنغسله ثمَّ نضعه فِي أَكْفَانه حَتَّى فَرغْنَا مِنْهُ ثمَّ قَامَت فصلت عَلَيْهِ

وَكَانَت قبل ذَلِك تَقول اللَّهُمَّ لَا تمتني حَتَّى تقر عَيْني بَحثه فَمَا أَتَى عَلَيْهَا بعد ذَلِك جمعةٌ حَتَّى مَاتَت وَيُقَال إِنَّه لما جِيءَ بِهِ إِلَيْهَا وَضعته فِي حجرها فَحَاضَت ودر ثديها فَقَالَت حنت إِلَيْهِ موَاضعه وَدرت عَلَيْهِ مراضعه وَقيل إِن الْحجَّاج آلى على نَفسه إِن لَا ينزله عَن الْخَشَبَة حَتَّى تشفع فِيهِ أمه فَبَقيَ سنة ثمَّ إِنَّهَا مرت تَحْتَهُ فَقَالَت أما آن لراكب هَذِه المطية أَن يترجل فَيُقَال إِنَّه قيل للحجاج أَن هَذَا الْكَلَام شَفَاعَة فِيهِ فأنزله وَكَانَ قَتله سنة ثلاثٍ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَيُقَال أَن الْحجَّاج ورد عَلَيْهِ كتاب عبد الْملك بن مَرْوَان اعط ابْن الزبير الْأمان على هدر هَذِه الدِّمَاء وَحكمه فِي الْولَايَة فعرضوا ذَلِك عَلَيْهِ فَشَاور أَصْحَابه فأشاروا عَلَيْهِ بِأَن يفعل فَقَالَ لَا خلعها إِلَّا الْمَوْت ثمَّ قَالَ من الْبَسِيط

(الْمَوْت أكْرم من إِعْطَاء منقصةٍ

إِن لم تمت عبطةً فالغاية الْهَرم)

(إصبر فَكل فَتى لَا بُد مخترمٌ

وَالْمَوْت أسهل مِمَّا أملت جشم)

ابْن المعتز بِاللَّه عبد الله بن الزبير بن جَعْفَر هُوَ عبد الله بن المعتز يَأْتِي ذكره فِي عبد الله بن مُحَمَّد فقد اخْتلف فِي اسْم المعتز)

ص: 94

الْحميدِي فَقِيه مَكَّة عبد الله بن الزُّبير بن عِيسَى الإِمَام الْقرشِي الْحميدِي حميد بن زُهَيْر مُحدث مَكَّة وفقيهها وَأجل أَصْحَاب سُفْيَان بن عُيَيْنَة روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجلٍ عَنهُ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل الْحميدِي عندنَا إمامٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِم أثبت النَّاس بِمَكَّة توفّي سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ

الْأَسدي عبد الله بن الزبير بِفَتْح الزَّاي وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة على وزن كبيرابن سليم الْأَسدي الْكُوفِي الشَّاعِر من شعراء الحماسة توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وَمن شعره من الوافر

(رمى الْحدثَان نسْوَة آل حربٍ

بمقدارٍ سمدن لَهُ سمودا)

(فَرد شعورهن السود بيضًا

ورد وجوههن الْبيض سُودًا)

(فَإنَّك لَو سَمِعت بكاء هندٍ

ورملة إِذْ تصكان الخدودا)

(سَمِعت بكاء باكيةٍ وباكٍ

أبان الدَّهْر وَاحِدهَا الفقيدا)

وَمِنْه أَيْضا من الْبَسِيط

(لَا أَحسب الشَّرّ جاراً لَا يفارقني

وَلَا أحز على مَا فَاتَنِي الودجا)

(وَمَا نزلت من الْمَكْرُوه منزلَة

إِلَّا وثقت بِأَن ألْقى لَهَا فرجا)

وَمِنْه من الْكَامِل

(لَا تجعلن مبدناً ذَا سرةٍ

ضخماً سرادقه عَظِيم الموكب)

(كأغر يتَّخذ السيوف سرداقاً

يمشي برايته كمشي الأنكب)

ص: 95