الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(عبد الله بن عَليّ)
عَم الْمَنْصُور عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب عَم الْمَنْصُور أحد دهاة الرِّجَال وَكَانَ من الشجعان الْأَبْطَال وَهُوَ الَّذِي انتدب لِحَرْب مَرْوَان الْحمار ولج فِي طلبه وطوى الممالك حَتَّى بلغ دمشق ونازلها وحاصرها وَفتحهَا بِالسَّيْفِ وَعمل عمل التتار وأسرف فِي قتل بني أُميَّة وَلم يرقب فيهم إلاًّ وَلَا ذمَّة وَلما مَاتَ السفاح وَهُوَ بِالشَّام دَعَا لنَفسِهِ وَزعم أَن على مثل هَذَا بَايع ابْن أَخِيه فَبَايعهُ أهل الشَّام بالخلافة فَجهز الْمَنْصُور إِلَيْهِ أَبَا مُسلم الْخُرَاسَانِي فَالْتَقَيَا بنصيبين وَكَانَ الظفر لأبي مسلمٍ وَقصد عبد الله بن عَليّ الْبَصْرَة فأخفاه أَخُوهُ عِنْده ثمَّ لم يزل الْمَنْصُور حَتَّى سجنه وَعمل على قَتله سرا فَقيل إِنَّه جفر أساس الْحَبْس وملأه ملحاً ثمَّ أرسل المَاء عَلَيْهِ فَوَقع عَلَيْهِ فَمَاتَ سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَقيل إِن الْمَنْصُور قَالَ يَوْمًا لجلسائه أخبروني عَن ملكٍ جَبَّار اسْمه عينٌ قتل ثَلَاثَة أَسْمَاءَهُم عين فَقَالَ لَهُ أحد من حضر عبد الْملك بن مَرْوَان قتل عَمْرو بن سعيد وَعبد الله بن الزبير وَعبد الرحمان بن الْأَشْعَث
فَقَالَ فخليفةٌ آخر أُسَمِّهِ عينٌ فعل ذَلِك بِثَلَاثَة جبابرةٍ أول أسمائهم عينٌ فَقَالَ أَنْت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قتلت أَبَا مُسلم واسْمه عبد الرحمان وَقتلت عبد الْجَبَّار وَسقط الْبَيْت على عمك عبد الله بن عَليّ فَضَحِك وَقَالَ وَيلك وَمَا ذَنبي أَن سقط عَلَيْهِ الْبَيْت وَقَالَ لَهُم أتعرفون عين بن عين بن عين قتل مِيم بن مِيم بن مِيم فَقَالَ لَهُ رجل نعم عمك عبد الله بن عَليّ بن عَبَّاس قتل مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان وَذكر ابْن مسكويه فِي تأريخه أَن عبد الله بن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ يأمل أَن يقتل مَرْوَان الحَدِيث سَمعه أَن عين بن عين بن عين يقتل مِيم بن مِيم بن مِيم وَكَانَ يروي هَذَا الحَدِيث ويظنه حَتَّى قَتله عبد الله بن عَليّ بن عَبَّاس ولعَبْد الله بن عَليّ عَم الْمَنْصُور ذكرٌ فِي تَرْجَمَة عبد الله بن المقفع وَمن شعره من مجزوء الْكَامِل
(الظُّلم يصرع أَهله
…
وَالظُّلم مرتعه وخيم)
)
(وَلَقَد يكون لَك البعي
…
د أَخا ويقطعك الْحَمِيم)
وَمِنْه أَيْضا من الْبَسِيط
(بني أُميَّة قد أفنيت آخِرهم
…
فَكيف لي مِنْكُم بِالْأولِ الْمَاضِي)
(يطيب النَّفس أَن النَّار تجمعكم
…
عوضدتم من لظاها شَرّ معتاض)
(منيتم لَا أقَال الله عثرتكم
…
بليت غابٍ إِلَى الْأَعْدَاء نهاض)
(إِن كَانَ غيظي لفوتٍ مِنْكُم فَلَقَد
…
رضيت مِنْكُم بِمَا رَبِّي بِهِ راضي)
وَقد قتل جمَاعَة أعمامهم فَمنهمْ الْمَنْصُور وَمِنْهُم المعتضد غرق عَمه أَبَا عِيسَى فِي المَاء وَسَقَى المعتضد عَمه الْمُعْتَمد السم وَكَذَا فعل جمَاعَة من وُلَاة الْمغرب
الْحَافِظ ابْن الْجَارُود عبد الله بن عَليّ بن الْجَارُود أَبُو مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي الْحَافِظ نزيل مَكَّة توفّي سنة سبع وثلاثمائة سمع إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَعلي بن حجر وَعنهُ ابْن أَخِيه يحيى بن مَنْصُور القَاضِي
المستكفي بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الله بن عَليّ أَمِير الْمُؤمنِينَ المستكفي بِاللَّه بن المكتفي بن المعتضد ابْن طَلْحَة الْمُوفق بن جَعْفَر المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور بُويِعَ للمستكفي عِنْد خلع أَخِيه فِي صفر ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَقبض عَلَيْهِ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسملت عَيناهُ وسجن فِي هَذِه السّنة وَبَقِي فِي هَذَا السجْن إِلَى أَن مَاتَ سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة عَن سِتّ وَأَرْبَعين سنة وَكَانَ أَبيض جميلاً ربعَة من الرِّجَال خَفِيف العارضين أكحل أقنى ابْن أمةٍ اسها غصنٌ لم تدْرك خِلَافَته وَبَايَعُوا بعده الْمُطِيع لله الْفضل بن المقتدر ومولد المستكفي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ يلقب الوسيم يُسمى بِإِمَام الْحق وخطب لَهُ بالمستكفي وكنيته أَو الْقَاسِم وَلم يل الْخلَافَة من بني الْعَبَّاس أكبر سنا من الْمَنْصُور ثمَّ المستكفي وخلعه معز الدولة أَحْمد بن بويه وَلم يزل مَحْبُوسًا فِي دَار السُّلْطَان إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت خِلَافَته سنة وَأَرْبَعَة أشهر ويومين وَأقَام فِي السجْن ثَلَاث سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة عشر
يَوْمًا وَكَانَ كَاتبه أَبُو الْفرج مُحَمَّد بن أَحْمد السامري ثمَّ الْحُسَيْن بن أبي سُلَيْمَان ثمَّ أَبُو أَحْمد الْفضل بن عبد الرحمان بن جَعْفَر الشِّيرَازِيّ وَالْمُدبر للأمور مُحَمَّد بن يحيى ابْن شيرزاد وحاجبه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن خانقاه الملفحي وَنقش خَاتمه لله الْأَمر وَكَانَ الْغَالِب على دولة المستكفي)
امرأةٌ يُقَال لَهَا علم الشيرازية وَكَانَت قهرمانة دَاره وَهِي الَّتِي سعت فِي خِلَافَته عِنْد توزون حَتَّى تمت فعوتب على اطلاق يَدهَا وتحكمها فِي الدولة فَقَالَ خفضوا عَلَيْكُم فَإِنَّمَا وجدتكم فِي الرخَاء ووجدتها فِي الشدَّة وَهَذِه الدُّنْيَا الَّتِي بيَدي هِيَ الَّتِي سعت لي فِيهَا حَتَّى حصلت أفأبخل عَلَيْهَا بِبَعْضِهَا وَكَانَ خواصه كثيرا مَا يبصرونه مصفراً لِكَثْرَة الْجزع فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ كَيفَ يطيب لي عيشٌ وَالَّذِي خلع ابْن عمي وَسلمهُ أشاهده فِي الْيَوْم مَرَّات وأطالع الْمنية بَين عَيْنَيْهِ فَمَا مر شهر من حِين هَذَا الْكَلَام حَتَّى سم توزون وَمَات ثمَّ دخل معز الدولة بن بويه فخلعه وسمله وَانْقَضَت دولة الأتراك وَصَارَت الدولة للديلم
الكركاني الصُّوفِي عبد الله بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم الطوسي الكركاني وَيعرف بكركان شيخ الصُّوفِيَّة وعارفهم بطوس توفّي فِي حُدُود السِّتين وَأَرْبَعمِائَة
القَاضِي ابْن سمجون عبد الله بن عَليّ بن عبد الْملك أَبُو مُحَمَّد الْهِلَالِي الغرناطي الْمَعْرُوف بِابْن سمجون أحد الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء ولي قَضَاء غرناطة توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
الرشاطي عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن خلف بن أَحْمد بن عمر اللَّخْمِيّ الرشاطي المري كَانَت لَهُ عنايةٌ كَثِيرَة بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَال والرواة والتاريخ لَهُ كتاب إقتباس الأنواء والتماس الأزهار فِي أَنْسَاب الصَّحَابَة ورواة الْآثَار أَخذه النَّاس عَنهُ وَمَا قصر فِيهِ وَهُوَ
على أسلوب كتاب السَّمْعَانِيّ توفّي شَهِيدا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بالمرية عِنْد تغلب الْعَدو عَلَيْهَا
الصاحب ابْن شكر عبد الله بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عبد الْخَالِق بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن الْمَنْصُور الصاحب الْكَبِير الْوَزير صفي الدّين بن شكر أَبُو مُحَمَّد الشيبي الْمصْرِيّ الدَّمِيرِيّ الْمَالِكِي ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة تفق على أبي بكر عَتيق البجائي وَتخرج بِهِ ورحل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وتفقه على شمس الْإِسْلَام أبي الْقَاسِم مخلوف بن جبارَة وَسمع مِنْهُ وَمن السلَفِي وَجَمَاعَة وَحدث بِدِمَشْق ومصر وروى عَنهُ الزكي الْمُنْذِرِيّ والشهاب القوصي وَكَانَ مؤثراً لأهل الْعلم وَالصَّالِحِينَ كثير الْبر لَهُم والتفقد لَا يشْغلهُ مَا هُوَ فِيهِ من)
كَثْرَة الأشغال عَن مجالستهم ومباحثتهم وَأَنْشَأَ مدرسةً قبالة دَاره بِالْقَاهِرَةِ وَبنى مصلى الْعِيد بِدِمَشْق وبلط الْجَامِع وَأَنْشَأَ الفوارة وَعمر جَامع المزة وجامع حرستا قَالَ الْمُوفق هُوَ رجل طوال تَامّ الْقصب فعمها دري اللَّوْن مشرق بحمرة لَهُ طلاقة محياً وحلاوة لسانٍ وَحسن هَيْئَة وَصِحَّة بنية ذُو دهاءٍ مفرط فِي هوجٍ وخبثٌ فِي طيش مَعَ رعونةٍ مفرطة وحقد لَا تخبوا ناره ينْتَقم ويظن أَنه لم ينْتَقم فَيَعُود وينتقم لَا ينَام عَن عدوه وَلَا يقبل مِنْهُ معذرةً وَلَا إنابةً وَيجْعَل الرؤساء كلهم أَعدَاء وَلَا يرضى لعَدوه بِدُونِ الْهَلَاك لَا تَأْخُذهُ فِي نقماته رَحْمَة
استولى على الْعَادِل ظَاهرا وَبَاطنا وَلم يُمكن أحدا من الْوُصُول إِلَيْهِ حَتَّى الطَّبِيب والفراش والحاجب عَلَيْهِم عُيُون فَلَا يتَكَلَّم أحد مِنْهُم فضل كلمةٍ وَكَانَ لَا يَأْكُل من الدولة فلسًا وَيظْهر الْأَمَانَة فَإِذا لَاحَ لَهُ مالٌ عَظِيم احتجنه وعملت لَهُ قبسة العجلان فَأمر كاتبها أَن يَكْتُبهَا ويردها وَقَالَ لَا نحتسل أَن نَأْخُذ مِنْك وَرقا وَكَانَ لَهُ فِي كل بلدٍ من بِلَاد السُّلْطَان ضيعةٍ أَو أَكثر فِي مصر وَالشَّام إِلَى خلاط وَبلغ ذَلِك مَجْمُوع مغله مائَة ألف وَعشْرين ألف دِينَار وَكَانَ يكثر الإدلال على الْعَادِل ويسخط أَوْلَاده وخواصه فَكَانَ الْعَادِل يترضاه بِكُل ممكنٍ وتكرر ذَلِك مِنْهُ إِلَى أَن غضب مِنْهُ على حران فأقره الْعَادِل على الْغَضَب وَأعْرض عَنهُ وَظهر لَهُ مِنْهُ فسادٌ فَأمر بنفيه عَن مصر وَالشَّام فسكن آمد وَأحسن إِلَيْهِ صَاحبهَا فَلَمَّا مَاتَ الْعَادِل عَاد إِلَى مصر ووزر للكامل وَأخذ فِي المصادرات وَكَانَ قد عمي مَاتَ أَخُوهُ وَلم يتَغَيَّر وَمَات أَوْلَاده وَهُوَ على ذَلِك وَكَانَ يحم حمى قَوِيَّة وَيَأْخُذهُ النافض وَهُوَ فِي مجْلِس السُّلْطَان ينفذ الأشغال وَلَا يلقِي جنبه إِلَى
الأَرْض وَكَانَ يَقُول مَا فِي قلبِي حسرة إِلَّا أَن ابْن البيساني مَا تمرغ على عتباتي يَعْنِي القَاضِي الْفَاضِل وَكَانَ ابْنه يحضر عِنْده وَهُوَ يشتمه فَلَا يتَغَيَّر وداراه أحسن مداراة وبذل لَهُ أَمْوَالًا جمةً وَعرض لَهُ إسهالٌ وزحير أنهكه حَتَّى انْقَطع ويئس الْأَطِبَّاء مِنْهُ فاستدعى من حَبسه عشرَة من شُيُوخ الْكتاب وَقَالَ أَنْتُم تشتمون بِي وَركب عَلَيْهِم المعاصير وَهُوَ يزحر وهم يصيحون إِلَى أصبح وَقد خف مَا بِهِ وَركب فِي ثَالِث يومٍ وَكَانَ يقف الرؤوساء على بَابه من نصف اللَّيْل وَمَعَهُمْ المشاعل والشمع ويركب عِنْد الصَّباح فَلَا يراهم وَلَا يرونه إِمَّا أَنه يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء وَإِمَّا يعرج إِلَى طريقٍ أُخْرَى وَفِيه يَقُول شرف الدّين ابْن عنين فِيمَا أَظن من الْخَفِيف
(ضَاعَ شعري وَقل فِي النَّاس قدري
…
من لزومي بَاب اللَّئِيم ابْن شكر)
)
(لَو أَتَتْهُ حوالةٌ بخراه
…
قَالَ سدوا بلحيتي بَاب جحري)
وَفِيه يَقُول من السَّرِيع
(ونعمةٍ جَاءَت إِلَى سلفةٍ
…
أبطره الإثراء لما ثرا)
(فَالنَّاس من بغضٍ لَهُ كلما
…
مر عَلَيْهِم لعنُوا شاورا)
(تَبًّا لمصر وَلها دولةً
…
مَا رفعت فِي النَّاس إِلَّا خرا)
وَمِمَّا قيل فِيهِ وَقد عزل من الْخَفِيف أَيْن غلمانك المطيفون بالبغلة والرافعون للأثواب
(ردك الدَّهْر كالنداء على الني
…
ل بِلَا حاجبٍ وَلَا بواب)
وَكَانَ السَّبَب فِي انحرافه عَن القَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى مَا قَالَه القَاضِي الْفَاضِل وَهُوَ وَأما ابْن شكر فَهُوَ لَا يشْكر وَإِذا ذكر النَّاس كَانَ كَانَ الشَّيْء الَّذِي لَا يذكر فَقيل للفاضل مَا هُوَ الشَّيْء الَّذِي لَا يذكر قَالَ الشَّيْء الَّذِي لَا يذكر وَتُوفِّي الْفَاضِل رحمه الله وَقد عصمه الله مِنْهُ لم يُمكنهُ مِنْهُ على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمَة القَاضِي الْفَاضِل إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفِي ابْن شكر يَقُول ابْن شمس الْخلَافَة وَقيل إِنَّه قَالَ ذَلِك فِي الْفَاضِل من الْكَامِل
(مدحتك أَلْسِنَة أَنَام مَخَافَة
…
وتقارضت لَك فِي الثَّنَاء الْأَحْسَن)
(أَتَرَى الزَّمَان مُؤَخرا فِي مدتي
…
حَتَّى أعيش إِلَى انطلاق الألسن)
وَقيل إِنَّه عَاشَ بعده وَانْطَلق لِسَانه فِيهِ ثمَّ إِنَّه تمنى أَن يكون قد عَاشَ إِلَى أنطلاق الألسن
ولشعراء عصره فِيهِ أمداحٌ طنانة مليحة إِلَى الْغَايَة فَمِمَّنْ امتدحه ابْن الساعاتي وان سناء الْملك وَابْن عنين وَغَيرهم والأمداح مَوْجُودَة فِي دواوينهم
أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله الإِمَام مُحَمَّد الْمُقْرِئ سبط الزَّاهِد أبي مَنْصُور الْخياط شيخ الْقُرَّاء بالعراق سمع الْكتب الْكِبَار وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على أبي الْكَرم بن فاخر وصنف فِي الْقرَاءَات الْمُبْهِج والكفاية وَالِاخْتِيَار والإيجاز توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وخولف فِي بعض مصنفاته وشنعوا عَلَيْهِ فَرجع عَن بَعْضهَا وَكَانَ يَقُول لَو قلت إِنَّه لَيْسَ بالعراق مقرئٌ إِلَّا وَقد قَرَأَ عليّ أَو على جدي أَو قَرَأَ على من قَرَأَ عليَّ لظَنَنْت أَنِّي صادقٌ وَلم يسمع أطيب من صَوته قَالَ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَقد رَأَيْت جمَاعَة من الْأَعْيَان مَاتُوا فَمَا رَأَيْت)
أَكثر جمعا من جنَازَته وغلقت الْأَسْوَاق لأَجله قَالَ ياقوت وَهُوَ شيخ شَيخنَا تَاج الدّين الْكِنْدِيّ ومخرجه وَمن شعره من الْخَفِيف
(أَيهَا الزائرون بعد وفاتي
…
جدثاً ضمني ولحداً عميقا)
(سَتَرَوْنَ الَّذِي رَأَيْت من المو
…
ت عيَانًا وتسلكون الطريقا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَمن لم تؤدبه اللَّيَالِي وصرفها
…
فَمَا ذَاك إِلَّا غَائِب الْعقل والحس)
(يظنّ بِأَن الْأَمر جارٍ بِحكمِهِ
…
وَلَيْسَ لَهُ علمٌ أيصبح أم يُمْسِي)
وَمِنْه وَمن الطَّوِيل
(أرى ظَاهر الود الَّذِي كَانَ بَيْننَا
…
تقضي وَقد كَادَت بِهِ النَّفس تخدع)
(وغرك مَا غر السراب لذِي ظما
…
فَلَمَّا أَتَاهُ خانه وَهُوَ يطْمع)
قلت شعر متوسط
الفرغاني الْحَنَفِيّ الْخَطِيب عبد الله بن عَليّ بن صائن بن عبد الْجَلِيل بن
الْخَلِيل ابْن أبي بكر الفرغاني أَبُو بكر الْفَقِيه الْحَنَفِيّ كَانَ يتَوَلَّى الخطابة بسمرقند وَقدم بَغْدَاد حَاجا وَسمع من أَحْمد الْأمين وَابْن الْأَخْضَر وَجَمَاعَة من أَصْحَاب أبي الْقَاسِم أبي الْحصين وَكتب بِخَطِّهِ قَالَ محب الدّين بن النجار وَحدثنَا بِأَرْبَعِينَ حَدِيثا جمعهَا عَن شُيُوخه بِمَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ إِمَامًا كَبِيرا فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف والْحَدِيث والنحو واللغة وَله النّظم والنثر وَلَقَد كَانَ من أَفْرَاد الدَّهْر تأدبنا بأخلاقه واقتدينا بأفعاله وتعلمنا من فَوَائده وفرائده واقتبسنا من علومه مَا ينتشر بالحناجر على الْحَنَاجِر وأنشدنا لَهُ من المتقارب
(تحر فديتك صدق الحَدِيث
…
وَلَا تحسب الْكَذِب أمرا يَسِيرا)
(فَمن آثر الصدْق فِي قَوْله
…
سيلقى سُرُورًا ويرقى سريرا)
(وَمن كَانَ بِالْكَذِبِ مستهتراً
…
سيدعو ثبوراً وَيصلى سعيرا)
قتل شَهِيدا ببخاراً صَابِرًا محتسباً على أَيدي التتار سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة
ابْن الآبنوسي عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد ابْن الآبنوسي الْبَغْدَادِيّ)
الْوَكِيل على بَاب الْقُضَاة قَرَأَ الْعلم وَسمع الحَدِيث الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ الرَّدِيء الْعسر وَتُوفِّي سنة خمسٍ وخمسامائة وَكَانَ من أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ وقوانينه وَمن شعره وَلم يل غَيرهمَا من مجزوء الرمل
(أصبح النَّاس حالشه
…
كلهم يطْلب مَاله)
(لَو بَقِي فِي النَّاس حرٌ
…
مَا تعاطيت الوكاله)
الشَّيْخ السديد الطَّبِيب عبد الله بن عَليّ هُوَ القَاضِي الرئيس شرف الدّين السديد أَبُو مَنْصُور ابْن الشَّيْخ السديد أبي الْحسن الطَّبِيب غلب عَلَيْهِ لقب وَالِده فَلَا يعرف إِلَّا بالسديد كَانَ عَالما بصناعة الطِّبّ خَبِيرا بهَا أصلا وفرعاً كثير الدربة حسن الْأَعْمَال بِالْيَدِ خدم من الْخُلَفَاء المصريين خمس خلفاء الْآمِر والحافظ والظافر والفائز والعاضد وخدم
بعدهمْ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب
وَلم يزل على رياسة الطِّبّ إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَأول مَا أدخلهُ أَبوهُ الشَّيْخ السديد إِلَى الْآمِر فصده فأعجبه حركاته وَقَالَ لَهُ أَحْسَنت وَأطلق لَهُ من الْأَنْعَام والهبات والجاري شَيْئا كثيرا وَأمره بملازمة الْقصر وَحصل لَهُ فِي يَوْم وَاحِد من المعالجة لبَعض الْخُلَفَاء ثَلَاثَة آلَاف دِينَار مصرية وَلما وصل الْمُهَذّب النقاش من بَغْدَاد إِلَى دمشق أَقَامَ بهَا مُدَّة وَلم يحصل لَهُ مَا يَقُول بكفايته وبلغته أَخْبَار الْخُلَفَاء المصريين فتاقت نَفسه إِلَى الديار المصرية وَتوجه إِلَيْهَا وَاجْتمعَ بالشيخ السديد وعرفه أمره فَلَمَّا سمع كَلَامه قَالَ لَهُ كم يَكْفِيك قَالَ عشرَة دَنَانِير فِي كل شهر فَقَالَ لَهُ لَا هَذَا الْقدر لَا يَكْفِيك وَأمر لَهُ بِخمْس عشرَة دِينَارا وَأَعْطَاهُ بَيْتا إِلَى جَانِبه وفرشة وَبغلة جَارِيَة حسناء وخلعةً سنية وَقَالَ هَذَا لَك فِي كل شهر وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ من الْكتب وَغَيرهَا يَأْتِيك على وفْق المُرَاد بِشَرْط أَن لَا تتطاول إِلَى الِاجْتِمَاع بأحدٍ من أَرْبَاب الدولة وَلَا تطلب شَيْئا من جِهَة الْخُلَفَاء فَقبل ذَلِك وَلم يزل الْمُهَذّب النقاش على ذَلِك بِالْقَاهِرَةِ إِلَى أَن عَاد إِلَى دمشق وَكَانَ الشَّيْخ السديد قد رأى فِي مَنَامه أَن دَاره احترقت فانتبه مَرْعُوبًا وَشرع فِي عمَارَة دَار أُخْرَى قريبَة مِنْهَا وحث الصناع على عمارتها فكلمت وَلم يبْق إِلَّا مجلسٌ وَاحِد وينتقل إِلَيْهَا فاحترقت الدَّار الَّتِي هُوَ ساكنها وَذهب لَهُ فِيهَا من الأثاث والآلات والأمتعة شيءٌ كثير جدا وَوَقعت براني كبار وخوابي ممتلئة من الذَّهَب الْمصْرِيّ وتكسرت وتناثر مَا فِيهَا فِي الْحَرِيق وَالْهدم وَشَاهده النَّاس وَبَعضه انسبك وَكَانَ ذَلِك ألوفاً)
كَثِيرَة وَكتب إِلَيْهِ الْحُسَيْن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْجُوَيْنِيّ الْكَاتِب من الوافر
(أيا من الْحق نعْمَته قديمٌ
…
على المرؤوس منا والرئيس)
(فكم عافٍ أعدت لَهُ العوافي
…
وَكم عَنَّا نضيت لِبَاس بوس)
(وَيَا من نَفسه أَعلَى محلاًّ
…
من المنفوس يعْدم والنفيس)
(جرعت مرَارَة أحلى مذاقاً
…
لمثلك من كميتٍ خندريس)
(فعاين من عرَاك بِنور تقوى
…
خلائقك الَّتِي هِيَ كالشموس)
(مصابك بِالَّذِي أضحى ثَوابًا
…
يُرِيك الْبشر فِي الْيَوْم العبوس)
(عَطاء الله يَوْم الْعرض يسمو
…
مماثلةً عَن الْعرض الخسيس)
(هموم الْخلق فِي الدُّنْيَا شرابٌ
…
يَدُور عَلَيْهَا مثل الكؤوس)
(تروم الرّوح فِي الدُّنْيَا بعقلٍ
…
ترى الْأَرْوَاح مِنْهَا فِي حبوس)
(وكل حوادث الدُّنْيَا يسيرٌ
…
إِذا بقيت حشاشات النُّفُوس)
ابْن سويدة عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن عمر بن الْحسن بن خَليفَة أَبُو مُحَمَّد الصُّوفِي الْمَعْرُوف بِابْن سويدة التكريتي سمع من أَبِيه وَأبي شَاكر مُحَمَّد ابْن خلف بن سعد التكريتي وَخلق كثير وَسمع بالموصل وَقدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا مُدَّة وسمه بهَا جمَاعَة وَخرج أَرْبَعِينَ حَدِيثا وَغير ذَلِك من المجموعات بِالْأَسَانِيدِ وَحدث بهَا قَالَ محب الدّين بن النجار وَكَانَ قد جمع تَارِيخا لتكريت فِي مجلدين فطالعته فَوجدت فِيهِ من التخليظ والغلط الْفَاحِش مَا يدل على كذب فِي مُصَنفه وتهوره وجهله بِالْأَسَانِيدِ وَالرِّجَال توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
أَبُو الْقَاسِم المنجم عبد الله بن يحيى بن أبي الْمَنْصُور بن المنجم أَبُو الْقَاسِم أَخُو أبي أَحْمد يحيى وَأبي الْفَتْح أَحْمد وَأبي عِيسَى أَحْمد وَأبي عبد الله هَارُون كَانُوا بَيت فضلٍ وأدب ينادمون الْخُلَفَاء والملوك وَلَهُم النّظم والنثر والمصنفات الْحَسَنَة وَرِوَايَة الْأَخْبَار وَمن شعر أبي الْقَاسِم أوردهُ فِي اليتمية من المتقارب
(إِذا لم تنَلْ همم الأكرمين
…
وسعيهم وادعاً فاغترب)
(فكم دعةٍ أَتعبت أَهلهَا
…
وَكم راحةٍ نتجت من تَعب)
)
الصَّيْمَرِيّ النَّحْوِيّ عبد الله بن عَليّ بن إِسْحَاق الصَّيْمَرِيّ أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ لَهُ كتابٌ فِي النَّحْو جليلٌ أَكثر مَا يشْتَغل بِهِ أهل الْمغرب سَمَّاهُ كتاب التَّبْصِرَة
القيسراني عبد الله بن عَليّ بن سعيد القيسراني القصري أَبُو مُحَمَّد سكن حلب وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حسن الْكَلَام فِي الْمسَائِل تفقه بالعراق فِي النظامية مُدَّة على أبي الْحسن الكيا الهراسي وَأبي بكر الشَّاشِي وعلق الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأُصُول على أسعد الميهني وَأبي الْفَتْح بن برهَان وَسمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم بن بَيَان وَأبي عَليّ بن نَبهَان وَأبي طَالب الزَّيْنَبِي وارتحل إِلَى دمشق وَعمل بهَا حَلقَة المناظرة بالجامع ثمَّ انْتقل إِلَى حلب
فَبنى لَهُ ابْن العجمي بهَا مدرسة إِلَى أَن مَاتَ رحمه الله سنة ثَلَاث أَو أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى قصر حيفا وَهُوَ مَوضِع بَين حيفا وقيسارية
أَبُو نصر السراج الصُّوفِي عبد الله بن عَليّ بن يحيى أَبُو نصر السراج الطوسي الصُّوفِي مصنّف كتاب اللمع فِي التصوف توفّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة
عماد الدّين بن السَّعْدِيّ عبد الله بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله عماد الدّين أَبُو مُحَمَّد الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف بِابْن السَّعْدِيّ نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ يمدح السُّلْطَان الْملك الْكَامِل من الطَّوِيل
(أيا ملكا قد طَال فِي طوله شكري
…
وَقصر بعد الطول فِي الْمَدْح وَالشُّكْر)
(حوى صَبر أيوبٍ وَنصر محمدٍ
…
وَقُوَّة مُوسَى بعد فضل أبي بكر)
وَأورد لَهُ مقاطيع غير هَذَا وَكلهَا شعرٌ نَازل كَمَا ترَاهُ فِي هَذَا الْمَقْطُوع فَإِنَّهُ لَا مُنَاسبَة لذكر أبي بكر مَعَ ذكر الْأَنْبِيَاء حسن الذَّوْق غير هَذَا أَبُو طَالب الْحلَبِي عبد الله بن عَليّ بن غَازِي أَبُو طَالب الْحلَبِي قَالَ الْفَقِيه شهَاب الدّين أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن يُوسُف الغزنوي لَقيته بحلب وَهُوَ من مقدميها المقدمين ومميزيها المحترمين وَأورد قَوْله من)
الْكَامِل المرفل
(قد قلت فِي وَقت الصَّباح
…
والراح محمولٌ براح)
(يَا صَاح دُونك والخلا
…
عة والتهتك بالملاح)
(لَا تأل جهداً عَن طلا
…
بك وأعص فِيهِ كل لَاحَ)
وَقَوله من الْكَامِل
(إِن أخملت أَرض الشآم فضائلي
…
فِي أَهلهَا للْجَهْل من رؤسائها)
(فالعين تصر أَن ترى أجفانها
…
وَترى الْكَوَاكِب فِي منار سمائها)
وَقَوله من الوافر
(فَلَا تغتر من خلٍ ببشرٍ
…
وَلَا بتوددٍ عِنْد التلاقي)
(فكم نبتٍ نضيرٍ راق حسنا
…
عيَانًا وَهُوَ مر فِي المذاق)
كَمَال الدّين الكركي عبد الله بن عَليّ بن سوندك الأديب كَمَال الدّين الكركي شيخٌ فَاضل أديب لغَوِيّ كَانَ من نقباء السَّبع سمع وروى وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة روى نُسْخَة أبي مسْهر عَن أبي خَلِيل وَأول سَمَاعه سنة تسع وَأَرْبَعين
تَقِيّ الدّين السرُوجِي عبد الله بن عَليّ بن منجد بن ماجد بن بَرَكَات الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السرُوجِي أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ كَانَ رجلا خيرا عفيفاً تالياً لِلْقُرْآنِ عِنْده حَظّ جيد من النَّحْو واللغة والآداب متقللاً من الدِّينَا يغلب عَلَيْهِ حب الْجمال مَعَ الْعِفَّة التَّامَّة والصيانة نظم كثيرا وغنى بِشعرِهِ المغنون والقينات وَكَانَ يذكر أَنه يُكَرر على المفصّل والمتنبي والمقامات ويستحضر حظاً كَبِيرا من صِحَاح الْجَوْهَرِي وَكَانَ مَأْمُون الصُّحْبَة طَاهِر اللِّسَان يتفقد أَصْحَابه لَا يكَاد يظْهر إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ لي بِهِ اختلاطٌ وصحبة ولي فِيهِ اعْتِقَاد وَدفن لما مَاتَ بمقبرة الفخري بجوار من كَانَ يهواه ظَاهر الحسينية وَهُوَ أحد من تألمت لفقده لعزة وجود مثله فِي الصُّحْبَة رحمه الله وَكَانَ يكره أَن يخبر أحدا باسمه وَنسبه إنتهى قلت لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول لي مَعَ الْأَصْحَاب ثَلَاث رتبٍ أول مَا أجتمع بهم يَقُولُونَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين جَاءَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين رَاح فَإِذا طَال الْأَمر قَالُوا رَاح التقي جَاءَ التقي صبرت عَلَيْهِم وَعلمت أَنهم أخذُوا فِي الْملَل)
فَإِذا قَالُوا رَاح السرُوجِي جَاءَ السرُوجِي فَذَلِك آخر عهدي بصحبتهم وَقَالَ القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود كَانَ يكره مَكَانا فِيهِ امرأةٌ وَمن دَعَاهُ يَقُول شرطي معروفٌ أَن لَا تحضر امْرَأَة قَالَ كُنَّا يَوْمًا فِي دَعْوَة بعض الْأَصْحَاب فَكَانَ مِمَّا حضر شواءٌ فَأدْخل إِلَى النِّسَاء ليقطعوه ويضعوه فِي الصحون فَكَانَ يتبرم بذلك وَيَقُول أفيه السَّاعَة يلمسونه بِأَيْدِيهِم وَقَالَ الشَّيْخ أثير الدّين لما مَاتَ قَالَ وَالِد محبوبه وَالله مَا أدفنه إِلَّا فِي قبر وَلَدي وَهُوَ كَانَ يهواه وَمَا أفرق بَينهم فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة لما كَانَ يعْتَقد الفخري من عفافه ومولده سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة بسروج وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ رَابِع شهر رَمَضَان سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وسِتمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنْشدني الْعَلامَة أثير الدّين قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ من الْكَامِل
(أنعم بوصلك لي فَلهَذَا وقته
…
يَكْفِي من الهجران مَا قد ذقته)
(أنفقت عمري فِي هَوَاك وليتني
…
أُعطى وصُولا بِالَّذِي أنفقته)
(يَا من شغلت بحبه عَن غَيره
…
وسلوت كل النَّاس حِين عشقته)
(كم جال فِي ميدان حبك فارسٌ
…
بِالصّدقِ فِيك إِلَى رضاك سبقته)
(أَنْت الَّذِي جمع المحاسن وَجهه
…
لَكِن عَلَيْهِ تصبري فرقته)
(قَالَ الوشاة قد ادّعى بك نِسْبَة
…
فسررت لما قلت قد صدقته)
(بِاللَّه إِن سألوك عني قَالَ لَهُم
…
عَبدِي وَملك يَدي وَمَا أَعتَقته)
(أَو قيل مشتاقٌ إِلَيْك فَقل لَهُم
…
أَدْرِي بذا وَأَنا الَّذِي شوقته)
(يَا حسن طيفٍ من خيالك زراني
…
من فرحتي بلقاه مَا حققته)
(فَمضى وَفِي قلبِي عَلَيْهِ حسرةٌ
…
وَلَو كَانَ يمكنني الرقاد لحقته)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من السَّرِيع
(فِي الْجَانِب الْأَيْمن من خدها
…
نقطة مسكٍ أشتهي شمها)
(حسبته لما بدا خالها
…
وجدته من حَسَنَة عَمها)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(دنيا الْمُحب وَدينه أحبابه
…
فَإِذا جفوه تقطعت أَسبَابه)
(وَإِذا أَتَاهُم فِي الْمحبَّة صَادِقا
…
كشف الْحجاب لَهُ عز جنابه)
(وَمَتى سقوه شراب أنسٍ مِنْهُم
…
رقت مَعَانِيه وراق شرابه)
)
(وَإِذا تهتك مَا يلام لِأَنَّهُ
…
سَكرَان عشقٍ لَا يُفِيد عتابه)
(بعث السَّلَام مَعَ النسيم رِسَالَة
…
فَأَتَاهُ فِي طي النسيم جَوَابه)
(قصد الْحمى وَأَتَاهُ يجْهد فِي السرى
…
حَتَّى بَدَت أَعْلَامه وقبابه)
(وَرَأى لليلى العامرية منزلا
…
بالجود يعرف والندى أَصْحَابه)
(فِيهِ الْأمان لمن يخَاف من الردى
…
وَالْخَيْر قد ظَفرت بِهِ طلابه)
(قد أشرعت بيض الصوارم والقنا
…
من حوله فَهُوَ المنيع حجابه)
(وعَلى حماه جلالةٌ من أَهله
…
فلذاك طارقه الْعُيُون تهابه)
(كم قلبت فِيهِ الْقُلُوب على الثرى
…
شوقاً إِلَيْهِ وَقبلت أعتابه)
(قد أخصبت مِنْهُ الأباطح والربا
…
للزائرين وَفتحت ابوابه)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(مُعَاملَة الأحباب بالوصل والوفا
…
فدع يَا حَبِيبِي عَنْك ذَا الهجر والجفا)
(فَإِن كَانَ لي ذنبٌ بجهلي فعلته
…
فمثلي من أَخطَأ وَمثلك من عَفا)
(أيا بدر تمّ حَان مِنْهُ طلوعه
…
وَيَا غُصْن بانٍ آن أَن يتعطفا)
(كفى مَا جرى من دمع عَيْني بالبكا
…
وعشقي على قلبِي جرى مِنْهُ مَا كفى)
(فَإِن كنت لَا تَدْرِي وتعرف مَا الْهوى
…
فقصدي أَن تَدْرِي بِذَاكَ وتعرفا)
(أعد ذَلِك الْفِعْل لجميل تجملاً
…
وَإِن لم يكن طبعا يكون تكلفاً)
(فَمَا أقبح الْإِعْرَاض مِمَّن تحبه
…
وَمَا أحسن الإقبال مِنْهُ وألطفا)
(تقدم شوقي يسْبق الدمع جَارِيا
…
إِلَيْك وَلَكِن عَنْك صبري تخلفا)
(فديتك محبوباً على السخط وَالرِّضَا
…
وعذرك مقبولٌ على الْعذر والوفا)
وأنشدني الشَّيْخ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس وَالْقَاضِي عماد الدّين إِسْمَاعِيل ابْن القيسراني كِلَاهُمَا قَالَا أنشدنا تَقِيّ الدّين السرُوجِي لنَفسِهِ وَالْأَكْثَر إنشاد القَاضِي عماد الدّين من السَّرِيع
(يَا ساعي الشوق الذ مذ جرى
…
جرت دموعي فَهِيَ أعوانه)
(خُذ لي جَوَابا عَن كتابي الَّذِي
…
إِلَى الحسينية عنوانه)
(فَهِيَ كَمَا قد قيل وَادي الْحمى
…
وَأَهْلهَا فِي الْحسن غزلانه)
)
(امش قَلِيلا وانعطف بسرة
…
يلقاك دربٌ طَال بُنْيَانه)
(واقصد بصدر الدَّرْب دَار الَّذِي
…
بحسنه تحسن جِيرَانه)
(سلم وَقل يخْشَى كي مسن
…
اشت حَدِيثا طَال كِتْمَانه)
(كنكم كزم ساوم أشى أط كبى
…
فحبه أَنْت واشجانه)
(وأسأل لي الْوَصْل فَإِن قَالَ يُق
…
فَقل أوت قد طَال هجرانه)
(وَكن صديقي واقض لي حَاجَة
…
فَشكر ذَا عِنْدِي وسكرانه)
قلت وَفِي تَرْجَمَة القَاضِي علم الدّين سلمَان بن إِبْرَاهِيم أَبْيَات من هَذِه الْمَادَّة وأظن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين رحمه الله إِنَّمَا أَخذ قَوْله هَذَا من قَول الرئيس أبي بكر اللاسكي وَهُوَ من شعراء الدمية حَيْثُ قَالَ من الْخَفِيف قف بِذَات الجرعاء يَا صَاحب البكرة وَانْظُر تِلْقَاء جَانب نجد فَإِذا مَا بَدَت خيام لعينيك فَفِيهَا الَّتِي بهَا طَال وجدي
(فأت تِلْكَ الْخيام ثمَّ تيَمّم
…
خيمةً سترهَا عصائب برد)
ثمَّ سلم وقف وَقل بعد تسليمك قَول امرىء مُجَدد عهد
(أَتَرَى أَنكُمْ على مَا عهدنا
…
كم عَلَيْهِ أم خنتم الْعَهْد بعدِي)
وَمن شعره الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السرُوجِي من السَّرِيع
(قلت لمحبوبي لما بدا
…
إِلَيّ يَا مَحْبُوب قلبِي إليا)
(قد عشق النَّاس وَقد واصلوا
…
مَا وَقع الْإِنْكَار إِلَّا عليا)
وَمن شعره أَيْضا من الْكَامِل
(عِنْدِي هوى لَك طَال عمر زَمَانه
…
لم يبْق لي صبرٌ على كِتْمَانه)
(قد ضل قلبِي من طَرِيق سلوه
…
فدليله لَا يَهْتَدِي لمكانه)
(يَا صَاحب الْقلب الَّذِي أفراحه
…
تلهيه عَن قلبِي وَعَن أحزانه)
(عَيْني لفقدك قد بَكَى إنسانها
…
وجفا الْكرَى شوقاً إِلَى إنسانه)
(يَا من بدا لي حَسَنَة متلطفاً
…
فعشقته وطمعت فِي إحسانه)
(كَانَ اعتقادي أَن أفوز بوصله
…
فحرمته وَرزقت من هجرانه)
(كَانَ الرقاد لصيد طيفك حيلتي
…
فسلبته وفجعته بعيانه)
)
(ومنعتني أَن أجتني من وَصله
…
ثمرأً يطيب جناه قبل أَوَانه)
(ضمن التلطف مِنْك وَصلي فِي الْهوى
…
لَكِن أَطَالَ وَمَا فى بضمانه)
(خوف الْفِرَاق إِلَى حماك يسوقني
…
فمتي أفوز من اللقا بأمانه)
وَمِنْه أَيْضا من الْبَسِيط
(يَا رايس الْحبّ أدركني فقد وحلت
…
مراكب بِي فِي بَحر أشواقي)
(ولي بضَاعَة صبرٍ ضَاعَ أَكْثَرهَا
…
وَقد غَدا ذَا الْهوى يسْتَغْرق الْبَاقِي)
قلت وَشعر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السرُوجِي كثيرٌ وَكله من هَذَا النمط يتدفق سلامةٌ ويذوب حلاوةً لمن يَذُوق مِنْهَا قَوْله من الطَّوِيل
(تفقهت فِي عشقي لمن قد هويته
…
ولي فِيهِ بالتحرير قولٌ وَمذهب)
(وللعين تنبيهٌ بِهِ طَال شَرحه
…
وللقلب مِنْهُ صدق ودٍّ مهذب)
وَقَوله من الْخَفِيف
(مد لي من أحب حَبل صدودٍ
…
حِين أَوْهَى تجلدي واصطباري)
(ثمَّ قَالَ امش لي عَلَيْهِ سَرِيعا
…
كَيفَ أَمْشِي وَمَا أَنا باختياري)
وَقَوله من الطَّوِيل
(أرى المشتهي فِي رَوْضَة الْحسن قد بدا
…
على رصد المعشوق فالقلب وَاجِد)
(وحقك مَا السَّبع الْوُجُوه إِذا بَدَت
…
بمغنيةٍ عَن وَجهه وَهُوَ وَاحِد)
وَقَوله من الطَّوِيل
(خدمت بِذَاكَ الْوَجْه للثغر نَاظرا
…
لعَلي أمسي والياً من ولاته)
(وأصل حسابي ضبط حَاصِل وَصله
…
وَتَقْبِيله مستخرجٌ من جهاته)
وَقَوله من الْخَفِيف
(لي حبيبٌ مِنْهُ أرى وَجه بدرٍ
…
لم يزل دَاخِلا بِبَاب السَّعَادَة)
(هُوَ لِلْحسنِ جامعٌ حاكميٌّ
…
فَلهَذَا عشاقه فِي الزياده)
وَقَوله من الطَّوِيل
(نديمي وَمن حَالي من الوجد حَاله
…
وَمن هُوَ مثلي عَن مناه بعيد)
(أعد ذكر من أَهْوى فَإِنِّي مدرسٌ
…
لذكراه من شوقي وَأَنت معيد)
)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(إلهي بِجمع الشمل مِمَّن أحبه
…
دعوتك ملهوفاً وَأَنت سميع)
(فَلم يبْق لي مِمَّا تشوقت مهجةٌ
…
وَلم يبْق لي مِمَّا بَكَيْت دموع)
وَقَالَ من الْخَفِيف
(بِي طلوعٌ مِنْهُ أَنا فِي نزولٍ
…
وطلوعٌ بِلَا ارتفاعٍ نزُول)
(قيل لَا بُد أَن سَرِيعا
…
قلت أخْشَى نزُول قبل يَزُول)
وَقَالَ من المنسرح
(لم تبد مِمَّن أحب سيئةٌ
…
فِي الْحبّ إِلَّا رَأَيْتهَا حسنه)
(وَمَا أَتَتْنِي بطيفه سنةٌ
…
إِلَّا تمنيت أَن تكون سنه)
ولتقي الدّين السرُوجِي موشحات وَمِنْهَا قَوْله
(وبالروح أفديك يَا حَبِيبِي
…
إِن كنت ترْضى بهَا فدَاك)
(فداوني الْيَوْم يَا طبيبي
…
فالقلب قد ذاب من جفاك)
(يَا طلعة الْبَدْر إِن تجلى
…
وَإِن تثنى فغصن بَان)
(بالوصل طُوبَى لمن تملى
…
ونال من هجرك الْأمان)
(قل لي نعم قد ضجرت من لَا
…
وَضاع مني بهَا الزَّمَان)
(فَارْجِع إِلَى الله من قريب
…
فبعض مَا حل بِي كَفاك)
(من دمع عَيْني وَمن نحيبي
…
وَادي الْحمى أنبت الْأَرَاك)
(وَالله مَا كنت فِي حسابي
…
وَإِنَّمَا عشقتك اتِّفَاق)
(وَمَا أَنا من ذَوي التصابي
…
فَلم دمي فِي الْهوى يراق)
(وكلت بِي تبتغي عَذَابي
…
الصد والهجر والفراق)
(ثلاثةٌ قد غَدَتْ نَصِيبي
…
يَا ليتها لَا عدت عداك)
(فَإِن تكن تَرْتَضِي الَّذِي بِي
…
فَإِن كل المنى رضاك)
(إِن طَال شوقي وَزَاد وجدي
…
فإنني عاشقٌ صبور)
(اسْمَع حَدِيثي بقيت بعدِي
…
أَنا وَحقّ النَّبِي غيور)
(مَا أشتهي أَن يكون ضدي
…
يمشي حواليك أَو يَدُور)
)
(كَأَنَّمَا لحظه رقيبي
…
ملازمي عِنْدَمَا يراك)
(يسْعَى إِلَى النَّاس فِي مغيبي
…
يَقُول هَذَا يحب ذَاك)
(جَمِيع مَا تشْتَهي وترضى
…
عَليّ إِحْضَاره لديك)
(وَذَاكَ شيءٌ أرَاهُ فرضا
…
بِاللَّه قل لي وَمَا عَلَيْك)
(أنْفق وَخذ مَا تُرِيدُ نضاً
…
فحاصلي أمره إِلَيْك)
(فَأَنت يَا نزهتي وطيبي
…
عَن صحبتي مَالك انفكاك)
(وَمَا ابْن عمي وَلَا نسيبي
…
يسري إِلَى مهجتي سراك)
(إِن كنت تهوى مقَام شربٍ
…
قُم نغتبق ثمَّ نصطبح)
(تعال حَتَّى تزيل عتبي
…
وَبعد ذَا العتب نصطلح)
(والحقد فِي الْقلب لَا تعبي
…
وروح الْهم نسترح)
(فالعيش للعاشق الكئيب
…
يطيب بالأنس فِي حماك)
(فِي خلسة المنظر العجيب
…
تجيبه كلما دعَاك)
ابْن أَسْبَاط المغربي عبد الله بن عَليّ من أَبنَاء الْكتاب وَيعرف بِابْن أَسْبَاط الْكَاتِب الْمصْرِيّ الَّذِي صنع لَهُ مُحَمَّد بن عبد الْملك تنوراً يعذبه فِيهِ فَعَاد وباله عَلَيْهِ
وَهُوَ جد بني أَسْبَاط لأمهم فنسبو إِلَيْهِ ذكر عبد الله هَذَا ابْن رَشِيق فِي الأنموذج وَقَالَ كَانَ حاذقاً مليح الْكَلَام غَرِيب القوافي ظريف الْمعَانِي قَلِيل الشّعْر لَا يتبذل بِهِ وَمن شعره من الْخَفِيف
(سَاءَنِي الدَّهْر مرّة بعد مرّة
…
فتكسبت حنكة بعد غره)
(وَإِذا ساءك الزَّمَان فأبشر
…
فعلى عقب ذَاك يَأْتِي المسره)
(إِن تدم كرة الزَّمَان علينا
…
فلنا بعد كرّة الدَّهْر كرّه)
(من ذنُوب الزَّمَان عِنْدِي أَنِّي
…
لم أسامح فِيهِ بمثقال ذره)
(غير أَنِّي صحبته لم أُفَارِق
…
فِيهِ حمداً وَلَا صَحِبت معره)
وَمِنْه من الْكَامِل المرفل
(يَا من يحملني ذنُوبه
…
ظلما ويفرط فِي العقوبه)
)
(يَا لَيْت شعري مَا الَّذِي
…
أرجوه مِنْك من المثوبه)
(إِن كنت تطلب مهجتي
…
خُذْهَا فها هِيَ قَرِيبه)
(يَكْفِيك أَنَّك سقتها
…
للْمَوْت سامعةً مجيبه)
وَمِنْه من مجزوء الْبَسِيط
(قَالَ الخلي الْهوى محالٌ
…
فَقلت لَو ذقته عَرفته)
(فَقَالَ هَل غير شغل سرٍّ
…
إِن أَنْت لم ترضه صرفته)
(وَهل سوى زفرةٍ دمعٍ
…
إِن لم ترد جريه كففته)
(فَقلت من بعد كل وصفٍ
…
لم تعرف الْحبّ إِذْ وَصفته)
قلت شعرٌ جيد عذبٌ منسجم
جمال الدّين بن غَانِم عبد الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سلمَان هُوَ جمال الدّين بن غَانِم ابْن الشَّيْخ عَلَاء الدّين تقدم تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة عَمه شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْكَاتِب النَّاظِم الناثر المترسل كَانَ شَابًّا حسن الشكل مليح الْوَجْه جيد الْكِتَابَة فِي
الدرج مَعَ قوةٍ وأصالة وتسرع فِي الْإِنْشَاء
يكْتب من رَأس قلمه وَله غوصٌ فِي نثره ونظمه مولده فِي شَوَّال سنة إِحْدَى عشرَة وَسَبْعمائة وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة أربعٍ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة رحم الله شبابه وَيسر حسابه
مرض فِي مُدَّة عمره مَرضا حاداً مَرَّات ونجاه الله مِنْهَا ثمَّ إِنَّه حصل لَهُ سلعةٌ قرحت مِنْهَا قَصَبَة الرئة وَبَقِي متمرضاً من ذَلِك يَصح آونةً ويعتل أُخْرَى إِلَى أَن قضى نحبه وَكَانَ قد كتب إِلَيّ وَقد انْقَطع فِي بعض علته هَذِه وَلم أعده من أَبْيَات عتاب من الْكَامِل
(مولَايَ كَيفَ كسرتني فهجرتني
…
علما بِأَنِّي كَيفَ كُنْتُم راضي)
(أَو قلت إِنِّي لَا أَعُود ممرضاً
…
ظنا بِأَنِّي لَا محَالة مَاض)
فَكتب الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك من الْكَامِل
(أرسلتها مثل السِّهَام مواضي
…
نفذت من الْأَعْرَاض فِي أَعْرَاض)
(فَأَتَت وعتبك قد تخَلّل لَفظهَا
…
مثل الأفاعي بَين زهر رياض)
(دَعْنِي من الجبروت أَو من أَهله
…
لَا تجعلن سوادهم كبياضي)
(حاشاك أَن تمْضِي وسعدك قد غَدا
…
مُسْتَقْبلا فِينَا وأمرك مَاض)
)
وَقلت أرثيه رَحمَه الله تَعَالَى من الْكَامِل
(تبْكي الطروس عَلَيْك والأقلام
…
وتنوح فِيك على الغصون حمام)
(يَا من حواه اللَّحْد غضاً يانعاً
…
وَكَذَا كسوف الْبَدْر وَهُوَ تَمام)
(يَا وَحْشَة الدِّيوَان مِنْك إِذا غَدَتْ
…
فِيهِ مهمات الْبَرِيد ترام)
(من ذَا يوفيها مقاصدها على
…
مَا يَقْتَضِيهِ النَّقْض والإبرام)
(هَيْهَات كنت بِهِ جمالاً باهراً
…
فَعَلَيهِ بعْدك وحشةٌ وظلام)
(أسفي على الْإِنْشَاء وَهُوَ بجلقٍ
…
نثاره قد مَاتَ والنظام)
(كم من كتاب سَار عَنْك كَأَنَّهُ
…
بردٌ أَجَاد طرازه الرقام)
(إِن كَانَ فِي شرٍّ فقد رد الردى
…
وَبِه ترفه ذابلٌ وحسام)
(لم لَا يرد الْبَأْس مَا ألفاته
…
مثل القنا وَاللَّام مِنْهُ لَام)
(أَو كَانَ فِي خيرٍ فَكل كَلَامه
…
دررٌ يؤلف بَينهُنَّ نظام)
(وكأنما تِلْكَ السطور إِذا بَدَت
…
كأسٌ ترشف راحها الأفهام)
(يَهْتَز عطف أولي النهى لبيانه
…
فَكَأَن هاتيك الْحُرُوف مدام)
(كم فِيهِ وجهٌ سافرٌ مثل الضُّحَى
…
وَعَلِيهِ من ليل السطور لثام)
(وَلكم كتبت مطالعات خدها
…
قان وثغر فصولها بسام وكأنما ألفاتها قضب اللوى وكأنما همزاتهن حمام)
(مَا كنت إِلَّا فَارس الْكتاب فِي
…
يومٍ تفرج ضيقه الأقلام)
(صلى وَرَاءَك كل من عاصرته
…
علما بأنك الْبَيَان إِمَام)
(وَكَأن قبرك للعيون إِذا بدا
…
قصرٌ عَلَيْهِ تَحِيَّة وَسَلام)
(يَا محنةً نزلت بعترة غانمٍ
…
هانوا وهم فِي الْعَالمين كرام)
(لما تغيب فِي التُّرَاب جمَالهمْ
…
قعدوا لهولٍ عاينوه وَقَامُوا)
(يَا قَبره لَا تنْتَظر سقيا الحيا
…
حزني ودمعي بارقٌ وغمام)
(لي فِيك خلٌ كم قطعت بِقُرْبِهِ
…
أَيَّام أنسٍ والخطوب نيام)
(لذت فلذت بظلها فَكَأَنَّهَا
…
لقياد لذات الزَّمَان زِمَام)
(أسفي على صحبٍ مضى عمري بهَا
…
وصفت بقربهم لي الْأَيَّام)
(ثمَّ انْقَضتْ تِلْكَ السنون وَأَهْلهَا
…
فَكَأَنَّهَا وَكَأَنَّهُم أَحْلَام)
)
(بالرغم مني من أَن أُفَارِق صاحباً
…
لي بعده ضرٌّ ثوى وضرام)
(يَا من تقدمني وَسَار لغايةٍ
…
لَا بُد لي مِنْهَا وَذَاكَ لزام)
(قد كنت أحسبته يرثيني فقد
…
عكست قَضيته معي الْأَحْكَام)
(أَنا مَا أَرَاك على الصِّرَاط لِأَنَّهُ
…
بيني وَبَيْنك فِي الْأَنَام زحام)
(إِذْ قد سبقت خَفِيف ظهرٍ لَا كمن
…
قد قيدت خطواته الآثام)
(فَازَ المخف وَقد تقدم سَابِقًا
…
وشفيعه لإلهه الْإِسْلَام)
(فَاذْهَبْ فَأَنت وَدِيعَة الرَّحْمَن لي
…
يلقاك مِنْهُ الْبر وَالْإِكْرَام)
(ويجود قبرك مِنْهُ غيث سماحةٍ
…
بِالْعَفو صيب ودقها سجام)
(وَلَقَد قضيت حق ودك بالرثا
…
وَالْحر من يرْعَى لَدَيْهِ ذمام)
(خلفتني رهن التندم والأسى
…
تعتادني الأحزان والآلام)
(لَكِن لي بأخيك نجم الدّين فِي
…
الدِّيوَان أنسا مَا عداهُ مرام)
(مهما توجس أَو توحش خاطري
…
فبه تَزُول وتنقضي الأوهام)
وَكَانَ قد كتب إِلَيّ وَهُوَ بِدِمَشْق وَأَنا بِالْقَاهِرَةِ من الْكَامِل
(ذكرت قلبِي حِين شط مزارهم
…
بهم فناب عَن الجوى تذكارهم)
(وَبكى فُؤَادِي وَهُوَ منزل حبهم
…
وأحق من تبْكي الْأَحِبَّة دَرَاهِم)
(وتخلق الجفن الهمول كَأَنَّمَا
…
لمحته عِنْد غروبهم أنوارهم)
(وَذكرت عَيْني عِنْد عين فراقهم
…
لما أثارت لوعتي آثَارهم)
(نذري الدُّمُوع عَلَيْهِم وَكَأَنَّهُم
…
زهر الرِّبَا وَكَأَنَّهَا أمطارهم)
(ويئن من حَالي العواذل رَحْمَة
…
لما بَكَيْت وَمَا الأنين شعارهم)
(وَيْح المحبين الَّذين بودهم
…
قرب المزار لَو نأت أعمارهم)
(فقدوا خليلهم الحبيب فأذكيت
…
بالشوق فِي حطب الأضالع نارهم)
(مولى تقلص ظلّ أنسٍ مِنْهُ عَن
…
أَصْحَابه فأستوحشت أفكارهم)
(كم راقها يَوْمًا بِرُؤْيَة وَجهه
…
مَا لَا يروقهم بِهِ دينارهم)
(وَلكم بَدَت أسماعهم فِي حليةٍ
…
من لَفظه وَكَذَا غَدَتْ أَبْصَارهم)
(كَانُوا بِصُحْبَتِهِ اللذيذة رتعاً
…
بمسرةٍ ملئت بهَا أعشارهم)
)
(يتنافسون على دنو مزاره
…
فَكَأَنَّمَا بلقاه كَانَ فخارهم)
(لَا غيب الرحمان رُؤْيَة وَجهه
…
عَن عاشقيه فَإِنَّهَا أوطارهم)
(وجلا ظلام بِلَادهمْ من بعده
…
فَلَقَد تساوى ليلهم ونهارهم)
(يَا سيداً لي لم تزل ثقتي بِهِ
…
إِن خادعتني فِي الولا أسرارهم)
(أصرمت حَبل مودتي ولصحبتي
…
عرف الطَّرِيقَة فِي الوداد كبارهم)
(أم تِلْكَ عادات القلى أجريتها
…
فَكَذَا الْأَحِبَّة هجرهم ونفارهم)
وكتبت الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك من الْكَامِل
(أفدي الَّذين إِذا تناءت دَارهم
…
أَدْنَاهُم من صبهم تذكارهم)
(فِي جلق الفيحاء منزلهم وَفِي
…
مصرٍ بقلب الصب تضرم نارهم)
(قومٌ بذكرهم الندامى أَعرضُوا
…
عَن كأسهم وكفتهم أخبارهم)
(وَإِذا الثَّنَاء على محاسنهم أَتَى
…
طربوا لَهُ وتعطلت أوتارهم)
(وَإِذا هم نظرُوا لحسن وُجُوههم
…
لم تبْق أنجمهم وَلَا أقمارهم)
(فهم البدور إِذا ادلهم ظلامهم
…
وَهُوَ الشموس إِذا استبان نهارهم)
(دنت النُّجُوم تواضعاً لمحلهم
…
وترفعت من فَوْقهَا أقدارهم)
(وبكفهم وبوجههم كم قد هَمت
…
أنواؤهم وتوقدت أنوارهم)
(أهْدى جمَالهمْ إِلَيّ تَحِيَّة
…
مِنْهَا تدار على الْأَنَام عقارهم)
(أفقٌ وروضٌ فِي البلاغة فَهِيَ
…
إِمَّا زهرهم فِي اللَّيْل أَو أزهارهم)
(لَك يَا جمال الدّين سبقٌ فِي الوفا
…
لَو رامه الْأَصْحَاب طَال عثارهم)
(وتوددٌ مَا زَالَ يصفو ورده
…
حَتَّى تقر لصفوه أكدارهم)
(يَا ابْن الْكِرَام الْكَاتِبين فشأنهم
…
صدق الْمَوَدَّة وَالْوَفَاء شعارهم)
(قومٌ إِذا جاروا إِلَى شأو العلى
…
سبقوا إِلَيْهِ وَلم يشق غبارهم)
(صانوا وزانو باليراع مُلُوكهمْ
…
أسوارهم من كتبهمْ وسوارهم)
(مَا مثلهم فِي جودهم فلذاك قد
…
عزت نظائرهم وَهَان نضارهم)
(مَا فِي الزَّمَان حلىً على أعطافه
…
إِلَّا مآثرهم بِهِ وفخارهم)
(تتعلم النسمات من أَخْلَاقهم
…
وتنوب عَن زهر الرِّبَا أشعارهم)
)
ولفضلهم مَا ابْن الْفُرَات يعد فيهذا قَطْرَة لما تمد بحارهم
(وحماهم يحمي النزيل بربعه
…
من جور مَا يخْشَى ويرعى جارهم)
(بالرغم مني أَن بَعدت وَلم أجد
…
ظلاً تفيئه عَليّ دِيَارهمْ)
(لَو كَانَ يمكنني وَمَا أحلى المنى
…
مَا غَابَ عني شخصهم ومزارهم)
(وَيْح النَّوَى شَمل الْأَحِبَّة فرقت
…
فَمَتَى يفك من البعاد إسارهم)
وَكتب رحمه الله قد دخلت الدِّيوَان بِدِمَشْق من الوافر
(يَقُول جمَاعَة الدِّيوَان فِيهِ
…
فسادٌ لَا يزَال وَلَا يزاح)
(فَقلت فَسَاده سيزول عَمَّا
…
قليلٍ إِذْ بدا فِيهِ الصّلاح)
فَكتبت الْجَواب من الوافر
(هويت جمَاعَة الدِّيوَان دهراً
…
فَلَمَّا ضمنا بِدِمَشْق مغنى)
(نظرت إِلَيْهِم نظر انتقادٍ
…
فَكنت جمَالهمْ لفظا وَمعنى)
وَكنت قد وعدته بعارية رِسَالَة لِابْنِ رَشِيق سَمَّاهَا ساجور الْكَلْب فَتَأَخر إرسالها إِلَيْهِ فَكتب إِلَيّ من الْخَفِيف
(يَا جواداً عنانه فِي بُد الجو
…
د تباخلت لي بساجور كلب)
لَا تضع رُتْبَة التفضل والايثار فَالْأَمْر دون بذل العتب
(وَإِذا لم يكن من العتب يدٌّ
…
فمرادي إِن شِئْت غير الْكتب)
فجهزتها إِلَيْهِ وكتبت الْجَواب من الْخَفِيف
(أَيهَا الأروع الَّذِي فاق مجداً
…
لَا تؤنب من لَا أَتَاك بذنب)
(أَنْت تَدْرِي أَن الْوَفَاء الموفى
…
لي طباعٌ فِي الود من غير كسب)
(أَنا أخبا لَو كَانَ طوق عروسٍ
…
عَنْك حَتَّى أصون ساجور كلب)
وَكتب إِلَيّ وانا بصفد ضَعِيف من الوافر
(كتابك قد أَتَى عَيْني وفيهَا
…
فَسَاد نوى لشوقي وارتياحي)
(فجدده فَلَيْسَ يَزُول إِلَّا
…
إِذا عَاد الصّلاح إِلَى الصّلاح)
فَكتبت الْجَواب من الوافر
(كتابك جَاءَنِي فنفى همومي
…
وآذن سقم جسمي بالزوال)
)
(وأذكر ناظري زَمنا حميدا
…
تمتّع بالجمال من الْجمال)
وَكتب هُوَ إِلَيّ يَوْمًا من السَّرِيع
(قد أصبح الْمَمْلُوك يَا سَيِّدي
…
يخْتَار أَن يتَفَرَّع الربوه)
(وَقد أَتَى صحبتكم خاطباً
…
فأسعفوا واغتنموا الخلوه)
فَكتبت أَنا الْجَواب إِلَيْهِ ارتجالاً من السَّرِيع
(مَا لي على الربوة من قدرةٍ
…
لأنني أعجز عَن خطوه)
(وَلَيْسَ مركوبي هُنَا حَاضرا
…
فَمر نَحْو الْخلْوَة الحلوه)
وكتبت إِلَيْهِ وَقد سَافر إِلَى بعلبك وَطول الْغَيْبَة فِيهَا من مجزوء الرجز
(قربك الْقلب الَّذِي
…
أبعدته وقربك)
(يَا نازحاً عَن جلقٍ
…
ونازلاً فِي بعلبك)
(لَك البلاغات الَّتِي
…
أبدعت فِيهَا مذهبك)
(جرت جَرِيرًا فالتوى
…
إِلَى النسيب وانسبك)
(وكل سطرٍ كالدجى
…
وبرق مَعْنَاهُ احتبك)
(شوارد الْمَعْنى غَدَتْ
…
ميماته لَهَا شَبكَ)
(أَشْكُو لَك الْبعد الَّذِي
…
تطويله قد أعْجبك)
(ذواك فِي ليل المنى
…
عَن ناظري وغيبك)
(فَاطلع علينا قمراً
…
حَتَّى تنير غيهبك)
(أَنا خَلِيل صحبةٍ
…
ودادها قد جلبك)
(حليك من فاخرٌ
…
وسحره قد خلبك)
(جلتك أنوار المنى
…
فِي خاطرٍ تطلبك)
(خلتك الْحسنى جلت
…
لي فِي الْمَعَالِي شهبك)
(حلتك بِالْعلمِ الَّذِي
…
بِهِ عَلَوْت رتبك)
(أَبُو جلنك لَو رأى
…
كَمَا رَأينَا أدبك)
(حل بك الْمَعْنى الَّذِي
…
جلّ بك الْحق التبك)
فَكتب الْجَواب إِلَيّ من مجزوء الرجز)
(أَمن عقارٍ انسبى
…
أم من نضارٍ انسبك)
(أم من لآلٍ نظمت
…
على عِذَارَيْ كالشبك)
(أم نفس الأحباب هَب
…
موهناً فأطربك)
نسم فِي دمشق فاشتممته فِي بعلبك
(يحمل ذكراك لقد
…
عطرت مِنْهُ مركبك)
(يَا حَاضرا فِي خاطرٍ
…
محاضرٍ مَا غيبك)
وفاضلا ذهبك اللهذا لنا وهذبك
(فِي أَي صورةٍ لنا
…
فضيلةٍ قد ركبك)
(ينسى بك النسيب من
…
حقق فِيهِ نسبك)
(ربتك للعلوم نفسٌ
…
بلغتك رتبك)
أعرب عَنْك الدَّهْر بالتمييز حَتَّى نصبك
(عاج ببحرك الورى
…
لما تراءوا عجبك)
(سر بك الرَّأْي الَّذِي
…
بفهمه قد سربك)
(جلا بذوق علمه
…
نهاك لما جلبك)
(أَنْت جليل فطنةٍ
…
يعرف ذَا من طَلَبك)
(حلتك فارتضت وَمن
…
يرتض إِلَّا أدبك)
خلتك مَعْدُوم النظيرضي الله عَنهُ فَرد أَفْرَاد النبك
(أَنْت خليلٌ للعلى
…
وَليهَا قد قربك)
حل بك النايل بالنحلة مِنْهَا أربك
(حكتك فِي الذكا ذكا
…
وَلم تحاك نخبك)
حل بك الْفضل فحلى للبرايا كتبك
(جلّ باليراع يَا جواد
…
فِيهِ واحرز قصبك)
(حلتك الْفضل جاكها
…
نهاك إِذْ حبك)
(شدوت من تَصْحِيف ذَا
…
الِاسْم الَّذِي قد صحبك)
(بعض الَّذِي فهمته
…
إِذا بِمَعْنى حببك)
)
(بك اهتديت فهمها
…
لما رَأَيْت شهبك)
(لَا زلت فِي بيد النهى
…
تحدو إِلَيْهَا نجبك)
وَحكى لي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ رَأَيْت البارحة فِي الْمَنَام كَانَ فِي بَيْتِي نَهرا عَظِيما صافياً وَأَنت من ذَلِك الْجَانِب وَأَنا فِي هَذَا الْجَانِب وَكَأَنِّي أنْشدك من الْخَفِيف
(يَا خليلي أَبَا الصَّفَا لَا تكدر
…
منهلاً من نمير ودك أروى)
(فَجَمِيع الَّذِي جرى كَانَ بسطاً
…
ولعمري بسط الْمجَالِس يطوى)
فَقلت لي لَا بل انظم فِي زهر اللوز شَيْئا فأنشدتك