الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(عبد الله بن مُحَمَّد)
ابْن ابْن الْحَنَفِيَّة عبد الله بن مُحَمَّد الْحَنَفِيَّة أَبُو هَاشم الْعلوِي الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَعَن صهرٍ لَهُ صَحَابِيّ من الْأَنْصَار كَانَ صَاحب الشِّيعَة فأوصى إِلَى مُحَمَّد ابْن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس وَالِد السفاح وَدفع إِلَيْهِ كتاب الشِّيعَة وَصرف الشِّيعَة إِلَيْهِ وَقَالَ أَتبَاع أبي هَاشم هَذَا المعروفون بالهاشمية من جملَة الشِّيعَة بِمَوْت السَّيِّد مُحَمَّد أبي أبي هَاشم وانتقال الْإِمَامَة مِنْهُ إِلَى ابْنه أبي هَاشم وَأَن أَبَاهُ أطلعه على الْأَسْرَار ثمَّ أختلفوا بعده على خمس فرقٍ فرقةٌ قَالَت إِنَّه مَاتَ بِأَرْض الشراة وَأوصى إِلَى مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس قَالُوا وللعباس فِي الْخلَافَة حقٌ لاتصال النّسَب فَإِن الرَّسُول الله توفّي وَعَمه الْعَبَّاس أولى بالوراثة وفرقةٌ قَالَت إِن أَبَا هَاشم أوصى بِالْإِمَامَةِ بعده إِلَى الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة وفرقةٌ قَالَت إِن أَبَا هَاشم أوصى بِالْإِمَامَةِ إِلَى أَخِيه عليٌّ إِلَى ابْنه الْحسن فالإمامة لَا تخرج عِنْدهم من بني الْحَنَفِيَّة إِلَى فرقة غَيرهم وفرقةٌ قَالَت إِن أَبَا هَاشم أوصى إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن حَرْب الْكِنْدِيّ وَإِن روح أبي هَاشم تحولت إِلَى عبد اله الْمَذْكُور وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي عبد الله علما وديناً فَلَمَّا)
ادّعى انْتِقَال روح أبي هَاشم إِلَيْهِ ووافقوه تبين لَهُم بعد ذَلِك عدم دينه وَعلمه وتحققوا كذبه وخيانته وأعرضوا عَنهُ وَقَالُوا بإمامة عبد الله بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَكَانَ عبد الله بن مُعَاوِيَة يَقُول بتناسخ الْأَرْوَاح من شخصٍ إِلَى شخصٍ وَادّعى الإلهية والنبوة مَعًا فَقَالَ إِن روح الله جل جلاله حلت فِيهِ وَادّعى علم الْغَيْب وَتَبعهُ جهالٌ أَنْكَرُوا الْقِيَامَة لاعتقادهم أَن الثَّوَاب وَالْعِقَاب يكون بالتناسخ فِي الدُّنْيَا وعنهم نشأت فرقة الخرمية ثمَّ إِن أَصْحَاب عبد الله بن مُعَاوِيَة اخْتلفت فِيهِ فَقَالَ بَعضهم مَاتَ وتحولت روحه إِلَى إِسْحَاق بن زيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ وَتسَمى هَذِه الْفرْقَة الحارثية أباحوا الْمُحرمَات وأسقطوا التكاليف
قَالَ ابْن سعد كَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث وَقيل إِن سُلَيْمَان بن عبد الْملك دس إِلَيْهِ من سمه فِي لبنٍ وَذَلِكَ بالحميمة سنة ثَمَان وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
ابْن أبي عَتيق عبد الله بن مُحَمَّد أبي عَتيق عبد الرحمان بن أبي بكر الصّديق وَالِد مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين روى عَن أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة وَابْن عمر وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرَة وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
الْهَاشِمِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي طَالب الْمدنِي روى لَهُ أبوداود وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَة
دافن الْعلوِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب أمه خَدِيجَة بنت زين العابدين وَكَانَ لقبه دافن قَالَ بعض الْحفاظ صَالح الحَدِيث وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة روى عَن أَبِيه وروى عَنهُ ابْنه عِيسَى وَابْن الْمُبَارك وَابْن أبي فديك والواقدي
وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ هُوَ وسط
سحبل عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ الْمدنِي سحبل روى عَن ابيه وَيزِيد بن عبد الله بن قسيط وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَهُوَ أَخُو إِبْرَاهِيم وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة روى عَن أبي صَالح السمان وَسَعِيد بن أبي هِنْد وَبُكَيْر بن الْأَشَج وَأبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرحمان وَطَالَ)
عمره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهُوَ فِيمَا أرى أكبر من إِبْرَاهِيم إِن كَانَ سمع من السمان وَابْن أبي هِنْد روى عَن القعْنبِي وقتيبة والواقدي وسُفْيَان بن وَكِيع وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين وَهُوَ قَلِيل الحَدِيث وروى لَهُ أَبُو دَاوُد
الدقاق عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي الدقاق أَبُو الْفَضَائِل بن أبي بكر الْمَعْرُوف بِابْن الخاضبة أسمعهُ وَالِده كثيرا فِي صباه من أبي الفوارس طراد الزَّيْنَبِي وَأبي الْخطاب بن البطر وَأبي مُحَمَّد رزق الله ابْن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَغَيرهم وَقَرَأَ هُوَ بِنَفسِهِ كثيرا على أَصْحَاب أبي طَالب وَكتب
بِخَطِّهِ وَخرج التخاريج وَكَانَ فَاضلا لَهُ معرفةٌ بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب وَكَلَامه على الحَدِيث مليحٌ وخطه مليح وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَيُقَال إِن سيرته لم تكن محمودة
أَبُو مُحَمَّد الشَّاشِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عمر الشَّاشِي أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي بكر تفقه على أَبِيه حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وناظر وَأفْتى وَتكلم بِلِسَان الْوَعْظ وَكَانَ فَاضلا حسن الْعبارَة حُلْو الْإِشَارَة ظريف الشَّمَائِل كثير الْمَحْفُوظ فصيحاً وَسمع من أبي عبد الله الْحُسَيْن النعالي وطبقته وَحدث باليسير وَمن شعره ارتجالاً من الرجز
(قضيةٌ أعجب بهَا قضيه
…
جلوسنا اللَّيْلَة فِي التاجيه)
(والجو فِي حلته الفضيه
…
صقالها قعقعة الرعديه)
(أعلامها شعشعة البرقيه
…
تنثر من أردانها العطريه)
(ذائب در ينشر البريه
…
وَالشَّمْس تبدو تَارَة جليه)
(ثمَّ ترَاهَا مرّة خفيه
…
كَأَنَّهَا جاريةٌ خبيه)
(حَتَّى إِذا حانت لنا العشيه
…
فضت لِبَاس الْغَيْم بالكليه)
(وأسفرت فِي الْجِهَة الغربيه
…
صفراء فِي محلفةٍ ورسيه)
كَرَامَة أعرفهَا شاشيه وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وَخَمْسمِائة
أَبُو الْقَاسِم بن الْمعلم)
عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمعلم أَبُو الْقَاسِم العكبري الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب عَلَى أبي الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن برهَان الْأَسدي وَالْفِقْه على أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم الفيروزآبادي وَسمع جمَاعَة وَكَانَ فَاضلا شَاعِرًا صنف جُزْءا فِي الِانْتِصَار لِحَمْزَة الزيات مِمَّا نسبه إِلَيْهِ ابْن قُتَيْبَة فِي مُشكل الْقُرْآن وروى كتاب أَخْبَار النَّحْوِيين للسيرافي عَن أبي عَليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَتُوفِّي سنة
سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَمن شعره من السَّرِيع
(أَسْلفنِي الْإِحْسَان من جَاءَنِي
…
يطْلب إحساني على فقره)
(لِأَنَّهُ أحسن بِي ظَنّه
…
من قبل عزمٍ لي على بره)
(فالشكر مني مَعَ جزائي لَهُ
…
يلْزم أَن يُوفي على شكره)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(أرى الْمُرُوءَة أُنْثَى لَيْسَ يخطبها
…
مَعَ حسنها معسرٌ أَو من لَهُ نسب)
(ظهرٌ كريمٌ وَلَكِن قل رَاكِبه
…
كَأَنَّمَا حل فِي جلدي بِهِ جرب)
(كم قد تراءت لهَذَا الْخلق قاطبةً
…
وَكلهمْ قائلٌ مَا فِيك لي أرب)
(تزوجت كل أُنْثَى فَهِيَ محصنةٌ
…
وَتلك بن لداتٍ أيمٌ عزب)
القَاضِي الْكَرْخِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْكَرْخِي أَو مَنْصُور ابْن القَاضِي أبي طَاهِر الْبَغْدَادِيّ
ولي الْقَضَاء بِبَاب النوبي بعد أَبِيه وَبَقِي على الْقَضَاء إِلَى أَن توفّي سنة سبعٍ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَحدث بيسيرٍ عَن أبي الْقَاسِم بن الْحصين وَسمع مِنْهُ القَاضِي أَبُو المحاسن الْقرشِي
آخر المستنجد بِاللَّه عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله أَبُو جَعْفَر بن المقتفي أَخُو المستنجد كَانَ أسن من أَخِيه المستنجد بِعشر سِنِين وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة
أَمِير الْمُؤمنِينَ السفاح عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس السفاح أول خلفاء بني الْعَبَّاس ولد بالحميمة وَكَانَ شَابًّا طَويلا أَبيض مليح الْوَجْه واللحية أمه ريطة الحارثية حدث عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام وَهُوَ أَخُوهُ مولده سنة ثمانٍ وَمِائَة)
وَتُوفِّي سنة ستٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة بالجدري
وعاش ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَقَالَ خَليفَة مَاتَ ابْن ثمانٍ وَعشْرين سنة وبويع بِالْكُوفَةِ فِي شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن أَربع وَعشْرين سنة وَقيل ابْن ثمانٍ وَعشْرين سنة وَكَانَت ولَايَته أَربع سِنِين وَثَمَانِية أشهر
وَلما صعد الْمِنْبَر خطب قَائِما فَقَالَ النَّاس يَا ابْن عَم رَسُول الله أَحييت السّنة وَكَانَت بَنو أُميَّة يخطبون قعُودا وَقتل أَبَا سَلمَة الْخلال وَكَانَ الْقَائِم بالدعوة وأضمر خلع بني الْعَبَّاس وتصيير الْأَمر إِلَى آل عَليّ بن أبي طَالب وعهد إِلَى أَخِيه عبد الله الْمَنْصُور وَصرف الْبيعَة عَن عَمه عبد الله ابْن عَليّ وَقَالَ وَهُوَ مريضٌ وَقد دخل عَلَيْهِ الطَّبِيب من مجزوء الْكَامِل
(أنظر إِلَى ضعف الحرا
…
ك وذله بَين السّكُون)
(ينبيك أَن بَيَانه
…
هَذَا مُقَدّمَة الْمنون)
ولقب الْقَائِم والمرتضى والمهتدي والمبيح وَغير ذَلِك وَأشهر ألقابه السفاح وَلم يحجّ فِي خِلَافَته وصل عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بألفي ألف دِرْهَم وَهُوَ أول خليفةٍ وصل بِهَذِهِ الْجُمْلَة كَاتبه أَبُو الجهم بن عَطِيَّة وَأَبُو الْعَبَّاس خَالِد بن برمك بَعْدَمَا كَانَ وزيرهم أَبُو سَلمَة الْخلال حَاجِبه أَبُو حسان مَوْلَاهُ وَيُقَال أَبُو غَسَّان صَالح بن الْهَيْثَم وَقيل مُحَمَّد بن صول وَكَانَ قد وَقع فِي سبي يزِيد ابْن الْمُهلب وَكَانَ مَوْلَاهُ فَأنْكر ذَلِك وَادّعى أَنه مولى الْمَنْصُور
وَنقش خَاتمه الله ثِقَة عبد الله وَبِه يُؤمن وَلما تولى الْخلَافَة وأصعده أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي على الْمِنْبَر أرتج عَلَيْهِ فَقَالَ من الطَّوِيل
(فَإِن لم أكن فِيكُم خَطِيبًا فإنني
…
بسيفي إِذا جدَّ الوغى لخطيب)
وَأخذ سَيْفه فِي يَده وَنزل فَعجب النَّاس من بلاغته وإصابته الْمَعْنى وَهُوَ أول من نزل الْعرَاق من خلفاء بني الْعَبَّاس بني لَهُ الْمَدِينَة الهاشمية إِلَى جَانب الأنبار وفيهَا قَبره إِلَى الْآن وَهِي الْمَعْرُوفَة الْآن بالأنبار لِأَن الأولى درست وَكَانَ من أكْرم النَّاس فِي المعاشرة وأسمحهم بِالْمَالِ وَمن شعره قَوْله فِي بني أُميَّة من الْبَسِيط
(أَحْيَا الضغائن آباءٌ لنا سلفوا
…
وَلنْ تَمُوت وللآباء أبناءُ)
وَقَوله أَيْضا من الطَّوِيل
(تناولت ثَأْرِي من أُميَّة عنْوَة
…
وحزت تراثي الْيَوْم عَن سلفي قسرا)
(وألقيت ذلاًّ من مفارق هاشمٍ
…
وألبستها عزا وأعليتها قدرا)
)
وَمن كَلَامه إِذا عظمت الْقُدْرَة قلت الشَّهْوَة وَمَا أقبح الدُّنْيَا بِنَا إِذا كَانَت لنا وأولياءُنا خالون من حسن آثارها الأناة محمودةٌ إِلَّا عِنْد إِمْكَان الفرصة وَلما وَقع فِي النزع كَانَ آخر كَلَامه إِلَيْك يَا رب لَا إِلَى النَّار
أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب العباسي الْخَلِيفَة أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور أمه سَلامَة البربرية ولد قريب سنة خمسٍ وَتِسْعين روى عَن أَبِيه وروى عَنهُ ابْنه الْمهْدي وَكَانَ قبل الْخلَافَة يُقَال لَهُ عبد الله الطَّوِيل وَضرب فِي الْآفَاق إِلَى الجزيرة وَالْعراق وإصبهان وَفَارِس قَالَ أَبُو بكر الجعابي كَانَ الْمَنْصُور فِي حَيَاة أَبِيه يلقب بمدرك التُّرَاب أَتَتْهُ الْبيعَة بالخلافة بِمَكَّة وعهد إِلَيْهِ بالخلافة أَخُوهُ السفاح فولي اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَكَانَ أسمر طَويلا نحيفاً خَفِيف العارضين معرق الْوَجْه رحب الْجَبْهَة يخضب بِالسَّوَادِ كَأَن عَيْنَيْهِ لسانان ناطقان تخالطه أبهة الْملك بزِي النساك تقبله الْقُلُوب وتتبعه الْعُيُون وَكَانَ أقنى الْأنف بَين القنا وَكَانَ من أَفْرَاد الدَّهْر حزماً ورأياً ودهاءً وجبروتاً وَكَانَ مسيكاً حَرِيصًا على جمع المَال كَانَ يلقب أَبَا الدوانيق لمحاسبته الْعمَّال والصناع على الدوانيق والحبات وَكَانَ شجاعاً مهيباً تَارِكًا للهو واللعب كَامِل الْعقل قتل خلقا كثيرا حَتَّى ثَبت الْأَمر لَهُ ولولده وَكَانَ فِيهِ عدلٌ وَله حَظّ من صلاةٍ وتدينٍ وَعلم وَفقه نفسٍ توفّي محرما على بَاب مَكَّة فِي سادس ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وَدفن مَا بَين الْحجُون وبئر مَيْمُون وَكَانَ فَحل بني الْعَبَّاس وَكَانَ بليغاً فصيحاً وَلما مَاتَ خلف فِي بيُوت الْأَمْوَال تسع مائَة ألف ألف وَخمسين ألف ألف دِرْهَم قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي فِي الْحرم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْكَعْبَة وبابها مفتوحٌ فَنَادَى منادٍ أَيْن عبد الله فَقَامَ أخي أَبُو الْعَبَّاس حَتَّى صَار على الدرجَة فَأدْخل فَمَا لبث أَن خرج وَمَعَهُ قناةٌ عَلَيْهَا لواءٌ أسود قدر أَرْبَعَة أَذْرع ثمَّ نُودي أَيْن عبد الله فَقُمْت إِلَى الدرجَة فأصعدت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر وَعمر وبلال يعْقد لي وأوصاني بأمته وعممني بعمامةٍ وَكَانَ كورها ثَلَاثَة وَعشْرين وَقَالَ خُذْهَا إِلَيْك أَبَا الْخُلَفَاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وعاش أَرْبعا وَسِتِّينَ سنة وَتُوفِّي ببئر مَيْمُون من أَرض الْحرم قبل التَّرويَة بِيَوْم لثمانٍ خلون من ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وَكَانَ يَقُول حِين دخل فِي الثَّلَاث وَسِتِّينَ سنة هَذِه تسميها الْعَرَب القتالة والحاصدة كَاتبه أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان المورياني)
وَعبد الْجَبَّار بن عدي ثمَّ أبان بن صَدَقَة نقش خَاتمه الْحَمد لله كُله وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد
مُحَمَّد الْمهْدي وجعفر الْأَكْبَر وجعفر الْأَصْغَر وَإِبْرَاهِيم وَسليمَان وَيَعْقُوب وَصَالح وَالقَاسِم وَعلي وَعبد الْعَزِيز وَالْعَبَّاس هَؤُلَاءِ الذُّكُور وَبنَاته الْعَالِيَة وَعبيدَة وَمن شعره قَوْله لما قتل أَبَا مُسلم الْخُرَاسَانِي من السَّرِيع
(زعمت أَن الدّين لَا يقتضى
…
فاكتل بِمَا كلت أَبَا مجرم)
(وأشرب كؤوساً كنت تَسْقِي بهَا
…
أَمر فِي الْحلق من العلقم)
(حَتَّى مَتى تضمر بغضاً لنا
…
وَأَنت فِي النَّاس بِنَا تنتمي)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(فَإِنِّي وَهَذَا الْأَمر من حَيْثُ نلته
…
لأعْلم أَن الشُّكْر لله يعظم)
(ترى نعْمَة فِي الحاسدين وَإِنَّمَا
…
هِيَ المحنة الْعُظْمَى لمن يتفهم)
الْأَحْوَص الشَّاعِر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَاصِم بن ثَابت بن أبي الأقلح الْأَحْوَص أَبُو عَاصِم وَقيل أَبُو عُثْمَان الْأنْصَارِيّ الشَّاعِر هُوَ من ولد حمي الدبر الصَّحَابِيّ نَفَاهُ عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى دهلك لِكَثْرَة هجائه وَقيل نَفَاهُ غَيره توفّي فِي حُدُود الْعشْر وَالْمِائَة قيل إِنَّه وَفد إِلَى الْوَلِيد بن عبد الْملك فأمتدحه فَأكْرم نزله وَأمر بمطبخه أَن يمال عَلَيْهِ فراود وصيفاً للوليد على الْفسق فَبلغ ذَلِك الْوَلِيد فَأرْسلهُ إِلَى ابْن حزمٍ بِالْمَدِينَةِ وَأمره أَن يجلده وَيصب على رَأسه الزَّيْت فَقَالَ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال من الْكَامِل
(مَا من مُصِيبَة نكبةٍ أمنى بهَا
…
إِلَّا تشرفني وترفع شاني)
(وتزول حِين تَزُول عَن متخمط
…
تخشى بوادره على الأقران)
(إِنِّي إِذا خَفِي اللئام رَأَيْتنِي
…
كَالشَّمْسِ لَا تخفى بِكُل مكانٍ)
وَقَالَ يهجو ابْن حزمٍ من الْبَسِيط
(أَهْوى أُميَّة إِن شطت وَإِن قربت
…
يَوْمًا وأهدي لَهَا نصحي وأشعاري)
(وَلَو وَردت عَلَيْهَا القيظ مَا حفلت
…
وَلَا سقت عطشي من مَائِهَا الْجَارِي)
(لَا تأوين لحزمي رَأَيْت بِهِ
…
ضراً وَلَو طرح الحزمي فِي النَّار)
(الناخسون بمروانٍ بِذِي خشبٍ
…
والداخلون على عُثْمَان فِي الدَّار)
)
وَقيل إِن سُلَيْمَان كتب إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ أَن يضْربهُ مائَة سوطٍ ويقيمه على البلس للنَّاس ثمَّ يسيره إِلَى دهلك فثوى هُنَالك سُلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ ولي عمر بن عبد الْعَزِيز فَكتب إِلَيْهِ يمتدحه من الطَّوِيل
(أيا رَاكِبًا إِمَّا عرضت فبلغن
…
هديت أَمِير الْمُؤمنِينَ رسائلي)
(وَقل لأبي حفصٍ إِذا مَا لَقيته
…
لقد كنت نَفَّاعًا قَلِيل الغوائل)
(فَكيف ترى للعيس طيبا وَلَذَّة
…
وخالك أَمْسَى موثقًا فِي الحبائل)
فَأتى رجالٌ من الْأَنْصَار عمر بن عبد الْعَزِيز فكلموه فِيهِ وَقَالُوا قد عرفت نسبه وموضعه وقديمه وَأخرج إِلَى أَرض الشّرك ونطلب أَن ترده إِلَى حرم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَدَار قومه قَالَ فَمن الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(فَمَا هُوَ إِلَّا أَن أَرَاهَا فجاءةً
…
فأبهت حَتَّى مَا أكاد أُجِيب)
قالو الْأَحْوَص قَالَ فَمن الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(أدور وَلَوْلَا أَن أرى أم جعفرٍ
…
بأبياتكم مَا درت حَيْثُ أدور)
(وَمَا كنت زواراً وَلَكِن ذَا الْهوى
…
إِذا لم يزر لَا بُد أَن سيزور)
قَالُوا الْأَحْوَص قَالَ فَمن الَّذِي يَقُول من المنسرح
(كَأَن لبنى صبير غاديةٍ
…
أَو دميةٌ زينت بهَا البيع)
(الله بيني وَبَين قيمها
…
يفر مني بهَا وأتبه)
قَالُوا الْأَحْوَص قَالَ بل الله بَين قيمها وَبَينه فَمن الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(ستبقى لَهَا مُضْمر الْقلب والحشا
…
سريرة حبٍّ يَوْم تبلى السرائر)
قَالُوا الْأَحْوَص قَالَ إِن الْفَاسِق عَنْهَا يومئذِ لمشغولٌ وَالله لَا أرده مَا دَامَ لي سُلْطَان فَمَكثَ هُنَاكَ بَقِيَّة ولَايَة عمر وصدراً من ولَايَة يزِيد بن عبد الْملك وَبينا يزِيد وجاريته لَيْلَة على سطحٍ وَهِي تغنيه بشعرٍ من أشعار الْأَحْوَص فَقَالَ لَهَا من يَقُول هَذَا قَالَت وعيشك لَا أَدْرِي فاستخبر عَنهُ فعرفوه أَنه للأحوص وَأَنه قد طَال حَسبه فَأمر لَهُ بمالٍ وكسوةٍ وَأطْلقهُ
أَبُو مُحَمَّد المصِّيصِي عبد الله بن مُحَمَّد بن ربيعَة أَبُو مُحَمَّد المصِّيصِي
روى عَنهُ مَالك وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَعنهُ صَالح بن عَليّ النَّوْفَلِي وَمُحَمّد بن أبان القلانسي وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن سهم وَغَيرهم قَالَ أَبُو)
عبد الله الْحَاكِم يروي عَن مَالك الموضوعات وَقَالَ ابْن حبَان لَا يحل ذكره فِي الْكتب إِلَّا على سَبِيل الِاعْتِبَار وَتُوفِّي بعد الْمِائَتَيْنِ
الْحَافِظ الْبَصْرِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن حميد أَبُو بكر بن أبي الْأسود الْحَافِظ الْبَصْرِيّ ابْن أُخْت عبد الرحمان بن مهْدي ولي قَضَاء همذان وَحدث عَن مَالك وَأبي عوَانَة وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد وجعفر بن سُلَيْمَان وَيزِيد ابْن زُرَيْع وحاتم بن إِسْمَاعِيل وَخلق وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجلٍ عَنهُ وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَإِسْمَاعِيل سمويه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَعُثْمَان بن خرزاد وَيَعْقُوب الْفَسَوِي وَطَائِفَة قَالَ ابْن معِين لَا بَأْس وَلكنه سمع من أبي عوَانَة وَهُوَ صَغِير توفّي سنة ثلاثٍ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو جَعْفَر المسندي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر بن الْيَمَان الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الْجعْفِيّ البُخَارِيّ المسندي لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ يعتني بالمسند ويزهد فِي الْمُرْسل وعَلى يَده جده الْأَعْلَى الْيَمَان أسلم الْمُغيرَة جد البُخَارِيّ سمع عبد الله من سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِسْحَاق الْأَزْرَق ومروان بن مُعَاوِيَة وَعبد الرحمان بن مهْدي ورحل إِلَى عبد الرَّزَّاق وَإِلَى سعيد بن أبي مَرْيَم وَعَمْرو بن أبي سَلمَة وأقدم أشياخه الفضيل بن عِيَاض ورى عَنهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ وَعنهُ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق قَالَ الْحَاكِم هُوَ إِمَام الحَدِيث فِي عصره بِمَا وَرَاء النَّهر بِلَا مدافعة توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وثلاين وَمِائَتَيْنِ
الْحَافِظ النُّفَيْلِي عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي أَبُو جَعْفَر الْقُضَاعِي الْحَرَّانِي الْحَافِظ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن رجلٍ عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن معِين والذهلي وَأَبُو زرْعَة قَالَ أَبُو دَاوُد أشهد عَليّ أَنِّي لم أر أحفظ من النُّفَيْلِي تجَاوز الثَّمَانِينَ وَتُوفِّي سنة)
أربعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
المخرمي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن الْمسور بن مخرمَة الزُّهْرِيّ المخرمي الْبَصْرِيّ روى عَنهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة ستٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو بكر بن أبي شيبَة عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن خواسي الإِمَام أَبُو بكر الْعَبْسِي مَوْلَاهُم الْكُوفِي الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام سمع القَاضِي شريك وَأَبا الْأَحْوَص وَعبد السَّلَام بن حَرْب وَأَبا خَالِد الْأَحْمَر وَجَرِير بن عبد الحميد وَابْن الْمُبَارك وَعلي بن مسْهر وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعباد بن الْعَوام وَعبد الله بن إِدْرِيس وَحَفْص بن غياث وَخلف بن خَليفَة وَعبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى وَعبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد الْعمي وَعلي بن هَاشم بن الْبَرِيد وَعمر بن عبيد وهشيم بن بشير وخلقاً كثيرا وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَابْنه إِبْرَاهِيم وَابْن أَخِيه مُحَمَّد بن عُثْمَان وَأَبُو زرْعَة وَبَقِي بن مخلد وَخلق كثير قَالَ ابْن حَنْبَل صَدُوق أحب إِلَيّ من أَخِيه وَقَالَ
الْعجلِيّ ثِقَة وَعَن أبي عبيد قَالَ أحْسنهم وضعا لكتابٍ أَبُو بكر وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ متقناً حَافِظًا صنف الْمسند وَالْأَحْكَام وَالتَّفْسِير وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
القَاضِي الخلنجي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي يزِيد الخلنجي قَاضِي الكرخ وَولي قَضَاء دمشق وَكَانَ جهمياً من أَصْحَاب ابْن أبي دؤاد وَهُوَ ابْن أُخْت عُلْوِيَّهُ الْمُغنِي توفّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ الخلنجي قد تقلد قَضَاء الشرقية فِي أَيَّام الْأمين وَكَانَ يجلس إِلَى أسطوانة من أساطين الْمَسْجِد فيستند إِلَيْهَا بِجَمِيعِ جسده وَإِذا جَاءَهُ الخصمان ترك الِاسْتِنَاد إِلَيْهَا فَإِذا فصل الْقَضِيَّة عَاد إِلَى الأسطوانة فَعمد بعض المجان إِلَى رقعةٍ من الرّقاع الَّتِي يكْتب فِيهَا الدُّعَاء فألصقها فِي مَوضِع دنيته وطلاها بدبقٍ قجاء الخلنجي وَجلسَ فالتصقت دنيته بالدبق وَتمكن مِنْهَا فَلَمَّا تقدم إِلَيْهِ الْخُصُوم أقبل إِلَيْهِم بِجَمِيعِ جسده فانكشف رَأسه وَبقيت موضعهَا مصلوبةً فَقَامَ مغضباً وَعلم أَنَّهَا حيلةٌ عَلَيْهِ فَغطّى رَأسه بطليسانه وَانْصَرف وَتركهَا مصلوبةً مَكَانهَا وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء فِيهِ من المنسرح)
(إِن الخنجلي من تتايهه
…
أثقل بادٍ لنا بطلعته)
(مَا تيه ذِي نخوةٍ مُنَاسبَة
…
بَين أخاوينه وقصعته)
(يُصَالح الْخصم من يخاصمه
…
خوفًا من الْجور فِي قَضيته)
(لَو لم تدبقه كف قابضه
…
لصار تيهاً على رَعيته)
واشتهرت الْقِصَّة والأبيات بِبَغْدَاد وَعمل عُلْوِيَّهُ ابْن اخته حِكَايَة أَعْطَاهَا للزفافين والمخنثين فأحرجوه فِيهَا فاستعفى الخلنجي من الْقَضَاء بِبَغْدَاد وَتَوَلَّى بعض الكور الْبَعِيدَة فولي دمشق أَو حمص فَلَمَّا ولي الْمَأْمُون غناهُ عُلْوِيَّهُ يَوْمًا شعر الخلنجي وَهُوَ من الطَّوِيل
(بَرِئت من الْإِسْلَام إِن كَانَ ذَا الَّذِي
…
أَتَاك بِهِ الواشون عني كَمَا قَالُوا)
(وَلَكنهُمْ لما رأوك غريةً
…
بهجري تواصوا بالنميمة واحتالوا)
(فقد صرت أذنا للوشاة سميعةً
…
ينالون من عرضي وَلَو شِئْت مَا نالو)
فَقَالَ الْمَأْمُون من يَقُول هَذَا قَالَ قَاضِي دمشق فأشخص وَجلسَ الْمَأْمُون وأحضر عُلْوِيَّهُ ودعي بالخلنجي فَقَالَ لَهُ أَنْشدني قَوْلك بَرِئت من الْإِسْلَام فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذِه أَبْيَات قلتهَا مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة وَأَنا صبيٌّ وَالَّذِي أكرمك بالخلافة مَا قلت شعرًا
مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا فِي زهدٍ أَو فِي عتاب صديقٍ فأجلسه وناوله قدحاً فأرعد وَبكى وَأَخذه وَقَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا غيرت المَاء بِشَيْء قطّ مِمَّا يخْتَلف فِي تَحْلِيله فَقَالَ لَعَلَّك تُرِيدُ نَبِيذ الزَّبِيب أَو التَّمْر فَقَالَ لاوالله لَا أعرف شَيْئا من ذَلِك فَأخذ الْمَأْمُون الْقدح من يَده وَقَالَ أما وَالله لَو شربت شَيْئا من هَذَا لضَرَبْت عُنُقك وَلَقَد ظَنَنْت أَنَّك صادقٌ فِي كل قَوْلك وَلَكِن لَا يتَوَلَّى الْقَضَاء لي أبدا رجلٌ يحلف ببراءته فِي الْإِسْلَام إنصرف إِلَى مَنْزِلك وَأمر عُلْوِيَّهُ أَن يُغير هَذِه الْكَلِمَة وَيَقُول بدلهَا حرمت مناي مِنْك
المخرمي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَيُّوب المخرمي روى عَنهُ ابْن صاعد وَابْن مخلدٍ وَآخَرُونَ قَالَ ابْن أبي حَاتِم سَمِعت مِنْهُ مَعَ أبي وَهُوَ صَدُوق وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قلت كَذَا ذكره الشَّيْخ شمس الدّين وَالظَّاهِر أَنه الَّذِي تقدم ذكر وَفَاته فِي سنة ستٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو البخْترِي عبد الله بن مُحَمَّد بن شَاكر أَبُو البخْترِي الْبَغْدَادِيّ الْعَنْبَري قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة صَدُوق)
وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
النوقاني عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْخَلِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي حَامِد ابْن أَسد ابم إِبْرَاهِيم الخليلي النوقاني أَبُو بكر كَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بِالْمذهبِ وَالْخلاف مَشْهُورا بِالْعلمِ وَالرِّوَايَة قدم بَغْدَاد حَاجا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَأقَام بهَا وَحدث عَن وَالِده وَمن شعره
الكرندي اليمني عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الكرندي بِفَتْح الْكَاف وَكسر الرَّاء وَسُكُون النُّون من أهل الْيمن شاعرٌ قدم بَغْدَاد ومدح المستظهر بِاللَّه وروى عَنهُ أَبُو طاهرٍ السِّلفي فِي مُعْجم شُيُوخه وَمن شعره من الْبَسِيط
(يَا سر سري وروح الرّوح من بدني
…
وَيَا حَقِيقَة تحقيقٍ نفى وسني)
(أَنْت الْحَيَاة الَّتِي تحيا الْحَيَاة بهَا
…
يَا نفس نفسٍ بِنَفس النَّفس مقترن)
(تحقق الْحق قلبِي فاستطار لَهُ
…
فَلَيْسَ يلوي على أهلٍ وَلَا وَطن)
(مشرد الْأنس بَين الْإِنْس شرده
…
سَماع من سمع النَّجْوَى بِلَا أذن)
قلت رحى تطحن قروناً
الْأَمِير ابْن المعتز عبد الله بن مُحَمَّد وَقيل اسْم أَبِيه الزبير أَبُو الْعَبَّاس بن المعتز ابْن المتَوَكل ابْن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور الْأَمِير الأديب صَاحب الشّعْر البديع والنثر الْفَائِق أَخذ الْأَدَب والعربية عَن الْمبرد وثعلب عَن مؤدبه أَحْمد بن سعيد الدِّمَشْقِي مولده فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
قتل سرا فِي ربيع الآخر سنة ستٍ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ قَامَت الدولة ووثبوا على المقتدر وَأَقَامُوا ابْن المعتز فَقَالَ بِشَرْط أَن لَا يقتل بسببي مسلمٌ ولقبوه المرتضى بِاللَّه وَقيل الْمنصف بِاللَّه وَقيل الْغَالِب بِاللَّه وَقيل الراضي بِاللَّه وَأقَام يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ إِن أَصْحَاب المقتدر تحزبوا واجتمعوا وتحاربوا هم وَأَعْوَان ابْن المعتز وشتتوهم وأعادوا المقتدر إِلَى دسته واختفى ابْن المعتز فِي دَار ابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي فَأَخذه المقتدر وَسلمهُ إِلَى مؤنس الْخَادِم الخاذن فَقتله)
وَسلمهُ إِلَى أَهله ملفوفاً فِي كساءٍ وَقيل إِنَّه مَاتَ حتف أَنفه وَلَيْسَ بِصَحِيح بل خنقه مؤنس وَدفن فِي خرابةٍ إزاء دَاره وَقَضيته مشهورةٌ فِيهَا طولٌ وَهَذِه خلاصتها وَكَانَ شَدِيد السمرَة مسنون الْوَجْه يخضب بِالسَّوَادِ وَكَانَ اسْم أمه قبيحة لحسنها وَله من التصانيف كتاب الزهر والرياض وَكتاب البديع وَكتاب مكاتبات الإخوان بالشعر وَكتاب الْجَوَارِح وَالصَّيْد وَكتاب السرقات وَكتاب أشعار الْمُلُوك وَكتاب الْآدَاب وَكتاب حلى الْأَخْبَار وَكتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء وَكتاب الْجَامِع فِي الْغناء كتابٌ فِيهِ أرجوزة فِي ذمّ الصبوح وَهُوَ أول من صنف فِي صَنْعَة
الشّعْر فَوضع كتاب البديع وَقَالَ إِن البديع اسْم لفنون الشّعْر يذكرهَا فَوضع كتاب البديع وَقَالَ إِن البديع اسْم لفنون الشّعْر يذكرهَا الشُّعَرَاء ونقاد الْمُتَأَخِّرين بَينهم فَأَما الْعلمَاء باللغة وَالشعرَاء الْقَدِيم الجاهلي والمخضرمي والعربي فَلَا يعْرفُونَ هَذَا الإسم وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ قَالَ وَمَا جمع فنون البديع غير وَلَا سبقني إِلَيْهِ أحد وَهُوَ أشعر بني هَاشم على الْإِطْلَاق وأشعر النَّاس فِي الْأَوْصَاف والتشبيه لَيْسَ لأحدٍ مثل تشبيهاته وَكَانَ يَقُول إِذا قلت كَأَن وَلم أت بعْدهَا بالتشبيه ففض الله فاي وَكَانَ يحب غُلَامه نشوان وجاريته شرة وَلما مَاتَ قَامَ ابْن بسام يرثيه من الْبَسِيط
(لله دَرك من ميتٍ بمضيعةٍ
…
ناهيك فِي الْعلم والآداب والحسب)
(مَا فِيهِ لَو وَلَا ليتٌ فتنقصه
…
وَإِنَّمَا أَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب)
وَقَالَ فِيهِ بعض الأدباء من الْبَسِيط
(لَا يبعد الله عبد الله من ملكٍ
…
سامٍ إِلَى الْمجد والعلياء مذ خلقا)
(قد كَانَ زين بني الْعَبَّاس كلهم
…
بل كَانَ زين بني الدُّنْيَا حجىً وتقى)
(أشعاره زيفت بالشعر أجمعه
…
وكل شعر سواهَا بهرجٌ ولقى)
من كَلَام ابْن المعتز بِاللَّه فِي الْآدَاب والمواعظ وَالْحكم الْأَدَب صُورَة الْعقل فَحسن أدبك كَيفَ شِئْت إِعَادَة الِاعْتِذَار تذكير بالذنب فِي العواقب شافٍ أَو مريح إِذا كثر الناعي إِلَيْك قَامَ الناعي بك الْعقل غريزة تربيها التجارب الْعلمَاء غرباء لِكَثْرَة الْجُهَّال بَينهم النصح بَين الْمَلأ تقريع إِذا تمّ الْعقل نقص الْكَلَام الأمل رَفِيق مؤنس إِن لم يبلغك فقد استمعت بِهِ لَا يقوم عز الْغَضَب بذل الِاعْتِذَار نفاق الْمَرْء من ذله وعقوبة الْحَاسِد من نَفسه من أحب الْبَقَاء فليعد للمصائب قلباً صبوراً عَلامَة الْكذَّاب جوده بِالْيمن لغير مستحلف من ذاد أدبه على عقله كَانَ)
كَالرَّاعِي الضَّعِيف مَعَ نعمٍ كَثِيرَة إفرح بِمَا لم تنطق بِهِ من الْخَطَأ مثل فرحك بِمَا لم تسكت عَنهُ من الصَّوَاب إِذا علمت فَلَا تفكر فِي كَثْرَة من دُونك من الْجُهَّال وَلَكِن اذكر من فَوْقك من الْعلمَاء الْمَرَض سجن الْبدن والهم سجن الرّوح الدَّار الضيقة الْعَمى الْأَصْغَر إِذا هرب الزَّاهِد من النَّاس فاطلبه إِذا طلب النَّاس فاهرب مِنْهُ الْبشر دالٌ على السخاء كَمَا يدل النُّور على الثَّمر من تملقك فقد استغمر فطنتك الشيب أول مواعيد الفناء لَا تَشِنْ وَجه الْعَفو بالتقريع إِنَّمَا أهل الدُّنْيَا كصور فِي صفيحة كلما نشر بَعْضهَا طوي بَعْضهَا الْعَاقِل لَا يَدعه مَا ستر الله من عيوبه يفرح مَا يظْهر من محاسنه أَن تذم بالعطاء خيرٌ من أَن تذم بِالْمَنْعِ الْعَجز نَائِم والحزم يقظان من تجرى لَك تجرى عَلَيْك مَا عفى عَن الذَّنب من قرع بِهِ الْحَسَد والنفاق وَالْكذب أثافي الذل أَمر المكاره مَا لم يحْتَسب عبد الشَّهْوَة أذلّ من عبد الرّقّ لَا تستبطئ
الْإِجَابَة للدُّعَاء وَقد سددت طَريقَة بِالذنُوبِ النَّاس اثْنَان واحدٌ لَا يَكْتَفِي وطالبٌ لَا يجد كلما كثر خزان الْأَسْرَار ازدادت ضيَاعًا مَا ادري أَيّمَا أَمر موت الْغنى أم حَيَاة الْفقر أفقرك الْوَالِد وعاداك الْحَاسِد مغتاظٌ على من لَا ذَنْب لَهُ من كثر تملقه لم يعرف بشره من أَكثر المشورة لم يعْدم عِنْد الصَّوَاب مادحاً وَعند الْخَطَأ عاذراً شكرك نعْمَة سالفة تَقْتَضِي نعْمَة مستأنفه كلما حسنت نعْمَة الْجَاهِل ازْدَادَ قبحاً فِيهَا من قبل عطاءك فقد أعانك على الْكَرم وَلَوْلَا من يقبل الْجُود لم يكن من يجود الْعَالم يعرف الْجَاهِل لِأَنَّهُ قد كَانَ جَاهِلا وَالْجَاهِل لَا يعرف الْعَارِف لِأَنَّهُ لم يكن عَارِفًا كفى بالظفر للمذنب إِلَى الْحَلِيم من ترفع بِعِلْمِهِ وَضعه الله بِعِلْمِهِ زلَّة الْعَالم كانكسار السَّفِينَة يغرق مَعهَا خلقٌ كثير من كتم علما فَكَأَنَّهُ جاهله علم الْمُنَافِق فِي قَوْله وَعلم الْمُؤمن فِي عمله إِنَّمَا يحبك من لَا يتملقك ويثني عَلَيْك من لَا يسمعك من مدحك بِمَا لَا يَلِيق فحقيق أَن يذمك بِمَا لَيْسَ فِيك أبق لرضاك من غضبك لَا يرضى عَنْك الحسود حَتَّى تَمُوت إِذا قدمت الرَّحْمَة شبهت بِالْقَرَابَةِ لَا تسرع إِلَى أرفع مَوضِع فِي الْمجْلس فالموضع الَّذِي ترفع إِلَيْهِ خير من الْموضع الَّذِي تحط عَنهُ
إِذا زادك السُّلْطَان تأنيساً فزده إجلالاً أَصْغَر الْأَعْدَاء اخفاهم مكيدةً وأمضهم على المغلوب ظفراً لَو تميزت الْأَشْيَاء كَانَ الْكذَّاب مَعَ الْجُبْن والصدق مَعَ الشجَاعَة والتعب مَعَ الطمع والراحة مَعَ الْيَأْس والحرمان مَعَ الْحِرْص والذل مَعَ الدّين الْمَعْرُوف إِلَيْك غل لَا يفكه إِلَّا شكرٌ أَو مُكَافَأَة إِذا حضر الْأَجَل افتضح الأمل رَأس السخاء أَدَاء الْأَمَانَة الصَّبْر على)
الْمُصِيبَة مصيبةٌ على الشامت بهَا من كثر مزاحه لم يخل من استخفافٍ بِهِ أَو حقدٍ عَلَيْهِ كَثْرَة الدّين تضطر الصَّادِق إِلَى الْكَذِب والمنجز إِلَى الإخلاف الْوَعْد أول الْعَطاء وَآخره إنجازه رب صديق تُؤْتى من جَهله لَا من نِيَّته أول الْغَضَب جُنُون وَآخره نَدم إنفرد بسرك لَا وتودعه حازماً فيزل وَلَا جَاهِلا فيخون علم الْإِنْسَان وَلَده المخلد الْمَعْرُوف رق والمكافأن عتق من لم يقدم الامتحان قبل الثِّقَة والثقة قبل الْأَمْن أثمرت مودته ندماً الْجَاهِل صَغِير وَإِن كَانَ شَيخا والعالم كبيرٌ وَإِن كَانَ حَدثا الْمَيِّت يقل الْحَسَد لَهُ وَيكثر الْكَذِب عَلَيْهِ أبخل النَّاس بِمَالِه أجودهم بعرضه أذكر عِنْد الظُّلم عدل الله فِيك وَعند الْقُدْرَة قدرَة الله عَلَيْك أعرف النَّاس بِاللَّه أرضاهم عَن أقداره الْملك بِالدّينِ يبْقى وَالدّين بِالْملكِ يقوى الْعجب شَرّ آفَات الْعقل الخضاب من شُهُود الزُّور الزّهْد فِي الدُّنْيَا الرَّاحَة الْعُظْمَى الظُّلم من اللؤم والإنصاف من الْكَرم غضب الْجَاهِل فِي قَوْله وغضبُ الْعَاقِل فِي فعله طَلَاق الدُّنْيَا مهر الْجنَّة وَقَالَ بعض من كَانَ يَخْدمه إِنَّه خرج يَوْمًا يتنزه وَمَعَهُ ندماؤه وَقصد بَاب الْحَدِيد وبستان الناعورة وَكَانَ ذَلِك آخر أَيَّامه فأحذ خزفةً وَكتب بالجص من المجتث
(
سقيا لظل زماني
…
ودهري الْمَحْمُود)
(ولى كليلة وصلٍ
…
قُدَّام يَوْم صدود)
قَالَ وَضرب الدَّهْر ضربانه ثمَّ عدت بعد قتل ابْن المعتز فَوجدت خطه خفِيا وَتَحْته مَكْتُوب من المجتث
(أفٍّ لظل زماني
…
وعيشي المنكود)
(فَارَقت أَهلِي وإلفي
…
وصاحبي ووددي)
(وَمن هويت جفاني
…
مطاوعاً لحسودي)
(يَا رب موتا وَإِلَّا
…
فراحةً من صدود)
وَكَانَ ابْن المعتز حَنَفِيّ الْمَذْهَب لقَوْله من أبياتٍ من الطَّوِيل
(فهاتا عقارا فِي قَمِيص زجاجةٍ
…
كياقوتةٍ فِي درةٍ تتوقد)
(وقتني من نَار الْجَحِيم بِنَفسِهَا
…
وَذَلِكَ من إحسانها لَيْسَ يجْحَد)
وَكَانَ سني العقيدة منحرفاً عَن العلوين قَالَ وَلِهَذَا فِي قصيدته البائية الَّتِي أَولهَا من المتقارب
(أَلا من لعَيْنِي وتسكابها
…
تشكى القذى وبكاها بهَا)
)
وَمِنْهَا من المتقارب
(نهيت بني رحمي لَو وعوا
…
نصيحة برٍّ بأنسابها)
(وراموا قُريْشًا أسود الشرى
…
وَقد نشبت بَين أنيابها)
(قتلنَا أُميَّة فِي دارها
…
فَكُنَّا أَحَق بأسلابها)
(وَكم عصبةٍ قد سفت مِنْكُم ال
…
خلَافَة صاباً باكوابها)
(إِذا مَا دنوتم تلقتكم
…
زبوناً وقرت بجلا بهَا)
(وَلما أبي الله ان تملكوا
…
دعينا إِلَيْهَا فقمنا بهَا)
(وَمَا رد حجابها وافداً
…
لنا إِذْ وقفنا بأبوابها)
(كقطب الرَّحَى واقفت أُخْتهَا
…
دَعونَا لَهَا وعلينا بهَا)
(وَنحن ورثنا ثِيَاب النَّبِي
…
فَلم تجذبون بأهدابها)
(لكم رحمٌ يَا بني بنته
…
وَلنْ أرى الْعم أولى بهَا)
قلت أَخذ هَذَا من قَول مَنْصُور النمري وَقَول مَرْوَان ابْن أبي حَفْصَة وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة مَنْصُور النمري
(بِهِ نصر الله مَحل الْحجاز
…
وأبرأها بعج أوصابها)
(وَيَوْم حنينٍ فداعيكم
…
وَقد أبدت الْحَرْب عَن نابها)
(فَلَمَّا علا الحبر أَكْفَانه
…
هوى مللٌ بَين أثوابها)
(فمهلاً بني عمنَا إِنَّهَا
…
عَطِيَّة ربٍّ حبانا بهَا)
(وَأقسم أَنكُمْ تعلمو
…
ن أَنا لَهَا خير أَرْبَابهَا)
وَقد أَجَابَهُ عَن ذَلِك صفي الدّين الْحلِيّ فِي وَزنهَا ورويها أَنْشدني ذَلِك لنَفسِهِ إجَازَة من المتقارب
(أَلا قل لشر عبيد الْإِلَه
…
وطاغي قريشٍ وكذابها)
(وباغي الْعباد وباغي العناد
…
وهاجي الْكِرَام ومغتابها)
(أَأَنْت تفاخر آل النَّبِي
…
وتجحدها فضل أحسابها)
(بكم بَاهل الْمُصْطَفى أم بهم
…
فَرد العداة بأوصابها)
(أعنكم نفى الرجس أم عَنْهُم
…
لطهر النُّفُوس وألبابها)
)
(أما الرجس وَالْخمر من دأبكم
…
وفرط الْعِبَادَة من دابها)
(وَقلت ورثنا ثِيَاب النَّبِي
…
فكم تجذبون بأهدابها)
(وعندك لَا تورث الْأَنْبِيَاء
…
فَكيف حظيتم بأثوابها)
(فَكَذبت نَفسك فِي الْحَالَتَيْنِ
…
وَلم تعلم الشهد من صابها)
(أجدك يرضى بِمَا قلته
…
وَمَا كَانَ يَوْمًا بمرتابها)
(وَكَانَ بصفين من حزبهم
…
لِحَرْب الطغاة وأحزابها)
(وَقد شمر الْمَوْت عَن سَاقه
…
وأكشرت الْحَرْب عَن نابها)
(فَأقبل يَدْعُو إِلَى حيدرٍ
…
بإرغابها وبإرهابها)
(وآثر أَن يرتضيه الْأَنَام
…
من الْحكمَيْنِ لإسهابها)
(ليعطي الْخلَافَة أَهلا لَهَا
…
فَلم يرتضوه لإيجابها)
(وَصلى مَعَ النَّاس طول الْحَيَاة
…
وحيدر فِي صدر مِحْرَابهَا)
(فَهَلا تقمصها جدكم
…
إِذا كَانَ إِذْ ذَاك أَحْرَى بهَا)
(وَإِذ جعل الْأَمر شُورَى لَهُم
…
فَهَل كَانَ من بعض أَرْبَابهَا)
(أخامسهم كَانَ أم سادساً
…
وَقد جليت بَين خطابها)
(وقولك أَنْتُم بَنو بنته
…
وَلَكِن بَنو الْعم أولى بهَا)
(بَنو الْبِنْت أَيْضا بَنو عَمه
…
وَذَلِكَ أدنى لأنسابها)
(فدع فِي الْخلَافَة فضل الْخلاف
…
فَلَيْسَتْ ذلولاً لركابها)
(وَمَا أَنْت والفحص عَن شَأْنهَا
…
وَمَا قمصوك بأثوابها)
(وَمَا ساورتك سوى ساعةٍ
…
فَمَا كنت أَهلا لأسبابها)
(وَكَيف يخصوك يَوْمًا بهَا
…
وَلم تتأدب بآدابها)
(وَقلت بأنكم القاتلون
…
أسود أُميَّة فِي غابها)
(كذبت وأسرفت فِيمَا ادعيت
…
وَلم تنه نَفسك عَن عابها)
(فكم حاولتها سراةٌ لكم
…
فَردَّتْ على نكص أعقابها)
(وَلَوْلَا سيوف أبي مسلمٍ
…
لعزت على جهد طلابها)
(وَذَلِكَ عبدٌ لَهُم لَا لكم
…
رعى فِيكُم قرب أنسابها)
)
(وكنتم أُسَارَى بطُون الحبوس
…
وَقد شفكم لثم أعتابها)
(فأخرجكم وحباكم بهَا
…
وقمصكم فضل جلبابها)
(فجازيتموه بشر الْجَزَاء
…
لطغوى النُّفُوس وإعجابها)
(فدعٌ ذكر قومٍ رَضوا بالكفاف
…
وَجَاءُوا الْخلَافَة من بَابهَا)
(هم الزاهدون هم العابدون
…
هم الْعَالمُونَ بآدابها)
(هم الصائمون هم القائمون
…
هم الساجدون بمحرابها)
(هم قطب مِلَّة دين الْإِلَه
…
ودور الرحي بأقطابها)
(عَلَيْك بلهوك بالغانيات
…
وخل الْمَعَالِي لأصحابها)
(وَوصف الْعَذْرَاء ذَات الْخمار
…
ونعت الْعقار بألقابها)
(فَذَلِك شَأْنك لَا شَأْنهمْ
…
وجري الْجِيَاد بأحسابها)
من قَول ابْن المعتز يفخر على العلويين من هَذِه الْمَادَّة من المتقارب
(فَأنْتم بَنو بنته دُوننَا
…
وَنحن بَنو عَمه الْمُسلم)
وَمِنْه أَيْضا من الطَّوِيل
(وأعطاكم الْمَأْمُون عهد خلافةٍ
…
لنا حَقّهَا لكنه جاد بالدنيا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(دعوا آل عباسٍ وإرث أَبِيهِم
…
وَإِيَّاكُم مِنْهُم فَإِنَّهُم هم)
(ملوكٌ إِذا خَاضُوا الوغى فسيوفهم
…
مقابضها مسكٌ وسائرها دم)
وَمِنْه قَوْله عِنْد الِانْتِصَار عَلَيْهِم من الطَّوِيل
(قدحتم زناد الْحَرْب أول مرةٍ
…
لنا وخلعتم بَيْننَا ربقة الْعَهْد)
(وفاخرتم قوما بهم فَازَ قدحكم
…
وهم علموكم فِي الملا حبوة الْمجد)
(فلذنا بِرُكْن الصَّبْر وانتصفت لنا
…
صوارم تعدينا إِذا قل من يعدي)
وَمن شعره من الْبَسِيط
(مستيقظٌ لَا يفل الشَّك عزمته
…
كَأَن أَوْهَامه أبصار أَقوام)
(لَا يشتكي الدَّهْر إِن خطبٌ ألم بِهِ
…
إِلَّا إِلَى صعدةٍ أوحدّ صمصام)
وَمِنْه من المتقارب)
(تفقد مساقط لحظ الْمُرِيب
…
فَإِن الْعُيُون وُجُوه الْقُلُوب)
(وطالع بوادره فِي الْكَلَام
…
فَإنَّك تجني ثمار الغيوب)
وَمِنْه من مجزوء الْبَسِيط
(عجل شيبي على شَبَابِي
…
ولي ديونٌ على الحبيب)
(لما تولى الصَّبِي سَرِيعا
…
صفقت وَجْهي على المشيب)
وَمِنْه من السَّرِيع
(سَابق إِلَى مَالك وراثه
…
مَا الْمَرْء فِي الدُّنْيَا بلباث)
(كم صامتٍ يخنق أكياسه
…
قد صَاح فِي ميزَان مِيرَاث)
وَقَالَ ابْن المعتز رحمه الله فِي ذمّ الصبوح من الرجز
(لي صاحبٌ قد لامني وَزَادا
…
فِي تركي الصبوح ثمَّ عادا)
(قَالَ أَلا تشرب بِالنَّهَارِ
…
وَفِي ضِيَاء الْفجْر والأسحار)
(إِذا وشى بِاللَّيْلِ صبحٌ فافتضح
…
وَذكر الطَّائِر شجواً فصدح)
(والنجم فِي حَوْض الْغُرُوب وَارِد
…
وَالْفَجْر فِي إِثْر الظلام طارد)
(ونفض اللَّيْل على الرَّوْض الندى
…
وحركت أغصانه ريح الصِّبَا)
(وَقد بَدَت فَوق الْهلَال كرته
…
كهامة الْأسود شابت لحيته)
(فجمش الدَّار بِبَعْض نوره
…
وَاللَّيْل قد رفع من ستوره)
(وقدت المجرة الظلاما
…
تحسبها فِي لَيْلهَا إِذا مَا)
(تنفس الصُّبْح وَلما يشْتَغل
…
بَين النُّجُوم مثل خرق المكتهل)
(وَقَالَ شرب اللَّيْل قد آذَانا
…
وطمس الْعُقُول والأذهانا)
(وَشَكتْ الْجِنّ إِلَى إِبْلِيس
…
أَنهم فِي أضيق الحبوس)
(يَبُول فِي وجههم ويخرا
…
وَيقتل الذُّبَاب مِنْهُم صبرا)
(أما ترى الْبُسْتَان كَيفَ نورا
…
وَنشر المنثور بردا أصفرا)
(وَضحك الْورْد إِلَى الشقائق
…
واعتنق الْقطر اعتناق الوامق)
(فِي روضةٍ كحلة الْعَرُوس
…
وخرمٍ كهامة الطاوس)
(وياسمينٍ فِي ذرى الإغصان
…
منظماً كَقطع العقيان)
)
(والسرو مثل قضب الزبرجد
…
قد استمد المَاء من تربٍ ند)
(على رياضٍ وثرىً ثري
…
وجدولٍ كالمبرد المجلي)
(وفرش الخشخاش جيباً وفتق
…
كَأَنَّهُ مصاحفٌ بيض الْوَرق)
(حَتَّى إِذا مَا انتشرت أوراقه
…
وَكَاد أَن ينأد رياً سَاقه)
(صَار كأقداحٍ من البلور
…
كَأَنَّمَا تجسمت من نور)
(وَبَعضه عُرْيَان من أثوابه
…
قد خجل البائس من أَصْحَابه)
(تبصره بعد انتثار الْورْد
…
مثل الدبابيس بأيدي الْجند)
(والسوسن الآزاذ منشور الْحلَل
…
كقطن قد مَسّه بعض البلل)
(نور فِي حاشيتي بستانه
…
وَدخل الميدان فِي ضَمَانه)
(وَقد بَدَت فِي ثمار الكنكر
…
كَأَنَّهَا جماجمٌ من عنبر)
(وَحلق البهار فَوق الآس
…
جمجمةً كهامة الشماس)
(حِيَال شيحٍ مثل شيب النّصْف
…
وجوهرٍ من زهرٍ مُخْتَلف)
(وجلنارٍ كاحمرار الخد
…
أَو مثل أعراف ديوك الْهِنْد)
(والأقحوان كالثنايا الغر
…
قد صقلت أنواره بالقطر)
(قل لي أَهَذا حسنٌ بِاللَّيْلِ
…
ويلي مِمَّا تشْتَهي وعولي)
(وَأكْثر الفضول والأوصافا
…
فَقلت قد حببت لي الخلافا)
(بت عندنَا حَتَّى إِذا الصُّبْح سفر
…
كَأَنَّهُ جدول ماءٍ منفجر)
(قمنا إِلَى زادٍ لنا معد
…
وقهوةٍ صراعةٍ للجلد)
(كَأَنَّمَا حبابها المنشور
…
كواكبٌ فِي فلكٍ تَدور)
(ومسمعٍ يلْعَب بالأوتار
…
أرق من نائحة القُماري)
(وَلَا تقل لي قد ألفت منزلي
…
فتفسد القَوْل بعذرٍ مُشكل)
(فَقَالَ هَذَا أول الْجُنُون
…
مَتى ثوى الضَّب بوادي النُّون)
(دعوتكم إِلَى الصَّباح ثمَّ لَا
…
أكون فِيهِ إِذْ أجبتم أَولا)
(لي حاجةٌ لَا بُد من قَضَائهَا
…
فتستريح النَّفس من عنائها)
(ثمَّ أجي وَالصُّبْح فِي عنان
…
من قبل أَن يغْفر بِالْأَذَانِ)
)
(ثمَّ مضى يوعد بالبكور
…
وهز رَأس فرحٍ مسرور)
(فَقُمْت مِنْهُ خَائفًا مرتاعاً
…
وَقلت نَامُوا وَيحكم سرَاعًا)
(لتأْخذ الْعين من الرقاد
…
حضاً إِلَى تغليسة الْمُنَادِي)
(فمسحت جنوبنا المضاجعا
…
وَلم أكن للنوم قبل طَائِعا)
(ثمت قمنا والظلام مطرق
…
وَالطير فِي أوكارها لَا تنطق)
(وَقد تبدى النَّجْم فِي سوَاده
…
كحلة الراهب فِي حداده)
(وَنحن نصغي السّمع نَحْو الْبَاب
…
فَلم نجد حسا من الْكذَّاب)
(حَتَّى تبدت حمرَة الصَّباح
…
وأوجع للندمان سَوط الراح)
(وَقَامَت الشَّمْس على الرؤوس
…
وَملك السكر على النُّفُوس)
(جَاءَ بوجةٍ بَارِد التبسم
…
مفتضحٍ لما جنى مذمم)
(يعثر وسط الدَّار من حيائه
…
وينتف الْأَهْدَاب من رِدَائه)
(فعطعط الْقَوْم بِهِ حَتَّى سدر
…
وافتتح القَوْل بعيٍّ وَحصر)
(وَقَالَ يَا قوم اسمعوا كَلَامي
…
لَا تسرعوا ظلما إِلَى ملامي)
(فجاءنا بقصةٍ كذابه
…
لم يفتح الْقلب لَهَا أبوابه)
(كعذر الْعَينَيْنِ يَوْم السَّابِع
…
إِلَى عروسٍ ذَات فرجٍ ضائع)
(قَالَ اشربوا فَقلت قد شربنا
…
أَتَيْتنَا وَنحن قد سكرنا)
(فَلم يزل بِشَأْنِهِ مُنْفَردا
…
يرفع بالكأس إِلَى فِيهِ يدا)
(وَالْقَوْم من معذرٍ نشوان
…
أَو غرقٍ فِي نَومه وَسنَان)
(كَأَنَّهُ آخر خيل الحلبه
…
لَهُ من السواس ألف ضربه)
(مُجْتَهدا كَأَنَّهُ قد أفلحا
…
يطلع فِي آثارها مقبحاً)
(فاسمع فَإِنِّي للصبوح عائب
…
عِنْدِي من أخباره عجائب)
(إِذا أردْت الشّرْب عِنْد الْفجْر
…
والنجم فِي لجة ليلٍ يسري)
(وَكَانَ بردٌ فالنديم يرتعد
…
وريقه على الثنايا قد جمد)
(وللغلام ضجرةٌ وهمهمه
…
وشتمةٌ فِي صَدره مجمجمه)
(يمشي بِلَا رجلٍ من النعاس
…
ويدفق الكأس على الْجلاس)
)
(ويلعن الْمولى إِذا دَعَاهُ
…
وَوَجهه إِن جَاءَ فِي فقاه)
(وَإِن أحس من نديمٍ صَوتا
…
قَالَ مجيباً طعنةً وموتا)
(وَإِن يكن للْقَوْم ساقٍ يعشق
…
فجفنه بجفنه مدبق)
(وَرَأسه كَمثل فروٍ قد مطر
…
وصدغه كالصولجان المنكسر)
(أعجل من مسواكه وزينته
…
وهيئةٍ تنضر حسن صورته)
(فَجَاءَهُمْ بفسوة اللحاف
…
مَحْمُولَة فِي الثَّوْب والأعطاف)
(كَأَنَّهُ عض على دماغ
…
مُتَّهم الأنفاس والأرفاغ)
(يخدمهم بشفشجٍ محلول
…
وَيحمل الكأس بِلَا منديل)
(فَإِن طردت الْبرد بالستور
…
وَجئْت بالكانون والسمور)
(فَأَي فضلٍ للصبوح يعرف
…
على الغبوق والظلام مسدف)
(وَلَو دسست فِي است محمومٍ لما
…
نجا من القر إِذا مَا صمما)
(تحس من رَائِحَة الشَّمَائِل
…
صرصرةً ترسب فِي المفاصل)
(وَقد نسيت شرر الكانون
…
كَأَنَّهُ نثار ياسمين)
(يَرْمِي بِهِ الْجَمْر إِلَى الأحداق
…
إِن رمى قرطس فِي الآماق)
(وَترك الْبسَاط بعد الخمد
…
ذَا نقطٍ سودٍ كَجلْد الفهد)
(وَقطع الْمجْلس باكتئاب
…
وذكرحرق النَّار للثياب)
(وَلم يزل للْقَوْم شغلاً شاغلا
…
وأصبحت جِبَابهمْ مناخلا)
(حَتَّى إِذا مَا ارْتَفَعت شمس الضُّحَى
…
قيل فلانٌ وفلانٌ قد أَتَى)
(وَرُبمَا كَانَ ثقيلاً يحتشم
…
فطول الْكَلَام حينا وجثم)
(وَرفع الريحان والنبيذ
…
وَزَالَ عَنَّا عيشنا اللذيذ)
(وَلست فِي طول النَّهَار آمنا
…
من حَادث لم يَك قبل كَائِنا)
(أَو خبر يكره أَو كتاب
…
يقطع طَبِيب اللَّهْو وَالشرَاب)
(فاسمع إِلَى مشالب الصبوح
…
فِي الصَّيف قبل الطَّائِر الصدوح)
(حِين حلا النّوم وطاب المضجع
…
وانحسر اللَّيْل ولذ المهجع)
(وَانْهَزَمَ البق وَكن رتعا
…
على الدِّمَاء وارداتٍ شرعا)
)
(من بعد مَا قد أكلو الأجسادا
…
وطيروا عَن الورى الرقاد)
(فَقرب الزَّاد إِلَى نيام
…
ألسنهم ثَقيلَة الْكَلَام)
(من بعد أَن دب عَلَيْهِ النَّمْل
…
وحيةٌ تقذف سما صل)
(وعقربٌ محذورةٌ قِتَاله
…
وجعلٌ فوارةٌ بواله)
(وللمغني عارضٌ فِي حلقه
…
ونعسةٌ قد قدحت فِي حذقه)
(وَإِن أدرت الشّرْب بعد الْفجْر
…
وَالصُّبْح قد سل سيوف الْحر)
(فساعةً ثمَّ تجيك الدامغة
…
بنارها فَلَا تسوغ سَائِغَة)
(ويسخن الشَّرَاب والمزاج
…
وَيكثر الْخلاف والضجاج)
(من معشرٍ قد جرعوا الحميما
…
وطمعوا من زادهم سموما)
(وغيمت أنفاسهم أقداحهم
…
وعذبت أقداحها أَرْوَاحهم)
(وأولعو بالحك والتفرك
…
وعصت الآباط أَمر المرتك)
(وَصَارَ ريحانهم كالقت
…
فكلهم لكلهم ذُو مقت)
(وَبَعْضهمْ يمشي بِلَا رجلَيْنِ
…
وَيَأْخُذ الكأس بِلَا يدين)
(وَبَعْضهمْ محمرةٌ عَيناهُ
…
من السمُوم محرقٌ خداه)
(وَبَعْضهمْ عِنْد ارْتِفَاع الشَّمْس
…
يحس جوعا مؤلما للنَّفس)
(فَإِن أسر مَا بِهِ تهوسا
…
وَلم يطق فِي ضعفةٍ تنفسا)
(وَطَاف فِي أصداغه الصداع
…
وَلم يكن بِمثلِهِ انْتِفَاع)
(وَكَثُرت حِدته وضجره
…
وَصَارَ كالجمر يطير شرره)
(وهم بالعربدة الوحيه
…
وَصرف الكاسات والتحيه)
(وَظَهَرت سبعيةٌ فِي خلقه
…
وَمَات كل صاحبٍ من فرقه)
(وَإِن دَعَا الشقي بِالطَّعَامِ
…
خيط جفنيه على الْمَنَام)
(وَكلما جَاءَت صلاةٌ واجبه
…
فسا عَلَيْهَا فتولت هاربه)
(فكدر الْعَيْش بيومٍ أبلق
…
أقطاره بلهوه لم تلتق)
(فَمن أدام للشقاء هَذَا
…
من فعله والتذه التذاذا)
(لم يلف إِلَّا دنسٍ الأثواب
…
مهوساً بهوس الْأَصْحَاب)
)
(يزْدَاد مهنواً وضنى وسقما
…
وَلَا ترَاهُ الدَّهْر إِلَّا فدما)
(ذَا شاربٍ وظفرٍ طويلٍ
…
ينغص الزَّاد على الأكيل)
(ومقلةٍ مبيضة المآقي
…
وأذنٍ كحقة الدرياق)
(وجسدٍ عَلَيْهِ جلدٌ من وسخ
…
كَأَنَّهُ شرب نفطاً أَو لطخ)
(تخال تَحت إبطه إِذا عرق
…
لحية قاضٍ قد نجا من الْغَرق)
(وريقة كَمثل طوقٍ من أَدَم
…
وَلَيْسَ من ترك السِّوَاك يحتشم)
(فِي صَدره من واكفٍ وقاطر
…
كأثر الذرق على الكنادر)
(هَذَا وَمَا تركت أَكثر
…
فجربوا مَا قلته وفكروا)
قلت إِنَّمَا أثبت هَذِه المزدوجة بِطُولِهَا لما فِيهَا من بَدَائِع التَّشْبِيه وغرائب الِاسْتِعَارَة وَقد عَارضه فِيهَا الشريف أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن حيدرة الْعقيلِيّ وَعكس مَقْصُوده ومدح فِيهَا الصبوح وَلَكِن لَيست كهذه فتانة فَإِن هَذِه درةٌ يتيمة وَتلك مرْجَانَة وسوف تَأتي إِن
شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور فِي مَكَانَهُ
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وطافت بأقداح المدامة بَيْننَا
…
بَنَات نَصَارَى قد تزين بالخفر)
(وَتَحْت زنانيرٍ شددن عقودها
…
زنانير أعكانٍ معاقدها السرر)
قلت نقل هَذَا الْمَعْنى التهامي من هُنَا فَقَالَ من الْبَسِيط
(وغادرت فِي العدا طَعنا يحف بِهِ
…
ضرب كَمَا حفت الأعكان بالسرر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلَسْت ترى شيباً لرأسي ماثلاً
…
ونت حيلي عَنهُ وضاق بِهِ ذرعي)
(كَأَن المناقيش الَّتِي تعتورنه
…
مناقير طيرٍ تتقي سنبل الزَّرْع)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ومحجلٍ غر الْيَمين كَأَنَّهُ
…
متبخرٌ يمشي بكمٍّ مُسبل)
(متلثمٍ لجم الْحَدِيد يلوكها
…
لوك الفتاة سواكها من إسحل)
وَمِنْه فِي رَوْضَة من الْبَسِيط
(تضاحك الشَّمْس أنوار الرياض بهَا
…
كَأَنَّمَا نثرت فِيهَا الدَّنَانِير)
)
(وَتَأْخُذ الرّيح من دخانها عبقاً
…
كَأَن تربَتهَا مسكٌ وكافور)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(وَالرِّيح تجذب أَطْرَاف الرِّدَاء كَمَا
…
أفْضى شفيقٌ إِلَى تَنْبِيه وَسنَان)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَأصْبح يحدي للنوى كل بازلٍ
…
سفينة أسفارٍ على الأَرْض تسبح)
(وَقد ثقلت أخفافه فَكَأَنَّهَا
…
من الأين أرحاءٌ تشال وتطرح)
وَمِنْه من الوافر
(وفتيانٍ سروا وَاللَّيْل داجٍ
…
وضوء الصُّبْح مُتَّهم الطُّلُوع)
(كَأَن بزاتهم أُمَرَاء جيشٍ
…
على أكتافهم صدأ الدروع)
وَمِنْه فِي الْهلَال والثريا من المنسرح
(قد انْقَضتْ دولة الصّيام وَقد
…
بشر سقم الْهلَال بالعيد)
(بتلو الثريا كفاغرٍ شرهٍ
…
يفتح فَاه لأكل عنقود)
وَمِنْه من الْكَامِل
(فِي ليلةٍ أكل المحاق هلالها
…
حَتَّى تبدي مثل وقف العاج)
(وَالصُّبْح يَتْلُو المُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ
…
عُرْيَان يمشي فِي الدجى بسراج)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَقد صغت الجوزاء حَتَّى كَأَنَّهَا
…
وَرَاء نجومٍ هاويات هاوياتٍ وغور)
(صنوج على رقاصةٍ قد تمايلت
…
لتلهي شرباً بَين دفٍ ومزهرٍ)
وَمِنْه فِي الْحَيَّة من الْبَسِيط
(كَأَنَّهَا حِين تبدو من مكامنها
…
غضنٌ تفتح فِيهِ النُّور وَالْوَرق)
(يستل مِنْهَا لسانٌ تستغيث بِهِ
…
كَمَا تعوذ بالسبابة الْفرق)
وَمِنْه من الوافر
(أَطَالَ الدَّهْر فِي بغداذ همتي
…
وَقد يشقى الْمُسَافِر أَو يفوز)
(ظللت بهَا على كرهي مُقيما
…
كعنينٍ تعانقه عَجُوز)
وَمِنْه من المتقارب)
(إِذا مَا طَعنا بطُون الدنان
…
وَسَار دم الْكَرم مِنْهُنَّ سورا)
(كَأَن خراطيمها فِي الزّجاج
…
خراطيم نحلٍ ينقين نورا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(كَأَنَّمَا أقداحنا فضةٌ
…
قد بطنت بِالذَّهَب الْأَحْمَر)
وَمِنْه من الوافر
(كَأَن بكاسها نَارا تلظى
…
وَلَوْلَا المَاء كَانَ لَهَا حريق)
(كَأَن غمامةً بَيْضَاء بيني
…
وَبَين الراح تحرقها البروق)
وَمِنْه من السَّرِيع
(يَا رب ليلٍ سحرٌ كُله
…
مفتضح الْبَدْر عليل النسيم)
(لم أعرف الإصباح الإصباح فِي ضوئه
…
لما بدا إِلَّا بسكر النديم)
صَاحب الأندلس عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان الحكم بن هِشَام بن عبد الرحمان ابْن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي الْأمَوِي المرواني صَاحب الأندلس ولي الْأَمر بعد أَخِيه الْمُنْذر بن مُحَمَّد وطالت أَيَّامه وَبَقِي خمْسا وَعشْرين سنة وَكَانَ من الْأُمَرَاء العادلين الَّذين يعز وجودهم وَكَانَ صَالحا تقياً كثير الْعِبَادَة والتلاوة رَافعا علم الْجِهَاد مُلْتَزما للصلوات فِي الْجَامِع وَله غزوات مَشْهُورَة وَكَانَ أديباً عَالما توفّي فِي غرَّة شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاثمِائَة وَبلغ من السن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وسوف يَأْتِي ذكر أَخِيه الْمُنْذر فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ صَاحب الريحان والريعان ثمَّ وَليهَا عبد الله بن مُحَمَّد ولَايَة منحلةً وَقد كَانَ النَّاس سئموا الْحَرْب والفتنة فانصدعوا فِي كل جِهَة ثمَّ ثَابت المملكة بظفره بحصون ابْن حفصون والوقايع الَّتِي أوقع بِهِ ووفر على الْمُسلمين وأنمى لَهُم بَيت مَالهم فَلم يمد يدا إِلَيْهِم وَاقْتصر على مُؤْنَته وعَلى مُؤنَة من يعوله من مَال نَفسه وخاصة كَسبه وَحل مِيرَاثه وَحمل على ذَلِك وَلَده وَسَائِر خاصته فَلم ينْفق من مَال الله شَيْئا إِلَّا فِي مَوْضِعه من الذب عَن بِلَاد الْمُسلمين وحوزة الدّين وَكَانَ روعاً
وَمن شعره من المنسرح
(لهفي على شادنٍ كجيلٍ
…
فِي مثله يخلع العذارُ)
)
(كَأَنَّمَا وجنتاه وردٌ
…
خالطٌ محمرَّه البهارُ)
(قضيب بانٍ إِذا تنثى
…
يُدِير طرفا بِهِ أحورارُ)
(يصفو وحبّي عَلَيْهِ وقفٌ
…
مَا اطرد اللَّيْل والنهارُ)
وَمِنْه من السَّرِيع
(يَا كبد العشاق مَا أوجعك
…
وَيَا أَسِير الْحبّ مَا أخضعك)
(وَيَا رَسُول الْعين من لحظها
…
بِالرَّدِّ والتبليغ مَا أسرعك)
(تنطق بِالسحرِ وَتَأْتِي بِهِ
…
فِي مجلسٍ يخفى على من مَعَك)
وَمِنْه من مجزوء الرمل
(هَذِه الدَّار الَّتِي قد
…
كنت من قبل أَزور)
(قد محاها الدَّهْر بعدِي
…
مثل مَا تمحى المطور)
(عج بهَا حَتَّى يُوفي
…
حَقّهَا الْقلب الصبور)
(مَا قلوبٌ لم تذب بِعْ
…
د النَّوَى إِلَّا صخور)
وَكَانَ جميلاً يمْلَأ الْعين بهاءً وَكَانَ متواضعاً يلازم الصَّلَوَات فِي الْجَامِع لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ يشاور الْعلمَاء ويزورهم وَكَانَ متصرفاً فِي الْعُلُوم إِلَّا أَنه ينْسب إِلَى الْبُخْل المفرط الَّذِي آل بِهِ إِلَى فَسَاد ملكه وقاسى من بخله سبطه النَّاصِر إِلَّا أَنه اخْتصَّ بخدمته من صغره من ذَلِك أَنه خرج مَعَه يَوْمًا فَنزل عَن فرسه لقَضَاء صلاةٍ فهرب الْفرس وتعب أَصْحَاب الموكب فِي أمره حَتَّى أَخَذُوهُ فَقَالَ لَهُ يَا عبد الرحمان مَالِي أَرَاك بِغَيْر خصي يحفظ دابتك فَقَالَ لَهُ النَّاصِر لَيْسَ يفضل لي من راتبي مَا اتَّخذهُ بِهِ فَقَالَ إِذا انصرفنا إِلَى الْقصر ذَكرنِي فَلَمَّا ذكره وَهُوَ لَا يشك أَن الوصيف حاصلٌ أَمر لَهُ بشكيمة مليحةٍ وَكتب عَنهُ النَّاصِر كتابا أرضاه بِهِ فَقَالَ لَهُ قُم إِلَى تِلْكَ الطاق فَخذ تِلْكَ الدَّجَاجَة بِمَا مَعهَا من الرقَاق فقد آثرتك بهَا مبارك لَك فِيهَا
ابْن البندار عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن ناقيا بن دَاوُد أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْفَتْح الْحَنَفِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن البندار الْبَغْدَادِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار هَكَذَا رَأَيْت اسْمه بِخَط يَده وَرَأَيْت بِخَط عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي اسْمه عبد الْبَاقِي ذكر فِي عبد الْبَاقِي
ابْن القلعي)
عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْأَوَانِي أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن القلعي أَخُو مُحَمَّد كَانَ أديباً شَاعِرًا وورى عَن الشريف مَسْعُود بن المحسن البياضي وَأبي عَليّ بن الشبل وَأبي الْقَاسِم بن ناقيا وورى عَنهُ أَبُو طاهرٍ السِّلفي فِي مُعْجم شُيُوخه
أترجّه الشَّاعِر عبد الله بن مُحَمَّد بن دَاوُد الْهَاشِمِي أترجة كَانَ شَاعِرًا مدح المستعين بِاللَّه قَالَ دخلت على المستعين وَقد خرج من الكرخ فَأَنْشَدته من الطَّوِيل
(غَدَوْت بسعدٍ غدْوَة لَك باكره
…
فَلَا زَالَت الدُّنْيَا بملكك عامره)
(ونال مواليك الْغنى بك مَا بقوا
…
وعزوا وعزت دولةٌ لَك ناضره)
(بقيت علينا غيث جودٍ ورحمةٍ
…
فنلنا بدنيا مِنْك فضلا وَآخره)
(فَلَا خائفٌ إِلَّا بسطت أَمَانه
…
وَلَا معدمٌ إِلَّا سددت مفاقره)
(تبين سبق المستعين بفضله
…
على غَيره نعماء فِي النَّاس ظَاهره)
فَدفع إِلَيْهِ خريطةً فِيهَا دَنَانِير ودعا بغاليةٍ فَجعل يغلّفه بِيَدِهِ
الْوَزير الخاقاني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقَان أَبُو الْقَاسِم الْوَزير ابْن أبي عَليّ الْوَزير
ولي الوزارة للمقتدر بعد ابْن الْفُرَات بِرَأْي مؤنس الْخَادِم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلاثمائة وَكَانَ رجلا قد مارس وجرب وتكهل وَكَانَ حسن البلاغة وَالْأَدب مليح الْخط جواداً قبض عَلَيْهِ سنة ثَلَاث عشرَة فَكَانَت وزارته ثَمَانِيَة عشرَة شهرا ووكل بِهِ فِي منزله وَلم يزل عليلاً بالسل إِلَى أَن توفّي سنة أَربع عشرَة وثلاثمائة وَسَيَأْتِي ذكر جده
أَبُو مُحَمَّد الْحَافِظ الْبَرْبَرِي عبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِية بن نجبة أَبُو مُحَمَّد الْبَرْبَرِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ كَانَ ثِقَة ثبتاً ممتعاً بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ توفّي عَن سنٍّ عالية سنة إِحْدَى وثلاثمائة سمع أَبَا معمر الْهُذلِيّ وسُويد بن سعيد وَعبد الْوَاحِد بن غياث وَأَبا بكر بن أبي
شيبَة وَعبد الْأَعْلَى بن حمادٍ وطبقتهم وَعنهُ أَبُو بكر الشَّافِعِي والجعابي وَأَبُو الْقَاسِم بن النّحاس وَإِسْحَاق النعالي
ابْن مقير عبد الله بن مُحَمَّد بن حَيَّان بن فروخ أَبُو مُحَمَّد بن مقير بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَسُكُون)
الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء سمع مَحْمُود بن غيلَان وَعبد الله بن عمر بن أبان وَغَيرهمَا وَعنهُ مُحَمَّد بن مخلدٍ وَإِسْمَاعِيل الخطبي وَأَبُو عَليّ ابْن الصَّواف وَأَبُو بكر ابْن الْإِسْمَاعِيلِيّ
وَكَانَ ثِقَة توفّي سنة إِحْدَى وثلاثمائة
السمناني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْحُسَيْن السمناني من أَعْيَان الْمُحدثين بخراسان وثقاتهم
سمع إساق بن رَاهَوَيْه وَهِشَام بن عمار وَعِيسَى بن زغبة وَأَبا كريب وَعنهُ عَليّ بن حمشاد وَمُحَمّد بن يَعْقُوب بن الأخرم وَأَبُو عَمْرو بن حمدَان توفّي سنة ثلاثٍ وثلاثمائة
أَبُو مُحَمَّد بن شيرويه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن شيرويه بن أَسد بن أعين الْقرشِي النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد أحد كبار نيسابور لَهُ مصنفات كَثِيرَة تدل على نبله سمع الْمسند من ابْن رَاهَوَيْه وَسمع خَالِد بن يُوسُف السَّمْتِي وَعبد الله بن مُعَاوِيَة الجحمي وَعَمْرو بن زُرَارَة وَأحمد بن منيعٍ وَأَبا كريب وَعنهُ ابْن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن يَعْقُوب بن الأخرم وَالْحُسَيْن بن عَليّ الْحَافِظ قَالَ قَالَ لي بنْدَار أَرِنِي مَا كتبته عني قَالَ فَجمعت مَا كتبته فِي أسفاطٍ وحملتها إِلَيْهِ على ظهر حمالٍ فَنظر فِيهَا وَقَالَ يَا ابْن شيرويه أفلستني وأفلسك الوراقون يَعْنِي النساخ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقع لنا حَدِيثه عَالِيا وَتُوفِّي سنة خمسٍ وثلاثمائة
الْقزْوِينِي القَاضِي الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو الْقَاسِم الْقزْوِينِي
الْفَقِيه الشَّافِعِي ولي نِيَابَة الحكم بِدِمَشْق وَقَضَاء الرملة وَسكن مصر وَحدث عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَمُحَمّد بن عَوْف الجُمَحِي وَالربيع بن سُلَيْمَان الْمرَادِي وَعنهُ عبد الله بن السقاء الْحَافِظ وَأَبُو بكر بن الْمُقْرِئ وَابْن عدي ويوسف الميانجي وَمُحَمّد بن المظفر وَجَمَاعَة قَالَ ابْن الْمُقْرِئ رَأَيْتهمْ يضعفونه وَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَقَالَ ابْن يُونُس كَانَ مَحْمُودًا فِيمَا يَتَوَلَّاهُ وَكَانَت لَهُ حلقةٌ للاشتغال وَقَالَ خلط فِي آخر عمره وَوضع أَحَادِيث على متونٍ فافتضح وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَضَعفه جمَاعَة
الْحَافِظ أَبُو بكر الإِسْفِرَايِينِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن مُسلم أَبُو بكر الاسفراييني الْحَافِظ اُحْدُ المجودين الْأَثْبَات الطوافين)
سمع مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وَالْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي وَأَبا زرْعَة الرَّازِيّ وَيُونُس بن عبد الاعلى وحاجب بن سُلَيْمَان وَالْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن مزِيد وَعنهُ أَبُو عبد الله ابْن الأخرم وَأَبُو عَليّ الْحَافِظ وَأَبُو أَحْمد الْحَاكِم وَمُحَمّد بن الْفضل بن خُزَيْمَة وَآخَرُونَ وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وثلاثمائة
أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْمَرْزُبَان بن سَابُور أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ مُسْند الدُّنْيَا وَبَقِيَّة الْحفاظ ولد بِبَغْدَاد فِي أول شهر رَمَضَان سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي لَيْلَة عيد الْفطر سنة سبع عشرَة وثلاثمائة سمع عَليّ بن الْجَعْد وَخلف بن هِشَام وَأَبا نصر التمار وَيحيى الْحمانِي وَعلي ابْن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وشيبان بن فروخ وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ وخلقاً كثيرا أَزِيد من ثَلَاثمِائَة وروى عَنهُ جماعةٌ لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى لِأَنَّهُ طَال عمره وَتفرد فِي الدُّنْيَا بعلو السَّنَد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ
كَانَ الْبَغَوِيّ قَلِيل الْكَلَام على الحَدِيث فَإِذا تكلم كَانَ كَلَامه كالمسمار فِي الساج وَآخر من روى عَنهُ عَالِيا أَبُو المنجا ابْن اللتي قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاً فهما عَارِفًا وَله مُعْجم الصَّحَابَة فِي مجلدين يدل على سَعَة حفظه وتبحره وَكَذَلِكَ تأليفه الجعديات أحسن ترتيبها وأجاد تأليفها
أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن يزِيد بن فروخ بن دَاوُد أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ ابْن اخي الْحَافِظ أبي زرْعَة ولاؤهم لبني مَخْزُوم يروي عَن عَمه وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَأحمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي ويوسف بن سعد بن مُسلم وَمُحَمّد بن عِيسَى بن حَيَّان الْمَدَائِنِي والعراقيين والرازيين والمصريين روى عَنهُ وَالِد أبي نعيم وَالْحسن بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن الْمُقْرِئ وَمُحَمّد بن عبيد الله الذكواني وَكَانَ صَاحب أصولٍ ثِقَة وَتُوفِّي سنة عشْرين وثلاثمائة
أَبُو بكر الشَّافِعِي الْحَافِظ عبد الله بن مُحَمَّد بن زِيَاد بن وَاصل أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي الْحَافِظ الْفَقِيه الشَّافِعِي مولى آل عُثْمَان بن عَفَّان سمع مُحَمَّد بن يحيى وَأحمد بن يُوسُف وَعبد الله بن هَاشم وَأحمد بن الْأَزْهَر بِبَلَدِهِ وَيُونُس وَالربيع وَأحمد ابْن أخي ابْن وهب وَأَبا إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ المصريين وَأَبا رزعة الرَّازِيّ وَالْعَبَّاس ابْن الْوَلِيد الْبَيْرُوتِي وَالْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي والرمادي وَعلي بن حَرْب)
وَمُحَمّد ابْن عَوْف وَهَذِه الطَّبَقَة وَعنهُ ابْن عقدَة وَأَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي وَحَمْزَة الْكِنَانِي وَأَبُو إِسْحَاق ابْن حَمْزَة الإصبهاني وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن المظفر حفاظ الدُّنْيَا وَغَيرهم قَالَ الْحَاكِم كَانَ إِمَام عصره فِي الشَّافِعِيَّة بالعراق من أحفظ النَّاس للفقيهات وَكَانَ يعرف زيادات الْأَلْفَاظ فِي الْمُتُون وَلما قعد للتحديث قَالُوا حدث قَالَ بل سلوا فَسئلَ عَن أحائيث أَجَاد فِيهَا وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة
ابْن الشَّرْقِي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو مُحَمَّد الشَّرْقِي أَخُو أبي حَامِد كَانَ أسن مِنْهُ الذهلي وَعبد الله بن هَاشم وَعبد الرحمان بن بشرٍ وَأحمد ابْن الْأَزْهَر وَأحمد بن يُوسُف وَأحمد مَنْصُور زاج وَعنهُ أَحْمد بن إِسْحَاق الصبغي وَأَبُو عَليّ الْحَافِظ وَيحيى بن إِسْمَاعِيل الْحَرْبِيّ وَعبد الله بن حَامِد الْوَاعِظ وَغَيرهم قَالَ الْحَاكِم توفّي وَله اثْنَتَانِ وَتسْعُونَ سنة ورأيته وَكَأن أُذُنَيْهِ مروحتان وَأَصْحَاب المحابر بَين يَدَيْهِ وَلم أرزق السماع مِنْهُ وَكَانَ أوحد وقته فِي الطِّبّ وَلم يدع الشّرْب إِلَى أَن مَاتَ فَلذَلِك نقموا عَلَيْهِ وَكَانَ أَخُوهُ لَا يرى لَهُم يرى لَهُم السماع مِنْهُ لذَلِك
وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وثلاثمائة
حامض رَأسه عبد الله بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يزِيد أَبُو الْقَاسِم الْمروزِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بحامض رَأسه وبالحامض سمع الْحسن بن أبي الرّبيع وسعدان بن نصر وَأَبا يحيى الْعَطَّار وَأَبا أُميَّة الطرطوسي وَغَيرهم وَعنهُ أَبُو عمر بن حيويه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو بكر الْأَبْهَرِيّ والمعافى الْجريرِي وَعمر ابْن أَحْمد الْوَاعِظ وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة
الكلاباذي الْحَنَفِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن الْحَارِث بن خَلِيل أَبُو مُحَمَّد الكلاباذي البُخَارِيّ الْفَقِيه شيخ الْفَقِيه الْحَنَفِيَّة بِمَا وَرَاء النَّهر يعرف بِعَبْد الله الْأُسْتَاذ كَانَ كَبِير الشَّأْن كثير الحَدِيث إِمَامًا فِي الْفِقْه روى عَن عبيد الله بن واصلٍ وَعبد الصَّمد بن الْفضل وحمدان بن ذِي النُّون وَغَيره
وَعنهُ أَبُو طيب عبد الله بن مُحَمَّد وَمُحَمّد بن الْحسن بن مَنْصُور النيسابوريان وَجَمَاعَة سُئِلَ عَنهُ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ فَقَالَ ضعيفٌ وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ صَاحب عجائب عَن الثِّقَات وَقَالَ الْخَطِيب لَا يحْتَج بِهِ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة)
أَبُو بكر لإصبهاني القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن بن الخصيب بن الصَّقْر أَبُو بكر الإصبهاني الشَّافِعِي ولي قَضَاء دمشق وَقَضَاء مصر ثمَّ قَضَاء دمشق من جِهَة الْخَلِيفَة الْمُطِيع وصنف كتابا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْمسَائِل المجالسية وَحَدِيثه فِي الخلعيات توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وثلاثمائة
الْقُرْطُبِيّ ابْن الصفّار عبد الله بن مُحَمَّد بن مغيث أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ ابْن الصفار وَالِد القَاضِي الْجَمَاعَة أبي الْوَلِيد يُونُس كَانَ أديباً شَاعِرًا بليغاً كَاتبا مَعَ عبادةٍ وتواضعٍ صنف للْحكم الْمُسْتَنْصر كتاب شعراء بني أُميَّة فأجاد وَجَاء بِهِ فِي مجلدٍ واحدٍ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة
وروى عَن خَالِد ابْن سعد وَأحمد بن سعيد بن حزم وَإِسْمَاعِيل بن بدر وَجَمَاعَة
أَبُو أَحْمد الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الناصح بن شُجَاع أَبُو أَحْمد بن الْمُفَسّر الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل مصر سمع أَحْمد بن عَليّ بن سعيد الْمروزِي وَعبد الرحمان بن الْقَاسِم بن الرواس وَعلي بن غَالب السكْسكِي وَمُحَمّد بن إِسْحَاق ابْن اهويه وانتقى عَلَيْهِ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَحدث عَنهُ الْحفاظ عبد الْغَنِيّ وَابْن مندة وَأحمد بن مُحَمَّد بن أبي الْعَوام وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وثلاثمائة
أَبُو الشَّيْخ ابْن حَيَّان الإصبهاني عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَيَّان أَبُو مُحَمَّد الإصبهاني الْحَافِظ أَبُو الشَّيْخ صَاحب التصانيف ولد سنة أربعٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي
سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَسمع فِي صغره جده لأمه مَحْمُود بن الْفرج الزَّاهِد وَإِبْرَاهِيم بن سَعْدَان وَمُحَمّد بن عبد الله بن الْحسن بن حَفْص رَئِيس إصبهان وَمُحَمّد ابْن أَسد الْمَدِينِيّ وَأحمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْخُزَاعِيّ وَسمع بِالْبَصْرَةِ وببغداد وبمكة وبالموصل بِالريِّ كَانَ حَافِظًا عَارِفًا بِالرِّجَالِ والأبواب صنف تَارِيخ بَلَده والتأريخ على السنين وَكتاب السنّة وَكتاب العظمة وَكتاب ثَوَاب الْأَعْمَال وَكتاب السّنَن
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد وَقع لنا أَشْيَاء من حَدِيثه وتخاريجه وروى عَنهُ أَبُو سعد الْمَالِينِي وَأَبُو بكر بن مرْدَوَيْه وَأَبُو بكر أَحْمد بن عبد الرحمان الشِّيرَازِيّ وَأَبُو نعيم وَمُحَمّد أبي عَليّ بن سمويه الْمُؤَدب وسُفْيَان بن حسنكويه)
القباب عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن فورك بن عَطاء أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ الْمُقْرِئ القباب وَهُوَ الَّذِي يعْمل المحابر كَانَ مُسْند إصبهان فِي عصره ومقرئها سمع مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الجيراني سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَأَبا بكر بن أبي بكر عَاصِم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان وَعلي بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ وَطَائِفَة وَقَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شنبوذ وروى عَنهُ أَبُو نعيم وَالْفضل ابْن أَحْمد الْخياط وَعلي بن أَحْمد بن مهْرَان الصحاف وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سبعين وثلاثمائة
الْحَافِظ ابْن السقاء عبد الله بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن الْمُخْتَار الْمُزنِيّ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد ابْن السقاء الوَاسِطِيّ مُحدث وَاسِط توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة سمع أَبَا خَليفَة وزكرياء السَّاجِي وَأَبا يعلي الْموصِلِي وعبدان الْأَهْوَازِي مُوسَى ابْن سهل الْجونِي وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن ابْن مكرم وَجَمَاعَة
وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو الْفَتْح يُوسُف القواس وَأَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ وَعلي بن احْمَد ابْن دَاوُد الرزاز وَأَبُو نعيم الْحَافِظ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن المظفر لم نر مَعَ ابْن السقاء كتابا وَإِنَّمَا حَدثنَا حفظا
ابْن الْبَاجِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شَرِيعَة بن رِفَاعَة اللَّخْمِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْبَاجِيّ أَبُو مُحَمَّد الإشبيلي سمع مُحَمَّد بن عبد الله بن القوف وَالسَّيِّد أَبِيه الزَّاهِد وَسَعِيد بن جَابر وَغَيرهم وَكَانَ حَافِظًا ضابطاً متقناً بَصيرًا بمعاني الحَدِيث وَقَالَ ابْن الفرضي لم أحدا أفضله أحد عَلَيْهِ فِي الضَّبْط وروى النَّاس عَنهُ كثيرا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وثلاثمائة
القَاضِي أَبُو مُحَمَّد البعلبكي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْغفار بن ذكْوَان القَاضِي أَبُو مُحَمَّد البعلبكي حدث عَن أبي الجهم بن طلاب وَابْن جوصا وَأبي الدحداح أَحْمد بن مُحَمَّد وَأبي الْعَبَّاس الزفتي أبي بكر الخرائطي وَطَائِفَة وَعنهُ الْوَلِيد بن بكر الأندلسي ومكي بن الْغمر وَجَمَاعَة وَتَكَلَّمُوا فِيهِ وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة
وَالِد ابْن عبد الْبر)
عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبر أَبُو مُحَمَّد النمري الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي وَالِد الإِمَام أبي عمر يُوسُف تفقه على التجِيبِي ولازمه وَسمع من أَحْمد بن مطرفٍ وَاحْمَدْ بن حزم وَكَانَ صَالحا عابداً مُجْتَهدا توفّي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة
أَبُو سعيد الْقرشِي الصُّوفِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن نصير بن عبد الْوَهَّاب بن عَطاء ابْن واصلٍ أَبُو سعيد الْقرشِي الرَّازِيّ الصُّوفِي حج وَدخل الشَّام ومصر وجاور وَأقَام بنيسابور مُدَّة وَصَحب الزَّاهِد أَبَا عَليّ الثَّقَفِيّ وَحدث عَن مُحَمَّد بن أَيُّوب الرَّازِيّ بن الضريس ويوسف بن عاصمٍ وروى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
أَبُو مُحَمَّد القلعي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن حزم أَبُو مُحَمَّد الأندلسي القلعي رحالٌ جوالٌ سمع أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن أبي الْعقب وَجَمَاعَة بِدِمَشْق وَأَبا بكر الشَّافِعِي وَأَبا عَليّ بن الصَّواف بِبَغْدَاد وَإِبْرَاهِيم بن عَليّ الهُجَيْمِي بِالْبَصْرَةِ وَأَبا جَعْفَر بن دُحَيْم بِالْكُوفَةِ وَعبد الله بن الْورْد بِمصْر ووهب بن مَسَرَّة بالأندلس وروى عَنهُ أَبُو الْوَلِيد بن الفرضي وَكَانَ شَيخا جَلِيلًا زاهداً شجاعاً مُجَاهدًا ولاه الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الحكم للْقَضَاء فاستعفى وَأَصله من قلعة أَيُّوب بالأندلس وَكَانَ فَقِيها صلباً الْحق ورعاً وَكَانُوا يشبهونه بسفيان الثَّوْريّ فِي زَمَانه وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا أَخذ النَّاس عَنهُ الْكثير وَكَانَ يقف وَحده للفئة من الْمُشْركين قَالَ ابْن الفرضي سَمِعت مِنْهُ علما كثيرا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
البشتي الصُّوفِي عبد الله بن مُحَمَّد بن نَافِع أَبُو الْعَبَّاس البشتي بالشين الْمُعْجَمَة الصُّوفِي ورث من آبَائِهِ أملاكاً كثير فأنفقها فِي الْخَيْر وَكَانَ كثير الْعِبَادَة بَقِي سبعين سنة لَا ستند إِلَى حائظ وَلَا يتكي على وسَادَة حج من نيسابور حافياً رَاجِلا وَأقَام بالقدس أشهراً وَدخل الغرب وَحج من الغرب وَرجع إِلَى بِشَتٍّ وَتصدق بِبَقِيَّة أملاكه وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
ابْن كلاب عبد الله بن مُحَمَّد بن كلاب الْقطَّان ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي كتاب الفهرست قَالَ محب الدّين بن النجار ونقلته من خطه فَقَالَ ابْن كلاب من نابتة الحشوية وَله مَعَ عبّاد بن)
سلمَان مناظراتٌ وَكَانَ يَقُول إِن كَلَام الله هُوَ الله وَكَانَ عباد يَقُول إِنَّه نَصْرَانِيّ فَهَذَا القَوْل
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْبَغَوِيّ دَخَلنَا على فشيون النَّصْرَانِي وَكَانَ فِي دَار الرّوم بالجانب الغربي فَجرى الحَدِيث إِلَى أَن سالته عَن ابْن كلاب فَقَالَ رحم الله عبد الله
كَانَ يجيئني فيجلس إِلَى تِلْكَ الزواية وَأَشَارَ إِلَى ناحيةٍ من الْبيعَة عَن وعني أَخذ هَذ القَوْل وَلَو عَاشَ لنصرنا الْمُسلمين قَالَ الْبَغَوِيّ وَسَأَلَهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الطَّالقَانِي فَقَالَ مَا تَقول فِي الْمَسِيح فَقَالَ مَا يَقُوله أهل السّنة من الْمُسلمين فِي الْقُرْآن قَالَ النديم ولعَبْد الله من الْكتب كتاب الصِّفَات كتاب خلق الْأَفْعَال كتاب الرَّد على الْمُعْتَزلَة وَقد تقدم فِي عبد الله ابْن سعيد بن كلاب ترجمةٌ أُخْرَى وَهِي لهَذَا وَالله أعلم بِمَا كَانَ من أمره فَإِن تِلْكَ التَّرْجَمَة تخَالف هَذِه التَّرْجَمَة فليكشف من هُنَاكَ
الفِهري عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم ن أَبُو مُحَمَّد الفِهري ينتسب إِلَى عبد الْملك بن قطنٍ الفِهري وَالِي الأندلس لبني أُميَّة وَأَبُو مُحَمَّد هَذَا من مُلُوك الطوائف الصغار ورث الْملك بمعقل الْبِنْت عَن أَبِيه جده ودام فِيهِ مَشْهُورا مَقْصُودا ممدوحاً إِلَى أَن أَخذه مِنْهُ أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين وَحمله إِلَى العدوة فأسكنه بسلا وَفِيه يَقُول صَاحب القلائد رجل زهت بِهِ الرياسة وَالتَّدْبِير وجبل دونه يلملمٌ وثبير ذووقارٍ لَا يستفزُّ وَلَو دارت عَلَيْهِ الْعقار وَضعته الدولة فِي مفرقها وأطلعت شمسه فِي أفقها فأظهر جمَالهَا وعطر صباها وشمالها وَمن شعره من المتقارب
(خلعت عَن الْملك لكنني
…
عَن الصَّبْر وَالْمجد لَا أُخلع)
(رماني الزَّمَان بأزرائه
…
وغيري من خطبه يجزع)
(فَلَيْسَ فُؤَادِي بالملتظي
…
وَلَا مقلتي حسرةً تَدْمَع)
(ولي أمل ليته لم يكن
…
فكم ذَا يغر وَكم يخدع)
ابْن الْأمين عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو مُحَمَّد الْأمين بن الرشيد كَانَ أديباً مليح الشّعْر كَانَ ينادم الواثق أورد لَهُ الصولي قَوْله من السَّرِيع
(حَار على وجنته مدمعه
…
وَزَالَ عَمَّا قد رجا مطمعه)
)
(من حب ظبيٍ لَك من وَجهه
…
إِذا تجلى قمرٌ يطلعه)
(أعطي رق الْحسن ملكا فَمَا
…
أصبح عَنهُ أحدٌ يمنعهُ)
(فِي خَدّه من صُدْغه عقربٌ
…
تلسع من شَاءَ وَلَا تلسعه)
ابْن يزْدَاد وَزِير المستعين عبد الله بن مُحَمَّد بن يزْدَاد بن سُوَيْد الْمروزِي أَبُو صَالح الْكَاتِب ولي الوزارة للمستعين بعد أَحْمد بن الخصيب مديدة ثمَّ صَعب على الموَالِي أمره وخاصمه بغا الصَّغِير لِأَنَّهُ كَانَ مَنعه إقطاعه فتهدده بِالْقَتْلِ ثمَّ وزر للمستعين ثَانِيًا بعد قتل الْوَزير شُجَاع أَو تامش وَجعل إِلَيْهِ الْعرض وديوان الْقَبْض والخاتم ودور الضَّرْب وَكِتَابَة ابْنه الْعَبَّاس حَتَّى تنكر لَهُ بغا الشرابي وألب عَلَيْهِ الأتراك فهرب إِلَى بَغْدَاد وَكَانَت وزارته أَرْبَعَة أشهرٍ وأياماً وَلم يزل بالكرخ مستتراً عِنْد بعض التُّجَّار إِلَى أَن أدْركهُ أَجله وَدفن فشاع مَوته ونبش حَتَّى رئي ثمَّ ورد فِي قَبره وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ومدحه البحتري وَغَيره من الشُّعَرَاء وَيُقَال إِنَّه امتدحه قومٌ من الشُّعَرَاء فَأمر لَهُم بِثَلَاثَة دَرَاهِم وَكتب إِلَيْهِم من السَّرِيع
(قيمَة أَشْعَاركُم درهمٌ
…
عِنْدِي وَقد زودتكم درهما)
(وَدِرْهَم قيمَة قرطاسكم
…
فانصرفوا قد نلتم مغنما)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(كفى حزنا أَنِّي بقربك نازلٌ
…
وحالي حَال النازح المتباعد)
(وَأَنِّي ليلى مَا أَنَام صبَابَة
…
وَأَنت قرير الْعين أنعم رَاقِد)
عَبدُوس عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْوراق مولى بني هَاشم كَانَ يلقب عَبدُوس ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة وَقَالَ كَانَ أقدر النَّاس على تأليف سمرٍ وكتابٍ مصورٍ عمل كتابا ذكر فِي آبَاء أبي مُحَمَّد الْحسن بن مخلد ومآثرهم وَكَانَ يَخْدمه ويصحب وَلَده وَكتب إِلَى الْحسن بن مخلد يَوْم فصده من المتقارب
(أيا من لع الْعِزّ والمفخر
…
وَمن وجوده أبدا يشْكر)
(هَديا الْمُلُوك وأبنائها
…
ومنحتها الدّرّ والجوهر)
(وحقك أعظم من حَقّهَا
…
ويتك فِي الْمجد مَا يُنكر)
)
(وَإِنِّي رَأَيْت كَبِير النوا
…
ل فِي جنب معرفوكم يصغر)
(فأهديت للفصد رامشنةً
…
ترائبها الْمسك والعنبر)
(موشحة بجميل الثنا
…
ء ينشدها البدو والحضر)
(سَيبقى على الدَّهْر تذكارها
…
وتفنى الْهَدَايَا وَلَا تذكر)
أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ الشَّافِعِي الدُّود عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَسد أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُحدث نزيل مصر
كَانَ يلقب بالدود سمع من عبد الرحمان ابْن أبي حَاتِم وَغَيره بِالريِّ وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن عبادل وَمُحَمّد بن يُوسُف الْهَرَوِيّ بِدِمَشْق وروى عَنهُ عبد الْكَرِيم بنم عبد الْوَاحِد الحسناباذي وَعبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ وَمُحَمّد مغلس وَأَبُو عمر الطلمنكي وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
ابْن الثلاج عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ الشَّاهِد أَبُو الْقَاسِم ابْن الثلاج أَصله من حلوان ولد سنة سبعٍ وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَحدث عَن أبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأبي بكر بن أبي دَاوُد وَيحيى بن صاعد وَمن بعدهمْ فَأكْثر وروى عَنهُ أَبُو عبد الله الصَّيْمَرِيّ وَمُحَمّد بن عَليّ الوَاسِطِيّ وَأَبُو الْقَاسِم التنوخي وَآخَرُونَ قَالَ مَا بَاعَ أحدٌ من أسلافي الثَّلج إِنَّمَا كَانَ جدي مترفاً يجمع لنَفسِهِ كل فِي سنة ثلجاً كثيرا فَمر بعض الْخُلَفَاء بحلوان فَطلب ثلجاً فَلم يُوجد إِلَّا عِنْد جدي فأهدى إِلَيْهِ فَوَقع عِنْده بموقع وَقَالَ اطْلُبُوا عبد الله الثلاج فغلب عَلَيْهِ قَالَ عبيد الله الازهري كَانَ ابْن الثلاج الحَدِيث على سُلَيْمَان المطلي وَغَيره وَكَذَا تكلم فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
ابْن الزيات عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن بن يحيى أَبُو مُحَمَّد التجِيبِي
وَيعرف بقرطبة بِابْن الزيات
رَحل إِلَى الْعرَاق مرَّتَيْنِ وَسمع من إِسْمَاعِيل الصفار وَمُحَمّد بن يحى بن عمر بن عَليّ بن حَرْب وَعُثْمَان بن السماك وَسمع بِالْبَصْرَةِ من أبي بكر ابْن داسة وَجَمَاعَة وبتنيس من عُثْمَان بن مُحَمَّد السَّمرقَنْدِي وَكَانَ صَدُوقًا كثير الحَدِيث إِلَّا أَن ضَبطه لم يكن جيدا وَكَانَ ضَعِيف الْخط رُبمَا أخل بالهجاء وَكتب النَّاس عَنهُ كثيرا وَكَانَ يتَصَرَّف فِي التِّجَارَة وَهُوَ)
من شُيُوخ أبي عمر ابْن عبد الْبر توفّي سنة تسعين وثلاثمائة
الْجُهَنِيّ الطليطلي الْمَالِكِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن أَسد أَبُو مُحَمَّد الْجُهَنِيّ الطليطلي الأندلسي الْفَقِيه الْمَالِكِي اللّغَوِيّ الْبَزَّاز فقيهٌ أديب مُحدث مُسْند سمع من قَاسم بن أصبغ وَغَيره ورحل وَسمع بِمصْر عبد الله بن جَعْفَر بن الْورْد وَابْن السكن وبمكة أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْمَوْت صَاحب عَليّ ابْن عبد الْعَزِيز كَانَ لَا يعير كتابا إِلَّا لمن يَثِق بِهِ وَلَا يسمع من غير كِتَابه وَيُحب التِّلَاوَة فِي الْمُصحف وامتحن الْحَبْس والقيد أَيَّام الْمَنْصُور بن أبي عامرٍ أخرج من الأندلس ورى عَنهُ أَبُو عمر ابْن عبد الْبر وَهُوَ من كبار أشياخه وَأَبُو الْمطرف ابْن فطيسٍ وَأَبُو عمر ابْن الْحذاء والخولاني وَآخَرُونَ ولد سنة عشرٍ وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
ابْن متويه النسابه عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفرج بن متويه الْقزْوِينِي الْفَقِيه النسابه الْحَافِظ كَانَ متفنناً فِي الْعُلُوم سمع على بن مهرويه وَفِي الرحلة من إِسْمَاعِيل الصفار عبد الله بن شَوْذَب الوَاسِطِيّ وجماعةٍ وَولي قَضَاء خُرَاسَان وروى عَنهُ أَبُو يعلى الخليلي وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
أَبُو مُحَمَّد البافي الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد البُخَارِيّ الْفَقِيه
الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالبافي نزيل بَغْدَاد تفقه على أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَأبي إِسْمَاعِيل الْمروزِي وبرع فِي الْمَذْهَب وَكَانَ ماهراً فِي الْعَرَبيَّة حَاضر البديهة وَهُوَ من أَصْحَاب الْوُجُوه تفقه بِهِ جمَاعَة قَالَ الْخَطِيب أنشدنا أَبُو الْقَاسِم التنوخي قَالَ أنشدنا أَبُو مُحَمَّد البُخَارِيّ لنَفسِهِ من المنسرح
(ثلاثةٌ مَا اجْتَمعْنَ فِي الرجل
…
إِلَّا أسلمنه إِلَى الْأَجَل)
(ذل اغترابٍ وفاقةٌ وَهوى
…
كلهَا سائقٌ على عجل)
(يَا عاذل العاشقين إِنَّك لَو
…
أنصفت رفهتهم عَن العذل)
وَقصد البافي صديقا يزوره فَلم يجده فَكتب لَهُ من الْخَفِيف
(قد حَضَرنَا وَلَيْسَ يقْضى التلاقي
…
نسْأَل الله خير هَذَا الْفِرَاق)
)
(أَن تغب وَإِن لم تغب غب
…
ت كَأَن افتراقنا بِاتِّفَاق)
وَتُوفِّي البافي سنة ثمانٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
الطليطلي النَّحْوِيّ الْمُحدث عبد الله بن مُحَمَّد بن نصر بن أَبيض الْأمَوِي أَبُو الْحسن الطيطلي النَّحْوِيّ الْمُحدث الْحَافِظ نزيل قرطبة روى عَن أبي جَعْفَر بن عون الله وعباس بن أصبغ وَعلي بن مصلح وَأَجَازَ لَهُ تَمِيم بن مُحَمَّد القيرواني وَمُحَمّد بن الْقَاسِم مسْعدَة وعني بِالْحَدِيثِ وَجمعه وَجمع كتابا فِي الرَّد على مُحَمَّد بن عبد الله بن مَسَرَّة وَهُوَ كتابٌ كَبِير وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو عمر بن سميق وَحكم بن مُحَمَّد وَأَبُو إِسْحَاق وَأَبُو جَعْفَر الصاحبان وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة أَو سنة أَرْبَعمِائَة
أَبُو بكر الحناني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن هِلَال أَبُو بكر الحنائي بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون الْمُشَدّدَة الْبَغْدَادِيّ الأديب نزيل دمشق روى عَن يَعْقُوب الْجَصَّاص وَغَيره وثفة الْخَطِيب وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
أَبُو مُحَمَّد الصيريفيني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أَحْمد أَبُو
مُحَمَّد الصيريفيني خطيب صريفين قدم بَغْدَاد مراتٍ وَحدث وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
ابْن اللبان عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان بن عبد السَّلَام الإصبهاني أَبُو مُحَمَّد بن اللبان قَالَ الْخَطِيب كَانَ أحد أوعية الْعلم وَلم أرَ أَجود وَلَا أحسن قِرَاءَة مِنْهُ توفّي سنة ستٍ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
الخفاجي الْحلَبِي عبد الله بن مُحَمَّد بن سعيد بن سِنَان أَبُو مُحَمَّد الْحلَبِي الخفاجي الشَّاعِر أَخذ الْأَدَب عَن أبي الْعَلَاء المعري وَأبي نصر المنازي وَتُوفِّي بقلعة عزاز مسموماً سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَحمل إِلَى قلعة حلب وَصلى عَلَيْهِ الْأَمِير مَحْمُود بن صَالح وَكَانَ يرى رَأْي الشِّيعَة الإمامية وَيرى ذمّ السّلف وَكَانَ قد عصى بقلعة عزاز من أَعمال حلب وَكَانَ بَينه وَبَين أبي نصر)
مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابْن النّحاس الْوَزير لمحمود وَغَيره مودةٌ مؤكدةٌ فَأمر مَحْمُود أَبَا نصر أَن يكْتب إِلَى الخفاجي كتابا يستعطفه ويؤنسه وَقَالَ إِنَّه لَا يَأْمَن إِلَّا إِلَيْك وَلَا يَثِق إِلَّا بك فَكتب إِلَيْهِ كتابا فَلَمَّا فرغ مِنْهُ وَكتب إِن شَاءَ الله تَعَالَى شدد النُّون من إِن شَاءَ الله فَلَمَّا قَرَأَهُ الخفاجي خرج من عزاز قَاصِدا حلب فَلَمَّا كَانَ على ظهر الطَّرِيق أعَاد النّظر فِي الْكتاب فَلَمَّا رأى التشديدة على النُّون أمسك رَأس فرسه وفكر فِي نَفسه وَأَن ابْن النّحاس لم يكْتب هَذَا عَبَثا فلاح لَهُ أَنه أَرَادَ إِن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك فَرجع إِلَى عزاز وَكتب الْجَواب أَنا الْخَادِم الْمُعْتَرف بالانعام وَكسر الْألف من أَنا وشدد النُّون وَفتحهَا فَلَمَّا وقف أَبُو نصر على ذَلِك سر بِهِ وَعلم أَنه قصد إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا مَا داموا فِيهَا وَكتب الْجَواب يسنصوب رَأْيه فَكتب الخفاجي إِلَيْهِ من الْبَسِيط
(خف من أمنت وَلَا تركن إِلَى أحدٍ
…
فَمَا نَصَحْتُك إِلَّا بعد تجريب)
(إِن كَانَت التّرْك فيهم غير وافيةٍ
…
فَمَا تزيد على غدر الأعاريب)
(تمسكوا بوصايا اللؤم بَينهم
…
وَكَاد أَن يدرسوها فِي المحاريب)
واستدعى مَحْمُود أَبَا نصر وَقَالَ أَنْت أَشرت عَليّ بتولية هَذَا الرجل وَلَا أعرفهُ إِلَّا مِنْك وَمَتى لم تفرغ بالي مِنْهُ قتلتك وألحقت بك من بَيْنك وَبَينه حرمةٌ فَقَالَ لَهُ مرني بِأَمْر أمتثله قَالَ تمْضِي إِلَيْهِ وَفِي صحبتك ثَلَاثُونَ فَارِسًا فَإِذا قاربته عرفه بحضورك فَإِنَّهُ يلتقيك فَإِذا حضر وسألك النُّزُول عِنْده وَالْأكل مَعَه فَامْتنعَ وَقل لَهُ أَنِّي حلفتك أَن لَا تَأْكُل زَاده وَلَا تحضر مَجْلِسه حَتَّى يطيعك فِي الْحُضُور عِنْدِي وطاوله فِي المخاطبة حَتَّى تقَارب الظّهْر ثمَّ أدعِ أَنَّك جعت وَأخرج هَاتين الخشكنانجين فَكل أَنْت هَذِه وأطعمه هَذِه فَإِذا استوفى أكلهَا عجل الرُّجُوع إِلَيّ فَإِن منيته فِيهَا فَفعل مَا أمره بِهِ وَلما أكلهَا الخفاجي رَجَعَ أَبُو نصر إِلَى حلب وَرجع الخفاجي عزاز وَلما اسْتَقر بهَا وجد مغصاً شَدِيدا ورعدةً مزعجةً ثمَّ قَالَ قتلني وَالله أخي أَبُو النَّصْر ثمَّ أَمر بالركوب خَلفه ورده ففاتهم وَوصل إِلَى حلب وَأصْبح من الْغَد عِنْد مَحْمُود فَجَاءَهُ من عزاز من أخبرهُ أَن الخفاجي فِي السِّيَاق وَمَات وحُمل إِلَى حلب وللخفاجي من التصانيف كتاب سر الفصاحة كتاب الصرفة كتاب الحكم بَين النّظم والنثر صَغِير كتاب عبارَة الْمُتَكَلِّمين فِي أصُول الدّين كتاب فِي رُؤْيَة الْهلَال كتاب حكم منثورة كتاب الْعرُوض مجدول وَمن شعره من الوافر)
(وَقَالُوا قد تَغَيَّرت اللَّيَالِي
…
وضيعت الْمنَازل والحقوق)
(فأقسم مَا استجد الدَّهْر خلقا
…
وَلَا عدوانه إِلَّا عَتيق)
(أَلَيْسَ يرد عَن فدكٍ عليٌ
…
وَيملك أَكثر الدُّنْيَا عَتيق)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بقيت وَقد شطت بكم النَّوَى
…
وَمَا كنت أخْشَى أنني بعدكم أبقى)
(وعلمتموني كَيفَ أَصْبِر عَنْكُم
…
وأطلب من رق الغرام بكم عتقا)
(فَمَا قلت يَوْمًا للبكاء عَلَيْكُم
…
رويداً وَلَا للشوق نحوكم رفقا)
(وَمَا الْحبّ إِلَّا أَن أعد قبيحكم
…
أَلِي جميلاً والقلى مِنْكُم عشقا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(هَل تَسْمَعُونَ شكايةً من عَاتب
…
أَو تقبلون إنابةً من تائب)
(أم كلما يَتْلُو الصّديق عَلَيْكُم
…
فِي جانبٍ وقلوبكم فِي جَانب)
(أما الوشاة فقد أَصَابُوا عنْدكُمْ
…
سوقاً تنْفق كل قولٍ كَاذِب)
(فمللتم من صابرٍ ورقدتم
…
عَن ساهرٍ وزهدتم فِي رَاغِب)
(وَأَقل مَا حكم الملال عَلَيْكُم
…
سوء القلى وَسَمَاع قَول العائب)
وَمِنْه من الرمل
(مَا على محسنكم لَو أحسنا
…
إِنَّمَا نطلب شَيْئا هينا)
(قد شجانا الْيَأْس من بعدكم
…
فادركونا بِأَحَادِيث المنى)
(وعدوا بالوصل من طيفكم
…
مقلةً تعرف فِيكُم وسنا)
(لَا وسحرٍ بَين أجفانكم
…
فتن الْحبّ بِهِ من فتنا)
(وحديثٍ من مواعيدكم
…
تحسد الْعين عَلَيْهَا الأذنا)
(مَا رحلت العيس عَن أَرْضكُم
…
فرأت عَيْنَايَ شَيْئا حسنا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(عطر الثَّنَاء تعطرت أَوْصَافه
…
وحلت فَكل فمٍ بهَا مَشْغُول)
(مَا كَانَ يعلم قبل صوب ثنائه
…
أَن الْغَمَام المستهل بخيل)
(وَلَو آن للأيام نَار ذكائه
…
مَا كَانَ فِيهَا بكرةٌ وأصيل)
)
وَمِنْه من الْكَامِل
(أملالةً ضيعت ودي بَعْدَمَا
…
وَجَبت عَلَيْك حُقُوقه الأسلاف)
(أم شِئْت تعلم أَن جودك لم يدع
…
شَيْئا وَأَن طباعك الْإِتْلَاف)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(إِذا هجوتكم لم أخش سطوتكم
…
وَإِن مدحت فَمَا حظي سوى التَّعَب)
(فحين لم يَك لَا خوفٌ وَلَا طمعٌ
…
رغبت فِي الصمت إشفاقاً على الْكَذِب)
وَمِنْه وَهِي من الطنانات من الطَّوِيل
(سلا ظَبْيَة الوعساء هَل فقدت خشفا
…
فَإنَّا لمحنا من مرابعها طرفا)
(وقولا لخوط البان فليمسك الصِّبَا
…
علينا فَإنَّا قد عرفنَا بهَا عرفا)
(سرت من هضاب الشَّام وَهِي مريضةٌ
…
فَمَا ظَهرت إِلَّا وَقد كَاد أَن تخفى)
(عليلةُ أنفاسٍ تداوي بهَا الجوى
…
وضعفاً وَلَكنَّا نرجي بهَا ضعفا)
(وهاتفةٍ فِي البان تملي غرامها
…
وتتلو علينا من صبابتها صحفا)
(عجبت لَهَا تَشْكُو الْفِرَاق جَهَالَة
…
وَقد جاوبت من كل ناحيةٍ إلفا)
(ويشجي قُلُوب العاشقين حنينها
…
وَمَا فَهموا مِمَّا تغنت بِهِ حرفا)
(وَلَو صدقت فِيمَا تَقول من الأسى
…
لما لبست طوقاً وَلَا خضبت كفا)
(أجارتنا أذكرت من كَانَ نَاسِيا
…
وأضرمت نَارا للصبابة لَا تطفا)
(وَفِي جَانب المَاء الَّذِي تردينه
…
مواعيد مَا يُنكرُونَ لثما وَلَا خلفا)
(ومهزوزةٍ للبان فِيهَا تمايلٌ
…
جعلن لَهَا فِي كل قافيةٍ وَصفا)
(لبسنا عَلَيْهَا بالثنية لَيْلَة
…
من الود لم يطو الصَّباح لَهَا سجفا)
(كَأَن الدجى لما تولت نجومه
…
مُدبر حربٍ قد هَزَمْنَا لَهُ صفا)
(كَأَن عَلَيْهِ للمجره رَوْضَة
…
مفتحة الْأَنْوَار أَو نثرةً زغفا)
(كأنا وَقد ألقا إِلَيْنَا هلاله
…
سلبناه جَاما أَو فصمنا لَهُ وَقفا)
(كَأَن السها إنسام عينٍ غريقةً
…
من الدمع يَبْدُو كلما ذرفت ذرفا)
(كَأَن سهيلاً فارسٌ عاين الوغى
…
ففر وَلم يشْهد طراداً وَلَا زحفا)
(كَأَن أفول الطّرف طرفٌ تعلّقت
…
بِهِ سنةٌ مَا هَب مِنْهَا وَلَا أغفى)
)
ابْن البواب عبد الله بن مُحَمَّد بن عتاب بن إِسْحَاق بن البواب وَكَانَ يخلف الْفضل بن الرّبيع على حجبة الْخُلَفَاء وَهُوَ شاعرٌ قَلِيل الشّعْر راويةٌ للْأَخْبَار عَن الْخُلَفَاء عارفٌ بأمورهم روى عَنهُ عمر بن شبه ونظراؤه وَلما أُتِي الْمَأْمُون بِشعر ابْن البواب الَّذِي قَالَ فِيهِ من الطَّوِيل
(أيبخل فَرد الْحسن فَرد صِفَاته
…
عَليّ وَقد أفردته بهوىً فَرد)
(رأى الله عبد الله خير عباده
…
فملكه وَالله أعلم بِالْعَبدِ)
(أَلا إِنَّمَا الْمَأْمُون عصمةٌ
…
مميزةٌ بَين الضَّلَالَة والرشد)
قَالَ الْمَأْمُون أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(أعيني جودا وابكيا لي مُحَمَّدًا
…
وَلَا تذخرا دمعاً عَلَيْهِ وأسعدا)
(فَلَا فَرح الْمَأْمُون بِالْملكِ بعده
…
وَلَا زَالَ فِي الدُّنْيَا طريداً مشردا)
هَيْهَات واحدةٌ بِوَاحِد وَلم يصله بِشَيْء وَمن شعره من الطَّوِيل
(أذا أبصرتك الْعين من بعد غايةٍ
…
فأدخلت شكا فِيك أثبتك الْقلب)
(وَلَو أَن ركباً يمموك لقادهم
…
نسيمك حَتَّى يسْتَدلّ بك الركب)
وَوَقع بَين إِسْحَاق وَبَين ابْن البواب شرٌ فَقَالَ ابْن البواب شعرًا ردياً وَنسبه إِلَى إِسْحَاق ليعره بِهِ وَهُوَ من الْخَفِيف
(إِنَّمَا أَنْت يَا عنان سراجٌ
…
زيته الظّرْف والفتيلة عقل)
(أَنْت ريحانةٌ وَرَاح وَلَكِن
…
كل أُنْثَى سواك خلٌّ وبقل)
قَالَ حَمَّاد بن إِسْحَاق فَبلغ ذَلِك أبي فَقَالَ من الْكَامِل
(الشّعْر قد أعيا عَلَيْك فخله
…
وَخذ الْعَصَا واقعد على الْأَبْوَاب)
الْعَطَّار عبد الله بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ المغربي الْمَعْرُوف بالعطار قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شاعرٌ حاذقٌ نقي اللَّفْظ جدا لطيف الإشارات مليح الْعبارَات صَحِيح الاستعارات على شعره ديباجةٌ ورونقٌ يمازجان النَّفس ويملكان الْحس وَفِيه مَعَ ذَلِك قوةٌ ظَاهِرَة قَالَ وَلم أر عطاردياً مثله لَا ترى عينه شَيْئا إِلَّا صَنعته يَده وَكَانَ الْأَمِير حُسَيْن بن ثِقَة الدولة قد أَرَادَهُ للكتابة بعد أَن اسْتَشَارَ الحذاق فدلوه عَلَيْهِ وَلَكِن حَال بَينهمَا رُجُوع حسن إِلَى مصر وَكَانَت لَهُ)
عِنْد عبد الله بن حسن بِمَدِينَة طرابلس حالٌ شريفة وجرايةٌ ووظيفةٌ إِلَى أَن نازعته نَفسه إِلَى الوطن وَمن شعره من الْكَامِل
(أعرضن لما أَن عرضن فَإِن يكن
…
حذرا فَأَيْنَ تلفت الغزلان)
(عطرن جيب الرّيح ثمَّ بعثنها
…
طرب الشجي ورائد الغيران)
(وكأنما أسكرنها فترنمت
…
بحليهن ترنم النشوان)
(يَا بنت ملتحف العجاج كَأَنَّهُ
…
قبسٌ يضيء سناه تَحت دُخان)
(إِذْ ينشر الطن الكماة كَأَنَّمَا
…
يتراجم الفرسان بالفرسان)
وَمِنْه وَهُوَ غَرِيب من مجزوء الوافر
(شَكَوْت إِلَيْهِ جفوته
…
وَمن خَافَ الصدود شكا)
(فَأجرى فِي العقيق الد
…
مر واستبقاه فامتسكا)
(فَقلت مُخَاطبا نَفسِي
…
أرق للوعتي فَبكى)
(فَقَالَت مَا بَكت عينا
…
هـ لَكِن خَدّه ضحكا)
قلت ذكرت هَهُنَا لي بَيْتَيْنِ وهما من الوافر
(بَكَى المحبوب لي لما اجْتَمَعنَا
…
وَكَانَ هَوَاء فرقته تنسم)
(غَلطت فَمَا بَكَى أسفا لبعدي
…
وَلَكِن ثغر ناظره تَبَسم)
وَمن شعر الْعَطَّار من السَّرِيع
(مهفهف الْقَامَة ممشوقها
…
مستملح الخطرة معشوقها)
(فِي طرفه من سقم أجفانه
…
دَعْوَى وَفِي جسمي تحقيقها)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وكأنما المريخ يَتْلُو المُشْتَرِي
…
بَين الثريا والهلال المعتم)
(ملك وَقد بسطت لَهُ يَد معدمٍ
…
فَرمى بدينارٍ إِلَيْهِ وَدِرْهَم)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لله وجنته يَا مَا أميلحها
…
كم بت مُشْتَمِلًا مِنْهَا على حرق)
(أودعت صبري عِنْد الشوق مختبراً
…
مَا تحتهَا وخبأت النّوم فِي الأرق)
(حَتَّى إِذا زَالَ صبح الثَّوْب عَنهُ بدا
…
ليلٌ تزين فِي أَعْلَاهُ بالشفق)
)
(كدوحة الْورْد رَوَاهَا الحيا فَبَدَا
…
نوارها وتوارى الشوك بالورق)
وَمِنْه من الْكَامِل
(يَا رب كأس مدامةٍ باكرتها
…
وَالصُّبْح يرشح من جبين الْمشرق)
(وَاللَّيْل يعثر بالكواكب كلما
…
طردته رايات الصَّباح الْمشرق)
ابْن قَاضِي مَيْلَة عبد الله بن مُحَمَّد بن قَاضِي مَيْلَة بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بليدةٌ من إفريقية
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شاعرٌ لسنٌ مقتدر يُؤثر الِاسْتِعَارَة وَيكثر الزّجر والعيافة ويسلك طَرِيق ابْن أبي ربيعَة وَأَصْحَابه فِي نظم الْأَقْوَال والحكايات وَله فِي الشّعْر قدمٌ سابقةٌ ومجالٌ متسعٌ وَرُبمَا بلغ الإغراق والتعمق إِلَى فَوق الْوَاجِب هُوَ لهجٌ بذلك مطالبٌ لَهُ صحب أَبَاهُ إِلَى جَزِيرَة صقيلة وَكَانَ مفخماً حاذقاً فَعرف ثِقَة الدولة بِسَبَبِهِ واتصل لاتصاله بِهِ فأوطن الْبَلَد وصنع فِيهِ قصيدته الفائية وَمَا أعلم لأحدٍ فِي وَزنهَا ورويها مثلهَا فأجزل صلته وَقرب مَنْزِلَته وألحقه فِي أحد دواوين الْخَاصَّة وَأول هَذِه القصيدة من الطَّوِيل
(يذيل الْهوى دمعي وقلبي المعنف
…
وتجني جفوني الوجد وَهُوَ مُكَلّف)
(وَإِنِّي ليدعوني إِلَى مَا شنفته
…
وَفَارَقت مغناه الأغن المشنف)
(وأحور ساجي الطّرف أما وشاحه
…
فصفرٌ وَأما وَقفه فموقف)
(يطيب أجاج المَاء من نَحْو أرضه
…
يجيئ ويندى رِيحه وَهُوَ حرجف)
(وأيأسني من وَصله أَن دونه
…
متالف تسري الرّيح فِيهَا فتتلف)
(وغيران يجفو النّوم كي لَا يرى لنا
…
إِذا نَام شملاً فِي الْكرَى يتألف)
(يظل على مَا كَانَ من قرب دَارنَا
…
وغفلته عَمَّا مضى يتأسف)
(وجونٍ مزن الرَّعْد يستن ودقه
…
يرى برقه كالحية الصل تطرف)
(كَأَنِّي إِذا مَا لَاحَ والرعد معولٌ
…
وجفن السَّحَاب الجون بِالْمَاءِ يذرف)
(سليمٌ وَصَوت الرَّعْد راقٍ وودقه
…
كنفث الرقى من سوء مَا أتكلف)
(ذكرت بِهِ رياً وَمَا كنت نَاسِيا
…
فأذكر لَكِن لوعةٌ تتضعف)
(وَلما الْتَقَيْنَا محرمين وسيرنا
…
بلبيك تطوى والركائب تعسف)
(نظرت إِلَيْهَا والهدايا كَأَنَّمَا
…
غواربها مِنْهَا عواطس رعف)
)
(فَقَالَت أما مِنْكُن مَا يعرف الْفَتى
…
فقد رَابَنِي من طول مَا يتشوف)
(أرَاهُ إِذا سرنا يسير حذاءنا
…
ونوقف أَخْفَاف الْمطِي فَيُوقف)
(فَقلت لتربيها ابلغاها بأنني
…
بهَا مستهامٌ قَالَتَا نتلطف)
(وقولا لَهَا يَا أم عمرٍ أَلَيْسَ ذَا
…
منى والمنى فِي خيفةٍ لَيْسَ تخلف)
(فَقَالَت فِي أَن تبذلي طارف الوفا
…
بِأَن عَن لي مِنْك البنان الْمطرف)
(وَفِي عرفاتٍ مَا يخبر أنتي
…
بعارفةٍ من عطف قَلْبك أسعف)
(وَأما دِمَاء الْهَدْي فَهِيَ تواصل
…
ورأي يراني فِي الْهوى متألف)
(وتقبيل ركن الْبَيْت إقبال دولةٍ
…
لنا وزمانٌ بالتحية يعْطف)
(فأوصلتا مَا قلته فتبسمتْ
…
وقالْ أحاديثُ العيافة زخرف)
(بعيشي ألم أخبركما أَنه امرؤٌ
…
على لَفْظَة برد الْكَلَام المفوف)
(فَلَا تأمنا مَا استطعتما كيد نطقه
…
وقولا ستدري أَيّنَا الْيَوْم أعيف)
(إِذا كنت ترجو فِي منى الْفَوْز بالمنى
…
فبا لخيف من إعراضنا تتخوف)
(وَقد أنذر الْإِحْرَام أَن وصالنا
…
حرَام وَأَنا عَن مرادك نصدف)
(فَهَذَا وقذفي بالحصا لَك مخبرٌ
…
بِأَن النَّوَى بِي عَن دِيَارك تقذف)
(وحاذر نفاري لَيْلَة النَّفر إِنَّه
…
سريعٌ فقلبي بالعيافة أعرف)
(فَلم أر مثلينا خليلي محبةٍ
…
لكل لسانٌ ذُو غرارين مرهف)
(إِمَّا إِنَّه لَوْلَا الأغن المهفهف
…
وأشنب براقٌ وأحور أَوْطَفُ)
(لراجع مشتاقٌ ونام مسهدٌ
…
وأيقن مرتابٌ وأقصر مدنف)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ومدامةٍ عني الرضاب بمزجها
…
فأطابها وأدارها التَّقْبِيل)
(ذهبيةٍ ذهب الزَّمَان بجسمها
…
قدماً فَلَيْسَ لوصفها تَحْصِيل)
(بتنا وَنحن على الْفُرَات نديرها
…
وَهنا فأشرق من سناها النّيل)
(فَكَأَنَّهَا شمس وكف مديرها
…
فِينَا ضحى وفم النديم أصيل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(محياً ترى الأتراب أشخاصها بِهِ
…
جرى فِيهِ رقراق النضارة مذهبا)
)
(إِذا زَارَهُ ذُو لوعةٍ لَاحَ شخصه
…
إِلَى الْحول فِي إفرنده متنصبا)
(فاعجب بوجهٍ حسنه من وشاته
…
ينم على من زَارَهُ متنقبا)
(بَدَت صور العشاق فِي مَاء خَدّه
…
فأغنت رَقِيب الْحَيّ أَن يترقبا)
الجراوي عبد الله بن مُحَمَّد الجراوي تأدب بجراوة دخل الْمغرب قَالَ ابْن رَشِيق قدم إِلَى الحضرة سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة مُتَعَلقا بِالْخدمَةِ وَكَانَ شَاعِرًا فحلاً قَوِيا وصافاً درباً بالْخبر والنسيب جيد الفكرة والخاطر تحسب بديهته رويةً عميدي الترسيل يتحدر كَلَامه كالسيل وَكَانَ حسن الْخلق جميل الْعشْرَة مدمناً على الشَّرَاب متغارقاً فِيهِ مزاحا سَأَلَهُ أَيُّوب مرّة أَي بروج السَّمَاء لَك فَقَالَ وَاعجَبا مِنْك مَالِي فِي الأَرْض بيتٌ يكون لي برجٌ فِي السَّمَاء فَضَحِك وَأمر لَهُ بدارٍ جواره وَقَالَ يَوْمًا وَقد تعدى الْمعز فِي موكبه أجيزوا من الْبَسِيط لله دَرك اي ابنٍ لأي أَب فَقَالَ ابْن رَشِيق مَا أشبه الشبل بالضرغامة الدَّرْب فَقَالَ الجراوي
هَذَا الْمعز لدين الله محتسباً فَقَالَ ابْن رَشِيق لَا من سواهُ وَلَيْسَ الأسم كاللقب وَقَالَ يصف الديك من المتقارب
(وكائن نفى النّوم عَن عترفان
…
بديع الملاحة حُلْو الْمعَانِي)
(بأجفان عَيْنَيْهِ ياقوتتان
…
كَأَن وميضهما جمرتان)
(على رَأسه التَّاج مستشرقاً
…
كتاج ابْن هُرْمُز فِي المهرجان)
(وقرطان من جوهرٍ أَحْمَر
…
يزينانه زين قرط الحصان)
(لَهُ عنقٌ حولهَا رونقٌ
…
كَمَا حوت الْخمر إِحْدَى القناني)
(ودارٌ نزايله حولهَا
…
كَمَا نورت شعرةُ الزَّعْفَرَان)
(ودارت بجؤجؤه حلةٌ
…
تروق كَمَا راقك الخسرواني)
)
(فَقَامَ لَهُ ذنبٌ معجبٌ
…
كباقةِ زهرٍ بَدَت من بنان)
(وقاس جنَاحا على سَاقه
…
كَمَا قيس شبرٌ على خيزران)
(وصفق تصفيق مستهترٍ
…
بمحمرةٍ من بَنَات الدنان)
(وغرد تغريد ذِي لوعةٍ
…
يبوح بأشواقه للغواني)
وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَقد بلغت سنة نيفاً وَأَرْبَعين سنة وَكَانُوا قد أغروا بِهِ الْقَائِد حَمَّاد بن سيف فَدس عَلَيْهِ من قَتله لَيْلًا قَالَ ابْن رَشِيق حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا قَالَ غدونا إِلَى حَانُوت عبد الله بن الحادرة أحد الجراويين وَهُوَ موصوفٌ بِالْكَرمِ وَبَين يَدَيْهِ طفلةٌ فَقَالَ إشهدوا أَن هَذِه الطفلة فِي كفالتي إِلَى أَن تصلح للنِّكَاح فَإِن صلح لَهَا وَلَدي فلانٌ فعلي مهرهَا وَخَمْسُونَ دِينَارا وازنةً لشوارها نَقْدا وَإِن لَا فالخمسون صَدَقَة عَلَيْهَا لوجه الله فقد رَأَيْت البارحة أَبَاهَا رحمه الله يوبخني بِسَبَبِهَا وأنشدني من الْكَامِل
(قَتَلُوهُ لَا لخيانةٍ عرفت لَهُ
…
إِلَّا لفضل براعة الشُّعَرَاء)
(أمروا بِهِ من غير ذنبٍ واجبٍ
…
أكذا تكون صنائع الْأُمَرَاء)
فاتصلا بحمادٍ فأسف على الجراوي
ابْن الْبَغْدَادِيّ المغربي عبد الله بن مُحَمَّد من أهل قفصة كَانَ أَبوهُ
ظريفاً فلقب الْبَغْدَادِيّ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج وَطَرِيق عبد الله فِي الشّعْر خارجةٌ عَن طرقات أهل الْعَصْر تعالياً وتغالياً كَأَنَّهُ جاهلي المرمى ملوكي المنتمى يخاله السَّامع فحلاً يهدر أَو أسداً يزأر وَله أمثالٌ واستعاراتٌ على حدةٍ من الْكَلَام وَفِي جهةٍ من البلاغة وَكَانَت لَهُ من عبد الله بن حسن مكانةٌ ثمَّ تغير عَلَيْهِ فداجاه إِلَى أَن تخلص مِنْهُ إِلَى جَزِيرَة صقلية بحيلةٍ كَانَت مِنْهُ ثمَّ ورد الحضرة ثمَّ انْتقل إِلَى طرابلس ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى مصر سنة أَرْبَعمِائَة وَكَانَت لَهُ بِمصْر وقعات فَخرج مِنْهَا مترقباً ثمَّ مَاتَ بالحضرة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَقد بلغ قَرِيبا من السِّتين وَقَالَ لما سَار إِلَى مصر وَكتب بهَا إِلَى أَبِيه من الْخَفِيف
(لَيْت شعري هَل ساءك الْبعد لما
…
قلت مثلي من حرقةً لَيْت شعري)
(وبرغم المُرَاد أزعجني المق
…
دَار قسراً وَكَانَ للقسر قصري)
(قل لمن جَاءَ زائري عِنْد أَهلِي
…
سَار عَنْهُم وَصَارَ من أهل مصر)
)
(غير أَنِّي سلوت عَن لَذَّة الرا
…
ح على طيب مخبري عِنْد سكري)
(أَيهَا الدَّهْر قد تبينت صبري
…
فاصطنعني حَتَّى ترى كَيفَ شكري)
وَمن شعره من الْكَامِل
(مَا كل من عرف التغزل باسمه
…
يجد الَّذِي أدنى إِلَيّ خلوبا)
(أَعْطَيْت فضل زِمَام قلبِي أَحْمَر ال
…
خدين مَكْحُول الجفون ربيبا)
(ويطيب لي حل الغدائر عابثاً
…
بيَدي وَحكي بَينهُنَّ الطيبا)
(وَإِذا الْعُيُون أردن قتل متيمٍ
…
كسبنه بجفونهن ذنوبا)
(وَلكم جريت مَعَ الزَّمَان كَمَا جرى
…
ومشيت فِي حلق الكبول دبيبا)
(وَرَأَيْت مَاء المزن بَين شبا القنا
…
وَالْبيض فِي قَعْب الْوَلِيد حليبا)
(وَإِذا أرابني الزَّمَان بصرفه
…
أخرجت من أخلاقه التأديبا)
(وَالسيف أجمل مَا ترَاهُ مضرجاً
…
والمرء أخيب مَا يكون هيوبا)
(وَاللَّيْل صَاحب كل ليثٍ باسلٍ
…
وَلَقَد أكون لَهُ وَكنت صحوبا)
مِنْهَا يذكر المريخ من الْكَامِل
(وَكَأَنَّهُ سيف الزَّمَان مُجَردا
…
للنائبات فَلَا يزَال خضيبا)
(وكأنني لتلاعب الْأَيَّام بِي
…
رجلٌ لبست ثِيَابهَا مقلوبا)
أَبُو بكر ابْن أبي الدُّنْيَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد بن سُفْيَان بن قيس الْقرشِي مولى بني أُميَّة يعرف بِابْن أبي الدُّنْيَا
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة إِحْدَى ومولده سنة ثمانٍ وَمِائَتَيْنِ وَصلى عَلَيْهِ يُوسُف بن يَعْقُوب القَاضِي وَكَانَ يُؤَدب المكتفي بِاللَّه فِي حداثته وَهُوَ أحد الثِّقَات المصنفين للْأَخْبَار وَالسير وَله كتبٌ كَثِيرَة تزيد على مائَة كتابٍ كتب إِلى المعتضد وَابْنه المكتفي وَكَانَ مؤدبهما من الْخَفِيف
(إِن حق التَّأْدِيب حق الْأُبُوَّة
…
عِنْد أهل الحجى وَأهل الْمَرْوَة)
(وأحق الْأَنَام أَن يعرفوا ذَا
…
ك وبرعوه أهل بَيت النبوه)
قَالَ كنت أؤدب المكتفي فأقرأته يَوْمًا كتاب الفصيح فأخطاً ففرصت خَدّه قرصةً شَدِيدَة فَانْصَرَفت فَإِذا قد لَحِقَنِي رشيقٌ الْخَادِم فَقَالَ يُقَال لَك لَيْسَ من التَّأْدِيب سَماع الْمَكْرُوه فَقلت)
سُبْحَانَ الله أَنا لَا أسمع الْمَكْرُوه غلامي وَلَا أمتِي قَالَ فَخرج إِلَيّ وَمَعَهُ كاغذٌ قَالَ يُقَال لَك صدقت يَا أَبَا بكر وَإِذا كَانَ يَوْم السبت تَجِيء على عادتك فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت جِئْت فَقلت أَيهَا الْأَمِير تَقول عني مَا لم أقل فَقَالَ نعم يَا مؤدبي من فعل مَا لم يجب قيل عَنهُ مَا لم يكنّ وَسمع من الْمَشَايِخ وَلم يسمع من أَحْمد بن حَنْبَل وروى عَنهُ جمَاعَة قَالَ ابْن أبي حَاتِم كتبت عَنهُ مَعَ أبي وَهُوَ صَدُوق وَكَانَ إِذا جَالس أحدا إِن شَاءَ أضحكه وَإِن شَاءَ أبكاه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقع لنا جملةٌ صَالِحَة من مصنفاته وَآخر من روى حَدِيثه بعلوًّ الشَّيْخ فَخر الدّين ابْن البُخَارِيّ
أَبُو مُحَمَّد التوزي اللّغَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون التوزي وَيُقَال التوجي أَبُو مُحَمَّد مولى قُرَيْش توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ أَخذ عَن أبي عُبَيْدَة
والأصمعي وَأبي زيد وَهُوَ من أكَابِر أَئِمَّة اللُّغَة قَرَأَ على أبي عمر الْجرْمِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَكَانَ فِي طبقته فِي غير ذَلِك من الْعُلُوم قَالَ الْمبرد كَانَ التوزي أعلم من الرياشي والمازني وَله من التصانيف كتاب الْأَمْثَال كتاب الأضداد كتاب الْخَيل وسبقها وشياتها
وَقَالَ خَالِد النجار يَهْجُونَ من الْكَامِل المرفل
(يَا من يزِيد تمقتاً
…
وتبغضاً فِي كل لحظه)
(وَالله لَو كنت الْخَلِيل
…
لما كتبنَا عَنْك لَفظه)
النَّاشِئ الشَّاعِر الْمُتَكَلّم عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس النَّاشِئ الشَّاعِر الْمُتَكَلّم الْمَعْرُوف بِابْن شرشير أَصله من الأنبار وَسكن مصر بَغْدَاد وَهُوَ معدودٌ فِي طبقَة البحتري وَابْن الرُّومِي وَله قصيدةٌ نَحْو من أَرْبَعَة آلَاف بيتٍ فِيهَا فنونٌ من الْعلم وَهِي على رويٍّ واحدٍ وقافيةٍ واحدةٍ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَقد قَرَأت بعض كتبه فدلتني على هوسه واختلاطه لِأَنَّهُ أَخذ نَفسه بِالْخِلَافِ على أهل الْمنطق وَالشعر والعروضيين وَغَيرهم ورام أَن يحدث لنَفسِهِ أقوالاً ينْقض بهَا مَا هم عَلَيْهِ فَسقط فِي بَغْدَاد فلجأ إِلَى مصر وَأقَام بهَا بَقِيَّة عمره إِلَى أَن مَاتَ سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
قيل إِن سَبَب مَوته كَانَ عجبا وَهُوَ أَنه كَانَ فِي جماعةٍ على شرابٍ فَجرى ذكر الْقُرْآن وَعَجِيب نظمه فَقَالَ ابْن شرشير كم تَقولُونَ لوشئت وَتكلم بكلامٍ عظيمٍ فأنكروا عَلَيْهِ ذَلِك)
فَقَالَ إيتوني بقرطاسٍ ومحبرةٍ فأحضر لَهُ ذَلِك فَقَامَ وَدخل بَيْتا فانتظروه فَلَمَّا طَال انْتِظَاره قَامُوا ودخلوا إِلَيْهِ فَإِذا القرطاس مَبْسُوطا وَإِذا النَّاشِئ فَوْقه ممتداً فحركوه فَإِذا هُوَ ميت وَكَانَ السَّبَب فِي تلقبه بالناشئ أَنه دخل مَجْلِسا فِيهِ أهل الجدل فَتكلم فَأحْسن على مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فجود وَقطع من ناظره فَقَامَ شيخٌ مِنْهُم فَقبل رَأسه وَقَالَ لَا أعد منا الله مثل هَذَا النَّاشِئ أَن يكون فِينَا فينشأ فِي كل وقتٍ لنا مثله فَاسْتحْسن أَبُو الْعَبَّاس هَذَا الِاسْم وتلقب بِهِ وَمن شعره من المتقارب
(بَكت للفراق وَقد راعني
…
بكاء الحبيب لبعد الديار)
(كَأَن الدُّمُوع على خدها
…
بَقِيَّة طل على جلنار)
وَله فِي دَاوُد بن عَليّ الظَّاهِرِيّ من الطَّوِيل
(أَقُول كَمَا قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد
…
وَإِن قست بَين اللَّفْظ وَاللَّفْظ فِي الشّعْر)
(عذلت على مَا لَو علمت بِقَدرِهِ
…
بسطت مَكَان اللوم والعذل من عُذْري)
(جهلت وَلم تَدْرِي بأنك جاهلٌ
…
فَمن لي بِأَن تَدْرِي بأنك لَا تَدْرِي)
وَقَالَ من الْبَسِيط
(أشدد يَديك بِمن تهوى فَمَا أحدٌ
…
يمْضِي فيدرك حيٌّ بعده خلفا)
(واسعتب الْحر إِن أنْكرت شيمته
…
فالحر يسْتَأْنف العتبى إِذا أنفًا)
(من ذَا الَّذِي نَالَ حظاً دون صَاحبه
…
يَوْمًا فأنصفه فِي الود وانتصفا)
قَالَ مُحَمَّد بن خلف بن الْمَرْزُبَان إجتمع عِنْدِي أَحْمد بن أبي طَاهِر والناشئ وَمُحَمّد بن عروس فدعوت لَهُم مغنيةً فَجَاءَت وَمَعَهَا رقيبةٌ لم ير النَّاس أحسن مِنْهَا فَلَمَّا شربوا أَخذ النَّاشِئ رقْعَة وَكتب فِيهَا من المتقارب
(فديتك لَو أَنهم أنصفوك
…
لردوا النواظر عَن ناظريك)
(تردين أَعيننَا عَن سواك
…
وَهل تنظر الْعين إِلَّا إِلَيْك)
(وهم جعلوك رقيباً علينا
…
فَمن ذَا يكون رقيباً عَلَيْك)
(ألم يقرأوا ويحهم مَا يرَوْنَ
…
من وَحي حسنك فِي وجنتيتك)
وَقَالَ النَّاشِئ يصف أَصْحَابه من الْبَسِيط
(وَلَو شهِدت مقاماتي وأنديتي
…
يَوْم الْخِصَام وَمَاء الْمَوْت مطرد)
)
(فِي فتيةٍ لم يلاق النَّاس مذ وجدوا
…
لَهُم شَبِيها وَلَا يلقون إِن فقدوا)
(مجاورو الْفضل أفلاك العلى سبل الت
…
قوى مَحل الْهدى عمد النهى الوطد)
(كَأَنَّهُمْ فِي صُدُور النَّاس أفئدةٌ
…
تحس مَا أخطأوا فِيهَا وَمَا عَمدُوا)
(يبدون للنَّاس مَا تخفي ضمائرهم
…
كَأَنَّهُمْ وجدو مِنْهَا الَّذِي وجدوا)
(دلوا على بَاطِن الدُّنْيَا بظاهرها
…
وَعلم مَا غَابَ عَنْهُم بِالَّذِي شهدُوا)
(مطالع الْحق مَا من شبهةٍ غسقت
…
إِلَّا وَمِنْهَا لديهم كوكبٌ يقد)
وَمن شعره النَّاشِئ من الْبَسِيط
(وشادان مَا تولى وَصفه أحدٌ
…
إِلَّا تلجلج فِي الْوَصْف الَّذِي وَصفا)
(يلوح فِي خَدّه وردٌ على زهرٍ
…
يعود من حسنه غضاً إِذا قطفا)
(لَا شَيْء أعجب من جفينه إنَّهُمَا
…
لَا يُضعفَانِ القوى إِلَّا إِذا ضعفا)
لنيسابوري اللّغَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن هَانِئ النَّيْسَابُورِي أَبُو عبد الرحمان مَاتَ سنة ستٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
روى عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ يحْكى أَنه أنْفق على الْأَخْفَش سعيد بن مسْعدَة اثْنَي عشر ألف دينارٍ وبيعت كتبه بِأَرْبَع مائَة ألف درهمٍ قَالَ شمر بن حَمْدَوَيْه كنت عِنْد أبي عبد الرحمان فَجَاءَهُ وكيلٌ لَهُ فحاسبه فَبَقيَ وكيلٌ لَهُ فحاسبه فَبَقيَ لَهُ خمس مائَة دِرْهَم فَقَالَ لَهُ أَي شيءٍ أصنع بهَا قَالَ تصدق بهَا وَكَانَ قد أعد دَارا لكل من يقدم عَلَيْهِ من المستفيدين فيأمر بإنزاله فِيهَا ويزيح علله فِي النَّفَقَة والرزق ويوسع النّسخ عَلَيْهِ وَله كتاب نَوَادِر الْعَرَب وغرائب ألفاظها يربى على ألفي ورقة سمع شمرٌ مِنْهُ بعض هَذَا الْكتاب
ابْن وداع الْوراق عبد الله بن مُحَمَّد بن وداع بن الزياد بن هاني الْأَزْدِيّ أَبُو عبد الله كَانَ وراقاً حسن الْمعرفَة صَحِيح الْخط يرغب النَّاس فِي خطه وَكَانَ لخطه نفاقٌ وثمنٌ ونفاسةٌ توفّي
ابْن فأر اللَّبن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَارِث معِين الدّين الْأنْصَارِيّ أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بِابْن فأر اللَّبن
شيخٌ متميز مسن وَهُوَ آخر من روى عَن الشاطبي روى عَنهُ القصيده الشَّيْخ حسن الرَّشِيدِيّ وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَبدر الدّين الْجَوْهَرِي توفّي سنة أربعٍ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة)
ابْن أبي الْجُوع الْوراق عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْجُوع النَّحْوِيّ الأديب الْوراق من أهل مصر كَانَ مليح الْخط جيد الضَّبْط وخطه مرغوبٌ فِيهِ وَكَانَ لَهُ تحققٌ باللغة والنحو والبلاغة وَقَول الشّعْر وصل إِلَيْهِ من الْعَزِيز وَابْنه الْحَاكِم جملةٌ كَبِيرَة على الوراقة وَقد أدْرك المتنبي وَأَيَّام كافور وَمَات بِمصْر سنة خمسٍ وَتِسْعين وثلاثمائة قَالَ كَانَ لي على الْوَزير ابْن خنزابة وعدٌ مطلني بِهِ مطلاً ضَاقَ بِهِ صَدْرِي فَعمِلت فِيهِ من مجزوء الرمل
(تاه جهلا بالفرات
…
أحمقٌ ذُو نزوات)
(قَالَ لي أهيف عَنهُ
…
وَهُوَ من إِحْدَى الثِّقَات)
(إِنَّه يجمع بالم
…
يم رُؤُوس الألفات)
قَالَ وكتبتها فِي رقعةٍ وكتبت فِي أُخْرَى إِلَيْهِ أتنجزه الْوَعْد وَاتفقَ لقائي لَهُ على عجلةٍ فَأَرَدْت أَن أعرض عَلَيْهِ الْقِصَّة فَدفعت إِلَيْهِ الأبيات غَلطا فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ لعنك الله قد غَلطت وأعادها إِلَيّ وَالْتمس الْأُخْرَى فدفعتها إِلَيْهِ وَعِنْدِي من الخجل مَا يَقْتَضِيهِ مثل تِلْكَ الْحَال فَأَخذهَا وَوَقع فِيهَا بِمَا أردْت فَقلت لَك عَليّ مَعَ مَا تكرمت بِهِ من الْحلم أَن لَا يسْمعهَا أحدٌ مني
أَبُو مُحَمَّد الْخطابِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن حَرْب بن خطاب الْخطابِيّ أَبُو مُحَمَّد من نحاة الْكُوفَة وَكَانَ شَاعِرًا يغلب عَلَيْهِ السخف والألفاظ الغريبة لَهُ كتاب النَّحْو الْكَبِير كتاب النَّحْو الصَّغِير كتاب عَمُود النَّحْو كتاب المكتم فِي النَّحْو
أَبُو الْحسن الخراز النَّحْوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن سُفْيَان الخراز النَّحْوِيّ أَبُو الْحسن أَخذ عَن الْمبرد وثعلب وَغَيرهمَا وَمَات سنة خمسٍ وَعشْرين وثلاثمائة وَكَانَ معلما فِي دَار الْوَزير عَليّ بن عِيسَى بن الْجراح وَهُوَ الَّذِي صنف كتاب الْمعَانِي وخلط المذهبين وَله مصنفات فِي عُلُوم الْقُرْآن مِنْهَا كتابٌ مُخْتَصر فِي علم الْعَرَبيَّة الْمَقْصُور والممدود الْمُذكر والمؤنث كتاب مَعَاني الْقُرْآن كتاب أَعْيَان الْحُكَّام أَلفه لأبي الْحُسَيْن بن أبي عمر القَاضِي كتاب أعياد النُّفُوس فِي الْعلم كتاب رَمَضَان وَمَا قيل فِيهِ
ابْن الْأَكْفَانِيِّ قَاضِي بَغْدَاد)
عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم أَبُو
مُحَمَّد الْأَسدي الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْأَكْفَانِيِّ قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد أنْفق على أهل الْعلم مائَة ألف دينارٍ وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَأَرْبَعمِائَة
ابْن الفرضي الْقُرْطُبِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن نصرٍ الْأَزْدِيّ الْحَافِظ أَبُو الْوَلِيد ابْن الفرضي الْقُرْطُبِيّ مُصَنف تَارِيخ الأندلس لَهُ مصنفٌ فِي أَخْبَار شعراء الأندلس وكتابٌ فِي المؤتلف والمختلف وَفِي مشتبه النِّسْبَة وروى عَنهُ ابْن عبد الْبر وَكَانَ فَقِيها عَالما فِي جَمِيع فنون الْعلم إستقضاه مُحَمَّد الْمهْدي ببلنسية وَكَانَ حسن البلاغة والخط وقتلته البربر فِي الْفِتْنَة وَبَقِي فِي دَاره ثَلَاثَة أَيَّام مقتولاً قَالَ ابْن الفرضي تعلّقت بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَسَأَلت الشَّهَادَة ثمَّ انحرفت وفكرت فِي هول الْقَتْل فندمت وهممت أَن أرجع واستقيل الله ذَلِك فَاسْتَحْيَيْت قَالَ الْحميدِي فَأَخْبرنِي من رَآهُ بَين الْقَتْلَى ودنا مِنْهُ فَسَمعهُ يَقُول بصوتٍ ضعيفٍ لَا يكلم أحدٌ فِي سَبِيل الله وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله إِلَّا وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة وجرحه يثعب دَمًا اللَّوْن لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك كَأَنَّهُ يُعِيد الحَدِيث على نَفسه ثمَّ قضى على أثر ذَلِك وَأنْشد لَهُ ابْن عبد الْبر من الطَّوِيل
(أَسِير الْخَطَايَا عِنْد بابك واقفٌ
…
على وجلٍ مِمَّا بِهِ أَنْت عَارِف)
(يخَاف ذنوباً لم يغب عَنْك عيبها
…
ويرجوك فِيهَا فَهُوَ راجٍ وخائف)
(وَمن ذَا الَّذِي يَرْجُو سواك وَيَتَّقِي
…
وَمَالك من فضل الْقَضَاء مُخَالف)
(فيا سَيِّدي لَا تخزني فِي صحيفتي
…
إِذا نشرت يَوْم الْحساب الصحائف)
(وَكن مؤنسي فِي ظلمَة الْقَبْر عِنْدَمَا
…
يصد ذَوُو ودي ويجفو الموالف)
(لَئِن ضَاقَ عني عفوك الْوَاسِع الَّذِي
…
أرجي لإسرافي فَإِنِّي لتالف)
وَأنْشد الْحميدِي لِابْنِ الفرضي من الْكَامِل
(إِن الَّذِي أَصبَحت طوع يَمِينه
…
إِن لم يكن قمراً فَلَيْسَ بِدُونِهِ)
(ذلي لَهُ فِي الْحبّ من سُلْطَانه
…
وسقام جسمي من سقام جفونه)
الزوزني العبدلكاني عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف العبدلكاني أَبُو مُحَمَّد الزوزني الأديب توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَهُوَ رجلٌ مشهورٌ من الشُّعَرَاء حسن الْكَلَام غزير الْعلم كثير الْحلم سمع الحَدِيث)
وقلما كَانَ ينشط للرواية وَكَانَ خَفِيف الرّوح كثير النَّوَادِر والمضاحك سريع الْجَواب قصير الْقَامَة لَا يزِيد على ذراعين كث اللِّحْيَة نحيف الْجِسْم إِلَّا أَن وَجهه بهيٌّ وَكَانَ يكتحل إِلى قريبٍ من أُذُنَيْهِ فَيصير شهرةً مضحكةً وَكَانَ مُلُوك خُرَاسَان يصطفونه لمنادمتهم وَتَعْلِيم أَوْلَادهم وَله كتاب المرجان فِي الرسائل وَمن شعره من مجزوء الْبَسِيط
(يَا سَيِّدي نَحن فِي زمانٍ
…
أبدلنا الله مِنْهُ غَيره)
(كل خسيسٍ وكل نذل
…
متع بالطيبات أيره)
(وكل ذِي فطنةٍ وعقلٍ
…
بجلد من فقره عميره)
وَمِنْه من مجزوء الْبَسِيط
(لما رَأَيْت الزَّمَان نكساً
…
وَلَيْسَ فِي الْحِكْمَة انْتِفَاع)
(كل رئيسٍ بِهِ ملالٌ
…
وكل رأسٍ بِهِ صداع)
(وكل نذلٍ بِهِ ارتفاعٌ
…
وكل حرٍّ بِهِ اتضاع)
(لَزِمت بَيْتِي وصنعت عرضا
…
بِهِ عَن الذلة امْتنَاع)
(أشْرب مِمَّا ادخرت رَاحا
…
لَهَا على راحتي شُعَاع)
(لي من قراقيرها ندامى
…
وَمن قواريرها سَماع)
(وأجتني من ثمار قومٍ
…
قد أقفرت مِنْهُم الْبِقَاع)
الواثق الصُّمادحي عبد الله بن مُحَمَّد بن معنٍ الواثق عز الدولة بن المعتصم بن صمادح كَانَ أَبوهُ قد ولاه بالمرية عَهده فَلَمَّا أَخذ الملثمون المرية عِنْد موت أَبِيه ركب الواثق الْبَحْر إِلى جِهَة بجاية بِمَا قدر عَلَيْهِ وَأقَام فِي الجزائر تَحت ظلّ بني حَمَّاد سلاطين الغرب الْأَوْسَط وَمن وصف الْحِجَازِي لَهُ قمرٌ عاجله المحاق قبل التَّمام فنشر من
يَدَيْهِ مَا كَانَ عقد أَبوهُ من ذَلِك النظام وَكَانَ قد خصّه بِولَايَة عَهده ورشحه للْملك من بعده وَآل أمره إِلى أَن حل ببجابة فِي دولة بني حَمَّاد مستوحشاً وَقَالَ شعرًا مِنْهُ قَوْله من الطَّوِيل
(لَك الْحَمد بعد الْملك أصبح خاملاً
…
بِأَرْض اغترابٍ لَا أَمر وَلَا أحلي)
(وَقد أصدأت فِيهَا الهوادة منصلي
…
كَمَا نسيت ركض الْجِيَاد بهَا رجْلي)
(وَلَا مسمعي يصغي لنغمة شاعرٍ
…
وكفي لَا تمتد يَوْمًا إِلى بذل)
)
قَالَ وَمَا أَظن أحدا قَالَ فِي عظم الْهم مثل قَوْله من الْبَسِيط
(لييأس النَّاس من همٍّ وَمن كمدٍ
…
فإنني قد جمعت الْهم والكمدا)
(لم أبق مِنْهُ لغيري مَا يحاذره
…
فَلَيْسَ يقْصد دوني فِي الورى أحدا)
وَقَالَ من المجتث
(أَهْوى قضيب لجينٍ
…
قد أطلع الْبَدْر فِيهِ)
(إِن كَانَ موتِي بلحظٍ
…
فَمِنْهُ عيشي يَلِيهِ)
(يَا رب كم اتمنى
…
لقيَاهُ كم أشتهيه)
(وَلَا أرى مِنْهُ شَيْئا
…
سوى جفاءٍ وتيه)
(طُوبَى لدارٍ حوته
…
وَأمه وَأَبِيهِ)
(بل ألف طُوبَى لصبٍّ
…
فِي موضعٍ يلتقيه)
أَبُو بكر القَاضِي الطريثيثي عبد الله بن مُحَمَّد بن طَاهِر الطريثيثي أَبُو بكر القَاضِي وطريثيث بلدٌ من أَعمال نيسابور لَهُ يدٌ باسطة فِي اللُّغَة والنحو وَالْأَدب ورد بَغْدَاد قبل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة لَهُ كتاب الموازنة بَين أبي طَاهِر وطاهر يمدح فِيهِ أَبَا طَاهِر الْخَوَارِزْمِيّ ويذم طَاهِر الطريثيثي وَهُوَ كتابٌ كثير الْفَوَائِد وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَخَمْسمِائة
أَبُو مُحَمَّد الشهراباني عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أبي عِيسَى أَبُو مُحَمَّد من أهل شهرابان وَأقَام بِبَغْدَاد كَانَ لَهُ معرفةٌ بِعلم الْأَدَب والنحو والعربية وَالشعر وَهُوَ مليح الْخط جيد الضَّبْط قَرَأَ على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب ولازمه حَتَّى حصل
طرفا جيدا مِمَّا عِنْده مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّمائَة وَمن شعره من الرمل
(نَحن قومٌ قد تولى حظنا
…
وأتى قومٌ لَهُم حظٌّ جَدِيد)
(وَكَذَا الْأَيَّام فِي أفعالها
…
تخْفض الهضب وتستعلي الوهود)
(إِنَّمَا الْمَوْت حياةٌ لامرئٍ
…
حَظه ينقص والهم يزِيد)
أَبُو مُحَمَّد الأشيري عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ الْأنْصَارِيّ أَبُو مُحَمَّد الاشيري وأشير بلدةٌ فِي أَطْرَاف)
إفريقية كَانَ اُحْدُ الْأَعْلَام والشيوخ الْمَشْهُورين كتب بِيَدِهِ الْكثير من الحَدِيث وَالْأَدب وَدخل الأندلس وَلَقي القَاضِي عياضاً وَورد إِلى الشرق وَحج وَدخل مصر وَالشَّام وحلب وَمَات سنة سبعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ يقْرَأ الحَدِيث فغلط فِي شيءٍ سبقه إِلَيْهِ لِسَانه فَرده عَلَيْهِ بعض الْحَاضِرين فَقبل قَوْله وَقَالَ الْقَارئ أَسِير المستمع وَكَانَ الْوَزير أَبُو المظفر ابْن هُبَيْرَة طلبه من الْعَادِل نور الدّين الشَّهِيد لما صنف كتاب الإفصاح وَجمع أهل الْمذَاهب لأَجله وَقيل لَهُ إِنَّه فقيهٌ مالكي الْمَذْهَب وَلما وصل بَغْدَاد أنزلهُ بدارٍ بَين الدربين وأنعم عَلَيْهِ وأجرى لَهُ الجرايات الْحَسَنَة وَأكْثر مذاكرته ومجالسته وَكَانَ قد بحث يَوْمًا مَعَه فَرد عَلَيْهِ وأغضبه بَين الْجَمَاعَة فَقَالَ لَهُ الْوَزير تهذي لَيْسَ كلامك بِصَحِيح فَمضى الأشيري وَلم يعد إِلى مَجْلِسه فَأرْسل إِلَيْهِ حَاجِبه فَلم يحضر فَرد الْحَاجِب وَقَالَ لَهُ إِن لم يجِئ بعثت إِلَيْهِ ولديّ الْإِثْنَيْنِ فَحَضَرَ فَقَالَ لَهُ لَا بُد أَن تقوم بَين الْجَمَاعَة وتخاطبني بِمَا خاطبتك بِهِ وَحلف على ذَلِك فَلم يفعل فألزمه الْوَزير وَالْجَمَاعَة الْحَاضِرُونَ إِلى أَن قَالَ للوزير كَمَا قَالَ لَهُ وَاعْتذر الْوَزير إِلَيْهِ وَوَصله وَله كتاب الِاشْتِقَاق وَكتاب وجوب الطُّمَأْنِينَة
أَبُو مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن وليد الأندلسي النَّحْوِيّ يعرف بِابْن الْأَسْلَمِيّ كنيته أَبُو مُحَمَّد
كَانَ يخْتم كتاب سِيبَوَيْهٍ كل خَمْسَة عشر يَوْمًا مرّة
وَألف كتبا مِنْهَا كتاب تفقيه الطالبين ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب الْإِرْشَاد إِلى إِصَابَة الصَّوَاب
البلنسي المجلد عبد الله بن مُحَمَّد البلنسي أَبُو مُحَمَّد كَانَ مجلداً فَاضلا قَالَ لَهُ يَوْمًا شهَاب الدّين عبد الْحق بن عبد السَّلَام الصّقليّ وَهُوَ يبشر جلدا لكتابٍ مَا أَنْت إِلَّا بشارٌ فَقَالَ من مجزوء الرمل
(أَنا بشار وَلَك
…
لست بشار بن برد)
(ذَاك بشارٌ لشعرٍ
…
وَأَنا بشار جلد)
المكفوف النَّحْوِيّ القيرواني عبد الله بن مُحَمَّد وَقيل ابْن مَحْمُود أَبُو مُحَمَّد المكفوف النَّحْوِيّ القيرواني كَانَ عَالما بالغريب والعربية وَالشعر وَتَفْسِير المشروحات وَأَيَّام الْعَرَب وأخبارها وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وثلاثمائة وَله كتابٌ فِي الْعرُوض يفضله أهل الْعلم على كل مَا ضنف لما بَين وَقرب وَكَانَ)
يجلس مَعَ حمدون النعجة فِي مكتبه فَرُبمَا اسْتعَار بعض الصّبيان كتابا فِيهِ شعرٌأو غريبٌ أَو شَيْء من أَخْبَار الْعَرَب فيقتضيه صَاحبه إِيَّاه فَإِذا ألح عَلَيْهِ أعلم أَبَا مُحَمَّد المكفوف بذلك فَيَقُول لَهُ إقرأ عَليّ فَإِذا فعل قَالَ أعده ثَانِيَة ثمَّ يَقُول رده على صَاحبه وَمَتى شِئْت تَعَالَى حَتَّى أمليه عَلَيْك وهجاه إِسْحَاق بن خنيسٍ فَأَجَابَهُ المكفوف وَقَالَ من الْبَسِيط
(إِن الخنيسي يهجوني لأرفعه
…
إخسا خنميس فَإِنِّي لست أهجوكا)
(لم تبْق مثلبةٌ تحصى إِذا جمعت
…
من المثالب إِلَّا كلهَا فيكا)
وَكَانَت الرحلة إِلَيْهِ من جَمِيع إفريقية لِأَنَّهُ كَانَ أعلم خلق الله بالنحو واللغة وَالشعر وَالْأَخْبَار
أَبُو مُحَمَّد الغيمي الْمَالِكِي عبد الله بن مُحَمَّد الغيمي بالغين الْمُعْجَمَة مَفْتُوحَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة أَبُو مُحَمَّد المغربي صوام قوامٌ عني بكتب أَشهب وبالمدونة وبكتب ابْن الْمَاجشون وَأخذ الْفِقْه عَن جلة أَصْحَاب ابْن سَحْنُون حمل هُوَ وَأَبُو عبد الله الصدري إِلى الْمهْدي لما ذما التَّشَيُّع فضربهما حَتَّى مَاتَا وصلبهما رضي الله عنهما وَذَلِكَ سنة ثَمَان وثلاثمائة
الْحَافِظ الدينَوَرِي عبد الله بن مُحَمَّد بن وهب بن بشر أَبُو مُحَمَّد الدينَوَرِي الْحَافِظ الْكَبِير طوف الأقاليم وَسمع
كَانَ أَبُو زرْعَة يعجز عَن مذاكرته قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ متروكٌ توفّي سنة ثمانٍ وثلاثمائة
عين الْقُضَاة الميانجي عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن أَبُو الْمَعَالِي عين الْقُضَاة الميانجي بعد الْمِيم آخر الْحُرُوف وَبعدهَا الفٌ وَنون وجيم وميانج بلدٌ بِأَذربِيجَان وَهُوَ من أهل همذان فَقِيه عَلامَة شاعرٌ مفلق يضْرب بِهِ الْمثل فِي الذكاء وَالْفضل وَيتَكَلَّم بإشارات الصُّوفِيَّة وَكَانَ النَّاس يتباركون بِهِ والعزيز المستوفي يُبَالغ فِي تَعْظِيمه فَلَمَّا قتل كَانَ بَينه وَبَين الْوَزير أبي الْقَاسِم إحنٌ فَعمل محضراً بألفاظٍ شنيعةٍ التقطت من تصانيفه فَكتب جماعةٌ بِحل دَمه فَحَمله أَبُو الْقَاسِم الْوَزير إِلَى بَغْدَاد مُقَيّدا ثمَّ رد وصلب بهمذان فِي سنة خمسٍ وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَكَانَ من تلاميذ الْغَزالِيّ وتلاميذ مُحَمَّد بن حمويه وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَقُول لنَفْسي وَهِي طالبة العلى
…
لَك الله من طلابةٍ للعلى نفسا)
(أجيبي المنايا إِن دعتك إِلَى الردى
…
إِذا تركت للنَّاس أَلْسِنَة خرسا)
)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(فَمَا خدع الأجفان بعْدك غفوةٌ
…
وَلَا وطئ الأجفان قبلك أدمع)
وَمن تصانيفه الرسَالَة العلائية أمالي الِاشْتِقَاق الْبَحْث عَن معنى الْبَعْث كتاب زبدة الْحَقَائِق فِي الْحساب الْهِنْدِيّ مُقَدّمَة وَغير ذَلِك
الْكَامِل الْخَوَارِزْمِيّ صَاحب الرحل عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْخَوَارِزْمِيّ أَبُو الْقَاسِم الْكَامِل أحد البلغاء الْمُتَأَخِّرين وَالْعُلَمَاء المبرزين كَانَ فِي عصر الحريري أبي مُحَمَّد صَاحب المقامات وَلما فَازَ الحريري بِالسَّبقِ إِلَى عمل
المقامات إخترع هَذَا الْخَوَارِزْمِيّ كتاب الرحل وَعمل فِيهِ سِتّ عشرَة رحْلَة حذا فِيهَا حَذْو المقامات وأهداها إِلَى هبة الله ابْن الْفضل بن صاعد بن التلميذ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة وَأورد مِنْهَا ياقوت فِي مُعْجم الأدباء رحْلَة وَاحِدَة
ابْن الذَّهَبِيّ الطَّبِيب عبد الله بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ يعرف بِابْن الذَّهَبِيّ أحد المعتنين بصناعة الطِّبّ ومطالعة كتب الفلاسفة وَكَانَ كلفاً بصناعة الكيمياء مُجْتَهدا فِي طلبَهَا توفّي سنة ستٍ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَله من الْكتب مقَالَة فِي أَن المَاء لَا يغذو
ابْن عَلْقَمَة البلنسي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْخلف أَبُو مُحَمَّد الصَّدَفِي البلنسي يعرف بِابْن عَلْقَمَة وَأَبوهُ الْكَاتِب أَبُو عبد الله هُوَ صَاحب تَارِيخ بلنسية وَكتب أَبُو مُحَمَّد هَذَا للْقَاضِي أبي الْحُسَيْن بن عبد الْعَزِيز وَفِيه يَقُول أَبُو الْعَبَّاس بن العريف الزَّاهِد رَحمَه الله تَعَالَى من السَّرِيع
(من عجب الدَّهْر وآياته
…
سكرةٌ تعزى إِلَى علقمه)
(خيف عَلَيْهَا الْعين من طيبها
…
فَهِيَ بأضداد الكنى معلمه)
(بَقِيَّة الْمَعْنى لذِي فطنةٍ
…
لِأَنَّهَا فِي اللَّفْظ علقٌ ومه)
وَمن شعر أبي مُحَمَّد يُخَاطب الْأُسْتَاذ أَبَا عبد الله بن خلصة عقيب إبلاله من مرضٍ أرجف فِيهِ بِمَوْتِهِ من الطَّوِيل
(نعوك وقاك الله كل ملمةٍ
…
وَمَا هُوَ نعيٌ بل مصحفه بَقِي)
(وينعٌ لزهر الْجِسْم بعد ذبوله
…
وبالضد من مَعْنَاهُ يَبْدُو لنا الشي)
)
(فَهَذَا صَحِيح الزّجر بادٍ دَلِيله
…
وَللَّه فِينَا الحكم وَالْأَمر وَالنَّهْي)
فَأجَاب ابْن خلصة بأبياتٍ مِنْهَا من الطَّوِيل
(لثن كنت منعياً فَمَا الْمَوْت وصمةً
…
لقد نعيت قبلي الرسَالَة وَالْوَحي)
(ليغض عدوٌّ أَو ليظْهر شماتةً
…
فعما قليلٍ يتبع الْمَيِّت الْحَيّ)
قلت أحسن من الأول قَول الأول من الطَّوِيل
(تمنى رجالٌ أَن أَمُوت وَإِن أمت
…
فَتلك طريقٌ لست فِيهَا بأوحد)
ابْن أبي روح المغربي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي روح أَبُو مُحَمَّد من أهل الجزيرة الخضراء رَحل مِنْهَا إِلَى الْمشرق سنة سبعين وَخَمْسمِائة أَو نَحْوهَا وَلم يعد إِلَيْهَا فَقَالَ يتشوقها من الطَّوِيل
(أعلل يَا خضراء نَفسِي بالمنى
…
وأقنع إِن هبت رياحك بالشم)
(إِذا غبت عَن عَيْني يغيب منامها
…
وَكَيف ينَام اللَّيْل ذُو الوجد والهم)
(تذكرت من فِيهَا فَفَاضَتْ مدامعي
…
فَللَّه من فِيهَا من الْخَال وَالْعم)
(أحن إِلَى الخضراء من كل موطنٍ
…
حنين مشوقٍ للعناق وللضم)
(وَمَا ذَاك إِلَّا أَن جسمي رضيعها
…
وَلَا بُد من شوق الرَّضِيع إِلَى الْأُم)
قلت شعر مَقْبُول
المغربي الْمهرِي عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن المنخل الْمهرِي من أهل شلب أَبُو مُحَمَّد بن أبي بكر وَمن شعره من الْكَامِل
(شرف الْخلَافَة أَن ملكت زمامها
…
وغدوت من عقب الإِمَام إمامها)
(وافتك تبتدر الرِّضَا إِذْ رمتها
…
ولشد مَا امْتنعت على من رامها)
(طبع الْإِلَه لَهَا حساماً صَارِمًا
…
يحمي جوانبها فَكنت حسامها)
(وَرَأَتْ عداة الله أَن حمامها
…
من قيس عيلانٍ فَكنت حمامها)
مِنْهَا
(فعلى رماحك أَن تشق جيوبها
…
وعَلى حسامك أَن يفلق هامها)
(ملكٌ يجير من الزَّمَان فَإِن يضم
…
حرا بوادية اللَّيَالِي ضامها)
)
(قسطاس عدلٍ لَا يمِيل فَإِن رأى
…
ميل الْخلَافَة أمهَا فأقامها)
(مَا الْجُود إِلَّا مَا تفيض بنانه
…
لَا مَا تفيض الْعَرَب فِيهِ سهامها)
(مَا الْبَأْس إِلَّا مَا تضمن سَيْفه
…
لَا مَا تضمن بعضه صمصامها)
(مَا الزّجر إِلَّا مَا يجر خِلَافه
…
لَيْسَ الَّذِي وسمت بِهِ أَيَّامهَا)
(يطفي الحروب إِذا توهج جمرها
…
ولربما خمدت فشب ضرامها)
(وَإِذا أسود الْحَرْب هاج غرامها
…
عانى بِحَدّ المشرفي عرامها)
(وَإِذا بروق المزن لحن كواذباً
…
صدقت بروق نواله من شامها)
وَمِنْهَا
(لما رَأَيْت الدّين أظلم وَجهه
…
وَالْحَرب قد سدلت عَلَيْهِ قتامها)
(أقبلتها شعث النواصي شزباً
…
جردا تباري فِي الفلاة سمامها)
(من كل مشرفة التليل كَأَنَّمَا
…
عقدوا بباسقة النخيل لجامها)
(وأغر وضاح الحجول مطهمٍ
…
يجلو إِذا خَاضَ الغمار ظلامها)
مِنْهَا
(يلقى العداة الرعب قبل لِقَائِه
…
فيزل قبل قتالها أَقْدَامهَا)
وَقَالَ مسلياً من هزيمةٍ من الْكَامِل
(لَا تكترث يَا ابْن الخلفة إِنَّه
…
قدرٌ أتيح فَمَا يرد متاحه)
(قد يكدر المَاء القراح لعلةٍ
…
وَيعود صفواً بعد ذَاك قراحه)
قلت شعرٌ جيد
أَبُو مُحَمَّد المرسي الْكَاتِب عبد الله بن مُحَمَّد بن ذمام أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب المرسي من أهل لقنت بِفَتْح اللَّام وَالْقَاف وَسُكُون النُّون وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف سكن مالقة وَكَانَ فِي أول أمره توجه إِلَى مراكش وَتعلق بِخِدْمَة أبي الْغمر هِلَال بن الْأَمِير مُحَمَّد بن مرذنيش فَكتب إِلَيْهِ أَبوهُ الْأُسْتَاذ أَبُو عبد الله مَعَ رسالةٍ يشعره اللحاق بِهِ وَقد رغب إِلَيْهِ فِيهِ من الطَّوِيل
(إِلَى الحضرة الْعليا الْمسير الْمُحَقق
…
بهَا أملٌ إِن شاءه الله يلْحق)
(بهَا كعبة الآمال طُوبَى لطائفٍ
…
يقبل أركاناً لَهَا ويخلق)
)
(فطوبى لمن أَمْسَى وَقد حط رَحْله
…
بِسَاحَة بابٍ للهدى لَيْسَ يغلق)
(وتعساً لمن لم ينظم الدَّهْر شَمله
…
بمراكش الغراء حَيْثُ التأنق)
فَرَاجعه برسالةٍ يَقُول فِيهَا من الطَّوِيل
(بنانك من بَحر المعارف تنْفق
…
وذهنك للمعنى البديع موفق)
(فنظمك درٌّ أنفس الدّرّ دونه
…
ونثرك مسكٌ طيب الْعرف يعبق)
(وَأَنت مليكٌ للبلاغة كلهَا
…
وراياتها من فَوق رَأسك نخفق)
(وَللَّه بكرٌ بنت عشرٍ زففتها
…
تعبر عَن سحرٍ حلالٍ وتنطق)
(تجلت فَجلت أَن يُعَارض حسنها
…
وَكَيف وفيهَا للمعالي تأنق)
(وَمَا هُوَ إِلَّا أَن فضضت ختامها
…
فهيج بلبالي إِلَيْك التشوق)
(فيا لَيْت مر الشوق لم تدر طعمه
…
وياليت هَذَا الْبَين لم يَك يخلق)
(فَذَاك للذات التواصل قاطعٌ
…
وَهَذَا لشمل الْأَقْرَبين مفرق)
قلت شعره أَجود من شعر أَبِيه بل مَا بَينهمَا صِيغَة أفعل واقترح عَلَيْهِ أَبُو الْغمر الْمَذْكُور أَن يُعَارض أَرْبَعَة من أشعار الْغناء أَولهَا من الوافر
(يخط الشوق شخصك فِي ضميري
…
على بعد التزاور خطّ زور)
فَقَالَ من الوافر
(ملكت الْفضل يَا نجل ابْن سعدٍ
…
فَمَا لَك فِي الأكارم من نَظِير)
(حسامك حاسمٌ عَدو الأعادي
…
وَمَالك مذهبٌ عدم الْفَقِير)
(ووجهك إِن تبدى فِي ظلامٍ
…
تجلى عَن سنا قمرٍ مُنِير)
(لذا سماك من سمى هلالاً
…
لإشراقٍ حبيت بِهِ وَنور)
وَثَانِيها من الطَّوِيل
(أشاقك طيفٌ آخر اللَّيْل من هِنْد
…
ضَمَان عَلَيْهِ أَن يزور على بعد)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(حكى دمعها الْجَارِي على صفحة الخد
…
نثير جمانٍ قد تساقط من عقد)
(فَقلت لَهَا مَا بَال دمعك جَارِيا
…
فَقَالَت لما فِي الْقلب من ألم الوجد)
(وَلَوْلَا لهيبٌ ظلّ بَين جوانحي
…
يجفف دمعي كَانَ كالسيل فِي الْمَدّ)
)
(وَمَا يُطْفِئ الْجَمْر المضرم فِي الحشا
…
سوى وصل مَوْلَانَا هلالٍ أبي سعد)
وَثَالِثهَا من الطَّوِيل
(أعانق غُصْن البان مِنْهَا تعللاً
…
فَأنكرهُ مساً وأعرفه قدا)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(شكت يالها تَشْكُو لفرط صبابةٍ
…
ولوعة وجدٍ ألبستها الضنى بردا)
(وَقَالَت ودمع الْعين فِي ورد خدها
…
يُرِيك جمان الطل إِذْ بَلل الوردا)
(أيا قمرٌ رفقا على الْقلب إِنَّه
…
سقيمٌ ضعيفٌ لَيْسَ يحْتَمل الصدا)
(فَلَو حملت شم الْجبَال من الْهوى
…
كبعض الَّذِي حَملته هدها هدا)
وَرَابِعهَا من الطَّوِيل
(صَحا الْقلب عَن سلمى وعلق زينبا
…
وعاوده أَضْعَاف مَا قد تجنبا)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(إِذا نمت الأزهار واعتلت الصِّبَا
…
وهيجت الألحان أشجان من صبا)
(ودارت كؤوسٌ للمدام تخالها
…
لرقة مَا فِيهَا لجيناً مذهبا)
(تهز هلالاً للمكارم هزةً
…
كهز القنا يَوْم الكريهة والظبى)
(فَفِي حَالَة الإفضال يشبه حاتماً
…
وَفِي حَالَة الْإِقْدَام يَحْكِي المهلبا)
وَمن شعره وَالرَّابِع مضمن من الوافر
(نفى نومي وهيج لي خيالي
…
فراقٌ لم يكن يجْرِي ببالي)
(وَكُنَّا قبله فِي خفض عيشٍ
…
وأنسٍ وانتظامٍ واتصال)
(فشتتنا الْفِرَاق وروعتنا
…
مطي الْبَين تدني لارتحال)
(فَلَو نعطى الْخِيَار لما افترقنا
…
وَلَكِن لَا خِيَار مَعَ اللَّيَالِي)
الْبكْرِيّ الإشبيلي عبد الله بن مُحَمَّد بن عمار الْبكْرِيّ الإشبيلي من أقَارِب أبي عبيد الْبكْرِيّ قدم على شَرق الأندلس فِي أول الْمِائَة السَّابِعَة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم سمع مِنْهُ ببلنسية بعض شعره شَيخنَا القَاضِي أَبُو الْخطاب بن واجبٍ ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَبِه توفّي وَمن شعره من الْكَامِل
(سلت على الْأَعْدَاء مِنْهُ صوارمٌ
…
قطعت مُنَاسِب دومةٍ عَن قَيْصر)
)
(وكتائبٌ ضَاقَ الفضاء بحملها
…
بَرِئت بهَا لمتونة من حمير)
وَأول هَذِه الأبيات من الْكَامِل
(طلعت كبدر التم لَاحَ لمبصر
…
غيداء تَبَسم عَن نَفِيس الْجَوْهَر)
(وتنفست فَكَأَن نفح مدامةٍ
…
شيبت روائحها بمسكٍ أذفر)
(عجبت لرامية الْقُلُوب بأسهمٍ
…
أبدا تفوق من قسيِّ المحجر)
(سفرت كَمَا وضح الصَّباح فقابلت
…
بدر السَّمَاء ببدر أرضٍ نير)
وَمِنْه من الْكَامِل
(أَهلا بساحرة الجفون وَقد أَتَت
…
لزيارتي تمشي على استحياء)
(خَافت عُيُون وشاتها فتلفعت
…
حذر الرَّقِيب بِبُرْدَةٍ الظلماء)
(وأتتك ببن لداتها فَكَأَنَّهَا
…
قمرٌ وَهن كواكب الجوزاء)
وَقَالَ فِي أَعور غمت حدقته السليمة حمرةٌ إِلَّا يسير بياضٍ كالخط الدائر بهَا وَقَالَهُ ارتجالاً من السَّرِيع
(لم تَرَ عَيْني مثل عينٍ غَدَتْ
…
لَا تعرف السهد من الغمض)
(فازت يَد الدَّهْر يتفريقها
…
من كل مسودٍّ ومبيض)
(وأبقت الأيم أُخْتا لَهَا
…
ناكسة الرَّأْس إِلَى الأَرْض)
(كَأَنَّهَا من حمرةٍ وردةٌ
…
قد طوقت بالسوسن الغض)
وَقَالَ فِي صديق كَانَ يداجيه من الطَّوِيل
(ومستبطن حقداً وَفِي حركاته
…
تصنع مظلومٍ يدل بظالم)
(تصدى لإيناسي بحيلة فاتكٍ
…
ولاحظني خوفًا بِطرف مسالم)
(تستر عَن كشف الْعَدَاوَة جاهداً
…
كَمَا كمنت فِي الرَّوْض دهم الأراقم)
قلت يشبه قَول ابْن عبدون فِي ذمّ الْأَيَّام من الْبَسِيط
(تستربالشيء لَكِن كي تغر بِهِ
…
كالأيم ثار إِلَى الْجَانِي من الزهر)
وَمِنْه شعره يصف إشبيلية من الْبَسِيط
(أجل فديتك طرفا فِي محاسنها
…
تبصر وحقك مِنْهَا آيَة عجبا)
(قطر تكنفه من جانبيه مَعًا
…
مصانعٌ تحمل الأنداء واللهبا)
)
(زهر الْوُجُوه كَأَن الْبَدْر جر على
…
حيطانها الْبيض من أنواره عذبا)
(وَالنّهر كالجوارق الْعين بهجته
…
تهز مِنْهُ الصِّبَا هنديةً قضبا)
(ترَاهُ من فضةٍ حينا فَإِن طلعت
…
عَلَيْهِ شمس الضُّحَى أبصرته ذَهَبا)
(صفا وراق فلولا أَنه نهرٌ
…
أَمْسَى سَمَاء يرينا فِي الدجى شهبا)
(كَأَنَّمَا الجو مرآةٌ بِهِ صقلت
…
زرقاء تحسب فِيهَا زهرها حببا)
(مَا رَوْضَة الْحزن حلى الْقطر لبتها
…
ومدت الشَّمْس فِي حافتها طنبا)
(يَوْمًا بأبهج مرأىً مِنْهُ إِن رقصت
…
حدائق الْحسن فِي أرجائه طَربا)
وَكتب إِلى أبي الرّبيع بن سَالم يطْلب مِنْهُ جُزْءا من نسب الْأَشْرَاف للبلاذري من الْكَامِل
(إبعث إِلَيّ أَبَا الرّبيع صحيفَة
…
قد راق منظرها وطاب ثناها)
(مهما تصخ أسماعنا لحديثها
…
فنفوسنا تصبو إِلى رؤياها)
(أضحت تحدث عَن أناسٍ أَصْبحُوا
…
رمماً يذكرك الردى مثواها)
(أظفر يَدي مِنْهَا بعلقٍ مضنةٍ
…
كمين مُوسَى أظفرت بعصاها)
(أَو كالقميص أَتَى النَّبِي مبشراً
…
فأزاح عَن عين النَّبِي عماها)
فَأجَاب أَبُو الرّبيع بأبياتٍ مِنْهَا من الْكَامِل
(أهْدى إِلى النَّفس المشوق مناها
…
وَأعَاد نَضرة أنسه وثناها)
(طرسٌ أَتَى وَالْمجد بعض حداته
…
يحوي نَظَائِر فاقت الأشباها)
(حييّ بهَا ودي سلافاً مزةً
…
طابت مذاقتها وطاب شذاها)
وَهِي أَبْيَات طَوِيلَة جَيِّدَة وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد قد كتب قَوْله علق مضنة بِظَاء ثمَّ إِنَّه تذكر ذَلِك بعد إنفاذها فَكتب إِلى أبي الرّبيع ابْن سَالم من الْكَامِل
(قل للفقيه أبي الرّبيع وَقد جرى
…
قلمي فَأصْبح بِالصَّوَابِ ضنينا)
(أبشر بِفَضْلِك ظاء كل مضنةٍ
…
سَأَلته كفي فاستحال ظنينا)
فَكتب أَبُو الرّبيع جَوَابه من اكامل
(حسن بِإِخْوَان الصفاء ظنونا
…
لَيْسَ الصجي على الصّديق ضنينا)
(مَا دَار فِي خلدي سوى غلطٍ جرى
…
حاشاك تفلى بِالصَّوَابِ ضنينا)
(وَقد بشرْتُ مُشَال كل مضنةٍ
…
لما أَتَت حَتَّى بشرت النونا)
)
القَاضِي أَبُو مُحَمَّد التجِيبِي عبد الله بن مُحَمَّد بن مطروح التجِيبِي أَبُو مُحَمَّد القَاضِي البلنسي توفّي بهَا وَالروم يحاصرونها سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره يرثي أَبَاهُ من قصيده من المتقارب
(دعَاك فلبيت دَاعِي البلى
…
وَفَارَقت أهلك لَا عَن قلى)
(رمتك وَسَهْم الردى صائبٌ
…
شعوبٌ فَمَا أَخْطَأت مقتلا)
(تقاضاك منا الْغَرِيم الَّذِي
…
أبي قدر الله أَن يمطلا)
(أيا ظَاعِنًا هدنا فَقده
…
جَمِيعًا ألم يَأن أَن نقفلا)
(أحن إِلى مورد أمه
…
وَإِن لم يكن مورداً سلسلاً)
(وأذهل مهما دعوا باسمه
…
وَحقّ لمثلي أَن يذهلا)
(وهون وجدي على فَقده
…
لحاقي بِهِ بعد مستعجلا)
(إِن جف من شجرٍ أَصله
…
فال بُد للفرع أَن يذبلا)
(سأبكيه مَا دمت ذَا مقلةٍ
…
وأعصي العواذل والعذلا)
(وأترك حكم لبيد سدىً
…
كَمَا ينْسَخ الآخر الأولا)
قلت قَول لبيد من أبياتٍ وأنشدها لابنتيه لما احْتضرَ من الطَّوِيل
(إِلى الحولِ ثمَّ اسْم السَّلَام عَلَيْكُمَا
…
وَمن يبك حولا كَامِلا فقد اعتذر)
وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم الطَّائِي من الْكَامِل
(ظعنوا فَكَانَ بكاي حولا بعدهمْ
…
ثمَّ ارعويت وَذَاكَ حكم لبيد)
وَقَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد يرثي الشَّيْخ أَبَا عبد الله بن نوح من قصيدةٍ من الْكَامِل
(ناداك إِذْ أزف الرحيل مُنَادِي
…
فظعنت فِي قَود الْحمام الغادي)
(وَالنَّاس وَالدُّنْيَا كسفرٍ أزمعوا
…
ظعناً وَمَا غير الْمنية حادي)
(هَل نَحن إِلَّا من أرومٍ هَالك
…
فالفرع تلو الأَصْل فِي الْمُعْتَاد)
(كل الجسوم وَإِن تطاول مكثها
…
فمصيرها بجواهر أَفْرَاد)
(فضت الْعُقُول بِأَن كل مركبٍ
…
ينْحل عِنْد تغالب الأضداد)
(تتلو المبادي فِي الْأُمُور نهايةٌ
…
والكون يُؤذن طبعه بِفساد)
(لهفي ولهفي لَا يجير من الردى
…
لهفي على قمر العلى والنادي)
)
(أودى ابْن نوحٍ فالشريعة بعده
…
تبْكي وتندب مِنْهُ ثَوَاب حداد)
(كم ذب عَنْهَا كم أَقَامَ لواءها
…
فَردا وجلى من ظلام عناد)
(وَلم يلج أُذُنَيْهِ مؤلم نعيه
…
لم يدر كَيفَ تصدع الأكباد)
ابْن الْوَاعِظ الْمَقْدِسِي عبد الله بن مُحَمَّد بن الصفي أبي الْمَعَالِي أَحْمد الْمَقْدِسِي عرف بِابْن الْوَاعِظ أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ لَقيته بدمياط سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وأنشدنا لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(سرت نسمةٌ مسكية الْعرف معطار
…
لَهَا أرجٌ فِي طي مسراه أسرار)
(فلمنا بهَا حَتَّى الغصون كَأَنَّمَا
…
شذاها سلاف الراح والنشر خمار)
(أَلا هَات عَن نجدٍ أَحَادِيث غربةٍ
…
فِيمَا طيب مَا خبرٌ أفدت وأخبار)
(أهيل ودادي هَل عل أَيمن الْحمى
…
أَرَاكُم وتقضى بالتواصل أوطار)
(وَهل تسعف الْأَيَّام تسمح بالمنى
…
بِقرب مزازٍ أَو يُوَافق مِقْدَار)
(خليلي إِن الْقلب وَالنَّفس والهوى
…
لعينيه أعوان عَليّ وأنصار)
قلت شعرٌ يُقَارب الْجَوْدَة وَلَو كَانَ لي فِيهِ حكمٌ لَقلت فيا حبذا خبرٌ أفدت وأخبار وَكَانَ يستريح من اللّحن وَمن قلق هَذَا التَّرْكِيب لِأَن مَا هُنَا زَائِدَة تَقْدِيره فيا طيب خبرٍ وأخبار أفدت وَالْمعْنَى عَلَيْهِ وَإِن كَانَت نكرَة مَوْصُولَة وَتَقْدِيره فيا طيب مَا أفدته خَبرا وأخباراً فَيتَعَيَّن النصب حينئذٍ على التَّمْيِيز
بليغ الدّين القسنطيني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْغفار القسنطيني أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ الْعَرُوضِي نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني بليغ الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْعَرُوضِي رحمه الله لنَفسِهِ بِدِمَشْق بِالْمَدْرَسَةِ الريحانية فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة لغزاً فِي الفرزدق وَجَرِير من الطَّوِيل
(رَأَيْت جَرِيرًا والفرزدق فَوْقه
…
بخفيف منى لم يخْش عاراً وَلَا إِثْمًا)
(فألقيت فِي النَّار الفرزدق بَعْدَمَا
…
لطمت محياه وَلم أقترف ظلما)
(وَلَوْلَا جريرٌ مَا ذكت نارنا لَهُ
…
فَلَمَّا ذكت أضحى جريرٌ بهَا فحما)
)
الفرزدق قطع الْعَجِين والجرير هُوَ الْحَبل قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(جمع الْهَوَاء من الْهوى فِي باطني
…
فتكاملت فِي أضلعي ناران)
(فقصرت بالمقصور عَن وصل الظبا
…
ومددت بالمدود فِي أكفاني)
قلت لَو قَالَ فقصرت بالمدود ومددت بالمقصور لَكَانَ أغزل وأشعر وأصنع قَالَ وأنشدني نَفسه القصيدة الخالية وَهِي من الطَّوِيل
(أيا رَاكب الوجناء فِي السبسب الْخَالِي
…
إِذا جِئْت نجداً عج على دمن الْخَال)
الأول لَا أنيس بِهِ وَالثَّانِي بنجدٍ مَعْرُوف
(وقف باللوى حَيْثُ الرياض أنيقةٌ
…
بِذَات الغضاغب المواطر كالخال)
برود الْيمن الموشاة
(وَحَيْثُ الصِّبَا تثني الغصون عليلةً
…
تهب فتذكي لوعة الصب والخالي)
الَّذِي لَيْسَ فِي قلبه علاقَة من حب
(وَمهما أرتك الجلهتان ذوائباً
…
من البان يثني بانثناءٍ على الْخَال)
الْمَطَر الَّذِي يتخيل فِي السحب
(غدتها بعل بعد نهلٍ فرنحت
…
معاطفها كالمزدهي الْعَطف ذِي الْخَال)
الْخُيَلَاء
(تهيج بهَا الأغصان ورقٌ صوادحٌ
…
وتبكي هديلاً بَان فِي العُصر الْخَالِي)
الْمُتَقَدّم
(فَتلك المغاني معشري وأحبتي
…
وَربع ذَوَات الْأَعْين النجل وَالْخَال)
أحد الخيلان
(ربوعٌ بهَا أَصبَحت اللَّهْو وَالصبَا
…
وَحَيْثُ بهَا ريعان عمري كالخال)
المتكبر عجبا
(يخيل لي من نشوة الْحبّ أنني
…
أهز الرديني المثقف ذَا الْخَال)
اللِّوَاء
(أنزه سَمْعِي عَن ملامة ناصحٍ
…
وَأَعْدل عَن عذلٍ من الْعم وَالْخَال)
أَخُو الْأُم)
(وأصغي إِلى صَوت المهيب إِذا دَعَا
…
لراحٍ براحٍ من أخي ثقةٍ خَالِي)
الْحسن المخيلة
(إِذا أَنا أَعْطَيْت النديم مدامةً
…
بروضة حزنٍ راقت الطّرف للخال)
نورٌ مَعْرُوف بِنَجْد
(أَجود بِمَا ضن الْبَخِيل ببذله
…
وأحسبني كسْرَى وَقَيْصَر بالخال)
الظَّن والتوهم
(إِذا كنت لَا تسطيع رد منيتي
…
فَدَعْنِي ولذاتي وخال إِذن خَالِي)
فعلا أمرٍ من المتاركة
(إِلَيْك فَإِنِّي لَا أصيخ لعاذلٍ
…
فَلَا تحلني واكفف ملامك يَا خَال)
ترخيم خَالِد
(إِذا أَنا أتلفت الَّذِي جمعت يَدي
…
وعيشك إِنِّي فارغ الْقلب كالخال)
العزب لَا زوج لَهُ
(عليم بِأَسْبَاب اكتسابٍ تخالني
…
إِذا مَا حويت الوفر يَا صَاح كالخال)
حسن الْقيام على المَال
(لحى الله مَالا صانه بذل باخلٍ
…
لعرض ذميم النشر أهجن من خَال)
ثوب يستر بِهِ الْمَيِّت
(وَلَا أمنح الكوماء إِلَّا غريرةً
…
وَلَا الْقَوْم إِلَّا إِن غَدا وَهُوَ كالخالِ)
الْحَبل الْأسود
(وَمَالِي لَا أسموا إِلى طلب العلى
…
وَألْحق أطواد المبارين بالخال)
الأكمة الصَّغِيرَة
(وَإِن تخل سلمى من وجيبٍ ولوعةٍ
…
فلست وَإِن خانت عهودي بالخالي)
الفارغ
(فقلبي وَإِن شت بهَا غربَة النَّوَى
…
على حفظ عهد الْحبّ مَا عِشْت كالخالي)
الْخَالِي الملازم للشَّيْء
(قررت بهَا عينا على السخط وَالرِّضَا
…
كقرة عين الرائد الخصب بالخال)
)
الَّذِي وجد الخلا
(خلعت فِي الصبابة وَالصبَا
…
وَمَا أَنا ذَا طوعٍ إِذا شِئْت للخالِ)
الَّذِي يلقِي اللجام فِي فَم الْفرس
(وَمَا أَنا بالهيابة الْأَمر هائلاً
…
وَلَيْسَ فُؤَادِي باليراع وَلَا الْخَال)
الضَّعِيف الْقلب
(وعزمي كالغضب الجراز مضاؤه
…
وَإِنِّي بِهِ للخطب إِن جلّ للخالي)
قَاطع الخلا وَهُوَ العشب
(أراعي عهوداً بَيْننَا ومودة
…
وَإِن كنت فِي وجٍّ كنت بِذِي الْخَال)
مَوضِع بِبِلَاد بني أَسد
(فَلَا تتهمني فِي الوداد فانني
…
إِذا غير الْبَين المحبين للخالي)
البريء من التُّهْمَة
(وَكم وَقْفَة لي بالمعالم باكياً
…
أروي بدمع ذاوي الطلح والخالِ)
قلت قد تَكَرَّرت مَعَه القوافي فِي مَوَاضِع وَهِي ظَاهِرَة إِلَّا بتكلفٍ كثير وتوسعٍ زَائِد
ابْن جرج الْكَاتِب عبد الله بن مُحَمَّد بن جرج بجيمين بَينهمَا رَاء الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر الْقُرْطُبِيّ أَصله من ألبيرة توفّي سنة خمسٍ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره يَسْتَدْعِي طَبِيبا من السَّرِيع
(خل ابْن سيناء وأقواله
…
فَإِنَّهَا من خدع الْمَرْء)
(ولتأتني فِي منزلي مسرعاً
…
فَإِن عِنْدِي حِيلَة الْبُرْء)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(أما ذكاء فَلم تصفر إِذْ جنحت
…
إِلَّا لفرقة هَذَا المنظر الْحسن)
(ربىً تروق وريعانٌ مزخرفةٌ
…
وسابحٌ مد بالهطالة الهتن)
(وللنسيم على أرجائه حببٌ
…
يكَاد من رقةٍ يخفى على الْغُصْن)
قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم وتنسب هَذِه الْقطعَة غَلطا إِلَى أبي الْقَاسِم أخيل ابْن إِدْرِيس الرندي وأنشدها أَبُو الْقَاسِم عَامر بن هِشَام الْقُرْطُبِيّ فِي مجموعٍ لَهُ لأبي جَعْفَر بن جرج هَذَا وَهُوَ بلديه وَلَعَلَّه سَمعهَا مِنْهُ)
ابْن سارة المغربي عبد الله بن مُحَمَّد بن سارة وَيُقَال صارة بالصَّاد أَبُو مُحَمَّد الْبكْرِيّ الشنتريني نزيل إشبيلية
كَانَ شَاعِرًا مغلقاً لغوياً مليح الْكِتَابَة نسخ الْكثير بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ قَلِيل الْحَظ توفّي سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة كَانَ لم يَسعهُ مكانٌ وَلَا اشْتَمَل عَلَيْهِ سلطانٌ أثنى عَلَيْهِ صَاحب القلائد وَصَاحب الذَّخِيرَة قَالَ إِنَّه يتبع المحقرات وَبعد جهدٍ اتَّقى إِلَى كِتَابَة بعض الْوُلَاة فَلَمَّا كَانَ من خلع الْمُلُوك مَا كَانَ آوى إِلَى إشبيلية أوحش حَالا من اللَّيْل وَأكْثر انفراداً من سُهَيْل وتبلغ بالوراقة وَله مِنْهَا جانبٌ وَبهَا بصر ثاقبٌ فانتحلها على كساد سوقها وخلو طريقها وفيهَا يَقُول من الْكَامِل
(أما الوراقة فَهِيَ أيكة حرفةٍ
…
أوراقها وثمارها الحرمان)
(شبهت صَاحبهَا بِصَاحِب إبرةٍ
…
تكسو العراة وجسمها عُرْيَان)
وَمن شعره من الْكَامِل
(ومعذرٌ رقت حَوَاشِي وَجهه
…
فَقُلُوبنَا وجدا عَلَيْهِ رقاق)
(لم يكس عَارضه السوَاد وَإِنَّمَا
…
نفضت عَلَيْهِ سوادها الأحداق)
وَمِنْه فِي غلامٍ أَزْرَق الْعَينَيْنِ من الْكَامِل
(ومهفهف أَبْصرت فِي أَطْرَافه
…
قمراً بآفاق الملاحة يشرق)
(تقضي على المهجات مِنْهُ صعدةٌ
…
متألقٌ فِيهَا سنانٌ أَزْرَق)
وَأورد لَهُ صَاحب الحديقة من الرجز
(أَسْنَى ليَالِي الدَّهْر عِنْدِي ليلةٌ
…
لم أخل فِيهَا الكأس من أعمالي)
(فرقت فِيهَا بَين جفني والكرى
…
وجمعت بَين القرط والخلخال)
وَقيل إنَّهُمَا لصالح الهزيل الإشبيلي وَمن شعره ابْن سارة من الْبَسِيط
(يَا من يصيخ إِلَى دَاعِي السقاة وَقد
…
نَادَى بِهِ الناعيان الشيب والكبرُ)
(إِن كنت لَا تسمع الذكرى فَفِيمَ ثوى
…
فِي رَأسك الواعيان السّمع والبصرُ)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لَيْسَ الْأَصَم وَلَا الْأَعْمَى سوى رجل
…
لم يهده الهاديان الْعين والأثرُ)
(لَا الدَّهْر يبْقى وَلَا الدُّنْيَا وَلَا الْفلك ال
…
أَعلَى وَلَا النيرَان الشَّمْس والقمرُ)
)
(ليرحلن عَن الدُّنْيَا وَإِن كرها
…
فراقها الثاويان البدو والحضر)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(وَصَاحب لي كداء الْبَطن عشرته
…
يودني كوداد الذِّئْب لِلرَّاعِي)
(يثني عَليّ جزاه الله صَالِحَة
…
ثَنَاء هندٍ على روح بن زنباع)
إِشَارَة إِلَى قَول هِنْد بنت النُّعْمَان بن بشير الْأنْصَارِيّ وَكَانَت زَوْجَة روح بن زنباع وَفِيه تَقول من الطَّوِيل
(وَهل هِنْد إِلَّا مهرَة عَرَبِيَّة
…
سليلة أفراسٍ تحللها بعل)
(فَإِن تنجت مهْرا كَرِيمًا فبالحرى
…
وَإِن يَك إقرافٌ فَمَا أَنْجَب الْفَحْل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أعندك أَن الْبَدْر بَات ضجيعي
…
فقضت أطاري بِغَيْر شَفِيع)
(جعلت ابْنه العنقود بيني وَبَينه
…
فَكَانَت لنا أمّاً وَصَارَ رضيعي)
وَمن شعر ابْن سارة قَوْله من الوافر
(تَأمل حَالنَا والجو طلقٌ
…
محياه وَقد طِفْل الْمسَاء)
(وَقد جالت بِنَا عذراء حُبْلَى
…
تجاذب مرْطهَا ريحٌ رخاء)
(بنهرٍ كالسجنجل كوثريٍّ
…
تعاين وَجههَا فِيهِ السَّمَاء)
قلت قَوْله تجاذب مرْطهَا أَرَادَ بذلك الْقلع الَّذِي كَانَ للمركب أَو المظلة الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم فِيهِ
وَلما وقف أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن خفاجة على هَذِه الْقطعَة أعجب بهَا فَقَالَ من الوافر
(إِلَّا يَا حبذا ضحك الحميا
…
بحامتها وَقد طِفْل الْمسَاء)
(وأدهم من جِيَاد المَاء نهدٍ
…
تنَازع جله ريحٌ رخاء)
(إِذا بَدَت الْكَوَاكِب فِيهِ غرقى
…
رَأَيْت الأَرْض تحسدها السَّمَاء)
وَمِنْه فِي ذمّ فروته من الْكَامِل
(أودى بِذَات يَدي ذماء فريةٍ
…
كفؤاد عُرْوَة فِي الضنى والرقة)
(يتجشم الْفراء فِي ترقيعها
…
بعد الْمَشَقَّة فِي قريب الشقة)
(إِن قلت بِسم الله عِنْد لباسها
…
تقرا عَليّ إِذا السَّمَاء انشقت)
قلت ذكرت هَا هُنَا مَا نظمت وَنحن بمرج الغسولة وَقد تَوَاتَرَتْ الأمطار والرعود علينا وَنحن)
فِي الْخيام مقيمون من المنسرح
(لم أنس لَيْلًا بالمرج مر لنا
…
بِهِ حللنا فِي غَايَة الشدَّة)
(تقَابل الرَّعْد فِيهِ خيمتنا
…
بِسُورَة الانشقاق والسجده)
النَّحْوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن زبرج أَبُو الْمَعَالِي العتابي النَّحْوِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ عسراً فِي الرِّوَايَة جدا مبغضاً لأهل هَذَا الشَّأْن وَلم تكن سريته مرضيةً وَله معرفَة حَسَنَة بالنحو ويتردد إِلى بيُوت النَّاس للتعليم وَتُوفِّي سنة سِتّمائَة
أَبُو طَالب النهرواني عبد الله بن مُحَمَّد الفتي أَبُو طَالب النهرواني كَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا أَمر
أَن ينقش على لوح قَبره من الطَّوِيل
(شربنا بكأس سَوف تسقون مثلهَا
…
قَرِيبا لعمري والكؤوس تَدور)
(فَقل للَّذي أبدى شماتته بِنَا
…
إِلى مثل مَا صرنا إِلَيْهِ تصير)
(فَلَو دَامَت الدُّنْيَا على ذِي مهابةٍ
…
لدمت وَلَكِن الزَّمَان مبير)
الْحَافِظ الْهَرَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مت شيخ الْإِسْلَام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ الْهَرَوِيّ الْحَافِظ الْعَارِف هُوَ من ولد أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه كَانَ بكر الزَّمَان فِي فنون الْفَضَائِل وأنواع المحاسن صنف كتاب الْفَارُوق فِي الصِّفَات وَكتاب ذمّ الْكَلَام وَكتاب الْأَرْبَعين حَدِيثا وَله فِي التصوف كتاب منَازِل السائرين وقصيدة فِي مذْهبه ومناقب أَحْمد بن حَنْبَل رضي الله عنه وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَالِد ابْن الْعَرَبِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن الْعَرَبِيّ أَبُو مُحَمَّد الْمعَافِرِي الإشبيلي وَالِد القَاضِي أبي بكر بن الْعَرَبِيّ سمع بِبَلَدِهِ وَحج وَسمع بِالشَّام وَالْعراق وَكَانَ من أهل الْآدَاب واللغة والذكاء والبراعة والتقدم فِي معرفَة الْخَبَر وَالشعر والافتتان بالعلوم وَجَمعهَا وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعر أبي مُحَمَّد الْمعَافِرِي قَوْله من الْكَامِل
(نصح العدى ضربٌ من التمويه
…
فعلام تقبل نصحهمْ وتعيه)
)
(أَو لم يبن لَك نصح عهدي فِي الْهوى
…
أَيَّام قَلْبك فِي يَدي وَإِلَيْهِ)
(قل لي فقد بلغ الأسى من خاطري
…
وتحكمت أَيدي والوساوس فِيهِ)
(أَو لَا فَلَا يضررك قَوْله عاشق
…
لخليه فِي السِّرّ أَو لِأَخِيهِ)
(كَيفَ السَّبِيل إِلى الْخَلَاص من الْأَذَى
…
يَوْمًا وقلبي فِي يَدي مؤذيه)
ابْن السَّيِّد البطليوسي عبد الله بن مُحَمَّد بن السَّيِّد أَبُو مُحَمَّد البطليوسي
النَّحْوِيّ نزيل بلنسية قَالَ ابْن بشكوال كَانَ عَالما باللغاتٍ والآداب مبتحراً فيهمَا يجْتَمع النَّاس إِلَيْهِ ويقرؤون عَلَيْهِ وَكَانَ حسن التَّعْلِيم
صنف كتبا حسانا مِنْهَا كتاب الاقتضاب فِي شرح أدب الْكتاب والتنبيه على الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للِاخْتِلَاف بَين الْأمة وَكتاب شرح الوطأ وَشرح ديوَان المتنبي وَشرح سقط الزند والخلل فِي أغاليط الْجمل وَالْحلَل فِي شرح أَبْيَات الْجمل وَكتاب فِي الحرفة الْخَمْسَة وَهِي السِّين وَالصَّاد وَالضَّاد والظاء والذال والمثلث فِي مجلدين ومشائل منثورة عَرَبِيَّة ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي نصف شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الطَّوِيل
(ترى ليلنا شابت نواصية كبرة
…
كَمَا شبت أم الجو روض بهار)
(كَأَن اللَّيَالِي السَّبع فِي الجو جمعت
…
وَلَا فصل فِيمَا بَينهَا بنهار)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَخُو الْعلم حيٌّ خَالِد بعد مَوته
…
وأوصاله تَحت التُّرَاب رَمِيم)
(وَذُو الْجَهْل ميتٌ وَهُوَ ماشٍ على الثرى
…
يظنّ من الْأَحْيَاء وَهُوَ عديم)
وَمِنْه يمدح المستعين بن هود من الطَّوِيل
(هم سلبوني حسن صبري إِذْ بانوا
…
بأقمار أطوافٍ مطالعها البان)
(لَئِن غادروني باللوى إِن مهجتي
…
مسايرةٌ أضعانهم حَيْثُمَا بانوا)
(سقِِي عَهدهم بالخيف عهد غمائمٍ
…
ينازعها مزنٌ من الدمع هتان)
(أأحبابنا هَل ذَلِك الْعَهْد راجعٌ
…
وَهل لي عَنْكُم آخر الدَّهْر سلوان)
(ولي مقلة عبرى وَبَين جوانحي
…
فؤاد إِلَى لقياكم الدَّهْر حنان)
(تنكرت الدُّنْيَا لنا بعد بعدكم
…
وحلت بِنَا من معضل الْخطب ألوان)
)
من مديحها من الطَّوِيل
(رحلنا سوام الْحَمد عَنْهَا لغَيْرهَا
…
وَلَا ماءها صدى وَلَا النبت سَعْدَان)
(إِلَى ملك حاباه بالْحسنِ يُوسُف
…
وشاد لَهُ الْمجد الرفيع سُلَيْمَان)
(من النَّفر الشم الَّذين أكفهم
…
غيوثٌ وَلَكِن الخواطر نيران)
كَانَ لِابْنِ الْحَاج صَاحب قرطبة ثَلَاثَة بنُون يُسمى أحدهم عزون وَالثَّانِي رحمون وَالثَّالِث حسنون وَكَانُوا صغَارًا فِي حد الْحلم وهم من أجمل النَّاس صُورَة وَكَانُوا يقرؤون الْقُرْآن على الْمُقْرِئ ويختلفون إِلَيْهِ فِي الْجَامِع وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد البطليوسي قد أولع بهم وَلم يُمكنهُ صحبتهم إِذْ كَانَ من غير زيهم فَكَانَ يجلس فِي الْجَامِع تَحت شجرةٍ كَانَت فِي وَسطه بكتابٍ يقْرَأ فِيهِ يتحين وَقت خُرُوجهمْ وَلم يكن لَهُ مِنْهُم حَظّ غير ذَلِك فَقَالَ من الْبَسِيط
(أخفيت سقمي حَتَّى كَاد يخفيني
…
وهمت فِي حب عزونٍ فعزوني)
(ثمَّ ارحموني برحمونٍ فَإِن ظمئت
…
نَفسِي ريق حسنونٍ فحسوني)
القَاضِي ابْن عصرون عبد الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن المطهر بن عَليّ بن أبي عصرون ابْن أبي السّري قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو سعد التَّمِيمِي الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام تفقه على القَاضِي المرتضى الشهرزوري وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن خميسٍ الْموصِلِي وَقَرَأَ السَّبع على أبي عبد الله البارع وَالْعشر على أبي بكر المزرفي والنحو على أبي الْحسن بن دبيس وَدخل حلب ودرس بهَا وَأَقْبل عَلَيْهِ صَاحبهَا نور الدّين وَلما أَخذ دمشق ورد مَعَه إِلَيْهَا ودرس بالغزالية ثمَّ عَاد إِلَى حلب وَولي قَضَاء سنجار وحران وديار ربيعَة ثمَّ عَاد إِلَى دمشق فولي بهَا الْقَضَاء وَبنى لَهُ نور الدّين الْمدَارِس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وَبنى هُوَ لنَفسِهِ مدرسةً بحلب وَأُخْرَى بِدِمَشْق وأضر آخر عمره وَهُوَ قاضٍ وصنف جُزْءا فِي جَوَاز قَضَاء الْأَعْمَى وَهُوَ خلاف مذْهبه وَفِي جَوَازه وَجْهَان وَالْجَوَاز أقوى لِأَن الْأَعْمَى أَجود من الْأَصَم والأعجمي وَكتب السُّلْطَان صَلَاح الدّين كتابا بِخَطِّهِ إِلَى القَاضِي الْفَاضِل يَقُول فِيهِ إِن القَاضِي قَالَ إِن قَضَاء الْأَعْمَى جَائِز وَالْفُقَهَاء يَقُولُونَ غير جَائِز فتجتمع بالشيخ أبي الطَّاهِر بن عَوْف الأسكندراني وتسأله عَمَّا ورد من الْأَحَادِيث فِي قَضَاء الْأَعْمَى ووفي سنة خمسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمن تصانيفه صفوة الْمَذْهَب فِي
نِهَايَة الْمطلب سبع مجلدات والانتصار فِي أَربع)
مجلدات والمرشد فِي مجلدين والذريعة فِي معرفَة الشَّرِيعَة والتيسير فِي الْخلاف أَربع مجلدات ومآخذ النّظر ومختصر فِي الْفَرَائِض والإرشاد فِي نصْرَة الْمَذْهَب وماتم والتنبيه فِي معرفَة الْأَحْكَام وفوائد الْمُهَذّب فِي مجلدين وَغير ذَلِك وَله شعرٌ مِنْهُ قَوْله من الطَّوِيل
(أُؤَمِّل أَن أحيى وَفِي كل ساعةٍ
…
تمر بِي الْمَوْتَى تهز نعوشها)
(وَهل أَنا إِلَّا مثلهم غير أَن لي
…
بقايا ليالٍ فِي الزَّمَان أعيشها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أُؤَمِّل وصلا من حبيبٍ وإنني
…
على ثقةٍ عَمَّا قيلٍ أفارقه)
(تجارى بِنَا خيل الْحمام كَأَنَّمَا
…
يسابقني نَحْو الردى وأسابقه)
(فيا ليتنا متْنا مَعًا ثمَّ لم يذقْ
…
مرَارَة فقدي لَا وَلَا أَنا ذائقه)
قلت فِي تَرْجَمَة سعيد بن حميد فِي هَذِه الْمَادَّة أَبْيَات جَيِّدَة
وَمِنْه من الْبَسِيط
(يَا سائلي كَيفَ حَالي بعد فرقته
…
حاشاك مِمَّا بقلبي من تنائيكا)
(قد أقسم الدمع لَا يجفو الجفون أسىً
…
وَالنَّوْم لَا زارها حَتَّى ألاقيكا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَمَا الدَّهْر إِلَّا مَا مضى وَهُوَ فائتٌ
…
وَمَا سَوف يَأْتِي وَهُوَ غير مُحَصل)
(وعيشك فِيمَا أَنْت فِيهِ فَإِنَّهُ
…
زمَان الْفَتى من مجملٍ ومفصل)
قلت أكمل مِنْهُ قَول الأول من الْخَفِيف
(مَا مضى فَاتَ والمؤمل غيبٌ
…
وَلَك السَّاعَة الَّتِي أَنْت فِيهَا)
وَأجَاب القَاضِي الْفَاضِل لمن كتب إِلَيْهِ يعرفهُ بِمَوْت ابْن أبي عصرون وصل كتاب الْحَضَر جمع الله شملها وسر بهَا أَهلهَا وَيسر إِلَى الْخيرَات سبلها وَجعل فِي ابْتِغَاء رضوانه قَوْلهَا وفعلها وَفِيه زيادةٌ وَهِي نقص الْإِسْلَام وثلمٌ فِي الْبَريَّة يتَجَاوَز رُتْبَة الانثلام إِلَى الانهدام وَذَلِكَ مَا قَضَاهُ الله من وَفَاة الإِمَام شرف الدّين ابْن أبي عصرون رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَمَا حصل بِمَوْتِهِ من نقص الأَرْض من أطرافها وَمن مساءة أهل الْملَّة ومسرة أهل خلَافهَا فَلَقَد كَانَ علما للْعلم مَنْصُوبًا وَبَقِيَّة من بقايا السّلف الصَّالح محسوباً وَقد علم الله اغتمامي لفقد حَضرته واستيحاشي لخلو الدُّنْيَا من بركته واهتمامي بِمَا عدمت من النَّصِيب الموفور من أدعيته)
الحجري المغربي عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عبيد الله بن سعيد بن مُحَمَّد ابْن ذِي النُّون الحجري بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْجِيم حجر ذِي رعين الأندلسي المريي الْفَقِيه الْحَافِظ الزَّاهِد أحد أَئِمَّة الأندلس سمع الْكثير وروى وَكَانَ لَهُ بصرٌ بصناعة الحَدِيث مَوْصُوفا بجودة الْفَهم أصَاب النَّاس قحطٌ شديدٌ فَلَمَّا وضعوه على شَفير قَبره توسلوا بِهِ إِلَى الله تَعَالَى فسقوا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
ابْن زهر الطَّبِيب عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن زهرٍ أَبُو مُحَمَّد الْإِيَادِي ابْن الْحَفِيد أبي بكر الأندلسي الإشبيلي الطَّبِيب مَعْرُوف بالطب آباؤه شُيُوخ لطب وَكَانَ شَابًّا جميلاً مفرط الذكاء خيرا عَاشَ خمْسا وَعشْرين سنة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وَكَانَ قد اشْتغل على وَالِده وَأَوْقفهُ على كثيرٍ من أسرار هَذِه الصِّنَاعَة وعملها وَقَرَأَ كتاب النَّبَات لأبي حنيفَة على أَبِيه وأتقن مَعْرفَته وَكَانَ الْخَلِيفَة أَبُو عبد الله النَّاصِر مُحَمَّد بن الْمَنْصُور أبي يَعْقُوب يرى لَهُ كثيرا ويحترمه وَيعرف مِقْدَار علمه ويثق بِهِ وَلما توجه إِلَى الحضرة خرج مِنْهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ لسفره وَنَفَقَته فِي الطَّرِيق عشرَة آلَاف دينارٍ وَكَانَ يشْتَغل على الْجُزُولِيّ فِي النَّحْو وَكَانَ النَّاصِر إِذا جلس جلس الْخَطِيب أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي عَليّ بن الْحسن بن أبي يُوسُف حجاج القَاضِي وَيجْلس تلوه القَاضِي الشريف أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي وَكَانَ يجلس تلوه ابْن الْحَفِيد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن زهرٍ هَذَا وَكَانَ يجلس تلوه أَبُو مُوسَى عِيسَى الْجُزُولِيّ النَّحْوِيّ وَمَات ابْن الْحَفِيد مسموماً وَقَالَ أَبُو مَرْوَان الْبَاجِيّ قَالَ لي يَوْمًا رَأَيْت البارحة أُخْتِي وَكَانَت أُخْته قد مَاتَت قبله وكأنني قلت لَهَا بِاللَّه يَا أُخْتِي عرفيني كم يكون عمري فَقَالَت لي طابيتين وَنصفا والطابية هِيَ الْخَشَبَة للْبِنَاء الْمَعْرُوفَة فِي الْمغرب بِهَذَا الِاسْم طولهَا عشرَة أشبار فَقلت لَهَا أَنا أَقُول لَك جدا وَأَنت تجيبيني بالهزء فَقَالَت لَا وَالله مَا أَجَبْتُك إِلَّا بالجد وَإِنَّمَا أَنْت مَا فهمت أَلَيْسَ أَن الطابية عشرَة أشبار والطابيتان وَنصفا خمسةٌ وَعِشْرُونَ شبْرًا يكون عمرك خمْسا وَعشْرين سنة قَالَ أَبُو مَرْوَان فَلَمَّا قصّ عَليّ هَذِه الرُّؤْيَا قلت لَهُ لَا تتوهم من هَذَا فَلَعَلَّهُ أضغاث أَحْلَام قَالَ وَلَا تكمل تِلْكَ السّنة إِلَّا وَقد مَاتَ وَكَانَ عمره كَمَا قيل لَهُ خمْسا وَعشْرين سنة لَا أقل وَلَا أَكثر)
أَبُو مُحَمَّد النَّاسِخ عبد الله بن مُحَمَّد بن جرير أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي الْأمَوِي الْبَغْدَادِيّ النَّاسِخ من ولد سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة سمع الْكثير وَكتب من الْكتب الْكِبَار شَيْئا كثيرا وَكَانَ مليح الْكِتَابَة مُحدثا مُفِيدا مالكي الْمَذْهَب قَالَ ابْن النجار كتب مَا لَا يدْخل تَحت الْحصْر بِالْأُجْرَةِ وَيُقَال إِنَّه كتب بِخمْس مائَة رَطْل حبرٍ أحصاها هُوَ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
الْهَرَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الأديب الْهَرَوِيّ الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر وَغلب عَلَيْهِ المجون والخلاعة وَالْفُحْش والسخف وَجمع مقاماتٍ فِي الْهزْل وروى عَنهُ ابْن النجار شعرًا وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ يخضب بِالسَّوَادِ والحرة وَمن شعره من الطَّوِيل
(سَلام كَمَا افتر النسيم وصافحت
…
بواكره روضاً تجلت غمائمه)
(وَأحسن من دوحٍ يراوحه الحيا
…
تأشب أَعْلَاهُ وغنت حمائمه)
وَمِنْه من السَّرِيع
(واخجلتا من عبرةٍ كشفت
…
ستري بعد الْبَين للحاسد)
(قد يكْشف الدمع ضمير الْهوى
…
وَيعرف الْغَائِب بِالشَّاهِدِ)
ابْن الْمُهْتَدي عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه أَبُو جَعْفَر أَخُو أبي الْغَنَائِم مُحَمَّد الْخَطِيب وَعبد الله أسن وَكَانَت لَهُ معرفَة بأنساب الهاشميين والطالبيين وصنف فِي ذَلِك كتابا حافلاً كَانَ أديباً فَاضلا متفنناً ولي الخبرية بِبَاب النوبي أَيَّام المستنجد وَجمع مدائحه فِي كتابٍ وَكَانَ يكْتب مليحاً نقم عَلَيْهِ شيءٌ فَقبض عَلَيْهِ وَحبس إِلَى أَن أَتَاهُ حِينه وَكَانَ شَابًّا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
الشَّيْخ نجم الدّين الرَّازِيّ عبد الله بن مُحَمَّد شاهاور بن أنوشروان بن أبي
النجيب الْأَسدي الرَّازِيّ نجم الدّين أَبُو بكر شيخ الطَّرِيقَة والحقيقة كَانَ كَبِير الشَّأْن من أَصْحَاب الْحَال والمقامات أكثرمن الترحال إِلَى الْحجاز ومصر وَالشَّام وَالْعراق وَالروم وآذربيجان وأران وخراسان وخوارزم ولد سنة ثَلَاث)
وَسبعين وَتُوفِّي سنة أربعٍ وَخمسين وسِتمِائَة وَسمع عبد الْمعز الْهَرَوِيّ وَمَنْصُور بن الفراوي وَأحمد بن عمر الخيوقي والمؤيد الطوسي وَابْن السَّمْعَانِيّ وَعبد الْوَهَّاب بن سكينَة وَزَيْنَب الشعرية وَعبد المحسن بن الطوسي ومسسمار بن العويس وَمُحَمّد بن أبي بكر الغزال وَعبد الله بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْملك الشحادي وَجَمَاعَة وروى عَنهُ جماعةٌ مِنْهُم شرف الدّين الدمياطي وقطب الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكنجي
نجم الدّين البادرائي الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْوَفَاء بن الْحسن بن عبد الله بن عُثْمَان الإِمَام نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد البادرائي الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي الفرضي ولد سنة أَربع وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَخمسين وسِتمِائَة سمع من عبد الْعَزِيز ابْن منينا وَسَعِيد بن مُحَمَّد الرزاز وَسَعِيد بن هبة الله الصّباغ وجماعةٍ وتفقه وبرع فِي الْمَذْهَب ودرس بالنظامية وَترسل عَن الدِّيوَان الْعَزِيز غير مرةٍ وَحدث بحلب ودمشق ومصر وبغداد وَبنى بِدِمَشْق الْمدرسَة الْكَبِيرَة الْمَشْهُورَة بِهِ وَكَانَ صَدرا محتشماً جليل الْقدر وافر الْحُرْمَة قَالَ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي أحسن إِلَيّ وَلَقِيت مِنْهُ أَثَرَة وَبرا فِي السّفر والحضر بِبَغْدَاد ودمشق والموصل ومصر وحلب وصحبته تسع سِنِين وَولي قَضَاء الْقُضَاة بِبَغْدَاد خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا وَعمل عزاؤه بِدِمَشْق فِي مدرسته فِي ثامن عشر ذِي الْحجَّة وَكَانَ يركب بالطرحة وَيسلم على من يمر بِهِ وَعَافَاهُ الله من فتْنَة التتار الكائنة على بَغْدَاد وَقَالَ لَهُ الزين خَالِد تذكر وَنحن بالنظامية وَالْفُقَهَاء يلقبونني حولتا ويلقبونك الدعشوش فَتَبَسَّمَ وَحملهَا مِنْهُ وَلما اجتاز بالموصل رَسُولا إِلَى حلب سنة سبعٍ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة سَأَلَ الْفُقَهَاء بهَا هَذِه المسأله من الطَّوِيل
(أَلا يَا فُقَهَاء الْعَصْر هَل من مخبرٍ
…
عَن امرإةٍ حلت لصَاحِبهَا عقدا)
(إِذا طلقت بعد الدُّخُول تربصت
…
ثَلَاثَة أقراءٍ حددن لَهَا حدا)
(وَإِن مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فاعتدادها
…
بقرءٍ من الْأَقْرَاء تَأتي بِهِ فَردا)
فَأَجَابَهُ صَاحب التَّعْجِيز ابْن يُونُس من الطَّوِيل
(وَكُنَّا عهدنا النَّجْم يهدي بنوره
…
فَمَا باله قد أبهم الْعلم الفردا)
(سَأَلت فَخذ عني فَتلك ليقطةٌ
…
أقرَّت برقٍ أَن نكحت عمدا)
قَاضِي الْقُضَاة الْأَذْرَعِيّ الْحَنَفِيّ)
عبد الله بن مُحَمَّد بن عَطاء بن حسن بن عَطاء قَاضِي الْقُضَاة أَبُو مُحَمَّد شمس الدّين الْأَذْرَعِيّ الْحَنَفِيّ ولد سنة خمسٍ وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَسبعين وسِتمِائَة سمع من حَنْبَل وَابْن طبرزد والكندي وَابْن ملاعبٍ والموفق الْحَنْبَلِيّ وتفقه ودرس وَأفْتى وَصَارَ مشاراً إِلَيْهِ فِي الْمَذْهَب وَولي عدَّة مدارس وناب فِي الْقَضَاء عَن صدر الدّين ابْن سني الدولة وَغَيره وَولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة لما جددت الْقُضَاة الْأَرْبَع وَكَانَ فَاضلا دينا حسن الْعشْرَة وَلَقَد صدع بِالْحَقِّ لما حصلت الحوطة على الْبَسَاتِين بِحُضُور الْملك الظَّاهِر بيبرس وَقَالَ مَا يحل لمسلمٍ أَن يتَعَرَّض لهَذِهِ الْأَمْلَاك وَلَا إِلَى هَذِه الْبَسَاتِين فَإِنَّهَا بيد أَصْحَابهَا ويدهم عَلَيْهَا ثابتةٌ فَغَضب السُّلْطَان وَقَامَ وَقَالَ إِذا كُنَّا مَا نَحن مُسلمين ايش قعودنا فَأخذ الْأُمَرَاء فِي التلطف وَقَالُوا لم يقل عَن مَوْلَانَا السُّلْطَان وَلما سكن غَضَبه قَالَ أثبتوا كتبنَا عِنْد القَاضِي الْحَنَفِيّ وَتحقّق صلابته فِي الدّين ونبل فِي عينه روى عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الحريري وَابْن الْعَطَّار وَجَمَاعَة وشيع جنَازَته خلائق
نجم الدّين ابْن سطيح عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر بن سطيح الشَّيْخ الْقدْوَة نجم الدّين ابْن الْحَكِيم الْحَمَوِيّ ولد سنة ثلاثٍ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَسبعين وَيُقَال إِنَّه من ذُرِّيَّة سطيح الكاهن كَانَ شيخأً صَالحا زاهداً كَبِير الْقدر أثنى عَلَيْهِ ابْن الدباهي وَكَانَ يحضر السماع وَهُوَ الَّذِي أنكر على ابْن إِسْرَائِيل ذَلِك الْبَيْت وَأَظنهُ قَوْله من الْكَامِل
(هَذَا الْوُجُود وَإِن تكْثر ظَاهرا
…
وحياتكم مَا فِيهِ إِلَّا أَنْتُم)
وَهُوَ وَالِد شرف الدّين الْمُحْتَسب وَلَهُم زَاوِيَة بحماة وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَدفن فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة
محيي الدّين قَاضِي الْقُضَاة ابْن عين الدولة عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عين الدولة قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين أَبُو الصّلاح ابْن قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين الصفراوي ثمَّ الإسكندري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي عَاشَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَسبعين وسِتمِائَة وَولي الْقَضَاء بِمصْر وَالْوَجْه القبلي بعد القَاضِي تَاج الدّين ابْن بنت الْأَعَز مُدَّة وأصابه فالج وَعجز عَن الْكِتَابَة خَمْسَة أعوامٍ وَكَانَ كَاتب الحكم يعلم عَنهُ ثمَّ عزل وَكَانَ فِيهِ لطفٌ ودماثة
الطوبي الْكَاتِب)
عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الصّقليّ الطوبي الْكَاتِب أورد لَهُ أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت فِي الحديقة من مجزوء الوافر
(تلاعب بِي وأطعمني
…
بنعمى لَيْسَ يبدلها)
(يقبل لي أنامله
…
ويمنعني أقبلها)
وَأورد لَهُ أَيْضا من المتقارب
(بخدك آسٌ وتفاحةٌ
…
وعينيك نرجسةٌ ذابله)
(وَرِيقك من طيبه قهوةٌ
…
فوجهك لي دعوةٌ كَامِله)
هَذَا كَقَوْل الْقَائِل من مجزوء الْخَفِيف
(شادنٌ خَدّه وعي
…
ناه وردي ونرجسي)
(إِن يجد لي بِخَمْر فِي
…
هـ فقد تمّ مجلسي)
المعري عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان هُوَ أَبُو مُحَمَّد التنوخي المعري وَهُوَ من بَيت أبي الْعَلَاء المعري وَقد تقدم وَالِده وجده فِي مكانيهما كَانَ وَالِده أَبُو الْمجد مُحَمَّد قَاضِي المعرة إِلَى أَن ملكهَا الفرنج وَمن شعر أبي مُحَمَّد هَذَا من الْكَامِل
(يَا من تنكب قوسه وسهامه
…
وَله من اللحظ السقيم سيوف)
(تغنيك عَن حمل السِّلَاح إِلَى العدى
…
أجفانك المرضى فهن حتوف)
مجد الدّين الطَّبَرِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّيْخ الإِمَام
مجد الدّين أَبُو مُحَمَّد الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمُحدث الْمُفْتِي ولد بِمَكَّة سنة تسعٍ وَعشْرين وَسمع من ابْن المقير وَابْن الجميزي وَشُعَيْب الزَّعْفَرَانِي وَجَمَاعَة وَقدم دمشق وَسمع من الرشيد بن مسلمة ومكي بن عَلان وبرع فِي الْفِقْه ودرس وَأفْتى ولي الإِمَام بِمَكَّة ثمَّ بِمَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ قدم أَوَاخِر أَيَّامه الْقُدس وَأم بالصخرة فَجمع لَهُ الْإِمَامَة بِالْمَسْجِدِ الثَّلَاثَة وَأفْتى بالأماكن الْمَذْكُورَة روى عَنهُ ابْن الْعَطَّار والبرزالي وَالْجَمَاعَة وَكتب إِلَى الشَّيْخ شمس الدّين بمروياته وَتُوفِّي بالقدس سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة
ابْن هَارُون المغربي)
عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن إِسْمَاعِيل الطَّائِي الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي نزيل تونس مولده سنة ثلاثٍ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَطلب الْعلم فِي حدائثته قراآتٍ وَحَدِيث وَفقه ولغة وَنَحْو وأدب وَمهر فِي الْآدَاب وَله حظٌ من النّظم قَرَأَ الْقُرْآن على جده لأمه مُحَمَّد بن قادم الْمعَافِرِي ولازم خَال أمه إِمَام جَامع قرطبة الْعَلامَة أَبَا مُحَمَّد عِصَام ابْن أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلصة واستفاد عَلَيْهِ وَأخذ على قرَابَته الْحَافِظ أبي زَكَرِيَّاء بن أبي عبد الله بن يحيى الْحِمْيَرِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الفصيح والأشعار السِّتَّة وَسمع مِنْهُ الرَّوْض الْأنف وَلم يكن أحدٌ فِي عصر أبي ذكرياء أحفظ مِنْهُ وَسمع قَاضِي الْجَمَاعَة أَبَا الْقَاسِم بن بَقِي وَأخذ عَنهُ الْمُوَطَّأ سَمَاعا وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَامِل لمبرد وَسمع صَحِيح مسلمٍ من عبد الله بن أَحْمد بن عَطِيَّة وَسمع من أبي بكر مُحَمَّد بن سيد النَّاس الْخَطِيب صَحِيح البُخَارِيّ ولازمه وَسمع الشَّمَائِل من الْحَافِظ مُحَمَّد بن سعيد الطرار وَسمع التَّيْسِير من النَّحْوِيّ أَحْمد بن عَليّ الفحام المالقي وَأخذ كتاب سِيبَوَيْهٍ تفهماً عَن أبي عَليّ الشلوبين وَأبي الْحسن الدباج وَقَرَأَ مقامات الحريري تفهماً على الْعَلامَة عَامر بن هِشَام الْأَزْدِيّ وَله نظمٌ كثير وانْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد روى عَنهُ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وَأَبُو عبد الله الْوَادي آشي وَأَبُو مَرْوَان التّونسِيّ خَازِن الْمُصحف وَآخَرُونَ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكتب إِلَيْنَا بمروياته عَام سَبْعمِائة وَفِي آخر وقته أسن وانحطم وَتغَير تغير الْهَرم وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ رَأَيْت بِخَط نَاصِر الدّين بن سَلمَة الغرناطي شَيخنَا ابْن هَارُون فِيهِ تشيعٌ وانحرافٌ عَن مُعَاوِيَة وَابْنه يطعن فيهمَا نظماً ونثراً اخْتَلَط بعد انفصالي عَنهُ وَبَان اخْتِلَاطه
الصاحب فتح الدّين ابْن القيسراني عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَالِد بن نصرٍ الصاحب الْأَثِير فتح الدّين ابْن القيسراني المَخْزُومِي الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي نزيل مصر مولده سنة ثلاثٍ وَعشْرين ووفاته سنة ثلاثٍ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ سمع أَبَا الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة ابْن الجميزي ويوسف الساوي وَابْن خَلِيل وَأحمد بن الْحباب وَجَمَاعَة وشارك فِي الْفَضَائِل والآداب وعني بِالْحَدِيثِ وَجمع وَألف كتابا فِي معرفَة الصَّحَابَة وَله النّظم والنثر وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا ولي الوزارة فِي دولة الْملك السعيد ابْن الظَّاهِر روى عَنهُ الدمياطي من نظمه وَأخذ عَنهُ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس والبرزالي أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ أَنْشدني الصاحب فتح الدّين من لفظ)
لنَفسِهِ من الوافر
(بِوَجْه معذبي آيَات حسنٍ
…
فَقل مَا شِئْت فِيهِ وَلَا تحاشي)
(ونسخة حسنه قُرِئت فَصحت
…
وَهَا خطّ المَال على الْحَوَاشِي)
الْقُرْطُبِيّ القوصي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ ثمَّ القوصي كَانَ فَاضلا وتزهد قَالَ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ أَنْشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن بن مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ قَالَ أَنْشدني أخي عبد الله بمنزله بقوص وَقد انْقَطَعت فِيهِ قَرِيبا من ثَلَاثِينَ سنة يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا لنَفسِهِ من الوافر
(مَتى تعش ملكا كَرِيمًا
…
يذل لملكك الْملك الفخور)
(قنعت بوحدتي ولزمت بَيْتِي
…
فطاب الْعَيْش لي ونما السرُور)
(وأدبني الزَّمَان فَلَا أُبَالِي
…
هجرت فَلَا أزار وَلَا أَزور)
(وَلست بقائلٍ مَا دمت حَيا
…
أسار الْجَيْش أم ركب الْأَمِير)
الأسواني عبد الله بن مُحَمَّد بن زُرَيْق أَبُو عبد الله الأسواني ذكره ابْن عرام فِي جملَة من مدح بني الْكَنْز وَذكر لَهُ قصيدةً أَولهَا من الْبَسِيط
(بالسفح من ربع سلمى منزلٌ دثرا
…
فاسفح دموعك فِي ساحاته دررا)
(واستوقف الركب واستسق الْغَمَام لَهُ
…
والثم صَعِيد ثراه الأذفر العطرا)
(واستخبر الدَّار عَن سلمى وجارتها
…
إِن كَانَت الدرا تُعْطِي سَائِلًا خَبرا)
(وَكَيف تسْأَل دَارا لم تدع جلدا
…
لسائليها وَلَا سمعا وَلَا بصرا)
وَمِنْهَا فِي المديح من الْبَسِيط
(أَقْسَمت لَو كَانَ فِي الماضين مولده
…
لأنزل الله فِي أَوْصَافه سورا)
(كَأَنَّهُ الْحرم المحجوج تقصده
…
وفوده لَا تمل الْورْد والصدرا)
عماد الدّين الطَّبِيب الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق الْعِرَاقِيّ الإِمَام البارع عماد الدّين الحربوي الطَّبِيب الأديب الحيسوب الْمُتَكَلّم الفيلسوف أحد الْأَعْيَان بِبَغْدَاد ولد سنة ثلاثٍ وَأَرْبَعين وَتُوفِّي سنة أربعٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة وبرع فِي فنونٍ وَعلم شرف الدّين هَارُون ابْن الْوَزير وَأَوْلَاد عَمه عَلَاء)
الدّين صَاحب الدِّيوَان فن الْحساب وَكَثُرت الْأَمْوَال الَّتِي لَهُ ودرس مَذْهَب الشَّافِعِي بدار الذَّهَب وَولي رياسة الطِّبّ ومشيخة الرِّبَاط وجالس الْمُلُوك وَأخذ عَن النصير علم الْأَوَائِل وَأَنْشَأَ دَارا ووقف عَلَيْهَا الإِمَام ومؤدباً وَعشرَة أَيْتَام وَله تصانيف وإنشاء وَأخذ عَنهُ الْعِزّ الإربلي الطَّبِيب وَله من الْكتب الْقَوَاعِد البهائية فِي الْحساب ومقدمة فِي الطِّبّ وَغير ذَلِك قَالَ فِي تَفْسِير رشيد الدولة هُوَ إنسانٌ رباني بل ربٌّ إنساني تكَاد تجل عِبَارَته بعد الله فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بعد موت الرشيد فَدخل على قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين فحقن دَمه وَمَات وَدفن بداره فِي بَغْدَاد
ابْن العاقولي الشَّافِعِي مدرس المستنصرية عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمَّاد بن ثابتٍ الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي الإِمَام مفتي الْعرَاق جمال الدّين بن العاقولي الْبَغْدَادِيّ مدرس المستنصرية ولد سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة تفقه ودرس وَأفْتى وَعدل سنة سبعٍ وَخمسين وَكَانَ يَقُول إِنَّه سمع من محيي الدّين ابْن الْجَوْزِيّ وَسمع من الْكَمَال الْكَبِير روى عَنهُ ابْن الساعاتي شَيْئا فِي تأليفه ورزق الْحَظ فِي فَتَاوِيهِ وَكَانَ إِمَامًا عَالما مفتياً شهماً حميد الطَّرِيقَة أفتى نَحوا من سبعين سنة دفن بداره الَّتِي وَقفهَا على ملقن وَعشرَة
أَيْتَام وَذكر أَنه مَا رئي أَكثر جمعا من جنَازَته وَخلف ولدا ذكياً مشتغلاً بالحكمة والبحث ودرس وَعظم
تَقِيّ الدّين الزيراني الْحَنْبَلِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر الإِمَام الْعَلامَة تَقِيّ الدّين الزريراني الْعِرَاقِيّ الْحَنْبَلِيّ مدرس المستنصرية ولد سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَقدم دمشق فِي حُدُود التسعين فتفقه على الْمجد وَغَيره وَرجع وبرع فِي الْمَذْهَب وصنف واشتغل وناب فِي الحكم وحمدت سيرته وتفقه بِهِ جماعةٌ وَهُوَ وَالِد شرف الدّين عبد الرَّحِيم
قَاضِي حلب ابْن قَاضِي الْخَلِيل عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن نَاصِر قَاضِي الْقُضَاة بحلب زين الدّين الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي الْخَلِيل الشَّافِعِي كَانَ رَئِيسا متميزاً وقوراً مليح الشكل فاخرة البزة حسن الْمُشَاركَة حُلْو المحاضرة سمع من ابْن أبي عَمْرو البُخَارِيّ والقطب الزُّهْرِيّ وَحدث وناب فِي الحكم بِدِمَشْق وَولي قَضَاء حمص وبعلبك ثمَّ حلب نيفاً وَعشْرين سنة وَثقل سَمعه وَحج مراتٍ)
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة عَن أَربع وَسبعين سنة وَكَانَ الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني كثير الْحَط عَلَيْهِ حكى لي عَنهُ حكاياتٍ عَجِيبَة
تَقِيّ الدّين الهرغي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الهرغي بِالْهَاءِ وَالرَّاء والغين الْمُعْجَمَة الزكندري بالزاء وَالْكَاف وَالنُّون وَالدَّال الْمُهْملَة وَالرَّاء المراكشي قَاضِي الركب المغربي إجتمعت بِهِ بجسر اللبادين بِدِمَشْق فِي حادي عشر صفر سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي تَاسِع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وَسَبْعمائة وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ ملغزاً فِي البربر من الطَّوِيل
(وَمَا أمةٌ سكناهم نصف وَصفهم
…
وعيش أعيالهم إِذا ضم أَوله)
(ومقلوبة بِالضَّمِّ مشروب جلهم
…
وبالفتح من كل عَلَيْهِ معوله)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا من الْبَسِيط
(إسم الَّذِي قد سبى قلبِي تجنيه
…
وَعز ملكٍ جَمِيع الْحسن يطغيه)
(مَا كل آخِره عشرٌ لأوله
…
وَعشر ثالثه شطرٌ لثانيه)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا من الْكَامِل
(قسما بورد الوجنتين ونضرته
…
وبقدرك السَّامِي الرفيع وعزته)
(لَو لَاحَ وَجهك فِي الْكرَى لكثيرٍ
…
مَا اعتاده برح الخيال بعزته)
(أَو لَو رأى الضليل بعض جمالكم
…
مَا ضل عَن سبل الْهوى بعنيزته)
الْمرْجَانِي عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْمرْجَانِي الْوَاعِظ الْمُذكر الزَّاهِد الْقرشِي التّونسِيّ كَانَ مفتياً عَالما مُفَسرًا مذكراً حُلْو الْعبارَة كَبِير الْقدر لَهُ شهرةٌ فِي الْآفَاق قدم الْإسْكَنْدَريَّة وَذكر بهَا وبالديار المصرية وَكَانَ بارعاً فِي مَذْهَب مَالك عَارِفًا بِالْحَدِيثِ لَهُ قدمٌ فِي التصوف وَالْعِبَادَة والزهد وَلم يصنف شَيْئا وَلَا كَانَ أحدٌ يقدر يُعِيد مَا يَقُوله لِكَثْرَة مَا يَقُول على الْآيَة ولربما فسر فِي الْآيَة الْوَاحِدَة على لِسَان الْقَوْم ثَلَاثَة أشهرٍ خلف كتبا كَثِيرَة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بتونس سنة تسعٍ وَتِسْعين وسِتمِائَة وحضره صَاحب تونس الْمُسْتَنْصر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الواثق
وعاش اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة وَصلي عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ)
الْعَسْقَلَانِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن خَلِيل الْعَسْقَلَانِي ثمَّ الْمَكِّيّ الْمُقْرِئ الشَّافِعِي الْمُحدث الْقدْوَة الرباني بهاء الدّين أَو مُحَمَّد قَرَأَ بالروايات وأتقن الْمَذْهَب وعني بِالْحَدِيثِ وارتحل فِيهِ وَأخذ عَن بيبرس العديمي بحلب وَعَن سِتّ الوزراء والدشي بِدِمَشْق وَعَن التوزري وَرَضي الدّين بِمَكَّة وَعَن طَائِفَة بِمصْر وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة جيد الْمعرفَة مليح المذاكرة متين الدّيانَة شَدِيد الْوَرع يُؤثر الِانْقِطَاع والخمول وَقَرَأَ الْمنطق وحصّل الجامكية ثمَّ ترك ذَلِك وَانْقطع بِظَاهِر الْإسْكَنْدَريَّة فِي زاويةٍ على الْبَحْر مرابطاً مولده سنة أربعٍ وَتِسْعين بِمَكَّة
القَاضِي موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك الإِمَام الْعَالم قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ عالمٌ ذكي خيرٌ فِيهِ مُرُوءَة وديانة وَله أوصافٌ حسنةٌ وسيرةٌ حميدة ويدٌ طولى فِي الْمَذْهَب إرتحل إِلى دمشق سنة سبع عشرَة فَسمع من أبي بكر بن عبد الدَّائِم وَعِيسَى المطعِّم وعدةٍ وَسمع بِمصْر وَقَرَأَ وعني
بالرواية وَسمع من الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ ولد سنة نَيف وَتِسْعين وسِتمِائَة وولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الْقَضَاء بالديار المصرية سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة لما عزل الْقُضَاة بِمصْر فَكَانَ القَاضِي موفق الدّين عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين الْحَنْبَلِيّ
ابْن الواني عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام الْفَقِيه الْمُحدث الْفَاضِل شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد الواني الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ حفيد الشَّيْخ برهَان الدّين الْمُؤَذّن وَقد تقدم ذكر آبَائِهِ ولد فِي شهر ربيع الآخر سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة وسَمعه وَالِده الشَّيْخ أَمِين الدّين من أبي بكر بن عبد الدَّائِم والمطعم حضوراً وَمن ابْن سعد والبهاء ابْن عَسَاكِر وبالقدس من بنت شكر وبمصر وقوص والحرمين وحماة وحلب وَطلب هُوَ بِنَفسِهِ وَقَرَأَ وَهُوَ فصيح الْأَدَاء جيد الْقِرَاءَة حاد الذِّهْن فِيهِ ورعٌ قرأعلى الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ وَغَيره وَعمل أَرْبَعِينَ بلدية وَغير ذَلِك وكتبت لَهُ ورقة شَهَادَة باستحقاقه لما يَتَوَلَّاهُ من وظائف الْعلم وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي آخر جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بالطاعون فِي دمشق
الحمداني الخوافي)
عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الحمداني من أهل خواف ناحيةٍ من نواحي نيسابور كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا رِوَايَة للْأَخْبَار والأشعار قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا مُدَّة يقتبس من فضلائها وروى بهَا الْأَشْعَار وَكتب عَنهُ فَارس الذهلي وَمن شعره من الْكَامِل
(لله سَاحر ناظريه إِذا انتضى
…
من جفْنه حد الحسام الباتر)
(يغتال وامقه بطرفٍ فاتنٍ
…
ويصيد رامقه بطرفٍ فاتر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(لَو كَانَ يحوي الرَّوْض ناضر خلقه
…
مَا كَانَ يذبل نوره بشتائه)
(أَو قَابل الأفلاك طالع سعده
…
مَا سَار نحسٌ فِي نُجُوم سمائه)
نجم الدّين الإصبهاني عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الإِمَام الْقدْوَة شيخ الْحرم نجم الدّين الإصبهاني الشَّافِعِي المجاور ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَصَحب أَبَا الْعَبَّاس المرسي تلميذ الشاذلي وتفقه وبرع فِي الْأُصُول وَدخل فِي طَرِيق الْحبّ صُحْبَة الشَّيْخ عماد الدّين الْحزَامِي وَكَانَ شَيخا مهيباً منقبضاً
عَن النَّاس وجاور بضعاً وَعشْرين سنة حج من مصر وَلم يزر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فعيب ذَلِك عَلَيْهِ مَعَ جلالة قدره وَكَانَ لجماعةٍ فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم
الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ العابد عبد الله بن محيريز بن جُنَادَة الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ نزيل الْقُدس قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَا أعلم أحدا ذكر أَبَاهُ فِي الصَّحَابَة روى عَن عبَادَة ابْن الصَّامِت وَأبي مَحْذُورَة الْمُؤَذّن الجُمَحِي وَكَانَ زوج أمه وَمُعَاوِيَة وَأبي سعيد والصنابحي وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة قَالَ رَجَاء بن حَيْوَة إِن يفخر علينا أهل الْمَدِينَة بعابدهم عبد الله بن عمر فَإنَّا نفخر عَلَيْهِم بعابدنا عبد الله بن محيريز توفّي سنة تسعٍ وَتِسْعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
راوية أبي عبيد عبد الله بن مخلد بن عبد الله التَّمِيمِي راوية أبي عبيد من أهل نيسابور كنيته أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بنيسابور روى عَنهُ أَبُو بكر الجارودي وَغَيره وَهُوَ روى كتب أبي عبيدٍ عَنهُ)
أَبُو الْخَيْر الْهَرَوِيّ عبد الله بن مَرْزُوق بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الْهَرَوِيّ من الموَالِي لأبي إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ
قَرَأَ الْعلم ورزق الْفَهم وَسمع الْكثير وسافر فِي طلب الحَدِيث وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْحِفْظِ والمعرفة مَعَ حسن سيرةٍ وَجَمِيل طريقةٍ وَكَانَ خطه ردياً وأصابه فِي آخر عمره صممٌ شَدِيد توفّي سنة سبعٍ وَخَمْسمِائة
وَزِير الرشيد عبد الله بن مَرْزُوق أَبُو مُحَمَّد الزَّاهِد الْبَغْدَادِيّ كَانَ وَزِير