الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذين يتَّصل الْإِسْنَاد فِي عصرنا إِلَيْهِم سَمَاعا - عدد التَّوَاتُر
…
...
أَقسَام الْآحَاد
وَالثَّانِي وَهُوَ أول أَقسَام الْآحَاد بِالْمدِّ، وأخره عَن الْمُتَوَاتر لاعتباره فِي معنى الْآحَاد نفي معنى الْمُتَوَاتر.
مَا لَهُ طرق محصورة بِأَكْثَرَ من اثْنَيْنِ قَالَ البقاعي: هَذَا يَأْتِي فِيهِ مَا مر من أَن الْحصْر إِنَّمَا يكون فِي معِين وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْمُحدثين أَي النَّوْع الَّذِي يُقَال لَهُ الْمَشْهُور عِنْدهم سمي بذلك لوضوحه أَشَارَ بذلك إِلَى الْمُنَاسبَة المصححة لنقله من الْمَعْنى اللّغَوِيّ إِلَى الاصطلاحي. قَالَ
البقاعي: وَلَو قَالَ لظُهُوره كَانَ أبلغ لأهل اللُّغَة، فَإِنَّهُم قَالُوا: الْمَشْهُور ظُهُور الشَّيْء، والشهير مَعْرُوف.
وَاعْلَم أَن مَا / جرى عَلَيْهِ الْمُؤلف من أَن أقل عدد الْمَشْهُور ثَلَاثَة هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَام ابْن الصّلاح.
لَكِن اخْتَار ابْن الْحَاجِب - تبعا للآمدي والإمامين والغزالى - أَن أَقَله مَا زَادَت نقلته على ثَلَاثَة مَا لم يبلغ حد التَّوَاتُر، وَهُوَ رأى مأثور عَن النظام، وَجزم بِهِ البُلْقِينِيّ وَمَال إِلَيْهِ الْكَمَال ابْن أبي شرِيف
وَقَالَ: القَوْل بِالثَّلَاثَةِ غَرِيب. قَالَ: وَلَا يُقَال هَذَا اصْطِلَاح أهل الْأُصُول دون الْمُحدثين لأَنا نقُول: مَمْنُوع، وَقد جزم ابْن الْجَزرِي فِي " منظومته " الَّتِي نظمها فِي هَذَا الْعلم بِأَنَّهُ الْمَشْهُور فِي اصْطِلَاح أهل الحَدِيث حَيْثُ قَالَ:
(واصطلحوا الْمَشْهُور مَا يرويهِ
…
فَوق ثَلَاثَة عَن الْوَجِيه)
أَي عَن راو ذِي وجاه وَقدر.
وَهُوَ المستفيض على رَأْي جمَاعَة من أَئِمَّة الْفُقَهَاء أَي قَول جمَاعَة من الْفُقَهَاء، وَكَذَلِكَ للأصوليين وَبَعض الْمُحدثين كَمَا عبر بِهِ السخاوي، وَأَخْطَأ من قَالَ كلهم. وعَلى هَذَا الرَّأْي جرى المُصَنّف فِي " الْإِصَابَة "، لَكِن هَذَا الرَّأْي مَرْجُوح كَمَا أفهمهُ تَعْبِير " جمع الْجَوَامِع " بقوله: قد يُسمى أَي المستفيض مَشْهُورا.
قَالَ الْكَمَال بن أبي شرِيف، والشرف الْمَنَاوِيّ: واللايق بالدمج أَنه كَانَ يَقُول: على رَأْي. هُوَ رَأْي جمَاعَة، أَو على رَأْي لجَماعَة، لِأَن الرَّأْي فِي الْمَتْن منون.
سمي بذلك لانتشاره واشتهاره وإشاعته فِي النَّاس، مَأْخُوذ من قَوْلهم فاض / المَاء يفِيض فيضاً وفيوضة، إِذا كثر حِين سَالَ على صفة الرَّاوِي.
وَمِنْهُم من غاير بَين المستفيض وَالْمَشْهُور وَفرق بَينهمَا أَن المستفيض يكون فِي ابْتِدَائه وانتهائه يعْنى وَفِيمَا بَينهمَا سَوَاء وَقد صرح بذلك الْمُؤلف فِي " تَقْرِيره " فَقَالَ: من الِابْتِدَاء إِلَى الِانْتِهَاء حَتَّى تدخل الْوَاسِطَة.
وَالْمَشْهُور أَعم من ذَلِك بِحَيْثُ يَشْمَل مَا كَانَ أَوله مَنْقُولًا عَن وَاحِد
كَحَدِيث " الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ "، وَإِن اعْترض ابْن الصّلاح التَّمْثِيل بِهِ لِأَن الشُّهْرَة فِيهِ نسبية.
وَمِنْهُم من غاير على كَيْفيَّة أُخْرَى فَفرق بِأَن المستفيض مَا تَلَقَّتْهُ الْأمة بِالْقبُولِ دون اعْتِبَار عدد، وَلذَلِك قَالَ الصَّيْرَفِي والقفال: إِنَّه هُوَ والمتواتر بِمَعْنى وَاحِد.
بل قَالَ الْمَاوَرْدِيّ أَنه أقوى من التَّوَاتُر كَذَلِك نَقله ابْن كثير عَنهُ ثمَّ قَالَ: وَهَذَا اصْطِلَاح (مِنْهُ) .
وَمِنْهُم من غاير بِأَن المستفيض هُوَ الشَّائِع عَن أصل كَيفَ كَانَ،
وَالْمَشْهُور مَا زَادَت رُوَاته على ثَلَاثَة.
وَلَيْسَ من مبَاحث هَذَا الْفَنّ أَي وَلَيْسَ تَحْقِيق الْمُغَايرَة أَو الترادف بَينهمَا من مبَاحث علم الحَدِيث بل مَحَله أصُول الْفِقْه.
ثمَّ الْمَشْهُور عِنْد الْمُحدثين (قِسْمَانِ الأول أَنه) يُطلق على مَا حرر هُنَا قَالَ العلائي: وَهَذَا الْقسم مُلْحق بالتواتر عِنْد الْمُحدثين، يُفِيد الْعلم النظري إِذا كَانَت طرقه متباينة / سَالِمَة من ضعف الروَاة، وَمن الشذوذ وَالْعلَّة، لكنه يُفَارق الْمُتَوَاتر فِي أَنه يشْتَرط عَدَالَة نقلته، فَإِن الْمَشْهُور قد يكون أحادي الأَصْل ثمَّ يشْتَهر بعد الصَّحَابَة فِي الْقرن الثَّانِي فَمن بعدهمْ، وَفِي أَن الْمَشْهُور لَا يحصل الْعلم بِهِ إِلَّا لعالم بِالْحَدِيثِ متبحر فِيهِ، عَارِف بأحوال الروَاة، مطلع على الْعِلَل بِخِلَاف الْمُتَوَاتر فَإِنَّهُ يحصل بِهِ لكل سامع.
وَالثَّانِي: أَنه يُطلق على مَا أَي على الحَدِيث الَّذِي اشْتهر على
الْأَلْسِنَة فَيشْمَل مَا لَهُ إِسْنَاد وَاحِد (فَصَاعِدا) وَإِن لم يكن صَحِيحا بل مَا لَا يُوجد لَهُ إِسْنَاد أصلا.
ك " عُلَمَاء أمتِي كأنبياء بني إِسْرَائِيل "، و " ولدت فِي زمن الْملك الْعَادِل كسْرَى "، و " من بشرني بِخُرُوج آذار بَشرته بِالْجنَّةِ "، و " يَوْم نحركم يَوْم صومكم ".
وَمن نظر " الواهيات " و " الموضوعات " لِابْنِ الْجَوْزِيّ علم لذَلِك أَمْثِلَة كَثِيرَة.
وَمن الْقسم الأول وَهُوَ الصَّحِيح: حَدِيث " إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعاً ينتزعه "، وَحَدِيث " من أَتَى الْجُمُعَة فليغتسل ".
ومثاله وَهُوَ حسن: حَدِيث " طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم ". فقد أَفَادَ الْمزي أَن طرقه يرتقى بهَا إِلَى الْحسن.
وَحَدِيث: " للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ على فرس ". قَالَ السخاوي: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن الْحُسَيْن وَعَن وَالِده، وخرجه أَحْمد عَن الْحُسَيْن وَغَيره.
ومثاله وَهُوَ ضَعِيف: " الأذنان من الرَّأْس ". قَالَ
بَعضهم: وينقسم الْمَشْهُور - أَيْضا - إِلَى مَشْهُور عِنْد / الْمُحدثين فَقَط، (وَإِلَى مَشْهُور بَينهم وَبَين غَيرهم فمثال الْمَشْهُور عِنْد الْمُحدثين فَقَط) كَحَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي مجلز عَن أنس أَن الْمُصْطَفى قنت شهرا بعد الرُّكُوع. فَهَذَا مَشْهُور بَين الْمُحدثين وَرَوَاهُ التَّيْمِيّ عَن أنس - أَيْضا -، وَأما غَيرهم فيستغربه من جِهَة أَن التَّيْمِيّ يروي عَن أنس بِلَا وَاسِطَة.