المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ذَهَابًا مِنْهُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر من دُخُوله فِي الْحسن - اليواقيت والدرر شرح شرح نخبة الفكر - جـ ١

[عبد الرؤوف المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌تَرْجَمَة الْحَافِظ ابْن حجر

- ‌اسْمه وَنسبه ومذهبه وكنيته وَالثنَاء عَلَيْهِ

- ‌طلبه للْعلم ومشايخه والعلوم الَّتِي برع فِيهَا

- ‌رحلاته

- ‌المناصب الَّتِي تقلدها

- ‌مؤلفاته

- ‌المصنفات الَّتِي لم يكملها وَكتب مِنْهَا الْيَسِير:

- ‌المصنفات الَّتِي رتبها

- ‌مصنفات أُخْرَى مُخْتَلفَة

- ‌وَفَاته

- ‌أشعار مُخْتَلفَة لِابْنِ حجر

- ‌نظمه أَسمَاء الصَّحَابَة الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ

- ‌نظمه جَوَاز الشّرْب قَائِما

- ‌نظمه الْأَيَّام الَّتِي يتوقى الِانْتِقَال فِيهَا من أَيَّام الشَّهْر

- ‌الْأَشْعَار فِي مدح ابْن حجر

- ‌شرح الْبَسْمَلَة والحمدلة

- ‌معنى علم الله

- ‌بَيَان قدرَة الله عز وجل

- ‌بَيَان حَيَاة الله عز وجل

- ‌بَيَان قيوميته سبحانه وتعالى

- ‌بَيَان كَونه تَعَالَى سميعاً بَصيرًا

- ‌معنى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله

- ‌معنى الصَّلَاة على رَسُوله الله

- ‌معنى آل مُحَمَّد

- ‌البوادر الأولى للتصنيف فِي عُلُوم الحَدِيث

- ‌أَقسَام الْخَبَر

- ‌تَعْرِيف علم الحَدِيث رِوَايَة ودراية

- ‌الحَدِيث الْمُتَوَاتر

- ‌المُرَاد بِالْإِسْنَادِ

- ‌شُرُوط الحَدِيث الْمُتَوَاتر

- ‌التَّوَاتُر النسبي واللفظي والمعنوي

- ‌الْمَشْهُور

- ‌الْعَزِيز

- ‌سَبَب تَسْمِيَة الْمُتَوَاتر

- ‌سَبَب إِبْهَام ابْن حجر شُرُوط التَّوَاتُر

- ‌أَقسَام الْآحَاد

- ‌الْعَزِيز

- ‌الْغَرِيب

- ‌أَقسَام الغرابة

- ‌تَنْبِيهَات

- ‌الحَدِيث الصَّحِيح بنوعيه

- ‌الْعَدَالَة وَالْمرَاد بِالْعَدْلِ

- ‌الضَّبْط وأنواعه

- ‌اتِّصَال السَّنَد

- ‌الْمُعَلل

- ‌الشاذ

- ‌(تَنْبِيه) :

- ‌محترزات تَعْرِيف الصَّحِيح

- ‌انتقادات لتعريف الصَّحِيح

- ‌أصح الْأَسَانِيد

- ‌الرَّأْي الْمُخْتَار فِي أصح الْأَسَانِيد

- ‌المفاضلة بَين الصَّحِيحَيْنِ

- ‌تَقْدِيم صَحِيح البُخَارِيّ على صَحِيح مُسلم

- ‌عدد أَحَادِيث صَحِيح البُخَارِيّ

- ‌تَوْجِيه كَلَام الشَّافِعِي فِي تَفْضِيل المؤطأ على الصَّحِيحَيْنِ

- ‌الْإِجَابَة عَن إِخْرَاج مُسلم حَدِيث بعض الضُّعَفَاء

- ‌جملَة مَا فِي صَحِيح مُسلم

- ‌عدم اسْتِيعَاب الشَّيْخَيْنِ للصحيح

- ‌المُرَاد من شَرطهمَا وَتَقْدِيم مَا وَافق شَرطهمَا على غَيره

- ‌عَدَالَة رُوَاة الصَّحِيحَيْنِ وتقدمهم على غَيرهم

- ‌بَقِيَّة مَرَاتِب الصَّحِيح وَمَا أورد عَلَيْهِ مِنْهَا

- ‌فَائِدَة بَيَان مَرَاتِب الصَّحِيح

- ‌تَنْبِيهَات

- ‌التَّصْحِيح والتضعيف فِي العصور الْمُتَأَخِّرَة

- ‌الحَدِيث الْحسن بنوعيه

- ‌تَنْبِيهَات

- ‌زِيَادَة الثِّقَة

- ‌تَنْبِيه:

- ‌والْحَدِيث فِي مُسلم

- ‌معرفَة النَّاسِخ والمنسوخ

- ‌تَعْرِيف النّسخ لُغَة وَشرعا:

- ‌الطّرق الَّتِي يعرف بهَا النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ:

- ‌معرفَة الضَّعِيف

- ‌الحَدِيث الْمُرْسل

- ‌تَنْبِيه:

الفصل: ذَهَابًا مِنْهُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر من دُخُوله فِي الْحسن

ذَهَابًا مِنْهُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر من دُخُوله فِي الْحسن لغيره فمصدقهما وَاحِد.

وَخَالفهُ فِي ذَلِك أَبُو دَاوُد فَجعله قسما بِرَأْسِهِ، وَيُؤَيِّدهُ قَول يَعْقُوب ابْن شيبَة: الصَّالح مَا فِي إِسْنَاده من لَيْسَ بالثبت، وَإِذا عرف بِأَنَّهُ مَا فِي سَنَده الْمُتَّصِل مَسْتُور خَال عَن قادحة كَانَ من الْحسن.

قَالَ أَبُو دَاوُد: مَا فِي كتابي إِذا اشْتَدَّ وهنه بَينته وَإِن سكت فَهُوَ صَالح وَبَعضهَا أصح من بعض - أَي لتَفَاوت مرتبته فِي الصلاحية - ذكريات فِيهِ الصَّحِيح، وَمَا يشبه ويقاربه - أَي الْحسن.

‌زِيَادَة الثِّقَة

وَزِيَادَة راويهما - أَي الصَّحِيح وَالْحسن أَي زِيَادَة الْعدْل الضَّابِط فِيمَا رَوَاهُ على غَيره من الْعُدُول / مَقْبُولَة لِأَنَّهَا فِي حكم حَدِيث

ص: 410

مُسْتَقل انْفَرد بِهِ ثِقَة، وَلَا يرويهِ عَن شَيْخه غَيره، وَهَذَا مَا لم تقع أَي الزِّيَادَة مُنَافِيَة لرِوَايَة من هُوَ أوثق مِمَّن لم يذكر تِلْكَ الزِّيَادَة لمزيد ضبط أَو كَثْرَة عدد. قَالَ الْكَمَال بن أبي شرِيف: وَمن فِي قَوْله مِمَّن بَيَان لقَوْله: من هُوَ. اه وَلَيْسَت مُتَعَلقَة بِفعل التَّفْضِيل، لِأَن الزِّيَادَة إِمَّا أَن تكون لَا تنَافِي بَينهَا وَبَين رِوَايَة من لم يذكرهَا فَهَذِهِ تقبل مُطلقًا لِأَنَّهَا فِي حكم الحَدِيث المستقل الَّذِي ينْفَرد بِهِ الثِّقَة وَلَا يرويهِ عَن شَيْخه غَيره.

وَمن أَمْثِلَة ذَلِك حَدِيث مُسلم وَغَيره من رِوَايَة أبي مَالك

ص: 411

الْأَشْجَعِيّ عَن ربعي عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا: " جعلت لنا الأَرْض مَسْجِدا، وَجعلت لنا تربَتهَا طهُورا ". فَإِن زِيَاد تربَتهَا تفرد بِهِ الْأَشْجَعِيّ، وَرِوَايَة جَمِيع الروَاة جعلت لنا الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا.

وَحَدِيث ابْن عمر فِي صَدَقَة الْفطر، انْفَرد بِهِ سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي بِزِيَاد أَو صَاعا من قَمح، وَأكْثر الروَاة لم يذكرُوا إِلَّا صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير فَقَط.

ص: 412

وَأما أَن تكون مُنَافِيَة بِحَيْثُ يلْزم من قبُولهَا رد الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَهَذِهِ الَّتِي يَقع التَّرْجِيح بَينهَا وَبَين معارضها فَيقبل الرَّاجِح وَيرد الْمَرْجُوح.

وَمن وُجُوه الْمُنَافَاة مَا لَو غيرت الزِّيَادَة إِعْرَاب الْبَاقِي (فيتعارضان - أَي خبر الزِّيَادَة وَخبر عدمهَا - للِاخْتِلَاف حِينَئِذٍ خلافًا لأبي عبد الله الْبَصْرِيّ) .

قَالَ الشَّيْخ قَاسم: وَقَوله لِأَن الزِّيَادَة

... إِلَى آخِره تَقْسِيم للزِّيَادَة لَا تَعْلِيل لما وَقع فِي الْمَتْن هَذَا هُوَ الظَّاهِر من السُّوق، فَإِن اعْتَبرهُ المُصَنّف / تعليلا فَهُوَ أَعم مِمَّا فِي الْمَتْن، وَكَانَ اللايق بِالتَّعْلِيلِ أَن يَقُول لِأَن المنافية لرِوَايَة من هُوَ أوثق مُعَارضَة بأرجح فَلم تقبل، وَالَّتِي لم تناف بِمَنْزِلَة حَدِيث مُسْتَقل. وَيفهم مِنْهُ

ص: 413

أَنه أَن مَا نافى، وَلَيْسَ بأوثق أَنه مقدم.

وَقَالَ البقاعي: لَو قَالَ إِذا لم تناف رِوَايَة أوثق مِنْهُ كَانَ أحسن، فَإِن نافت بِأَن لزم من قبُولهَا رد الْأُخْرَى احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيح بَينهَا وَبَين معارضها، فَيقبل الرَّاجِح وَيرد الْمَرْجُوح.

واشتهر عَن جمع من الْعلمَاء أَي أهل الْأُصُول وَالْفِقْه القَوْل بِقبُول الزِّيَادَة - مُطلقًا من (غير تَفْصِيل) قَالُوا: زِيَاد الثِّقَة مَقْبُولَة إِن علم تعدد الْمجْلس لجَوَاز كَون النَّبِي ذكرهَا فِي مجْلِس وَسكت عَنْهَا فِي آخر، وَكَذَا إِن لم يعلم تعدده وَلَا اتحاده لِأَن الْغَالِب التَّعَدُّد، فَإِن علم اتحاده فأقوال:

1 -

أَحدهَا: الْقبُول (مُطلقًا، قَالَ الْكَمَال بن أبي شرِيف - كَغَيْرِهِ: وَهُوَ الَّذِي اشْتهر عَن الشَّافِعِي رضي الله عنه، وَنَقله الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ عَن جُمْهُور الْعلمَاء والمحدثين بل ادّعى ابْن طَاهِر اتِّفَاق الْمُحدثين عَلَيْهِ) لجَوَاز غَفلَة غير من زَاد.

ص: 414

2 -

وَالثَّانِي: عَدمه لجَوَاز خطأ من زَاد.

3 -

وَالثَّالِث: الْوَقْف وَإِن كَانَ السَّاكِت (عَنْهَا - أَي غير) الذاكر لَهَا - أضبط مِمَّن ذكرهَا، أَو صرح بِنَفْي الزِّيَادَة على وَجه لَا يقبل، كَأَن قَالَ: مَا سَمعتهَا - أَي تعَارض الخبران فِيهَا - نعم إِن نفاها على وَجه لَا يقبل بِأَن مَحْض النَّفْي فَقَالَ: لم يقلها النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام.

فَإِنَّهُ لَا أثر لذَلِك، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِك على طَرِيق الْمُحدثين الَّذين يشترطون فِي الصَّحِيح أَن لَا يكون شاذا، ثمَّ يفسرون الشذوذ بمخالفة الثِّقَة لمن هُوَ أوثق مِنْهُ.

قَالَ الشَّيْخ قَاسم: قد ذكر المُصَنّف فِي تَقْرِيره لذَلِك إِن الْمُخَالفَة تصدق على زِيَادَة / لَا تنَافِي فِيهَا، فَلَا يحسن الْإِطْلَاق، وَلَيْسَ فِي الشاذ مَا يُخَالف، فَلذَلِك قيدت بِقَوْلِي مَا لم تقع مُنَافِيَة

... إِلَخ.

قَالَ الشَّيْخ قَاسم: وَلَيْسَ فِي هَذَا زِيَاد فَائِدَة وَمَا فِي الشَّرْح يُغني عَنهُ.

وَالْعجب مِمَّن أغفل ذَلِك مِنْهُم مَعَ اعترافه بِاشْتِرَاط

ص: 415

انْتِفَاء الشذوذ فِي حد الحَدِيث الصَّحِيح وَكَذَا الْحسن.

قَالَ الشَّيْخ قَاسم: أَعَادَهُ لأجل ذكر الْحسن وَأَنه يكون أولى أَن يشْتَرط فِي الصَّحِيح.

وَالْمَنْقُول عَن أَئِمَّة الْمُحدثين الْمُتَقَدِّمين: كَابْن مهْدي وَيحيى الْقطَّان نسبته إِلَى بيع الْقطن وَأحمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْمُهْملَة وَسُكُون التَّحْتِيَّة - نِسْبَة إِلَى مَدِينَة (نيسابور) وَقيل غَيرهَا وَالْبُخَارِيّ وَأبي زرْعَة وَأبي حَاتِم وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِفَتْح الرَّاء وَضم الْقَاف وَسُكُون الطَّاء نِسْبَة إِلَى دَار الْقطن محلّة بِبَغْدَاد وَغَيرهم اعْتِبَار التَّرْجِيح فِيمَا يتَعَلَّق بِالزِّيَادَةِ وَغَيرهَا، وَلَا يعرف عَن أحد مِنْهُم إِطْلَاق قبُول الزِّيَادَة، وأعجب من

ص: 416

ذَلِك إِطْلَاق كثير من الشَّافِعِيَّة القَوْل بِقبُول زِيَادَة الثِّقَة مَعَ أَن نَص الشَّافِعِي يدل على غير ذَلِك، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أثْنَاء كَلَامه على مَا يعْتَبر فِيهِ حَال الرَّاوِي فِي الضَّبْط مَا نَصه: وَيكون إِذا شرك أحدا من الْحفاظ لم يُخَالِفهُ، فَإِن خَالفه فَوجدَ حَدِيثه أنقص كَانَ فِي ذَلِك دَلِيل على / صِحَة مخرج حَدِيثه وَمَتى خَالف مَا وصفت أضرّ ذَلِك بحَديثه. انْتهى.

(كَلَامه وَمُقْتَضَاهُ أَنه إِذا خَالف فَوجدَ حَدِيثه أَزِيد ضرّ ذَلِك بحَديثه) فَدلَّ على أَن زِيَادَة الْعدْل عِنْده لَا يلْزم قبُولهَا مُطلقًا وَإِنَّمَا تقبل من الْحَافِظ، فَإِنَّهُ اعْتبر أَن يكون حَدِيث هَذَا الْمُخَالف أنقص من حَدِيث من خَالفه من الْحفاظ، وَجعل نُقْصَان هَذَا الرَّاوِي من الحَدِيث دَلِيلا على صِحَّته لِأَنَّهُ يدل على تحريه، وَجعل مَا عدا ذَلِك مضرا بحَديثه فَدخلت فِيهِ الزِّيَادَة، فَلَو كَانَت عِنْده مَقْبُولَة مُطلقًا لم تكن مضرَّة (بِحَدِيث) صَاحبهَا.

ص: 417

كَذَا زَعمه المُصَنّف، وَقد رده عَلَيْهِ جمع مِنْهُم الْكَمَال بن أبي شرِيف فَقَالَ: الثِّقَة هُوَ الْعدْل الضَّابِط وَكَلَام الشَّافِعِي فِيمَن لم يعرف ضَبطه فَلَا يكون دَلِيلا على عدم قبُول الزِّيَادَة مُطلقًا كَمَا زَعمه المُصَنّف، إِذْ لَيْسَ الحكم فِيهِ إِلَّا فِي حَدِيث من يختبر ضَبطه.

قَالَ: وَقَول الشَّافِعِي وَيكون مَنْصُوب عطفا على مَا قبله فِي كَلَامه، فَإِنَّهُ قَالَ: ثمَّ يعْتَبر عَلَيْهِ بِأَن يكون إِذا سمى من روى عَنهُ لم يسم مَجْهُولا وَلَا مرغوباً عَن الرِّوَايَة عَنهُ. ثمَّ قَالَ: وَيكون. انْتهى.

وَمِنْهُم البقاعي فَقَالَ: كَلَام الإِمَام الشَّافِعِي فِي عدل لم يعرف ضَبطه فَلَا يُعَارض قبولهم زِيَادَة الثِّقَة، فَإِن الثِّقَة هُوَ الَّذِي جمع إِلَى الْعَدَالَة الضَّبْط.

قَالَ: وَقَوله وَإِنَّمَا / يقبل من الْحَافِظ يُقَال عَلَيْهِ: سلمنَا ذَلِك،

ص: 418

فَإِن أردْت مُطلق الثِّقَة فَهُوَ غير مَا قُلْنَا، وَإِلَّا فَلَا دلَالَة لكَلَام الشَّافِعِي عَلَيْهِ.

وَقَوله وَجعل نُقْصَان هَذَا الرَّاوِي من الحَدِيث دَلِيلا على صِحَّته لِأَنَّهُ يدل على تحريه

... إِلَى آخِره مُسلم، لَكِن الْكَلَام فِي الزِّيَادَة الْوَاقِعَة من الثِّقَة لَا فِي مُطلق الزِّيَادَة الْوَاقِعَة من الثِّقَة وَغَيره، وَهَذَا كُله لَيْسَ ردا على مَا فصل وَإِنَّمَا هُوَ دفع للاستدلال بِكَلَام الإِمَام الشَّافِعِي، فَإِنَّهُ لَا دلَالَة فِيهِ على مَا ادَّعَاهُ أصلا.

وَمِنْهُم الشَّيْخ قَاسم الْحَنَفِيّ فَقَالَ: قَوْله وأعجب من ذَلِك

إِلَى آخِره إِلَى أَن قَالَ كَونه أعجب لوُجُود نَص أمامهم فِي ذَلِك. أَقُول: لَيْسَ هَذَا مَحل مَا ذكره إمَامهمْ لِأَنَّهُ فِيمَن يختبر ضَبطه، وَكَلَامهم فِي الثِّقَة وَهُوَ عِنْدهم الْعدْل الضَّابِط فَلَا تجب. الْعجب مِنْك.

وَقَوله وَجعل نُقْصَان هَذَا الرَّاوِي

... إِلَى آخِره يُقَال عَلَيْهِ: لم لَا

ص: 419

يجوز أَن يكون نقصانه دَلِيلا على نُقْصَان حفظه.

وَقَوله: وَجعل مَا عدا ذَلِك

إِلَى آخِره. أَقُول إِذا حمل كَلَام الإِمَام على مَا نَحن فِيهِ فَظَاهره منع قبُول الزِّيَادَة مُطلقًا لَا على التَّفْضِيل الْمَذْكُور، ويتبادر من سوق الْكَلَام فِي قَوْله وَزِيَادَة رَاوِيه إِلَى هُنَا أَن الْمُخَالفَة من حَيْثُ أَن يزِيد الثِّقَة مُخَالفا لمن هُوَ أوثق مِنْهُ، أَو يزِيد الضَّعِيف مُخَالفا للثقة، وَالْوَاقِع أَن المُرَاد / مُجَرّد الْمُخَالفَة. انْتهى.

فَإِن خُولِفَ أَي الرَّاوِي بأرجح مِنْهُ لمزيد ضبط وإتقان أَو كَثْرَة عدد أَو غير ذَلِك من وُجُوه الترجيحات سَوَاء خَالفه فِي السَّنَد أَو فِي الْمَتْن فالراجح يُقَال لَهُ الْمَحْفُوظ وَمُقَابِله وَهُوَ الْمَرْجُوح يُقَال لَهُ الشاذ.

فالمحفوظ: مَا رَوَاهُ المقبول مُخَالفا لمن دونه فِي الْحِفْظ والإتقان، والشاذ: مَا رَوَاهُ المقبول مُخَالفا لمن فَوْقه فِي الْحِفْظ والإتقان. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامه.

وَخرج بالمقبول الْمَعْرُوف وَالْمُنكر فَإِن رَاوِي كل مِنْهُمَا غير مَقْبُول.

وبمن دونه الشاذ كَمَا يَأْتِي.

وَمِثَال ذَلِك يَعْنِي مِثَال الْمُخَالفَة فِي الْإِسْنَاد مَا رَوَاهُ

ص: 420

الْحَاكِم وَصَححهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَوْسَجَة عَن ابْن عَبَّاس مَوْصُولا أَن رجلا توفى على عهد رَسُول الله وَلم يدع وَارِثا إِلَّا مولى هُوَ أعْتقهُ

الحَدِيث وتتمته: فَدفع مِيرَاثه إِلَيْهِ. وتابع ابْن عُيَيْنَة على وَصله ابْن جريج وَغَيره، وَخَالفهُم حَمَّاد بن زيد فَرَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَوْسَجَة وَلم يذكر ابْن عَبَّاس. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: الْمَحْفُوظ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة.

ص: 421

انْتهى. وَتَابعه مُحَمَّد بن مُسلم، وَقصر حَمَّاد بن زيد فحماد بن زيد من أهل الْعَدَالَة والضبط وَمَعَ ذَلِك رجح أَبُو حَاتِم رِوَايَة من هُوَ أَكثر عددا مِنْهُ. وَفِيه هُنَا أَمْرَانِ:

1 -

الأول: أَن تمثيله بذلك / قد نازعه فِيهِ ابْن قطلوبغا، فَقَالَ: الأولى فِي الْمِثَال أَن يكون بمتن خَالف فِيهِ الثِّقَة غَيره لِأَن هَذِه الْأَنْوَاع من الشذوذ وَنَحْوه إِمَّا هِيَ وَاقعَة بِالذَّاتِ على الْمَتْن لما فِيهِ أَو فِي طَرِيقه مَا يقتضيها.

2 -

الثَّانِي: أَن قَوْله قَالَ أَبُو حَاتِم

... إِلَى آخِره قد رده عَلَيْهِ الشَّيْخ قَاسم بِأَن هَذَا معَارض لما قدمه عَن الشَّافِعِي لِأَن النُّقْصَان أضرّ بحَديثه وَلم يكن ذَلِك دَلِيل تحريه، فَهَذَا هُوَ المُرَاد لما فهمه المُصَنّف.

ص: 422

والكمال بن أبي شرِيف على هَذَا. فَذكر مَا ذكره الشَّيْخ قَاسم ثمَّ قَالَ: وعَلى هَذَا) فالثقة فِي قَول الإِمَام الشَّافِعِي الشاذ: أَن يروي الثِّقَة مَا يُخَالف مَا روى النَّاس. بِمَعْنى المقبول الشَّامِل للعدل الضَّابِط، وللصدوق الْقَرِيب من دَرَجَة الضَّبْط والإتقان.

أَو يكون ذكر الثِّقَة للِاحْتِرَاز عَن الضَّعِيف لَا عَن الصدوق بل لإفهام أَن مُخَالفَة الصدوق الْمَذْكُور أولى باسم الشذوذ. انْتهى.

وَمن أمثلته فِي الْمَتْن مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث

ص: 423

عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: " إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر فليضطجع عَن يَمِينه "

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: خَالف عبد الْوَاحِد الْعدَد الْكثير فِي هَذَا فَإِن النَّاس إِنَّمَا رَوَوْهُ عَن فعل الْمُصْطَفى لَا من قَوْله، وَانْفَرَدَ عبد الْوَاحِد من بَين ثِقَات أَصْحَاب الْأَعْمَش بِهَذَا اللَّفْظ.

وَعرف من هَذَا التَّقْرِير أَن الشاذ مَا رَوَاهُ المقبول مُخَالفا لمن هُوَ أولى مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد فِي تَعْرِيف الشاذ بِحَسب الِاصْطِلَاح. وَأما بِحَسب اللُّغَة فَإِنَّهُ مُطلق / الِانْفِرَاد.

وَإِن وَقعت الْمُخَالفَة مَعَ الضعْف بِأَن روى الضَّعِيف حَدِيثا وَخَالف فِي إِسْنَاده أَو مَتنه ضَعِيف أرجح مِنْهُ لكَونه أقل مِنْهُ ضعفا، وَأحسن مِنْهُ حَالا فَمَا رَوَاهُ الضَّعِيف الرَّاجِح يُقَال

ص: 424

لَهُ الْمَعْرُوف مُقَابِله وَهُوَ مَا رَوَاهُ الضَّعِيف الْمَرْجُوح يُقَال لَهُ الْمُنكر.

فَخرج بِقَيْد الضَّعِيف فِي كل مِنْهُمَا الْمَحْفُوظ والشاذ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا رَاوِيه مَقْبُول.

ثمَّ مثل لذَلِك بقوله: مِثَاله مَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق حبيب بِضَم (الْحَاء الْمُهْملَة) وَفتح بَاء مُوَحدَة وَكسر يَاء تحتية مُشَدّدَة مُصَغرًا بن حبيب بِفَتْح فَكسر - (وَهُوَ أَخُو حَمْزَة بن حبيب) -

ص: 425

كقريب الزيات الْمقري عَن أبي إِسْحَق عَن الْعيزَار بِعَين مُهْملَة، فزاي بعد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة، وَبعد الْألف رَاء ابْن حُرَيْث بِالتَّصْغِيرِ عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا عَن النَّبِي أَنه قَالَ:" من أَقَامَ الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَحج وَصَامَ وقرى الضَّيْف دخل الْجنَّة ". قَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ أَي حَدِيث حبيب هَذَا مُنكر لِأَن غَيره من الثِّقَات رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَق مَوْقُوفا وَهُوَ الْمَعْرُوف.

وَنقل بعض تلامذة الْمُؤلف عَنهُ أَنه قَالَ: المُرَاد بِقَوْلِي وَإِن وَقعت الْمُخَالفَة مَعَ الضعْف أَن يكون فِي الْجَانِبَيْنِ مَعَ رُجْحَان أَحدهمَا.

ص: 426

قَالَ تلميذ المُصَنّف الْمَذْكُور: لَكِن مَا مثل بِهِ أولى وَقَول أبي حَاتِم: هُوَ مُنكر لِأَن غَيره من الثِّقَات رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَق مَوْقُوفا يبين أَن الضعْف فِي أَحدهمَا.

قَالَ: وَقد أوقفت الشَّيْخ يَعْنِي / المُصَنّف على هَذَا فَقَالَ: أَن اللايق فِي التَّمْثِيل التَّمْثِيل بِغَيْرِهِ، وروجع فِي أَن الْمَأْخُوذ أَولا زِيَادَة رَاوِي الْحسن أَو الصَّحِيح.

فَأجَاب: بِأَنَّهُ لَيْسَ معزيا هُنَا، وَأَن الْكَلَام وَقع اسْتِطْرَادًا هُنَا لأجل مُطلق الْمُخَالفَة.

ثمَّ رُوجِعَ، فَأخْبر بِمَا فسر بِهِ أَولا من كَون الضَّعِيف فِي الْمُخَالف مَعَ قَوْله أَو وجا فيهمَا كَانَ كَذَلِك فِي التَّسْمِيَة أَي يُقَال لمن قل ضعفه مَعْرُوف وَالْآخر مُنكر. انْتهى.

ص: 427

وَعرف بِهَذَا أَن بَين الشاذ وَالْمُنكر عُمُوما وخصوصاً من وَجه، لِأَن بَينهمَا اجتماعاً فِي اشْتِرَاط الْمُخَالفَة، وافتراقاً فِي أَن الشاذ رَاوِيه ثِقَة أَو صَدُوق، وَالْمُنكر رَاوِيه ضَعِيف.

وَتعقبه الشَّيْخ قَاسم: بِأَنَّهُ يشْتَرط فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص من وَجه أَن يكون بَين الْمَذْكُورين مَادَّة اجْتِمَاع يصدق فِيهَا كل مِنْهُمَا، وَلَيْسَ الْمَذْكُور هُنَا كَذَلِك.

قَالَ: وَمَا ذكره المُصَنّف فِي تَوْجِيهه لَيْسَ على حد مَا عِنْد الْقَوْم.

والبقاعي فَقَالَ: مَا ذكره الْمُؤلف من الْعُمُوم وَالْخُصُوص غير صَحِيح، وَإِنَّمَا بَين الشاذ وَالْمُنكر من النّسَب المباينة الْكُلية لَا شَيْء من الشاذ بمنكر، وَلَا شَيْء من الْمُنكر بشاذ، وَلم يجتمعا فِي مُطلق الْمُخَالفَة الْمَذْكُورَة فِي الشاذ لِأَنَّهَا مُقَيّدَة بالثقة، وَلَا بِمُطلق الْمُخَالفَة الْمَذْكُورَة فِي الْمُنكر فَإِنَّهَا مُقَيّدَة بالضعيف.

قَالَ: لَيْسَ هَذَا كالحيوان وَالْأسود فِي فَرد من أَفْرَاد الْحَيَوَان / فَإِنَّهُمَا اجْتمعَا فِي مُطلق الْحَيَوَان الْأسود وَأما هُنَا فَلم يجتمعا فِي فَرد من أَفْرَاد الْمُنكر، وَلَا فِي فَرد من أَفْرَاد الشاذ كَمَا اجْتمع الْحَيَوَان وَالْأسود فِي فَرد

ص: 428

من أَفْرَاد الْحَيَوَان، فَكَانَ بعض الْحَيَوَان أسود وَبَعض الْأسود حَيَوَان إِلَى هُنَا كَلَامه.

وتبعهما على ذَلِك الأشموني فَقَالَ: مَا ذكره الْمُؤلف مَمْنُوع، وَإِنَّمَا الَّذِي بَين الشاذ وَالْمُنكر تبَاين كلي لَا عُمُوم وخصوص من وَجه كَمَا زَعمه، لِأَن الشاذ لَا يصدق على شَيْء من أَفْرَاد الْمُنكر، كَمَا أَن الْمُنكر لَا يصدق على شَيْء من أَفْرَاد الشاذ، لِأَن الشاذ من رِوَايَة المقبول وَالْمُنكر من رِوَايَة الضَّعِيف. انْتهى.

وَمَا ذكره غَفلَة عَن مُرَاد الْمُؤلف مِمَّا ذكره، فَإِن الْكَمَال بن أبي شرِيف نقل عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ: إِنَّه لَيْسَ مُرَاده الْعُمُوم وَالْخُصُوص المصطلح عَلَيْهِ: وَهُوَ صدق كل مِنْهُمَا على بعض مَا يصدق عَلَيْهِ الآخر، وَإِنَّمَا مُرَاده مَا فسر بِهِ وَهُوَ أَن بَينهمَا اجْتِمَاع وافتراق. انْتهى.

وَأما الْجَواب بِأَن شَرط الْعُمُوم وَالْخُصُوص مَوْجُود هُنَا، وَهُوَ وجود مَادَّة يصدق فِيهَا كل مِنْهُمَا لِأَن لنا رَاوِيا وَاحِدًا يكون حَدِيثه شاذاً ومنكراً، شَاذ

ص: 429

بِاعْتِبَار أَنه صَدُوق ومنكر بِاعْتِبَار أَنه سيئ الْحِفْظ أَو مُغفل أَو فَاحش الْغَلَط أَو مُبْتَدع فَهُوَ ضَعِيف بِهَذِهِ الاعتبارات إِذْ كل وَاحِد مِنْهَا - أَي من هَذِه الْأَوْصَاف - يضعف بهَا الرَّاوِي لَا يُنَافِي أَن / يكون صَدُوقًا.

وَالْحَاصِل: أَن بقوله أَو صَدُوق ينْدَفع الِاعْتِرَاض عَنهُ فَفِيهِ تعسف لَا يخفى.

وَقد غفل من سوى بَينهمَا أَي كَابْن الصّلاح حَيْثُ قَالَ فِي الْمُنكر أَنه بِمَعْنى الشاذ.

وَتعقب الشَّيْخ قَاسم هَذَا: بِأَنَّهُم أطْلقُوا فِي غير مَوضِع النكارة على

ص: 430

رِوَايَة الثِّقَة مُخَالفا لغيره، من ذَلِك حَدِيث نزع الْخَاتم حَيْثُ قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا حَدِيث مُنكر. مَعَ أَن رَاوِيه همام بن يحيى وَهُوَ ثِقَة احْتج بِهِ أهل الصِّحَّة، وَفِي عبارَة النَّسَائِيّ مَا يُفِيد فِي هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه. أَنه يُقَابل

ص: 431