الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأليه البشر وأبناء الله
تعد دولة أكد السامية (2350ق. م) هى أول دولة استحدثت تأليه الملوك (1) حيث ارتبط اسم (سرجون) أول ملوك أكد بالصفات المقدسة ومن بعده جاء الملك نرامسن الذي كان ينادي بلقب نرامسن المقدس إله أكد (2)
كذلك فى عصر إحياء الدولة السومرية استمر الملوك فى اكتساب الصفات الإلهية فبنيت لهم المعابد وقدمت لتماثيلهم العطايا والقرابين، وألفت الأناشيد والترانيم لتمجيدهم كما يتضح من هذا النشيد المصاغ عن الملك (شولجي):
أنا ملك الأحياء الأربعة (العالم)
وإله كل البلاد
والإبن المولود لنن سون (اسم إلهة)
أنا الذي باركني أنليل (إله الهواء)
ومنحنى أنكي الحكمة (إله الأرض)
كذلك ذكر الملك (جوديا) أنه ابن الألهات نن سون ونانشي (ألهة الحكمة) وجاتو مدوج.
(1) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي
(2)
معالم العصر التاريخي فى العراق القديم: د. نبيلة محمد عبد الحليم.
وكان يخاطب جوديا الإلهة جاتو قائلا:
ليس لى أم أنت أمي
ليس لي أب أنت أبي
واستعمل اسم الملك شولجي كجزء من أسماء رعاياه مثل (شولجي إلهي) و (شولجي خالقي) و (شولجي والدي)
وجاء من بعده ابنه (أمرسن) الذي قبل العطايا فى المعابد المكرسة له كما فعل أبوه وقد ظل هذا الملك فى عداد مجمع الآلهة.
ومن دراسة آثار حمورابي يستدل على أنه كان يكتسب الصفة الإلهية فقد أطلق على نفسه إله الملوك (1) وادعي أن شرائعه المشهورة كانت وحيا من إله الشمس (شمش) وإن الإله مردوك انتدبه ليحكم البشر ومدينة بابل.
وفى مصر كان اتوم أول إنسان مصري يقوم الشعب بتأليهه واعتباره إله الشمس الغاربة وهو الذي قام بخلق بقية الثالوث وهما الإله شو والإلهة تفنوت (2)
وكما قدس المصرييون أتوم فى حياته قدسوا اوزوريس بعد مماته فكان أول إنسان يؤله بعد موته.
(1) دراسات فى تاريخ الشرق القديم: د. أحمد فخري
(2)
آلهة المصريين: أ. أ. والاس
وقد ادعي فراعنة الأسرات الأولى أنهم مقدسون، وكان الفرعون نفسه مقتنعا بقدسيته الشخصية كاقتناع رعيته (1)
وكان رعاياه مجبرين على طاعته وطائفة الكهنة منشغلة بالتوكيد الدائم لقدسيته.
ففرعون مصر كان تجسيدا لإله الشمس على الأرض أى أنه إله متجسد رضى أن تكون الأرض موطنا له إلى حين (2) وفى الوقت نفسه ابنا للإله آمون - رع.
وكان كهنة المعابد قد أعلنوا إمكانية حلول الالهة فى أجساد الملوك فأصبح كون هؤلاء الملوك آلهة أمرا مألوفا.
وفى زيارة الإسكندر الأكبر لمبعد سيوه زعم كهنة هذا المعبد أنه ابنا للإله آمون رغم أن أمه كانت قد أعلنت أن الإله عطارد نفخ فيها فحبلت به أى ابنها ابنا للإله عطارد.
ومنذ بداية العصر الإمبراطوري فى عهد أغسطس قيصر قامت ديانة رسمية على أساس تأليه الإمبراطور بعد مماته.
ومن وجهة نظر شعبه كان أغسطس حاكما إلهيا وفى مصر لقبه المصريون باللقب الذي كانوا يلقبون به بطالستهم اى (الالهة)، وكان من ألقابه الرومانية لقب (ابن الإله)، ولقب أغسطس أى الممجد أو صاحب الجلالة وهى جميعا ألقاب للألهة.
(1) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين
(2)
قصة الحضارة: ول ديورانت
وقد أله أغسطس قيصر بعد مماته وأدمجت عبادته بعبادة الآلهة (روما)(1)
وفى القرن الثالث الميلادي تطورت عبادة الأباطرة فاصبحوا يقدسون فى حياتهم (2)
ولم يكن التأليه والتقديس من نصيب الملوك فقط فقد كان للفلاسفة نصيب أيضا فالفيلسوف اليوناني أنبا دوقليس (490ق. م:430ق. م) قد ادعى أنه مشتمل على روح إله (نظرية الحلول) ووصف نفسه بأنه إله خالد تحرر من الموت إلى الأبد (أى أنه خلص من عجلة الميلاد والتناسخ) وقد تبعه آلاف من الناس آملين الخلاص على يديه، وقد ألهه أتباعه بعد موته الذي تحوطه الأساطير.
ويقال أنه بعد اجتماع له مع اصدقائه (مثل مثرا وكذلك المسيح فى العشاء الرباني) اختفى تماما وظهر ضوء فى السماء (3): وأحاطت شخصية فيثاغورس 490:570 كثير من الأساطير إذ كان مصلحا دينيا وصاحب فريق من الأتباع وتجمعهم عقيدة دينية واحدة واتجاه فلسفي واحد.
وكان فيثاغورس يعتقد بأنه كائن اسمى من البشر إذ كان يقول هناك بشر وآلهة وكائنات وسط بينهما مثل فيثاغورس.
وكان أتباعه يعتقدون أنه ابن الإله (أبولون) وأنه لم يمت وسيبعث بعد حين (4).
(1) تاريخ العلم: جورج سارتون.
(2)
التاريخ الوسيط: كانتور
(3)
الفلسفة عند اليونان: د. أميرة حلمي مطر
(4)
عبقرية المسيح: العقاد