الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنجيل متى ونجم بيت لحم وأساطير الميلاد
يقول إنجيل متي (ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى ايام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلي اورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له) صح 2: 1 - 2
المجوس: الكهنة الفارسيون ويقال أنهم من أتباع زرادشت
بيت لحم: مدينة صغيرة تبعد نحو ستة أميال جنوب أورشليم وتعني بالعربية (بيت الخبز)
ويستطرد إنجيل متى (وإذا النجم الذي رأوه فى المشرق يتقدمهم حتي جاء ووقف فوق حيث كان الصبي) صح 2: 9
يخبرنا هنا إنجيل متى أن الفرس تنبأوا بمولد ملك اليهود حيث ظهر لهم نجم فى المشرق (بلاد فارس) وقد جاءوا يقدمون له فروض الطاعة والولاء.
ونتساءل متى كان يسوع ملكا لليهود
؟
إن الأناجيل وكتب السيرة المسيحية تذكر لنا أن يسوع نشأ فى أسرة فقيرة يعولها يوسف النجار زوج أمه. وقد عمل يسوع ايضا بالنجارة وعرف بيسوع النجار وعندما بلغ الثلاثين من عمره وابتدأ رسالته هجر مهنة النجارة ليتفرغ للنبوة واعتمد على الإعانات والتبرعات من أصدقائه وصديقاته حيث جاء فى إنجيل لوقا (وآخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن) 8: 3
وعندما بدأ السيد المسيح رسالته وأجرى الله على يديه المعجزات تعجب واندهش جيرانه مستكثرين عليه نعمة النبوة قائلين (اليس هذا هو النجار ابن مريم) مرقس صح 6: 3
وقد ذاق السيد المسيح الأمرين طوال رسالته التي استغرقت ثلاثة أعوام ونصف فإخوته لم يؤمنوا به كما يقول إنجيل يوحنا (لأنه اخوته لم يكونوا يؤمنون به) يوحنا 7: 5 واقاربه اتهموه بالاختلال العقلي.
كما يخبرنا إنجيل مرقس (ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل) صح 3: 21 وتلاميذه تخلوا عنه وتنكروا له كما رأينا.
وقد اعتبر اليهود أن السيد المسيح يسخر الشياطين لإجراء معجزاته (فقال له اليهود قد علمنا الآن أن بك شيطانا) يوحنا 8: 52 كذلك (أجاب اليهود وقالوا له ألم نكن على صواب إذ قلنا انك سامري وبك شيطان) يوحنا 8: 48
وما أكثر الإهانات التي تلقاها (حينئذ بصقوا فى وجهه ولكموه وآخرون لطموه) إنجيل متى صح 26: 67 وكذلك (وبصقوا عليه وأخذوا القصبة وضربوه على راسه) متى 27: 30 ويخبرنا لوقا أيضا (فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأ به) 23: 11.
ويقول إنجيل مرقس (فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له تنبأ وكان الخدام يلكمونه) 14: 65
هكذا قبل الرسالة كان السيد المسيح نجارا فقيرا وبعد الرسالة أهانه اليهود واستهزءوا به متهمين إياه بالسحر والشعوذة وتسخير الشياطين حتى أقاربه قالوا أنه مختل وأخوته لم يؤمنوا به وتلاميذه تخلوا عنه
…
فمتى أصبح يسوع ملكا لليهود؟
وإذا افترضنا جدلا أن يسوع كان سيصبح ملكا لليهود مثل داود أو سليمان ويؤسس دولة يهودية مستقلة عن الامبراطورية الرومانية التي كانت تحتلها وقتئذ، فما الذي يدفع بالمجوس للمجئ من بلاد فارس وتحمل مشاق السفر للاحتفال بمولود سيصبح ملكا لأمة أخرى غير أمتهم الفارسية؟.
وإذا افترضنا أنهم تنبأوا بنبوته أو ألوهيته (على حسب اعتقاد المسيحية) فكيف يحتفلون بمولود نبي الله أو ابن الله وهم وثنيون لا يدينون بدين سماوى، أن المجوس كانوا يعبدون أهورا مازدا ويقدسون النار ثم انتقلوا إلى عبادة (مثرا) إله الشمس واستمرت هذه العبادة إلى عدة قرون بعد الميلاد.
من الواضح أن كلا من انجيل متى وإنجيل لوقا قد تأثرا بالقصص الأسطورية التي كانت تحيط دائما بمولد الزعماء الدينيين من أمثال بوذا (1) وزرادشت (2) وكنفوشيوس (3) وميثرا وديونيسوس وغيرهم.
يقول أ. و. توملين (4): يسجل التراث البوذي حادثة مماثلة تماما لتلك الزيارة التي قام بها المجوس إلى بيت لحم، ففى اليوم الذي ولد فيه البوذا لاحظ الحكيم كلاديفالا أن
(1) ولد بوذا 563 ق. م.
(2)
ولد زرادشت. 66 ق. م
(3)
ولد كنفوشيوس 551 ق. م
(4)
فلاسفة الشرق: أ. و. توملين
الآلهة التي على صلة بها فى حالة غير عادية من البهجة وعلم منها أن ابنا للملك قد ولد وأن هذا المولود سيصير المنقذ والعليم بكل الأمور أو البوذا الذي كانت رسالته هى خلاص العالم، فهرع الحكيم لزيارته.
وعن ولادة الاله مثرا (إله الشمس عند الفرس) تقول Encyclopedia Cambridge (1) : تجسد مثرا على الأرض مولودا من صخرة نائية فى مكان منفرد لم يعلم بمولده احد غير طائفة من الرعاة ألهموا معرفته فتقدموا إليه بالهدايا والقرابين، وتتشابه عبادة مثرا كذلك مع المسيحية فى التعميد.
ويقول لوقا عن زيارة الرعاة للمسيح عند ولادته (وكان فى تلك الكورة رعاة .. فإذا ملاك الرب ووقف بهم وقال لهم .. أنه ولد لكم اليوم مخلص .. فقال الرعاة
…
لنذهب إلي بيت لحم وننظر هذا الأمر) لوقا 2: 8 - 16 ويقول متى (ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبا ولبانا ومرا) متى 2: 11
وكما وضع ديونيسيس اله الخمر والشمس عند اليونانيين فى مذود عند ولادته، يذكر اانجيل لوقا أيضا عن المسيح (فولدت ابنها البكر وقمطته واضجعته فى المذود إذ لم يكن لهما موضع فى المنزل) لوقا 2: 7
وكان يحتفل اليونانيين بعيد الاله ديونيسيس فى اليوم السادس من شهر يناير وهو نفس اليوم الذي تحتفل فيه الكنيسة الشرقية بعيد ميلاد السيد المسيح.
(1) Campridge Encyclopedia page 799