الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف إنجيل يوحنا:
يذكر إنجيل يوحنا هذا العشاء الأخير بتفصيل شديد حيث يفرد له خمسة اصحاحات كاملة من الإصحاح الثالث عشر إلي نهاية الإصحاح السابع عشر مستعملاً 154 عبارة، ومن الغريب أن يوحنا لا يذكر شيئا مطلقا عن تأسيس هذا القربان المقدس أى الخبز الذي يمثل جسد المسيح ولا كأس الخمر التي تمثل دم المسيح.
ومن المدهش أن تلاميذ المسيح الاثني عشر جيعهم حضروا هذا العشاء الأخير ورغم ذلك لا تتفق الأناجيل على نص الكلمات التي نطق بها المسيح عن جسده المبذول ودمه المسفوك وأين كان يوحنا عندما تحدث المسيح عن هذا القربان المقدس.
ويقول تفسير إنجيل متى صـ254 قد ناول المسيح التلاميذ جسده تحت شكل الخبز، وهو - أى الخبز أو الفطير الذي تقوم الكنيسة بصناعته - يتحول عند حلول السر الإلهي إلي جسد المسيح الحقيقي ومن يأكله تنتقل إليه كل بركات وفاعلية موت المسيح، كذلك الخمر الذي يتحول عند حلول السر إلهي إلي دم المسيح الحقيقي ومن يشربه تنتقل إليه كذلك كل بركات وفاعلية موت المسيح، هكذا يؤمن المسيحيون أن الخبز يتحول بالفعل وحقيقة بمعجزة يقوم بها آباء الكنيسة إلي جسد المسيح الحقيقي رغم أن اعينهم تراه أنه مازال خبزا وعجينا لكن عليه أن يكذب عينيه ويؤمن بالسر الإلهي الذي قام بهذا التحويل!! ونفس الوضع بالنسبة إلي الخمر. وتعتبر الكنيسة هذا سراً من أسرارها وهو سر الأفخارستيا أو سر العشاء الأخير أو سر الشكر.
ويقول الأب متى المسكين: المسيح بعدما كسر الخبز ومزج الخمر قدمها لتلاميذه لا بصفتهما مجرد تمثيل أو رمز للجسد المبذول أوالدم المسفوك، بل قال لهم هذا هو جسدي المكسور وهذا هو دمي المسفوك.
هنا يؤكد متى المسكين (هذا هو لقبه) عدم وجود رمزية أوتمثيل، لذلك يعامل هذا الخبز أو الفطير بتقديس تام على أنه جسد المسيح الحقيقي!!
وكان الملك فردريك الأكبر يتهكم قائلا: ما أهمية أن يسجد الناس أمام قطعة من الفطير أو أمام العجل أبيس أو أمام تابوت العهد أو أمام تمثال من التماثيل؟ لا يهم الاختيار (1)
وسئل شيفاليه دي لابار لماذا لم يخلع قبعته أمام موكب عيد القربان أجاب بأنه لا يستطيع إدراك كيفية أن يقوم الإنسان بعبادة اله من العجين (2) وقد أعدم هذا الشاب بتهمة التجديف على الله والقربان المقدس.
ويقول فولتير2:
تأمل فى مختلف التأويلات المسيحية للقربان المقدس فالكاثوليك (والارثوذكس) يصرحون بأنهم يأكلون الرب لا الخبز واللوثريون (أتباع مارتن لوثر أى البروتستانت) يلتهمون الرب والخبز معا، والكلفنيون (أتباع كلفن) يأكلون الخبز لا
(1) قصة الحضارة: ول ديورانت
(2)
خاتمة فى الفردوس: فولتير
الرب، وإذا روى لنا أحد من الكفار شيئا من مثل هذا الإسفاف والجنون لقلنا أنه يخدعنا ويلعب بعقولنا.
كذلك يقول فولتير: لا يزال يزعجني ويضايقني فكرة أكل الله أنه بقايا وحشية كما أوضح فولتير فإن البروتستانت يعتقدون أن الخبز والخمر لا يستحيلان إلي جسد المسيح ودمه بل الخبز يبقى خبزا والخمر خمرا ولكن فى داخلهما جسد المسيح ودمه.
ويرفض الكويكرز (أتباع جاورجيوس فكس) تناول القربان لاعتقادهم أنه من أباطيل الإنسان، ويقول لودفج فون هولبرج امام الأدب الدنمركي:
الفطائر الصغيرة أو القرابين المقدسة تحمل مرورا بالشوارع ويقول آباء الكنيسة أنها آلهة والناس الذين خبزوها يحلفون بأن هذه القرابين خلقت الدنيا.
وقد رفض جون تولاند (1) أستاذ الآداب بجامعة جلاسكو سر الأفخارستيا وكذلك بقية أسرار الكنيسة قائلا المسيحية لا أسرار فيها فالسر لفظ وثنى احتفظنا به كما احتفظنا بغيره من ألفاظ هو إما خرافة يجب أن نقضي عليها وإما صعوبة عارضة ينبغي أن نذللها.
ويقول سيجموند فرويد إن أكثر من عالم قد دهشوا من التشابه الوثيق بين طقوس التناول المسيحية - حيث يتناول المؤمن رمزيا دم ولحم إلهه - وبين عيد الطوطم
(1) أزمة الضمير الأوروبي
القديم حيث كان كل الأخوة يشتركون معا فى قتله وأكله فيتحد الإنسان بإلهه، وقد طورت المسيحية الطوطم الحيواني إلى الإله الإنساني (1).
ويقول أميل لودفيج: العشاء الرباني كان معروفا فى عبادة مثرا - إله الشمس عند الفرس - على الطريقة التي عرف بها فى المسيحية، بل كان الخبز الذي يتناوله عباد مثرا فى ذلك العشاء يصنع على شكل الصليب.
ويؤكد ذلك العقاد (2) حيث يقول تناول مثرا طعام الوداع مع ملائكة الخير وصعد إلي السماء لذلك يحتفل أتباعه فى تلك الذكرى بتناول الخبز المقدس والمسح بالماء الطهور؟
(1) الطوطمية: نظام ديني عند الشعوب البدائية لا سيما أهل أفريقيا واستراليا يجعل القبيلة منحدرة من نبات أو حيوان فهو السلف المتجسد والروح الحامية للقبيلة ومن ثم كانوا يقدسونه ويحمونه.
(2)
الله: العقاد