الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتفق البارون دي هولباخ مع المسيحية فى أن الإنسان نزاع إلي الإثم بطبيعته ولكنه يرفض فكرة أن هذه الطبيعة الشريرة موروثة عن خطيئة آبائنا الأولين باعتبارها فكرة سخيفة.
أما بيير بايل (1) فيقول (أما فيما يتعلق بخطيئة ادم وما ترتب عليها فيجب أن يخضع الكتاب المقدس لمحاكمة الفلاسفة)
ويقول بول هازار: إن كونفوشيوس كان يعتبر أن الطبيعة البشرية قد جاءت من السماء فى غاية الطهارة والكمال وأن الفساد قد تطرق إليها فيما بعد لذلك فإن كونفوشيوس يعتبر الشبيه الصيني للقديس بولس (2)
ونعود إلي آدم وحواء، لقد أخطأا وعوقبا كما أخبرنا سفر التكوين، ألا يكفي هذا العقاب لمغفرة الخطيئة خاصة أنهما عندما عصيا ربهما لم يكن فى وسعهما بعد التفريق بين الخير والشر كما يقول الكتاب المقدس.
فكيف يعاقب الله من لا يدرك الخير والشر
.
إن القديس بولس يصر على أن الخطيئة لم تغفر ولا يمحوها إلا موت ابن الله، ولا ننسى أن ابن الله هو كذلك الله نفسه ولكن فى صورة الإبن! فيقول فولتير تعليقا على ذلك إن الله يقدم نفسه قربانا لنفسه لإرضاء نفسه اى أن التضحية من الله إلى الله على الصليب.
(1) جواب على أسئلة قروى. الجزء الثالث
(2)
أزمة الضمير الأوروبي: بول هازار
ويتسائل ديدرو وهل ثمة شئ أشد حمقا وسخفا من أن إلها يموت على الصليب ليهدئ من غضب الله على رجل وامرأة (آدم وحواء) ماتا منذ آلاف السنين.
ويضيف جان مسلييه أى رجل عاقل يصدق أن الله لكي يسترضي البشر ويستميلهم يمكن أن يضحي بابنه البرئ الذي لم يرتكب إثماً.
ويقول سيجموند فرويد (1): إن تضحية المخلص بنفسه كإنسان برئ تشويها متعمدا واضحا يصعب التوفيق بينه وبين التفكير المنطقى فكيف كان من الممكن أن يأخذ إنسان برئ على نفسه ذنب القاتل بأن يسلم نفسه للقتل، ويضيف فرويد بأن للتراث الأسطورى الشرقي والأفريقي أثره على تشكيل وهم الخلاص هذا.
إن المنطق والعرف يقران بأن المخطئ هو الذي يقدم قربانا إلى الله تكفيرا عن خطئه ولكن العقيدة المسيحية تقول أن الله هو الذي قدم نفسه قربانا إلي نفسه وما على أولاد آدم إلا الإيمان فقط بذلك لكي تعود طبيعتهم الشريرة إلي الخيرة ويسقط عنهم العذاب الأبدي.
ويقول فولتير أن الله بعث بابنه ليخلص البشر ولكن الأرض والإنسان بقيا على ما هما عليه على الرغم من تضحيته.
(1) موسى ورسالة التوحيد: سيجموند فرويد صـ108
بالفعل لقد آمن ملايين المسيحيين بتلك التضحية ومازال الشر فى تصاعد وكانت حصيلة حربين عالميتين ملايين من القتلي والجرحى (1): ناهيك عن المذابح بين الكاثوليك والبروتستانت ويقول هوج دي جروت (2): كنت أرى فى العالم المسيحي أفراطا فى الحروب لو اقترفته الشعوب البربرية لكان مثارا لخجلها.
إن الواقع المحسوس والمنظور يثبت إن الطبيعة البشرية لم تتغير إلي الأحسن إن لم تكن إلي الأسوأ فالجريمة منظمة والشذوذ الجنسي أصبح مباح فى أوروبا وأمريكا والذين يمارسونه أضعاف أهل لوط.
والزنا تنظمه قوانين صحية ومنظمات رسمية غير الذي يمارس تحت شعار الصداقة. فأين الدم الذي سفك؟ وما كانت نتيجة الإيمان به؟
إن العهد القديم يروى لنا أن الله رفض أن يذبح إبراهيم عليه السلام ابنه قربانا له (ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا) تكوين 10:23 فكيف يقبل الله ويسمح بقتل ابنه هو كذبيحة عن خطية آدم.
إذاً مبدأ توارث خطيئة آدم يرفضه الكتاب المقدس والعرف والعقل والقول بأن تلك الخطيئة قد أفسدت الطبيعة البشرية مردود عليه بالواقع الملموس، فلا تغير قد طرأ على وجود الشر فى الشعوب المسيحية نتيجة اعتقادها بالصلب والفداء.
(1) إن كلا من دول الحلفاء والمحور يدينون بالمسيحية. خسائر الحربالعالمية الأولي من الوفيات 25 مليونا (فيشر)(تاريخ أوروبا فى العصر الحديث) صـ548
(2)
أزمة الضمير الاوروبي: بول هازار