الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
هل عبرت رؤيا يوسف عليه السلام؟
(تحقيق وتدقيق)
وكانت هذه نقطة البداية! ! فقد لوحظ أن رؤيا يوسف عليه السلام في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}
(1)
. كان لها ما يميزها عن غيرها من باقي الرؤى التي ذكرت في نفس السورة، هذا بالنسبة لتفسيرها وتعبيرها، فإما أنه لم يذكر لها تعبير في السورة الكريمة؛ سورة يوسف عليه السلام ولم يعبرها أبوه يعقوب عليه السلام له، أو أن تعبيرها كان يخفي كثيرًا من الأمور لمصالح عظيمة
(2)
، وإذا كان تعبيرها في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}
(3)
فما معنى قوله تعالى: {وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}
(4)
بعد أن سجد له إخوته، علمًا أن بعض المفسرين قالوا أيضًا أن هذه الآية هي تعبير لرؤيا يوسف عليه السلام! ! ـ
(1)
يوسف الآية (4).
(2)
سنقف مع هذه الجزئية في الصفحات القادمة إن شاء الله.
(3)
سورة يوسف الآية (6).
(4)
السابق الآية (100).
وليس قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} كما ذكر ذلك بعض المفسرين أيضًا
(1)
، غير أن هذه المسألة لم تفصل في كثير من الكتاب.
علمًا أنه لم يذكر في جميع السورة أن يعقوب عليه السلام كان من تفسيره لرؤيا يوسف عليه السلام أن إخوته سوف يسجدون له! !
هذا غير المواضع الأخرى مثل ابتلائه ومعاناته وحبسه! !
مع أن هذه المواقف من المواقف المهمة والتي عليها تسليط ضوء بكم هائل في قصته عليه السلام فلماذا لم تذكر في تعبير الرؤيا؟ ! !
وقبل أن نسرد كثيرًا من التحليلات في هذا الجانب، علينا أن نقف عدة وقفات ونتأمل في آيتين كريمتين لنقترب أكثر من هذه المسألة:
التأمل في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}
(2)
.
التأمل في قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}
(3)
.
(1)
سورة يوسف دراسة تحليلية ص (283)، سنبين ذلك في هذا المبحث إن شاء الله.
(2)
سورة يوسف الآية (6).
(3)
سورة يوسف الآية (100).
فأصل المسألة يعتمد على تلكما الآيتين، فالآية الأولى قيل إنها تفسيرٌ لرؤياه عليه السلام والآية الثانية، قيل إنها تفسيرٌ، وقيل إنها تحققٌ لما رأى، وشتان بين الأمرين.
وحتى يكون الحديث في هذا الجانب مفصلاً، سوف نستعرض بعض أقوال المفسرين التي قيلت في تلكما الآيتين الكريمتين، ولن أستطيع أن أسرد جميع الآراء والأقوال، ولكن سأذكر بعض الأمثلة لتتضح الصورة، وسنقسمها على مطلبين: