الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: (الوصول للعظمة) من أول هذه الإشارات لمعنى الكوكب
وهو الرمز الركيز
(1)
في رؤيا يوسف عليه السلام:
كيف يكون معنى العظمة مستوحى من رمز الكواكب؟ وهل هناك دليل على ذلك؟
يتبين ذلك عندما نعلم أن رب العزة ـ تعالى وتعظم ـ لما وصف نوره ـ جل وعلا ـ ذكر الكوكب، يقول تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}
(2)
(من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل)، والله ـ جل وعلا ـ عظيم وذو سلطان، فلعل ذكر الكوكب له أثر على المنصب العظيم والسلطة أيضًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
(3)
، والعظيم سبحانه لا يصف نفسه إلا لعظمته سبحانه وما يتناسب مع تلك العظمة، والمستقرئ لقصة يوسف عليه السلام يجد أن السلطة والعظمة تحققتا ليوسف عليه السلام في عدة مواقف، منها على سبيل المثال:
(1)
انظر النموذج (2) حيث إن جميع معاني رموز الرؤيا تتقابل عند معناه.
(2)
سورة النور الآية (35).
(3)
سورة الشورى الآية (11).
(1)
.
(2)
.
ومن الأدلة على عظم الكواكب أن الله عز وجل أقسم بالنجم الذي هو الكوكب، والقسم لا يكون إلا للشيء العظيم
(3)
والذي له أهمية {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}
(4)
والله تعالى يقسم بما يشاء من خلقه
(5)
ولا يكون ذلك للبشر.
وإن قال قائلٌ: لماذا إشارة العظمة لا تأتي بأن إخوة يوسف عليه السلام كانوا عظماء، فنقول: الرمز لا يؤخذ لوحده ولكن بقرائن، وهذه القرائن لا تجعلنا نقيس العظمة لهم، غير ذلك أن هذه الكواكب سجدت،
(1)
سورة يوسف الآية (56).
(2)
سورة يوسف الآية (100).
(3)
راجع كتاب الانتصار للقرآن (2/ 799).
(4)
سورة النجم الآية (1).
(5)
انظر تفسير جزء عم للشيخ بن عثيمين رحمه الله (1/ 150).
والعظمة لا تكون لمن يسجد للآخر، ولكن يكون السجود للمعظم، وتحليل آخر؛ أنهم كانوا من عظماء قومهم ولكن عظمتهم لا تساوي شيئًا أمام العظمة التي سوف تكون ليوسف عليه السلام.
وكوكب وكواكب ذكرت في عدة مواضع في كتاب الله كلها في مواقف عظيمة، وكل هذا يدل على أن الكواكب تشير للعظمة.
والكواكب تدل على إشارات أخرى غير العظمة منها على سبيل المثال:
ـ في قوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}
(1)
.
ـ وكذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ}
(2)
(1)
سورة الصافات الآية (6).
(2)
سورة الحجر الآية (16).
والآية الكريمة: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}
(1)
، دلت هنا على الزينة والجمال
(2)
…
{وَحِفْظًا} .
وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}
(3)
، دلت هنا على العلامة والدلالة والاستدلال، ولأنه من المخلوقات التي تبهر بعظمة خلقها.
وفي قوله تعالى: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ}
(4)
، وجاءت هنا للتعبير عن أهوال يوم القيامة فهي علامة من علاماتها.
والتفكر في خلق السماء يتكرر كثيرًا في كتاب الله؛ لعظمتها وعظم ما فيها من الآيات، ومنها الكواكب، يقول تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}
(5)
.
(1)
سورة فصلت الآية (12).
(2)
انظر قول قتادة من هذا الكتاب ص (117).
(3)
سورة الأنعام الآية (76).
(4)
سورة الانفطار الآية (2).
(5)
سورة آل عمران الآية (190).
وهناك لطيفة جميلة ذكرها الإمام السمعاني في تفسيره: شبهه بالكواكب، ولم يشبهه بالشمس والقمر؛ لأن الشمس والقمر يلحقهما الكسوف والخسوف، والكواكب لا يلحق بها
(1)
.
(1)
تفسير السمعاني (2/ 530).