الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: لماذا تعبير رؤيا يوسف عليه السلام كان مختلفًا أو غير واضح
؟
وإجابة تفصيلية على السؤال السابق نجد أن هناك عدة أسباب:
الأول: أن قول يعقوب عليه السلام: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} ، أن هذا جزء فقط من تعبير الرؤيا في أقوى الاحتمالات ـ إن لم يكن تعبيرًا. فضلاً على أن هناك رأي آخر لمفسرين أفذاذ
(1)
، لا يرون في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} ، أنها تعبير لرؤيا يوسف عليه السلام.
الثاني: أن تعبير الرؤى في القرآن الكريم يأتي واضحًا، وهذا يتضح بالرجوع إلى باقي الرؤى في نفس سورة يوسف عليه السلام وفي غيرها.
الثالث: أن تعبير الرؤى يأتي بعد سرد الرؤيا.
الرابع: لعل تعليق يعقوب عليه السلام في هذه الآية من وحي النبوة، وليس تعبير تفَرُّسٌ منه، فقال ما وجب عليه فقط فلم يزد.
الخامس: لم يكن هناك تفصيل في تعبير الرؤيا حتى لا يصاب يوسف عليه السلام بشيء في نفسه على إخوته، فالرؤيا تسر ولا
(1)
انظر ص (73).
تغر، فلم يبين له أنه سوف يكون أفضل إخوته أو فوقهم، أو سوف تكون أنت الأعلى منهم.
السادس: ولعل التفصيل في التعبير ليس صحيحًا، ويكتفى بالاختصار.
السابع: لعل من الأسباب أن ذلك يحكي القصة نفسها، لأن رؤياه عليه السلام جاءت اختصارًا لما سيحدث وما سيكون عليه الحال، فإذا عبرت رؤياه بإسهاب، ألغى ذلك أسلوب التشويق لمعرفة ما ستؤول إليه القصة، لأن تأويلها سوف يكون بعد سرد رؤياه عليه السلام مباشرة، بمعنى أنه سيكون تعبيرها في بداية السورة، وهذا يلغي أسلوب ترغيب القارئ، وتشويقه لمتابعة الأحداث التي امتدت من بداية السورة وحتى نهايتها، ولا شك أن ذلك يقوى لو علمنا أن من أساليب القرآن الكريم أسلوب التشويق وخصوصًا في القصص.
الثامن: يحتمل أن تعبير رؤيا يوسف عليه السلام كان مغايرًا لكي لا يحسد، فإخوته علموا شيئًا يسيرًا عن أمره فحسدوه، فما بالكم لو علموا الكثير؟ لعلهم كانوا قتلوه.
التاسع: أن يعقوب عليه السلام ذكر الأمور التي تعبر تعبيرًا حسنًا، وتجاوز عن تعبير الأمور المزعجة
(1)
.
العاشر: أن تعبير الرؤيا مبنيٌّ على الظن لا اليقين فلا نستطيع الجزم
(2)
.
الحادي عشر: ولعل يعقوب عليه السلام ركز على أهم معنى للرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام ولم يلتفت لغيره من المعاني.
وبعد أن ذكرنا بعض الأسباب التي تدل على أن تعبير رؤيا يوسف عليه السلام كان مغايرًا، أو عدم وضوح تعبيرها، سنقف مع رؤيا يوسف عليه السلام وقفات يسيرة؛ كلمة كلمة، ورمزًا رمزًا، ونربط ذلك بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، وسوف نجد أن هذا الدين العظيم دين مترابط ببعضه ارتباطًا وثيقًا، بل إن كثيرًا من المواضيع لها علاقة ببعضها، ولكن ينقصنا من يجتهد ليجد العلاقة بين تلك النصوص ويربط بينها، ونسأل الله أن يوفقنا لذلك. وسنربط كل إشارة من إشارات الرموز في رؤياه عليه السلام بقصته وحياته والمواقف التي عاشها.
(1)
لا يوجد دليل واحد على أن الرؤى تعبر على المحمل السيئ؛ لا في كتاب الله العظيم، ولا في سنة رسول الله ـ عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ فكل التعابير التي جاءت في الشريعة السمحة محمولة على المحمل الحسن، راجع ص (35) من هذا الكتاب.
(2)
انظر ص (35).
ولكي نشبع النص بالفوائد سنجعل رؤيا يوسف
…
عليه السلام على أقسام ونشرح كل قسم على حدة، ولنجعل هذا هو القسم الأول وسنسلط الضوء عليه
…
رأى يوسف عليه السلام أحد عشر كوكبًا ....