الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: الأهوال والشدائد من الإشارات التي ترمز لها معاني الشمس
بل إن من أول علامات القيامة طلوع الشمس من مغربها بحسب بعض النصوص الصحيحة
(1)
، والشمس من الكواكب، وهنا تعبّر عن الأهوال والشدائد، فنستطيع أن نعبر بها عن الأهوال والشدائد.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها .... )
(2)
.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده)
(3)
. وكل هذا السرد للأدلة حتى نبين أن الشمس والقمر معناهما شيء عظيم جدًّا؛ لأنهما من مخلوقات الله العظيمة.
الشدة والرخاء في حياة يوسف عليه السلام
(1)
من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها) صحيح مسلم برقم [2941].
(2)
صحيح مسلم حديث رقم [2901](4/ 2226).
(3)
صحيح البخاري حديث رقم [1048](2/ 36).
ومن الملاحظ أن الشمس جاءت قبل القمر
(1)
في رؤيا يوسف عليه السلام، فلعل في هذا إشارة إلى أن هناك أهوالًا وأمورًا صعبة سوف تأتيه، وقلنا أموراً صعبة لأن الشمس حارقة، ويأتي منها الحر والشقاء، فلعلها تأتي بمعنى الصعاب التي لاقاها يوسف عليه السلام في بداية حياته، وفيها كثيرٌ من المشاق، سواء النفسية أو البدنية أو الاجتماعية، وبعد ذلك سوف تسير الأمور على ما يرام، وتمهّد وتهدأ؛ لأن من إشارات معاني القمر أنه يرمز للهدوء والراحة، وخصوصًا أن تسلسل ترتيبه جاء بعد الشمس.
من تلك المواقف التي كان يمر بها يوسف عليه السلام وكان فيها شدة وصعوبة:
ـ حلم ثقيل عليه نصيحة يعقوب عليه السلام له. {قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}
(2)
ـ بغض إخوته له والاجتماع عصبة عليه مع حبه هو لهم {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}
(3)
(1)
وهذا في جميع الآيات التي ذكر فيها الشمس والقمر مجتمعين.
(2)
سورة يوسف الآية (5).
(3)
سورة يوسف الآية (9).
(1)
.
ـ سجنه عليه السلام {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ}
(2)
.
ونثني بالهدوء الذي خيّم على القصة، والراحة والعلو اللذين حصلا في قصته عليه السلام ووصل إليهما:
وتتضح في المواقف التالية:
أولى تلك المواقف في قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ}
(3)
هنا بدأت حقوقه تعود له، ومنها محاسبة ومساءلة الذين كانوا السبب في حبسه عليه السلام وهذا يعبر عن انفراجة ليست بالهينة، وتحول كبير في حياته عليه السلام وهذا الموقف الأول الذي تبدأ فيه حياته للتغيير للأفضل، في الآية رقم واحد وخمسين.
لاحظ هنا رقم الآية (واحد وخمسين)! !
(1)
سورة يوسف الآية (23).
(2)
سورة يوسف الآية (35).
(3)
سورة يوسف الآية (51).
والملاحظ أن قصة يوسف عليه السلام انتهت في الآية رقم 100، في السورة الكريمة عند قوله تعالى:{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
(1)
، فعند هذه الآية تكون القصة انتهت، فلا أحداث بعدها وكأن الأمر استقر وانتهت الآلام بهدوء وسلام.
العدد مائة هو رقم زوجي يقبل القسمة على اثنين (خمسون مضافة إلى خمسين) بل هو يعبر على نسبة كاملة النصاب!
تمامًا مثل اليوم الذي نمر به فهو ينقسم إلى قسمين قسم فيه شمس وهو النهار والذي يعبر عن المشقة، ونصفه الآخر هو الليل الذي فيه القمر فيضفي على أجواء اليوم نوعًا من الراحة والهدوء، وتتقارب من التساوي عدد ساعات النهار مع عدد ساعات الليل إذا كان الفصل ربيعًا، وهو أفضل فصل في الرؤى التي يراها الإنسان في وضوحها وصدقها
(2)
.
وهكذا كانت قصة يوسف عليه السلام وحتى الآية (خمسون) حياته كلها كانت صعاب ومشقة، وابتداء من الآية (واحد وخمسين) بدأت
(1)
سورة يوسف الآية (100).
(2)
انظر ص (133).
الأمور تتحسن وتهدأ، وتتحقق الأماني، ويستقر الحال، وظلت القصة على هذا السياق وحتى الآية رقم مائة، وهذه الآية هي نهاية القصة، وكأنه سكون الليل بعد مشقة النهار.
ومن تلك المواقف التي كان فيها رخاءٌ ليوسف عليه السلام موافقة الملك له أن يكون على خزائن الأرض.
وأيضًا قوله: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ}
(1)
لاحظ اللفظ {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} وكأنه اعتذار على ما كان من قبل، فهذا موقف علو، إذ إن الملك يسأله شخصيًّا.
(1)
سورة يوسف الآية (46).