الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادسًا: الهداية الشرعية والهداية الكونية
يؤخذ من رمز الكواكب (النجوم) الإشارة للهداية الشرعية والهداية الكونية:
يقول تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}
(1)
.
التفكر فيها، وفي خلقها، والإيمان بخالقها ـ لا يستفيد منه إلا الموحد، أو مَن في قلبه هداية تقوده إلى الهداية الشرعية.
إن ما تقدم من خَلْق الله هو علامات تدلُّ على ضرورة أنْ تروا المنافع التي أودعها الله فيما خلق لكم؛ وتهتدوا إلى الإيمان بإله مُوجِد لهذه الأشياء لصالحكم
(2)
.
ومن الهداية الكونية الاستدلال بمعرفة الفصول، ومنها الاستفادة في أوقات الزرع والحرث وقد تقدم ذلك، ومنها الاستدلال بها في معرفة الجهات
(3)
التي تدل الإنسان على الأماكن، ووجهاته الصحيحة في السفر، فهذه يستفيد منها المؤمن والكافر.
(1)
سورة النحل الآية (16).
(2)
تفسير الشيخ الشعراوي ـ يرحمه الله (13/ 7852).
(3)
فلما ذكر الله العلامات الأرضية انتقل إلى العلامات السماوية; فقال تعالى:
…
{وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل: 16)، فالاستدلال بهذه النجوم على الأزمان لا بأس به، مثل أن يقال: إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت السيل ودخل وقت الربيع، وكذلك على الأماكن; كالقبلة، والشمال، والجنوب، انظر القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 519).
ومن العجيب أن الرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام ليس فيها كوكب واحد أو نجم واحد، بل ذكر فيها ثلاثة عشر كوكبًا أو نجمًا، وهذا يدل على معلومة أخرى؛ حيث إن معرفة الفصول أو الجهات في الغالب لا يعتمد فيها على دارسة كوكبٍ واحدٍ فقط، بل على مجموعة من الكواكب، كتحديد جهة الشمال أو الجهات عمومًا، وهكذا.
والذي يستفيد من علم النجوم لمعرفة الطريق سوف يصل بدقة، ولعلها إشارة إلى الوصول الموفق للهدف المنشود.
ويوسف عليه السلام وصل إلى أهداف كثيرة بنجاح ومهارة وتوفيق، ولعل رؤيا النجوم في المنام بشارة على الوصول إلى الهدف المنشود.
فقد رسم يوسف عليه السلام لنفسه خططًا لمستقبله {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
(1)
فكان له هداية التوفيق والنجاح، غير أنه خطط لمصر وتطويرها، وكان مصيبًا في ذلك عليه السلام وقد وصل إلى طريق صحيح ورفعة عالية.
(1)
سورة يوسف الآية (55).
ولو عدنا لكتاب الله عز وجل لوجدنا أن أكثر الآيات التي تحضنا على التفكر في خلق السماوات التي في طياتها الكواكب والنجوم والشمس والقمر، لما فيها من بديع صنع الخالق وآياته ودلائل كونية عظيمة يقف العقل عاجزًا أمامها، فيا ترى ما السر وراء كل ذلك؟
إلى هنا ونحسب أن الخواطر التي تتعلق بقياس بعض صفات الكواكب ليوسف عليه السلام قد أخذت وقتًا لا بأس به، وليسمح لنا قارئنا الكريم أن ننتقل بعد ذلك إلى علاقة بعض صفات الكواكب بإخوة يوسف، وهو المحور الثاني من هذا المبحث.