الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
أهم ضوابط تعبير الرؤى
وللوقوف على تفاصيل تعبير الرؤيا، علينا أن نُذَكِّر ببعض الضوابط التي يتم من خلالها التعبير.
1 ـ أن يكون التأويل على المحمل الحسن
(1)
، وإذا كان هناك أمر فيه تحذير للرائي يحتاج من المعبر أن يوضحه فلا بأس، ولكن يوضحه له، كما فعل يوسف عليه السلام مع الملك، أي بذكر العوامل التي سوف تخرجه من الضرر حتى لا يقع فيه.
2 ـ تعبير الرؤى هو علم ظني، بمعنى: عدم الجزم في التعبير، ويتضح هذا في الحديث الشريف الذي يرويه الصحابي الجليل أبو موسى، والحديث في البخاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفًا، فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته بأخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح، واجتماع المؤمنين ورأيت فيها بقرًا، والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد،
(1)
من الأدلة التي يستشهد بها: جاء عند الإمام الدارمي حديث رقم [2209]، وبسند حسن (مسند الإمام أحمد الرسالة (26/ 101))، عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله قال: مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها، وحسنه الحافظ ابن حجر أيضًا (فتح الباري 12/ 432)، وبعد التحري والبحث الدقيق، لم نجد آية قرآنية، ولا حتى حديثًا واحدًا، عبَّر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا واحدة على المحمل السيئ بتاتًا.
وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق، الذي آتانا الله بعد يوم بدر)
(1)
والشاهد من الحديث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين أن التعبير بالظن، لاحظ قوله عليه الصلاة والسلام: ((فَذَهَبَ وَهَلِي
(2)
إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ)) وبعد ذلك كان هناك استدراك، فقال عليه السلام:((فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ)).
ومن خلال قراءتنا لهذا البحث، سنجد أن بعض هذه الفوائد تكون قريبة من الذهن جدًّا، ولكن عزلها عنه قلة التدبر، ولعل هذه الوقفات تحيي فينا تدبر كتاب الله الجليل من جديد.
(1)
رواه البخاري في صحيحه حديث رقم [3622](4/ 203).
(2)
يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: (قوله فذهب وهلى) فذهب وهلي بفتح الواو والهاء أي ظني، يقال: وهل بالفتح يهل بالكسر وهلا بالسكون إذا ظن شيئًا فتبين الأمر بخلافه (7/ 228).