المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفيها مقتل جعفر البرمكي - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ١٢

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني عشر (سنة 181- 190) ]

- ‌الطبقة التاسعة عشرة

- ‌سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[فَتْحُ حِصْنِ الصَّفْصَافِ]

- ‌[مَسِيرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ إِلَى أَنْقَرَةَ]

- ‌[اسْتِعْفَاءُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ]

- ‌[تَوْلِيَةُ الْعَكِّيِّ عَلَى الْمَغْرِبِ]

- ‌سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[الرَّشِيدُ يَأْخُذُ الْبَيْعَةَ لابْنِهِ الْمَأْمُونِ]

- ‌[تَمَلَّكَ رِينِي عَلَى الرُّومِ]

- ‌سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[خُرُوجُ الْخَزْرِ وَإِيقَاعُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ]

- ‌[تَمَرُّدَ الْعَكِّيِّ بِالْمَغْرِبِ]

- ‌سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[خُرُوجُ الشَّارِيِّ بِشَهْرَزُورَ]

- ‌[وِلايَةُ الْبَرْبَرِيِّ وَالْمُهَلَّبِيِّ وَابْنِ الأَغْلَبِ وَالرَّازِيِّ]

- ‌[أَمَانُ ابْنِ عِيسَى لِأَبِي الْخَصِيبِ]

- ‌[غَارَةُ الشَّيْبَانِيِّ إِلَى الرُّومِ]

- ‌[مَسِيرُ ابْنِ بَيْهَسَ لِلْفِدَاءِ]

- ‌سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[وُثُوبُ أَهْلِ طَبَرِسْتَانَ عَلَى مُتَوَلِّيهِمْ]

- ‌[وُثُوبُ ابْنِ عِيسَى عَلَى الشَّارِيِّ]

- ‌[خُرُوجُ أَبِي الْخَصِيبِ وَاسْتِفْحَالُ أَمْرِهِ]

- ‌[ظهور ابن عيسى وطول اختفائه]

- ‌سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي الْخَصِيبِ]

- ‌[سِجْنُ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ]

- ‌[بَيْعَةُ الرَّشِيدِ لِوَلَدِهِ الْمُؤْتَمَنِ]

- ‌سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وَفِيهَا مَقْتَلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ

- ‌[مَقْتَلُ أَنَسِ بْنِ أَبِي شَيْخٍ]

- ‌[حكاية ابن الصابيء عن جعفر البرمكي]

- ‌[تَرْجَمَةُ جَعْفَرٍ عِنْدَ ابْنِ خَلِّكَانَ]

- ‌[هَيَاجُ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ]

- ‌[الْقَاسِمُ يَغْزُو الصَّائِفَةَ]

- ‌[الرَّشِيدُ يَعْتَقِلُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ صَالِحٍ]

- ‌[نِقْفُورُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الرُّومِ وَيَنْقُضُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[كِتَابُ نِقْفُورَ إِلَى الرَّشِيدِ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ]

- ‌[مَسِيرُ الرَّشِيدِ إِلَى هِرَقْلَةَ]

- ‌[الرَّشِيدُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ ابْنِ نَهِيكٍ]

- ‌[وَقْعَةُ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِدِمَشْقَ]

- ‌[سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ]

- ‌[غَزْوَةُ دَرْبِ الصَّفْصَافِ]

- ‌سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[مَسِيرُ الرَّشِيدِ إِلَى الرَّيِّ]

- ‌[فِدَاءُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ

- ‌[رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ يَخْلَعُ الطَّاعَةَ]

- ‌[إِسْلامُ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ]

- ‌[فَتْحُ الرَّشِيدِ هِرَقْلَةَ]

- ‌[فَتْحُ حِصْنِ الصَّقَالِبَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ حُمَيْدِ بْنِ مَعْيُوفٍ إِلَى قُبْرُسَ]

- ‌[اتِّخَاذُ الرَّشِيدِ قَلَنْسُوَةً]

- ‌[بَعْثُ نِقْفُورَ بِالْخَرَاجِ إِلَى الرَّشِيدِ]

- ‌[كِتَابُ نِقْفُورَ إِلَى الرَّشِيدِ]

- ‌[انْتِقَاضُ أَهْلِ قُبْرُسَ]

- ‌تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ

- ‌[حَرْفُ الأَلِفِ]

- ‌[حرف الْبَاءِ]

- ‌[حرف الثَّاءِ]

- ‌[حرف الْحَاءِ]

- ‌[حرف الْخَاءِ]

- ‌[حرف الدَّالِ]

- ‌[حرف الرَّاءِ]

- ‌[حرف الزَّايِ]

- ‌[حرف السِّينِ]

- ‌[حرف الشين]

- ‌[حرف الصَّادِ]

- ‌[حرف الضَّادِ]

- ‌[حرف الطَّاءِ]

- ‌[حرف الْعَيْنِ]

- ‌[حرف الغين]

- ‌[حرف القاف]

- ‌[حرف الكاف]

- ‌[حرف اللام]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الواو]

- ‌[حرف الياء]

- ‌الكنى

الفصل: ‌وفيها مقتل جعفر البرمكي

‌وَفِيهَا مَقْتَلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ

[1]

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ قتلِهِ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: إِنَّ جِبْرِيلَ بْنَ بُخْتِيشُوعَ [2] الطَّبِيبَ قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ، إذ أَتَى يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، وَكَانَ يَدْخُلُ بِلا إِذْنٍ، فَلَمَّا قَرُبَ سَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ رَدًّا ضَعِيفًا، فَعَلِمَ يَحْيَى أَنَّ أَمْرَهُمْ قَدْ تَغَيَّرَ، فَأَقْبَلَ عَلَى الرَّشِيدِ وَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مَنْزِلَكَ بِلا إِذْنٍ؟

فَقُلْتُ: لا! قَالَ: فَمَا بَالُنَا يُدْخَلُ عَلَيْنَا بِلا إِذْنٍ؟

فَوَثَبَ يَحْيَى فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدَّمَنِي اللَّهُ قِبَلَكَ، وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا شَيْءٌ خَصَصْتَنِي بِهِ، وَالآنَ فَأَكُونُ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَهْلِ الإِذْنِ إِنْ أَمَرْتَنِي.

فَاسْتَحْيَا الرَّشِيدُ، وَكَانَ مِنْ أَرَقِّ الْخُلَفَاءِ، وَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَدْتُ مَا تَكْرَهُ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ.

قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَمْ يَسْنَحْ لَهُ جَوَابٌ يَرْتَضِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَحْيَى [3] .

وَقِيلَ: إِنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أَشْرَسَ قَالَ: أَوَّلُ مَا أَنْكَرَ يَحْيَى بن خالد من أمره أنّ

[1] انظر عن مقتل جعفر البرمكي في:

تاريخ خليفة 458، وتاريخ الطبري 8/ 287 وما بعدها، والعيون والحدائق 3/ 306 وما بعدها، ونشوار المحاضرة للتنوخي 7/ 74، 75، والكامل في التاريخ 6/ 175 وما بعدها، والبدء والتاريخ 6/ 104، 105، ومروج الذهب 3/ 384 وما بعدها، والفخري في الآداب السلطانية لابن طباطبا 205- 210، وأمالي المرتضى 1/ 101، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 79 وما بعدها، وتاريخ حلب للعظيميّ 235، ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج 494، ووفيات الأعيان 1/ 328- 346، والعقد الفريد 5/ 58 وما بعدها، والإمامة والسياسة لابن قتيبة 2/ 203 وما بعدها، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 145 وما بعدها، ونهاية الأرب للنويري 22/ 135 وما بعدها، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 2/ 16 وما بعدها، ومرآة الجنان لليافعي 1/ 404 وما بعدها، والبداية والنهاية لابن كثير 10/ 189 وما بعدها، ومقدّمة ابن خلدون (مصوّرة دار إحياء التراث، بيروت) 136، وتاريخ بغداد 7/ 152- 160 رقم 3606، والنجوم الزاهرة 2/ 121. وستأتي ترجمته في الوفيات من هذا الجزء، مع مصادرها.

[2]

هو جبرائيل بن بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع. (تاريخ الزمان لابن العبري 18) .

[3]

تاريخ الطبري 8/ 287، 288، الكامل في التاريخ 6/ 177، خلاصة الذهب المسبوك 145، 146 وفيه أن القائل «بختيشوع» .

ص: 23

مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ رَفَعَ رِسَالَةً إِلَى الرَّشِيدِ يَعِظُهُ وَيَقُولُ: إِنَّ يَحْيَى لا يُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَقَدْ جَعَلْتَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِكَ [1] إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ [2] ، فَسَأَلَكَ عَمَّا عَمِلْتَ فِي عِبَادِهِ وَبِلادِهِ؟.

فَدَعَا الرَّشِيدُ يَحْيَى، وَقَدْ بَلَغَتْهُ الرِّسَالَةُ، فَقَالَ: تَعْرِفُ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ؟

قَالَ: نَعَمْ، هُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى الإِسْلامِ، فَأَمَرَ بِابْنِ اللَّيْثِ فَوُضِعَ فِي الْمُطْبَقِ دَهْرًا.

فَلَمَّا تَنَكَّرَ الرَّشِيدُ لِلْبَرَامِكَةِ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ لَهُ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ. قَالَ: أَتَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَضَعْتَ فِي رِجْلَيَّ الأَكْبَالَ، وَحُلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيَالِي بِلا ذَنْبٍ، سِوَى قَوْلِ حَاسِدٍ يَكِيدُ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَيُحِبُّ الإِلْحَادَ وَأَهْلَهُ. فَأَطْلِقْهُ ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ قَدْ ذَهَبَ مَا عِنْدِي. فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَحْسَنْتَ إِلَيَّ. فَقَالَ: انْتَقَمَ اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَكَ وَأَخَذَ لَكَ مِمَّنْ بَعَثَنِي عَلَيْكَ.

قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ فِي الْبَرَامِكَةِ فَأَكْثَرُوا، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا ظَهَرَ مِنْ تَغَيُّرِ حَالِهِمْ [3] .

وَقِيلَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ دَخَلَ بَعْدُ عَلَى الرَّشِيدِ، فَقَامَ الْغِلْمَانُ لَهُ، وَقَالَ الرَّشِيدُ لِمَسْرُورٍ: مُرْهُمْ لا يَقُومُونَ. قَالَ: فَدَخَلَ، فَمَا قَامَ أَحَدٌ، فَارْبَدَّ وَجْهُ يَحْيَى [4] .

وَقِيلَ: إِنَّ سَبَبَ قَتْلِ جَعْفَرٍ أَنَّ الرَّشِيدَ سَلَّمَ لَهُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَرَقَّ لَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ وَأَطْلَقَهُ. وَكَانَ ابْنُ حَسَنٍ مَرْبُوعًا، أَجْلَحَ، بَطِينًا، حَسَنَ الْعَيْنَيْنِ، فَأَتَى رَجُلٌ بِصِفَتِهِ وَهَيْئَتِهِ إِلَى الرَّشِيدِ وَأَنَّهُ رَآهُ بِحُلْوَانَ. فَأَعْطَى الرَّجُلَ جَائِزَةً [5] .

[1] عند الطبري 8/ 288 «أنت» .

[2]

عند الطبري «بين يديه» .

[3]

تاريخ الطبري 8/ 288، الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي للجريري 1/ 580، 581.

[4]

تاريخ الطبري 8/ 288، الكامل في التاريخ 6/ 177.

[5]

تاريخ الطبري 8/ 289، العيون والحدائق 3/ 306، الكامل في التاريخ 6/ 175، 176،

ص: 24

وقيل إنّ جعفر بَنَى دَارًا أَنْفَقَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَسْرَفَ [1] .

وَعَنْ مُوسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ قَالَ: اعْتَمَرَ أَبِي فِي الْعَامِ الَّذِي نُكِبَ فِيهِ وَأَنَا مَعَهُ، فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وجعل يقول: اللهم ذنوبي عظيمة لا يحصها غَيْرُكَ، إِنْ كُنْتَ مُعَاقِبِي فَاجْعَلْ عُقُوبَتِي فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَمَالِي وَوَلَدِي حَتَّى أَبْلُغَ رِضَاكَ، وَلا تَجْعَلْ عُقُوبَتِي فِي الآخِرَةِ [2] .

وَكَانَ مُوسَى هَذَا أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ.

وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ قَدَحَ فِيهِ عِنْدَ الرَّشِيدِ وَأَعْلَمَهُ طَاعَةَ أَهْلِ خُرَاسَانَ لَهُ وَمَحَبَّتَهُمْ إِيَّاهُ، وَأَنَّهُ يُكَاتِبُهُمْ وَيَعْمَلُ عَلَى الذَّهَابِ إِلَيْهِمْ، فَاسْتَوْحَشَ الرَّشِيدُ مِنْهُ [3] .

ثُمَّ رَكِبَ مُوسَى دَيْنٌ فَاسْتَتَرَ مِنَ الْغُرَمَاءِ، فَتَوَهَّمَ الرَّشِيدُ أَنَّهُ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ ظَهَرَ فَحَبَسَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ نَكْبَتِهِمْ. فَأَتَتْ زوجة يحيى بن خالد إلى الرشيد ولا طفته، فَقَالَ: يَضْمَنُهُ أَبُوهُ. فَضَمِنَهُ يَحْيَى [4] .

وَكَانَ الرَّشِيدُ قَدْ غَضِبَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى لِتَرْكِهِ الشُّرْبَ مَعَهُ. وَكَانَ الْفَضْلُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ شُرْبَ الْمَاءِ يُنْقِصُ مِنْ مُرُوءَتِي مَا شَرِبْتُهُ، وَكَانَ مَشْغُوفًا بِالسَّمَاعِ [5] .

وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَكَانَ يُنَادِمُ الرَّشِيدَ، وَأَبُوهُ يَأْمُرُهُ بِالإِقْلالِ مِنْ ذَلِكَ فيخالفه [6] .

وقد كان يحيى قال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهُ مُدَاخَلَةَ جعفر

[ () ] نهاية الأرب 22/ 137، شرح البسّامة بأطواق الحمامة 225- 227 (أو كمامة الزهر وصدفة الدرّ) - لعبد الملك بن عبد الله بن عبدون الحضرميّ الإشبيلي- طبعة السعادة 1340 هـ.، بالقاهرة، وفيات الأعيان 1/ 334، 335، مرآة الجنان 1/ 410، البداية والنهاية 10/ 189، الفخري 209.

[1]

تاريخ الطبري 8/ 291، الكامل في التاريخ 6/ 176، البداية والنهاية 10/ 189، وفيات الأعيان 1/ 344.

[2]

تاريخ الطبري 8/ 292، الكامل في التاريخ 6/ 176، 177، وفيات الأعيان 1/ 336.

[3]

الكامل في التاريخ 6/ 177، تاريخ الطبري 8/ 293.

[4]

تاريخ الطبري 8/ 293.

[5]

تاريخ الطبري 8/ 293.

[6]

تاريخ الطبري 8/ 293.

ص: 25

مَعَكَ، لَوِ اقْتَصَرْتَ بِهِ عَلَى الإِمْرَةِ دُونَ الْعِشْرَةِ. قَالَ: يَا أَبَهْ، لَيْسَ لِعَذَابِكَ، وَلَكِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُقَدِّمَ الْفَضْلَ عَلَيْهِ [1] .

قَالَ ابْنُ جرير: حدّثني أحمد بن زهير، أظنّه عَنْ عَمِّهِ، زَاهِرِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّ سَبَبَ هَلاكِ الْبَرَامِكَةِ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لا يَصْبِرُ عَنْ جَعْفَرٍ، وَعَنْ أُخْتِهِ عَبَّاسَةَ بِنْتِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ وَكَانَ يُحْضِرُهَا مَجْلِسَ الشَّرَابِ، فَقَالَ: أُزَوِّجُكَهَا عَلَى أَنْ لا تَمَسَّهَا. فَكَانَا يَثْمُلانِ مِنَ الشَّرَابِ، وَهُمَا شَابَّانِ، وَيَقُومُ الرَّشِيدُ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا، فَخَافَتِ الرَّشِيدَ، فَوَجَّهَتْ بِالطِّفْلِ مَعَ حَوَاضِنَ إِلَى مَكَّةَ وَاخْتَفَى الأَمْرُ. ثُمَّ ضَرَبَتْ جَارِيَةً لَهَا فَوَشَتْ بِهَا إِلَى الرَّشِيدِ، فَلَمَّا حَجَّ أَرْسَلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْحَوَاضِنُ، وَهَمَّ بِقَتْلِ الصَّبِيِّ، ثُمَّ تَأَثَّمَ مِنْ ذَلِكَ [2] .

فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْحِيرَةِ وَنَاحِيَةِ الأَنْبَارِ أَرْسَلَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لانْسِلاخِ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَسْرُورٍ الْخَادِمِ وَمَعَهُ أَبُو عِصْمَةَ وَأَجْنَادٌ، فَأَحَاطُوا بِجَعْفَرٍ لَيْلا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَسْرُورٌ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ لَهْوِهِ، فَأَخْرَجَهُ بِعُنْفٍ وَقَيَّدَهُ بِقَيْدِ حِمَارٍ وَأَتَى بِهِ، فَأَعْلَمَ الرَّشِيدَ. فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَفَعَلَ [3] .

وَحَدَّثَ مَسْرُورٌ قَالَ: وَقَعَ عَلَى رِجْلَيَّ يُقَبِّلُهَا، وَقَالَ: دَعْنِي أَدْخُلُ فَأُوصِي، قُلْتُ: لا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَوْصِ بِمَا شِئْتَ. فَأَوْصَى وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ، ثُمَّ ذَبَحْتُهُ بَعْدَ أَنْ رَاجَعْتُ الرشيد فيه، وأتيته برأسه [4] .

[1] تاريخ الطبري 8/ 293.

[2]

تاريخ الطبري 8/ 294، العيون والحدائق 3/ 307، مروج الذهب 3/ 384- 387، الفخري في الآداب السلطانية 209، خلاصة الذهب المسبوك 146، وفيات الأعيان 1/ 332، 333 و 344، البداية والنهاية 10/ 189.

[3]

تاريخ الطبري 8/ 295، الإنباء في تاريخ الخلفاء 81- 83، مروج الذهب 3/ 387، 388، نشوار المحاضرة 7/ 74، 75، وفيات الأعيان 1/ 336، 337، البداية والنهاية 10/ 190، ومقاتل الطالبيين 494.

[4]

تاريخ الطبري 8/ 295، العيون والحدائق 3/ 305، 306، الكامل في التاريخ 6/ 177، 178، الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 81- 83 (وفيه رواية مفصّلة) ، البدء والتاريخ 6/ 104، 105 (وفيه أن العباسة حملت من جعفر وولدت توأمين) ، نهاية الأرب 22/ 139، 140، الفخري 210، خلاصة الذهب المسبوك 147، وفيات الأعيان 1/ 338، 339، الوافي بالوفيات 11/ 161.

ص: 26