الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ، وسليمان ابن سُلَيْمٍ قَاضِي حِمْصٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامٍ الْكُوفِيُّ، وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ فِي قَوْلٍ، وَعَمُّ الْمَنْصُورِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مَهْرَانَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَر بْن عَبْد العزيز، وعبيد الله ابن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ بِخُلْفٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الأَزْدِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيلٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ بِالْبَصْرَةِ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ أَخُو جَرِيرٍ.
وَفِيهَا بَدَّعَتِ التُّرْكُ بِنَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةِ، وَقَتَلُوا أُمَمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَدَخَلُوا تَفْلِيسَ [1] ، وَكَانَ حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوُنْدِيُّ [2] الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحَرْبِيَّةُ مِنْ بَغْدَادَ، مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ فِي أَلْفَيْنِ، لِمَكَانِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ وَجَّهَ إِلَى الْمَوْصِلِ جِبْرِيلَ بْنَ يَحْيَى فِي عَسْكَرٍ، فَانْضَمُّوا كُلُّهُمْ وَقَصَدُوا التُّرْكَ فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ جِبْرِيلُ، وقتل حرب [3] .
[1] بفتح التاء أو كسرها. هي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب بأرمينية الأولى (ياقوت 2/ 35)
[2]
في نسخة القدسي 6/ 29 «الريوندي» والتصحيح من الطبري 8/ 7.
[3]
الطبري 8/ 7، ابن الأثير 5/ 577.
وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْمَنْصُورَ حَجَّ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ [1] .
وَعَزَلَ عَنِ الْكُوفَةِ عِيسَى بْنَ مُوسَى، وَطَلَبَهُ إِلَى بغداد، فدفع إليه عبد الله ابن عَلِيٍّ سِرًّا، ثُمَّ قَالَ: يَا عِيسَى، إِنَّ هَذَا أَرَادَ أَنْ يُزِيلَ النِّعْمَةَ عَنِّي وَعَنْكَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ عَهْدِي بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، وَالْخِلافَةُ صَائِرَةٌ إليك، فخذ، وَاقْتُلْهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَخُورَ أَوْ تَضْعُفَ، وَسَلِّمْهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْ طُرُقِ الْحَجِّ يَسْأَلُهُ: مَا فَعَلْتَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ أَنْفَذْتَ مَا أَمَرْتَ بِهِ، فَلَمْ يَشُكَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَكَانَ عِيسَى قَدْ سَتَرَهُ عِنْدَهُ، وَدَعَا كَاتِبَهُ يُونُسَ بْنَ فَرْوَةَ فَقَالَ: مَا تَرَى؟
قَالَ: أَمَرَكَ بِقَتْلِهِ سِرًّا، وَيَدَّعِيهِ عَلَيْكَ عَلانِيَةً، ثُمَّ يُقَيِّدُكَ بِهِ. قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: أُستُرْهُ وَاخْفِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَنْصُورَ دَسَّ إِلَى عُمُومَتِهِ مَنْ يُحَرِّكُهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، فَكَلَّمُوا الْمَنُصوَر، فَقَالَ: عَلَيَّ بِعِيسَى، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي دَفَعْتُ إِلَيْكَ عَمِّي لِيَكُونَ فِي مَنْزِلِكَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: قَدْ كَلَّمَنِي فِيهِ أَعْمَامِي، فَرَأَيْتُ الصَّفْحَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَوَ لَمْ تَأْمُرْنِي بِقَتْلِهِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: قَدْ أَمَرْتَنِي بِقَتْلِهِ!. قَالَ: كَذَبْتَ، فَقَالَ لِعُمُومَتِهِ:
إِنَّ هَذَا قَدْ أَقَرَّ لَكُمْ بِقَتْلِ أَخِيكُمْ، قَالُوا: فَادْفَعْهُ إِلَيْنَا نَقْتُلُهُ بِهِ، قَالَ: فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَشَهَرَ الأَمْرُ، فَقَامَ أَحَدُهُمْ وَشَهَرَ سَيْفَهُ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَفَاعِلٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لا تَعْجَلُوا، ثُمَّ أَحْضَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ وَقَالَ لِلْمَنْصُورِ: شَأْنُكَ بِعَمِّكَ، قَالَ: فَأَدْخِلُوهُ حَتَّى أَرَى فِيهِ رَأْيِي، فَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ كَانَ أَمْرُهُ مَا كان [2] .
[1] تاريخ خليفة 424. الطبري. ابن الأثير 5/ 583.
[2]
الطبري 8/ 7- 9.
وَفِيهَا خَلَعَ الْمَنْصُورُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَهُ عِيسَى بْنَ مُوسَى، الَّذِي حَارَبَ لَهُ الأَخَوَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا، وَظَفَرَ بِهِمَا، وَتَوَطَّدَ مُلْكُ الْمَنْصُورِ بِهِمَّةِ عِيسَى، فَكَافَأَهُ وَخَلَعَهُ مُكْرَهًا مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَدَهُ الْمَهْدِيَّ، فَقِيلَ إِنَّهُ أَرْضَى عِيسَى بِأَنْ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ.
وَكَانَ السَّفَّاحُ لَمَّا احْتَضَرَ جَعَلَ الْخِلافَةَ لِلْمَنْصُورِ، ثُمَّ بَعْدَهُ لِعِيسَى، وَقَدْ لاطَفَهُ الْمَنْصُورُ، وَكَلَّمَهُ بِأَلْيَنِ الْكَلامِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ بِالأَيْمَانِ وَالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ الَّتِي عَلَيَّ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا رَأَى الْمَنْصُورُ امْتِنَاعَهُ تَغَيَّرَ لَهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَجَعَلَ يُقَدِّمُ الْمَهْدِيَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجَالِسِ، ثُمَّ شَرَعَ الْمَنْصُورُ يَدُسُّ مَنْ يَحْفُرُ عَلَيْهِ بَيْتَهُ لِيَسْقُطَ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَتَحَفَّظُ وَيَتَمَارَضُ.
وَقِيلَ: بَلْ سَقَاهُ الْمَنْصُورُ فَاسْتَأْذَنَ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَتَدَاوَى، وَكَانَ الَّذِي جَرَّأَهُ عَلَى ذَلِكَ طَبِيبُهُ بَخْتَيَشُوعُ، وَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَجْسُرُ عَلَى مُعَالَجَتِكَ، وَمَا آمَنُ عَلَى نَفْسِي، فَأَذِنَ لَهُ الْمَنْصُورُ، وَبَلَغَتِ الْعِلَّةُ مِنْ عِيسَى كُلَّ مَبْلَغٍ، حَتَّى تَمَعَّطَ شَعْرُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ نَصَلَ مِنْ عِلَّتِهِ، ثُمَّ سَعَى مُوسَى وَلَدُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فِي أَنْ يُطِيعَ أَبُوهُ الْمَنْصُورَ، خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْهُ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَدَبَّرَ حِيلَةً أَوْحَاهَا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: مُرْ بِخَنْقِي قُدَّامَ أَبِي إِنْ لَمْ يَخْلَعْ نَفْسَهُ، قَالَ: فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَصَاحَ أَبُوهُ وَأَذْعَنَ بِخَلْعِ نَفْسِهِ، وَقَالَ: هَذِهِ يَدِي بِالْبَيْعَةِ لِلْمَهْدِيِّ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نُسْوَانِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَمَا أَمْلِكُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لما أراد البيعة لِلْمَهْدِيِّ بِالْعَهْدِ، تَكَلَّمَ الْجُنْدُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ عِيسَى إِذَا رَكِبَ يُسْمِعُونَهُ مَا يَكْرَهُ، فَشَكَاهُمْ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَلَمْ يَمْنَعْ فِي الْبَاطِنِ، وَمَنَعَ فِي الظَّاهِرِ، فَأَسْرَفُوا، حَتَّى خَلَعَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ.
وَقِيلَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكٍ مَضَى إِلَيْهِ فِي ثَلاثِينَ نَفْسًا بِرِسَالَةِ الْمَنْصُورِ،
فَامْتَنَعَ، فَجَاءَ خَالِدٌ وَقَالَ: قَدْ خَلَعَ نَفْسَهُ، وَاسْتَشْهَدَ أُولَئِكَ الثَّلاثِينَ، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ [1] .
وَقِيلَ: بَلْ بَذَلَ لَهُ الْمَنْصُورُ عَلَى خَلْعِ نَفْسِهِ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ حَتَّى فَعَلَ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ مُحَمَّدَ بْنَ السَّفَّاحِ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَاسْتَعْفَى مِنْهَا، فأعفاه، وانصرف إلى بغداد فمات بها [2] .
[1] الطبري 8/ 9- 20.
[2]
الطبري 8/ 25، ابن الأثير 5/ 582.