الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ آبَارِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: وَمِنْ آبَارِ الْمَدِينَةِ: بِئْرٌ بِالْحَرَّانِيَّةِ يُقَالُ لَهَا: الْحَفِيرُ، يَصُبُّ فِيهَا سَيْلُ مُذَيْنِبٍ، وَرُبَّمَا صُرِفَ إِلَيْهَا سَيْلُ مَهْزُورٍ إِذَا طَغَى وَخِيفَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَيُصَبُّ فِيهَا هُوَ وَمُذَيْنِبٍ. وَبِئْرٌ يُقَالُ لَهَا الْبُوَيْرِمَةُ، لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَبِئْرٌ يُقَالُ لَهَا الْهَجِيرُ
بِالْحَرَّةِ فَوْقَ قَصْرِ ابْنِ مَاهٍ. وَقَدْ كَانَ مَهْزُورٌ سَالَ فِي وِلَايَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه سَيْلًا عَظِيمًا خِيفَ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْهُ الْغَرَقَ، فَعَمِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه الرَّدْمَ الَّذِي عِنْدَ بِئْرِ مِدْرَى لِيَرُدَّ بِهِ السَّيْلَ عَنِ الْمَسْجِدِ وَعَنِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ سَالَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ وَالٍ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَخِيفَ مِنْهُ أَيْضًا عَلَى الْمَسْجِدِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الصَّمَدِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَلَى قَضَائِهِ، وَنَدَبَ النَّاسَ إِلَيْهِ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَدْ طَغَى وَمَلَأَ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدُلُّوا عَلَى مَصْرَفِهِ، فَحَفَرُوا فِي بَرْقَةِ صَدَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَبْدَوْا عَنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ فَفَتَحُوهَا، فَانْصَرَفَ الْمَاءُ فِيهَا وَغَاضَ إِلَى بُطْحَانَ. وَكَانَ الَّذِي دَلَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَجُوزٌ مُسِنَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ قَالَتْ: " إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِذَا خِيفَ عَلَى الْقَبْرِ مِنْ
سَيْلِ مَهْزُورٍ، فَاهْدُمُوا مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، وَأَشَارَتْ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَهَدَمَهَا النَّاسُ فَأَبْدَوْا عَنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ. وَسَيْلُ مَهْزُورٍ يَأْخُذُ مِنَ الْحَرَّةِ مِنْ شَرْقِهَا، وَمِنْ هَكِرَ، وَحَرَّةِ صِفَةَ، حَتَّى يَأْتِيَ أَعْلَى حِلَاةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ يَسْلُكُ فِيهِ شُعَيْبٌ فَيَأْخُذُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بَيْنَ الْبُيُوتِ فِي وَادٍ يُقَالُ لَهُ: مُذَيْنِبٌ، ثُمَّ يَلْتَقِي هُوَ وَسَيْلُ بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْمَشَارِفِ، فَضَاءِ بَنِي خَطْمَةَ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْوَادِيَانِ جَمِيعًا، مَهْزُورٌ وَمُذَيْنِبٌ، فَيَفْتَرِقَانِ فِي الْأَمْوَالِ وَيَدْخُلَانِ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّهَا إِلَّا مَشْرُبَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ يُفْضِي إِلَى السُّورَيْنِ عَلَى قَصْرِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بَطْنَ الْوَادِي عَلَى قَصْرِ بَنِي يُوسُفَ، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي الْبَقِيعِ حَتَّى يَخْرُجَ عَلَى بَنِي جَدِيلَةَ، وَالْمَسْجِدُ بِبَطْنِ مَهْزُورٍ، وَآخِرُهُ كَوْمَةُ أَبِي الْحَمْرَاءِ، ثُمَّ يُفْضِي فَيَصُبُّ فِي وَادِي قَنَاةَ
قَالَ أَبُو غَسَّانَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَا:" يَأْتِي سَيْلُ مَهْزُورٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَبُطْحَانَ مِنْ صُدُورِ جُفَافٍ. قَالَ: وَمُعْجَبٍ هُوَ الَّذِي يَمُرُّ سَيْلُهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّمَا السَّيْلُ الَّذِي هُوَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَهْزُورٌ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
⦗ص: 171⦘
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي وَادِي مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ أَنْ يُمْسَكَ الْمَاءُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ "
حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَهْزُورٍ وَوَادِي بَنِي قُرَيْظَةَ، أَنَّ الْمَاءَ إِلَى الْعَقِبَيْنِ، لَا يَحْبِسُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ، وَيَحْبِسُ الْأَسْفَلَ عَلَى الْأَعْلَى»
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أَنَّ لِأَهْلِ النَّخْلِ إِلَى الْعَقِبَيْنِ، وَلِأَهْلِ الزَّرْعِ إِلَى الشِّرَاكَيْنِ، ثُمَّ يُرْسِلُونَ الْمَاءَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ»
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ، أَنْ يُمْسَكَ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ وَالْجُدَرَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ وَكَانَ يَسْقِي الْحَوَائِطَ "
⦗ص: 172⦘
وَسَيْلُ وَادِي قَنَاةَ، يَأْتِي مِنْ وَجٍّ. وَبَلَغَنَا عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ الشَّيْبَانِيِّ - هَكَذَا قَالَ أَبُو غَسَّانَ - أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ الْغَمْرِ، فَأَسْلَمَتْ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ارْدُدْ عَلَيَّ زَوْجَتِي فَقَالَ: إِنَّهَا قَدْ أَسْلَمَتْ، وَلَا تَحِلُّ لَكَ إِلَّا أَنْ تُسْلِمَ فَأَرُدَّهَا عَلَيْكَ؟ فَنَزَلَ شُرَيْحٌ بِقَنَاةَ، فَأَقَامَ بِهَا وَقَالَ:
[البحر الوافر]
أَلَا يَا صَاحِبَيَّ بِبَطْنِ وَجٍّ
…
رَوَاحًا لَا أَرَى لَكُمَا مُقَامَا
أَلَا تَرَيَانِ أُمَّ الْغَمْرِ أَمْسَتْ
…
قَرِيبًا لَا أُطِيقُ لَهَا كَلَامَا
فَجَعَلَ بَطْنَ قَنَاةَ بَطْنَ وَجٍّ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ يَأْتِي مِنْهُ. وَأَمَّا مُلْتَقَى سُيُولِ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ وَمُجْتَمَعِهَا، فَإِنَّهَا تَجْتَمِعُ بِزَغَابَةَ، وَهُوَ طَرَفُ وَادِي إِضَمَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ إِضَمَ لِانْضِمَامِ السُّيُولِ بِهِ وَاجْتِمَاعِهَا فِيهِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُ فَتَنْحَدِرُ عَلَى عَيْنِ أَبِي زِيَادٍ، ثُمَّ تَنْحَدِرُ فَيَلْقَاهَا شِعَابٌ يُمْنَةً وَيُسْرَةً، ثُمَّ يَلْقَاهَا وَادِي مَالِكٍ بِذِي خَشَبٍ وَظُلَمَ وَالْجُنَيْنَةِ، ثُمَّ يَلْقَاهَا وَادِي أَوَانٍ وَدَوَافِعُهُ مِنَ الشَّرْقِ، وَيَلْقَاهَا مِنَ الْغَرْبِ وَادٍ يُقَالُ لَهُ: بُوَاطٌ، وَالْحَزَّارُ، وَيَلْقَاهَا مِنَ الشَّرْقِ وَادِي الْأَتَمَةِ، ثُمَّ تَمْضِي فِي وَادِي إِضَمَ وَعُيُونِهِ حَتَّى يَلْقَاهُ وَادِي بُرْمَةَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ذُو الْبَيْضَةِ، مِنَ الشَّامِ، وَيَلْقَاهَا وَادِي تُرْعَةَ مِنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَلْتَقِي هُوَ وَوَادِي الْعِيصِ مِنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَلْقَاهُ دَوَافِعُ وَادٍ يُقَالُ لَهُ: حُجْرٌ، وَوَادِي الْجَزْلِ الَّذِي بِهِ السُّقْيَا وَالرَّحَبَةُ فِي
⦗ص: 173⦘
نَخِيلِ ذِي الْمَرْوَةِ مُغَرِّبًا، ثُمَّ يَلْقَاهُ وَادِي عَمُودَانِ فِي أَسْفَلِ ذِي فِي الْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَلْقَاهُ وَادٍ يُقَالُ لَهُ: سُفْيَانُ، حَتَّى يُفْضِيَ إِلَى الْبَحْرِ عِنْدَ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: أَرَاكٌ، ثُمَّ يُدْفَعُ فِي الْغَمْرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْكِنَةٍ مِنَ الْبَحْرِ يُقَالُ لَهَا: الْيَعْبُوبُ، وَالنَّتِيجَةُ، وَحَقِيبٌ