المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما جاء فيما يخرج أهل المدينة منها - تاريخ المدينة لابن شبة - جـ ١

[ابن شبة]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةٌ. . . . . قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ كَانَ إِذَا احْتُضِرَ مِنَّا الْمَيِّتُ آذَنَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَضَرَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، حَتَّى إِذَا قُبِضَ انْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَشَهِدَ مَوْتَ جَابِرٍ، فَرُبَّمَا طَالَ حَبْسُ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَقَامِ جِبْرِيلَ عليه السلام قَالَ أَبُو غَسَّانَ: عَلَامَةُ مَقَامِ جِبْرِيلَ عليه السلام الَّذِي يُعْرَفُ بِهَا الْيَوْمَ، أَنَّكَ تَخْرُجُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: بَابُ آلِ عُثْمَانَ، فَتَرَى عَلَى يَمِينِكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ عَلَى ثَلَاثِ أَذْرُعٍ وَشِبْرٍ، وَهُوَ مِنَ الْأَرْضِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ ذِرَاعٍ وَشِبْرٍ حَجَرًا أَكْبَرَ مِنَ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصَصِ وَالْقَاصِّ وَجَمْعِ الصُّحُفِ

- ‌ذِكْرُ الْقَصَصِ

- ‌ذِكْرُ الْبَلَاطِ الَّذِي حَوْلَ الْمَسْجِدِ

- ‌ذِكْرُ الْمَرْمَرِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْمِنْبَرِ

- ‌ذِكْرُ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ وَسَبَبِ مَا جُعِلَ فِيهِ الْخَلُوقُ

- ‌مَا كُرِهَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَإِنْشَادِ الضَّالَّةِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَى فِي الْمَسْجِدِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي النَّوْمِ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي يُقَالُ إِنَّهُ صَلَّى فِيهَا، وَيُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي جَبَلِ أُحُدٍ

- ‌مَا ذُكِرَ فِي مَقْبَرَةِ الْبَقِيعِ وَبَنِي سَلَمَةَ وَالدُّعَاءِ هُنَاكَ

- ‌ذِكْرُ مَوَاضِعِ قُبُورِ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَسْلَافِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌قَبْرٌ فِيهِ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ رضي الله عنهما

- ‌مُتَوَفَّى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها

- ‌قَبْرُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما

- ‌قَبْرُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌قَبْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه

- ‌قَبْرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه

- ‌قَبْرُ أَبِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قَبْرُ آمِنَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌قَبْرُ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها

- ‌قَبْرُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ مَنْ، يَذْكُرُ، أَنَّ قَبْرَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها بِالْبَقِيعِ، حَيْثُ دُفِنَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ كَانَ حَفَرَ فَوَجَدَ عَلَى ثَمَانِي أَذْرُعٍ

- ‌قَبْرُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: أُصِيبَ سَعْدٌ رضي الله عنه يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَدَعَا، فَحَبَسَ اللَّهُ عَنْهُ الدَّمَ حَتَّى حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ انْفَجَرَ كُلُّهُ، فَمَاتَ فِي مَنْزِلِهِ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَحَدَ لَهُ فِي طَرَفِ الزُّقَاقِ الَّذِي بِلِزْقِ

- ‌قَبْرُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌قَبْرُ صَفِيَّةَ بْنِتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنها قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَتْ صَفِيَّةُ فَدُفِنَتْ فِي آخِرِ الزُّقَاقِ الَّذِي يَخْرُجُ إِلَى الْبَقِيعِ عِنْدَ بَابِ الدَّارِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: دَارُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الَّتِي أَقْطَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنهما، لَازِقًا بِجِدَارِ الدَّارِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ

- ‌قَبْرُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: دُفِنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ قَبْرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ فِي أَوَّلِ مَقَابِرِ بَنِي هَاشِمٍ الَّتِي فِي دَارِ عَقِيلٍ. فَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ بُنِيَ قُبَالَةَ قَبْرِهِ. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: دُفِنَ فِي مَوْقِعٍ مِنَ الْبَقِيعِ مُتَوَسِّطًا

- ‌قُبُورُ بَنِي هَاشِمٍ

- ‌قَبْرُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: بَلَغَنِي أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَأَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ رضي الله عنه يَجُولُ بَيْنَ الْمَقَابِرِ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عَمِّ، مَا لِي أَرَاكَ هَاهُنَا؟ قَالَ: أَطْلُبُ مَوْضِعَ قَبْرٍ، فَأَدْخَلَهُ دَارَهُ، وَأَمَرَ بِقَبْرٍ فَحُفِرَ فِي قَاعَتِهَا، فَقَعَدَ عَلَيْهِ أَبُو

- ‌قَبْرُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ رضي الله عنهما

- ‌مَا جَاءَ فِي مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَعْيَادِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ الَّتِي يُمْشَى بِهَا فِي الْعِيدَيْنِ بَيْنَ يَدَيِ الْوُلَاةِ

- ‌مَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌ذِكْرُ بِئْرِ رُومَةَ، وَهِيَ فِي الْعَقِيقِ

- ‌مَا جَاءَ فِي النَّقِيعِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الْبِئَارِ الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ

- ‌ذِكْرُ أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا وَحُدُودِهَا وَمُجْتَمَعِ مِيَاهِهَا وَمَغَايِضِهَا

- ‌بُطْحَانُ

- ‌ذِكْرُ آبَارِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: وَمِنْ آبَارِ الْمَدِينَةِ: بِئْرٌ بِالْحَرَّانِيَّةِ يُقَالُ لَهَا: الْحَفِيرُ، يَصُبُّ فِيهَا سَيْلُ مُذَيْنِبٍ، وَرُبَّمَا صُرِفَ إِلَيْهَا سَيْلُ مَهْزُورٍ إِذَا طَغَى وَخِيفَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَيُصَبُّ فِيهَا هُوَ وَمُذَيْنِبٍ. وَبِئْرٌ يُقَالُ لَهَا الْبُوَيْرِمَةُ، لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَبِئْرٌ يُقَالُ لَهَا الْهَجِيرُ

- ‌مَا جَاءَ فِي أَمْوَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَدَقَاتِهِ وَنَفَقَاتِهِ بِالْمَدِينَةِ وَأَعْرَاضِهَا

- ‌أَمْرُ خَيْبَرَ

- ‌خَبَرُ فَدَكٍ

- ‌ذِكْرُ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ رضي الله عنه، وَطَلَبِ مِيرَاثِهِمْ مِنْ تَرِكَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌خُصُومَةُ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ صَدَقَاتِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغَيْرِهِمْ

- ‌صَدَقَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ أَبُو غَسَّانَ: تَصَدَّقَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه بِحِلٍّ لَهُ كَانَ بِيَنْبُعَ عَلَى عَيْنٍ يُقَالُ لَهَا: عَيْنُ جُسَّاسٍ، عَلَى شَرَابِ زَمْزَمَ، فَذَلِكَ الْحَقُّ يُقَالُ لَهُ: السِّقَايَةُ؛ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى زَمْزَمَ، وَهُوَ الثُّمُنُ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ، وَهُوَ الْيَوْمَ بِيَدِ

- ‌صَدَقَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنهما وَتَصَدَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنهما بِمَالٍ بِالصَّهْوَةِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَعْنٍ وَبِيرِ حَوْزَةَ عَلَى لَيْلَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَتِلْكَ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الْخَلِيفَةِ يُوَكِّلُ بِهَا

- ‌صَدَقَاتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌دُورُ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ اتَّخَذَ طُلَيْبُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ دَارًا فِي زُقَاقِ الصَّفَّارِينَ، فَوَرِثَهَا أَبُو كَثِيرِ بْنُ زَيْدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ، ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْ أَيْدِيهِمْ

- ‌دُورُ بَنِي تَيْمٍ اتَّخَذَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه دَارًا إِلَى زُقَاقِ الْبَقِيعِ، قُبَالَةَ دَارِ عُثْمَانَ رضي الله عنه الصُّغْرَى. وَاتَّخَذَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَيْضًا مَنْزِلًا آخَرَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ الْمَنْزِلُ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سُدُّوا عَنِّي هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَابِ أَبِي

- ‌دُورُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَاتَّخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما دَارَهُ الَّتِي فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: دَارُ الْجَنَابِذِ، بَابُهَا شَارِعٌ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إِلَى مَسْجِدِهِمْ، تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه وَتَرْكَهَا مِيرَاثًا، فَتَجَاوَزَهَا وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ

- ‌دُورُ بَنِي جُمَحَ اتَّخَذَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ دَارَهُ الَّتِي فِي الصَّفَّارِينَ، وَهِيَ دَارُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، ثُمَّ نَاقَلَ بِهَا عُمَيْرٌ الْمُغِيرَةَ إِلَى الدَّارِ الَّتِي لِلْمُغِيرَةِ بِالْمُصَلَّى، الَّتِي تُدْعَى الْيَوْمَ دَارَ ابْنِ صَفْوَانَ، فَهِيَ الْيَوْمَ بِأَيْدِي آلِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ. وَاتَّخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ الدَّارَ الَّتِي تُدْعَى دَارَ

- ‌دُورُ بَنِي سَهْمٍ اتَّخَذَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه دَارَهُ الَّتِي بِالْبَلَاطِ بَيْنَ دَارِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَبَيْنَ الْكُتَّابِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: كُتَّابُ ابْنِ الْخَصِيبِ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ، فَهِيَ بِأَيْدِيهِمْ صَدَقَةً. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ وَلَدِهِ عَمَّرَ فِيهَا، حَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ

- ‌دُورُ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ اتَّخَذَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ وَهْبِ بْنِ خَالِدِ بْنِ وَائِلَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، أُخْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، دَارًا بَيْنَ دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبَيْنَ زُقَاقِ جَمَلٍ، بَاعَهَا وَرَثَتُهَا، فَهِيَ الْيَوْمَ بِيَدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

- ‌ذِكْرُ الدُّورِ الشَّوَارِعِ عَلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ مِنْهَا دَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكَمِّلٍ الشَّارِعَةُ فِي رَحَبَةِ الْقَضَاءِ، وَهِيَ مِمَّا يُتَشَاءَمُ بِهِ؛ وَذَلِكَ مِمَّا نَشَأَ عَنْ بِنَائِهَا. وَمِنْ تِلْكَ الدُّورِ دَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الْقِبْلَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهَا قِصَّةً فِي دُورِ بَنِي عَدِيٍّ. ثُمَّ

- ‌مَحَالُّ الْقَبَائِلِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَنَزَلَ بَنُو غِفَارِ بْنِ مُلَيْلِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ الْقَطِيعَةَ الَّتِي قَطَعَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ مَا بَيْنَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ الَّتِي تُعْرَفُ بِدَارِ الْحِجَارَةِ بِالسُّوقِ، إِلَى زُقَاقِ ابْنِ حُبَيْنٍ، إِلَى دَارِ أَبِي سَبْرَةَ الَّتِي صَارَتْ لِخَالِدٍ مَوْلَى عُبَيْدِ

- ‌مَنَازِلُ أَسْلَمَ وَمَالِكِ ابْنَيْ أَفْصَى نَزَلَ بَنُو أَسْلَمَ وَمَالِكٍ ابْنَيْ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مَنْزِلَيْنِ: فَنَزَلَتْ بَنُو مَالِكِ بْنِ أَفْصَى وَأُمَيَّةَ وَسَهْمِ ابْنَيْ أَسْلَمَ، مَا بَيْنَ خَطِّ زُقَاقِ ابْنِ حُبَيْنٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الشَّامِيُّ مِنْ زَاوِيَةِ يَقْصَانَ الَّتِي بِالسُّوقِ إِلَى خَطِّ جُهَينَةَ، إِلَى شَامِيِّ ثَنِيَّةِ

- ‌مَنَازِلُ مُزَيْنَةَ وَمَنْ حَلَّ مَعَهَا مِنْ قَيْسٍ وَنَزَلَ بَنُو هُدْبَةَ بْنِ لَاطِمِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، إِلَّا بَنِي عَامِرِ بْنِ ثَوْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ لَاطِمِ بْنِ عُثْمَانَ، وَعُثْمَانُ نَفْسُهُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مُزَيْنَةُ، وَهِيَ أُمِّ مُزْنَةَ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ وَبَرَةَ، مَا بَيْنَ زَاوِيَةِ بَيْتِ الْقَرَوِيِّ الْمُطِلِّ عَلَى بُطْحَانَ الْغَرْبِيَّةِ، إِلَى زَاوِيَةِ

- ‌مَنَازِلُ جُهَيْنَةَ وَبَلِيٍّ نَزَلَتْ جُهَيْنَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ السُّودِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قُضَاعَةَ، وَبَلِيُّ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ، مَا بَيْنَ خَطِّ أَسْلَمَ الَّذِي بَيْنَ أَسْلَمَ وَجُهَيْنَةَ، إِلَى دَارِ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ السُّلَمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الَّتِي فِي بَنِي سَلَمَةَ، إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: جَبَلُ جُهَيْنَةَ، إِلَى يَمَانِيِّ ثَنِيَّةِ

- ‌مَنَازِلُ قَيْسٍ نَزَلَتْ أَشْجَعُ بْنُ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ غَيْلَانَ الشِّعْبَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: شِعْبُ أَشْجَعَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ سَائِلَةِ أَشْجَعَ، إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، إِلَى جَوْفِ شِعْبِ سَلْعٍ، «وَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَحْمَالِ التَّمْرِ فَنَثَرَهُ لَهُمْ»

- ‌مَنَازِلُ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو وَإِخْوَانِهِمْ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَنَزَلَ بَنُو كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، مَا بَيْنَ يَمَانِيِّ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرٍ، إِلَى دَارِ شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ عَدِيِّ بْنِ عَمْرٍو، إِلَى مَوْضِعِ التَّمَّارِينَ بِالسُّوقِ، إِلَى زُقَاقِ الْجَلَّادِينَ الشَّارِعِ عَلَى الْمُصَلَّى يُمْنَةً وَيُسْرَةً إِلَى بُطْحَانَ، إِلَى زُقَاقِ

- ‌مَا جَاءَ فِي ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَسَبَبِ مَا سُمِّيَتْ بِهِ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ أَحَدٌ إِلَّا عَنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنْ لَمْ يُعَشِّرْ بِهَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الثَّنِيَّةِ قِيلَ: قَدْ وَدَّعَ، فَسُمِّيَتْ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ

- ‌ذِكْرُ دَارِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّتِي كَانَ بَنَى، وَقَصْرِ خَلٍّ، وَقَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: كَانَ الَّذِي هَاجَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ الَّتِي كَانَتْ بِالسُّوقِ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ كَانَ خَالَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ وَلَّاهُ الْمَدِينَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ فَذَكَرَ أَنَّ

- ‌مَا جَاءَ فِيمَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْهَا

- ‌ذِكْرُ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَذِكْرُ أَحْجَارِ الزَّيْتِ

- ‌ذِكْرُ أَحْجَارِ الزَّيْتِ

- ‌ذِكْرُ الْبَيْدَاءِ: بَيْدَاءِ الْمَدِينَةِ

- ‌خَبَرُ أَصْحَابِ الْإِفْكِ

- ‌خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ

- ‌وَفَاةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ

الفصل: ‌ما جاء فيما يخرج أهل المدينة منها

إِلَيْهِمْ وَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ مُقْبِلًا عَرَفُوا فِي وَجْهِهِ الشَّرَّ، فَفَرُّوا وَتَبَدَّدُوا، وَأَدْرَكَ حَسَانًا دَاخِلًا بَيْتَهُ، فَضَرَبَهُ، فَغَلَّقَ بَيْتَهُ، فَضَرَبَهُ فَفَلَقَ أَلْيَتَيْهِ، فَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَوَّضَهُ وَأَعْطَاهُ حَائِطًا فَبَاعَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما بَعْدَ ذَلِكَ بِمَالٍ كَثِيرٍ، فَبَنَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه قَصْرًا، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْمَدِينَةِ: قَصْرُ الدَّارِيِّينَ "

ص: 273

‌مَا جَاءَ فِيمَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْهَا

ص: 273

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنِ ابْنِ شَقِيقٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: دَخَلَ مِحْجَنٌ الْمَسْجِدَ فَرَأَى بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَا لَكَ لَا تُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي سُكْبَةُ - رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ - قَالَ شُعْبَةُ يُمَازِحُهُ فَقَالَ: " إِنَّ

⦗ص: 274⦘

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِي فَصَعِدْنَا أُحُدًا، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ:«وَيْحَ أُمِّهَا قَرْيَةً، يَدَعُهَا أَهْلُهَا كَخَيْرِ مَا تَكُونُ» ، أَوْ «كَأَعْمَرِ مَا تَكُونُ» ، ثُمَّ نَزَلْنَا فَأَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: فُلَانٌ، هَذَا كَذَا وَكَذَا، فَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ قَالَ:«لَا يُسْمِعُهُ فَيُهْلِكُهُ» ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ حُجَرِ نِسَائِهِ نَزَعَ مِنْ يَدِي وَقَالَ:«إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ»

ص: 273

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ قَالَ: " بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ، ثُمَّ لَقِيَنِي وَأَنَا خَارِجٌ مِنْ بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا أُحُدًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا قَوْلًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهَا:«وَيْلَ أُمِّهَا قَرْيَةً، يَوْمَ يَدَعُهَا أَهْلُهَا كَأَيْنَعَ مَا تَكُونُ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يَأْكُلُ ثَمَرَهَا؟ قَالَ:«عَافِيَةُ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ»

ص: 274

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ قَالَ

⦗ص: 275⦘

: " بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى حَاشِيِّ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَةٍ، فَلَمَّا جِئْتُ ذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى صَعِدَ أُحُدًا، فَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ:«وَيْلَ أُمِّكِ مِنْ قَرْيَةٍ، كَيْفَ يَدَعُكِ أَهْلُكِ وَأَنْتِ خَيْرُ مَا تَكُونِينَ؟»

ص: 274

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: " إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، فَإِذَا بُرَيْدَةُ رضي الله عنه جَالِسٌ فِيهِ وَسُكْبَةُ - رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي الضُّحَى فَقَالَ بُرَيْدَةُ رضي الله عنه: يَا عِمْرَانُ، أَمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُصَلِّيَ كَمَا يُصَلِّي سُكْبَةُ؟ وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ يَعْنِيهِ بِهِ قَالَ: فَسَكَتَ عِمْرَانُ وَمَضَيْنَا، فَقَالَ عِمْرَانُ رضي الله عنه: إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذِ اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَصَعِدْنَا عَلَيْهِ، وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: صلى الله عليه وسلم: «وَيْلَ أُمِّهَا مِنْ قَرْيَةٍ، يَتْرُكُهَا أَهْلُهَا أَحْسَنَ مَا كَانَتْ - حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا - يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْخُلَهَا، يَجِدُ عَلَى كُلِّ فَجٍّ مِنْهَا مَلَكًا مُصْلِتًا السَّيْفَ» قَالَ: ثُمَّ نَزَلْنَا فَأَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَجُلٍ يُصَلِّي فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: فُلَانٌ، وَمِنْ أَمْرٍ فَجَعَلْتُ أُثْنِي عَلَيْهِ فَقَالَ:«لَا تُسْمِعْهُ فَتَقْطَعَ ظَهْرَهُ» قَالَ: ثُمَّ رَفَعَ يَدِي فَقَالَ: «إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ»

ص: 275

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَتُتْرَكَنَّ الْمَدِينَةُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَتْ، حَتَّى يَدْخُلَ الْكَلْبُ وَالذِّئْبُ فَيَغْدِي عَلَى سَوَارِي الْمَسْجِدِ، أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَنْ تَكُونُ الثِّمَارُ ذَلِكَ الزَّمَانَ؟ قَالَ: لِلْعَوَافِي: «الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ»

ص: 276

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَتَتْرُكُنَّهَا مُذَلَّلَةً أَحْسَنَ مَا كَانَتْ لِلطَّيْرِ وَالْهَوَامِّ»

ص: 276

حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْأَصْبَغِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، مُذَلَّلَةً، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِي - يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ، وَيَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدَانِهَا وُحُوشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا»

ص: 276

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ خِدَاشٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْمَدِينَةُ يَخْرُجُ مِنْهَا أَهْلُهَا خَيْرَ مَا كَانَتْ» . فَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَرُدُّ عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسَاحِقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خِرَاشٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: لِمَ تَرُدَّ عَلَيَّ فَوَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي بَيْتٍ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ مِنْهَا أَهْلُهَا خَيْرَ مَا كَانَتْ» ؟ فَقَالَ: ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَجَلْ، قَدْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي بَيْتٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْهُ، إِنَّمَا قَالَ:«أَعْمَرَ مَا كَانَتْ» ، وَلَوْ قَالَ:«خَيْرَ مَا كَانَتْ» ، لَكَانَ ذَلِكَ وَهُوَ حَيٌّ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«صَدَقْتَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ»

ص: 277

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبٌ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " لَيَخْرُجَنَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ خَيْرَ مَا كَانَتْ

⦗ص: 278⦘

، نِصْفًا زَهْوًا، وَنِصْفًا رُطَبًا. قِيلَ: مَنْ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أُمَرَاءُ السُّوءِ "

ص: 277

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الْمُهَزَّمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: " لَيَدَعَنَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْمَدِينَةَ وَهِيَ خَيْرُ مَا كَانَتْ، مُرْطِبَةً مُونِعَةً. قِيلَ: فَمَنْ يَأْكُلُهَا؟ قَالَ: الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ "

ص: 278

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَزَّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:«يَدَعُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْمَدِينَةَ وَالنَّخْلُ مُرْطِبٌ»

ص: 278

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزَّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:«لَيَجِيئَنَّ الثَّعْلَبُ حَتَّى يُقْبِلَ فِي ظِلِّ الْمِنْبَرِ ثُمَّ يَرُوحَ، لَا يُنَهْنِهُهُ أَحَدٌ»

ص: 278

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَشْجَعَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ

⦗ص: 279⦘

: " آخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَآخَرُ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَيَقُولَانِ: أَيْنَ النَّاسُ؟ فَيَأْتِيَانِ الْمَسْجِدَ فَلَا يَرَيَانِ إِلَّا الثَّعْلَبَ، فَيَنْزِلُ إِلَيْهِمَا مَلَكَانِ فَيَسْحَبَانِهِمَا عَلَى وُجُوهِهِمَا حَتَّى يُلْحِقَاهُمَا بِالنَّاسِ "

ص: 278

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَجِيءَ الثَّعْلَبُ فَيَرْبِضَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَا يُنَهْنِهُهُ أَحَدٌ»

ص: 279

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" يَجِيءُ جَيْشٌ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ فَيَقْتُلُونَ الْمُقَاتِلَةَ، وَيَبْقِرُونَ بُطُونَ النِّسَاءِ، وَيَقُولُونَ لِلْحُبْلَى فِي الْبَطْنِ: اقْتُلُوا صُبَابَةَ السُّوءِ، فَإِذَا عَلَوَا الْبَيْدَاءَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ خُسِفَ بِهِمْ، فَلَا يُدْرِكُ أَسْفَلُهُمْ أَعْلَاهُمْ، وَلَا أَعْلَاهُمْ أَسْفَلَهُمْ ". قَالَ أَبُو الْمُهَزَّمِ: فَلَمَّا جَاءَ جَيْشُ حُبَيْشِ بْنِ دُلْجَةَ قُلْنَا: هُمْ، فَلَمْ يَكُونُوا هُمْ

ص: 279

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَكُونَنَّ بِالْمَدِينَةِ مَلْحَمَةٌ يُقَالُ لَهَا: الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ حَالِقَةَ الشَّعَرِ وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدِّينِ، فَاخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَلَوْ عَلَى قَدْرِ بَرِيدٍ "

ص: 280

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْبَكْرِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حِمَازٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَتَعَجَّلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَتَفَقَّدَهُمْ، فَقُلْنَا: تَعْجَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: «لَيَتْرُكُنَّهَا أَحْسَنَ مَا كَانَتْ، لَيْتَ شِعْرِي مَتَى تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ جَبَلِ الْوِرَاقِ، يُضِيءُ لَهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصَرَى كَضَوْءِ النَّهَارِ»

ص: 280

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَشْرَفَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ:«هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ»

ص: 280

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه

⦗ص: 281⦘

، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيَخْرُجَنَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ لَيَعُودُنَّ إِلَيْهَا، ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ مِنْهَا ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهَا، وَلَيَدَعَنَّهَا وَهِيَ خَيْرُ مَا تَكُونُ مُونِعَةٌ» ، قِيلَ: فَمَنْ يَأْكُلُهَا؟ قَالَ: «الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ»

ص: 280

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَنَا بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ: مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ "

ص: 281

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: " دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «أَمَ وَاللَّهِ لَتَدَعُنَّهَا مُذَلَّلَةً أَرْبَعِينَ عَامًا لِلْعَوَافِي، أَتَدْرُونَ مَا الْعَوَافِي؟ الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ»

ص: 281

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى، يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: ذُكِرَ لِي عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَمَ وَاللَّهِ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَتَتْرُكُنَّهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَرْبَعِينَ» وَقَالَ كَعْبٌ

⦗ص: 282⦘

: سَتَخْرَبُ الْأَرْضُ قَبْلَ الشَّامِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَيُهَاجِرَنَّ الرَّعْدُ وَالْبَرْقُ إِلَى الشَّامِ، حَتَّى لَا تَكُونَ رِعْدَةٌ وَلَا بَرْقَةٌ إِلَّا مَا بَيْنَ الْعَرِيشِ وَالْفُرَاتِ. قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً

ص: 281

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْأَشْيَاخِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَيَتْرُكَنَّ الْمَدِينَةَ أَهْلُهَا، وَإِنَّهَا لَمُرْطِبَةٌ لَا يَأْكُلُهَا إِلَّا الْعَوَافِي: الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ " - قَالَ: وَحَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابًا لِكَعْبٍ: - وَلَيَغْشَيَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَمْرٌ يُفْزِعُهُمْ حَتَّى يَتْرُكُوهَا وَهِيَ مُذَلَّلَةٌ، حَتَّى يَبُولَ السَّنَانِيرُ عَلَى قَطَائِفِ الْخَزِّ مَا يُرَوِّعُهَا شَيْءٌ، وَحَتَّى يَخْرِقَ الثَّعَالِبُ فِي أَسْوَاقِهَا مَا يُرَوِّعُهَا شَيْءٌ

ص: 282

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي فُرَاتٌ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ قَالَ:" آخِرُ النَّاسِ مَحْشَرًا رَجُلَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يَفْقِدَانِ النَّاسَ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: قَدْ فَقَدْنَا النَّاسَ مُنْذُ حِينٍ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى شَخْصٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، فَيَنْطَلِقَانِ فَلَا يَجِدَانِ بِهَا أَحَدًا. ثُمَّ يَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَنْطَلِقَانِ فَلَا يَجِدَانِ بِهَا أَحَدًا. ثُمَّ يَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مَنَازِلِ قُرَيْشٍ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَيَنْطَلِقَانِ فَلَا يَرَيَانِ إِلَّا السِّبَاعَ وَالثَّعَالِبَ، فَيُوَجِّهَانِ نَحْوَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ "

ص: 282

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " لَيَأْتِيَنَّ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَوْمٌ يَسْتَظِلُّ فِي ظِلِّهِ - أُرَاهُ قَالَ: الثَّعْلَبُ - لَا يُرَوِّعُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ "

ص: 283

وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيَدَعَنَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْمَدِينَةَ مُرْطِبَةً» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يَأْكُلُهُ؟ قَالَ:«السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ»

ص: 283

حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَخْرُجُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْهَا ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَيْهَا فَيَعْمُرُونَهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ وَتُبْنَى، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا فَلَا يَعُودُونَ إِلَيْهَا أَبَدًا» قَالَ جَابِرٌ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " لَيَنْزِلَنَّ رَاكِبٌ فِي جَنْبِ وَادِي الْمَدِينَةِ فَيَقُولُ: كَانَ فِي هَذِهِ حَاضِرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَثِيرٌ "

ص: 283

مَا قِيلَ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الشِّعْرِ يُتَشَوَّقُ إِلَيْهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ، وَرَكِبَ الْبَحْرَ غَائِبًا فَاشْتَاقَ رَفِيقٌ لَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ:

[البحر الطويل]

ص: 283

بِكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الْفُلْكَ قَدْ مَضَتْ

تَهَادَى بِنَا فَوْقَ ذِي لُجَجٍ خُضْرِ

وَحَنَّ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَنَّهُ

لِمِصْرٍ وَهَيْهَاتَ الْمَدِينَةُ مِنْ مِصْرِ

فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا

تَقَرُّ قَرَارًا مِنْ جَهَنَّمَ فِي الْبَحْرِ

وَقَالَ نُفَيْلَةُ بْنُ الْمِنْهَالِ الْأَشْعَارَ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بُقَيْلَةَ - وَقَدْ وَجَدْتُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ تُنْسَبُ إِلَى أَبِي الْمِنْهَالِ الْأَشْجَعِيِّ الْأَصْغَرِ، وَزَادَ فِيهَا أَبْيَاتًا فِي أَوَّلِهَا وَفِي أَحْقَافِهَا، فَمَا زَادَ فِي أَوَّلِهَا:

[البحر الوافر]

أَرِقْتُ وَغَابَ عَنِّي مَنْ يَلُومُ

وَلَكِنْ لَمْ أَنَمْ أَنَا وَالْهُمُومُ

كَأَنِّي مِنْ تَذَكُّرِ مَا أُلَاقِي

إِذَا مَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ الْبَهِيمُ

سَقِيمٌ مَلَّ مِنْهُ أَقْرَبُوهُ

وَأَسْلَمَهُ الْمُدَاوِيَ وَالْحَمِيمُ

هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَأَمَّا الصَّحِيحُ فَقَوْلُهُ:

وَلَمَّا أَنْ دَنَا مِنَّا ارْتِحَالٌ

وَقُرِّبَ نَاجِيَاتُ السَّيْرِ كُومُ

تَحَاسَرَ وَاضِحَاتُ اللَّوْنِ زُهْرٌ

عَلَى دِيبَاجِ أَوْجُهِهَا النَّعِيمُ

وَقَائِلَةٍ وَمُثْنِيَةٍ عَلَيْنَا

تَقُولُ وَمَا لَهَا فِينَا حَمِيمُ

مَتَى تَرَ غَفْلَةَ الْوَاشِينَ عَنْهَا

تَجُدْ بِدُمُوعِهَا الْعَيْنُ السَّجُومُ

ص: 284

تَعُدُّ لَنَا الشُّهُورَ وَتَحْتَصِيهَا

مَتَى هُوَ حَائِنٌ مِنْهُ قُدُومُ

فَإِنْ يَكْتُبْ لَنَا الرَّحْمَنُ أَوْبًا

وَيَقْدُرْ ذَلِكَ الْمَلِكُ الْحَكِيمُ

فَكَمْ مِنْ حَرَّةٍ بَيْنَ الْمُنَقَّى

إِلَى أُحُدٍ إِلَى مَا حَازَ رِيمُ

إِلَى الْجَمَّاءِ مِنْ خَدٍّ أَسِيلِ

نَقِيِّ اللَّوْنِ لَيْسَ بِهِ كُلُومُ

وَمِنَ الزِّيَادَةِ:

أَتَيْنَ مُوَدِّعَاتٍ وَالْمَطَايَا

لَدَيْ أَكْوَارِهَا خَوَصٌ هُجُومُ

مُشَيَّعَةُ الْفُؤَادِ تَرَيْ هَوَاهَا

وَقُرَّةَ عَيْنِهَا فِيمَنْ يُقِيمُ

وَأُخْرَى لُبُّهَا مَعَنَا وَلَكِنْ

تَصَبَّرُ فَهْيَ وَاجِمَةٌ كَظُومُ

ص: 285

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ ثَابِتٍ قَوْلَ ابْنِ أَبِي عَاصِيَةَ السُّلَمِيِّ، يَتَشَوَّقُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ بِالْيَمَنِ عِنْدَ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ:

[البحر الطويل]

أَهَلْ نَاظِرٌ مِنْ خَلْفِ غُمْدَانَ مُبْصِرٌ

ذُرَى أُحُدٍ رُمْتَ الْمَدَى الْمُتَرَاخِيَا

فَلَوْ أَنَّ الْيَأْسَ بِي وَأَعَانَنِي

طَبِيبٌ بِأَرْوَاحِ الْعَقِيقِ شَفَائِيَا

قَالَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ يَعْنِي إِلْيَاسَ بْنَ مُضَرَ، كَانَ أَصَابَهُ السُّلُّ، فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَدْعُو السُّلَّ دَاءَ إِلْيَاسٍ. قَالَ أَبُو يَحْيَى: وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِيَةَ يَتَشَوَّقُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ بِالْعِرَاقِ:

[البحر الطويل]

تَطَاوَلَ لَيْلِي بِالْعِرَاقِ وَلَمْ يَكُنْ

عَلَيَّ بِأَكْنَافِ الْحِجَازِ يَطُولُ

فَهَلْ لِي إِلَى أَرْضِ الْحِجَازِ وَمَنْ بِهِ

بِعَاقِبَةٍ قَبْلَ الْفَوَاتِ سَبِيلُ

فَتُشْفَى حَزَازَاتٌ وَتَنْقَعُ أَنْفَسٌ

وَيُشْفَى جَوًى بَيْنَ الضُّلُوعِ دَخِيلُ

إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مُرْسَلٌ

فَرِيحُ الصَّبَا مِنِّي إِلَيْكَ رَسُولُ

ص: 286

قَالَ أَبُو يَحْيَى: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِفَتًى مِنْ فِتْيَانِهِمْ: أَتَجِدُكَ تَشْتَاقُ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ حُبِسْتَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ عَتَمَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ مِنْ لَيَالِي الصَّيْفِ، قَدْ تَوَسَّدْتَ طَرَفَ رِدَائِكَ مَعَ لَمَّةِ أَصْحَابِكَ يُنَازِعُونَكَ الْحَدِيثَ، لَاشْتَقْتَهَا. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ:

[البحر الطويل]

مُحَرَّمُكُمْ دِيوَانُكُمْ وَعَطَاؤُكُمْ

بِهِ يَكْتُبُ الْكُتَّابُ وَالْكُتْبُ تُطْبَعُ

ص: 286

ضَمِنْتُ لَكُمْ إِنْ لَمْ تُصَابُوا بِمُهْجَتِي

بِأَنَّ سَمَاءَ الضُّرِّ عَنْكُمْ سَتُقْلِعُ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لِأَبَانَ، وَكَانَ نَازِلًا بِأَيْلَةَ، يَعِيبُ عَلَيْهِ نُزُولَهُ بِأَيْلَةَ وَتَرْكَهُ النُّزُولَ بِالْمَدِينَةِ:

[البحر الكامل]

أَتَرَكْتَ طَيْبَةَ رَغْبَةً عَنْ أَهْلِهَا

وَنَزَلْتَ مُنْتَبِذًا بِدَيْرِ الْقُعْنُذِ

فَقَالَ أَبَانُ:

[البحر الكامل]

أُنْزِلْتُ أَرْضًا بُرُّهَا كَتُرَابِهَا

وَالْفَقْرُ مَضْرَبُهُ بِقَصْرِ الْجُنْبِ

حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ مَرَضٌ بِالْمَدِينَةِ، فَخَرَجَتْ أَعْرَابِيَّةٌ بِوَلَدِهَا وَجَعَلَتْ تَقُولُ:

[البحر الرجز]

يَا رَبِّ بَاعِدْ عَنِّي مِنْ ضَرَارِ

مِنْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ ذِي الْمَنَارِ

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ مُحْرِزِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: وَفَدَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه عَلَى الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي شِمْرٍ، فَأَكْرَمَهُ وَحَبَاهُ وَأَصَابَ عَيْشًا فَقَالَ:

[البحر البسيط]

يُغْدَى عَلَيَّ بِإِبْرِيقٍ وَمِسْمَعَةٍ

إِنَّ الْحِجَازَ حَلِيفُ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ

قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: قَدِمَ لَبِيدٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً فِي بَنِي النَّضِيرِ، فَخَرَجَ كَأَنَّهُ نَصْلُ قَدَحٍ فَقَالَ لَهُ بَنُو جَعْفَرٍ: يَا لَبِيدُ، خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِنَا كَالْجَمَلِ الْحَجُونِ، وَرَجَعْتَ إِلَيْنَا كَالْقَدَحِ السَّفُونِ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر الطويل]

يَقُولُ بَنُو أُمِّ الْبَنِينِ وَقَدْ بَدَا

لَهُمْ زُورُ جَنْبِي مِنْ قَمِيصِي وَمِنْ جِلْدِي

دَفَعْنَاكَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كَأَنَّمَا

دَفَعْنَاكَ فَحْلًا فَوْقَهُ قَزَعُ اللِّبْدِ

ص: 287

فَصَافَحْتَ حُمَّاهُ وَدَاءَ ضُلُوعِهِ

وَخَالَصْتَ عَيْشًا مَسَّهُ طَرَفُ الْحَصْدِ

فَأُبْتَ وَلَمْ نَعْرِفْكَ إِلَّا تَوَهُّمًا

كَأَنَّكَ نِضْوٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ نَهْدِ.

حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِجَبْهَاءَ الْأَشْجَعِيِّ: يَا جَبْهَاءُ، انْطَلِقْ بِنَا نَنْزِلِ الْمَدِينَةَ حَتَّى تُفْرَضَ وَتُقِيمَ بِهَا. فَأَقْبَلَ بِوَلَدِهِ وَبِإِبِلِهِ لِيَبِيعَهَا وَيَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا أَوْفَى عَلَى الْحَرَّةَ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ تَذَكَّرَتْ إِبِلُهُ أَوْطَانَهَا فَكَرَّتْ رَاجِعَةً، فَجَعَلَ يُدَوِّرُهَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَتَأْبَى، فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: مَا جَعَلَ هَذِهِ الْإِبِلَ أَنْزَعَ إِلَى أَوْطَانِهَا مِنَّا؟ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْحَنِينِ مِنْهَا، أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تَرْجِعِي، وَفَعَلَ اللَّهُ بِكِ، وَرَدَّهَا ثُمَّ خَلَفَ بِأَقْتَابِهَا يَزْجُرُهَا نَحْوُ بِلَادِهِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر الكامل]

قَالَتْ أُنَيْسَةُ بِعْ بِلَادَكَ وَالْتَمِسْ

دَارًا بِيَثْرِبَ رَبَّةِ الْأَجْسَامِ

تُكْتَبْ عِيَالُكَ فِي الْعَطَاءِ وَتَفْتَرِضُ

وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَازِمُ الْأَقْوَامِ

فَهَمَمْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ لَيْلَ لِقَاحِنَا

بِلَوَى عُنَيْزَةَ أَوْ بِقُفٍّ بِشَامِ

إِذْ هُنَّ عَنْ حَسْبِي مَذَاوِدُ كُلَّمَا

نَزَلَ الظَّلَامُ بِعُصْبَةٍ أَعْتَامِ

إِنَّ الْمَدِينَةَ، لَا مَدِينَةَ، فَالْزَمِي

حِقْفَ السِّتَارِ وَقُبَّةَ الْأَرْحَامِ

يُجْلَبْ لَكِ اللَّبَنُ الْغَرِيضُ وَيُنْتَزَعْ

بِالْعِيسِ مِنْ يَمَنٍ إِلَيْكِ وَشَامِ

ص: 288

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنِ ابْنِ غَزِيَّةَ قَالَ: " كَانَتْ لِبَنِي قَيْنُقَاعٍ سُوقٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَقُومُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا، وَكَانَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الذَّبْحِ إِلَى الْآطَامِ الَّتِي خَلْفَ النَّخْلِ، فَهَبَطَ إِلَيْهَا نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ يُرِيدُهَا، فَأَدْرَكَ الرَّبِيعَ بْنَ أَبِي حَقِيقٍ هَابِطًا مِنْ قَرْيَتِهِ يُرِيدُهَا، فَتَسَايَرَا، فَلَمَّا أَشْرَفَا عَلَى السُّوقِ سَمِعَا الضَّجَّةَ، وَكَانَتْ سُوقًا عَظِيمَةً يَتَفَاخَرُ النَّاسُ بِهَا، وَيَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَارَ، فَحَاصَتْ نَاقَةُ النَّابِغَةِ حِينَ سَمِعَتِ الصَّوْتَ، فَزَجَرَهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر البسيط]

كَادَتْ تَهَدُّ مِنَ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي

أَجِزْ يَا رَبِيعُ فَقَالَ:

[البحر البسيط]

وَالثَّغْرُ مِنْهَا إِذَا مَا أَوْجَسَتْ خَلِقُ

فَقَالَ النَّابِغَةُ:

لَوْلَا أُنَهْنِهُهَا بِالسَّوْطِ لَانْتَزَعَتْ

أَجِزْ يَا رَبِيعُ فَقَالَ:

مِنِّي الزِّمَامَ وَإِنِّي رَاكِبٌ لَبِقُ

فَقَالَ النَّابِغَةُ:

قَدْ مَلَّتِ الْحَبْسَ بِالْآطَامِ وَاشْتَعَفَتْ

أَجِزْ يَا رَبِيعُ فَقَالَ:

تُرِيغُ أَوْطَانَهَا لَوْ أَنَّهَا عَلَقُ

فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ تَهْبِطُ السُّوقَ وَتَلْقَى أَهْلَهَا، فَإِنَّكَ سَتَسْمَعُ شِعْرًا لَا تُقَدِّمُ عَلَيْهِ شِعْرًا فَقَالَ: شِعْرُ مَنْ؟ قَالَ: حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ

ص: 289

قَالَ: فَقَدِمَ النَّابِغَةُ السُّوقَ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى يَدَيْهِ وَأَنْشَدَ:

[البحر الوافر]

عَرَفْتُ مَنَازِلًا بِعُرَيْقِنَاتٍ

فَأَعْلَى الْجِزْعِ لِلْحَيِّ الْمُبِنِّ

قَالَ حَسَّانُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَلَكَ الشَّيْخُ، رَكِبَ قَافِيَةً صَعْبَةً. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يُحْسِنُ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا، ثُمَّ نَادَى: أَلَا رَجُلٌ يُنْشِدُ؟ قَالَ: فَتَقَدَّمَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَنْشَدَ:

[البحر الطويل]

أَتَعْرِفُ رَسْمًا كَاطِّرَادِ الْمَذَاهِبِ

لِعَمْرَةَ وَحْشًا غَيْرَ مَوْقِفِ رَاكِبِ

حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا فَقَالَ لَهُ النَّابِغَةُ: أَنْتَ أَشْعَرُ النَّاسِ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ حَسَّانُ: فَدَخَلَنِي بَعْضُ الْفَرَقِ، وَأَنِّي لَأَجِدُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَفْسِي قُوَّةً، فَتَقَدَّمْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَنْشِدْ فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَشَاعِرٌ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ، فَأَنْشَدْتُهُ:

[البحر الكامل]

ص: 290

أَسَأَلْتَ رَسْمَ الدَّارِ أَمْ لَمْ تَسْأَلِ

بَيْنَ الْجَوَابِي فَالْبُضَيْعِ فَحَوْمَلِ

فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا ابْنَ أَخِي. وَفِي اجْتِمَاعِ حَسَّانَ وَالنَّابِغَةِ غَيْرُ حَدِيثٍ، مِنْهَا أَنَّ الْأَصْمَعِيَّ ذَكَرَ فِيمَا حَدَّثَنِي عَنْهُ مَنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّهُ كَانَ يُضْرَبُ لِلنَّابِغَةِ بِسُوقِ عُكَاظٍ قُبَّةٌ، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الشُّعَرَاءُ فِيهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَسَّانُ وَالْأَعْشَى وَخَنْسَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، فَأَنْشَدُوهُ أَشْعَارَهُمْ، فَلَمَّا أَنْشَدَتْهُ خَنْسَاءُ:

[البحر البسيط]

وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ

كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ

قَالَ: يَا خُنَيْسُ، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ أَنْشَدَنِي آنِفًا لَقُلْتُ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ شِعْرِكِ، وَمَا بِهَا ذَاتُ مَثَانَةٍ أَشْعَرَ مِنْكِ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، وَلَا ذُو خُصْيَيْنِ، فَغَضِبَ حَسَّانُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَنَا أَشْعَرُ مِنْكِ وَمِنْ أَبِيكِ. فَقَالَ لَهُ النَّابِغَةُ: يَا ابْنَ أَخِي، أَنْتَ لَا تُحْسِنُ أَنْ تَقُولَ:

[البحر الطويل]

فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي

وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ الْمُنْتَأَى عَنْكَ وَاسِعُ

ص: 291

حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه: أَتَيْتُ جَبَلَةَ بْنَ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانَيَّ وَقَدْ مَدَحْتُهُ، فَأَذِنَ لِي عَلَيْهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ رَجُلٌ

ص: 291

ذُو ضَفِيرَتَيْنِ، وَهُوَ النَّابِغَةُ، وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَتَعْرِفُ هَذَيْنِ؟ فَقُلْتُ: أَمَّا هَذَا فَأَعْرِفُهُ، هُوَ النَّابِغَةُ، وَأَمَّا هَذَا فَلَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ: هُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبَدَةَ، إِنْ شِئْتَ اسْتَنْشَدْتُهُمَا وَسَمِعْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُنْشِدَ بَعْدَهُمَا أَنْشَدْتَ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ سَكَتَّ قَالَ: قُلْتُ: وَذَاكَ، فَاسْتَنْشَدَ النَّابِغَةَ، فَأَنْشَدَهُ:

[البحر الطويل]

كَلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةُ نَاصِبِ

وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الْكَوَاكِبِ

قَالَ: فَذَهَبَ يُصْغِي، ثُمَّ قَالَ لِعَلْقَمَةَ: أَنْشِدْ، فَأَنْشَدَ:

[البحر الطويل]

طَحَا بِكِ قَلْبٌ فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ

بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرٌ حَانَ مَشِيبُ

قَالَ: فَذَهَبَ يُصْغِي إِلَى الْآخَرِ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْتَ الْآنَ أَعْلَمُ، إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُنْشِدَنَا بَعْدَمَا سَمِعْتَ فَأَنْشِدْ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُمْسِكَ فَأَمْسِكْ قَالَ: فَتَشَدَّدْتُ وَقُلْتُ: لَأُنْشِدُ قَالَ: هَاتِ، فَأَنْشَدْتُهُ الْقَصِيدَةَ الَّتِي أَقُولُ فِيهَا:

[البحر الكامل]

أَبْنَاءُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمُ

قَبْرُ ابْنِ مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفْضِلِ

يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلَابُهُمْ

لَا يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ الْمُقْبِلِ

ص: 292

بِيضُ الْوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ

شُمُّ الْأُنُوفِ مِنَ الطِّرَازِ الْأَوَّلِ

قَالَ: ادْنُهْ، ادْنُهْ، لَعَمْرِي مَا أَنْتَ بِدُونِهِمَا، ثُمَّ أَمَرَ لِي بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ، وَبِعَشَرَةِ أَقْمِصَةٍ لَهَا جَيْبٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ: هَذَا لَكَ عِنْدَنَا فِي كُلِّ عَامٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَقْعَسِيُّ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ:

[البحر الطويل]

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً

بِسَلْعٍ وَلَمْ تُغْلَقْ عَلَيَّ دُرُوبُ

وَهَلْ أُحُدٌ بَادٍ لَنَا وَكَأَنَّهُ

حَصَانٌ أَمَامَ الْمَقْرُبَاتِ جَنِيبُ

يَخُبُّ السَّرَابُ الضَّحْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ

فَيَبْدُو لِعَيْنِي تَارَةً وَيَغِيبُ

فَإِنَّ شِفَائِي نَظْرَةٌ إِنْ نَظَرْتُهَا

إِلَى أُحُدٍ وَالْحَرَّتَانِ قَرِيبُ

وَإِنِّي لَأَرْعَى النَّجْمَ حَتَّى كَأَنَّنِي

عَلَى كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ رَقِيبُ

وَأَشْتَاقُ لِلْبَرْقِ الْيَمَانِيِّ إِنْ بَدَا

وَأَزْدَادُ شَوْقًا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ

كَانَ ابْنُ نُمَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ شَاعِرًا مُسِنًّا، وَكَانَ نَازِلًا بِبِلَادِ قَوْمِهِ، ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ يَسِيرًا مِنْ دَهْرِهِ، ثُمَّ حَنَّ فَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ نُكْرًا مِنْهُ فِي مَعِيشَتِهِ، فَلَامَتْهُ عَلَى ذَلِكَ زَوْجَتُهُ فَقَالَ يَعْتَذِرُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ:

[البحر الوافر]

أَلَا قَالَتْ أُمَامَةُ بَعْدَ دَهْرٍ

وَحُلْوُ الْعَيْشِ يُذْكَرُ فِي السِّنِينِ

سَكَنْتَ مُخَايَلًا وَتَرَكْتَ سَلْعًا

شَقَاءٌ فِي الْمَعِيشَةِ بَعْدَ لِينِ

فَقُلْتُ لَهَا ذَبَبْتُ الدَّيْنَ عَنِّي

بِبَعْضِ الْعَيْشِ وَيْحَكِ فَاعْذُرِينِي

ص: 293

أُرَجِّي فِي الْمَعَاشِ عَلَى خِضَمٍّ

فَيَكْفِي وَأَحْسَنُ فِي الدَّرِينِ

وَغَرَبُ الْأَرْضِ أَرْضٌ بِهِ مَعَاشًا

يَكُفُّ الْوَجْهَ عَنْ بَابِ الضَّنِينِ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ الْأَسَدِيُّ ثُمَّ الْفَقْعَسِيُّ:

نَفَى النَّوْمَ عَنِّي فَالْفُؤَادُ كَئِيبُ

نَوَائِبُ هَمٍّ مَا تَزَالُ تَنُوبُ

وَأَحْرَاضُ أَمْرَاضٍ بِبَغْدَادَ جُمِّعَتْ

عَلَيَّ وَأَنْهَارٌ لَهُنَّ قَسِيبُ

فَظَلَّتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَمْرِي غُرُوبَهَا

مِنَ الْمَاءِ دَرَّاتٌ لَهُنَّ شُعُوبُ

وَمَا جَزَعٌ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ أَخْضَلَتْ

دُمُوعِي وَلَكِنَّ الْغَرِيبَ غَرِيبُ

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً

بِسَلْعٍ وَلَمْ تُغْلَقْ عَلَيَّ دُرُوبُ

وَهَلْ أُحُدٌ بَادٍ لَنَا وَكَأَنَّهُ

حَصَانٌ أَمَامَ الْمَقْرُبَاتِ جَنِيبُ

يَخُبُّ السَّرَابُ الضَّحْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ

فَيَبْدُو لِعَيْنِي تَارَةً وَيَغِيبُ

فَإِنَّ شِفَائِي نَظْرَةٌ إِنْ نَظَرْتُهَا

إِلَى أُحُدٍ وَالْحَرَّتَانِ قَرِيبُ

وَإِنِّي لَأَرْعَى النَّجْمَ حَتَّى كَأَنَّنِي

عَلَى كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ رَقِيبُ

وَأَشْتَاقُ لِلْبَرْقِ الْيَمَانِيِّ إِنْ بَدَا

وَأَزْدَادُ شَوْقًا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ

وَقَالَ أَبُو قَطِيفَةَ عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، حِينَ أَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الشَّامِ:

[البحر الطويل]

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا

جَبُوبُ الْمُصَلَّى أَمْ كَعَهْدِي الْقَرَائِنُ

ص: 294

أَمِ الدُّورُ أَكْنَافُ الْبَلَاطِ عَوَامِرٌ

كَمَا كُنَّ أَمْ هَلْ بِالْمَدِينَةِ سَاكِنُ

أَحِنُّ إِلَى تِلْكَ الْبِلَادِ صُبَابَةً

كَأَنِّي أَسِيرٌ فِي السَّلَاسِلِ رَاهِنُ

إِذَا بَرَقَتْ نَحْوَ الْحِجَازِ غَمَامَةٌ

دَعَا الشَّوْقَ مِنِّي بَرْقُهَا الْمُتَيَامِنُ

وَمَا أَخْرَجَتْنَا رَغْبَةٌ عَنْ بِلَادِنَا

وَلَكِنَّهُ مَا قَدَّرَ اللَّهُ كَائِنُ

وَلَكِنْ دَعَا لِلْحَرْبِ دَاعٍ وَعَاقَنَا

مَعَائِبُ كَانَتْ بَيْنَنَا وَضَغَائِنُ

لَعَلَّ قُرَيْشًا أَنْ تَئُوبَ حُلُومُهَا

وَيُزْجَرَ بَعْدَ الشُّؤْمِ طَيْرٌ أَيَامِنُ

وَتُطْفَأَ نَارُ الْحَرْبِ بَعْدَ وَقُودِهَا

وَيَرْجِعَ نَاءٍ فِي الْمَحَلَّةِ شَاطِنُ

فَمَا يَسْتَوِي مَنْ بِالْجَزِيرَةِ دَارُهُ

وَمَنْ هُوَ مَسْرُورٌ بِطَيْبَةَ قَاطِنُ

وَقَالَ:

[البحر الخفيف]

لَيْتَ شِعْرِي وَأَيْنَ مِنِّي لَيْتُ

أَعَلَى الْعَهْدِ يَلْبُنُ فَبَرَامُ

أَمْ كَعَهْدِي الْعَقِيقُ أَمْ غَيَّرَتْهُ

بَعْدِيَ الْحَادِثَاتُ وَالْأَيَّامُ

مَنْزِلٌ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَرَاهُ

مَا إِلَيْهِ لِمَنْ بِحِمْصَ مَرَامُ

حَالَ مِنْ دُونِ أَنْ أَحِلَّ بِهِ النَّأْيُ

وَصِرْفُ الْهَوَى وَحَرْبٌ عَقَامُ

ص: 295

وَتَبَدَّلْتُ مِنْ مَسَاكِنِ قَوْمِي

وَالْقُصُورِ الَّتِي بِهَا الْآطَامُ

كُلُّ قَصْرٍ مُشَيَّدٍ ذِي أَوَاسٍ

تَتَغَنَّى عَلَى ذُرَاهُ الْحَمَامُ

وَبِأَهْلِي بُدِّلْتُ لَخْمًا وَعَكَّا

وَجُذَامًا وَأَيْنَ مِنِّي جُذَامُ

أَقْطَعُ اللَّيْلَ كُلَّهُ بِاكْتِئَابٍ

وَزَفِيرٍ فَمَا أَكَادُ أَنَامُ

نَحْوَ قَوْمِي إِذْ فَرَّقَتْ بَيْنَنَا الدَّارُ

وَحَادَتْ عَنْ قَصْدِهَا الْأَحْلَامُ

حَذَرًا أَنْ يُصِيبَهُمْ عَنَتُ الدَّهْرِ

وَحَرْبٌ يَشِيبُ مِنْهَا الْغُلَامُ

وَلَقَدْ حَانَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الدَّهْرِ

عَنَّا تَبَاعُدٌ وَانْصِرَامُ

وَلَحَيٌّ بَيْنَ الْعَرِيضِ وَسِيعٌ

حَيْثُ أَرْسَى أَوْتَادَهُ الْإِسْلَامُ

كَانَ أَشْهَى إِلَى قُرْبِ جِوَارٍ

مِنْ نَصَارَى فِي دُورِهَا الْأَصْنَامُ

يَضْرِبُونَ النَّاقُوسَ فِي كُلِّ فَجْرٍ

فِي بِلَادٍ تَنْتَابُهَا الْأَسْقَامُ

ص: 296

فَفُؤَادِي مِنْ ذِكْرِ قَوْمِي حَزِينٌ

وَدَمْعِي عَلَى الذُّرَى سَجَّامُ

أَقْرِ قَوْمِي السَّلَامَ إِنْ جِئْتَ قَوْمِي

وَقَلِيلٌ مِنِّي لِقَوْمِي السَّلَامُ

وَقَالَ:

سَقَى اللَّهُ أَكْنَافَ الْمَدِينَةِ مُسْبِلًا

ثَقِيلَ التَّوَالِي مِنْ مَعِينِ الْأَوَائِلِ

أُحِسُّ كَأَنَّ الْبَرْقَ فِي حُجُزَاتِهِ

سُيُوفُ مُلُوكٍ فِي أَكُفِّ الصَّيَاقِلِ

وَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا

بَقِيعُ الْمُصَلَّى أَمْ بُطُونُ الْمَسَابِلِ

أَمِ الدُّورُ أَكْنَافُ الْبَلَاطِ كَعَهْدِنَا

لَيَالِيَ لَاطَتْنَا بِوَشْكِ التَّزَايُلِ

يُجِدُّ لِيَ الْبَرْقُ الْيَمَانِيُّ صُبَابَةً

تُذَكِّرُ أَيَّامَ الصَّبَا وَالْخَلَائِلِ

فَإِنْ تَكُ دَارٌ غَرَّبَتْ عَنْ دِيَارِنَا

فَقَدْ أَبْقَتِ الْأَشْجَانُ صَفْوَ الْوَسَائِلِ

وَقَالَ:

إِنَّ رَدِّي نَحْوَ الْمَدِينَةِ طَرَفِي

حِينَ أَيْقَنْتُ أَنَّهُ التَّوْدِيعُ

زَادَنِي ذَاكَ عَبْرَةً وَاشْتِيَاقًا

نَحْوَ قَوْمِي وَالدَّهْرُ قِدْمًا وَلُوعُ

كُلَّمَا أَسْهَلَتْ بِنَا الْعِيسُ بَيْنًا

وَبَدَا مِنْ أَمَامِهِنَّ مَلِيعُ

ذِكَرٌ مَا تَزَالُ تَتْبَعُ قَوْمِي

فَفُؤَادِي بِهِ لِذَاكَ صُدُوعُ

وَقَالَ:

بَكَى أُحُدٌ لَمَّا تَحَمَّلَ أَهْلُهُ

فَسَلْعٌ فَبَيْتُ الْعِزِّ عَنْهُ تَصَدَّعُوا

وَنَرْحَلُ نَحْوَ الشَّامِ لَيْسَتْ بِأَرْضِنَا

وَلَا بُدَّ مِنْهَا وَالْأُنُوفُ تَجَدَّعُ

عَلَى أَثَرِ الْبِيضِ الَّذِينَ تَحَمَّلُو

لِمُقْلِيهِمْ مِنَّا جَمِيعًا فَوَدَّعُوا

ص: 297

وَقَالَ:

[البحر البسيط]

الْقَصْرُ فَالنَّخْلُ فَالْجَمَّاءُ بَيْنَهُمَا

أَشْهَى إِلَى الْقَلْبِ مِنْ أَبْوَابِ جَيْرُونِ

إِلَى الْبَلَاطِ فَمَا حَازَتْ قَرَائِنُهُ

دُورٌ نَزَحْنَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْهُونِ

قَدْ يَكْتُمُ النَّاسُ أَسْرَارًا فَأَعْلَمُهَا

وَلَا يَنَالُونَ حَتَّى الْمَوْتِ مَكْنُونِي

إِنِّي مَرَرْتُ لِمَا زَالَ مِنَّا فِي شَبِيبَتِنَا

مَعَ الرَّجَاءِ لَعَلَّ الدَّهْرَ يُدْنِينِي

وَقَالَ:

بَكَى أُحُدٌ إِذْ فَارَقَ النَّوْمَ أَهْلُهُ

فَكَيْفَ بِذِي وَجْدٍ مِنَ الْقَوْمِ آلِفِ

مِنْ أَجْلِ أَبِي بَكْرٍ جَلَتْ عَنْ بِلَادِهَا

أُمَيَّةُ وَالْأَيَّامُ ذَاتُ تَصَارُفِ

وَقَالَ:

أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُقْحِمُ فِي السَّيْرِ

إِذَا جِئْتَ يَلْبُنًا فَبَرَامَا

أَبْلِغِيهِ عَنِّي وَإِنْ شَطَّتِ الدَّارُ

بِنَا عَنْ هَوَى الْحَبِيبِ السَّلَامَا

مَا أَرَى إِنْ سَأَلْتَ إِنَّ إِلَيْهِ

يَا خَلِيلِي لِمَنْ بِحِمْصَ مَرَامَا

تِلْكَ دَارُ الْحَبِيبِ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ

سَقَاهَا الْإِلَهُ رَبِّي الْغَمَامَا

زَانَهَا اللَّهُ وَاسْتَهَلَّ بِهَا الْمُزْنُ

وَلَجَّ السَّحَابُ فِيهَا وَدَامَا

رُبَّمَا قَدْ رَأَيْتَ فِيهَا حِسَانًا

كَالتَّمَاثِيلِ آنِسَاتٍ كِرَامَا

ص: 298