الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خُصُومَةُ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَارِسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه دَعَاهُ يَوْمًا بَعْدَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّمَالِ فِرَاشٌ، عَلَى وِسَادَةِ أَدَمٍ فَقَالَ: يَا مَالِكُ، إِنَّهُ قَدْ قَدِمَ مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ حَضَرُوا الْمَدِينَةَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَهُمْ بِرَضْخٍ فَاقْتَسِمْهُ بَيْنَهُمْ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مُرْ بِذَلِكَ غَيْرِي قَالَ: اقْسِمْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ. قَالَ: وَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٍ وَالزُّبَيْرِ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ
⦗ص: 203⦘
. فَلَبِثَ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ يَسْتَأْذِنَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا. فَلَمَّا دَخَلَا قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، يَعْنِي عَلِيًّا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الصَّوَافِي الَّتِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يَعْنِي نَفْسَهُ؟ قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الْعَبَّاسِ وَعَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنِ هَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ اخْتَصَّ رَسُولَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6] ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالِ، فَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ
⦗ص: 204⦘
فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ ذَلِكَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ عَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتُمَا حَيَّانِ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا ظَالِمٌ فَاجِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ: أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَوْ سِنِينَ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِمِثْلِ مَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما، فَتَزْعُمَانِ أَنِّي فِيهِمَا ظَالِمٌ فَاجِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي - يَعْنِي الْعَبَّاسَ - تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا - يَعْنِي عَلِيًّا - يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ، فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا عَلَى مَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَمَا عَمِلْتُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا تَكَلَّمَانِّ، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟ وَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا "
⦗ص: 205⦘
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، بِنَحْوِهِ. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِعُرْوَةَ قَالَ: صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، يَسْأَلُ لَهُنَّ مِيرَاثَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا رَدَدْتُهُنَّ عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ: أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ؟ أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «لَا نُورَثُ، فَمَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ» ؟ فَانْتَهَى أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا أَمَرْتُهُنَّ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ رضي الله عنه، فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا عَلَى رِمَالٍ فَقَالَ: يَا مَالِكُ، " إِنَّهُ قَدْ دَفَّ عَلَيَّ دَوَافٌّ مِنْ قَوْمِكَ، فَخُذْ هَذَا الْمَالَ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِذَلِكَ غَيْرِي فَقَالَ: خُذْهُ أَيُّهَا الرَّجُلُ فَقَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ إِذَا يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ - قَالَ سُفْيَانُ خَمْسَةً أَوْ أَرْبَعَةً - فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَتَاهُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُمَا، فَدَخَلَا فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، افْصِلْ بَيْنَهُمَا وَارْحَمْهُمَا فَقَالَ: إِنَّ أَمْوَالَ بَنِي
⦗ص: 206⦘
النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ جَعَلَهُ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ "
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَابِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: " جَاءَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهما إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه يَخْتَصِمَانِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، لِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ النَّاسُ: افْصِلْ بَيْنَهُمَا، افْصِلْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: لَا أَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، قَدْ عَلِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: " جَاءَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهما إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٍ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، أَسَمِعْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«كُلُّ مَالِ نَبِيٍّ فَهُوَ صَدَقَةٌ، إِلَّا مَا أَطْعَمَهُ أَهْلَهُ، إِنَّا لَا نُورَثُ» ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَصَدَّقُ بِهِ وَيَضَعُ فَضْلَهُ فِي أَهْلِهِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ، وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ: إِنَّهُ كَانَ بِذَلِكَ خَاطِئًا، وَكَانَ بِذَلِكَ ظَالِمًا وَكَانَ بِذَلِكَ مُصِيبًا رَاشِدًا. ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنْ شِئْتُمَا قَبِلْتُمَاهُ عَلَى
عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَ فِيهِ، فَأَبَيْتُمَا، ثُمَّ جِئْتُمَانِي الْآنَ تَخْتَصِمَانِ، يَقُولُ هَذَا: أُرِيدُ نَصِيبِي مِنِ ابْنِ أَخِي، وَيَقُولُ هَذَا: أُرِيدُ نَصِيبِي مِنَ امْرَأَتِي وَاللَّهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إِلَّا بِذَاكَ " حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الضَّرِيرِ قَالَ: سَمِعْتُ حَدِيثًا مِنْ رَجُلٍ فَأَعْجَبَنِي، فَاشْتَهَيْتُ أَنْ أَكْتُبَهُ فَقُلْتُ: اكْتُبْهُ لِي، فَأَتَى بِهِ مَكْتُوبًا مُدَثَّرًا، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمَا وَأَنْتُمَا لَا تَخْتَصِمَانِ فَقُلْتُ لَكُمَا. . . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلْنَ عُثْمَانَ رضي الله عنه إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا: بِأَبِي أَنْتِ وَأُمِّي، وَبِأَبِي أَبُوكِ وَأُمِّي وَنَفْسِي، وَإِنْ كُنْتِ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا أَوْ أَمَرَكِ بِشَيْءٍ لَمْ أَتَّبِعْ غَيْرَ مَا تَقُولِينَ، وَأَعْطَيْتُكِ مَا تَبْغِينَ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَتَّبِعُ مَا أَمَرَ بِهِ. قَالَ: فَأَمَّا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَدَفَعَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما، فَغَلَبَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَيْهَا. وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه، وَهُمَا صَدَقَتَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، فَأَمْرُهُمَا إِلَيَّ وَإِلَيَّ الْأَمْرُ، وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَكَانَ يَحْبِسُ قُوتَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ لِلْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نُورَثُ مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدَّخِرُ قِيتَةَ أَهْلِهِ لِسَنَةٍ مِنْ صَدَقَاتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَجِئْتَ يَا عَبَّاسُ تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَجِئْتَ يَا عَلِيُّ تَطْلُبُ مِيرَاثَ زَوْجَتِكَ مِنْ أَبِيهَا، فَزَعَمْتُمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَ فِيهَا خَائِنًا فَاجِرًا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ
⦗ص: 209⦘
لَقَدْ كَانَ بَرًّا مُطِيعًا تَابِعًا لِلْحَقِّ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَبَضْتُهَا، فَجِئْتُمَانِي، تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ يَا عَبَّاسُ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَتَطْلُبُ مِيرَاثَ زَوْجَتِكَ يَا عَلِيُّ مِنْ أَبِيهَا، وَزَعَمْتُمَا أَنِّي فِيهَا غَادِرٌ فَاجِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا بَرٌّ مُطِيعٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فَأَصْلِحَا أَمْرَكُمَا، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ وَاللَّهِ إِلَيْكُمَا. فَقَامَا وَتَرَكَا الْخُصُومَةَ وَأُمْضِيَتْ صَدَقَةٌ " قَالَ أَبُو غَسَّانَ: فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكٍ، بِنَحْوِهِ قَالَ فِي آَخِرِهِ: فَغَلَبَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَيْهَا، فَكَانَتْ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، ثُمَّ كَانَتْ بِيَدِ الْحَسَنِ، ثُمَّ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَتْ: قَدْ عَلِمْتُ الَّذِي طُلِّقْنَا عَنْهُ مِنَ الصَّدَقَاتِ أَهْلَ الْبَيْتِ، وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنَ الْغَنَائِمِ، ثُمَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، ثُمَّ قَرَأَتْ عَلَيْهِ:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} إِلَى تَمَامِ الْآيَةِ وَالْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2] . فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: بِأَبِي أَنْتِ
⦗ص: 210⦘
وَأُمِّي وَوَالِدِ وَلَدِكِ، وَعَلَيَّ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ كِتَابُ اللَّهِ وَحَقُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَقُّ قَرَابَتِهِ، وَأَنَا أَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي تَقْرَئِينَ، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي فِيهِ أَنَّ الَّذِيَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا السَّهْمَ كُلَّهُ مِنَ الْخُمُسِ يَجْرِي بِجَمَاعَتِهِ عَلَيْهِمْ قَالَتْ: أَفَلَكَ هُوَ وَلِأَقْرِبَائِكَ؟ قَالَ: لَا، وَأَنْتِ عِنْدِي أَمِينَةٌ مُصَدَّقَةٌ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْكِ فِي ذَلِكَ عَهْدًا، أَوْ وَعَدَكِ مَوْعِدًا، أَوْ جَبَّ لَكِ حَقًّا، صَدَّقْتُكِ وَسَلَّمْتُهُ إِلَيْكِ قَالَتْ: لَمْ يَعْهَدْ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ إِلَّا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِيهِ الْقُرْآنَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ:«أَبْشِرُوا آلَ مُحَمَّدٍ؛ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْغِنَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: صَدَقْتِ فَلَكُمُ الْغِنَى، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي فِيهِ وَلَا هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى أَنْ يُسَلَّمَ هَذَا السَّهْمُ كُلُّهُ كَامِلًا، وَلَكِنَّ الْغِنَى الَّذِي يُغْنِيكُمْ وَيَفْضُلُ عَنْكُمْ، وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَغَيْرُهُمَا فَاسْأَلِيهِمْ عَنْ ذَلِكَ، فَانْظُرِي هَلْ يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ. فَانْصَرَفَتْ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَذَكَرَتْ لَهُ مِثْلَ الَّذِي ذَكَرَتْ لِأَبِي بَكْرٍ بِقِصَّتِهِ وَحُدُودِهِ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ الَّذِي كَانَ رَاجَعَهَا بِهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَجِبَتْ فَاطِمَةُ وَظَنَّتْ أَنَّهُمَا قَدْ تَذَاكَرَا ذَلِكَ وَاجْتَمَعَا عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَمَا اسْتُخْلِفَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَرَأَيْتَ
إِنْ مُتَّ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ يَرِثُكَ؟ قَالَ: وَلَدِي وَأَهْلِي، قُلْتُ: فَلِمَ تَرِثُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ؟ قَالَ: مَا فَعَلْتُ، بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: بَلَى، عَمَدْتَ إِلَى فَدَكٍ - وَكَانَتْ صَافِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْتَهَا، وَعَمَدْتَ إِلَى مَا أُنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتَهُ هُنَا قَالَ: بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، لَمْ أَفْعَلْ، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يُطْعِمُ النَّبِيَّ الطُّعْمَةَ مَا كَانَ حَيًّا، فَإِذَا قَبَضَهُ اللَّهُ رُفِعَتْ» ، قُلْتُ: أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ أَعْلَمُ، مَا أَنَا بِسَائِلَتُكَ بَعْدَ مَجْلِسِي هَذَا "
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: أَرَادَتْ فَاطِمَةُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنهما عَلَى فَدَكٍ وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، فَأَبَى عَلَيْهَا، وَجَعَلَهُ فِي مَالِ اللَّهِ، وَأَعْطَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها نَخْلًا يُقَالُ لَهُ: الْأَعْوَافُ، مِمَّا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «مَاتَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا
⦗ص: 212⦘
وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، تَرَكَ دِرْعَهُ الَّتِي كَانَ يُقَاتِلُ فِيهَا رَهْنًا»
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَائِشَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَيُّوبَ النُّمَيْرِيُّ، وَدَفَعَ إِلَيَّ صَحِيفَةً زَعَمَ أَنَّهَا رِسَالَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ بِهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ هُدًى وَبَصَائِرَ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، فَشَرَعَ الْهُدَى، وَنَهَجَ السَّبِيلَ، وَصَرَفَ الْقَوْلَ، وَبَيَّنَ مَا يُؤْتَى مِمَّا يُنَالُ بِهِ رِضْوَانُهُ وَيُنْتَهَى بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَجَعَلَهُ ضَيِّقًا مَرْغُوبًا عَنْهُ مَسْخُوطًا عَلَى أَهْلِهِ، وَجَعَلَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْغَنَائِمِ وَبَسَطَ لَهُمْ مِنْهَا وَلَمْ يَحْظُرْهُ عَلَيْهِمْ كَمَا ابْتَلَى بِهِ أَهْلَ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ مَا نَفَّلَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً مِمَّا غَنِمَهُ مِنْ أَمْوَالِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ
، إِذْ يَقُولُ حُمَيْدٌ هُوَ:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر: 6] حَتَّى بَلَغَ {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284] ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجِبْ لِأَحَدٍ فِيهَا خُمُسٌ وَلَا مَغْنَمٌ، إِذْ تَوَلَّى رَسُولُ اللَّهِ أَمْرَهَا عَلَى مَا يُلْهِمُهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْذَنُ لَهُ بِهِ، لَمْ يَضْرِبْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَحُزْهَا لِنَفْسِهِ وَلَا أَقْرِبَائِهِ، وَلَكِنَّهُ آثَرَ بِأَوْسَعِهَا وَأَعْمَرِهَا وَأَكْثَرِهَا نُزُلًا أَهْلَ الْعَدَمِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحشر: 8] ، وَقَسَمَ طَوَائِفَ مِنْهَا فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَاحْتَبَسَ مِنْهَا فَرِيقًا لِنَوَائِبِهِ وَحَقِّهِ وَمَا يَعْرُوهُ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُسْتَأْثِرٍ بِهِ وَلَا بِمَوْتِهِ أَنْ يُؤْثِرَ بِهِ أَحَدًا، ثُمَّ جَعَلَهُ صَدَقَةً لَا تُرَاثَ لِأَحَدٍ فِيهِ، زَهَادَةً فِي الدُّنْيَا وَمَحْقَرَةً لَهَا، وَإِيثَارًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ، فَهَذَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي تَفْسِيرِهَا اخْتِلَافٌ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ قَوْلُ اللَّهِ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2] ، ثُمَّ أَخْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ ذَلِكَ، فَوَصَفَهُمْ وَسَمَّاهُمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ، لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لَهُمْ وَفِيهِمْ، فَأَمَّا قَوْلُهُ:{فَلِلَّهِ} [الحشر: 7] فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى غَنِيٌّ عَنِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا وَمَا فِيهَا
وَلَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ لِلَّهِ فِي سُبُلِهِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ:{وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْمَغْنَمِ فِيهِ إِلَّا كَحَظِّ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لِرَسُولِ اللَّهِ قَسْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ الْحُكْمُ فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] ، فَقَدْ ظَنَّ نَاسٌ أَنَّ لِذِي الْقُرْبَى سَهْمًا مَفْرُوضًا يُبَيِّنُهُ اللَّهُ كَمَا بَيَّنَ سِهَامَ الْمَوَارِيثِ مِنَ النِّصْفِ وَالرُّبُعِ وَالثُّمُنِ وَالسُّدُسِ، وَلِمَا خَصَّ حَظَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ غِنًى وَلَا فَقْرٌ وَلَا صَلَاحٌ وَلَا جَهْلٌ وَلَا قِلَّةُ عَدَدٍ وَلَا كَثْرَةٌ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَطَاءِ وَالسَّبْيِ وَالْعَرَضِ وَالصَّامِتِ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سَهْمٌ مَفْرُوضٌ حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ قَسَمَ لَهُمْ وَلِنِسَائِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ قَسْمًا لَمْ يَعُمَّهُمْ عَامَّتَهُمْ، وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ قَرِيبًا دُونَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ، وَلَقَدْ كَانَ يَوْمَئِذٍ مِمَّنْ أَعْطَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ قَرَابَةً لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ مِنَ الْحَاجَةِ، لِمَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَمِنْ قَوْمِهِمْ فِي حَيَاتِهِمْ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَفْرُوضًا لَمْ يَقْطَعْهُ عَنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ رضي الله عنهما، وَبَعْدَمَا وَسَّعَ رُكْنَهُ، وَلَا أَبُو حَسَنٍ، يَعْنِي عَلِيًّا، حِينَ مَلَكَ مَا مَلَكَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ قَائِلٌ، فَهَلَّا أُعْلِمْتُمْ مِنْ ذَلِكَ أَمْرًا يُعْمَلُ بِهِ فِيهِمْ وَيُعْرَفُ لَهُمْ بَعْدُ؟ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَفْرُوضًا لَمْ يَقُلِ اللَّهُ:{كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لِذِي الْقُرْبَى بِحَقِّهِمْ، وَقَرَابَتِهِمْ فِي الْحَاجَةِ، وَالْحَقِّ النَّازِلِ اللَّازِمِ، وَكَحَقِّ الْمِسْكِينِ فِي مَسْكَنِهِ، فَإِذَا اسْتَغْنَى فَلَا حَقَّ لَهُ، وَكَحَقِّ ابْنِ السَّبِيلِ فِي سَفَرِهِ وَضَرُورَتِهِ
، فَإِذَا أَصَابَ غِنًى فَلَا حَقَّ لَهُ وَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى ذَوِي الْحَاجَةِ، لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ وَصَالِحُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ لِيَقْطَعُوا سَهْمًا فَرَضَهُ اللَّهُ وَجَنَّبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِقُرْبَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، لَا يُؤْتُونَهُمْ إِيَّاهُ، وَلَا يَقُومُونَ بِحَقِّ اللَّهِ لَهُمْ فِيهِ، كَمَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوَا الزَّكَاةَ وَأَحْكَامَ الْقُرْآنِ، فَقَدْ أَمْضَوْا عَطَايَا فِي أَفْنَاءِ النَّاسِ وَإِنَّ بَعْضَهُمْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْخُمُسُ، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْنَمِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَسَّعَ لِنَبِيِّهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى ذَوِي الْقَرَابَةِ فِي مَوَاضِعَ قَدْ سَمَّى لَهُ بِغَيْرِ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ، فَقَدْ أَفَاءَ اللَّهُ سَبْيًا فَأَخْدَمَ فِيهِ نَاسًا وَتَرَكَ ابْنَتَهُ، وَكَلَهَا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّسْبِيحِ، فَلَا أَعْظَمَ مِنْهَا حَقًّا وَقَرَابَةً، وَلَوْ قَسَمَ هَذَا الْخُمُسَ وَالْمَغْنَمَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ، لَكَانَ ذَلِكَ حَيْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاغْتِرَافًا لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا يُقْبَلُ قَسَمُ ذَلِكَ فِيمَنْ يَدَّعِي فِيهِ الْوَلَايَةَ وَالْقَرَابَةَ وَالنَّسَبَ، وَلَا دَخَلَتْ فِيهِ سُهْمَانُ الْعَصَبِيَّةِ وَالنِّسَاءِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَلَدَى مَنْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ: 47]، وَقَالَ:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] ، وَمَعَ قَوْلِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأُمَمِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَدَعَ سَهْمًا فَرَضَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَلِأَقْرِبَائِهِ لِآخِرِ النَّاسِ، وَلَا لَخُلُوفٍ بَعْدَهُ، فَقَدْ سُئِلَ نِسَاءَ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَتَحَلَّلَ
الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَبَايَاهُمْ، فَقَدْ كَانُوا فَيْئًا، فَفَكَّهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَطْلَقَهُمْ، لِمَا وَلُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بِغَيْرِ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ، وَقَالَ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ يَسْأَلُ مِنْ أَنْعَامِهِمْ، وَتَعَلَّقَ رِدَاؤُهُ بِشَجَرَةٍ:«رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ لَكُمْ مِثْلُ عَدَدِ سَمُرِهَا نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، وَمَا أَنَا بِأَحَقُّ بِهَذَا الْفَيْءِ مِنْكُمْ بِهَذِهِ الْوَبَرَةِ آخِذُهَا مِنْ كَاهِلِ الْبَعِيرِ» ، فَفِي هَذَا بَيَانٌ عَنْ مَوَاضِعِ الْفَيْءِ وَوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. فَأَمَّا الصَّدَقَاتُ، فَإِنَّهُ جَعَلَهَا زَكَاةً وَطَهُورًا لِعِبَادِهِ، لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ صَبْرَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ، فَنَادَى بِهِ إِلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، وَلَمْ يَقُلْ: خُذْهَا لِنَفْسِكَ وَلِقُرْبَاكَ، مَعَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِنَبِيٍّ وَلَا أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ. قَالَ: فَقَالَ اللَّهُ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60] ، فَهَذِهِ مَوَاضِعُ الصَّدَقَاتِ، حَيَوَانِهَا وَثِمَارِهَا وَصَامِتِهَا. ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ وَسَنَّ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم وَكَتَبَ فِيهَا إِلَى الْآفَاقِ، وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ رضي الله عنه، وَقَدْ قَالَ مُرْتَدُّو الْعَرَبِ: نُقِيمُ الصَّلَاةَ وَلَا نُؤْتِي الزَّكَاةَ: لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ، وَلَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا طَيِّبَةً بِذَلِكَ نَفْسِي. وَمَا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَأَنْ يَتَحَكَّمَ فِيمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَأَلَّفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ رُؤَسَاءَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْعَرَبِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه
وسلم أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُ يُفْرِغُ بَعْضَهُ فِي حَوْضِ بَعْضٍ، وَيَسُدُّ بَعْضَهُ مَكَانَ بَعْضٍ» . وَمَا سُهْمَانُ الصَّدَقَةِ إِلَّا فِي مَوَاضِعِ الْحَاجَةِ فِيمَنْ سَمَّى اللَّهُ وَوَصَفَ، لَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ ذَلِكَ يَسْتَوْجِبُونَهُ إِلَّا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، لَمْ يَكُنْ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا لِشَرَفِهِ وَلَا لِغَنَاءٍ وَلَا لِدِلَّةٍ، وَأَوْلَى النَّاسُ بِهَا مِمَّنْ قُبِضَتْ عَنْهُ الصَّدَقَةُ يَعْلَمُهُ مَنْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ. وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّوَاسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، يَعْنِي الْأَعْمَشَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ رضي الله عنهما فِي مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: «مَا كُنْتُ لِأُحَوِّلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه جَعَلَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ "
حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ حِينَ وَلِيَ الْعِرَاقَيْنِ وَمَا وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، كَيْفَ صَنَعَ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى؟ قَالَ: سَلَكَ بِهِ طَرِيقَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، قُلْتُ: وَكَيْفَ؟ وَلِمَ؟ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ؟ قَالَ: أَمَ وَاللَّهِ مَا كَانَ أَهْلُهُ يَصْدُرُونَ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ، قُلْتُ: فَمَا مَنَعَهُ؟ قَالَ: كَانَ وَاللَّهِ يَكْرَهُ أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما "
⦗ص: 218⦘
قَالَ أَبُو غَسَّانَ: صَدَقَاتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ فِي يَدِ الْخَلِيفَةِ يُوَلِّي عَلَيْهَا وَيَعْزِلُ عَنْهَا، وَيَقْسِمُ ثَمَرَهَا وَغَلَّتَهَا فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنَ الْوُكَلَاءِ فِيهَا