الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ دَارِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّتِي كَانَ بَنَى، وَقَصْرِ خَلٍّ، وَقَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: كَانَ الَّذِي هَاجَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ الَّتِي كَانَتْ بِالسُّوقِ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ كَانَ خَالَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ وَلَّاهُ الْمَدِينَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ فَذَكَرَ أَنَّ
مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما بَنَى دَارَيْنِ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: دَارُ الْقَطِرَانِ، وَالْأُخْرَى: دَارُ النُّقْصَانِ، وَضَرَبَ عَلَيْهِمَا الْخَرَاجَ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ دَارًا يُدْخِلُ فِيهَا سُوقَ الْمَدِينَةِ، فَقَبِلَ ذَلِكَ هِشَامٌ وَبَنَاهَا، وَأَخَذَ بِهَا السُّوقَ كُلَّهُ. وَجَعَلَ لَهَا بَابًا شَامِيًّا خَلْفَ شَامِيِّ زَاوِيَةِ دَارِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالثَّنِيَّةِ، ثُمَّ جَعَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَرْضًا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، ثُمَّ وَضَعَ جِدَارًا آخَرَ وِجَاهَ هَذَا الْجِدَارِ، ثُمَّ زَادَ الْأَسَاسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّورِ كُلِّهَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ، حَتَّى الزُّقَاقُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ زُقَاقُ ابْنِ حُبَيْنٍ جَعَلَهُ عَلَيْهِ بَابًا، وَجَعَلَ عَلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ زُقَاقُ بَنِي ضَمْرَةَ، عِنْدَ دَارِ آلِ أَبِي ذِئْبٍ بَابًا، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى الزَّوْرَاءِ خَاتَمِ الْبَلَاطِ بَابًا، ثُمَّ مَدَّ الْجِدَارَ حَتَّى جَاءَ بِهِ عَلَى طِيقَانِ دَارِ الْقَطِرَانِ الْأُخْرَى الْغَرْبِيِّ
، حَتَّى جَاءَ بِهَا إِلَى دَارِ ابْنِ سِبَاعٍ بِالْمُصَلَّى الَّتِي هِيَ الْيَوْمَ لِخَالِصَةَ، فَوَضَعَ ثَمَّ بَابًا، ثُمَّ بَنَى ذَلِكَ كُلَّهُ بُيُوتًا، فَجَعَلَ فِيهِ الْأَسْوَاقَ كُلَّهَا، فَكَانَ الَّذِي وَلَّى ابْنُ هِشَامٍ سَعْدَ بْنَ عَمْرٍو الزُّرَقِيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَتَمَّ بِنَاؤُهَا إِلَّا شَيْئًا مِنْ بَابِهَا الَّذِي بِالْمُصَلَّى، وَنُقِلَتْ أَبْوَابُهَا إِلَيْهَا مَعْمُولَةً مِنَ الشَّامِ، وَأَكْثَرُهَا مِنَ الْبَلْقَاءِ، فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَيَاةَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَفِيهَا التُّجَّارُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْكِرَاءُ، حَتَّى تُوُفِّيَ هِشَامٌ، فَقَدِمَ بِوَفَاتِهِ ابْنُ مُكَدَّمٍ الثَّقَفِيُّ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَأْسِ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ صَاحَ: مَاتَ الْأَحْوَلُ، وَاسْتُخْلِفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ. فَلَمَّا دَخَلَ دَارَ هِشَامٍ تِلْكَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ: مَا تَقُولُ فِي الدَّارِ؟ قَالَ: اهْدِمُوهَا. فَوَقَعَ النَّاسُ فَهَدَمُوهَا، وَانْتُهِبَتْ أَبْوَابُهَا وَخَشَبُهَا وَجَرِيدُهَا، فَلَمْ يَمْضِ ثَالِثَةٌ حَتَّى وُضِعَتْ إِلَى الْأَرْضِ فَقَالَ أَبُو مَعْرُوفٍ، أَحَدُ بَنِي مَعْرُوفِ بْنِ تَمِيمٍ:
[البحر البسيط]
مَا كَانَ فِي هَدْمِ دَارِ السُّوقِ إِذْ هُدِمَتْ
…
سُوقُ الْمَدِينَةِ مِنْ ظُلْمٍ وَلَا حَيَفِ
قَامَ الرِّجَالُ عَلَيْهَا يَضْرِبُونَ مَعًا
…
ضَرْبًا يُفَرِّقُ بَيْنَ السُّورِ وَالنَّجَفِ
يَنْحَطُّ مِنْهَا وَيَهْوِي مِنْ مَنَاكِبِهَا
…
صَخْرٌ تَقَلَّبَ فِي الْأَسْوَاقِ كَالْحَلَفِ
وَأَمَّا قَصْرُ خَلٍّ الَّذِي بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ عَلَى طَرِيقِ دُومَةَ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه أَمَرَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما بِبِنَائِهِ؛ لِيَكُونَ حِصْنًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَيُقَالُ: بَلْ أَمَرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، فَوَلَّاهُ مَرْوَانُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَفِيهِ
حَجَرٌ مَنْقُوشٌ فِيهِ: لِعَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِيَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مِمَّا عَمِلَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ قَصْرَ خَلٍّ لِأَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَكُلُّ طَرِيقٍ فِي حَرَّةٍ أَوْ رَمْلٍ يُقَالُ لَهُ الْخَلُّ. وَأمَّا قَصْرُ بَنِي جَدِيلَةَ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما إِنَّمَا بَنَاهُ لِيَكُونَ حِصْنًا، وَلَهُ بَابَانِ: بَابٌ شَارِعٌ عَلَى خَطِّ بَنِي جَدِيلَةَ، وَبَابٌ فِي الزَّاوِيَةِ الشَّرْقِيَّةِ الْيَمَانِيَّةِ، عِنْدَ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، وَهُوَ الْيَوْمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ قَطِيعَةً. وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ بِنَاءَهُ لِمُعَاوِيَةَ الطُّفَيْلُ بْنُ أَبِي كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَفِي وَسَطِهِ بَيْرَحَاءُ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه يَجْلِسُ فِي أُطُمِهِ فَارِعَ، وَيَجْلِسُ مَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَيَضَعُ لَهُمْ بِسَاطًا يَجْلِسُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَوْمًا، وَهُوَ يُرِي كَثْرَةَ مَنْ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَرَبِ يُسْلِمُونَ:
[البحر البسيط]
أَرَى الْجَلَابِيبَ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا
…
وَابْنَ الْفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ الْبَلَدِ
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ لِي مِنْ أَصْحَابِ الْبِسَاطِ؟» فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ: أَنَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْهُمْ. فَخَرَجَ