الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الدَّارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: ذُكِرَ حَسَّانُ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَتَنَاوَلُوهُ فَقَالَتْ: " لَا تَسُبُّوا حَسَّانًا، فَقَالُوا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَلَيْسَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 19] ؟ قَالَتْ: «أَوَلَيْسَ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ذَهَابُ بَصَرِهِ؟»
خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَلَمَّا رَأَى كَأَنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَ رَسُولَهُ وَأَصْحَابَهُ أَظْهَرُوا قَوْلًا سَيِّئًا فِي مَنْزِلٍ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جِعَالٌ - وَهُمْ زَعَمُوا - أَحَدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ
جَهْجَاهُ، فَعَلَتْ أَصْوَاتُهُمَا وَاشْتَدَّ جَهْجَاهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ، وَزَعَمُوا أَنَّ جَهْجَاهَ خَرَجَ بِفَرَسٍ لِعُمَرَ رضي الله عنه يَسْقِيهِ، وَكَانَ أَجِيرًا لِعُمَرَ رضي الله عنه، وَمَعَ جِعَالٍ فَرَسٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَأَوْرَدُوهُمَا الْمَاءَ، فَتَنَازَعُوا عَلَى الْمَاءِ وَاقْتَتَلُوا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: هَذَا مَا جَازَوْنَا بِهِ، آوَيْنَاهُمْ وَمَنَعْنَاهُمْ ثُمَّ هَؤُلَاءِ يُقَاتِلُونَ. وَبَلَغَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الَّذِي كَانَ بَيْنَ جَهْجَاهَ الْغِفَارِيِّ وَبَيْنَ الْفِتْيَةِ الْأَنْصَارِيِّينَ فَغَضِبَ وَقَالَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمُهَاجِرِينَ مِنَ الْقَبَائِلِ الَّذِينَ يَقْدَمُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْإِسْلَامِ:
[البحر البسيط]
أَمْسَى الْجَلَابِيبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا
…
وَابْنُ الْفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ الْبَلَدِ
فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مُغْضَبًا مِنْ قَوْلِ حَسَّانَ رضي الله عنه، فَلَمَّا خَرَجَ ضَرَبَهُ حَتَّى قِيلَ قَتَلَهُ، وَلَا يُرَاهُ إِلَّا صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ ضَرَبَ حَسَّانَ بِالسَّيْفِ، فَلَمْ يَقْطَعْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ لِضَرْبِ السُّلَمِيِّ حَسَّانَ فَقَالَ: خُذُوهُ
، فَإِنْ هَلَكَ حَسَّانُ فَاقْتُلُوهُ، فَأَخَذُوهُ فَأَسَرُوهُ وَأَوْثَقُوهُ، وَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَخَرَجَ فِي قَوْمِهِ فَقَالَ: أَرْسِلُوا الرَّجُلَ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَثَمَّ إِلَى قَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ تَشْتُمُونَ وَتُؤْذُونَهُمْ وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ نَصَرْتُمُوهُمْ؟ فَغَضِبَ سَعْدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِقَوْمِهِ فَنَصَرَهُمْ، وَقَالَ: أَرْسِلُوا الرَّجُلَ. وَأَبَوْا عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُ، فَخَرَجَ بِهِ سَعْدٌ إِلَى أَهْلِهِ فَكَسَاهُ حُلَّةً ثُمَّ أَرْسَلَهُ، فَبَلَغَنَا أَنَّ السُّلَمِيَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَنْ كَسَاكَ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ» قَالَ: كَسَانِي سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: وَاللَّهِ لَوْلَا نَفَقَتُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا مَا رَكِبُوا رِقَابَكُمْ، وَمَا خَرَجَ مَعَهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَلَلَحِقُوا بِعَشَائِرِهِمْ فَالْتَمَسُوا الْعَيْشَ، وَلَوْ أَنَّا قَدْ رَجَعْنَا إِلَى الْمِدِينَةِ لَقَدْ أَخْرَجَ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَأَحْصَى اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ مَا قَالَ، وَسَمِعَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَأَخْبَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي ابْنِ أُبَيٍّ فَإِنَّهُ يَقُولُ آنِفًا: وَاللَّهِ لَوْلَا نَفَقَتُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا مَا رَكِبُوا رِقَابَكُمْ وَمَا اتَّبَعَهُ مِنْهُمْ رَجُلٌ، وَلَلَحِقُوا بِعَشَائِرِهِمْ فَالْتَمَسُوا الْعَيْشَ، وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ، فَابْعَثْ إِلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَوْ مُعَاذَ
بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ فَلْيَقْتُلْهُ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه سَكَتَ، وَتَحَدَّثَ أَهْلُ عَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَفَاضُوا فِيهَا، فَأَذَّنَ مَكَانَهُ بِالرَّحِيلِ وَلَمْ يَتَقَارَّ فِي مَنْزِلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ نَزَلَ فَارْتَحَلَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ النَّاسُ قَالُوا: مَا شَأْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَقَارَّ فِي مَنْزِلِهِ، لَقَدْ جَاءَهُ خَبَرٌ، لَعَلَّهُ أُغِيرَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَمَا فِيهَا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ عَمَّا تَكَلَّمَ بِهِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ كَانَ سَبَقَ مِنْكَ قَوْلُ شَيْءٍ فَتُبْ» ، فَجَحَدَ وَحَلَفَ، فَوَقَعَ رِجَالٌ بِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَقَالُوا: أَسَأْتَ بِابْنِ عَمِّكَ وَظَلَمْتَهُ، وَلَمْ يُصَدِّقْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ رَأَوَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُوحَى إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى اللَّهُ قَضَاءَهُ فِي مَوْطِنِهِ وَسُرِّيَ عَنْهُ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ فَعَصَرَهَا حَتَّى اسْتَشْرَفَ الْقَوْمُ بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَدْرُونَ مَا شَأْنُهُ فَقَالَ:«أَبْشِرْ؛ فَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ» ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ حَتَّى بَلَغَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي ابْنِ أُبَيٍّ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7] إِلَى قَوْلِهِ
: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8] ، فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبَاءٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْقٍ سَرَّحَ النَّاسُ ظَهْرَهُمْ، وَأَخَذَتْهُمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ حَتَّى أَشْفَقَ وَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ هَذِهِ الرِّيحِ؟ فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ:«مَاتَ الْيَوْمَ مُنَافِقٌ عَظِيمُ النِّفَاقِ؛ وَلِذَلِكَ عَصَفَتْ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهَا بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، وَكَانَ مَوْتُهُ غَائِظًا لِلْمُنَافِقِينَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَجَدْنَا مُنَافِقًا عَظِيمَ النِّفَاقِ مَاتَ يَوْمَئِذٍ، وَسَكَنَتِ الرِّيحُ آخِرَ النَّهَارِ، فَجَمَعَ النَّاسُ ظَهْرَهُمْ، وَفُقِدَتْ رَاحِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ الْإِبِلِ، فَسَعَى لَهَا الرِّجَالُ يَلْتَمِسُونَهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانَ فِي رُفْقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَيْنَ يَسْعَى هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ؟ قَالَ أَصْحَابُهُ: يَلْتَمِسُونَ رَاحِلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْمُنَافِقُ: أَلَا يُحَدِّثُهُ اللَّهُ بِمَكَانِ رَاحِلَتِهِ؟ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ مَا قَالَ، وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ، نَافَقْتَ فَلِمَ خَرَجْتَ وَهَذَا فِي نَفْسِكَ؟ لَا صَحِبْتَنَا سَاعَةً. فَمَكَثَ الْمُنَافِقُ مَعَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ قَامَ وَتَرَكَهُمْ، فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ الْحَدِيثَ، فَوَجَدَ اللَّهَ قَدْ
حَدَّثَهُ حَدِيثَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُنَافِقُ يَسْمَعُ: " إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ شَمَتَ أَنْ ضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ: أَلَا يُحَدِّثُهُ اللَّهُ بِمَكَانِ نَاقَتِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَنِي بِمَكَانِهَا، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّهَا فِي الشِّعْبِ الْمُقَابِلِ لَكُمْ، قَدْ تَعَلَّقَ زِمَامُهَا بِشَجَرَةٍ "، فَعَمَدُوا إِلَيْهَا فَجَاءُوا بِهَا، وَأَقْبَلَ الْمُنَافِقُ سَرِيعًا حَتَّى أَتَى الَّذِينَ قَالَ عِنْدَهُمْ مَا قَالَ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ مَجْلِسِهِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ أَتَى مِنْكُمْ أَحَدٌ مُحَمَّدًا فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قُلْتُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا، وَلَا قُمْنَا مِنْ مَجْلِسِنَا هَذَا بَعْدُ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ عِنْدَ الْقَوْمِ حَدِيثِي، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي لَمْ أُسْلِمْ إِلَّا الْيَوْمَ، وَإِنْ كُنْتُ لَفِي شَكٍّ مِنْ شَأْنِهِ، فَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابَهُ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَيْهِ فَاعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ ابْنُ اللَّصِيتِ، وَلَمْ يَزَلْ زَعَمُوا يَفْسُلُ حَتَّى مَاتَ "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَقُولُ النَّبِيُّ صلّى الله
⦗ص: 355⦘
عليه وسلم: " هُوَ الَّذِي أَوْفَى اللَّهُ بِأُذُنِهِ، سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَقُولُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ: لَئِنْ كَانَ هَذَا صَادِقًا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَقَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ، وَلَأَنْتَ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَحَدَهُ الْقَائِلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة: 74] ، وَكَانَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَصْدِيقًا لِزَيْدٍ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ جُلَاسَ بْنَ سُوَيْدٍ قَالَ: لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَكَانَ رَبِيبَهُ فِي حِجْرِهِ: وَاللَّهِ إِنَّ الَّذِي يَقُولُ حَقٌّ، وَإِنَّكَ لَشَرٌّ مِنَ الْحِمَارِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ جُلَاسٌ فَرَدَّ قَوْلَهُ وَكَذَّبَهُ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قُلْتُ ذَاكَ، وَلَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة: 74] الْآيَةَ قَالَ جُلَاسٌ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ قُلْتُ ذَاكَ
⦗ص: 356⦘
، وَقَدْ عَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ التَّوْبَةَ وَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ مِمَّا قُلْتُ، وَكَانَ حُمِّلَ حَمَالَةً، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَدَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74] فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَيْرٍ: «وَفَتْ أُذُنُكَ وَصَدَّقَكَ رَبُّكَ» وَقَالَ عُمَيْرٌ لِجُلَاسٍ: أَمَ وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ كِتَابٌ أَوْ وَحْيٌ بِكِتْمَانِي عَلَيْكَ لَكَتَمْتُ عَلَيْكَ "
حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْأَصْبَغِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ فَوْقَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَعَبْدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍ: «أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِنْ حَدِيثِكَ هَذَا إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا فِي مَجْلِسِنَا
⦗ص: 357⦘
، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ» فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ:«يَا سَعْدُ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ، يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَالَ كَذَا وَكَذَا» فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرَفَهُ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى قَالَ:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الْآيَةَ، وَقَالَ اللَّهُ:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا} [البقرة: 109] ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا النَّبِيُّ صلّى الله
⦗ص: 358⦘
عليه وسلم بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ لَهُ، فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمُوا " حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ دِمَشْقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: رَكِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حِمَارًا بِإِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَرِدْفُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ: فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ
حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ لَهُ يَسِيرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ أَخِي بَنِي الْحُبْلَى، فَرَاثَ الْحِمَارُ، فَأَمْسَكَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ: " إِلَيْكَ حِمَارَكَ عَنْ وَجْهِ الرِّيحِ
هَكَذَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَنْتَنْتَنِي فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَلِحِمَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ هَذَا؟ فَوَاللَّهِ لَهُوَ أَطْيَبُ عِرْضًا مِنْكَ قَالَ: أَلِي تَقُولُ هَذَا يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟ فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ، وَمِنْ أَبِيكَ. فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا حَتَّى جَاءَتْ عَشِيرَةُ هَذَا وَعَشِيرَةُ هَذَا، فَكَانَ بَيْنَهُمْ وَحْيٌ بِاللِّطَامِ وَالنِّعَالِ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] إِلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] ، فَلَمَّا نَزَلَتْ عَرَفُوا أَنَّهَا الْهَاجِرَةُ فَكَفُّوا، وَأَقْبَلَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَكَانَ مِنْ رَهْطِ ابْنِ رَوَاحَةَ، مُتَقَلِّدَ السَّيْفِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ تَحَاجَزُوا قَالَ: أَيْنَ أُبَيٌّ يَا ابْنَ أَبِي سَعْدٍ، أَعَلَيَّ تَحْمِلُ السَّيْفَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْتُكُمْ قَبْلَ الصُّلْحِ لَضَرَبْتُكَ بِهِ "
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: " غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَابَ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَعَّابًا فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الْأَنْصَارُ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلْأَنْصَارِ
⦗ص: 360⦘
يَا لِلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ يَا لِلْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ؟» فَقَالَ: «مَا شَأْنُهُمْ؟» فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ: «دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ» فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ: " قَدْ تَدَاعَوْا، إِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا تَقْتُلُ هَذَا الْخَبِيثَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه يَذْكُرُ هَذَا، وَزَادَ فِيهِ:«يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، قَدِ ابْتُلِيَ بِكُمُ الْأَنْصَارُ فَفَعَلُوا مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، فَآوَوْا وَنَصَرُوا، وَأَنْتُمْ مُبْتَلُونَ بِهِمْ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَفْعَلُونَ»
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: «لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَامَنِي قَوْمِي وَقَالُوا: مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَقُمْتُ كَئِيبًا أَوْ حَزِينًا، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَنْزَلَ عُذْرَكَ
⦗ص: 361⦘
وَصَدَّقَكَ» قَالَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْهَا الْأَذَلُّ} [المنافقون: 8] "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ: " لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَقَالَ: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8] ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، فَقَالُوا: كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى يُصَدِّقُنِي فِي {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] قَالَ: وَوَافَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ. وَقَوْلُهُ: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] ، قَالُوا: كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمُ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ، أَنَّ غُلَامًا مِنْ قَرَابَتِهِ انْطَلَقَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلّى الله
⦗ص: 362⦘
عليه وسلم بِحَدِيثٍ وَتَكْذِيبٍ عَنْهُ شَدِيدٍ، فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ يَحْلِفُ وَيُبَرِّئُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَتِ الْأَنْصَارُ عَلَى الْغُلَامِ فَلَامُوهُ وَعَزَّرُوهُ، فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ لَكَ، فَجَعَلَ يَلْوِي رَأْسَهُ وَيَقُولُ: لَسْتُ فَاعِلًا، وَكَذَبَ عَلَيَّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا تَسْمَعُونَ:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 7] قَالَ: هَذَا قَوْلُهُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ حَتَّى يَدَعُوهُ، فَإِنَّكُمْ لَوْلَا أَنْتُمْ تُنْفِقُونَ عَلَيْهِمْ لَتَرَكُوهُ وَرَحَلُوا عَنْهُ "
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلًا عَلَى مَنْقَلَةٍ أَوْ مَنْقَلَتَيْنِ، فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: جَهْجَاهُ بْنُ قَيْسٍ الْغِفَارِيُّ، وَسِنَانُ بْنُ وَبَرَةَ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ بَنِي الْخَزْرَجِ قَالَ: فَظَهَرَ اللَّهُ جَهْجَاهَ عَلَى الْجُهَنِيِّ، وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَسِيفٌ إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ لِفَرَسِهِ، فَانْطَلَقَ الْعَسِيفُ فَوَجَدَهُمَا يَقْتَتِلَانِ قَالَ: وَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ حَتَّى نَادَوْا: يَا أَبَا الْحُبَابِ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِ الرَّجُلَيْنِ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا قَوْمَهُ فَقَالَ: هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الْأَوْسِ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْحَجِيجِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا عَنْ أَثْمَارِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ قَالَ: فَرَجَعَ عَسِيفُ عُمَرَ وَلَمْ يُخَنِّسْ لِفَرَسِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا شَأْنُكَ لَمْ تُخَنِّسْ لِفَرَسِي؟ قَالَ: الْعَجَبُ، مَرَرْتُ بِجَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلَانِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ، فَجَاءَ ابْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا قَوْمَهُ فَقَالَ: هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الْأَوْسِ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْمُخَيَّمِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَلَنُمْسِكَنَّ
بِأَيْدِينَا مِنْ ثِمَارِهَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ قَالَ: قَدْ سَمِعْتَ قَالَ: فَانْدَفَعَ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ مَكَانِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ مَنْزِلًا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ. قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رضي الله عنه وَكَانَ مِمَّنْ يَتَوَسَّدُ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ادْعُهُ» ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي عَسِيفًا أَبْعَثُهُ يُخَنِّسُ لِفَرَسِي إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ، وَإِنَّهُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ فَوَجَدَ جَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلَانِ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَوَقَدْ قِيلَتْ؟» فَأَمَرَ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، فَارْتَحَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ: لَمْ يُرَحِّلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُرْتَحَلِهِ الَّذِي كَانَ يَرْتَحِلُ إِلَّا شَيْءٌ خَافَهُ أَوْ شَيْءٌ أَتَاهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْتَهِزَهُ قَالَ: حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِحَدِيثِهِ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ، فَقَامَ فَخَطَبَ فَقَالَ:«إِنَّمَا عَاقَنَا عَنْ مُرْتَحَلِنَا الَّذِي كُنَّا نَرْحَلُ لَهُ قَوْلُ رَجُلٍ مِنْكُمْ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا» قَالَ: فَوَثَبَ وَرَقَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَظْعَنَكَ عَنْ مُرْتَحَلِكَ الَّذِي كُنْتَ تَرْتَحِلُ إِلَّا قَوْلُ رَجُلٍ مِنَّا؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَئِنْ شِئْتَ لَآتِيَنَّكَ أَوَّلَهُ مِنْ رَأْسِهِ أَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ قَالَ: وَقَدْ كَانَ وَرَقَةُ ابْنَ عَمٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: فَأَبَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «لَا أُحِلُّ، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا فَأْتُونِي بِهِ» قَالَ: فَانْدَفَعُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ قَالُوا: يَا ابْنَ أُبَيٍّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ عَنْكَ قَوْلٌ
فَوَجَدَ عَلَيْكَ فِي نَفْسِهِ، فَإِذَا أَنْتَ أَتَيْتَهُ فَاعْتَذِرْ إِلَيْهِ مِمَّا قُلْتَ، وَمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ، فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ رَحِيمًا قَالَ: وَمَا بِي، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ؟ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ يَلْوِي رَأْسَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ جَنْبَيْهِ وَيَقُولُ: مَا لِي، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ؟ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا ابْنَ أُبَيٍّ، أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، أَفَأَنْتَ أَعَزُّ مِنِّي؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ أَنْتَ أَعَزُّ وَأَكْرَمُ، مَا رَكِبْنَا حَتَّى رَكِبْتَ، وَمَا قَاتَلْنَا حَتَّى كُنْتَ أَوَّلَ قَالَ:" فَأَنْتَ الَّذِي تَقُولُ: لَنُمْسِكَنَّ مَا بِأَيْدِينَا مِنْ ثَمَرِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا عَنْ صَاحِبِهِمْ؟ أَيْ أَنَّكَ تُنْفِقُ عَلَيْنَا " قَالَ: وَالَّذِي تَحْلِفُ بِهِ مَا قُلْتُ. وَنَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8] "
حَدَّثَنَا حَارِثَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْتُلُ أَبِي؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَقْتُلْ أَبَاكَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:{لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8]
⦗ص: 366⦘
قَالَ: قَدْ قَالَهَا مُنَافِقٌ عَظِيمُ النِّفَاقِ فِي رَجُلَيْنِ اقْتَتَلَا: أَحَدُهُمَا غِفَارِيٌّ وَالْآخَرُ جُهَنِيٌّ، فَظَهَرَ الْغِفَارِيُّ عَلَى الْجُهَنِيِّ، وَكَانَ بَيْنَ جُهَيْنَةَ وَالْأَنْصَارِ حِلْفٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: يَا بَنِي الْأَوْسِ، يَا بَنِي الْخَزْرَجِ، عَلَيْكُمْ صَاحِبُكُمْ وَحَلِيفُكُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُ مُحَمَّدٍ إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَسَعَى بِهَا بَعْضُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مُرْ مُعَاذًا يَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ:«لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِرًا، وَكَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشِ كَلَامٌ حَتَّى اشْتَدَّ بَيْنَهُمَا، وَاجْتَمَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَنَادَى: غَلَبَنِي عَلَى قَوْمِي مَنْ لَا قَوْمَ لَهُ، أَمَ وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَأَخَذَ سَيْفَهُ ثُمَّ خَرَجَ يَسْعَى، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَكَ يَا عُمَرُ، كَأَنَّكَ مُغْضَبٌ؟» فَقَالَ: لَا، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْمُنَافِقَ يُنَادِي: غَلَبَنِي عَلَى قَوْمِي مَنْ لَا قَوْمَ لَهُ، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ
لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَأَرَدْتَ مَاذَا يَا عُمَرُ؟» قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلُوهُ بِسَيْفِي حَتَّى يَسْكُتَ قَالَ: «لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ نَادِ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ» قَالَ: تَرَحَّلُوا وَسِيرُوا، حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمٌ تَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ حَتَّى أَنَاخَ عَلَى مَجَامِعِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَجَاءَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ وَتَشَعَّبُوا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُهَا حَتَّى يَأْذَنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَعْلَمَ الْيَوْمَ مَنِ الْأَعَزُّ مِنَ الْأَذَلِّ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ مَا صَنَعَ بِهِ ابْنُهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِهِ أَنْ خَلِّ عَنْهُ، فَدَخَلَ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ "
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّهُ أُسِرَ رَجُلٌ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ كَافِرٌ، فَكَانَ أَسِيرًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ فَنَافَقَ، فَطَفِقَ ذَلِكَ الْأَسِيرُ يُرِيدُ وَلِيدَةً مُسْلِمَةً تُسَمَّى مُعَاذَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَتَمْتَنِعُ الْوَلِيدَةُ مِنْ أَجْلِ إِسْلَامِهَا مِنَ الْأَسِيرِ الْقُرَشِيِّ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ضَرَبَهَا لِيُكْرِهَهَا عَلَى الْبِغَاءِ رَجَاءَ أَنْ تَحْمِلَ مِنَ الْقُرَشِيِّ رَغْبَةً فِي فِدَاءِ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] الْآيَةَ "
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: الَّتِي
⦗ص: 368⦘
جَادَلَتْ فِي زَوْجِهَا خَوْلَةُ بِنْتُ الصَّامِتِ، وَأُمُّهَا مُعَاذَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33] قَالَ: كَانَتْ أَمَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْمُنَافِقِ، فَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَكَانَتِ التَّوْبَةُ لَهَا دُونَهُ "
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، فِي الَّتِي جَادَلَتْ فِي زَوْجِهَا: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، وَأُمُّهَا مُعَاذَةُ، وَكَانَتْ أَمَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ، وَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، وَكَانَتِ التَّوْبَةُ لَهَا دُونَهُ خَاصَّةً، يَعْنِي:{فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] "
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَتْ مُسَيْكَةُ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ فَقَالَتْ: إِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرْتُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ آنَ لِي أَنْ أَدَعَهُ، فَنَزَلَتْ {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] "
حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزَيْدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:" كَانَتْ مُعَاذَةُ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَكَانَتْ مُسْلِمَةً فَكَانَ يَسْتَكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] الْآَيَةَ "
حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ
⦗ص: 369⦘
: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] قَالَ: كَانَتْ جَارِيَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يُقَالُ لَهَا: مُسَيْكَةُ، وَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الزِّنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] ، هَكَذَا يَقْرَؤُهَا "