الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب السَّادِس فِي اتِّخَاذ الأجناد، وإعدادهم وتفريغهم للْقِيَام بِفَرْض الْجِهَاد
56 -
اتِّخَاذ الأجناد وحماية الثغور من أهم الْمصَالح وعزم الْأُمُور. قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا خُذُوا حذركُمْ} أَي من الْعَدو. وَمن أَخذ الحذر تَكْثِير الأجناد وادخارهم. (23 / ب) وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} الْآيَة وَمن الإعداد لِلْعَدو كَثْرَة الأجناد.
وَعَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : (اكتبوا لي من تلفظ بِالْإِسْلَامِ) . وغزا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بثلاثمائة وَثَلَاثَة عشر عدد قوم طالوت، وَاعْتمر عمْرَة الْحُدَيْبِيَة بِأَلف واربعمائة. وَفتح مَكَّة بِعشْرَة آلَاف. وغزا حنيناً بِاثْنَيْ عشر ألفا.
وغزا تَبُوك بسبعين ألفا. وَرُوِيَ أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه كَانَ يحمل فِي الْعَام الْوَاحِد على أَرْبَعِينَ ألف بعير. وَلما جِيءَ بِمَال الْعرَاق، قَالَ: لَا وَرب الْكَعْبَة لَا يأوي تَحت سقف حَتَّى أقسمه، وَكَذَلِكَ يفعل رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِيمَا يَجِيء بِهِ من الْأَمْوَال، وكل ذَلِك دَلِيل على سنة اتِّخَاذ الأجناد، وتكثيرهم، وَأَنه من أهم مصَالح الْإِسْلَام، وَعَلِيهِ جرت (24 / أ) سنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين إِمَام بعد إِمَام، وَلم يزل النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَالْأَئِمَّة بعده يبذلون الْأَمْوَال فِي اتِّخَاذ الرِّجَال. قَالَ بعض الْعلمَاء: اتّفق حكماء الْعَرَب والعجم على هَذِه الْكَلِمَات وَهِي: الْملك بِنَاء أساسه الْجند، فَإِن قوى الأساس دَامَ الْبناء، وَإِن ضعف الأساس سقط الْبناء. لَا سُلْطَان إِلَّا بجند، وَلَا جند إِلَّا بِمَال، وَلَا مَال إِلَّا بعمارة وَلَا عمَارَة إِلَّا بِعدْل.
وَعَن الْحُكَمَاء: صديق السُّلْطَان جنده، وعدوه مَاله، فَإِن ضعف مَاله ببذله لجنده قوي صديقه وناصره، وَإِن قوي عدوه بِمَنْعه الْجند، ضعف جنده الَّذِي هُوَ ناصره.
57 -
وَإِذا كَانَت الْحَاجة إِلَى الْجند كَذَلِك، فَلَا بُد من إدرار أَرْزَاقهم، وسد حاجاتهم، وتفقد أَحْوَالهم، ومصالح عِيَالهمْ، وإلزامهم بِقدر عنائهم، وَلَا يتم ذَلِك إِلَّا (24 / ب) بصلاح جِهَات الْأَمْوَال وصلاحها بعمارة الْبِلَاد، وعمارتها بِالْعَدْلِ بِاتِّفَاق الشَّرْع وَالْعقل.