الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الثَّامِن فِي تَقْدِير عَطاء الأجناد وَمَا يسْتَحقّهُ أهل الْجِهَاد
90 -
كَانَ (35 / ب) النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] يُسَوِّي بَين النَّاس فِي قسم الْغَنِيمَة، وَلَا يفضل فِيهِ أحدا على أحد: لشرف، وَلَا لشجاعة، وَلَا قدم هِجْرَة، وَلَا غير ذَلِك من الصِّفَات المحمودة.
وَكَانَ أَبُو بكر وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يريان التَّسْوِيَة بَين النَّاس فِي الْعَطاء، وَلَا يفضلان بسابقة وَلَا غَيرهَا. وَبِه قَالَ مَالك، وَالشَّافِعِيّ رضي الله عنهما. وَلَيْسَ معنى التَّسْوِيَة أَن يُسَوِّي بَينهم فِي قدر الْعَطاء، بل مَعْنَاهُ أَن يُعْطي كل إِنْسَان على قدر حَاجته وكفايته، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيله إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
91 -
وَكَانَ عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان رضي الله عنهما يريان التَّفْضِيل بالسابقة فِي الدّين وَالْهجْرَة، وَعَملا بِهِ فِي خِلَافَتهمَا. وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة رضي الله عنه.
وَلما نَاظر عمر أَبَا بكر حِين سوى بَين النَّاس، فَقَالَ: أتسوي بَين من هَاجر الهجرتين، وَصلى الْقبْلَتَيْنِ، وَبَين من أسلم عَام الْفَتْح خوف (36 / أ) السَّيْف. فَقَالَ أَبُو بكر: رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. " إِنَّمَا عمِلُوا لله، وَإِنَّمَا أُجُورهم على الله، وَإِنَّمَا الدُّنْيَا بَلَاغ ". فَقَالَ عمر: " لَا أجعَل من قَاتل رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] كمن قَاتل مَعَه ".
92 -
وَلما اسْتخْلف وَوضع الدِّيوَان فضل بالسابقة، وَجعل الْعَطاء طَبَقَات: الطَّبَقَة الأولى: من شهد غزَاة بدر من الْمُهَاجِرين، فَفرض لكل وَاحِد مِنْهُم فِي السّنة خَمْسَة آلَاف دِرْهَم. وَمِنْهُم: عُثْمَان، وَعلي وَطَلْحَة، وَالزُّبَيْر، وَغَيرهم. وَفرض لنَفسِهِ خَمْسَة آلَاف، وَلم يزدْ.
وَألْحق بهم الْعَبَّاس، وَالْحسن، وَالْحُسَيْن، لمقامهم من رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
وَلم يفضل أحدا على أهل بدر إِلَّا أَزوَاج رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَإِنَّهُ فرض لكل وَاحِدَة عشرَة آلَاف.
وزادت عَائِشَة أَلفَيْنِ لمحلها وَمحل أَبِيهَا من رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
الطَّبَقَة (36 / ب) الثَّانِيَة: من شهد بَدْرًا من الْأَنْصَار، فَفرض لكل وَاحِد مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم.
الطَّبَقَة الثَّالِثَة: من هَاجر قبل الْفَتْح مثل: خَالِد بن الْوَلِيد، وَعَمْرو ابْن الْعَاصِ وَغَيرهمَا، فَفرض لكل وَاحِد مِنْهُم ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم. وَفرض لِابْنِهِ عبد الله مَعَهم، وَكَانَ قد هَاجر مَعَه، فَلَمَّا رُوجِعَ فِيهِ قَالَ: إِنَّمَا هَاجر تبعا لِأَبِيهِ، فَرضِي الله عَنهُ وأرضاه.
الطَّبَقَة الرَّابِعَة: من أسلم بعد الْفَتْح: كَأبي سُفْيَان وَابْنه مُعَاوِيَة، وَصَفوَان بن أُميَّة، وَعِكْرِمَة بن أبي جهل، فَفرض لكل وَاحِد مِنْهُم فِي السّنة أَلفَيْنِ.
وساوى بهم الْأَحْدَاث من أَبنَاء الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار. وَمِنْهُم ابْنه عبيد الله وَلكنه فضل أسَامَه بن زيد، وَعمر بن أبي سَلمَة لمكانتهما من رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، فأسامة ابْن مَوْلَاهُ وَعمر ربيبه.
والطبقة الْخَامِسَة: بعد هَؤُلَاءِ كمن أسلم فِي آخر أَيَّام رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] . وفاضل بَين أهل (37 / أ) هَذِه الطَّبَقَة على قدر مَنَازِلهمْ وجهادهم وقراءتهم الْقُرْآن، فَفرض لَهُم من أَلفَيْنِ إِلَى ألف إِلَى خَمْسمِائَة إِلَى ثَلَاثمِائَة، وَلم ينقص أحد من الرِّجَال عَن ثَلَاثمِائَة دِرْهَم، وَفرض للطفل مائَة دِرْهَم، فَإِذا ترعرع فمائتي دِرْهَم. وَرُوِيَ أَنه قَالَ: لَئِن كثر المَال لأفرضنّ لكل وَاحِد أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم: ألفا لفرسه، وألفاً لسلاحه، وألفاً لسفره، وألفاً يخلفها عِنْد أَهله.