المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ، وَإِنْ اُسْتُحْسِنَ وَوَقَعَ اخْتِلَافُ تَأْلِيفَيْنِ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ٩

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ)

- ‌[فَرْعٌ اسْتَأْجَرَهُ لِجُذَاذٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ مَعْدِنٍ فَسَقَطَ]

- ‌[فَصْلٌ الِاصْطِدَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الضَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ جَرَحَ ابْنُ عَتِيقَةٍ أَبُوهُ قِنٌّ آخَرَ خَطَأً]

- ‌(فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ

- ‌[فَرْعٌ سَقَّى أَمَتَهُ دَوَاءً لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْكَفَّارَةِ

- ‌(كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَالْمَالِ

- ‌(كِتَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ

- ‌[فَرْعٌ عَقْدِ الْإِمَامَة لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

- ‌(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الزِّنَا)

- ‌(كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌[كِتَابُ الْقَطْع فِي السَّرِقَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ تَتَعَلَّقُ بِالسَّرِقَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ السَّارِقُ الَّذِي يُقْطَعُ]

- ‌(بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌(كِتَابُ الصِّيَالِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي حُكْمِ إتْلَافِ الدَّوَابِّ

- ‌(كِتَابُ السِّيَرِ)

- ‌فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْغَزْوِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌(كِتَابُ الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌(بَابُ الْهُدْنَةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْآلَةِ، وَالذَّبْحِ، وَالصَّيْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْد مَا يَتْبَعُهُ]

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌(كِتَابٌ)بَيَانُ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ (الْأَطْعِمَةِ)

- ‌[كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَة]

الفصل: نِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ، وَإِنْ اُسْتُحْسِنَ وَوَقَعَ اخْتِلَافُ تَأْلِيفَيْنِ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا

نِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ، وَإِنْ اُسْتُحْسِنَ وَوَقَعَ اخْتِلَافُ تَأْلِيفَيْنِ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا فِي بَقَاءِ خِلَافَةِ الْمُتَوَلِّي مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ بِطَرِيقِ الْعَهْدِ الْمُتَسَلْسِلِ فِيهِمْ إلَى الْآنَ فَقِيلَ نَعَمْ لِمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأَعْصَارُ الْمُتَأَخِّرَةُ بَعْدَ زَوَالِ شَوْكَةِ الْخِلَافَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُوَلَّى السُّلْطَانَ مِنْ الْأَكْرَادِ وَالْأَتْرَاكِ إلَّا هُوَ مُشْتَرِطًا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَنَّهُ نَائِبُهُ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَقِيلَ لَا لِزَوَالِ شَوْكَتِهِ مِنْ أَصْلِهَا حَتَّى إنَّ بَعْضَ السَّلَاطِينِ أَهَانَهُ وَحَبَسَهُ وَأَخَذَ أَكْثَرَ أَقْطَاعِهِ وَمَا زَالَ مُتَقَهْقِرًا إلَى الْآنِ حَتَّى انْعَدَمَ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَدْ قَدَّمْتُ مَا يُبْطِلُ الْأَوَّلَ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِعَهْدِ غَيْرِ مُسْتَجْمِعِ الشُّرُوطِ وَلَا نَظَرَ لِلضَّعْفِ وَزَوَالِ الشَّوْكَةِ؛ لِأَنَّ عُرُوضَهُمَا إنْ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ لَا يُبْطِلُهَا بَلْ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِ حَتَّى يَخْلَعَ نَفْسَهُ مُطْلَقًا أَوْ يُخْلَعُ لِسَبَبٍ وَلَا يَنْعَزِلُ بِأَسْرِ كُفَّارٍ لَهُ إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ خَلَاصِهِ وَمِثْلُهُمْ بُغَاةٌ لَهُمْ إمَامٌ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَزِلْ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ خَلَاصِهِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ

. (قُلْتُ لَوْ ادَّعَى) مَنْ لَزِمَتْهُ زَكَاةٌ مِمَّنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ الْبُغَاةُ (دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْبُغَاةِ) أَيْ إمَامِهِمْ أَوْ مَنْصُوبِهِ (صُدِّقَ) بِلَا يَمِينٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ اُتُّهِمَ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ وَيُسَنُّ أَنْ يُسْتَظْهَرَ عَلَى صِدْقِهِ إذْ اُتُّهِمَ (بِيَمِينِهِ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا (أَوْ) ادَّعَى (دَفْعَ جِزْيَةٍ فَلَا) يُصَدَّقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ إذْ هِيَ عِوَضٌ عَنْ سُكْنَى دَارِنَا وَبِهِ فَارَقَتْ الزَّكَاةَ (وَكَذَا خَرَاجٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ أَوْ ثَمَنٌ وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ الذِّمِّيِّ جَزْمًا (وَيُصَدَّقُ فِي) إقَامَةِ (حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ) أَيْ وَقَدْ قَرُبَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَوُجِدَ أَثَرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا يُصَدَّقُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ وَإِنْكَارُ بَقَاءِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الرُّجُوعِ وَأَخَّرَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ إلَى هُنَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْإِمَامِ فَإِنْ قُلْتَ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ وَنَحْوُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا أَوْ تَقْدِيمَهَا مَعَهُ قُلْتُ هَذِهِ تَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْبَغْيِ وَعَدَمِهِ فَكَانَتْ أَنْسَبَ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا (فَائِدَةٌ)

عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِنَائِبِهِ الْخَاصِّ قَالَ الدَّمِيرِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فِي مَظَانِّهِ وَيُعْتَرَضُ أَيْضًا بِأَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ لِنَائِبِهِ دُونَهُ بَعِيدٌ لَا يُوَافِقُهُ قِيَاسٌ إلَّا أَنْ يَرِدَ بِهِ نَقْلٌ صَرِيحٌ لَا يُقَالُ قَدْ يَشْتَغِلُ عَنْ وَظِيفَتِهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ وُصُولَ جُزْئِيَّةٍ إلَيْهِ لِطَلَبِ حُكْمِهِ فِيهَا نَادِرٌ لَا يَشْغَلُ عَنْ ذَلِكَ وَبِفَرْضِ عَدَمِ نُدُورِهِ يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ تِلْكَ عَلَى هَذِهِ

(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا (هِيَ)

نِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بَلْ الْأَصَحُّ جَوَازُ عَقْدِهَا لِغَيْرِهِمَا إذْ هُوَ مُقْتَضَى بُطْلَانِ عَقْدِهِمَا اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحْسِنَ) أَيْ نِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ وَمِمَّنْ اسْتَحْسَنَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: السُّلْطَانَ) مَفْعُولُ لَا يُوَلِّي وَقَوْلُهُ إلَّا هُوَ أَيْ الْمُتَوَلِّي مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ فَاعِلُهُ (قَوْلُهُ: مُشْتَرِطًا عَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَوَلِّي عَلَى السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: حَتَّى انْعَدَمَ) أَيْ شَوْكَتُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمْتُ) أَيْ آنِفًا فِي شَرْحِ فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا يُبْطِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعَهْدِ غَيْرِ إلَخْ) بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِلضَّعْفِ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الثَّانِي مَعَ قَبُولِهِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عُرُوضَهُمَا) إلَى الْمَتْنِ فِي الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِسَبَبٍ وَدُونَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ خَلَاصِهِ) أَيْ فَيَنْعَزِلُ فَحِينَئِذٍ لَا يُؤَثِّرُ عَهْدُهُ لِغَيْرِهِ بِالْإِمَامَةِ وَتُعْقَدُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَهِدَ لِغَيْرِهِ قَبْلَ الْيَأْسِ لِبَقَائِهِ عَلَى إمَامَتِهِ، وَإِنْ خَلَصَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ خَلَاصِهِ لَمْ يَعُدْ إلَى إمَامَتِهِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِيهَا وَلِيُّ عَهْدِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبُغَاةِ إمَامٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَزِلْ إلَخْ) وَيَسْتَنِيبُ عَنْ نَفْسِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ وَإِلَّا اُسْتُنِيبَ عَنْهُ فَلَوْ خَلَعَ الْإِمَامُ نَفْسَهُ أَوْ مَاتَ لَمْ يَصِرْ الْمُسْتَنَابُ إمَامًا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ

(قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَتْهُ) إلَى قَوْلِهِ وَأَخَّرَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ ثَمَنٌ وَقَوْلَهُ أَيْ وَقَدْ قَرُبَ إلَّا فَلَا يُصَدَّقُ وَإِلَى قَوْلِهِ فَائِدَةٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: إمَامِهِمْ أَوْ مَنْصُوبِهِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَوْ ادَّعَى لِلدَّفْعِ إلَى فُقَرَاءِ الْبُغَاةِ أَوْ مَسَاكِينِهِمْ صُدِّقَ أَيْضًا اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ بِيَمِينِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُسْتَظْهَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى) أَيْ ذِمِّيٌّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِ الْجِزْيَةِ كَالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَرَاجٌ إلَخْ) أَيْ لِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ ادَّعَى مُسْلِمٌ دَفْعَهُ لِقَاضِي الْبُغَاةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَنٌ) يُتَأَمَّلُ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش يُتَأَمَّلُ كَوْنُ الْخَرَاجِ ثَمَنًا وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهَا وَيُقَدِّرُ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ سَنَةٍ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا لَهُمْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ وَاغْتُفِرَ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهِمْ وَالْأَقْرَبُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ ضَرَبَ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا مُقَدَّرًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ نَوْعٍ مَخْصُوصٍ ثُمَّ دَفَعُوا بَدَلَهُ لِمُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ مَا يَقْبِضُهُ مِنْهُمْ عِوَضٌ لِمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخَرَاجِ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا أَثَرَ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ الْحَدُّ أَيْ أُقِيمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ مَنْ ثَبَتَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقِرِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْكَارُ بَقَاءِ الْحَدِّ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ غَنِيٍّ عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْأَحْكَامَ) أَيْ الَّتِي زَادَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: تَأْخِيرَهُ) أَيْ نَحْوُ قِتَالِ الْبُغَاةِ إلَيْهَا أَيْ إلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْمَزِيدَةِ (قَوْلُهُ: هَذِهِ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمَزِيدَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ مَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ تِلْكَ) أَيْ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ عَلَى هَذِهِ أَيْ الْجُزْئِيَّةِ الْوَاصِلَةِ إلَيْهِ

[كِتَابُ الرِّدَّةِ]

(كِتَابُ الرِّدَّةِ) إنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الدِّينِ وَمَا قَبْلَهَا عَلَى النَّفْسِ وَأَخَّرَهَا مَعَ كَوْنِهَا أَهَمَّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ مَا قَبْلَهَا اهـ

(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

ص: 79

لُغَةً الرُّجُوعُ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ كَمَانِعِي الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَشَرْعًا (قَطْعُ) مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ دَوَامَ (الْإِسْلَامِ) وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْحَشَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَأَغْلَظَهَا حُكْمًا وَإِنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ عِنْدَنَا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ لِآيَةِ الْبَقَرَةِ وَكَذَا آيَةُ الْمَائِدَةِ إذْ لَا يَكُونُ خَاسِرًا فِي الْآخِرَةِ إلَّا إنْ مَاتَ كَافِرًا فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ عِبَادَاتِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه تَجِبُ أَمَّا إحْبَاطُ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فَمَحَلُّ وِفَاقٍ وَظَنَّ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ هَذَا يُنَافِي عَدَمَ إحْبَاطِهَا لِلْعَمَلِ فَاعْتَرَضَ بِهِ وَلَيْسَ بِظَنٍّ إذْ إحْبَاطُ الْعَمَلِ الْمُوجِبُ لِلْإِعَادَةِ غَيْرُ إحْبَاطِ مُجَرَّدِ ثَوَابِهِ إذْ الصَّلَاةُ فِي الْمَغْصُوبِ لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَعَ صِحَّتِهَا وَزَعْمُ الْإِمَامِ عَدَمَ إحْبَاطِهَا لِلْعَمَلِ، وَإِنْ مَاتَ كَافِرًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ غَرِيبٌ بَلْ الصَّوَابُ إحْبَاطُهُ وَإِنْ فَعَلَ حَالَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ شَرْطَهُ مَوْتُ الْفَاعِلِ مُسْلِمًا وَإِلَّا صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِقَطْعِ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفَصْلِ وَالْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ يَكُونُ مُخْرِجًا بِاعْتِبَارٍ إذْ الْقَطْعُ الْأَعَمُّ يَشْمَلُ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ مُوَالَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ شَامِلٌ لَهُ وَمِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ لِلْإِسْلَامِ مُخْرِجٌ لَهُ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْغَزَالِيِّ

وَإِخْرَاجُ الرِّدَّةِ لَهُ إنَّمَا، هُوَ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَالْكَلَامُ قَبْلَهُ

ع ش (قَوْلُهُ: لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ وَزَعْمُ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: الرُّجُوعُ) أَيْ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ مَجَازًا لُغَوِيًّا وَقَوْله كَمَا كَمَانِعِي الزَّكَاةِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرْتَدُّوا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ بِتَأْوِيلٍ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) أَيْ بِفَرْضِ الْأُنْثَى ذَكَرًا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ وَقَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَتَدْخُلُ فِيهِ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهَا نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِهِ إلَيْهَا وَطَلَاقُ غَيْرِهَا بِوَكَالَتِهَا اهـ

(قَوْلُهُ: دَوَامَ الْإِسْلَامِ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ الْإِسْلَامَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَمَا مَعْنَى قَطْعِهِ وَأَيْضًا أَتَى بِهِ لِإِبْقَاءِ إعْرَابِ الْمَتْنِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ إنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) إلَى قَوْلِهِ وَزَعْمُ الْإِمَامِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا آيَةُ الْمَائِدَةِ إلَى فَلَا تَجِبُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّفْرِيعِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهِيَ أَفْحَشُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ إلَخْ) لَا يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ مُرْتَدٍّ أَقْبَحُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ وَأَضْرَابِهِمَا مِنْ الَّذِينَ عَانَدُوا الْحَقَّ وَآذَوْهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ بِأَنْوَاعِ الْأَذِيَّةِ وَصَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِيهِ وَعَذَّبُوا مَنْ أَسْلَمَ بِأَنْوَاعِ تَعْذِيبٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَبَائِحِ؛ لِأَنَّ أَقْبَحِيَّةَ نَوْعٍ مِنْ نَوْعٍ لَا تَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ لِلْأَوَّلِ أَقْبَحُ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ لِلثَّانِي كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَغْلَظُهَا حُكْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الرِّدَّةِ بُطْلَانَ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَلَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَا يَصِحُّ تَأْمِينُهُ وَلَا مُهَادَنَتُهُ بَلْ مَتَى لَمْ يَتُبْ حَالًا قُتِلَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ إعَادَةٌ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرِّدَّةِ) أَيْ الْوَاقِعَةِ قَبْلَ الرِّدَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا) أَيْ إحْبَاطَ الثَّوَابِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالتَّنَافِي (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْجُمْهُورِ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَفِيهَا ثَوَابٌ وَالْعِقَابُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّتِهَا) أَيْ وَإِسْقَاطِهَا الْقَضَاءَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَزَعْمُ الْإِمَامِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: غَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَ) أَيْ الْعَمَلَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ عَدَمَ الْعِقَابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ مَوْتُ الْفَاعِلِ) هَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْإِمَامِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ إذْ الْقَطْعُ إلَى وَلَا يَشْمَلُ الْحَدَّ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ) أَيْ بِقَطْعِ الْإِسْلَامِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ لِلْإِسْلَامِ إلَخْ فَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) أَيْ فَلَيْسَ رِدَّةً اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ يَكُونُ مُخْرِجًا بِاعْتِبَارٍ) وَذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَصْلِهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بَلْ وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَأُرِيدَ بِالْإِخْرَاجِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارٍ) وَمِنْهُ أَخْرَجَ بَعْضُ الْمَنَاطِقَةِ بِالْحَيَوَانِ فِي قَوْلِهِمْ الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ مُوَالَاةِ اللَّهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَطْعَ الْمُوَالَاةِ الَّذِي هُوَ إزَالَتُهَا بَعْدَ وُجُودِهَا غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ فِي الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُوَالَاةٌ ثُمَّ أُزِيلَتْ فَحَقِيقَةُ الْقَطْعِ بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِيهِ تَأَمَّلْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ الْإِخْرَاجِ بِحَيْثِيَّةِ الْإِضَافَةِ

(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ قَبْلَهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَاسْتَشْكَلَهُ سم بِمَا نَصُّهُ إنْ أَرَادَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْغَزَالِيَّ أَخْرَجَهَا مِنْ التَّعْرِيفِ أَوْ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَوْلَهُ وَالْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ

قَوْلُهُ: دَوَامَ الْإِسْلَامِ) قَدْ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ دَوَامَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ مَوْتُ الْفَاعِلِ) هَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَطْعِ الْإِسْلَامِ إزَالَةُ تَحَقُّقِهِ فَلَا يَشْمَلُ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ الَّذِي لَمْ يَتَحَقَّقْ قَبْلَهُ إسْلَامٌ قَطُّ فَإِنْ أُرِيدَ الْإِخْرَاجُ بِقَطْعِ فَالْإِخْرَاجُ بِهِ فَرْعُ الدُّخُولِ فِي غَيْرِهِ وَلَا دُخُولَ لِلْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ أَوْ بِقَيْدِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ فَلَيْسَ الْإِخْرَاجُ بِقَطْعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَزَالِيُّ تَسَمَّحَ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ وَكَانَ يَكْفِي فِي الْجَوَابِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ خُرُوجَ الْأَصْلِيِّ بِالْقَطْعِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ شُمُولِهِ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: قَطْعَ مُوَالَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) فِيهِ أَنَّ قَطْعَ الْمُوَالَاةِ الَّذِي هُوَ إزَالَتُهَا بَعْدَ وُجُودِهَا غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ فِي الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُوَالَاةٌ ثُمَّ أُزِيلَتْ فَحَقِيقَةُ الْقَطْعِ بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِيهِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ إلَخْ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ أَنَّهُ خَارِجٌ بِجُمْلَةِ تَعْرِيفِهَا لِعَدَمِ صِدْقِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ قَبْلَهُ فَشَيْءٌ غَرِيبٌ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ قَبْلَهُ) إنْ أَرَادَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْغَزَالِيَّ إنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ التَّعْرِيفِ أَوْ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَوْلَهُ وَالْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ فَأَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ إيضَاحٌ مَمْنُوعٌ وَأَمَّا ثَانِيًا فَسَلَّمْنَا لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَهِيَ حِينَئِذٍ إلَخْ مَمْنُوعٌ إذْ الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ الشَّيْءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ

ص: 80

وَهِيَ حِينَئِذٍ مَجْهُولَةٌ لَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ بِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَلَا يَشْمَلُ الْحَدُّ كُفْرَ الْمُنَافِقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إسْلَامٌ حَتَّى يَقْطَعَهُ وَإِلْحَاقُهُ بِالْمُرْتَدِّ فِي حُكْمِهِ لَا يَقْتَضِي إيرَادَهُ عَلَى الْمَتْنِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَالْمُنْتَقِلُ مَنْ كَفَرَ لِكُفْرٍ مَرَّ فِي كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ كَذَا قِيلَ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُجَابُ لِتَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ فَلَا يَرِدُ أَصْلًا وَوَصْفُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ بِالرِّدَّةِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يَرِدُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ثُمَّ قَطْعُ الْإِسْلَامِ إمَّا (بِنِيَّةٍ) لِكُفْرٍ وَيَصِحُّ عَدَمُ تَنْوِينِهِ بِتَقْدِيرِ إضَافَتِهِ لِمِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَنِصْفِ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ حَالًا أَوْ مَآلًا فَيَكْفُرُ بِهَا حَالًا كَمَا يَأْتِي

وَتَسْمِيَةُ الْعَزْمِ نِيَّةً بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهَا غَيْرُ بَعِيدٍ وَتَرَدُّدُهُ فِي قَطْعِهِ الْآتِي مُلْحَقٌ بِقَطْعِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (أَوْ قَوْلِ كُفْرٍ) عَنْ قَصْدٍ

خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ فَأَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ أَيْضًا مَمْنُوعٌ وَأَمَّا ثَانِيًا فَسَلَّمْنَا لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَهِيَ حِينَئِذٍ إلَخْ مَمْنُوعٌ إذْ الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ الشَّيْءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ تَعْرِيفِهِ وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ أَنَّ مَعْنَاهَا وَحَقِيقَتَهَا غَيْرُ صَادِقٍ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ غَيْرَ صَادِقٍ عَلَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الرِّدَّةُ حِينَئِذٍ أَيْ قَبْلَ تَعْرِيفِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلْحَاقُهُ) أَيْ الْمُنَافِقِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَتْنِ) أَيْ جَمْعِهِ

(قَوْلُهُ: وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ كُفْرٍ لِكُفْرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ ادِّعَاءُ أَنَّهُ بِتَسْلِيمِ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِهِ هُنَا عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَا فِي حُكْمِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَصْلًا وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا سُلِّمَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ لَا يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَا يَنْفَعُ فِي عَدَمِ جَامِعِيَّةِ التَّعْرِيفِ رَشِيدِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: مَرَّ فِي كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِ فِي بَابِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ إجَابَتُهُ لِتَبْلِيغِ مَأْمَنِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ هَذَا الْقِيلِ أَنَّ حُكْمَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ لَكِنْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُجُوبَ تَبْلِيغِهِ الْمَأْمَنَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْمَأْمَنَ إذَا ظَفَرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ وَإِنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا تَمْنَعُ مِنْ قَتْلِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ وَإِذَا أَكْرَهْنَاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَهُ بِحَقٍّ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُجَابُ) أَيْ الْمُنْتَقِلُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَإِنْ امْتَنَعَ أُمِرَ بِاللُّحُوقِ لِمَأْمَنِهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا فَعَلَ بِهِ الْإِمَامُ مَا يَرَاهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا قَتَلَهُ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَوَصْفُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَدِ الْمُرْتَدِّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَنْ عُلِّقَ بَيْنَ مُرْتَدَّيْنِ فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالْمُرْتَدِّ حُكْمًا اهـ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرِّدَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا فِيمَا يَعُمُّ الْحُكْمِيَّةَ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِكُفْرٍ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ شَرَطَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: حَالًا إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ الْعَزْمِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ مَآلًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَذِكْرُ النِّيَّةِ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لِيَدْخُلَ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ حَالًا لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا التَّعْبِيرِ بِالْعَزْمِ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ النِّيَّةَ قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ قَصَدَهُ وَتَرَاخَى عَنْهُ فَهُوَ عَزْمٌ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْعَزْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْعَزْمَ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ غَيْرُ بَعِيدٍ خَبَرُ وَتَسْمِيَةُ الْعَزْمِ

(قَوْلُهُ: وَتَرَدُّدُهُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ قَطَعَ الْإِسْلَامَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: الْآتِي) وَصْفٌ لِتَرَدُّدِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مُلْحَقٌ بِقَطْعِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِهِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ فِيمَا يَنْبَغِي اهـ سم

تَعْرِيفِهِ وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ أَنَّ مَعْنَاهَا وَحَقِيقَتَهَا غَيْرُ صَادِقٍ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ غَيْرَ صَادِقٍ عَلَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ مَعْنَى الْفَرَسِ خَارِجٌ عَنْ نَفْسِ مَعْنَى الْإِنْسَانِ سَوَاءٌ ذُكِرَ تَعْرِيفَ الْإِنْسَانِ أَوْ لَا أَلَا تَرَى أَنَّا لَوْ سَكَتْنَا عَنْ ذِكْرِ تَعْرِيفِ الْإِنْسَانِ لَمْ يَلْزَمْ جَهْلُنَا بِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّعْرِيفِ إنَّمَا هُوَ لِإِفَادَةِ الْغَيْرِ الْجَاهِلِ فَتَأَمَّلْ وَأَعْجَبُ مِنْ أَمْرِهِ بِتَأَمُّلِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إسْلَامٌ) فَلْيَخْرُجْ بِالْقَطْعِ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ

(قَوْلُهُ: وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ كُفْرٍ لِكُفْرٍ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُنْتَقِلُ الْمَذْكُورُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُرْتَدِّ حَقِيقَةً لَمْ يَنْدَفِعْ وُرُودُهُ عَلَيْهِ بِمُرُورِهِ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِيرَادِ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي تَعْرِيفِ الرِّدَّةِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُرْتَدِّ فَيَجِبُ دُخُولُهُ فِي التَّعْرِيفِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ دُخُولِهِ وَمُرُورُهُ فِي كَلَامِهِ لَا يَقْتَضِي دُخُولَهُ فِي التَّعْرِيفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَفْرَادِ الْمُرْتَدِّ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ التَّعْرِيفِ لَهُ وَعَدَمِ كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْمُعَرَّفِ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ دُخُولِهِ فِيهِ بَلْ يَجِبُ خُرُوجُهُ عَنْهُ فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِيعِ عَدَمِ وُرُودِهِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَرَّ فِي كَلَامِهِ وَمُشَارَكَتُهُ لِلْمُرْتَدِّ فِي حُكْمِهِ لَوْ سُلِّمَتْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الْإِيرَادِ أَوْ عَدَمِهِ لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَتَشَارَكُ الْمُخْتَلِفَاتُ فِي الْأَحْكَامِ أَوْ بَعْضِهَا وَإِذَا فَهِمْتَ ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا تَجَوُّزَ فِي هَذَا الْإِيرَادِ وَلَا فِي جَوَابِهِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ هَذَا الْقِيلِ أَمَّا حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَلَا بُدَّ مَا لَمْ يُسْلِمْ لَكِنْ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُجُوبَ تَبْلِيغِهِ الْمَأْمَنَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْمَأْمَنَ إذَا ظَفَرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ، وَإِنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا تَمْنَعُ مِنْ قَتْلِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ وَإِذَا أَكْرَهْنَاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَهُ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرِّدَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ: مُلْحَقٌ بِقَطْعِهِ)

ص: 81

وَرَوِيَّةٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي اسْتِهْزَاءً إلَخْ فَلَا أَثَرَ لِسَبْقِ لِسَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَاجْتِهَادٍ وَحِكَايَةِ كُفْرٍ لَكِنْ شَرَطَ الْغَزَالِيُّ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِي حِكَايَتِهِ مَصْلَحَةٌ جَازَتْ وَشَطْحِ وَلِيٍّ حَالَ غَيْبَتِهِ أَوْ تَأْوِيلِهِ بِمَا هُوَ مُصْطَلَحٌ عَلَيْهِ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ جَهِلَهُ غَيْرُهُمْ إذْ اللَّفْظُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ عِنْدَ أَهْلِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ بِمُخَالَفَتِهِ لِاصْطِلَاحِ غَيْرِهِمْ كَمَا حَقَّقَهُ أَئِمَّةُ الْكَلَامِ وَغَيْرُهُمْ وَمِنْ ثَمَّ زَلَّ كَثِيرُونَ فِي التَّهْوِيلِ عَلَى مُحَقِّقِي الصُّوفِيَّةِ بِمَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ بِاصْطِلَاحِهِمْ الْمُقَرَّرِ فِي كُتُبِهِمْ قَاصِدًا لَهُ مَعَ جَهْلِهِ بِهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي بَلْ يَتَعَيَّنُ وُجُوبُ مَنْعِهِ مِنْهُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِمَنْعِ غَيْرِ الْمُشْتَهَرِ بِالتَّصَوُّفِ الصَّادِقِ مِنْ التَّكَلُّمِ بِكَلِمَاتِهِمْ الْمُشْكِلَةِ إلَّا مَعَ نِسْبَتِهَا إلَيْهِمْ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِظَوَاهِرِهَا لَمْ يَبْعُدُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَفَاسِدَ لَا تَخْفَى

وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُعَزَّرُ وَلِيٌّ قَالَ أَنَا اللَّهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وِلَايَتَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَائِبًا فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَا يُعَزَّرُ كَمَا لَوْ أُوِّلَ بِمَقْبُولٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا فِي حَالِهِ فَيُعَزَّرُ فَطْمًا لَهُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ وَلَا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَقَوْلُ الْقُشَيْرِيِّ مِنْ شَرْطِ الْوَلِيِّ الْحِفْظُ كَمَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّبِيِّ الْعِصْمَةَ فَكُلُّ مَنْ لِلشَّرْعِ عَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ مَغْرُورٌ مُخَادِعٍ مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْهُ مُخَالِفٌ عَلَى النُّدْرَةِ بَادَرَ لِلتَّنَصُّلِ مِنْهُ فَوْرًا لَا أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُ شَيْءٍ مِنْهُ أَصْلًا (تَنْبِيهٌ)

قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ التَّصَوُّفِ وَالْعُلُومِ النَّقْلِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ لَوْ أَدْرَكْتُ أَرْبَابَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ لَلُمْتُهُمْ عَلَى تَدْوِينِهَا مَعَ اعْتِقَادِي لِحَقِّيَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَزِلَّةٌ لِلْعَوَامِّ وَالْأَغْبِيَاءِ الْمُدَّعِينَ لِلتَّصَوُّفِ انْتَهَى

وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي تَدْوِينِهَا كَخَشْيَةِ انْدِرَاسِ اصْطِلَاحِهِمْ وَتِلْكَ الْمَفَاسِدُ يَدْرَؤُهَا أَئِمَّةُ الشَّرْعِ فَلَا نَظَرَ إلَيْهَا. قِيلَ فِي الْمَتْنِ دَوْرٌ فَإِنَّ الرِّدَّةَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْكُفْرِ فَكَيْفَ تُعَرَّفُ بِأَنَّهَا قَوْلُ كُفْرٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفْرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا تَوْسِيطُهُ لِكُفْرٍ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ لِيُحْذَفَ مِمَّا بَعْدُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْلَى وَيُجَابُ

قَوْلُهُ: وَرَوِيَّةٍ) تَأَمَّلْ؛ فَإِنَّ الْقَصْدَ كَافٍ فِي حُصُولِ الرِّدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالرَّوِيَّةِ مُجَرَّدَ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِلْقَصْدِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ) إلَى قَوْلِهِ إذْ اللَّفْظُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَاجْتِهَادٍ وَقَوْلُهُ لَكِنْ شَرَطَ إلَى وَشَطْحِ وَلِيٍّ (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرِ نَحْوِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ رَشِيدِيٌّ وَسَمِّ وَعِ ش (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَحِكَايَةِ كُفْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَخَرَجَ أَيْضًا مَا إذَا حَكَى الشَّاهِدُ لَفْظَ الْكُفْرِ لَكِنَّ الْغَزَالِيَّ ذَكَرَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِكَايَتُهُ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقَعَ) أَيْ حِكَايَةُ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: وَشَطْحِ وَلِيًّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَبْقِ لِسَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْوِيلِهِ) عَطْفٌ عَلَى غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ الْمُخَالَفَةِ لِاصْطِلَاحِ غَيْرِهِمْ

(قَوْلُهُ: زَلَّ كَثِيرُونَ إلَخْ) وَجَرَى ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِغَيْرِهِ عَلَى كُفْرِ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ طَائِفَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الَّذِينَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الِاتِّحَادُ، وَهُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمُوهُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَلَكِنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ وَأَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ ظَاهِرَهُ مِنْ جَهَلَةِ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ صَارَ كَافِرًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ السِّيَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ التَّكَلُّمِ بِكَلِمَاتِهِمْ الْمُشْكِلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ: أَنَا اللَّهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ غَائِبًا وَلَا مُؤَوِّلًا بِمَقْبُولٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إلَخْ) أَقُولُ أَوْ عَلَى مَا إذَا عَلِمْنَا حُضُورَهُ وَتَأْوِيلَهُ وَالتَّعْزِيرُ لِلْفَطْمِ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ الْخَطِرِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسْتَفْصَلُ مِنْهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقُشَيْرِيِّ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُهُ: وَلَا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَغْرُورٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَهُوَ مَغْرُورٌ مُخَادِعٌ فَالْوَلِيُّ الَّذِي تَوَالَتْ أَفْعَالُهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُرَادُهُ) أَيْ الْقُشَيْرِيِّ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلتَّنَصُّلِ مِنْهُ) أَيْ التَّبَرُّؤِ مِنْهُ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَلُمْتُهُمْ) جَوَابُ لَوْ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَقُولُ الْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَمْيَلُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعِلْمِ يُتَصَوَّرُ بِالْإِلْقَاءِ إلَى الْمُتَأَهِّلِ لَهُ وَالتَّدْوِينِ، وَإِنْ كَانَ أَبْلَغَ فِي حِفْظِ الْعِلْمِ وَبَقَائِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا تُقَاوِمُ الْمَفَاسِدَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ مَعَ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَتِلْكَ إلَخْ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ قُصَارَى مَا يَتَأَتَّى مِنْ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ إظْهَارُ فَسَادِهَا لَا دَرْؤُهَا وَإِزَالَتُهَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا الَّذِي عُرِفَ فِيهِ الْمُنْكَرُ وَأُنْكِرَ الْمَعْرُوفُ وَاعْتَقَدَتْ الْعَامَّةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَسَقَةِ أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ مَوْصُوفٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ، وَأَنْ يَمْنَحَنَا سُلُوكَ أَقْوَمِ طَرِيقٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: كَخَشْيَةِ انْدِرَاسِ اصْطِلَاحِهِمْ) أَيْ وَمَعْرِفَةِ اصْطِلَاحِهِمْ بِمُطَالَعَتِهَا فَاجْتِنَابٌ عَنْ تَكْفِيرِ الْعَارِفِينَ فِي عَصْرٍ أَوْ قُطْرٍ خَالٍ ظَاهِرًا عَنْ التَّصَوُّفِ الصَّادِقِ وَدَفْعِ نِزَاعٍ بِهَا فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُهُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ بِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِكُفْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُصْطَلَحَاتِهِمْ وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مِنْهَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ مَيْلِ السَّيِّدِ عُمَرَ إلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ

(قَوْلُهُ: قِيلَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُجَابُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ عَكْسَهُ.

(قَوْلُهُ: الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) قَدْ يُقَالُ أَوْ الْمُطْلَقُ اهـ سم أَيْ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْوَاعِهِ وَأَفْرَادِهِ فِي التَّحَقُّقِ وَالْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ لَا فِي التَّصَوُّرِ وَالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِنِيَّةِ كُفْرٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) كَأَنَّ مُرَادَهُ تَأْخِيرُهُ اهـ سم أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِنِيَّةِ أَوْ قَوْلِ أَوْ فِعْلِ كُفْرٍ

أَيْ بِالنِّيَّةِ فِيمَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ) أَيْ لَا مُطْلَقًا كَمَا، هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ نَحْوِ كُفْرِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا فِي حَالِهِ) أَقُولُ أَوْ عَلَى مَا إذَا عَلِمْنَا حُضُورَهُ وَتَأْوِيلَهُ وَالتَّعْزِيرُ لِلْفَطْمِ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ الْخَطِرِ

(قَوْلُهُ: الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) قَدْ يُقَالُ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ مُرَادُهُ

ص: 82

بِمَنْعِ ذَلِكَ بَلْ لَهُ حِكْمَةٌ تَأْتِي قَرِيبًا عَلَى أَنَّ تَوْسِيطَهُ يُفِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ مُتَأَخِّرٌ وَلِمَا بَعْدَهُ مُتَقَدِّمٌ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ.

(تَنْبِيهٌ) يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْكُفْرِ تَعْلِيقُهُ وَلَوْ بِمُحَالٍ عَادِيٍّ وَكَذَا شَرْعِيٍّ أَوْ عَقْلِيٍّ عَلَى احْتِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنَافِي عَقْدَ التَّصْمِيمِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْإِسْلَامِ وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّ خَبَّابًا رضي الله عنه طَلَبَ مِنْ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا أُعْطِيك حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ لَا أَكْفُرُ بِهِ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلْكُفْرِ بِمُمْكِنٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُفْرٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَطْعًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ تَكْذِيبَ ذَلِكَ اللَّعِينِ فِي إنْكَارِهِ الْبَعْثَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: حَتَّى؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي بِمَعْنَى إلَّا الْمُنْقَطِعَةِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى لَكِنْ الَّتِي صَرَّحُوا بِأَنَّ مَا بَعْدَهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَعَلَيْهِ خَرَّجَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ حَدِيثَ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ» أَيْ لَكِنْ أَبَوَاهُ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ النَّحْوِيُّونَ هَذَا فِي أَقْسَامِ حَتَّى وَخَرَّجُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ حَتَّى إلَخْ انْتَهَى

وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ «لِأُسَامَةَ لَمَّا قَتَلَ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ظَانًّا أَنَّهُ إنَّمَا قَالَهَا تَقِيَّةً فَأَنَّبَهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَالَ تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا التَّمَنِّي يَقْتَضِي الْكُفْرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ظَاهِرَ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ حَتَّى يَكُونَ مَغْفُورًا لَهُ فَتَأَمَّلْ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهِمَا مُهِمٌّ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُوَضِّحُوهُ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لَا يُقَالُ مَفْهُومُ الْغَايَةِ أَنَّهُ يَكْفُرُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَكْفُرُ أَبَدًا كَمَا فِي {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان: 56] فِي أَنَّ ذِكْرَهُ لِلتَّأْكِيدِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بَعْدَ مَوْتِ نَفْسِهِ كَانَ غَلَطًا لِأَنَّهُ قَالَ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْعَاصِ ثُمَّ بَعْثِهِ فَلَيْسَ هَذَا بِمُحَالٍ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ قُلْت بَلْ هُوَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ خَبَّابًا بَعْدَ بَعْثِ الْعَاصِ يَكُونُ قَدْ مَاتَ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ بِمَا بَعْدَ مَوْتِ نَفْسِهِ قُلْتُ هَذَا لَا يُوجِبُ الِاسْتِحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عَقْلًا وَعَادَةً أَنَّ اللَّهَ يُمِيتُ الْعَاصِ ثُمَّ يَبْعَثُهُ لِوَقْتِهِ وَخَبَّابٌ حَيٌّ فَلَا اسْتِحَالَةَ بِوَجْهٍ فَالْحَقُّ مَا ذَكَرْتُهُ عَلَى أَنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمِثْلِ هَذَا الْمُحَالِ يَقْتَضِي الْكُفْرَ (أَوْ فِعْلٍ) لِكُفْرٍ وَسَيُفَصِّلُ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُقَدِّمًا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ مِنْ الْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ أَوْلَوِيَّةِ التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ) أَيْ لِلتَّوْسِيطِ (قَوْلُهُ: تَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ أَوْ فِعْلِ (قَوْلُهُ: يُفِيدُ ذَلِكَ) أَيْ مَا يُفِيدُهُ التَّقْدِيمُ أَوْ التَّأْخِيرُ (قَوْلُهُ: تَعْلِيقُهُ) أَيْ الْكُفْرَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّعْلِيقَ بِالْمُحَالِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنَافِي عَقْدَ التَّصْمِيمِ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا فِي الْمُحْتَمَلِ أَوْ أَعَمُّ اهـ سم أَقُولُ ظَاهِرُ صَنِيعِهِ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ عَدَمُ قَصْدِهِ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا بَعْدَهَا) أَيْ لَكِنْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حَتَّى بِمَعْنَى إلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ هِشَامٍ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ كَوْنُ حَتَّى بِمَعْنَى إلَّا إلَخْ وَقَوْلُهُ قَوْلُهُ: أَيْ قَوْلُ خَبَّابُ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ) أَيْ مَا وَقَعَ لِخَبَّابٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلُهُ: تَقِيَّةً) أَيْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ الْمُسْلِمُونَ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَأَنَّبَهُ) مِنْ التَّأْنِيبِ يُقَالُ أَنَّبَهُ تَأْنِيبًا إذَا لَامَهُ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ تَمَنِّي اسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ بَلْ إنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ أَيْ الْقَتْلَ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ قَوْلِ خَبَّابُ وَقَوْلِ أُسَامَةَ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوَضِّحُوهُ) أَيْ شُرَّاحُ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومُ الْغَايَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ خَبَّابُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) عِلَّةٌ لِنَفْيِ الْقَوْلِ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ الْكُفْرُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ ذِكْرَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ) أَيْ الْبَعْضُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَالَ إلَخْ أَيْ لِخَبَّابٍ رضي الله عنه (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ هَذَا بِمُحَالٍ) قَدْ يُقَالُ لَيْسَ مُرَادُ الْبَعْضِ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ بِذَلِكَ مَوْتُ الْعَاصِي ثُمَّ بَعْثُهُ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ إنْ صَحَّ بَلْ مُرَادُهُ الْكُفْرُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا لَا يُتَصَوَّرُ كُفْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَرِدَ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي أَوْرَدَهُ فَإِنْ قُلْتَ مِنْ أَيْنَ يَحْتَمِلُ الْكَلَامُ هَذِهِ الْعِنَايَةَ قُلْتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِبَعْثِ الْعَاصِي الْبَعْثُ الْمَشْهُورُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: قُلْتُ هَذَا لَا يُوجِبُ الِاسْتِحَالَةَ) أَقُولُ إذَا أَرَادَ خَبَّابُ بِبَعْثِ الْعَاصِي الْبَعْثَ الشَّرْعِيَّ الْمَشْهُورَ، وَهُوَ الْقِيَامُ مِنْ الْقَبْرِ لِلْعَرْضِ وَالْحِسَابِ أَوْجَبَ الِاسْتِحَالَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مَوْتَ خَبَّابُ فَيَكُونُ ذِكْرُ مَوْتِ الْعَاصِي وَبَعْثِهِ كِنَايَةً عَنْ مَوْتِ خَبَّابُ بَلْ مَوْتِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْتَلْزِمَانِهِ تَأَمَّلْ سم وَسَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: لِوَقْتِهِ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَخَبَّابٌ حَيٌّ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرْتُهُ)، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى إنَّك إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ فَالْحَقُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمْتَ) أَيْ فِي أَوَّلِ التَّنْبِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمِثْلِ هَذَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ الْأَقْسَامِ أَعْنِي الْعَادِيَّ وَالشَّرْعِيَّ وَالْعَقْلِيَّ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ إلَخْ) إنَّمَا يَرِدُ لَوْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ قَبْلَ صُدُورِ ذَلِكَ مِنْ خَبَّابُ وَإِثْبَاتُهُ أَعْسَرُ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ سم وَقَدْ لَا يُسَلِّمُ الْبَعْضُ مَا فِي هَذِهِ الْعِلَاوَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِكُفْرٍ) إلَى قَوْلِهِ مُحْتَجًّا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ قُلْتَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَسَيُفَصِّلُ

تَأْخِيرَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنَافِي عَقْدَ التَّصْمِيمِ) اُنْظُرْ هَذَا فِي الْمُحْتَمَلِ أَوْ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ هَذَا بِمُحَالٍ) قَدْ يُقَالُ مُرَادُ الْبَعْضِ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ بِذَلِكَ لَيْسَ مَوْتَ الْعَاصِ ثُمَّ بَعْثَهُ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ إنْ صَحَّ بَلْ مُرَادُهُ بِهِ الْكُفْرُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا لَا يُتَصَوَّرُ كُفْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي أَوْرَدَهُ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْعِلَاوَةُ الْآتِيَةُ، وَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ وَقَدْ لَا يُسَلِّمُ الْبَعْضُ مَا فِي تِلْكَ الْعِلَاوَةِ فَإِنْ قُلْتَ مِنْ أَيْنَ يَحْتَمِلُ الْكَلَامُ مَعْنَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا لَا يُتَصَوَّرُ كُفْرُهُ قُلْتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْثُ الْعَاصِ الْبَعْثَ الْمَشْهُورَ (قَوْلُهُ: قُلْتُ هَذَا لَا يُنَافِي الِاسْتِحَالَةَ إلَخْ) أَقُولُ إنْ أَرَادَ بِبَعْثِ الْعَاصِ الْبَعْثَ الشَّرْعِيَّ الْمَشْهُورَ، وَهُوَ الْقِيَامُ مِنْ الْقَبْرِ لِلْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَجَبَ الِاسْتِحَالَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مَوْتَ خَبَّابُ فَيَكُونُ ذِكْرُ مَوْتِ الْعَاصِ وَبَعْثِهِ كِنَايَةً عَنْ مَوْتِ خَبَّابُ بَلْ مَوْتِ

ص: 83

وَظَاهِرٌ يُشَاهَدُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ وَكَانَ هَذَا هُوَ حِكْمَةَ إضَافَتِهِ لِكُفْرٍ دُونَ الْآخَرِينَ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ الْقَوْلِ عَنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ فِيهِ فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ قَدَّمَ النِّيَّةَ فِيمَا مَرَّ قُلْتَ: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمُقَوِّمَةُ لِلْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَقَدَّمَهَا فِي الْإِجْمَالِ لِذَلِكَ وَالْقَوْلُ فِي التَّفْصِيلِ لِمَا مَرَّ فَهُوَ صَنِيعٌ حَسَنٌ (سَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْكُفْرَ (قَالَهُ اسْتِهْزَاءً) كَأَنْ قِيلَ لَهُ قَصُّ أَظْفَارِك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةً وَكَأَنْ قَالَ لَوْ جَاءَنِي النَّبِيُّ مَا قَبِلْتُهُ مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ عَنْ فِعْلِهِ أَوْ يُطْلِقْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مُحْتَجًّا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَلْ شَفَاعَتَهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ فِي شَيْءٍ كَمَا وَقَعَ لِبَرِيرَةَ رضي الله عنها لَمْ يَكْفُرُ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا حُجَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ عَدَمِ قَبُولِ الشَّفَاعَةِ مُجَرَّدًا عَمَّا يُشْعِرُ بِاسْتِخْفَافٍ وَقَوْلِهِ لَوْ إلَخْ فَإِنَّ فِي هَذَا مِنْ الْإِشْعَارِ بِالِاسْتِهْتَارِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ الْكُفْرُ فَإِنْ قُلْتَ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَيْسَ مِنْ التَّنْقِيصِ قَوْلُ مَنْ سُئِلَ فِي شَيْءٍ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ مَا فَعَلْتُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِهِ عِنْدَهُ قُلْتُ لَا يُؤَيِّدُهُ لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ مَا فَعَلْتُهُ لَا يُشْعِرُ بِاسْتِخْفَافٍ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا قَبِلْتُهُ فَتَأَمَّلْهُ وَأَفْتَى الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ اصْبِرْ عَلَيَّ بِدَيْنِكَ فَقَالَ لَوْ جَاءَنِي رَبِّي مَا صَبَرْتُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْكُفْرِ وَكَأَنَّ مَادَّةَ هَذَا كَمَا ذُكِرَ عَنْ السُّبْكِيّ حِكَايَةُ الرَّافِعِيِّ فِيمَنْ أَمَرَ آخَرَ بِتَنْظِيفِ بَيْتِهِ فَقَالَ لَهُ نَظِّفْ بَيْتَنَا مِثْلَ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1]

إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ نَفَى إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ يُشَاهَدُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِ الْقَوْلِ يُشَاهَدُ اهـ رَشِيدِيٌّ (أَقُولُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدْرَكُ بِحِسِّ السَّمْعِ بِخِلَافِ النِّيَّةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُدْرَكُ بِالْوِجْدَانِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّيَّةِ) هَلَّا زَادَ وَالْفِعْلُ أَيْ فَإِنَّ الْفِعْلَ، وَإِنْ كَانَ يُشَاهَدُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ أَغْلَبَ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ يَقْتَضِي مَا ذَكَرْتُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَيُغْنِي عَنْ زِيَادَتِهِ قَوْلُهُ: السَّابِقُ مِنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ هَذَا) أَيْ مَزِيَّةُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ بِالْأَغْلَبِيَّةِ وَعَلَى النِّيَّةِ بِالْمُشَاهَدَةِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ مِنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ) أَيْ إلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَالْعِنَادِ وَالِاعْتِقَادِ الْمُقَوِّمَةِ أَيْ الْمُحَصِّلَةِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ وَقُدِّمَ الْقَوْلُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ) أَيْ بِالِارْتِدَادِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةً) أَيْ وَقَصَدَ الِاسْتِهْزَاءَ بِذَلِكَ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ مُغْنِي وَيُعْلَمُ بِهَذَا أَنْ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي كَالنِّهَايَةِ مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمِثَالَيْنِ وَيَنْدَفِعُ قَوْلُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: كَأَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ إلَخْ صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ اسْتِهْزَاءٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اسْتِهْزَاءً فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ قَالَ إلَخْ) وَكَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَكَلَ لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَةَ» فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بِأَدَبٍ أَوْ قَالَ لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَوْ جَعَلَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ هُنَا لَمْ أُصَلِّ إلَيْهَا وَلَوْ اتَّخَذَ اللَّهُ فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ أَوْ شَهِدَ عِنْدِي نَبِيٌّ بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ أَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا أَوْ لَا أَدْرِي النَّبِيُّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ أَوْ قَالَ إنَّهُ جُنَّ أَوْ صَغَّرَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ احْتِقَارًا أَوْ صَغَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ احْتِقَارًا أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوْقَلَ لَا حَوْلَ لَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ أَوْ لَوْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيَّ الصَّلَاةَ مَعَ مَرَضِي هَذَا لَظَلَمَنِي أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَقَالَ الظَّالِمُ أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ أَوْ سَمَّى اللَّهَ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ زِنًا اسْتِخْفَافًا بِاسْمِهِ تَعَالَى أَوْ قَالَ لَا أَخَافُ الْقِيَامَةَ وَقَالَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَذَّبَ الْمُؤَذِّنَ فِي أَذَانِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ تَكْذِبُ أَوْ قَالَ قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ قَالَ لِمَنْ قَالَ أَوْدَعْتُ اللَّهَ مَالِي أَوْدَعْتَهُ مَنْ لَا يَتَّبِعَ السَّارِقَ إذَا سَرَقَ وَقَالَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ قَالَ تَوَفَّنِي إنْ شِئْتَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ أَوْ قَالَ أَخَذْتَ مَالِي وَوَلَدِي فَمَاذَا تَصْنَعُ أَيْضًا أَوْ مَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ مُسْلِمٌ لَيْتَنِي كُنْتُ كَافِرًا فَأُسْلِمَ فَأُعْطَى مَالًا أَوْ قَالَ مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ مَثَلًا الْيَهُودُ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ يُنْصِفُونَ مُعَلِّمِي صِبْيَانَهُمْ مُغْنِي وَأَسْنَى مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ إلَخْ) أَيْ فَلَا كُفْرَ حِينَئِذٍ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: عَنْ فِعْلِهِ) أَيْ وَقَبُولُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ) وَأَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّنْقِيصِ نِهَايَةٌ وَسَمِّ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا وَقَعَ) أَيْ عَدَمُ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِي هَذَا مِنْ الْإِشْعَارِ إلَخْ) مَمْنُوعٌ بَلْ فِيهِ الْإِشْعَارُ بِأَنَّهُ أَعْظَمُ عَظِيمٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِالِاسْتِهْتَارِ) أَيْ الِاسْتِخْفَافِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ) أَيْ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: لَوْ جَاءَنِي إلَخْ) مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَعْظِيمِهِ إلَخْ) أَيْ عَظَمَةِ جِبْرِيلَ أَوْ النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: قُلْتُ لَا يُؤَيِّدُهُ لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) أَطَالَ سم فِي رَدِّهِ وَإِثْبَاتِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ) بِشَدِّ النُّونِ وَقَوْلُهُ مَادَّةَ هَذَا أَيْ أَصْلَ هَذَا الْإِفْتَاءِ وَمَأْخَذَهُ (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ الْآخَرُ لَهُ أَيْ لِلْآمِرِ (قَوْلُهُ:

الْخَلْقِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْتَلْزِمَانِهِ تَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: وَكَانَ هَذَا هُوَ حِكْمَةَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْإِشْعَارِ إلَخْ) مَمْنُوعٌ بَلْ فِيهِ الْإِشْعَارُ بِأَنَّهُ فَطْمٌ عَظِيمٌ (قَوْلُهُ: لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ مَا فَعَلْتُهُ لَا يُشْعِرُ بِاسْتِخْفَافٍ أَصْلًا إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ مَا فَعَلْتُهُ إنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ عَنْ الْفِعْلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إنَّمَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ الْمَذْكُورَةَ إنْ أَرَادَ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ آمِرًا بِهَذَا الْفِعْلِ أَوْ طَالِبًا لَهُ مَا فَعَلْتُهُ إذْ لَوْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا غَيْرَ آمِرٍ بِهِ وَلَا طَالِبٍ لَهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُبَالَغَةٌ مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَوْ جَاءَنِي النَّبِيُّ مَا قَبِلْتُهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَوْ جَاءَنِي النَّبِيُّ أَيْ طَالِبًا لِهَذَا الْفِعْلِ مَا فَعَلْتُهُ فَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْفَرْقِ وَوَصْفِهِ بِالظُّهُورِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَمِمَّا يُعِينُ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ جَاءَنِي النَّبِيُّ آمِرًا أَوْ طَالِبًا قَوْلُ السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِهِ عِنْدَهُ إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ

ص: 84

أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيهِ الْمَقْصُودَةِ لِلْبُلَغَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْرِ الْمُشَبَّهِ دُونَ احْتِقَارِ الْمُشَبَّهِ بِهِ أَنَّهُ يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا أَنَّ الْعَالِمَ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ حَقَائِقَ التَّشْبِيهِ الْمَانِعَةَ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ تَمْنَعُ قَصْدَ تَحْقِيقِ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْهُ تَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ تَهَوُّرٍ وَاسْتِخْفَافٍ وَلَمْ يُرَجِّحْ الرَّافِعِيِّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ وَرَجَّحَ غَيْرُهُ عَدَمَ التَّكْفِيرِ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْجَلَالِ (أَوْ عِنَادًا) بِأَنْ عَرَفَ بِبَاطِنِهِ أَنَّهُ الْحَقُّ وَأَبَى أَنْ يُقِرَّ بِهِ (أَوْ اعْتِقَادًا) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَأْتِي فِي النِّيَّةِ أَيْضًا كَالْفِعْلِ الْآتِي وَحَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ وَالْعَطْفُ بِأَوْ لُغَةٌ وَالْأَفْصَحُ ذِكْرُهَا وَالْعَطْفُ بِأَمْ وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ إضْمَارَ التَّوْرِيَةِ أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا يُفِيدُ فَيَكْفُرُ بَاطِنًا أَيْضًا لِحُصُولِ التَّهَاوُنِ مِنْهُ وَبِهِ فَارَقَ قَبُولُهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ بَاطِنًا

. (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) أَخَذُوهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ النُّطْقِيِّ بِهِ إنْ سُلِّمَ وَإِلَّا فَمِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] لَكِنْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ وُرُودَ الْفِعْلِ كَافٍ أَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ أَوْ الْغَزَالِيِّ كَمَا أَشَرْتُ إلَيْهِمَا أَوَّلَ الْكِتَابِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إنَّ اللَّهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ» وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا قَدَّمْتُهُ ثَمَّ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِدُ عَلَى جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ نَحْو {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64]{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وَمَا فِي الْحَدِيثِ

أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حِكَايَةُ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ وَقَوْلُهُ الْمَقْصُودَةِ صِفَةٌ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَكْفُرُ، هُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَنَّ الْعَالِمَ لَا يَكْفُرُ إلَخْ، هُوَ الثَّالِثُ اهـ سم

(قَوْلُهُ: بِأَنْ عَرَفَ) إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمَنْ نَفَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَالْفِعْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَحَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ) أَيْ مِنْ قَالَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لُغَةٌ) فِيهِ تَوْجِيهٌ آخَرُ عَنْ السِّيرَافِيِّ وَغَيْرِهِ تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ مُعَامَلَاتِ الْعَبْدِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا) أَيْ كَأَنْ قَالَ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) صَرِيحُ السَّابِقِ فَرْضُ هَذَا فِيمَا لَا يُحْتَمَلُ فَفِي الْمُحْتَمَلِ أَوْلَى اهـ سم عِبَارَةُ ع ش ظَاهِرُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ اهـ

(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) اُنْظُرْ الصُّورَةَ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التَّوْرِيَةَ فِيهَا فِي الطَّلَاقِ ظَاهِرًا وَتَقْبَلُ فِيهَا بَاطِنًا اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) أَيْ أَنْكَرَهُ وَهُمْ الدَّهْرِيَّةُ الزَّاعِمُونَ أَنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا كَذَلِكَ بِلَا صَانِعٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ)(فَرْعٌ)

الْوَجْهُ فِيمَنْ قَالَ عَلِمَ اللَّهُ كَذَا مَثَلًا كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ إذْ غَايَتُهُ الْكَذِبُ، وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ كُفْرًا فَإِنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ أَوْ اعْتَقَدَ عَدَمَ مُطَابَقَةِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْوَاقِعِ بَلْ أَوْ جَوَّزَ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْكُفْرِ وَالْوَجْهُ أَيْضًا فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَّا لِلْخَوْفِ مِنْ الْعَذَابِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْلَا الْخَوْفُ مَا صَلَّى عَدَمُ إطْلَاقِ كُفْرِهِ بَلْ إنْ اعْتَقَدَ مَعَ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ تَعَالَى لِلْعِبَادَةِ فَلَا كُفْرَ وَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وَاحِدًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ بِمَعْنَى الْغَفْلَةِ عَنْهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْكُفْرِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَخَذُوهُ) أَيْ إطْلَاقُ الصَّانِعِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إنْ سُلِّمَ) أَيْ وُجُودُ الْإِجْمَاعِ النُّطْقِيِّ (قَوْلُهُ: فَمِنْ قَوْله تَعَالَى) إلَى قَوْلِهِ وَيَأْتِي آخَرَ الْعَقِيقَةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَذْهَبِ إلَى أَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ وَقَوْلَهُ كَمَا أَشَرْتُ إلَيْهِمَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَقَوْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى إلَخْ) مَنْ هُوَ فَلْيُرَاجَعْ عِبَارَةُ الْجَلَالِ الدَّوَانِيّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ ذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْكَرَّامِيَّةُ إلَى أَنَّهُ إنْ دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِهِ جَازَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَرَدَ بِذَلِكَ الْإِطْلَاقِ إذْنُ الشَّرْعِ أَوْ لَمْ يَرِدْ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى مَعْنًى ثَابِتٍ لِلَّهِ تَعَالَى جَازَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ تَعَالَى بِلَا تَوْقِيفٍ إذَا لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهُ مُوهِمًا بِمَا لَا يَلِيقُ بِكِبْرِيَائِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا بُدَّ مَعَ نَفْيِ ذَلِكَ الْإِيهَامِ مِنْ الْإِشْعَارِ بِالتَّعْظِيمِ وَذَهَبَ الشَّيْخُ الْأَشْعَرِيُّ وَمُتَابَعُوهُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْقِيفِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَذَهَبَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ إلَى جَوَازِ إطْلَاقِ مَا عُلِمَ اتِّصَافُهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْصِيفِ دُونَ التَّسْمِيَةِ اهـ.

بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ تَعَالَى مَا لَا يُشْعِرُ بِنَقْصٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْغَزَالِيِّ أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ الصِّفَاتِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ تَرِدْ وَهَذَا حِكْمَةُ الْعَطْفِ بِأَوْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ

التَّعْلِيقَ عَلَى مَجِيئِهِ مُجَرَّدًا عَنْ الْأَمْرِ وَالطَّلَبِ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّعْظِيمِ كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَلِيقُ فِعْلُهُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ بِالْأَدَبِ مَعَهُ وَأَرَادَ لَوْ جَاءَ مَا فَعَلْتُهُ مُرَاعَاةً لِلْأَدَبِ مَعَهُ لَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُرَادٍ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ قَطْعًا فَتَأَمَّلْ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: فَتَأَمَّلْهُ تَحْرِيضًا عَلَى الِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْفَرْقِ وَاسْتِفَادَتِهِ سم

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حِكَايَةُ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ وَقَوْلُهُ الْمَقْصُودَةِ صِفَةٌ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَكْفُرُ)، هُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَالِمَ لَا يَكْفُرُ) ، هُوَ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ: لُغَةٌ) فِيهِ تَوْجِيهٌ آخَرُ عَنْ السِّيرَافِيِّ وَغَيْرِهِ تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ مُعَامَلَاتِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: قَبُولُهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) صَرِيحُ السِّيَاقِ فَرْضُ هَذَا فِيمَا لَا يُحْتَمَلُ فَفِي الْمُحْتَمَلِ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ إلَخْ) فَرْعٌ

الْوَجْهُ فِيمَنْ قَالَ عَلِمَ اللَّهَ كَذَا مَثَلًا كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ إذْ غَايَتُهُ الْكَذِبُ، وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ كُفْرًا فَإِنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ أَوْ اعْتَقَدَ عَدَمَ مُطَابَقَةِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْوَاقِعِ بَلْ أَوْ جَوَّزَ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْكُفْرِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِلِاسْتِخْفَافِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ فِيهِ نِسْبَةَ الْجَهْلِ إلَيْهِ تَعَالَى عَنْهُ عُلُوًّا كَبِيرًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ الْجَوَاهِرِ الْكُفْرَ وَالْوَجْهُ أَيْضًا فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَّا لِلْخَوْفِ مِنْ الْعَذَابِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْلَا الْخَوْفُ مَا صَلَّى عَدَمُ إطْلَاقِ كُفْرِهِ بَلْ إنْ اعْتَقَدَ مَعَ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ تَعَالَى الْعِبَادَةَ فَلَا كُفْرَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَوْلَا الْخَوْفُ عَصَى وَمُجَرَّدُ الْعِصْيَانِ وَقَصْدِهِ لَيْسَ كُفْرًا وَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وَاحِدًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ بِمَعْنَى الْغَفْلَةِ -

ص: 85

مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ فِي الصَّانِعِ بِأَلْ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ» لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ أَنَّ الصَّاحِبَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَكَذَا هُوَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّانِعَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَتَأَمَّلْهُ

وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعُ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» وَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُقَيَّدِ نَعَمْ صَحَّ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ «اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ فَاتِحٌ لَكُمْ وَصَانِعٌ» ، وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ وَيَأْتِي آخِرَ الْعَقِيقَةِ أَنَّ الْوَاهِبَ تَوْفِيقِيٌّ بِمَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ أَوْ اعْتَقَدَ حُدُوثَهُ أَوْ قِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ نَفَى مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْقَدِيمِ إجْمَاعًا كَأَصْلِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْجُزَيْئَاتِ أَوْ أَثْبَتَ لَهُ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ إجْمَاعًا كَاللَّوْنِ أَوْ الِاتِّصَالِ بِالْعَالَمِ أَوْ الِانْفِصَالِ عَنْهُ فَمُدَّعِي الْجِسْمِيَّةِ أَوْ الْجِهَةِ إنْ زَعَمَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ هُنَا لَا يَكُونُ إلَّا ضَرُورِيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِ هُنَا أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ الْجَارِيَةِ يُغْتَفَرُ نَحْوُ التَّجْسِيمِ وَالْجِهَةِ فِي حَقِّ الْعَوَامّ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ اعْتِقَادِ التَّنْزِيهِ وَالْكَمَالِ الْمُطْلَقِ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَوْكَبَ فَاعِلٌ وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ وَيُجَابُ

قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورِ عَلَى جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ فِي الصَّانِعِ بِأَلْ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِذِكْرِ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي إذْ لَا فَرْقَ إلَخْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ وَمَا هُنَا فِي الْمُقَيَّدِ وَالْمُطْلَقِ فَلَا مُنَافَاةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخَبَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُضَافِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كُلِّ نَجْوَى) أَيْ كَلَامٍ خَفِيٍّ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: لِيَعْزِمْ) أَيْ يُصَمِّمْ الدَّاعِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ الْمُضَافِ) أَيْ إنْ لَمْ يُنَوَّنْ صَانِعٌ أَوْ الْمُقَيَّدِ أَيْ إنْ نُوِّنَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ إلَخْ) وَلَكِنْ مَنْعَهُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُقَيَّدِ حُذِفَ قَيْدُهُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي إطْلَاقِ الصَّانِعِ عَلَيْهِ تَعَالَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُنَكَّرِ وَعَكْسَهُ لَا يُغَيِّرُ مَعْنَاهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي) إلَى قَوْلِهِ أَوْ اعْتَقَدَ لَمْ يَظْهَرْ لِي فَائِدَةُ ذِكْرِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَقَدَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ نَفَى الصَّانِعَ (قَوْلُهُ: أَوْ قِدَمَ الْعَالَمِ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِالْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ جَمِيعًا (قَوْلُهُ: فَمُدَّعِي الْجِسْمِيَّةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجِسْمِيَّةَ غَيْرُ مَنْفِيَّةٍ عَنْهُ تَعَالَى بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَّا لَكَانَ يَلْزَمُ الْكُفْرُ، وَإِنْ لَمْ يَزْعُمْ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ، وَأَنَّ مُجَرَّدَ إثْبَاتِ الْجِسْمِيَّةِ فِي نَفْسِهَا لَيْسَ مَحْذُورًا وَقَدْ يُوَجَّهُ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ اهـ سم (قَوْلُهُ: إنْ زَعَمَ وَاحِدًا إلَخْ) أَيْ اعْتَقَدَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا بَيِّنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ اللَّازِمَ، وَإِنْ كَانَ بَيِّنًا لَيْسَ بِمَذْهَبٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ بِمُجَرَّدِ لُزُومِهِ فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَهُوَ مَذْهَبُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ اللَّائِقُ بِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ أَوْ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: هُنَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجْمَاعِ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْقَدِيمِ إجْمَاعًا ثُمَّ قَوْلِهِ: مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ إجْمَاعًا كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ) أَيْ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْمُجْمَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَدَمُ مُطَابَقَةِ هَذَا التَّوْجِيهِ لِلْمُوَجَّهِ فَإِنَّ الْمُوَجَّهَ عَمَّمَهُ إلَى عَدَمِ الْعِلْمِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالتَّوْجِيهُ حَصَرَهُ فِي الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ إلَخْ) هَلْ يُقَيَّدُ بِهِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَأَحَدَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ إلَخْ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ لَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ صِفَاتِ الْأَدَاءِ، وَإِنْ أُجْمِعَ عَلَيْهَا لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْعِلْمِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَالتَّقْيِيدِ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ التَّقْيِيدِ هُنَا بِالْعِلْمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: يُغْتَفَرُ نَحْوُ التَّجْسِيمِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ زَعَمُوا مَعَهُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمْ إلَخْ) لَعَلَّهُ مِنْ مَقُولِ الْقِيلِ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ اعْتِقَادِهِمْ نَحْوَ الْجِسْمِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَقَدَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ نَفَى الصَّانِعَ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ -

عَنْهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْكُفْرِ

(قَوْلُهُ: فَمُدَّعِي الْجِسْمِيَّةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجِسْمِيَّةَ غَيْرُ مَنْفِيَّةٍ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَّا لَكَانَ يَلْزَمُ الْكُفْرُ، وَإِنْ لَمْ يَزْعُمْ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنَّ مُجَرَّدَ إثْبَاتِ الْجِسْمِيَّةِ فِي نَفْسِهَا لَيْسَ مَحْذُورًا وَقَدْ يُوَجَّهُ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ فَلَا يَلْزَمُ اعْتِقَادُ اللَّوَازِمِ الْمَحْذُورَةِ لِلْأَجْسَامِ الْمَعْرُوفَةِ

(قَوْلُهُ: إنْ زَعَمَ وَاحِدًا) بِأَنْ اعْتَقَدَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا بَيِّنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ اللَّازِمَ، وَإِنْ كَانَ بَيِّنًا وَقَدْ صَحَّحُوا عَدَمَ كُفْرِ الْقَائِلِ بِالْجِهَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إنَّ لُزُومَ الْجِسْمِيَّةِ لَهَا لُزُومٌ بَيِّنٌ وَفِي التَّقْيِيدِ بِهَذَا شَيْءٌ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ بِمُجَرَّدِ لُزُومِهِ فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَهُوَ مَذْهَبٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ اللَّائِقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجْمَاعِ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْقَدِيمِ إجْمَاعًا ثُمَّ قَوْلِهِ: مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ إجْمَاعًا كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَدَمُ مُطَابَقَةِ هَذَا التَّوْجِيهِ لِلْمُوَجَّهِ فَإِنَّ الْمُوَجَّهَ عَمَّمَهُ إلَى عَدَمِ الْعِلْمِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالتَّوْجِيهُ حَصَرَهُ فِي الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ سم

(قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ) هَلْ يُقَيَّدُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ أَحَدِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ إلَخْ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ لَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ، لَا يَخْفَى أَنَّ صِفَاتِ الْأَدَاءِ، وَإِنْ أُجْمِعَ عَلَيْهَا لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ خَلْقَ الْفِعْلِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ بِقُدْرَةِ خَلْقِ اللَّهِ حَتَّى لَوْ اعْتَقَدَ لِلْكَوْكَبِ مِثْلَ ذَلِكَ أَعْنِي أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِيهِ

ص: 86

بِأَنَّ ذَا الْكَوْكَبِ يَعْتَقِدُ فِيهِ نَوْعًا مِنْ التَّأْثِيرِ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ لِلْإِلَهِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُعْتَزِلِيُّ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ فِعْلَ الْعَبْدِ وَاسِطَةً يُنْسَبُ إلَيْهَا الْمَفْعُولُ تَنْزِيهًا لَهُ تَعَالَى عَنْ نِسْبَةِ الْقُبْحِ إلَيْهِ

(أَوْ) نَفَى (الرُّسُلَ) أَوْ أَحَدَهُمْ أَوْ أَحَدَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ أَوْ صِفَةً مِنْ وُجُوهِ الْأَدَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ مُجْمَعًا عَلَى نَفْيِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَبِيًّا أَوْ نَقَصَهُ بِأَيِّ مُنْقِصٍ كَأَنْ صَغَّرَ اسْمَهُ مُرِيدًا تَحْقِيرَهُ أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ أَحَدٍ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا وَعِيسَى نَبِيٌّ قَبْلُ فَلَا يَرِدُ وَمِنْهُ تَمَّنِي النُّبُوَّةِ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم كَتَمَنِّي كُفْرِ مُسْلِمٍ بِقَصْدِ الرِّضَا بِهِ لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ وَمِنْهُ أَيْضًا لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا آمَنْتُ أَوْ مَا آمَنْتُ بِهِ إنْ جَوَّزَ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ وَخَرَجَ بِكَذَّبَهُ كَذِبُهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ إنَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم كُفْرٌ بَالَغَ وَلَدُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي تَزْيِيفِهِ، وَأَنَّهُ زَلَّةٌ (أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ) وَعُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ (كَالزِّنَا) وَاللِّوَاطِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْمَكْسِ وَسَبَبُ التَّكْفِيرِ بِهَذَا كَالْآتِي سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ نَصٌّ وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ أَنَّ إنْكَارَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم (وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِنْ كُرِهَ كَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) مَعْلُومًا كَذَلِكَ كَسَجْدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَوْجَبَ مُجْمَعًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ مَعْلُومًا كَذَلِكَ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ أَوْ نَفَى مَشْرُوعِيَّةَ مُجْمَعٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ مَعْلُومٍ كَذَلِكَ كَالرَّوَاتِبِ وَكَالْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لِلْغَيْرِ

إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ خَلْقَ الْفِعْلِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ بِقُدْرَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ حَتَّى لَوْ اعْتَقَدَ لِلْكَوْكَبِ مِثْلَ ذَلِكَ أَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِيهِ مَنْشَأَ التَّأْثِيرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفُرَ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِأَنَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِأَنَّ صَاحِبَ الْكَوَاكِبِ اعْتَقَدَ فِيهَا مَا يَعْتَقِدُ فِي الْإِلَهِ مِنْ أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا الْعَبْدُ يَخْلُقُ أَفْعَالَ نَفْسِهِ فَقَطْ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ نَفَى الرُّسُلَ) بِأَنْ قَالَ لَمْ يُرْسِلْهُمْ اللَّهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدَهُمْ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ صِفَةً إلَى أَوْ زَادَ (قَوْلُهُ: كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدِ وَفِيهِ رَمْزٌ إلَى أَنَّ سُقُوطَهُمَا مِنْ مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى قُرْآنِيَّتِهِمَا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ مِنْهُ حَرْفًا إلَخْ) أَيْ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَيُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ: أَوْ جَحَدَ حَرْفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَبِيًّا) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ آمَنْتُ وَقَوْلَهُ إنْ جَوَّزَ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَوْ سَبَّهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ أَوْ بِاسْمِهِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُرِيدًا تَحْقِيرَهُ) قَيْدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ جَوَّزَ إلَخْ) أَوْ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَسْوَدَ أَوْ أَمْرَدَ أَوْ غَيْرَ قُرَشِيٍّ أَوْ قَالَ النُّبُوَّةُ مُكْتَسَبَةٌ أَوْ تُنَالُ رُتَبُهَا بِصَفَاءِ الْقُلُوبِ أَوْ أُوحِيَ إلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ أَوْ قَالَ إنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَأَكَلْتُ مِنْ ثِمَارِهَا وَعَانَقْتُ حَوَرَهَا رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَعِيسَى نَبِيٌّ قَبْلُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ) أَيْ عِيسَى عَلَى قَوْلِهِ أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّجْوِيزِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: تَمَنِّي النُّبُوَّةِ إلَخْ) أَيْ أَوْ ادِّعَاؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَتَمَنِّي كُفْرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الرِّدَّةِ لَا فِي الرِّدَّةِ بِالتَّجْوِيزِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ ظَلَمَهُ مَثَلًا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَيْضًا) أَيْ مِنْ التَّجْوِيزِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: إنْ جَوَّزَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي نَفْيِ النُّبُوَّةِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِانْتِفَائِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَذَّبَهُ كَذِبُهُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا بَلْ كَبِيرَةً فَقَطْ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ تَحْرِيمُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ كُرِهَ وَقَوْلَهُ وَمَا لِمُنْكِرِهِ إلَى وَبَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ كُرِهَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ) وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْجَهْلِ بِهِ أَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ حَقِيقَةً فَهُوَ مَعْذُورٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَاللِّوَاطِ) أَيْ وَالظُّلْمِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَالْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَكْسُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي التَّكْفِيرِ بِهِمَا (قَوْلُهُ: أَنَّ إنْكَارَ إلَخْ) خَبَرُ وَسَبَبُ التَّكْفِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ عُلِمَ حِلُّهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَعْلُومًا كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْخَمْسِ) أَيْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُخَالِفُهُ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي وَالسَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْخَوَاصُّ إلَخْ) يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: السَّابِقُ أَوْ صِفَةً مِنْ وُجُوهِ الْأَدَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْوُجُوهِ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي وُجُوهٍ يَعْرِفُهَا غَيْرُ الْخَوَاصِّ أَيْضًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ فَلَا يَكْفُرُ مُنْكِرُهَا لِلْعُذْرِ بَلْ يُعَرَّفُ الصَّوَابَ لِيَعْتَقِدَهُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْرِفُهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ إذَا جَحَدَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ

مَنْشَأَ التَّأْثِيرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفُرَ

(قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ إلَخْ) يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: السَّابِقُ أَوْ صِفَةً مِنْ وُجُوهِ الْأَدَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْوُجُوهَ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي وُجُوهٍ يَعْرِفُهَا غَيْرُ الْخَوَاصِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ) إنْ شَمَلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ مَا لَوْ كَانَ الْجَاحِدُ مِنْ الْخَوَاصِّ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ مُشْكِلٌ، وَإِنْ حَصَرَ بِمَا إذَا كَانَ الْجَاحِدُ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ

ص: 87

وَمَا لِمُنْكِرِهِ أَوْ مُثْبِتِهِ تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَطْعِيِّ الْبُطْلَانِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ وَنُوزِعُ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُهْرَتِهِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ ضَرُورِيَّتِهِ إذْ الْمُرَادُ بِالضَّرُورِيِّ مَا يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ.

(تَنْبِيهٌ أَوَّلُ)

مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِنَا أَوْ لِمُثْبِتِهِ إلَخْ إيمَانُ فِرْعَوْنَ الَّذِي زَعَمَهُ قَوْمٌ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى عَدَمِهِ بَلْ ظَاهِرُ الْآيَةِ وُجُودُهُ وَأَلَّفَ فِيهِ مَعَ الِاسْتِرْوَاحِ فِي أَكْثَرِهِ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَ يَأْسِ الْحَيَاةِ بِأَنْ وَصَلَ لِآخِرِ رَمَقٍ كَالْغَرْغَرَةِ وَإِدْرَاكُ الْغَرَقِ فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ لَا يُقْبَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّتُنَا وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85] وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ خَطَأُ مَنْ كَفَّرَ الْقَائِلِينَ بِإِسْلَامِ فِرْعَوْنَ؛ لِأَنَّا، وَإِنْ اعْتَقَدْنَا بُطْلَانَ هَذَا الْقَوْلِ لَكِنَّهُ، وَإِنْ وَرَدَتْ بِهِ أَحَادِيثُ وَتَبَادَرَ مِنْ آيَاتٍ أَوَّلَهَا الْمُخَالِفُونَ بِمَا لَا يَنْفَعُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ أُولَئِكَ إذْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ بَلَغَ مَرْتَبَةَ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ.

(تَنْبِيهٌ ثَانٍ)

يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي التَّكْفِيرِ مَا أَمْكَنَهُ لِعَظِيمِ خَطَرِهِ وَغَلَبَةِ عَدَمِ قَصْدِهِ سِيَّمَا مِنْ الْعَوَامّ وَمَا زَالَ أَئِمَّتُنَا عَلَى ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا بِخِلَافِ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ تَوَسَّعُوا بِالْحُكْمِ بِمُكَفِّرَاتٍ كَثِيرَةٍ مَعَ قَبُولِهَا التَّأْوِيلَ بَلْ مَعَ تَبَادُرِهِ مِنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ عَمَّا تَوَسَّعَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ إنَّ غَالِبَهُ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِمْ وَكَانَ الْمُتَوَرِّعُونَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ يُنْكِرُونَ أَكْثَرَهَا وَيُخَالِفُونَهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يُخَرِّجُوهَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَقِيدَتِهِ إذْ مِنْهَا أَنَّ مَعَنَا أَصْلًا مُحَقَّقًا، هُوَ الْإِيمَانُ فَلَا نَرْفَعُهُ إلَّا بِيَقِينٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا وَلْيُحْذَرْ مِمَّنْ يُبَادِرُ إلَى التَّكْفِيرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنَّا وَمِنْهُمْ فَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْفُرْ؛ لِأَنَّهُ كَفَّرَ مُسْلِمًا اهـ مُلَخَّصًا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ وَقَدْ أَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ اُهْجُرْنِي فِي اللَّهِ فَقَالَ هَجَرْتُك لِأَلْفِ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إنْ أَرَادَ لِأَلْفِ سَبَبٍ أَوْ هِجْرَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا لِلَّفْظِ حَقْنًا لِلدَّمِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لَا سِيَّمَا إنْ لَمْ يُعْرَفْ قَائِلُهُ بِعَقِيدَةٍ سَيِّئَةٍ لَكِنْ يُؤَدَّبُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِشَنَاعَةِ ظَاهِرِهِ

(تَنْبِيهٌ ثَالِثٌ)

قَالَ الْغَزَالِيُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ مَعَ اللَّهِ حَالًا أَسْقَطَ عَنْهُ نَحْوَ الصَّلَاةِ أَوْ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَجَبَ قَتْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحُكْمِ بِخُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ انْتَهَى وَلَا نَظَرَ فِي خُلُودِهِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ لِاسْتِحْلَالِهِ مَا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ أَوْ نَفْيِهِ وُجُوبَ مَا عُلِمَ وُجُوبُهُ ضَرُورَةً فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخُلُودِهِ وَوَقَعَ لِلْيَافِعِيِّ مَعَ جَلَالَتِهِ فِي رَوْضِهِ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِ عِبَادِهِ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَ حَرِيرٍ مَثَلًا وَعَلِمَ الْإِذْنَ يَقِينًا فَلَبِسَهُ لَمْ يَكُنْ مُنْتَهِكًا لِلشَّرْعِ وَحُصُولُ الْيَقِينِ لَهُ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ لِلْخَضِرِ بِقَتْلِهِ لِلْغُلَامِ إذْ هُوَ وَلِيٌّ لَا نَبِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ مَثَلًا رُبَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ

يَعْرِفَهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ وَهَذَا، هُوَ الظَّاهِرُ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش أَيْ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَصْلِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَإِنْكَارُ الْعِدَّةِ مِنْ أَصْلِهَا كُفْرٌ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَعِلْمِهِ بِالضَّرُورَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَا لِمُنْكِرِهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَخْ وَلَعَلَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعُدَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَأْوِيلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ إلَخْ) أَيْ أَوْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ إلَخْ) يَشْمَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ مَا لَوْ كَانَ الْجَاحِدُ مِنْ الْخَوَاصِّ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ مُشْكِلٌ، وَإِنْ خُصَّ بِمَا إذَا كَانَ الْجَاحِدُ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَمُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ إلَخْ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي تَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ سم أَقُولُ لَك أَنْ تَخْتَارَ الشِّقَّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الشُّمُولُ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ الْقَطْعِيُّ فَعِلْمُهُ ظَنِّيٌّ يَجُوزُ مَعَهُ عَدَمُ صُدُورِ ذَلِكَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ عُذْرًا فِي التَّكْذِيبِ بِخِلَافِهِ فِي الضَّرُورِيِّ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ دَلَالَتُهُ ظَنِّيَّةٌ لَا قَطْعِيَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: بِشُهْرَتِهِ) أَيْ شُهْرَةِ تَحْرِيمِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَكَذَا قَوْلُهُ: بِمَنْعِ ضَرُورِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ كُفْرًا مُطْلَقًا اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: مِنْ أَفْرَادِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ إيمَانُ فِرْعَوْنَ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ إلَخْ عِلَّةٌ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ وُجُودِ إيمَانِ فِرْعَوْنِ (قَوْلُهُ: فِي أَكْثَرِهِ) أَيْ أَكْثَرِ مَوَاضِعِ هَذَا التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الْجَلَالِ الدَّوَانِيّ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُرَدُّ) مِنْ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: وَإِدْرَاكُ الْغَرَقِ فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ) جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ وَالْإِشَارَةُ إلَى الْوُصُولِ لِآخِرِ رَمَقٍ أَوْ إلَى يَأْسِ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِدْرَاكُ الْغَرَقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ) خَبَرُ قَوْلِهِ أَنَّ الْإِيمَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الْقَبُولِ عِنْدَ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِنَا أَوْ لِمُثْبِتِهِ إلَخْ إيمَانُ فِرْعَوْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بُطْلَانُ هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِإِسْلَامِ فِرْعَوْنَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ كُفْرَ فِرْعَوْنَ وَكَذَا ضَمِيرُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَهَا الْمُخَالِفُونَ إلَخْ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِلْأَحَادِيثِ وَالْآيَاتِ وَقَوْلُهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ خَبَرُ لَكِنَّهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ كُفْرَ فِرْعَوْنَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ أُولَئِكَ أَيْ الْمُخَالِفِينَ الْمُؤَوِّلِينَ وَقَوْلُهُ إذْ لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ عِلَّةُ عَدَمِ الْعِبْرَةِ (قَوْلُهُ: عَمَّا تَوَسَّعَ إلَخْ) لَعَلَّ عَنْ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ: أَكْثَرَهَا وَيُخَالِفُونَهُمْ) أَيْ كُتُبَ الْفَتَاوَى وَقَوْلُهُ هَؤُلَاءِ أَيْ مَشَايِخُهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخَرِّجُوهَا) أَيْ الْفَتَاوَى

(قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: مَا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ أَوْ نَفْيِهِ إلَخْ) نَشْرٌ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ: ضَرُورَةً مُعْتَبَرٌ فِي عِلْمِ الْحُرْمَةِ وَعِلْمِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ ارْتِدَادِهِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: وَحُصُولُ الْيَقِينِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ إلَخْ أَيْ مِنْ سَبِيلِ حُصُولِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقَتْلِهِ إلَخْ) أَيْ فِي قَتْلِ الْخَضِرِ (قَوْلُهُ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ) أَيْ سَبَقَ ذِكْرُهُ عَنْهُ آنِفًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 88

وَبِفَرْضِ أَنَّ الْيَافِعِيَّ لَمْ يُرِدْ بِمَثَلًا إلَّا مَا هُوَ مِثْلُ الْحَرِيرِ فِي أَنَّ اسْتِحْلَالَهُ غَيْرُ مُكَفِّرٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِ ضَرُورَةً

فَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْتِهَاكِهِ لِلشَّرْعِ أَنَّ لَهُ نَوْعَ عُذْرٍ، وَإِنْ كُنَّا نَقْضِي عَلَيْهِ بِالْإِثْمِ بَلْ وَالْفِسْقِ إنْ أَدَامَ ذَلِكَ فَلَهُ نَوْعُ اتِّجَاهٍ أَوْ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ فَهُوَ زَلَّةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَقِينَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْإِلْهَامِ، وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ؛ إذْ لَا ثِقَةَ بِخَوَاطِرِ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَشَرْطُهُ عِنْدَ مَنْ شَذَّ بِالْقَوْلِ بِهِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُ نَصٌّ شَرْعِيٌّ كَالنَّصِّ بِمَنْعِ لُبْسِ الْحَرِيرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ فِيهِ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ الْخَضِرَ وَلِيٌّ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَمِنْ أَيْنَ لَنَا أَنَّ الْإِلْهَامَ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ حُجَّةٍ فَالْأَنْبِيَاءُ فِي زَمَنِهِ مَوْجُودُونَ فَلَعَلَّ الْإِذْنَ فِي قَتْلِ الْغُلَامِ جَاءَ إلَيْهِ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمْ

فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَخْبَرَ بَعْدَ نُزُولِهِ أَحَدًا بِأَنَّ لَهُ اسْتِعْمَالَ الْحَرِيرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَقَدْ اسْتَقَرَّ فِيهَا تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَلَا يُغَيِّرُهُ أَبَدًا لَا يُقَالُ يُتَأَوَّلُ لِلْيَافِعِيِّ بِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَرِيرِ وَقَعَ تَدَاوِيًا مِنْ عِلَّةٍ عَلِمَهَا الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ كَمَا تَأَوَّلَ هُوَ وَغَيْرُهُ مَا وَقَعَ لِوَلِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَهَرَتْ وِلَايَتُهُ بِبَلَدٍ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ وَلَبِسَ ثِيَابَ الْغَيْرِ وَخَرَجَ مُتَرَفِّقًا فِي مَشْيِهِ لِيُدْرِكُوهُ فَأَدْرَكُوهُ وَأَوْجَعُوهُ ضَرْبًا وَسَمَّوْهُ لِصَّ الْحَمَّامِ فَقَالَ الْآنَ طَابَ الْمُقَامُ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ إنَّمَا وَقَعَ تَدَاوِيًا كَمَا يُتَدَاوَى بِالْخَمْرِ عِنْدَ الْغَصِّ وَمَفْسَدَةُ لُبْسِ ثِيَابِ الْغَيْرِ سَاعَةً أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الْعُجْبِ وَنَحْوِهِ مِنْ قَبَائِحِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ الْإِذْنُ الَّذِي لِلتَّدَاوِي لَيْسَ إلَّا بِإِلْهَامٍ وَقَدْ اتَّضَحَ بُطْلَانُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ

وَفَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ ذَلِكَ الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْحَرِيرَ لَا يُتَصَوَّرُ حِلُّهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَاسْتِعْمَالُ مَالِ الْغَيْرِ يَجُوزُ مَعَ ظَنِّ رِضَاهُ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا أَنَّ ذَلِكَ الْوَلِيَّ مَا عَرَفَ مَالِكَ الثِّيَابِ وَلَا ظَنَّ رِضَاهُ وَبِفَرْضِ جَهْلِهِ بِهِ هُوَ يَظُنُّ رِضَاهُ بِفَرْضِ اطِّلَاعِهِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِذَلِكَ الْقَصْدِ إذْ كُلُّ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى بَاطِنِ فَاعِلِ ذَلِكَ يَرْضَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ كَانَ وَمَرَّ فِي الْوَلِيمَةِ أَنَّ ظَنَّ الْغَيْرِ يُبِيحُ مَالَهُ فَهِيَ وَاقِعَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلْحِلِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْإِلْهَامِ كَوَاقِعَةِ الْخَضِرِ وَمَسْأَلَةُ الْحَرِيرِ لَا تَحْتَمِلُهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْإِلْهَامِ بِوَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ

. (أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا) مَثَلًا (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيَفْعَلُهُ أَوْ لَا (كَفَرَ) فِي الْحَالِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ لِمُنَافَاتِهِ لِلْإِسْلَامِ وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ رَمَى ابْنَتَهُ عَائِشَةَ رضي الله عنهما بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ وَكَذَا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رضي الله عنهم (تَنْبِيهٌ)

ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْعَزْمِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ النِّيَّةِ فِي كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، وَهُوَ غَيْرُ شَرْطٍ هُنَا (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ)

قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ نَوْعَ عُذْرٍ إلَخْ) لَكَ أَنْ تَقُولَ مَا فَائِدَتُهُ مَعَ تَفْسِيقِهِ لَا يُقَالُ فَائِدَتُهُ نَفْيُ التَّكْفِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: شَرْطُهُ) أَيْ كَوْنُ الْإِلْهَامِ حُجَّةً وَكَذَا ضَمِيرُ بِهِ (قَوْلُهُ: الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَوْلُهُ إلَّا مَنْ شَذَّ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذَا الْمَحْذُوفِ (قَوْلُهُ: وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ الْخَضِرَ وَلِيٌّ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ كَيْفَ تَقُولُ الْإِلْهَامُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ أَنَّ الْخَضِرَ وَلِيٌّ وَقَتَلَ الْغُلَامَ بِالْإِلْهَامِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ وَلِيٌّ فَمِنْ أَيْنَ لَنَا الْعِلْمُ أَنَّ الْإِلْهَامَ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ فَلَا يُقَاسُ مَا فِي زَمَنِنَا عَلَيْهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ حُجَّةٍ) أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِهِ) أَيْ الْخَضِرِ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ: فَلَعَلَّ الْإِذْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُلْتُ هَذَا) أَيْ الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: تَأَوَّلَ هُوَ) أَيْ الْيَافِعِيُّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِعْلَهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَأَوَّلَ هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا يُقَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِالْإِلْهَامِ) وَقَدْ يُمْنَعُ الْحَصْرُ بِجَوَازِ أَنَّهُ لِارْتِكَابِ أَخَفِّ الْمَحْذُورَيْنِ الَّذِي لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِمُجَرَّدِ ظَنِّهِ بِدُونِ إلْهَامٍ وَكَشْفٍ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ يَظُنُّ رِضَاهُ بِفَرْضِ اطِّلَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ظَنَّ الرِّضَا بِفَرْضِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَصْدِ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مُجَوِّزٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَنْ كَانَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَبْخَلَ النَّاسِ

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ كَفَرَ) جَوَابٌ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْمَسَائِلِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِطَرَيَانِ شَكٍّ يُنَاقِضُ جَزْمَ النِّيَّةِ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يُنَاقِضْ جَزْمَ النِّيَّةِ بِهِ كَاَلَّذِي يَجْرِي فِي الْمُفَكِّرَةِ فَهُوَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوِسُ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إنْكَارَ صُحْبَةِ غَيْرِهِ كَبَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ لَا يَكْفُرُ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ بِالنَّصِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي وَجْهٍ إلَخْ) أَيْ ضَعِيفٍ ع ش وَسَمِّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يَكْفُرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إلَّا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ: الشَّيْخَيْنِ) أَيْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ عِنَادًا) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَسِحْرٍ إلَى؛ لِأَنَّهُ وَقَوْلَهُ

ذَلِكَ فَمُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ إلَخْ مُشْكَلٌ وَيَنْبَغِي تَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

(قَوْلُهُ: قُلْتُ هَذَا لَا يَقَعُ إلَخْ) كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ وَلَوْ فُرِضَ وُقُوعُهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ شَرْعِ نَبِيِّنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: هُوَ يَظُنُّ رِضَاهُ بِفَرْضِ اطِّلَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ظَنَّ الرِّضَا بِفَرْضِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَصْدِ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مُجَوِّزٌ

. (قَوْلُهُ: أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَفَرَ) قَالَ الشَّارِحُ فِي الْإِعْلَامِ بِقَوَاطِع الْإِسْلَامِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَزْمَ الْعَدْلِ عَلَى مُقَارَفَةِ كَبِيرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُفَسَّقُ بِأَنَّ نِيَّةَ الِاسْتِدَامَةِ عَلَى الْإِيمَانِ شَرْطٌ فِيهِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ الْعَزْمِ وَالْعَدَالَةُ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ مَعَ عَدَمِ غَلَبَةِ الْمَعَاصِي وَالنِّيَّةُ لَا تُنَافِي ذَلِكَ اهـ وَلَمَّا عَدَّ فِي الرَّوْضِ مِنْ الْمُكَفِّرَاتِ قَوْلَهُ: أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَّقَهُ أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكْفُرُ؟ قَالَ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِيمَانِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا كَفَرَ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ تَفْسِيقِ الْعَدْلِ بِعَزْمِهِ عَلَى فِعْلِ كَبِيرَةٍ أَوْ تَرَدُّدٍ فِيهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنَادًا لَهُ) قَدْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُ فِي الِاسْتِهْزَاءِ فَإِنَّ الْعِنَادَ لَا يَخْلُو عَنْ

ص: 89

أَوْ عِنَادًا لَهُ (أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ الْمُصْحَفِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ قَالَ الرُّويَانِيُّ

وَزَعَمَ الْجُوَيْنِيُّ إلَى نَعَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنَادًا لَهُ) قَدْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُ فِي الِاسْتِهْزَاءِ فَإِنَّ الْعِنَادَ لَا يَخْلُو عَنْ اسْتِهْزَاءٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ) يَشْمَلُ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ.

(فَائِدَةٌ)

لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مُصَنَّفٌ حَافِلٌ جَلِيلٌ سَمَّاهُ تَنْزِيهَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْبِيَاءِ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ وَاسْتِفَادَةَ مَا فِيهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَطَّرَ فِي فَتَاوِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: وَقَعَ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ رَجُلًا فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا سَبٌّ كَثِيرٌ فَنَسَبَ أَحَدُهُمَا الْآخِرَ إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ ذَاكَ تَنْسُبُنِي إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ وَالِدُ الْقَائِلِ الْأَنْبِيَاءُ رَعَوْا الْمِعْزَى أَوْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْمِعْزَى وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَتَرَافَعُوا إلَى الْحُكَّامِ، فَسُئِلْتُ مَاذَا يَلْزَمُ الَّذِي ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَدِلًّا بِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ التَّعْزِيرُ الْبَلِيغُ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُضْرَبَ مَثَلًا لِآحَادِ النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ فِي مَقَامِ التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ وَالتَّصْنِيفِ وَتَقْرِيرِ الْعِلْمِ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ وَهَذَا لَا إنْكَارَ عَلَيْهِ

وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْخِصَامِ وَالتَّبَرِّي مِنْ مَعَرَّةٍ أَوْ نَقْصٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا مَحَلُّ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْعَوَامّ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَفِي التَّفَاوُضِ فِي السَّبِّ وَالْقَذْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَلِكُلِّ مَحَلٍّ حُكْمٌ يُنَاسِبُهُ

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّا يَقَعُ فِي الْمَوَالِدِ مِنْ بَعْضِ الْوُعَّاظِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ الْحَفِلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مُخْرِجَاتٍ، هِيَ مُخِلَّةٌ بِكَمَالِ التَّعْظِيمِ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ السَّامِعِينَ لَهَا حُزْنٌ وَرِقَّةٌ فَيَبْقَى فِي حَيِّزِ مَنْ يُرْحَمُ لَا مَنْ يُعَظَّمُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْمَرَاضِعَ حَضَرْنَ وَلَمْ يَأْخُذْنَهُ لِعَدَمِ مَالِهِ إلَّا حَلِيمَةَ رَغِبَتْ فِي رَضَاعِهِ شَفَقَةً وَيَقُولُونَ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْعَى غَنَمًا وَيُنْشِدُونَ

بِأَغْنَامِهِ سَارَ الْحَبِيبُ إلَى الْمَرْعَى

فَيَا حَبَّذَا رَاعٍ فُؤَادِي لَهُ يَرْعَى

وَفِيهِ

فَمَا أَحْسَنَ الْأَغْنَامَ وَهْوَ يَسُوقُهَا

فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَكُونُ فَطِنًا أَنْ يَحْذِفَ مِنْ الْخَبَرِ مَا يُوهِمُ فِي الْمُخْبَرِ عَنْهُ نَقْصًا وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ انْتَهَى وَأَطَالَ فِي هَذَا الْمُؤَلَّفِ بِفَوَائِدَ نَفِيسَةٍ وَاحْتِجَاجَاتٍ نَقْلِيَّةٍ وَمَعْنَوِيَّةٍ يَتَعَيَّنُ اسْتَفَادَتْهَا اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) ظَاهِرُهُ

اسْتِهْزَاءٍ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْ اسْمٍ مُعْظَمٍ) يَشْمَلُ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ.

(فَائِدَةٌ)

لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مُصَنَّفٌ حَافِلٌ جَلِيلٌ سَمَّاهُ تَنْزِيهَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْنِيَاءِ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَاسْتِفَادَةُ مَا فِيهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَطَّرَ فِي فَتَاوِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: وَقَعَ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ رَجُلًا فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا سَبٌّ كَثِيرٌ فَقَذَفَ أَحَدُهُمَا عِرْضَ الْآخَرِ فَنَسَبُهُ الْآخَرُ إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: تَنْسُبُنِي إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ وَالِدُ الْقَائِلِ الْأَنْبِيَاءُ رَعَوْا الْمِعْزَى أَوْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْمِعْزَى وَذَلِكَ بِسُوقِ الْغَزْلِ بِجِوَارِ الْجَامِعِ الطُّولُونِيِّ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَتَرَافَعُوا إلَى الْحُكَّامِ فَبَلَغَ الْخَبَرُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ لَوْ رُفِعَ إلَيَّ ضَرَبْتُهُ بِالسِّيَاطِ، فَسُئِلْتُ مَاذَا يَلْزَمُ الَّذِي ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَدِلًّا بِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَدِلَّ يُعَزَّرُ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُضْرَبَ مَثَلًا لِآحَادِ النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ أَيْ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ فِي مَقَامِ التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ وَالتَّصْنِيفِ وَتَقْرِيرِ الْعِلْمِ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ وَهَذَا لَا إنْكَارَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْخِصَامِ وَالتَّبَرِّي مِنْ مَعَرَّةٍ أَوْ نَقْصٍ يُنْسَبُ إلَيْهِمَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا مَحَلُّ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْعَوَامّ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَفِي التَّفَاوُضِ بِالْقَذْفِ وَالسَّبِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَلِكُلِّ مَحَلٍّ حُكْمٌ يُنَاسِبُهُ ثُمَّ ذُكِرَ أَنَّهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّا يَقَعُ فِي الْمَوَالِدِ مِنْ بَعْضِ الْوُعَّاظِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ الْحَفِلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَاجَرَيَاتٍ هِيَ مُخِلَّةٌ بِكَمَالِ التَّعْظِيمِ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ السَّامِعِينَ لَهَا حُزْنٌ وَرِقَّةٌ يَبْقَى فِي حَيِّزِ مَنْ يُرْحَمُ لَا مَنْ يُعَظَّمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْمَرَاضِعَ حَضَرْنَ وَلَمْ يَأْخُذْنَهُ لِعَدَمِ مَالِهِ إلَّا حَلِيمَةُ رَغِبَتْ فِي رَضَاعِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِ

وَيَقُولُونَ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْعَى غَنَمًا وَيُنْشِدُونَ

بِأَغْنَامِهِ سَارَ الْحَبِيبُ إلَى الْمَرْعَى

فَيَا حَبَّذَا رَاعٍ فُؤَادِي لَهُ يَرْعَى

وَفِيهِ

فَمَا أَحْسَنَ الْأَغْنَامَ وَهْوَ يَسُوقُهَا

فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَكُونُ فَطِنًا أَنْ يَحْذِفَ مِنْ الْخَبَرِ مَا يُوهِمُ فِي الْمُخْبَرِ عَنْهُ نَقْصًا وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ هَذَا جَوَابُهُ بِحُرُوفِهِ اهـ وَأَطَالَ فِي هَذَا الْمُؤَلِّفُ بِفَوَائِدَ نَفِيسَةٍ

ص: 90

أَوْ مِنْ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ (بِقَاذُورَةٍ) أَوْ قَذِرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطٍ وَبُصَاقٍ وَمَنِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَإِلْقَاءِ أَنَّ الْإِلْقَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنَّ مُمَاسَّةَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِقَذِرٍ كُفْرٌ أَيْضًا وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَلَوْ قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ (أَوْ سُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ) أَوْ مَخْلُوقٍ آخَرَ وَسِحْرٍ فِيهِ نَحْوَ عِبَادَةِ كَوْكَبٍ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا وَزَعَمَ الْجُوَيْنِيُّ أَنَّ الْفِعْلَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكُونُ كُفْرًا رَدَّهُ وَلَدُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ كَأَنْ كَانَ الْإِلْقَاءُ لِخَشْيَةِ أَخْذِ كَافِرٍ أَوْ السُّجُودُ مِنْ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَضْرَتِهِمْ فَلَا كُفْرَ وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ لِأَنَّ صُورَتَهُ تَقَعُ فِي الْعَادَةِ لِلْمَخْلُوقِ كَثِيرًا بِخِلَافِ السُّجُودِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ.

وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ.

(فَائِدَةٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ بِهِمَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَيَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ آلَتَهُ؟ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَإِلْقَاءِ إلَخْ) أَيْ قَضِيَّةُ إتْيَانِهِ بِالْكَافِ فِي الْإِلْقَاءِ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي إطْلَاقِهِ إلَخْ) أَيْ إطْلَاقِ الْكُفْرِ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي وَقَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَتِهِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوُهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَبَقِيَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَثَلًا يَضْرِبُ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ هَلْ ذَلِكَ كُفْرٌ أَمْ لَا، وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَوَّحَ بِالْكُرَّاسَةِ عَلَى وَجْهِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ مَخْلُوقٍ آخَرَ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَخْلُوقٍ آخَرَ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرُونَ مِنْ الْجَهَلَةِ الضَّالِّينَ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ حَرَامٌ قَطْعًا بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ قَصَدَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ غَفَلَ عَنْهُ وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْإِعْلَامِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ هَذَا يُفْهِمُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا بِأَنْ قَصَدَ بِهِ عِبَادَةَ مَخْلُوقٍ أَوْ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا بِأَنْ قَصَدَ بِهِ تَعْظِيمَهُ أَيْ التَّذَلُّلَ لَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْوَالِدِ وَالْعُلَمَاءِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ)(تَنْبِيهٌ)

يَكْفُرُ مَنْ نَسَبَ الْأُمَّةَ إلَى الضَّلَالَةِ أَوْ الصَّحَابَةَ إلَى الْكُفْرِ أَوْ أَنْكَرَ إعْجَازَ الْقُرْآنِ أَوْ غَيَّرَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ أَنْكَرَ الدَّلَالَةَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ فِي خَلْقِهِمَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى أَوْ أَنْكَرَ بَعْثَ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ بِأَنْ يَجْمَعَ أَجْزَاءَهُمْ الْأَصْلِيَّةَ وَيُعِيدُ الْأَرْوَاحَ إلَيْهَا أَوْ أَنْكَرَ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ أَوْ أَقَرَّ بِهَا لَكِنْ قَالَ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ مَعَانِيهَا أَوْ قَالَ الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ هَذَا إنْ عَلِمَ مَعْنَى مَا قَالَهُ لَا إنْ جَهِلَ ذَلِكَ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَكْفُرُ لِعُذْرِهِ وَلَا إنْ قَالَ مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ أَوْ لِكَافِرٍ لَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ دُعَاءٍ بِتَشْدِيدِ الْأَمْرِ وَالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ وَلَا إنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَشَرِبَ مَعَهُمْ الْخَمْرَ وَأَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَلَا إنْ قَالَ الطَّالِبُ لِيَمِينِ خَصْمِهِ وَقَدْ أَرَادَ الْخَصْمُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا أُرِيدُ الْحَلِفَ بِهِ بَلْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَلَا إنْ قَالَ رُؤْيَتِي إيَّاكَ كَرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَلَا إنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَرْبِ الدُّفِّ أَوْ الْقَصَبِ أَوْ قِيلَ لَهُ تَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ خَرَجَ لِسَفَرٍ فَصَاحَ الْعَقْعَقُ فَرَجَعَ وَلَا إنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ بِنَجَسٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَسْتَحِلَّ ذَلِكَ وَلَا إنْ تَمَنَّى حِلَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَنٍ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ كَأَنْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمُ اللَّهُ الْخَمْرَ أَوْ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَوْ الظُّلْمَ أَوْ الزِّنَا أَوْ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا إنْ شَدَّ الزُّنَّارَ عَلَى وَسَطِهِ أَوْ وَضَعَ قَلَنْسُوَةَ الْمَجُوسِ عَلَى رَأْسِهِ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِتَخْلِيصِ الْأُسَارَى وَلَا إنْ قَالَ النَّصْرَانِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ وَلَا إنْ قَالَ لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتُهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الْأَخِيرَةِ إنَّهُ يَكْفُرُ وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا أَوْ اسْتِغْنَاءً كَفَرَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا مُغْنِي وَأَسْنَى.

(قَوْلُهُ: قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِحَضْرَتِهِمْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِحَضْرَةِ كَافِرٍ خَشْيَةً مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا شَكَّ فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ قَصْدِ تَعْظِيمِ مَخْلُوقٍ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا بَلْ

وَاحْتِجَاجَاتٍ نَقْلِيَّةٍ وَمَعْنَوِيَّةٍ يَتَعَيَّنُ اسْتِفَادَتُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ آلَتَهُ؟ (قَوْلُهُ: أَوْ قَذِرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطِ وَبُصَاقٍ إلَخْ) اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي مَسْحِ الْقُرْآنِ مِنْ لَوْحِ الْمُتَعَلِّمِ بِالْبُصَاقِ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ بِحِلِّهِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهِ إنْ بَصَقَ عَلَى الْقُرْآنِ ثُمَّ مَسَحَهُ وَبِحِلِّهِ إنْ بَصَقَ عَلَى

ص: 91

(تَنْبِيهٌ)

وَقَعَ فِي مَتْنِ الْمَوَاقِفِ وَتَبِعَهُ السَّيِّدُ فِي شَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ نَحْوَ السُّجُودِ لِنَحْوِ الشَّمْسِ مِنْ مُصَدِّقٍ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كُفْرٌ إجْمَاعًا ثُمَّ وَجَّهَ كَوْنَهُ كُفْرًا بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ ظَاهِرًا وَنَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَلِذَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ إيمَانِهِ لَا لِأَنَّ عَدَمَ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَاعْتِقَادِ الْأُلُوهِيَّةِ بَلْ سَجَدَ لَهَا وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ فِي الظَّاهِرِ ثُمَّ قَالَا مَا حَاصِلُهُ أَيْضًا لَا يَلْزَمُ عَلَى تَفْسِيرِ الْكُفْرِ بِأَنَّهُ عَدَمُ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ ضَرُورَةُ تَكْفِيرِ مَنْ لَبِسَ الْغِيَارَ مُخْتَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ فِي الْكُلِّ وَذَلِكَ لِأَنَّنَا جَعَلْنَا الظَّنَّ الصَّادِرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ عَلَامَةً عَلَى الْكُفْرِ أَيْ بِنَاءً هُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ اللُّبْسَ رِدَّةٌ فَحَكَمَنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ غَيْرُ مُصَدِّقٍ حَتَّى لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ شَدَّهُ لَا لِاعْتِقَادِ حَقِيقَةِ الْكُفْرِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ الشَّمْسِ انْتَهَى، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اعْتَمَدَاهُ أَوَّلًا أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ ثُمَّ حَكَيَا عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّهُ التَّصْدِيقُ مَعَ الْكَلِمَتَيْنِ

فَعَلَى الْأَوَّلِ اتَّضَحَ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّهُ لَا كُفْرَ بِنَحْوِ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ لِمَا مَرَّ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ نَحْوَ عَدَمِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَهُ حَيْثِيَّتَانِ النَّجَاةُ فِي الْآخِرَةِ وَشَرْطُهَا التَّصْدِيقُ فَقَطْ وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَمَنَاطُهَا النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَرَمْيِ الْمُصْحَفِ بِقَاذُورَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي حَكَمَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهَا كُفْرٌ فَالنُّطْقُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا، هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ شَطْرًا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رُكْنٌ حَقِيقِيٌّ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالْإِكْرَاهِ بَلْ إنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ التَّصْدِيقُ إذْ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَطْرًا وَلَا شَرْطًا الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ «يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ» قِيلَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ النُّطْقُ فِي الْإِيمَانِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ شَطْرٌ أَوْ شَرْطٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ مَنَعَ الْإِجْمَاعَ وَحَكَمَ بِكَوْنِهِ مُؤْمِنًا، وَأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ النُّطْقِ كَالْمَعَاصِي الَّتِي تُجَامِعُ الْإِيمَانَ وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَنْظُرُوا لِأَخْذِ النَّوَوِيِّ بِقَضِيَّةِ الْإِجْمَاعِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النُّطْقَ اخْتِيَارًا مُخَلَّدٌ أَبَدًا فِي النَّارِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهُ شَطْرٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ بِانْتِفَائِهِ تَنْتَفِي الْمَاهِيَّةُ لَكِنْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ حَافِظِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ كَوْنُ النُّطْقِ شَرْطًا لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ لَا لِصِحَّةِ الْإِيمَانِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَعَلَيْهِ الْمَاتُرِيدِيُّ اهـ وَلَا يُشْكِلُ

لَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ إلَخْ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ عَلَى الشَّمَائِلِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ اهـ أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يَصِلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ اهـ ع ش

. (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي مَتْنِ الْمَوَاقِفِ إلَخْ) إنَّمَا عَبَّرَ بِوَقَعَ الْمَعْرُوفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْخَطَأِ لِمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إلَخْ مِنْ اعْتِمَادِهِ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي اشْتِرَاطَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ النَّاطِقِ فِي الْإِسْلَامِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: بِمَا جَاءَ بِهِ إلَخْ) أَيْ بِجَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَّهَ) أَيْ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (قَوْلُهُ: فَلِذَلِكَ) أَيْ لِدَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: لَا لِأَنَّ عَدَمَ السُّجُودِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ عُلِمَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى النَّفْيِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَا مَا حَاصِلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَوَاقِفِ، وَهُوَ أَيْ الْكُفْرُ خِلَافُ الْإِيمَانِ فَهُوَ عِنْدَنَا عَدَمُ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي بَعْضِ مَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ ضَرُورَةً فَإِنْ قِيلَ فَشَادُّ الزُّنَّارِ وَلَابِسُ الْغِيَارِ بِالِاخْتِيَارِ لَا يَكُونُ كَافِرًا إذَا كَانَ مُصَدِّقًا لَهُ فِي الْكُلِّ، وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا قُلْنَا جَعَلْنَا الشَّيْءَ الصَّادِرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ عَلَامَةَ التَّكْذِيبِ فَحَكَمْنَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَيْ بِكَوْنِهِ كَافِرًا غَيْرَ مُصَدِّقٍ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ شَدَّ الزُّنَّارَ لَا لِتَعْظِيمِ دِينِ النَّصَارَى وَاعْتِقَادِ حَقِيقَتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ الشَّمْسِ انْتَهَتْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَيْ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ حَاصِلُهُ أَيْضًا إلَخْ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ) صَوَابُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ إذَا كَانَ مُصَدِّقًا لَهُ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: الظَّنَّ) صَوَابُهُ الشَّيْءَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ أَوْ اللُّبْسَ (قَوْلُهُ: أَيْ بِنَاءً هُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ جَعَلْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَحَكَمْنَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ جَعَلْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَحَكَمْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) بَلْ وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا إذَا وُجِدَ النُّطْقُ بِالْكَلِمَتَيْنِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا كُفْرَ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ بِنَحْوِ السُّجُودِ أَيْ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَاعْتِقَادِ الْأُلُوهِيَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّارِحِ) أَيْ السَّيِّدِ

(قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ) أَيْ أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: حَيْثِيَّتَانِ) أَيْ ثَمَرَتَانِ (قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ اشْتِرَاطِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَعَدَمِ نَحْوِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الدُّنْيَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ النَّجَاةُ إلَخْ أَيْ وَثَانِيَةُ الْحَيْثِيَّتَيْنِ إجْرَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنَاطُهَا) أَيْ مَنَاطُ حَيْثِيَّةِ إجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَالْإِكْرَاهِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْإِكْرَاهُ لَا يَمْنَعُ النُّطْقَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بِدُونِ النُّطْقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَعَلَهُ شَطْرًا أَرَادَ أَنَّهُ شَطْرٌ مَجَازِيٌّ وَمَنْ جَعَلَهُ شَرْطًا أَرَادَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْإِجْرَاءِ لَا لِلْحُصُولِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: قِيلَ يَلْزَمُ) أَيْ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ النُّطْقِ شَطْرًا وَلَا شَرْطًا

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُصَدِّقِ التَّارِكِ لِلنُّطْقِ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِامْتِنَاعَ إلَخْ) أَيْ وَبِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَضِيَّةِ الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ مَذْهَبَ الْمُتَكَلِّمِينَ اهـ كُرْدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ كَوْنُ الْأَوَّلِ مَذْهَبَ الْمُتَكَلِّمِينَ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ النَّسَفِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 92

عَلَيْهِ أَنَّهُ شَطْرٌ أَوْ شَرْطٌ لِمَا مَرَّ فِي مَعْنَاهُمَا اللَّائِقِ بِمَذْهَبِ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا الْفُقَهَاءِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ لَا أَهَمَّ مِنْهُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُكَفِّرَاتِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ جَمَعْتُهَا كُلَّهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلَى مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي كِتَابٍ مُسْتَوْعِبٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَسَمَّيْته الْإِعْلَامَ بِقَوَاطِعِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْكَ بِهِ فَإِنَّ هَذَا الْبَابَ أَخْطَرُ الْأَبْوَابِ إذْ الْإِنْسَانُ رُبَّمَا فَرَطَ مِنْهُ كَلِمَةٌ قِيلَ بِأَنَّهَا كُفْرٌ فَيَجْتَنِبُهَا مَا أَمْكَنَهُ وَقَدْ بَالَغَ الْحَنَفِيَّةُ فِي التَّكْفِيرِ بِكَثِيرٍ مِنْ كَلِمَاتِ الْعَوَامّ بَيَّنْتُهَا فِيهِ مَعَ مَا فِيهَا

. (وَلَا تَصِحُّ) يَعْنِي تُوجَدُ إذْ الرِّدَّةُ مَعْصِيَةٌ كَالزِّنَا لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا (رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَمُكْرَهٍ) عَلَى مُكَفِّرٍ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لِلْآيَةِ وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا فِيمَا يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا تَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ) أُمْهِلَ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ لِلْإِسْلَامِ وَ (لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) نَدْبًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَقِيلَ وُجُوبًا وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ لِوُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ إلَى الْإِفَاقَةِ وَعَلَيْهِمَا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ غَيْرُ التَّعْزِيرِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَلِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ وَخَرَجَ بِالْفَاءِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْجُنُونُ عَنْ الرِّدَّةِ وَاسْتُتِيبَ فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي

. (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَطَلَاقِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ، وَإِنْ صَحَّ إسْلَامُهُ فِي السُّكْرِ لِيَأْتِيَ بِإِسْلَامٍ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ كَذَا قَالُوهُ وَأَوْلَى مِنْهُ اسْتِتَابَتُهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ إفَاقَتِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهَا فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ إلَّا بَعْدَ إفَاقَتِهِ وَمَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلْغَاصِبِ مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَوْرًا التَّأْخِيرُ لِلْإِشْهَادِ فَهَذَا أَوْلَى فَإِنْ قُتِلَ فِي سُكْرِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ كَالْمَجْنُونِ (وَإِسْلَامُهُ) سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَمْ قَبْلَهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بِأَقْوَالِهِ كَالصَّاحِي فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالنَّصُّ عَلَى عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَهَا يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَإِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ فَوَصَفَ الْكُفْرَ فَهُوَ كَافِرٌ مِنْ الْآنِ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ

. (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ

عَلَيْهِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا يُشْكِلُ (قَوْلُهُ: أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ) وَقَدَّمْنَا فِي أَوَائِلِ الْبَابِ عَنْ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى جُمْلَةً مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَرَطَ) أَيْ سَبَقَ

(قَوْلُهُ: يَعْنِي تُوجَدُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ يُقْتَلْ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ إلَخْ) إذْ الصِّحَّةُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ مُوَافَقَةُ ذِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْعِبَادَةِ أَوْ الْعَقْدِ الشَّرْعَ (قَوْلُ الْمَتْنِ رِدَّةُ صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُمَيِّزًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ) فَإِنْ رَضِيَ بِقَلْبِهِ فَمُرْتَدٌّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ إلَخْ) أَيْ كَالْمُطْمَئِنِّ قَلْبُهُ بِالْإِيمَانِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ سم وَعِ ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْإِكْرَاهِ وَقَوْلُ الْمُكْرَهِ مُلْغًى مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ اخْتِيَارٌ لِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ وُجُوبًا) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا) أَيْ قَوْلَيْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ التَّعْزِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ) لَوْ أَعْرَضَ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ عَنْ قَتْلِهِ رَأْسًا بِحَيْثُ أَيِسَ مِنْ تَعَاطِيهِمْ ذَلِكَ وَأَمْرِهِمْ بِهِ فَهَلْ يَسُوغُ قَتْلُهُ لِلْآحَادِ أَوْ يَجِبُ اُ هـ سم أَقُولُ الْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ اهـ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَتْمًا اهـ

(قَوْلُهُ: الْمُتَعَدِّي) إلَى قَوْلِهِ وَجَرْيًا عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَذَا قَالُوهُ إلَى وَمَرَّ وَقَوْلَهُ وَخَطَرُ أَمْرِ الرِّدَّةِ إلَى وَمِنْ ثَمَّ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَدِّي) إلَى قَوْلِهِ وَتَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ تَغْلِيظًا إلَى وَيُسَنُّ (قَوْلُهُ: كَطَلَاقِهِ) أَيْ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الِاتِّفَاقُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْهُ إلَخْ) اسْتَحْسَنَهُ الرَّشِيدِيُّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ اسْتِتَابَتُهُ ثَانِيًا بَعْدَ إفَاقَتِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ مَنَعَهَا فِيهِ) أَيْ مَنَعَ صِحَّةَ اسْتِتَابَتِهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا أَوْلَى) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْخِيرُ الْكُفْرِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ وَضَعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إزَالَةَ الْكُفْرِ لَيْسَ فِي وُسْعِنَا بِخِلَافِ وَضْعِ الْيَدِ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَالْمَجْنُونِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى وَإِذَا عُرِضَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِإِسْلَامِهِ فِي السُّكْرِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ حَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا أَفَاقَ عَرَضْنَا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَهُ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ حِينِ وَصْفِهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَ الْكُفْر إلَخْ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ) وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إذَا وَقَعَ سُكْرُهُ فِي رِدَّتِهِ هَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا سَكِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ فَنَحْكُمُ -

نَحْوِ خِرْقَةٍ ثُمَّ مَسَحَ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا) كَأَنَّ الْمُرَادَ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ إلَخْ) عَلَى الْأَوَّلِ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ إذَا أَمْكَنَتْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ غَيْرِ التَّعْزِيرِ) قَدْ يُشْكِلُ التَّعْزِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ لَوْ أَعْرَضَ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ عَنْ قَتْلِهِ رَأْسًا بِحَيْثُ أَيِسَ مِنْ تَعَاطِيهِمْ ذَلِكَ وَأَمْرِهِمْ بِهِ فَهَلْ يَسُوغُ قَتْلُهُ لِلْآحَادِ أَوْ يَجِبُ

(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُمْهَلُ أَيْ السَّكْرَانُ بِالْقَتْلِ حَتَّى يُفِيقَ اهـ وَقَوْلُهُ وَيُمْهَلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ اهـ.

ص: 93

مُطْلَقًا) كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ لِتَفْصِيلِهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقْدِمُ الْعَدْلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ (وَقِيلَ يَجِبُ التَّفْصِيلُ) بِأَنْ يَذْكُرَ مُوجِبَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْكُفْرِ وَخَطَرِ أَمْرِ الرِّدَّةِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لَا سِيَّمَا فِي الْعَامِّيِّ وَمَنْ رَأْيُهُ يُخَالِفُ رَأْيَ الْقَاضِي فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ كَثِيرُونَ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى وَجَرْيًا عَلَيْهِ فِي الدَّعَاوَى وَذِكْرًا فِي مَسَائِلِ مَا يُؤَيِّدُهُ كَالشَّهَادَةِ بِنَحْوِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِي خَارِجِيٍّ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ ارْتِكَابَ الْكَبِيرَةِ رِدَّةٌ مُطْلَقًا

وَقَدْ يُقَرِّبُ الْأَوَّلَ أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا كُلْفَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الشُّهُودِ فَلَمْ يَجِبْ التَّفْصِيلُ لِسُهُولَةِ رَفْعِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ بِالْمُبَادَرَةِ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ أَوْجَبْنَا تَفْصِيلَهَا حَتَّى لَا يُقْدَمَ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ إلَّا بَعْدَ الْيَقِينِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَمَّا مُجَرَّدُ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا أَيْ لِاحْتِمَالِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ الْآتِي الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِمَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِلْقَاضِي فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الشَّهَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ وَالْأَفْعَالَ الْمُكَفِّرَةَ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا لَا سِيَّمَا بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا الِاتِّفَاقُ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَسْمُوعَ قَابِلٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَلْيَجِبْ بَيَانُهُ مُطْلَقًا

(فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ) إنْشَاءً (فَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ كَذَبَا أَوْ مَا ارْتَدَدْتُ (حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ) وَلَمْ يُنْظَرْ لِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ وَكَذَا

بِنُفُوذِ ذَلِكَ مِنْهُ لِتَعَدِّيهِ بِالسُّكْرِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِعَدَمِ الشُّرْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ مَا لَمْ يُظْهِرْهُ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ اهـ ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُ الْمَتْنِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ وَيَقْضِي بِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مُغْنِي وَرَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ إشْهَادًا مُطْلَقًا فَلَا يُقَالُ كَأَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ مُطْلَقَةً لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ مُؤَنَّثٌ فَتَجِبُ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا إلَخْ) هَذَا، هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ نِهَايَةٌ وَاعْتَمَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وُجُوبَ التَّفْصِيلِ وَكَذَا الشَّارِحُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ كَثِيرُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا أَيْ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ، هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا وَنَقْلًا قَالَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِيهِ الْإِمَامَ، وَهُوَ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَخْرِيجِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا وَمَعَ التَّصْدِيقِ الْبَاطِنِيِّ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَرِّبُ الْأَوَّلَ) أَيْ قَبُولَ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَنَّ سُكُوتَهُ) أَيْ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْإِسْلَامِ) أَيْ النُّطْقِ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: رَفْعِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ) أَيْ الْحُكْمِ بِالرِّدَّةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالدَّفْعِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي دُونَ النِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ لِاحْتِمَالِهِ) أَيْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْمَتْنِ الْآتِي)، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَا: لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ ظَاهِرُ الْمَتْنِ الْآتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ وَكَذَا ضَمِيرُ وَلَا يُحْمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْحَمْلِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ إلَخْ رَاجِعٌ لِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: الِاتِّفَاقُ) أَيْ بَيْنَ الشُّهُودِ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ قَالَا ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ سَوَاءٌ كَانَا فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِلْقَاضِي أَوْ لَا بَلْ هُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقُ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ)، وَهُوَ قَبُولُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدُوا) الْمُرَادُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ عَلَى شَخْصٍ بِرِدَّةٍ وَلَمْ يُفَصِّلُوا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُرَدُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ)(فُرُوعٌ)

لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ أَوْ غَيْرُهُ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا إنْ صَلَّى فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ فِي دَارِنَا قَدْ تَكُونُ تَقِيَّةً بِخِلَافِهَا فِي دَارِهِمْ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ وَلَوْ صَلَّى كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَلَوْ فِي دَارِهِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ عُلْقَةَ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ فِيهِ وَالْعَوْدُ أَهْوَنُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَسُومِحَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْمَعَ تَشَهُّدُهُ فِي الصَّلَاةِ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَوْ أُكْرِهَ أَسِيرٌ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْكُفْرِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ مَاتَ هُنَاكَ وَرِثَهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ فَإِنْ قَدِمَ عَلَيْنَا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ اسْتِحْبَابًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِدَارِنَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ مِنْ حِينِ كُفْرِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِنْ حِينَئِذٍ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ وَالتَّلَفُّظِ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْنَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ دَارَ الْكُفْرِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَوَلِّي كَافِرًا حُكْمُهُ حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْظُرْ لِإِنْكَارِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ قَامَتْ وَالتَّكْذِيبَ وَالْإِنْكَارَ لَا يَرْفَعُهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَهُ أَوْ كَذَّبَهُمْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَيُسْتَتَابُ إلَخْ) فَإِنْ أَتَى بِمَا يَصِيرُ بِهِ مُسْلِمًا قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ كَمَا

قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مَمْنُوعٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا م ر ش (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا فِي دَارِنَا وَلَوْ صَلَّى حَرْبِيٌّ فِي

ص: 94

عَلَى الثَّانِي إذَا فَصَلُّوا فَأَنْكَرَ أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ بِهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَبُولَ إنْكَارِهِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَهُ وَيُرَدُّ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ وَمِنْهُ الْإِنْكَارُ ثَمَّ لَا هُنَا وَيُفَرَّقُ بِسُهُولَةِ التَّدَارُكِ هُنَا بِالْإِسْلَامِ فَلَا ضَرُورَةَ لِلرُّجُوعِ (فَلَوْ) لَمْ يُنْكِرْ، وَإِنَّمَا (قَالَ كُنْتُ مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) تَحْكِيمًا لِلْقَرِينَةِ وَحُلِّفَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُخْتَارٌ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يُضْمَنْ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ (وَإِلَّا) تَقْتَضِيهِ قَرِينَةٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ فَيَحْكُمُ بِبَيْنُونَةِ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا وَيُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ

(وَلَوْ قَالَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ) أَوْ فَعَلَ فِعْلَهُ (فَادَّعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ الْقَرِينَةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا إذْ الْإِكْرَاهُ إنَّمَا يُنَافِي الرِّدَّةَ دُونَ نَحْوِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَتِهَا لَكِنَّ الْحَزْمَ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَيُحْتَاطُ لَهُ فَإِنْ قُلْتَ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ وَبِالتَّلَفُّظِ بِلَفْظِهَا مَثَلًا إنَّمَا يَتَّجِهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ أَمَّا عَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ قُلْتُ بَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لِأَنَّهُمَا إذَا قَالَا ارْتَدَّ لِتَلَفُّظِهِ بِكَذَا حَكَمَا بِالرِّدَّةِ وَبَيَّنَا سَبَبَهَا فَكَانَ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لَهُمَا

وَأَمَّا إذَا قَالَا ابْتِدَاءً لَفَظَ بِكَذَا فَلَيْسَ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لَهُمَا وَلَوْ شَهِدَا بِكُفْرِهِ وَفَصَّلَاهُ لَمْ يَكْفِ قَوْلُهُ: أَنَا مُسْلِمٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِبُطْلَانِ مَا كَفَرَ بِهِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ مَا يُخَالِفُ دَيْنَ الْإِسْلَامِ

. (وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمِينَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ بِزَعْمِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) مُعَامَلَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ لَكِنَّ الْأَظْهَرَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَفْصَلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ رِدَّةٌ فَفَيْءٌ أَوْ غَيْرُهَا كَقَوْلِهِ كَأَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ صُرِفَ إلَيْهِ لَكِنْ فِي قَبُولِ هَذَا مِنْ عَالِمٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُر شَيْئًا وُقِفَ فَإِمَّا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَإِمَّا لَاحَظَ فِيهِ فَرْقًا وَيَتَّجِهُ فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ وَلَوْ الْوَارِثَ يَتَسَامَحُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَيِّتِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا لَا يَتَسَامَحُهُ

نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَلَكِنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْنُونَةِ زَوْجَاتِهِ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِنَّ أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَهَلْ يَنْعَزِلُ عَنْ وَظَائِفِهِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِسْلَامُ أَوْ لَا؟ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي) أَيْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ بِهَا) كَأَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالرَّشِيدِيُّ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ بَحْثُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَ (قَوْلُهُ: لَا هُنَا) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ بِالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: بِالْإِسْلَامِ) أَيْ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يُنْكِرْ)، وَإِنَّمَا عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَوْ صَدَّقَ شَخْصٌ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِرِدَّةٍ وَلَكِنْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُنْكِرْ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْتَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَحُلِّفَ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَقْتَضِيهِ قَرِينَةٌ) بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ كُفْرٍ وَسَبِيلُهُ مُخَلًّى اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَيُحْكَمُ بِبَيْنُونَةِ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَا: لَفَظَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدَانِ ارْتَدَّ وَلَكِنْ قَالَا إلَخْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: دُونَ نَحْوِ التَّلَفُّظِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُنَافِي التَّلَفُّظَ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ وَلَا الْفِعْلِ الْمُكَفِّرِ وَيُنْدَبُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ تَثْبُتْ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ قَوْلَانِ أَوْجُهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْحَزْمَ) أَيْ الرَّأْيَ، وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ) أَيْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ: مَا كَفَرَ بِهِ) أَيْ كَتَخْصِيصِ رِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِالْعَرَبِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ فِي قَبُولِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَهَذَا جَرْيٌ إلَى لَكِنَّ الْأَظْهَرَ وَإِلَى قَوْلِهِ فَإِمَّا، هُوَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ فِي قَبُولِ إلَى، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ إلَخْ) أَيْ وَالْمُرْتَدُّ لَا يُورَثُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَظْهَرَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ مَا هُوَ رِدَّةٌ (قَوْلُهُ: صُرِفَ) أَيْ نَصِيبُ الْمُقِرِّ بِالِارْتِدَادِ إلَيْهِ أَيْ الْمُقِرِّ بِهِ (قَوْلُهُ: وُقِفَ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِمَّا، هُوَ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْأَظْهَرِ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ) أَيْ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِمَّا لَاحَظَ) أَيْ الرَّافِعِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: فَرْقًا) أَيْ بَيْنَ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ وَالْإِقْرَارِ بِهَا حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْأَوَّلِ التَّفْصِيلُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْقِ

دَارِهِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ إلَّا إنْ سُمِعَ تَشَهُّدُهُ اهـ وَقَوْلُهُ حَرْبِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِهِ الْمُرَادُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِي دَارِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ فَادَّعَى إكْرَاهًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِرِدَّةِ أَسِيرٍ وَلَمْ يَدَّعِ إكْرَاهًا حُكِمَ بِرِدَّتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا حُكِيَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مَعَ الْكُفَّارِ ثُمَّ أَحَاطَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَاطَّلَعَ مِنْ الْحِصْنِ وَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا تَشَبَّهْتُ بِهِمْ خَوْفًا قُبِلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَمَاتَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ارْتَدَّ طَائِعًا وَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِتَلَفُّظِ رَجُلٍ بِالْكُفْرِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ مُقَيَّدٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِإِكْرَاهٍ وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَسَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَلَفَّظَ بِكُفْرٍ ثُمَّ ادَّعَى إكْرَاهًا فَإِنْ فَعَلَ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَهُوَ أَسِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ: اهـ.

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يُضْمَنُ قَوْلَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ.

(قَوْلُهُ: مَا كَفَرَ بِهِ) أَيْ كَتَخْصِيصِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِالْعَرَبِ

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَظْهَرَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَفْصَلُ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ فَإِمَّا هُوَ مُفَرَّعٌ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْأَظْهَرِ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ وَقَوْلُهُ وَيَتَّجِهُ

ص: 95

فِي الْحَيِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِ وَكَوْنُهُ يَفُوتُ إرْثُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَارُ مُوَرِّثِهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِعَارِهِ فَلَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ أَكْثَرَ مِنْ الشَّاهِدِ يُعَارِضُهُ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُغْفَلُ عَنْ ذَلِكَ

(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ) لِاحْتِرَامِهِمَا بِالْإِسْلَامِ قَبْلُ وَرُبَّمَا عَرَضَتْ شُبْهَةٌ بَلْ الْغَالِبُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ عَنْ عَبَثٍ مَحْضٍ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ خَبَرَ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي امْرَأَةٍ ارْتَدَّتْ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَتِبْ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا وَالْمُرْتَدُّ إذَا حَارَبَ لَا يُسْتَتَابُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَتَّجِهُ وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ حَتَّى فِيمَنْ حَارَبَ لِأَنَّ تَحَتُّمَ قَتْلِهِ لَا يَمْنَعُ طَلَبَ اسْتِتَابَتِهِ لِيَنْجُوَ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَتُوبُونَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِقَتْلِهَا إنْ لَمْ تَتُبْ لِأَنَّهُ الَّذِي خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ (وَفِي قَوْلٍ يُسْتَحَبُّ) كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (وَهِيَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فِي الْحَالِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَمَرَّ نَدْبُ تَأْخِيرِهَا إلَى صَحْوِ السَّكْرَانِ (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَثَرٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه (فَإِنْ أَصَرَّا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الرِّدَّةِ (قُتِلَا) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لِعُمُومِ مَنْ فِيهِ وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ وَلِلسَّيِّدِ قَتْلُ قِنِّهِ وَالْقَتْلُ هُنَا بِضَرْبِ الْعُنُقِ دُونَ مَا عَدَاهُ وَلَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عُزِّرَ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الْقَتْلِ عَرَضَتْ لِي شُبْهَةٌ فَأَزِيلُوهَا لِأَتُوبَ نَاظَرْنَاهُ وُجُوبًا مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَسْوِيفٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ فَإِنَّ الْحُجَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّيْفِ فَاغْتُفِرَ لَهُ هَذَا الزَّمَنُ الْقَصِيرُ لِلْحَاجَةِ وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِنَا لِكُفْرِهِ وَلَا فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ لِمَا سَبَقَ لَهُ مِنْ حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ أَخَسُّ مِنْهُمْ وَحُرْمَةُ الْإِسْلَامِ لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ كَفَرَ بِسَبِّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ بِسَبِّ نَبِيٍّ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَذْهَبًا لَكِنْ اُخْتِيرَ قَتْلُهُ مُطْلَقًا وَنَقَلَ الْفَارِسِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ فِي سَبٍّ هُوَ قَذْفٌ لَا مُطْلَقًا هَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ عَنْ الْفَارِسِيِّ وَمِمَّنْ بَالَغَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَلِلسُّبْكِيِّ هُنَا مَا اعْتَرَفَ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ فَلْيُحْذَرْ أَيْضًا وَلَمْ يَحْتَجْ هُنَا لِلتَّثْنِيَةِ

كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ أَيْضًا اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي الْحَيِّ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) أَيْ الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَيِّتِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: يُعَارِضُهُ إلَخْ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَيَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) فَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِاحْتِرَامِهِمَا) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قِيلَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا عَرَضَتْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَرُبَّمَا إلَخْ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ عَنْ عَبَثٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ عَنْ شُبْهَةٍ عَرَضَتْ (قَوْلُهُ: فِي امْرَأَةٍ) يُقَالُ لَهَا أُمُّ رُومَانَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَتِبْ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ رَاجِعٌ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ قِصَّةَ الْعُرَنِيِّينَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ إلَخْ) أَوْ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ

(قَوْلُهُ: قِيلَ كَانَ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ نَصُّ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَرْأَةِ إشَارَةً إلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَيُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ إنْ لَمْ يَتُبْ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَتْلِهَا لَا فِي اسْتِتَابَتِهَا فَإِنَّهُ قَالَ تُحْبَسُ وَتُضْرَبُ إلَى أَنْ تَمُوتَ أَوْ تُسْلِمَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَجِيبٌ) أَيْ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِقَتْلِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الِاسْتِتَابَةُ (قَوْلُهُ: «مَنْ بَدَّلَ دَيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ» ) لَعَلَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ مِنْ التَّعْقِيبِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ وَفِي قَوْلٍ يُمْهِلُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ) إلَى قَوْلِهِ وُجُوبًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْقَتْلُ هُنَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا فِيمَا عَدَاهُ فَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ضَرْبِ الْعُنُقِ كَأَنْ كَانَ الْقَتْلُ قِصَاصًا عَنْ قَتْلٍ بِغَيْرِ ضَرْبِ الْعُنُقِ فَيُقْتَلُ بِمِثْلِ فِعْلِهِ لِلْمُنَاسَبَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ فِي الْحُرِّ سم وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) هَذَا إنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَإِنْ قَاتَلَ جَازَ قَتْلُهُ لِكُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: نَاظَرْنَاهُ وُجُوبًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَاهُ بَقَاءُ وُجُوبِ الْمُنَاظَرَةِ حَتَّى بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ إزَالَةُ الشُّبْهَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَسْوِيفٌ قَيْدٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ قَبْلَهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْمُنَاظَرَةِ مُطْلَقًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ قَبْلَهُ فَمُفَادُهُ حِينَئِذٍ إسْقَاطُ الْوُجُوبِ بِتَسْوِيفِهِ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِسْلَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نَاظَرْنَاهُ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ إلَخْ) خَالَفَ فِيهِ النِّهَايَةَ وَالْمُغْنِيَ فَقَالَ نَاظَرْنَاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا قَبْلَهُ، وَإِنْ شَكَا جُوعًا قَبْلَ الْمُنَاظَرَةِ أُطْعِمَ أَوَّلًا اهـ أَيْ وُجُوبًا ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ أَخَسُّ مِنْهُمْ إلَخْ) فَلَا مَانِعَ مِنْ دَفْنِهِ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ إلَخْ) أَيْ بِمَوْتِهِ كَافِرًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَإِنْ أَسْلَمَ) أَيْ مَنْ قَامَتْ بِهِ الرِّدَّةُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى صَحَّ وَتُرِكَ أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ مِرَارًا لَكِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي قَبُولِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ مَعَ التَّكَرُّرِ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْلِمُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَقِيَّةً أَوْ لَا. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إسْلَامُهُ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ اُخْتِيرَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلِلْخَبَرِ إلَى وَشَمِلَ (قَوْلُهُ: بِسَبِّهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ قَذْفِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ صِحَّةُ إسْلَامِ مَنْ كَفَرَ بِالسَّبِّ وَتُرِكَ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَابَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ: وَلِلسُّبْكِيِّ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ بِسَبِّهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ:

فِيهِ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْقِ فِي قَوْلِهِ وَإِمَّا لَاحَظَ فِيهِ فَرْقًا كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الْإِمَامُ) أَيْ فِي الْحُرِّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِسْلَامِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نَاظَرْنَاهُ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ

ص: 96

لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ الْحَامِلِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ الْأَحْسَنُ أَسْلَمَا لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ

(وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنَادِقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ كَذَا ذَكَرَاهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَذَكَرَا فِي آخَرَ أَنَّهُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ الْمُنَافِقُ وَقَدْ غَايَرُوا بَيْنَهُمَا، وَالْبَاطِنِيُّ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا غَيْرُ ظَاهِرِهِ، وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الظَّاهِرِ وَلَيْسَ مِنْهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ إشَارَاتُ الصُّوفِيَّةِ الَّتِي فِي تَفَاسِيرِهِمْ كَتَفْسِيرِ السُّلَمِيُّ وَالْقُشَيْرِيِّ؛ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهَا مُرَادَةٌ مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ أَنَّ الشَّيْءَ يُتَذَكَّرُ بِذِكْرِ مَالَهُ بِهِ نَوْعُ مُشَابَهَةٍ، وَإِنْ بَعُدَتْ.

وَلَا بُدَّ فِي الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا وَفِي النَّجَاةِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ كَمَا حَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ النَّاطِقِ فَلَا يَكْفِي مَا بِقَلْبِهِ مِنْ الْإِيمَانِ، وَإِنْ قَالَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَجَمْعٌ مُحَقِّقُونَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ لِلتَّلَفُّظِ بِهِمَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعِلْمِهِ بِشَرْطِيَّتِهِ أَوْ شَطْرِيَّتِهِ لَا يَقْصُرُ عَنْ نَحْوِ رَمْيِ مُصْحَفٍ بِقَذِرٍ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ وَالْفَرْقُ

وَلَمْ يَحْتَجْ) أَيْ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَيْ فِي أَسْلَمَ وَتُرِكَ (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ إلَخْ) أَيْ وَلِلْإِشَارَةِ بِالْمُغَايَرَةِ إلَى الْخِلَافِ وَلَوْ ثَنَّى هُنَا أَيْضًا فَاتَتْ هَذِهِ الْإِشَارَةُ كَمَا لَا يَخْفَى فَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ أَحْسَنُ مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ وَإِنْ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ إنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ مُصَحَّحٌ لِلْعِبَارَةِ بِتَكَلُّفٍ لَا دَفْعٌ لِأَحْسَنِيَّةِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ قُتِلَا إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ وَفِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ إلَخْ تَعْرِيضٌ بِالرَّدِّ عَلَى قَائِلِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَا قِيلَ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا ذَكَرَاهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالزِّنْدِيقُ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ مَعَ الظَّاهِرِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابَيْ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْفَرَائِضِ وَقَوْلُهُ فِي آخَرَ أَيْ فِي اللِّعَانِ مُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا) أَيْ مِنْ لَا يَنْتَسِبُ إلَى دِينٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الظَّاهِرِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَالْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ قَصْرُ الْبَاطِنِيَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَجْوِيزُ الثَّانِي لِلصُّوفِيَّةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ وَمِمَّنْ قَصَرَهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَدَّعِ أَنَّهَا مُرَادَةٌ إلَخْ) إنْ أَرَادَ قَطْعًا فَمُسَلَّمٌ لَكِنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ وُجُوهِ تَفْسِيرِ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَوْ مُطْلَقًا فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي بَعْضِهَا وَأَمَّا كَثِيرٌ مِنْهَا فَمِمَّا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ احْتِمَالًا ظَاهِرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مُصْطَلَحِهِمْ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى اللَّفْظِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ الْمَحْكِيَّةِ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي الْإِسْلَامِ) إلَى قَوْلِهِ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفِي النَّجَاةِ إلَى مِنْ التَّلَفُّظِ وَقَوْلُهُ مِنْ النَّاطِقِ إلَى وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَى بِتَرْتِيبِهِمَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُنْكِرُ رِسَالَتَهُ صلى الله عليه وسلم لِلْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ يُنْكِرُهَا لِغَيْرِهِمْ خَاصَّةً قَالَهُ ع ش وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ لَا بُدَّ فِي إسْلَامِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ إلَخْ وَلَعَلَّ هَذَا التَّعْمِيمَ، هُوَ الْمُرَادُ هُنَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ وَلَوْ ضِمْنًا عَلَى مَا يَأْتِي وَيُسَنُّ امْتِحَانُ الْكَافِرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِتَقْرِيرِهِ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فِي الشَّهَادَتَيْنِ أَحْمَدُ وَأَبُو الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ كَفَاهُ وَلَوْ قَالَ النَّبِيُّ بَدَلَ رَسُولِ اللَّهِ كَفَاهُ لَا الرَّسُولُ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَرَسُولِ اللَّهِ فَلَوْ قَالَ آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ كَفَى بِخِلَافِ آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالرَّسُولُ قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ وَبِخِلَافِ آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَغَيْرُ وَسِوَى وَمَا عَدَا وَنَحْوُهَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَإِلَّا فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَا كَقَوْلِهِ لَا إلَهَ غَيْرُ اللَّهِ أَوْ سِوَى اللَّهِ أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ أَوْ مَا خَلَا اللَّهَ وَلَوْ قَالَ كَافِرٌ أَنَا مِنْكُمْ أَوْ مِثْلُكُمْ أَوْ مُسْلِمٌ أَوْ وَلِيُّ مُحَمَّدٍ أَوْ أُحِبُّهُ أَوْ أَسْلَمْتُ أَوْ آمَنْتُ لَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ أَنَا مِنْكُمْ أَوْ مِثْلُكُمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ فَإِنْ قَالَ آمَنْتُ أَوْ أَسْلَمْتُ أَوْ أَنَا مُؤْمِنٌ أَوْ مُسْلِمٌ مِثْلُكُمْ أَوْ أَنَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَوْ دِينُكُمْ حَقٌّ أَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ أَوْ اعْتَرَفَ مَنْ كَفَرَ بِإِنْكَارِ وُجُوبِ شَيْءٍ بِوُجُوبِهِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ إحْدَاهُمَا، وَهِيَ مَا عَلَيْهَا الْجُمْهُورُ، وَهِيَ الرَّاجِحَةُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ اعْتِرَافًا بِالْإِسْلَامِ وَالثَّانِيَةُ وَنَسَبَهَا الْإِمَامُ لِلْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ يَكُونُ اعْتِرَافًا بِهِ وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ تُخَالِفُ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكْفِ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي التَّعْطِيلَ الَّذِي يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ، وَهُوَ لَيْسَ عِلَّةً وَمَنْ قَالَ آمَنْتُ بِاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْوَثَنَ وَكَذَا لَا إلَهَ إلَّا الْمَلِكُ أَوْ إلَّا الرَّزَّاقُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ السُّلْطَانَ الَّذِي يَمْلِكُ أَمْرَ الْجُنْدِ وَيُرَتِّبُ أَرْزَاقَهُمْ فَإِنْ قَالَ آمَنْتُ بِاَللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى دِينٍ قَبْلَ ذَلِكَ صَارَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ فَيَأْتِي بِالشَّهَادَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا لَمْ يَصِرْ مُؤْمِنًا حَتَّى يَضُمَّ إلَيْهِ وَكَفَرْتُ بِمَا كُنْتُ أَشْرَكْتُ بِهِ وَمَنْ قَالَ بِقِدَمِ غَيْرِ اللَّهِ كَفَى لِلْإِيمَانِ بِاَللَّهِ أَنْ يَقُولَ لَا قَدِيمَ إلَّا اللَّهُ كَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ يَكْفِيهِ أَيْضًا اللَّهُ رَبِّي مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَعِلْمِهِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ سُكُوتَ الْمُكَلَّفِ عَنْهُ لِجَهْلِهِ بِاعْتِبَارِهِ فِي الْإِيمَانِ شَطْرًا أَوْ شَرْطًا لَا يَضُرُّ فَهُوَ مُؤْمِنٌ فِي الْبَاطِنِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ شَطْرًا أَوْ شَرْطًا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهْلُ فَتَأْثِيرُ الْجَهْلِ هُنَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَمْعٌ مُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ وَوُجُوبُ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْقَادِرِ بِهِ وُجُوبٌ فِقْهِيٌّ يُوجِبُ تَرْكُهُ الْإِثْمَ لَا الْكُفْرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يَصِحُّ الْإِسْلَامُ بِسَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَبِإِشَارَةِ

قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ إلَخْ) فِي انْدِفَاعِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى إذْ لَا شُبْهَةَ فِي أَحْسَنِيَّةِ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا التَّوْجِيهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فَغَايَتُهُ

ص: 97

بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ جَلِيٌّ بِتَرْتِيبِهِمَا ثُمَّ الِاعْتِرَافِ بِرِسَالَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ مِمَّنْ يُنْكِرُهَا أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَبِرُجُوعِهِ عَنْ الِاعْتِقَادِ الَّذِي ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ وَلَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ تَابَ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُضَاةِ وَمِنْ جَهْلِهِمْ أَيْضًا أَنَّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ بِرِدَّةٍ أَوْ جَاءَهُمْ بِطَلَبِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ يَقُولُونَ لَهُ تَلَفَّظْ بِمَا قُلْتَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إذَا اُدُّعِيَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ارْتَدَّ، وَهُوَ مُسْلِمٌ لَمْ أَكْشِفْ عَنْ الْحَالِ وَقُلْتُ لَهُ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّك بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ تَكْرِيرِهِ رضي الله عنه لَفْظُ أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ جَمْعٌ وَفِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ لِكُلٍّ

. (وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا)

الْأَخْرَسِ نَعَمْ لَوْ لُقِّنَ الْعَجَمِيُّ الْكَلِمَةَ الْعَرَبِيَّةَ فَقَالَهَا وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا لَمْ يَكْفِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ أَمَّا إذَا نَطَقَ بِهَا عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَقَتَلَهُ لِظَنِّ بَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ ثُمَّ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ هُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ لِمَعْرِفَتِهَا بِلِسَانِهِ دُونَ الْقَاتِلِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنَّ كُفْرَهُ إنَّمَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: جَلِيٌّ) لَعَلَّهُ بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِتَعَيُّنِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي» هُنَاكَ وَعَدَمُ وُرُودِ الْأَمْرِ بِتَعَيُّنِ الْعَرَبِيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ: بِتَرْتِيبِهِمَا إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَرْتِيبِ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ فَإِنْ عَكَسَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ إنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَا تُشْتَرَطُ فَلَوْ تَأَخَّرَ الْإِيمَانُ بِرَسُولِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مُدَّةً طَوِيلَةً صَحَّ اهـ ر لَكِنْ جَرَى النِّهَايَةُ عَلَى اعْتِبَارِهَا عِبَارَتُهُ وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُمَا وَمُوَالَاتُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الِاعْتِرَافِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْبَرَاءَةِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الِاعْتِرَافِ وَقَوْلُهُ وَبِرُجُوعِهِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِرِسَالَتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِرُجُوعِهِ عَنْ الِاعْتِقَادِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ بَرِئْتُ مِنْ كَذَا فَيَبْرَأُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ تَابَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَعَمْ يُعَزَّرُ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ لِزِيَادَةِ تَهَاوُنِهِ بِالدِّينِ فَيُعَزَّرُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهَا وَلَا يُعَزَّرُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى اهـ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْأَحَادِيثِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هَذَا النَّصُّ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَطْفُ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: لَوْ أَذَّنَ كَافِرٌ غَيْرُ عِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ لَا عَطْفَ فِي شَهَادَتَيْهِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ تَكْرِيرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ وَهُمَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَنْ أَفْتَى مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظِ أَشْهَدُ فِي الشَّهَادَتَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ وَقَالَ الزَّنْكَلُونِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَهُمَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَةَ أَشْهَدُ لَا تُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ، وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ اخْتَلَفَ الْمَفْتُون فِي الْإِفْتَاءِ فِي عَصْرِنَا فِيهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَمَالِ وَمَا قَالَهُ الزَّنْكَلُونِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى أَقَلِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْلَامُ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَكْرِيرِهِ أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِدُونِهِ، وَإِنْ أَتَى بِالْوَاوِ قَالَهُ ع ش وَقَالَ سم يَنْبَغِي أَنْ يُغْنِيَ عَنْهُ الْعَطْفُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ كَذَا فِي ع ش لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْأَدِلَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَلْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ لَفْظَةِ أَشْهَدُ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي اسْتِظْهَارُهُ وَعَنْهُ وَعَنْ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مَا يُفِيدُهُ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ إلَخْ) وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُنْعَقِدَ قَبْلَ رِدَّتِهِمَا مُسْلِمٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُنْعَقِدِ بَعْدَهَا إذْ مَنْ لَازَمَ الْمُنْعَقِدَ قَبْلَهَا أَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ اهـ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِالِانْعِقَادِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حُصُولُ الْمَاءِ فِي الرَّحِمِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ فَيُنْظَرُ هَلْ الرِّدَّةُ قَبْلَ الْوَطْءِ فَقَدْ انْعَقَدَ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا حَصَلَ وَطْءٌ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَوَطْءٌ بَعْدَهَا وَاحْتُمِلَ الِانْعِقَادُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ مُسْلِمٌ اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَسَكَتَ الْأَصْحَابُ هُنَا عَمَّا لَوْ أَشْكَلَ عُلُوقُهُ هَلْ هُوَ قَبْلُ الرِّدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ

تَصْحِيحُ الْعِبَارَةِ بِالتَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ: بِتَرْتِيبِهِمَا) أَيْ وَمُوَالَاتِهِمَا م ر (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إذَا اُدُّعِيَ عَلَى رَجُلٍ إلَخْ) هَذَا النَّصُّ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَطْفُ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ أَذَّنَ كَافِرٌ غَيْرُ عِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ لَا عَطْفَ فِي شَهَادَتَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَكْرِيرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُغْنِيَ عَنْهُ الْعَطْفُ

. (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ

ص: 98

أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَإِنْ عَلَا أَوْ مَاتَ (مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (أَوْ) وَأَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ) وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ (فَمُسْلِمٌ) فَلَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُهُ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ وَيُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ قِنًّا لِبَقَاءِ عُلْقَةِ الْإِسْلَامِ فِي أَبَوَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ) ، هُوَ (مُرْتَدٌّ) تَبَعًا لَهُمَا (وَفِي قَوْلٍ) ، هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَلَمْ يُبَاشِرْ إسْلَامًا حَتَّى يُغْلَظَ عَلَيْهِ فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ إذْ لَا أَمَانَ لَهُ نَعَمْ لَا يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِشُبْهَةِ دِينٍ كَانَ حَقًّا قَبْلَ الْإِسْلَامِ (قُلْت الْأَظْهَرُ) ، هُوَ (مُرْتَدٌّ) وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ إمَامُهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (الِاتِّفَاقَ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (عَلَى كُفْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُسْتَرَقُّ بِحَالٍ وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَمْتَنِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ، وَإِنْ بَعُدَ وَمَاتَ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي اللَّقِيطِ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدٌّ وَالْآخَرُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْ يُقَرُّ أَوْلَى بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُقَرُّ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ

. (وَفِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ) أَحَدُهَا يَزُولُ مُطْلَقًا حَقِيقَةً وَلَا يُنَافِيهِ عَوْدُهُ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ثَانِيهمَا: لَا مُطْلَقًا (وَ) ثَالِثُهَا وَهُوَ (أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُ مِلْكِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ) ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ عَمَلِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِهِ مُرْتَدًّا فَكَذَا زَوَالُ مِلْكِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ فَهُوَ إمَّا فَيْءٌ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ وَفِي مَالٍ مُعَرَّضٍ لِلزَّوَالِ لَا نَحْوِ مُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ

زَمَانٍ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ فِي الْحَمْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الرِّدَّةُ) إلَى قَوْلِهِ فَيُعَامَلُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ فِيهَا اهـ مُغْنِي وَهَذَا يُغْنِي عَمَّا فِي ع ش عَنْ شَيْخِهِ الشَّوْبَرِيِّ أَيْ أَوْ مُقَارِنًا لَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا إلَخْ) غَايَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مَاتَ أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْحَمْلِ بِهِ بِسِنِينَ عَدِيدَةٍ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ إلَخْ أَيْ وَإِنْ بَعُدَ لَكِنْ حَيْثُ يُعَدُّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِحَيْثُ يَرِثُ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إسْلَامًا) الْأَوْلَى رِدَّةً كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يُغْلَظَ إلَخْ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ يُبَاشِرْ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَيُعَامَلُ إلَخْ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْمَتْنِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يُبَاشِرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ بِهِ إلَخْ) إنَّمَا هُوَ بِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا بِخُصُوصِ الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِمُرْتَدٍّ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ تَسَمُّحٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَهُوَ عَلَى حُكْمِ الْكُفْرِ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمْ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ إمَامُهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) مُرَادُهُ بِهَذَا الْجَوَابِ عَنْ نَقْلِ الْمُصَنِّفِ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ عَنْ جَمِيعِ الْعِرَاقِيِّينَ مَعَ أَنَّ النَّاقِلَ لَهُ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا نَقَلَهُ إمَامُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُهُ فَكَأَنَّهُمْ نَقَلُوهُ اهـ رَشِيدِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ سَكَتَ غَيْرُ إمَامِهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ مَا ادَّعَاهُ مِنْ نَقْلِ الِاتِّفَاقِ اعْتَمَدَ فِيهِ قَوْلَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّيْمَرِيَّ شَيْخَ الْمَاوَرْدِيِّ مِنْ كِبَارِهِمْ وَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ قَاضِيَةٌ بِهِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ لِلْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ حَيْثُ يُعَدُّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُرْتَدٌّ وَقَوْلُهُ كَافِرٌ) كَانَ الْأَوْلَى نَصْبُهُمَا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ: مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ إلَخْ) الْمُرَادُ كُفَّارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنَاوِيُّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَفِي هَامِشِ النِّهَايَةِ بِلَا عَزْوٍ مَا نَصُّهُ هَذَا فِي كُفَّارِ أُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم تَشْرِيفًا لَهُمْ أَمَّا أَوْلَادُ كُفَّارِ غَيْرِ أُمَّتِهِ فَفِي النَّارِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْجَنَّةِ) أَيْ وَمُسْتَقِلُّونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ

(قَوْلُهُ: أَيْ الرِّدَّةِ) إلَى قَوْلِهِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ وَقَوْلَهُ وَفِي مَالِ مُعَرَّضٍ لِلزَّوَالِ (قَوْلُهُ: يَزُولُ مُطْلَقًا) أَيْ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ بِرِدَّتِهِ وَقَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا أَيْ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي الْمِلْكَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ) فِي تَقْرِيبِهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا) وَاوُهُ مَرْقُومَةٌ بِالْحُمْرَةِ فِي نُسَخِ التُّحْفَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْمَتْنِ فِي نُسَخِ الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَظْهَرُهَا الْوَقْفُ كَبُضْعِ زَوْجَتِهِ سَوَاءٌ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ إنْ هَلَكَ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ زَوَالُ مِلْكِهِ) وَفِي الْمَحَلِّيِّ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي زَوَالُهُ بِهَا اهـ

(قَوْلُهُ: مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ) يَعْنِي حَازَهُ فِيهَا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ) أَيْ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اُنْتُزِعَ مِنْهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ مَا صَادَهُ فِي الرِّدَّةِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ

بِالِانْعِقَادِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حُصُولُ الْمَاءِ فِي الرَّحِمِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ فَيُنْظَرُ هَلْ الرِّدَّةُ قَبْلَ الْوَطْءِ فَقَدْ انْعَقَدَ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا حَصَلَ وَطْءٌ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَوَطْءٌ بَعْدَهَا وَاحْتُمِلَ الِانْعِقَادُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحَمْلِ فَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ وَلَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ الْمُرْتَدَّيْنِ فَلَهُ حُكْمُهُمَا أَوْ بَيْنَ مُرْتَدٍّ وَأَصْلِيٍّ فَكَالْأَصْلِيِّ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُنْعَقِدَ قَبْلَ رِدَّتِهِمَا مُسْلِمٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُنْعَقِدِ بَعْدَهَا إذْ مِنْ لَازِمِ الْمُنْعَقِدِ قَبْلَهَا أَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ) وَجَزْم بِهِ فِي الرَّوْض

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ فَهُوَ إمَّا فَيْءٌ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِلَّا أَيْ، وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ أَنَّ مِلْكَهُ فَيْءٌ وَمَا يَمْلِكُهُ أَيْ فِي الرِّدَّةِ بِنَحْوِ احْتِطَابٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ اهـ

ص: 99

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَحَجْرِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ حَقِّ الْفَيْءِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ يَبْطُلُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ مَا يَقْبَلُهُ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بَطَلَ وَإِلَّا وُقِفَ

(وَعَلَى الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا (يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ بِإِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ فِيهَا بِإِتْلَافٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ أَمَّا عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا عَلَى زَوَالِهِ فَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَوْتِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَعَلَى حَقِّ الْفَيْءِ أَوْلَى وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وُفِّيَ ثُمَّ مَا بَقِيَ فَيْءٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ جَمِيعُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ مُتَعَلِّقًا بِهِ الدَّيْنُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِلْوَارِثِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا أَفْهَمَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا مَا بَقِيَ (وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ كَمَا يُجَهَّزُ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ

(وَالْأَصَحُّ) بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا) كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا يَضْمَنُ فِي تَرِكَتِهِ مَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (وَنَفَقَةُ) يَعْنِي مُؤْنَةَ (زَوْجَاتٍ وَقَفَ نِكَاحَهُنَّ) نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ (وَقَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَتَجَدَّدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَأُمِّ وَلَدٍ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ وُجُوبِهَا أَمَّا عَلَى الْوَقْفِ فَيَجِبُ ذَلِكَ قَطْعًا كَنَفَقَةِ الْقِنِّ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ) فِيهَا (إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ) بِأَنْ يَقْبَلَ قَوْلَيْهِ وَمَقْصُودُ فَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ (كَتَعْلِيقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةِ مَوْقُوفٍ إنْ أَسْلَمَ نُفِّذَ) أَيْ بَانَ نُفُوذُهُ (وَإِلَّا فَلَا)

وَلَوْ أَوْصَى قَبْلَ الرِّدَّةِ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ أَيْضًا (وَبَيْعُهُ) وَنِكَاحُهُ (وَرَهْنُهُ وَهِبَتُهُ وَكِتَابَتُهُ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَنَحْوُهَا مَنْ كُلِّ مَا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلتَّعْلِيقِ (بَاطِلَةٌ) فِي الْجَدِيدِ لِبُطْلَانِ وَقْفِ الْعُقُودِ وَوَقْفُ التَّبَيُّنِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ وُجِدَ الشَّرْطُ حَالَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّرْطَ احْتِمَالُ الْعَقْدِ لِلتَّعْلِيقِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَإِنْ احْتَمَلَهُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ فِي الْكِتَابَةِ (وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفَةٌ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْعُقُودِ فَإِنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا وَإِلَّا فَلَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ (يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ) نَحْوِ (امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) أَوْ مَحْرَمٍ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) كَعَقَارِهِ وَحَيَوَانِهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ وَلِلْقَاضِي بَيْعُهُ إنْ هَرَبَ وَرَآهُ مَصْلَحَةً (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي) وَيَعْتِقُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَبْضِ الْمُرْتَدِّ كَالْمَجْنُونِ

الْآخِذُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ حِينَ الْأَخْذِ فَلَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ لَا نَحْوِ مُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ أَيْ أَمَّا هُمَا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُمَا اتِّفَاقًا لِثُبُوتِ حَقِّ الْعِتْقِ لَهُمَا قَبْلَ رِدَّتِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ كَلَامِهِ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ) أَيْ الْحَجْرُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَحَجْرِ الْمُفْلِسِ) وَقِيلَ كَحَجْرِ السَّفَهِ وَقِيلَ كَحَجْرِ الْمَرَضِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ) أَيْ التَّعْلِيقَ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ حُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مَا يَقْبَلُهُ) أَيْ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: كُلِّهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَمَّا عَلَى الْوَقْفِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ قَوْلَيْهِ وَمَقْصُودُ فَعَلَيْهِ وَقَوْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وُفِّيَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ) أَيْ الدِّينُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا أَفْهَمَهُ إلَخْ) وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي فَوَائِدِ التَّرِكَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَتَعَلَّقْ الدِّينُ بِالزَّوَائِدِ وَعَلَى الثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِهَا اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ) أَيْ إذَا أُخِّرَتْ لِعُذْرٍ قَامَ بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَرَضَ عَقِبَ الرِّدَّةِ اهـ ع ش وَيَظْهَرُ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ بَلْ لِتَسَاهُلِ الْقَاضِي فِي الِاسْتِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ) سَيُذْكَرُ مُحْتَرِزُهُ وَيَعْنِي بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ لَا خُصُوصُ الْأَصَحِّ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ فِيهَا) أَيْ الرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ جَمْعٌ وَامْتَنَعُوا عَنْ الْإِمَامِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ إلَّا بِقِتَالٍ فَمَا أَتْلَفُوا فِي الْقِتَالِ إذَا أَسْلَمُوا ضَمِنُوهُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا اهـ مُغْنِي وَفِي الْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ

(قَوْلُهُ: نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ) فِي نُسْخَةٍ مِنْ التُّحْفَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى الْوَقْفِ) أَيْ أَوْ بَقَاءِ مِلْكِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ)، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا مَرَّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَنِكَاحُهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ يَجْرِي فِيهِ أَيْضًا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَنَّهَا عَلَى قَوْلَيْ وَقْفِ الْعُقُودِ حَتَّى تَبْطُلَ عَلَى الْجَدِيدِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُنَا وَفِي الْكِتَابَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَرَجَّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ صِحَّتَهَا وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ اهـ

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالْوَقْفِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ: مَقْصُودُ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ الْعِتْقُ سم وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مَعَ عَدْلٍ) أَيْ عِنْدَهُ يَحْفَظُهُ.

(تَنْبِيهٌ)

قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْجُعْلِ الْمَذْكُورِ عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بَيْعُهُ إلَخْ) أَيْ الْحَيَوَانِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحِرَابِ بِيعَ عَلَيْهِ حَيَوَانُهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ إلَخْ) وَلَوْ أَدَّى فِي الرِّدَّةِ زَكَاةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ الْقَفَّالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَسْقُطَ

قَوْلُهُ: هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَوُقِفَ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَوُقِفَ سَهْوٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لَا بَيْعَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَمَلَهُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ)، وَهُوَ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَلِلْقَاضِي بَيْعُهُ إنْ هَرَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ كَنْزِ الْأُسْتَاذِ وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَرَأَى الْحَاكِمُ الْحَظَّ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ فَعَلَ اهـ

ص: 100