الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ أَرْسَلَهَا أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهَا؛ إذْ مِثْلُ هَذِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَعَدَمُ إحْكَامِ رَبْطِهِ تَقْصِيرٌ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كُلَّ حَيَوَانٍ عُرِفَ بِالْإِضْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يُمْلَكْ فَيَضْمَنُ ذُو جَمَلٍ أَوْ كَلْبٍ عَقُورٍ مَا يُتْلِفُهُ إنْ أَرْسَلَهُ أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْ دَعَاهُ لِدَارِهِ وَبِبَابِهَا نَحْوُ كَلْبٍ عَقُورٍ مَرْبُوطٍ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهِ فَافْتَرَسَهُ لِتَقْصِيرِ الْمَدْعُوِّ بِعَدَمِ دَفْعِهِ بِنَحْوِ عَصًا مَعَ ظُهُورِهِ وَعَدَمِ تَقْصِيرِ ذِي الْيَدِ بِرَبْطِهِ بِخِلَافِ مَدْعُوٍّ لِدَارٍ بِهَا بِئْرٌ مُغَطَّاةٌ أَوْ مَحَلُّهَا مُظْلِمٌ أَوْ الْمَدْعُوُّ بِهِ نَحْوُ عَمَى؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُقَصِّرُ بَعْدَ إعْلَامِ الْمَدْعُوِّ بِهَا؛ إذْ لَا حِيلَةَ لَهُ حِينَئِذٍ فِي الْخَلَاصِ مِنْهَا، (وَإِلَّا) يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا (فَلَا) يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الَّتِي عُهِدَ مِنْهَا ذَلِكَ إلَّا حَالَةَ عُدُوِّهَا فَقَطْ أَيْ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِدُونِ الْقَتْلِ كَالصَّائِلِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي مُطْلَقًا كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَرَدُّوهُ بِأَنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْحَامِلِ؛ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْ حَمْلِهَا كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَلْزَمُ قَائِلَهُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْحَامِلَ لَوْ صَالَتْ عَلَى إنْسَانٍ لَا يَدْفَعُهَا وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، فَالْوَجْهُ جَوَازُ الدَّفْعِ، بَلْ وُجُوبُهُ، وَلَا نَظَرَ لِلْحَمْلِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَعْلَمُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ وَتَيَقَّنَّا إضْرَارَهَا لَوْ لَمْ يَدْفَعْهَا فَرُوعِيَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ السِّيَرِ)
ع ش. (قَوْلُهُ: إنْ أَرْسَلَهَا إلَخْ) نَعَمْ لَوْ رَبَطَهَا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ نِهَايَةٌ أَيْ: وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ ع ش. (قَوْلُهُ: إذْ مِثْلُ هَذِهِ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ.
(قَوْلُهُ: كَانَ مِثْلُهَا كُلَّ حَيَوَانٍ إلَخْ) أَيْ: فَيَضْمَنُ ذُو الْيَدِ مَا أَتْلَفَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَإِنْ سَلَّمَهُ لِصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا، فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ إلَخْ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: عُرِفَ بِالْإِضْرَارِ) كَالْجَمَلِ وَالْحِمَارِ اللَّذَيْنِ عُرِفَا بِعَقْرِ الدَّوَابِّ وَإِتْلَافِهَا اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ ذُو جَمَلٍ) أَيْ: عُرِفَ بِالْإِضْرَارِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ أَلَا تَرَى إلَى تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ بِالْإِضْرَارِ لَا يَضْمَنُ بِإِرْسَالِهَا فَقَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ: أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا عِنْدَ اعْتِيَادِ الْإِرْسَالِ فِي الْبَلَدِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ مَفْرُوضًا فِي إرْسَالِهِ فِي الصَّحْرَاءِ اهـ. سم عِبَارَةُ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًّا أَيْ: فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَادُ رَبْطُهُ كَالْهِرَّةِ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا، وَإِلَّا ضَمِنَ نَهَارًا لَا لَيْلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِالدَّارِ أَيْ: فِي دَاخِلِهَا. (قَوْلُهُ: بِهِ نَحْوُ عَمَى) الْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمَدْعُوِّ. (قَوْلُهُ: يُعْهَدُ ذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا، وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا اهـ. قَالَ ع ش أَيْ: أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا، بَلْ يَدْفَعُهَا بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً لَا يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي) أَيْ: الْقَتْلَ مُطْلَقًا أَيْ: فِي حَالَةِ عَدْوِهَا وَغَيْرِهَا أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِدُونِ الْقَتْلِ أَمْ لَا قَالَ الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ: وَكَانَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَمَدَهُ حَيْثُ أَفْتَى بِقَتْلِ الْهِرِّ إذَا خَرَجَ أَذَاهُ عَنْ الْعَادَةِ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي هِرٍّ مُهْمَلٍ لَا مَالِكَ لَهُ إلْحَاقًا بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَمْلُوكِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ مَعَ ظُهُورِ إفْسَادِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ جَوَازُ الدَّفْعِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهَا وَشَمِلَ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ أَيْ: وَإِنْ سَقَطَ حَمْلُهَا كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأَلُّفِ ذَلِكَ الْمَحَلَّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يُضَمِّنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلِفَهَا وَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ ذُو الْيَدِ اهـ. (خَاتِمَةٌ) لَوْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ مَثَلًا مُسَيَّبَةٌ مِلْكَ شَخْصٍ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَوْضِعٍ يَعْسُرُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ مِنْهُ فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَلَوْ ضَرَبَ شَجَرَةً فِي مِلْكِهِ لِيَقْطَعَهَا، وَعَلِمَ أَنَّهَا إذَا سَقَطَتْ عَلَى غَافِلٍ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْلِمْهُ الْقَاطِعُ بِهِ فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ فَأَتْلَفَتْهُ ضَمِنَهُ، وَإِنْ دَخَلَ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاطِعُ بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ بِهِ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ أَيْضًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَكِنْ أَعْلَمَهُ الْقَاطِعُ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَلَوْ حَلَّ قَيْدَ دَابَّةِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا تُتْلِفُهُ كَمَا لَوْ نَقَبَ الْحِرْزَ وَأَخَذَ الْمَالَ غَيْرُهُ، وَلَوْ أَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَعَارَةُ أَوْ الْمَبِيعَةُ قَبْلَ قَبْضِهَا زَرْعًا مَثَلًا لِمَالِكِهَا ضَمِنَهُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْبَائِعُ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدَيْهِمَا أَوْ أَتْلَفَتْ مِلْكَ غَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لِلْبَائِعِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَنًا لِلدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ مِلْكَهُ وَيَصِيرُ قَابِضًا لِلثَّمَنِ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَسُئِلَ الْقَفَّالُ عَنْ حَبْسِ الطُّيُورِ فِي أَقْفَاصٍ لِسَمَاعِ أَصْوَاتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِالْجَوَازِ إذَا تَعَهَّدَهَا مَالِكُهَا بِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَهِيمَةِ تُرْبَطُ اهـ. مُغْنِي، وَكَذَا فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ إلَّا قَوْلَهُ: وَسُئِلَ الْقَفَّالُ إلَخْ
[كِتَابُ السِّيَرِ]
إذَا شَكَّ هَلْ سَيَّبَهَا الْمَالِكُ أَوْ لَا هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْمُسَيَّبَةِ أَوْ لَا؟ أَوْ كَيْفَ الْحُكْمُ؟
. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ ذُو جَمَلٍ) أَيْ: عُرِفَ بِالْإِضْرَارِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ أَلَا تَرَى إلَى تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ؟ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ بِالْإِضْرَارِ وَلَا يَضْمَنُ بِإِرْسَالِهِ فَقَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ: السَّابِقَ أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا عِنْدَ اعْتِيَادِ الْإِرْسَالِ فِي الْبَلَدِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ مَفْرُوضًا فِي إرْسَالِهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِرْسَالِ بِالْبَلَدِ وَالصَّحْرَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(كِتَابُ السِّيَرِ)
جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا هُنَا أَصَالَةُ الْجِهَادِ، وَإِنْ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ وُجُوبَهُ وُجُوبُ الْوَسَائِلِ لَا الْمَقَاصِدِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْهِدَايَةُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أُمْكِنَتْ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ كَانَتْ أَوْلَى مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: الْهِدَايَةُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ لَوْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لَزِمَ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ يُقْبَلُ مِنْهُ عَلَى أَنَّ هِدَايَتَهُمْ لَا سِيَّمَا عَلَى الْعُمُومِ بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الدَّلِيلِ نَادِرَةٌ جِدًّا، بَلْ مُحَالٌ عَادَةً فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا وَكَأَنَّ الْجِهَادَ مَقْصُودٌ لَا وَسِيلَةٌ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَتَرْجَمَهُ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْجِهَادِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُلْتَقَى تَفْصِيلُ أَحْكَامِهِ مِنْ سِيرَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ.
وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ غَزْوَةً قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ: بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْمُرَيْسِيعِ وَالْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ وَخَيْبَرَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ، وَبَعَثَ صلى الله عليه وسلم سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً، وَهِيَ: مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَمَا زَادَ مِنْسَرٌ بِنُونٍ فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ جَيْشٌ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَمَا زَادَ جَحْفَلٌ، وَالْخَمِيسُ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ وَفِرْقَةُ السَّرِيَّةِ سُمِّيَ بَعْثًا، وَالْكَتِيبَةُ مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ وَكَانَ أَوَّلُ بُعُوثِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ فِي رَمَضَانَ، وَقِيلَ: فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الشَّهِيرَةُ، وَأَخَذَ مِنْهَا ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِيمَانِ، وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةً مُصَرِّحَةً بِذَلِكَ أَوَّلَهَا الْأَكْثَرُونَ بِحَمْلِهَا عَلَى خُصُوصِ السَّائِلِ أَوْ الْمُخَاطَبِ أَوْ الزَّمَنِ. (كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)
بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: جَمْعُ سِيرَةٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ جَزَمَ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: لُغَةً اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْمَقْصُودُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَغَرَضُهُ مِنْ التَّرْجَمَةِ ذِكْرُ الْجِهَادِ وَأَحْكَامِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْهِدَايَةُ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ الشَّهَادَةِ أَمَّا قَتْلُ الْكُفَّارِ فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ:) أَيْ: الزَّرْكَشِيّ. (قَوْلُهُ: قَبُولُهَا) أَيْ: الْجِزْيَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ: لُزُومَ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: بِمَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ) احْتِرَازٌ عَنْ عَابِدِ نَحْوِ وَثَنٍ وَأَصْحَابِ الطَّبَائِعِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هِدَايَتَهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ: نَادِرَةٌ جِدًّا إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَتْ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. سم أَيْ: لِأَنَّ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْمُقَدَّمِ، بَلْ فِي تَعْبِيرِهِ بِلَوْ إشَارَةٌ إلَى امْتِنَاعِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا) إنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَمَمْنُوعٌ أَوْ بِاعْتِبَارِ الدَّلِيلِ لَمْ يَضُرَّ (وَقَوْلُهُ: وَكَانَ الْجِهَادُ مَقْصُودًا إلَخْ) هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْعِلَاوَةِ الْمَذْكُورَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحَالَةِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْعُمُومِ بِالدَّلِيلِ كَوْنَهَا مَقْصُودَةً مِنْ الْجِهَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْمَقْصُودِ مِنْهَا هُنَا الْجِهَادَ لَا يُنَافِي وُجُوبُهُ وُجُوبَ الْوَسَائِلِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. سم، وَقَوْلُهُ: كَوْنُهَا مَقْصُودَةً إلَخْ لَعَلَّ أَصْلَهُ عَدَمُ كَوْنِهَا إلَخْ ثُمَّ سَقَطَ لَفْظَةُ عَدَمٍ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْجَمَهُ بِذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْبَابَ بِالسِّيَرِ لَا بِالْجِهَادِ أَوْ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ مُتَلَقًّى مِنْ سِيَرِهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: تَفْصِيلُ أَحْكَامِهِ) أَيْ: الْجِهَادِ. (قَوْلُهُ: مِنْ سِيرَتِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى سِيَرِهِ بِالْجَمْعِ أَيْ: مِنْ أَحْوَالِهِ كَمَا وَقَعَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَتَلَ وَفَدَى وَمِنْ ضَرْبِ الرِّقِّ عَلَى الْبَعْضِ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ مِنْ الْعَزِيزِيِّ. (قَوْلُهُ: قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي تِسْعٍ بِنَفْسِهِ كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ. وَكَذَا فِي ع ش عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ بِزِيَادَةِ الْفَتْحِ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً فِي الْبُجَيْرَمِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ عَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَاتَلَ فِي غَزْوَةٍ إلَّا فِي أُحُدٍ وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا إلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فِيهَا اهـ. إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَاتَلُوا بِحُضُورِهِ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْقِتَالُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ قِتَالٌ مِنْهُ فِيهَا وَلَا مِنْهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: السَّرِيَّةُ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ عِبَارَةُ الْقَامُوسِ مِنْ خَمْسَةِ أَنْفُسٍ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعِمِائَةٍ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ عَنْ الْمُغْنِي وَالرَّشِيدِيِّ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ مِنْسَرٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالْمِنْسَرُ كَمَجْلِسٍ وَمِنْبَرٍ مِنْ الْخَيْلِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْخَمْسِينَ أَوْ إلَى السِّتِّينَ أَوْ مِنْ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ وَقِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ تَمُرُّ قُدَّامَ الْجَيْشِ الْكَثِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ: جَحْفَلٌ) كَجَعْفَرٍ. (قَوْلُهُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ) ؛ لِأَنَّهُ خَمْسُ فِرَقٍ الْمُقَدِّمَةُ وَالْقَلْبُ وَالْمَيْمَنَةُ وَالْمَيْسَرَةُ اهـ. قَامُوسٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ: مِنْ الْهِجْرَةِ فَيَكُونُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ وَرِوَايَةٍ وَإِلَّا فَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ إلَخْ رَاجِعٌ إلَيْهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلِ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216] {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36]{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: 89] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْأَصْحَابِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَذْكُرُوا مُقَدِّمَةً فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ فَلْنَذْكُرْ نُبْذَةً مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ فَنَقُولُ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَآمَنَتْ بِهِ خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - ثُمَّ بَعْدَهَا قِيلَ: عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَقِيلَ: ابْنُ عَشْرٍ وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ثُمَّ أُمِرَ بِتَبْلِيغِ قَوْمِهِ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ مَبْعَثِهِ، وَأَوَّلُ مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالدُّعَاءِ إلَى التَّوْحِيدِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا فِي آخِرِهَا ثُمَّ نُسِخَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ
قَوْلُهُ: نَادِرَةٌ جِدًّا إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَتْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا إنْ أَرَادَهُ مُطْلَقًا فَمَمْنُوعٌ أَوْ بِاعْتِبَارِ الدَّلِيلِ لَمْ يَضُرَّ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ الْجِهَادُ مَقْصُودًا إلَخْ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْعَادَةِ الْمَذْكُورَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحَالَةِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْعُمُومِ بِالدَّلِيلِ كَوْنُهَا مَقْصُودَةً فِي الْجِهَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْمَقْصُودِ مِنْهَا هُنَا
قَبْلَ الْهِجْرَةِ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ الْأَمْرِ هُوَ التَّبْلِيغُ وَالْإِنْذَارُ وَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ تَأَلُّفًا لَهُمْ، ثُمَّ بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَالِ بَعْدَ أَنْ نَهَى عَنْهُ فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ آيَةً إذَا ابْتَدَأَهُمْ الْكُفَّارُ بِهِ فَقَالَ:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190] وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْإِذْنِ فِيهِ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39] أَيْ: أُذِنَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ بِدَلِيلِ يُقَاتَلُونَ، ثُمَّ أَبَاحَ الِابْتِدَاءَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِقَوْلِهِ:{فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] الْآيَةَ. ثُمَّ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ أَمَرَ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِهِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] ، وَهَذِهِ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ، وَقِيلَ: الَّتِي قَبْلَهَا، وَقِيلَ: هُمَا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ حِينِ الْهِجْرَةِ كَانَ (فَرْضَ كِفَايَةٍ) ، لَكِنْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ إجْمَاعًا بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضِيَّتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى فَاضَلَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ وَالْقَاعِدِينَ، وَوَعَدَ كُلًّا الْحُسْنَى بِقَوْلِهِ {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] الْآيَةَ، وَالْعَاصِي لَا يُوعَدُ بِهَا وَلَا يُفَاضَلُ بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَأْزُورٍ (تَنْبِيهٌ)
مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ النَّقْلُ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ مِنْ حِينِ الْهِجْرَةِ كَانَ يَجِبُ كُلَّ سَنَةٍ فَبَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ، (وَقِيلَ: فَرْضُ عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] ، وَالْقَاعِدُونَ فِي الْآيَةِ كَانُوا حُرَّاسًا، وَرَدُّوهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَعِيدَ لِمَنْ عَيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم لِتَعَيُّنِ الْإِجَابَةِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْدَ قِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِأَنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ مُطْلَقًا لَتَعَطَّلَ الْمَعَاشُ
. (وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ) الْحَرْبِيِّينَ (حَالَانِ أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ) أَيْ كَوْنُهُمْ (بِبِلَادِهِمْ) مُسْتَقِرِّينَ فِيهَا غَيْرَ قَاصِدِينَ شَيْئًا (فَ) الْجِهَادُ حِينَئِذٍ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إجْمَاعًا، كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيَحْصُلُ إمَّا بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ، وَهِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ الَّتِي تَلِي بِلَادَهُمْ بِمُكَافِئِينَ لَهُمْ، لَوْ قَصَدُوهَا مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ، وَتَقْلِيدُ ذَلِكَ لِلْأُمَرَاءِ الْمُؤْتَمَنِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِشَرْطِهِ دَارَهُمْ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ بَعْثُهَا فِي جَمِيعِ نَوَاحِي بِلَادِهِمْ وَجَبَ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِذَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَصَرِيحُهُ الِاكْتِفَاءُ
وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَقِيلَ: بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ فُرِضَ الصَّوْمُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ تَقْرِيبًا، وَفُرِضَتْ الزَّكَاةُ بَعْدَ الصَّوْمِ وَقِيلَ: قَبْلَهُ وَقِيلَ: فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قِيلَ: فِي نِصْفِ شَعْبَانَ وَقِيلَ: فِي رَجَبٍ مِنْ الْهِجْرَةِ حُوِّلَتْ الْقِبْلَةُ وَفِيهَا فُرِضَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَفِيهَا ابْتَدَأَ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ عِيدِ الْفِطْرِ ثُمَّ عِيدِ الْأَضْحَى ثُمَّ فُرِضَ الْحَجُّ سَنَةَ سِتٍّ «وَلَمْ يَحُجَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْهِجْرَةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَاعْتَمَرَ أَرْبَعًا» اهـ.، وَكَذَا فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ إلَّا قَوْلَهُ: قَدْ جَرَتْ إلَى بَعْثِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَى ثُمَّ فُرِضَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَقِيلَ: إلَى الْمَتْنِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بَعْدَ أَنْ نُهِيَ عَنْهُ فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ آيَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ مَبْعَثِهِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إذَا ابْتَدَءُوا بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِنَهَى اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ لَكِنَّهُمْ أَبْدَلُوا رَجَبًا بِشَوَّالٍ وَكَانُوا تَعَاهَدُوا عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَرْطٍ وَلَا زَمَانٍ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ: آيَةُ {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 36] إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ السَّابِقِ ثُمَّ بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَخْ سم وَرُشَيْدِيٌّ أَيْ: مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا كَوْنُهُ فَرْضًا فَبِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ شَيْخِنَا إلَخْ) صَدَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِالْإِطْلَاقِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْآخِرِ التَّفْصِيلَ فَيُنَزَّلُ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَيَسْقُطُ اعْتِرَاضُهُ اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى) إلَى قَوْلِهِ: هَذَا مَا صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَاعِدُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَائِلُهُ قَالَ: كَانَ الْقَاعِدُونَ حُرَّاسًا لِلْمَدِينَةِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَرَدُّوهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَعِيدَ لِمَنْ عَيَّنَهُ إلَخْ) وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا عَلَيْهِ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا
…
عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا
، وَقَدْ يَكُونُ الْجِهَادُ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَرْضَ عَيْنٍ بِأَنْ أَحَاطَ عَدُوٌّ بِالْمُسْلِمِينَ كَالْأَحْزَابِ مِنْ الْكُفَّارِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا حَوْلَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ مُقْتَضٍ لِتَعَيُّنِ جِهَادِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فَصَارَ لَهُمْ حَالَانِ خِلَافَ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا بَعْدُ إلَخْ اهـ. مُغْنِي
(قَوْلُهُ: مُسْتَقِرِّينَ) إلَى قَوْلِهِ: هَذَا مَا صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: الْمُؤْتَمَنِينَ إلَى وَأَمَّا بِأَنَّ، وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ، وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَى، وَأَقَلُّهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحَلُّهُ فِي الْغَزْوِ أَمَّا حِرَاسَةُ حُصُونِ الْمُسْلِمِينَ فَمُتَعَيِّنَةٌ فَوْرًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ تَشْحِينِ الثُّغُورِ وَدُخُولِ الْإِمَامِ إلَخْ قَالَ م ر: وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَكِنَّ الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ رَدَّ ذَلِكَ، وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ أَقَامَ فِيهِ الْبَرَاهِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ وَعَرَضَهُ عَلَى جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ ع ش وَرُشَيْدِيٌّ وَسَيَأْتِي عَنْ سم مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ بِشَرْطِهِ) لَعَلَّهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ آنِفًا: وَتَقْلِيدُ ذَلِكَ لِلْأُمَرَاءِ الْمُؤْتَمَنِينَ إلَخْ اهـ. ع ش وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي آخِرِ السِّوَادَةِ وَشَرْطُهُ إلَخْ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى الْإِمَامِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ إمَّا بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصَرِيحُهُ) أَيْ: هَذَا
الْجِهَادَ لَا يُنَافِي وُجُوبُهُ وُجُوبَ الْوَسَائِلِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ السَّابِقِ ثُمَّ
بِالْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُجُوبِ قِتَالِهِمْ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الثُّغُورَ إذَا شُحِنَتْ كَمَا ذُكِرَ كَانَ فِي ذَلِكَ إخْمَادٌ لِشَوْكَتِهِمْ وَإِظْهَارٌ لِقَهْرِهِمْ بِعَجْزِهِمْ عَنْ الظَّفَرِ بِشَيْءٍ مِنَّا، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا اُحْتِيجَ إلَى قِتَالِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَجَبَ، فَكَذَا إذَا اكْتَفَيْنَا هُنَا بِتَحْصِينِ الثُّغُورِ وَاحْتِيجَ لِقِتَالِهِمْ وَجَبَ، وَأَمَّا ادِّعَاءُ إيجَابِ الْجِهَادِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً مَعَ تَحْصِينِ الثُّغُورِ فَهُوَ وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتٌ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي تَرْكِهِ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ صَرِيحَتَيْنِ فِي الْوُجُوبِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً مُطْلَقًا، زَادَ الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ حَاجَةٌ إلَى التَّأْخِيرِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ الْجِهَادُ دَعْوَةٌ قَهْرِيَّةٌ فَتَجِبُ إقَامَتُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا مُسْلِمٌ أَوْ مُسَالِمٌ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ وَلَا يُعَطَّلُ إذَا أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ وُجِّهَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ تَجْهِيزَ الْجُيُوشِ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَى أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَإِلَّا وَجَبَ، وَشَرْطُهُ كَالْمَرَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِنَا ضَعْفٌ أَوْ نَحْوُهُ كَرَجَاءِ إسْلَامِهِمْ، وَإِلَّا أَخَّرَ حِينَئِذٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يُبْدَأَ بِقِتَالِ مَنْ يَلُونَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَكْثَرَ فَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِمْ، وَأَنْ يُكْثِرَهُ مَا اسْتَطَاعَ وَيُثَابَ عَلَى الْكُلِّ ثَوَابَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَحُكْمُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي هُوَ مُهِمٌّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ لِفَاعِلِهِ، أَنَّهُ (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ كَذَوِي صِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ أُنُوثَةٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ كَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهَا، (سَقَطَ الْحَرَجُ) عَنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَ (عَنْ الْبَاقِينَ) رُخْصَةً وَتَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ؛ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَائِمُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَأَقَرَّ فِي الرَّوْضَةِ الْإِمَامَ عَلَيْهِ، وَأَفْهَمَ السُّقُوطُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهِ الْكُلُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ الْكُلُّ أَثِمَ أَهْلُ فَرْضِهِ كُلِّهِمْ، وَإِنْ جَهِلُوا أَيْ وَقَدْ قَصَّرُوا فِي جَهْلِهِمْ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لِتَقْصِيرِهِمْ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ تَجْهِيزُ مَيِّتٍ بَقَرِيَّة أَيْ: مِمَّنْ تَقْضِي الْعَادَةُ بِتَعَهُّدِهِ، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَإِنْ جُهِلَ مَوْتُهُ لِتَقْصِيرِهِمْ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ
وَلَمَّا كَانَ شَأْنُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ مُهِمًّا لِكَثْرَتِهَا وَخَفَائِهَا ذَكَرَ مِنْهَا جُمْلَةً فِي أَبْوَابِهَا ثُمَّ اسْتَطْرَدَ هُنَا جُمْلَةً أُخْرَى مِنْهُ فَقَالَ: (وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ) الْعِلْمِيَّةِ وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَةِ فِي الدِّينِ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ سُبْحَانَهُ، وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَالنُّبُوَّاتِ وَصِدْقِ الرُّسُلِ وَمَا أُرْسِلُوا بِهِ
أَوْ مَا صَرَّحَ إلَخْ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ) أَيْ: بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْأَوَّلِ مَا ذُكِرَ أَيْ: عَدَمُ وُجُوبِ الْقِتَالِ عَلَى الدَّوَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتُ إلَخْ) هَذَا الَّذِي أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتٌ هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا بَيَّنَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ عَلَى وَجْهٍ لَا يُبْقِي لِعَاقِلٍ عُذْرًا فِي تَرْكِ اعْتِقَادِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي مُؤَلَّفٍ حَافِلٍ عَرَضَهُ عَلَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوهُ عَلَيْهِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَمْتَرِي فِيهِ عَاقِلٌ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: وَإِنْ حَصَّنَ الثُّغُورَ. (قَوْلُهُ: زَادَ الْأَوَّلُ) أَيْ: شَرْحُ الْمُهَذَّبِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ: وَزَادَ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ) أَيْ: الْوُجُوبَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ: الِادِّعَاءَ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ: قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ بِوُجُوبِ الزِّيَادَةِ فِي سَنَةٍ عَلَى مَرَّةٍ عِنْدَ الْإِمْكَانِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَّهَ) أَيْ: الْإِمَامُ الْأَوَّلَ أَيْ: الْوُجُوبَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مَعَ التَّحْصِينِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ: فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَخَّرَ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) إلَى قَوْلِهِ: وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِمَاهِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ حُصُولِهِ إلَخْ) أَيْ: بِقَصْدِ حُصُولِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى فَاعِلِهِ إلَّا بِالتَّبَعِ لِلْفِعْلِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ فَاعِلٍ فَخَرَجَ فَرْضُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ قَصَدَ حُصُولَهُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ أَوْ مِنْ عَيْنٍ مَخْصُوصَةٍ كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا فُرِضَ عَلَيْهِ دُونَ أُمَّتِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ قَصْدَ الْحُصُولِ بِالْجَزْمِ احْتِرَازًا عَنْ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَمْيِيزُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِمَا ذَكَرَ شَرْحُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِلْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا) إلَى قَوْلِهِ: إلَّا فِي مَسَائِلَ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ) الْأَوْلَى مِنْ أَهْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَائِمُ بِهِ أَفْضَلَ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَخِلَافًا لِلْمَحَلِّيِّ وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ نَعَمْ الْقَائِمُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَإِنْ أَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ أَفْضَلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ السُّقُوطُ) إلَى قَوْلِهِ: أَخْذًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: السُّقُوطَ) أَيْ: عَنْ الْبَاقِينَ. (قَوْلُهُ: يُخَاطَبُ بِهِ الْكُلُّ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَرَكَهُ الْكُلُّ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَغَيْرِهِمْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا. (قَوْلُهُ: أَثِمَ أَهْلُ فَرْضِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَثِمَ كُلُّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِي بَيَانُهَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ الْكُلُّ أَثِمَ أَهْلُ فَرْضِهِ كُلُّهُمْ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ إلَى خُصُوصِ قَوْلِهِ أَيْ: وَقَدْ قَصَّرُوا إلَخْ
. (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَمَّا مَنْ اسْتَرَابَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يَحْصُلُ إلَى قَالَ الْإِمَامُ: وَإِلَى قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْخَبَرُ الْحَسَنُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَرُبَّمَا إلَى فَأَمَّا، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إلَى فَقَالَ: وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ، وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا إلَى قَوْلِهِ: وَبَحَثَ. (قَوْلُهُ: جُمْلَةٌ فِي أَبْوَابِهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي الْجَنَائِزِ
بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ إلَخْ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتُ إلَخْ) هَذَا الَّذِي أَفْهَمَتْهُ عِبَارَاتٌ هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِ هِمَا مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا بَيَّنَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى لِعَاقِلٍ عُذْرٌ فِي تَرْكِ اعْتِقَادِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي مُؤَلَّفٍ حَافِلٍ عَرَضَهُ عَلَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوهُ عَلَيْهِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَمْتَرِي فِيهِ عَاقِلٌ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَائِمُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ إلَخْ) نَعَمْ الْقَائِمُ
مِنْ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ.
(وَحَلُّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ) لِتَنْدَفِعَ الشُّبُهَاتُ وَتَصْفُوَ الِاعْتِقَادَاتُ عَنْ تَمْوِيهَاتِ الْمُبْتَدِعِينَ وَمُعْضِلَاتِ الْمُلْحِدِينَ وَلَا يَحْصُلُ كَمَالُ ذَلِكَ إلَّا بِإِتْقَانِ قَوَاعِدِ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِيَّاتِ وَالْإِلَهِيَّاتِ؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ لَوْ بَقِيَ النَّاسُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي صَفْوَةِ الْإِسْلَامِ لَمَا أَوْجَبْنَا التَّشَاغُلَ بِهِ، وَرُبَّمَا نَهَيْنَا عَنْهُ أَيْ: كَمَا جَاءَ عَنْ الْأَئِمَّةِ كَالشَّافِعِيِّ، بَلْ جَعَلَهُ أَقْبَحَ مِمَّا عَدَا الشِّرْكَ، فَأَمَّا الْآنَ وَقَدْ ثَارَتْ الْبِدَعُ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهَا تَلْتَطِمُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْدَادِ مَا يُدْعَى بِهِ إلَى الْمِلْكِ الْحَقِّ وَتَحِلُّ بِهِ الشُّبْهَةُ، فَصَارَ الِاشْتِغَالُ بِأَدِلَّةِ الْمَعْقُولِ وَحِلِّ الشُّبْهَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَأَمَّا مَنْ اسْتَرَابَ فِي أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الِاعْتِقَادِ فَيَلْزَمُهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ حَتَّى تَسْتَقِيمَ عَقِيدَتُهُ اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ فَقَالَ: الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ ذَمُّهُ وَلَا مَدْحُهُ فَفِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ، فَبِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهِ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ حَلَالٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ، وَبِاعْتِبَارِ مَضَرَّتِهِ وَقْتَ الْإِضْرَارِ حَرَامٌ. وَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرْزَقْ قَلْبًا سَلِيمًا أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدْوِيَةَ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ مِنْ كِبْرٍ وَعُجْبٍ وَرِيَاءٍ وَنَحْوِهَا، كَمَا يَجِبُ لَكِنْ كِفَايَةُ تَعَلُّمِ عِلْمِ الطِّبِّ.
(وَ) الْقِيَامُ (بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَتَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَالْفُرُوعِ) الْفِقْهِيَّةِ زَائِدًا عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَالْإِفْتَاءِ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَعِلْمِ الْحِسَابِ الْمُضْطَرِّ إلَيْهِ فِي الْمَوَارِيثِ وَالْإِقْرَارَاتِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ، فَتَجِبُ الْإِحَاطَةُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ بِحَيْثُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِعُلُومٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ، وَتَعْرِيفُ الْفُرُوعِ لِلتَّفَنُّنِ؛ أَوْ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْتَهَرْ مُرَادًا بِهَا الْفِقْهِيَّاتُ لَا مَعَ التَّعْرِيفِ دُونَ سَابِقَيْهَا.
وَبَحَثَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ
غُسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَفِي اللَّقِيطِ الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ وَذَكَرَ هُنَا الْجِهَادَ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ إلَى ذِكْرِ غَيْرِهِ فَقَالَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ) فِيهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الضَّرُورِيُّ قَدْ يُقَامُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ سم وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ الضَّرُورِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضٍ غَيْرِ ضَرُورِيٍّ بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ وَقَدْ يُقَامُ عَلَى الضَّرُورِيِّ مُنَبِّهُهُ لِإِزَالَةِ خَفَاءٍ فِيهِ، وَالْمُنَبِّهُ بِصُورَةِ الدَّلِيلِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ دَلِيلًا حَقِيقَةً وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ تَسْمِيَتِهِ دَلِيلًا حَقِيقَةً بِالنِّسْبَةِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ إذْ الْقِيَامُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَحِلُّ الْمُشْكَلَاتِ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُشْكِلَ الْأَمْرُ الَّذِي يَخْفَى إدْرَاكُهُ لِدِقَّتِهِ، وَالشُّبْهَةُ الْأَمْرُ الْبَاطِلُ الَّذِي يَشْتَبِهُ بِالْحَقِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَجِّ غَيْرُ حَلِّ الْمُشْكَلَاتِ، وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّانِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَتَصْفُو) أَيْ: تَخْلُصُ، وَقَوْلُهُ: وَمُعْضَلَاتٌ إلَخْ أَيْ: مُشْكِلَاتٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا ذَلِكَ) أَيْ: الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِلَهِيَّاتِ) مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا الْعِلْمُ الْمُتَرَجِّحُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ فَلَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ وَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يَشْتَغِلُونَ بِهِ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي صَفْوَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: فِي النُّورَانِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ حَاصِلَةً فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِمَا يُفْسِدُ قُلُوبَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِعِلْمِ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَمَا جَاءَ عَنْ الْأَئِمَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ الِاشْتِغَالِ بِعِلْمِ الْكَلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوَغُّلِ فِيهِ، وَأَمَّا تَعَلُّمُ عِلْمِ الْفَلْسَفَةِ وَالشَّعْبَذَةِ وَالتَّنْجِيمِ وَالرَّمَلِ وَعُلُومِ الطَّبَائِعِيِّينَ وَالسِّحْرِ فَحَرَامٌ وَتَعَلُّمُ الشِّعْرِ مُبَاحٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُخْفٌ أَوْ حَثٌّ عَلَى شَرٍّ وَإِنْ حَثَّ عَلَى التَّغَزُّلِ وَالْبَطَالَةِ كُرِهَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ جَعَلَهُ) أَيْ: جَعَلَ الشَّافِعِيُّ الِاشْتِغَالَ بِعِلْمِ الْكَلَامِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: تَلْتَطِمُ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ تَرْكِهَا وَفِي الْقَامُوسِ الْتَطَمَتْ الْأَمْوَاجُ ضَرَبَ بَعْضُهَا بَعْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ) أَيْ: الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: ذَمُّهُ إلَخْ) أَيْ: عِلْمِ الْكَلَامِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: حَلَالٌ) أَيْ: مُبَاحٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ: وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدْوِيَةَ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ إلَخْ) وَقَدْ بَيَّنَهَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجِعْ مَنْ أَرَادَ، وَقَوْلُهُ: مِنْ كِبْرٍ إلَخْ بَيَانٌ لِأَمْرَاضِ الْقَلْبِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: زَائِدٌ إلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ: أَمَّا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا إلَخْ) وَيَأْتِي أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ ثَلَثِمِائَةِ سَنَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى عُلُومِ الشَّرْعِ، وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: مِنْ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ) بَيَانٌ لِمَا الْمَوْصُولَةِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عِلْمُ الطِّبِّ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِمُعَالَجَةِ الْأَبْدَانِ وَالْحِسَابُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَالْوَصَايَا وَالْمُعَامَلَاتُ وَأُصُولُ الْفِقْهِ وَالنَّحْوُ وَاللُّغَةُ وَالتَّصْرِيفُ وَأَسْمَاءُ الرُّوَاةِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ وَاتِّفَاقُهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ كُلِّهِ إلَخْ) أَيْ: بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ) وَهُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِالْفُرُوعِ خَاصَّةً وَصَوَّبَهُ سم وَأَطَالَ فِي
بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، وَإِنْ أَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ م ر
(قَوْلُهُ: الضَّرُورِيَّةِ) فِيهِ شَيْءٌ مَعَ كَوْنِ الْكَلَامِ فِي إقَامَةِ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الضَّرُورِيُّ قَدْ يُقَامُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ وَتَعْرِيفُ الْفُرُوعِ لِلتَّفَنُّنِ إلَخْ) قَالَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ وَعُرْفُ الْفُرُوعِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مُصَرِّحَةٌ بِمَا قَالَهُ حَيْثُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَالْقِيَامُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ التَّفْسِيرُ وَالْحَدِيثُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَهِيَ فِي مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ إلَى حَيْثُ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ. اهـ. وَهُوَ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى إرَادَةِ تَوْجِيهِ الْمُحَقِّقِ لِلتَّعْرِيفِ، وَلَهُ أَنْ يُؤَيِّدَ هَذَا التَّوْجِيهَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي نَفْسِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ
إلَّا بِمَعْرِفَةِ جَمْعٍ يَبْلُغُونَ حَدَّ التَّوَاتُرِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مُتَوَاتِرٌ وَمَعْرِفَتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَثْبُتَ بِالتَّوَاتُرِ حَتَّى يَحْصُلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِهِمْ فِيمَا سَبِيلُهُ الْقَطْعُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ كُتُبَهَا مُتَوَاتِرَةٌ وَتَوَاتُرُ الْكُتُبِ مُعْتَدٌّ بِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَيَنْبَغِي حُصُولُ فَرْضِهِمَا بِمَعْرِفَةِ الْآحَادِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ إثْبَاتِ مَا نُوزِعَ فِيهِ مِنْ تِلْكَ الْأُصُولِ بِالْقَطْعِ الْمُسْتَنِدِ لِمَا فِي كُتُبِ ذَلِكَ الْفَنِّ، وَلَا يَكْفِي فِي إقْلِيمٍ مُفْتٍ وَقَاضٍ وَاحِدٍ لِعُسْرِ مُرَاجَعَتِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِمَا بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَاضِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ، أَمَّا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي فَرْضٍ عَيْنِيٍّ أَوْ فِي فِعْلٍ آخَرَ أَرَادَ مُبَاشَرَتَهُ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ، فَتَعَلُّمُ ظَوَاهِرِ أَحْكَامِهِ غَيْرِ النَّادِرَةِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْخَبَرُ الْحَسَنُ:«التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» ، وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْفَرَاوِيِّ أَنَّهُ تَحْرُمُ الْإِقَامَةُ بِبَلَدٍ لَا مُفْتِيَ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ أَنَّ الْحُرْمَةَ خَاصَّةٌ بِبَلَدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْتِي أَكْثَرُ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبِتَسْلِيمِ عُمُومِهِ يَنْبَغِي زَوَالُ الْحُرْمَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِالْبَلَدِ مَنْ يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ الظَّاهِرَةَ غَيْرَ النَّادِرَةِ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا الَّتِي يُحَبُّ تَعَلُّمُهَا عَيْنًا بِفَرْضِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا، وَيَجْبُرُ الْحَاكِمُ وُجُوبًا أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ تَرَكُوا تَعَلُّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي الْعِلْمِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرٍ غَيْرِ بَلِيدٍ مَكْفِيٍّ وَلَوْ فَاسِقًا، لَكِنْ لَا يَسْقُطُ بِهِ؛ إذْ لَا تُقْبَلُ فَتْوَاهُ وَيَسْقُطُ بِالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ
تَوْجِيهِهِ بِمَا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَتِهِ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَأَقَرَّهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَالَ الشَّارِحُ: وَعَرَّفَ أَيْ: الْمُصَنِّفُ الْفُرُوعَ أَيْ: بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ كُتُبَهَا مُتَوَاتِرَةٌ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ سم رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي فِي إقْلِيمٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ حُمِلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَوْ بِوَكِيلِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ: لِئَلَّا يُحْتَاجَ إلَى قَطْعِهَا اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ:؛ لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ) أَيْ: وَتَكَرُّرِهَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِنْ كَثِيرِينَ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَتَعَيَّنُ مِنْ ظَوَاهِرِ الْعُلُومِ لَا دَقَائِقِهَا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ فَرَائِضِ الدِّينِ كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَشُرُوطِهِمَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَعَلُّمِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ الْفِعْلِ وَكَأَرْكَانِ الْحَجِّ وَشُرُوطِهِ وَتَعَلُّمِهَا عَلَى التَّرَاخِي كَالْحَجِّ وَكَالزَّكَاةِ إنْ مَلَكَ مَالًا، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ وَأَحْكَامِ الْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ وَيُتَاجِرَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ بَيْعَ الْخُبْزِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خُبْزِ الْبُرِّ بِالْبُرِّ وَلَا بِدَقِيقِهِ وَعَلَى مَنْ يُرِيدُ الصَّرْفَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا أُصُولُ الْعَقَائِدِ، فَالِاعْتِقَادُ الْمُسْتَقِيمُ مَعَ التَّصْحِيحِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَفَرْضُ عَيْنٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكِيلِهِ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ الْوَكِيلِ الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ سم. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي زَوَالُ الْحُرْمَةِ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يُفْتِ الْمُفْتِي، وَهُنَاكَ مَنْ يُفْتِي وَهُوَ عَدْلٌ لَمْ يَأْثَمْ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِفْتَاءُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ كَذَلِكَ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ: الْأَحْكَامَ الظَّاهِرَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: التَّعْلِيمِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِيَجْبُرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَبِقَوْلِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَوَقَعَ إلَى، وَأَوْجَهُهُمَا وَإِلَى قَوْلِهِ: فَحِينَئِذٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَوَقَعَ إلَى وَأَوْجَهُهُمَا وَقَوْله: مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ. (قَوْلُهُ: مَكْفِيٍّ) أَيْ: قَادِرٍ عَلَى الِانْقِطَاعِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ كِفَايَةٌ اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا يَسْقُطُ) أَيْ: فَرْضُ الْفَتْوَى بِهِ أَيْ: بِالْفَاسِقِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ إلَخْ) لِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلْفَتْوَى
تَوَقُّفِ غَيْرِهِ مِنْهَا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ حَتَّى إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: الْقِيَامُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي نَفْسِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسُوغُ تَعَلُّقُ الْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمُؤَدِّيَ لِلْفَرْضِ مِنْ كُلٍّ مِنْ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ لَيْسَ مَضْبُوطًا بِهَا، بَلْ لَا يَتَأَتَّى ضَبْطٌ بِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ لَا يَكْفِي فِي حُصُولِ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْقَدْرُ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةُ مِنْهَا لَيْسَ هُوَ الْقَدْرَ الْمُؤَدِّيَ لِفَرْضِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي حُصُولِهَا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ الْأُصُولِ الصَّحِيحَةِ الْجَامِعَةِ مِنْ كُتُبِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ أَصْلٌ فَأَكْثَرُ وَأَنْ يَعْرِفَ آيَاتِ الْأَحْكَامِ فَقَطْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ أَصْلٍ فَأَكْثَرَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الْقِيَامِ بِفَرْضِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ اتَّضَحَ لَك مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ وَعَلِمْت مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحَصَّلِ بِفَرْضِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ، وَالْقَدْرُ الْمُحَصَّلُ لَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِمَعْزِلٍ بَعِيدٌ عَنْ الصَّوَابِ. وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ مِمَّا لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ عِنْدَ أُولِي الْأَلْبَابِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَعْرِفَةِ جَمْعٍ يَبْلُغُونَ حَدَّ التَّوَاتُرِ) قَدْ يُقَالُ: بُلُوغُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حَدَّ التَّوَاتُرِ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ إلَّا إذَا اسْتَنَدَتْ مَعْرِفَتُهُ إلَى التَّوَاتُرِ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْعَرَبِ يَبْلُغُونَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ كُتُبَهَا مُتَوَاتِرَةٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنْ أُرِيدَ تَوَاتُرُ كُتُبِهَا مِنْ مُصَنِّفِيهَا إلَيْنَا لَمْ يُفِدْ أَوْ تَوَاتَرَ مَا فِيهَا عَنْ الْعَرَبِ بِأَنْ كَانَ مَا فِيهَا نَقَلَهُ جَمْعٌ مِنْ النُّحَاةِ مَثَلًا بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْعَرَبِ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُفِيدُ لِلْقَطْعِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كُلِّيًّا لِظُهُورِ أَنَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَهَذَا الرَّدُّ كَمَا تَرَى ثُمَّ إنْ أُجِيبَ عَنْ الْبَحْثِ بِأَنَّ تَوَاتُرَ الْقُرْآنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُغْنٍ عَنْ اللُّغَةِ لِلْقَطْعِ بِصِحَّةِ مَا تَوَاتَرَ عَنْهُ وَعِصْمَتُهُ عَنْ الْخَلَلِ فِيهِ فَإِنْ فَرَضَ عَدَمَ تَوَاتُرِ بَعْضِ كَيْفِيَّاتِهِ لَمْ يَحْتَجْ فِيهَا لِتَوَاتُرِ اللُّغَةِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ تَوَاتُرَ الْقُرْآنِ إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا خَلَلَ فِيهِ، وَأَمَّا تَمْيِيزُ الْفَاعِلِ مِنْ الْمَفْعُولِ وَالْمُبْتَدَأِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَكَذَا مَعَ تَوَقُّفِ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ التَّمْيِيزِ فَلَا يُعْلَمُ مِنْ تَوَاتُرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى ظَنِّيٌّ فَيَكْفِي مَعْرِفَتُهُ بِالْآحَادِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكِيلِهِ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ
وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا اهـ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ وَأَوْجَهُهُمَا مَا ذُكِرَ مِنْ السُّقُوطِ وَبِقَوْلِهِ: غَيْرِ بَلِيدٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الصَّلَاحِ: أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ ثَلَثِمِائَةِ سَنَةٍ، يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى النَّاسِ الْيَوْمَ بِتَعْطِيلِ هَذَا الْفَرْضِ، وَهُوَ بُلُوغُ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ صَارُوا بُلَدَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا قَبْلَ الْفُرُوعِ إنْ عُطِفَ عَلَى تَفْسِيرٍ اقْتَضَى بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ عَلَى عُلُومٍ اقْتَضَى أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ عُلُومِ الشَّرْعِ وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ اهـ. وَيَرُدُّهُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّ عُلُومَ الشَّرْعِ قَدْ يُرَادُ بِهَا تِلْكَ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ، وَهِيَ عُرْفُهُمْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا هِيَ وَآلَاتُهَا وَهِيَ عُرْفُهُمْ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْهَا هَذَا؛ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الْكُلَّ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَحِينَئِذٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ، وَلَا فَسَادَ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا أَشَارَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
(وَ) مِنْهَا إجْمَاعًا عَلَى قَادِرٍ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، بَلْ وَعَرَضَهُ أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ إيَّاهُ عُذْرًا فِي الْجُمُعَةِ مَعَ كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ لَهَا شِبْهَ بَدَلٍ وَهُوَ الظُّهْرُ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً مُسْتَقِلَّةً عَلَى حِيَالِهَا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِأَنَّ الْعِرْضَ كَالْمَالِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ، وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إلَى التَّهْلُكَةِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ كَمُكْرَهٍ عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ غَيْرِ زِنًا وَقَتْلٍ وَلَوْ فِعْلَ مُكَفِّرٍ وَأَمِنَ أَيْضًا أَنَّ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِ لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا، وَلَا يَزِيدُ عِنَادًا وَلَا يَنْتَقِلُ لِمَا هُوَ أَفْحَشُ مِنْهُ
دُونَ الْقَضَاءِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا) أَيْ فِي الْفَرْضِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُهُمَا إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ وَإِنْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى بَلْ هَذَانِ أَيْضًا عِزًّا بَلْ عَدَمًا مِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ. اهـ. إمْدَادٌ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَمَّا: الْأَوَّلُ فَتَكُونُ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةً أَيْ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ وَأَمَّا: الثَّانِي؛ فَلِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ وَقَدْ يُقَالُ عُلُومُ الشَّرْعِ قَدْ يُرَادُ بِهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: عَلَى قَادِرٍ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَخْذًا إلَى وَعَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى قَادِرٍ إلَخْ) وَلَا يَخْتَصُّ بِالْوُلَاةِ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَلِلصَّبِيِّ ذَلِكَ وَيُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ كَدِرْهَمٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إيَّاهُ) أَيْ الْخَوْفَ عَلَى الْعِرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ وَعَلَى غَيْرِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى غَيْرِهِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ أَيْ وَمَنْ عَلَى نَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ وَعِرْضِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْغَيْرِ
(قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ إلَخْ) يَشْمَلُ أَرْبَعَ صُوَرٍ الْأَقَلُّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَيْ الْمُرْتَكِبِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَالْمُسَاوِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فِي الْجُمْلَةِ وَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ أَمَّا: بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسَاوِي فِي الْمُرْتَكِبِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ لَهُ وَهَلْ هُوَ إلَّا تَرْجِيحٌ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ؟ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَيْنِ فَكَيْفَ يَسُوغُ دَفْعُ ضَرَرٍ يُؤَدِّي إلَى إضْرَارٍ بِآخَرَ وَلَوْ كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَقَلَّ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُزَالُ مُتَمَحِّضًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَكَيْفَ يَسْعَى فِي إزَالَتِهِ بِحُصُولِ ضَرَرٍ فِيهِ حَقٌّ لِلْعَبْدِ وَحَقٌّ لِلَّهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُحَقَّقِ وَالْمُتَرَقَّبِ
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ) أَيْ مَعَ خَوْفِ الْمَفْسَدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَعْظَمُ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ. اهـ. ع ش أَقُولُ بَلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَفْرَادِ لِمَا مَرَّ عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ مَا يَشْمَلُ الْمُرْتَكِبَ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ) مَفْهُومُهُ إخْرَاجُ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ قَالَ ع ش وَأَقُولُ الْمَالُ مَعْلُومٌ مِنْ النَّفْسِ بِالْأَوْلَى بَلْ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْعُضْوَ وَالْمَالَ وَالْعِرْضَ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ عَمَّا قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ كَمُكْرَهٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِغَيْرِ الْجِهَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَى وَإِنْ ارْتَكَبَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ إلَخْ) أَيْ الْمُرْتَكِبُ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ فِيهِ عِنَادًا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِمَا هُوَ أَفْحَشُ إلَخْ) خَرَجَ الدُّونُ وَالْمُسَاوِي لَكِنْ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُسَاوِي إذْ لَا فَائِدَةَ سم وَقَدْ يُقَالُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُحَقِّقِ وَالْمُنْتَظِرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ:
الْوَكِيلِ الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا) أَيْ: فِي الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ وَلَا فَسَادَ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ، وَبِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عُلُومٍ وَلَا فَسَادَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِنُكْتَةٍ كَإِظْهَارِ مِزْيَتِهَا وَالِاهْتِمَامِ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ) لَمَّا تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ عَلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ؛ فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَالَ: قَدْ تَرَكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ تَأَخَّرَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه عَنْ إنْكَارِ هَذَا الْمُنْكَرِ حَتَّى سَبَقَهُ إلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالَاتٍ فِي الْجَوَابِ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ كَانَ حَاضِرًا مِنْ الْأَوَّلِ، لَكِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ حُصُولَ فِتْنَةٍ بِسَبَبِ إنْكَارِهِ فَسَقَطَ الْإِنْكَارُ عَنْهُ، وَلَمْ يَخَفْ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَيْئًا لِاعْتِضَادِهِ بِظُهُورِ عَشِيرَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ خَافَهُ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي مِثْلِ هَذَا، بَلْ مُسْتَحَبٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَا هُوَ أَفْحَشُ) خَرَجَ الدُّونُ وَالْمُسَاوِي، لَكِنْ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ
بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَمْتَثِلُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نُوزِعَ بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنْ ارْتَكَبَ مِثْلَ مَا ارْتَكَبَ أَوْ أَقْبَحَ مِنْهُ (الْأَمْرُ) بِالْيَدِ فَاللِّسَانِ فَالْقَلْبِ، سَوَاءٌ الْفَاسِقُ وَغَيْرُهُ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ: الْوَاجِبِ (وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) أَيْ: الْمُحَرَّمِ، لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي وَاجِبٍ أَوْ حَرَامٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ إذْ لَهُ شَافِعِيًّا مَنْعُ زَوْجَتِهِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ مُطْلَقًا وَالْقَاضِي؛ إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِهِ
بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ إلَخْ) رَاجِعْ قَوْلَهُ وَأَحْسَنُهُ أَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ قَطْعِ النَّفَقَةِ وَزِيَادَةِ الْعِنَادِ وَالِانْتِقَالِ لِلْأَفْحَشِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ عَلَى قَادِرٍ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعَ الْقَوْلِ بَلْ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] . اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ) خِلَافًا لِلْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ عِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِهِ لِلْمُحَقِّقِ الدَّوَانِيّ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ تَبَعٌ لِمَا يُؤْمَرُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَاجِبًا فَوَاجِبٌ الْأَمْرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مَنْدُوبًا فَمَنْدُوبٌ الْأَمْرُ بِهِ وَالْمُنْكَرُ إنْ كَانَ حَرَامًا وَجَبَ النَّهْيُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ مَنْدُوبًا وَشَرْطُهُ أَيْ شَرْطِ وُجُوبِهِ وَنَدْبِهِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الْفِتْنَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَيْهَا لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُنْدَبْ بَلْ رُبَّمَا كَانَ حَرَامًا بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَحْضُرَ الْمُنْكَرَ وَيَعْتَزِلَ فِي بَيْتِهِ لِئَلَّا يَرَاهُ وَلَا يَخْرُجَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَةُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إلَّا إذَا كَانَ عُرْضَةً لِلْفَسَادِ وَأَنْ يَظُنَّ قَبُولَهُ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ قَبُولَهُ لَمْ يَجِبْ سَوَاءٌ ظَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ أَوْ شَكَّ فِي الْقَبُولِ، وَفِي الْأَخِيرِ تَأَمُّلٌ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ بِعَدَمِ ظَنِّ الْقَبُولِ لَمْ يَخَفْ الْفِتْنَةَ فَيُسْتَحَبُّ إظْهَارًا لِشِعَارِ الْإِسْلَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَكَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ الْعَدَالَةُ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَى مُتَعَاطِي الْكَأْسِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْجُلَّاسِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يَجِبُ عَلَى مَنْ غَصَبَ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَا أَمْرُهَا بِسِتْرِ وَجْهِهَا عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالْيَدِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَقَوْلُهُ: وَبِهَذَا إلَى وَلَيْسَ.
(قَوْلُهُ: بِالْيَدِ فَاللِّسَانِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْيَدِ أَوْ الْقَلْبِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ تَصَوُّرِهِ فَالتَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ فِيهِ مُشْكِلٌ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَالْقَلْبِ ثُمَّ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْيَدِ مَعَ كِفَايَةِ اللِّسَانِ الْأَخَفِّ ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْقَلْبِ ثُمَّ رَأَيْت الرَّوْضَ إنَّمَا ذَكَرَ الْيَدَ فِي النَّهْيِ وَشَرْحِهِ مُشْعِرٌ بِكِفَايَةِ اللِّسَانِ فِيهِ إذَا حَصَلَ بِهِ زَوَالُ الْمُنْكَرِ وَإِنَّمَا الْمُؤَخَّرُ عَنْ الْيَدِ مُجَرَّدُ الْوَعْظِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَمْكَنَ حُصُولُ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْ الْيَدِ وَاللِّسَانِ بِلَا مَفْسَدَةٍ فِي أَحَدِهِمَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَحِقَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ مَفْسَدَةٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ لَحِقَ كُلًّا مَفْسَدَةٌ أَعْلَى بَلْ أَوْ مُسَاوِيَةً أَوْ لَمْ يُفِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَلْبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَاللِّسَانِ) قِيَاسُ دَفْعِ الصَّائِلِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْيَدِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ مِنْ التَّخْيِيرِ الْمَارِّ عَنْ سم (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ عَلَى زَوْجَتِهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا لَكِنَّ قَوْلَهُ إذْ لَهُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِحَقِّهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُسْكِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي) وَقَوْلُهُ: مُقَلِّدِ إلَخْ مَعْطُوفَانِ عَلَى الزَّوْجِ
الْوُجُوبِ فِي الْمُسَاوِي إذْ لَا فَائِدَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِالْيَدِ) اُنْظُرْ مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَالْقَلْبِ ثُمَّ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْيَدِ مَعَ كِفَايَةِ اللِّسَانِ الْأَخَفَّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْقَلْبِ ثُمَّ رَأَيْت الرَّوْضَ إنَّمَا ذَكَرَ الْيَدَ فِي النَّهْيِ، وَشَرْحُهُ مُشْعِرٌ بِكِفَايَةِ اللِّسَانِ فِيهِ إذَا حَصَلَ بِهِ زَوَالُ الْمُنْكَرِ، وَإِنَّمَا الْمُؤَخَّرُ عَنْ الْيَدِ مُجَرَّدُ الْوَعْظِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامٍ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ مَا صُورَتُهُ: فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِنْهُ مِنْ قَتْلِهِ أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ بِسَبَبِهِ كَفَّ يَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّبَ قَوْلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ وَكَانَ فِي سَعَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. وَالْكَلَامُ قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْمُنْكَرُ بِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: إنْ أَفَادَ ذَلِكَ زَوَالَ الْمُنْكَرِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الْيَدِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِهِ مُطْلَقًا، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: بِالْيَدِ فَاللِّسَانِ إلَخْ) قَدْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَمْكَنَ حُصُولُ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْ الْيَدِ وَاللِّسَانِ بِلَا مَفْسَدَةٍ فِي أَحَدِهِمَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَحِقَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ مَفْسَدَةٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ لَحِقَ كُلًّا مَفْسَدَةٌ أَعْلَى، بَلْ أَوْ مُسَاوِيَةٌ أَوْ لَمْ يُفِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَلْبِ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَمَا يَتَسَاهَلُ أَكْثَرُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا إذَا رَأَى إنْسَانًا يَبِيعُ مَتَاعًا مَعِيبًا أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَلَا يُعَرِّفُونَ الْمُشْتَرِيَ بِعَيْبِهِ وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
كَمَا يَأْتِي، وَمُقَلَّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي.
وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُنْكِرُ إبَاحَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِالنِّسْبَةِ لِفَاعِلِهِ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَلَيْسَ لِعَامِّيٍّ يَجْهَلُ حُكْمَ مَا رَآهُ أَنْ يُنْكِرَهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ، وَلَا لِعَالِمٍ أَنْ يُنْكِرَ مُخْتَلَفًا فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ الْفَاعِلِ أَنَّهُ حَالَ ارْتِكَابِهِ مُعْتَقِدٌ لِتَحْرِيمِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ قَلَّدَ مَنْ يَرَى حِلَّهُ أَوْ جَهِلَ حُرْمَتَهُ، أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَرَى إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ نُدِبَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا شَرِبَ نَبِيذًا يَرَى إبَاحَتَهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ، وَلَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ فِي ذِمِّيٍّ رُفِعَ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ تَأَلُّفِهِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ، أَمَّا هُوَ فَيُنْكِرُ وُجُوبًا عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ سُنَّةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْأَذَانِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِهِمَا، وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ إنْكَارُ ذَلِكَ لِقِتَالِ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقَاتِ كَلِمَاتِهِمْ
اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَمُقَلِّدِ مَنْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ فَاعْتِقَادُهُ الْحِلَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم أَيْ فَإِذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدِ مُمْتَنِعٍ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ مُحَرَّمًا عِنْدَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ) أَيْ مُحَرَّمٌ فِي اعْتِقَادِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا لِعَالِمٍ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَلَا عَلَى عَالِمٍ إلَخْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ حُرْمَتَهُ) صَرِيحٌ أَنَّ جَهْلَ التَّحْرِيمِ مِنْ الْفَاعِلِ مَانِعٌ مِنْ الْإِنْكَارِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِإِنْكَارٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَذِيَّةٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ لَكِنَّهُ يُرْشِدُهُ بِأَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْحُكْمَ وَيَطْلُبَ فِعْلَهُ مِنْهُ بِلُطْفٍ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَرْفُقُ فِي التَّغْيِيرِ بِمَنْ يَخَافُ شَرَّهُ وَبِالْجَاهِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَدْعَى إلَى قَبُولِهِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمُقَلِّدِ مَنْ لَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ نُدِبَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّدْبِ هُنَا الطَّلَبُ وَالدُّعَاءُ عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ لَا النَّدْبُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ وَع ش (قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ إلَخْ) أَيْ اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَقَوْلُهُ: بِرِفْقٍ مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَحَسَنٌ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلَافٍ آخَرَ أَوْ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ لِقَاضٍ شَافِعِيٍّ مُخَالِفٍ صَلَّى مَعَ عَدَمِ تَسْبِيعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ أَوْ مَعَ الطُّهْرِ بِمُسْتَعْمَلٍ أَوْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ فِي اعْتِقَادِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِتَعْزِيرِهِ وَلَا نَحْوِهِ كَمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَفْظُهُ وَلِذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. اهـ. سم وَيَأْتِي عَنْ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ إلَخْ)(تَنْبِيهٌ)
يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصِبَ مُحْتَسِبًا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالْمُحْتَسِبِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا وَكَذَا بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ وَلَا يَأْمُرُ الْمُخَالِفِينَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ بِمَا لَا يُجَوِّزُونَهُ وَلَا يَنْهَاهُمْ عَمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ أَوْ سُنَّةً لَهُمْ وَيَأْمُرُ بِمَا يَعُمُّ نَفْعُهُ كَعِمَارَةِ سُورِ الْبَلَدِ وَمَشْرَبِهِ وَمَعُونَةِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَيَجِبُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَنْهَى الْمُوسِرَ عَنْ مَطْلِ الْغَرِيمِ إنْ اسْتَعْدَاهُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ وَيَنْهَى الرَّجُلَ عَنْ الْوُقُوفِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ رِيبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَعَهَا فِي طَرِيقٍ يَطْرُقُهُ النَّاسُ وَيَأْمُرُ النِّسَاءَ بِإِيفَاءِ الْعِدَدِ وَالْأَوْلِيَاءَ بِنِكَاحِ الْأَكْفَاءِ وَالسَّادَةَ بِالرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ وَأَصْحَابَ الْبَهَائِمِ بِتَعَهُّدِهَا وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا لَا تُطِيقُ، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَالْوَعْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُشْهِرُ أَمْرَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ.
وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ أَسَرَّ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ أَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ وَعَكْسِهِمَا أَيْ وَمَنْ جَهَرَ فِي سَرِيَّةٍ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْأَذَانِ وَلَا يُنْكِرُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قَبْلَ الِاسْتِعْدَاءِ مِنْ ذِي الْحَقِّ عَلَيْهِ وَلَا يَحْبِسُ وَلَا يَضْرِبُ لِلدَّيْنِ وَيُنْكِرُ عَلَى الْقُضَاةِ إنْ احْتَجَبُوا عَنْ الْخُصُومِ أَوْ قَصَّرُوا فِي النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ وَعَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الْمَطْرُوقَةِ إنْ طَوَّلُوا الصَّلَاةَ وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ لِمَا يُخْشَى فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ وَلَيْسَ لَهُ حَمْلُ
قَوْلُهُ: وَمُقَلِّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ) عَلَامَ الْعَطْفُ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمُقَلَّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي) أَيْ: فَإِذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ مُمْتَنِعٍ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ مُحَرَّمًا عِنْدَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ؛ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ لِقَاضٍ شَافِعِيٍّ مُخَالِفٌ صَلَّى مَعَ عَدَمِ تَسْبِيعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ أَوْ مَعَ الطُّهْرِ بِمُسْتَعْمَلٍ، أَوْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِتَعْزِيرٍ وَلَا نَحْوِهِ كَمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَفْظُهُ: وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا اهـ. وَهُوَ بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ إنْكَارُ ذَلِكَ لِقِتَالٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيَسُوغُ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَصُدَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إلَى نَصْبِ قِتَالٍ وَشَهْرِ سِلَاحٍ، فَإِنْ انْتَهَى الْأَمْرُ إلَى ذَلِكَ رَبَطَ الْأَمْرَ بِالسُّلْطَانِ. اهـ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ وَالتَّجَسُّسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَعْصِيَةٍ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَإِخْبَارِ ثِقَةٍ جَازَ لَهُ، بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّجَسُّسُ إنْ فَاتَ تَدَارُكُهَا كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَوَقَّفَ الْإِنْكَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَجِبْ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ قَالَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وَلَهُ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا صَرِيحًا فِيهِ. (تَنْبِيهٌ)
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ بِالْقَلْبِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا
النَّاسِ عَلَى مَذْهَبِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ زَادَ شَرْحُ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْفُرُوعِ وَلَا يُنْكِرُ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَالَ أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لِأَمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا مِثْلُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيَقْدُمَ عَلَى الْبَحْثِ وَالْكَشْفِ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ مَا لَا يُسْتَدْرَكُ. وَكَذَا لَوْ عَرَفَ غَيْرَ الْمُحْتَسِبِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالْإِنْكَارِ وَالضَّرْبِ. الثَّانِي مَا قَصَرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِجَ الدَّارِ وَلَمْ يَهْجِمْ عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ لَيْسَ ظَاهِرًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ الْبَاطِنِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ) أَيْ مِنْ الْآمِرِ وَالنَّاهِي. اهـ. أَسْنَى (قَوْلُهُ: وَاقْتِحَامُ الدُّورِ) أَيْ الدُّخُولُ فِيهَا لِلْبَحْثِ عَمَّا فِيهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِالْمُنْكَرِ بِآثَارٍ وَأَمَارَةٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَفُوتُ تَدَارُكُهُ إلَخْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْإِنْكَارُ لِلْمُنْكَرِ يَكُونُ بِالْيَدِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ وَيَرْفُقُ بِمَنْ يَخَافُ شَرَّهُ وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَالِي فَإِنْ عَجَزَ أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ هَتْكٍ) أَيْ لِعِرْضِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ أَيْ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ جَازَ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ الْمُنَاسِبُ وَجَبَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْهَتْكِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ وَلْيُنْظَرْ هَلْ الْمُرَادُ تَغْرِيمُ الرَّافِعِ أَوْ الْمَرْفُوعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُ إذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ الْمَالُ عَادَةً سم وَفِيهِ تَأَمُّلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ تَغْرِيمُ الْمَرْفُوعِ كَمَا هُوَ شَأْنُ وُلَاةِ الْجَوْرِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُحَشِّي أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ لِتَغْرِيمِ الْمَرْفُوعِ وَلَوْ عَظُمَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَفْسَدَةِ ذَلِكَ الْمُنْكَرِ وَمَفْسَدَةِ أَخْذِ الْمَالِ وَيُقَيِّدُ إطْلَاقَهُمْ. إذْ فِي إطْلَاقِ الْأَخْذِ بِهِ مَا يُؤَدِّي إلَى مَفَاسِدَ لَا تَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فَاعِلُ ذَلِكَ وَيَبْذُلْ جَهْدَهُ فِي النَّظَرِ إلَى أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ) أَقُولُ الْوَجْهُ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ فَالْقَلْبُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْمَرْتَبَتَانِ الْأُولَيَانِ اكْتَفَى بِالْقَلْبِ وَهَذَا لَا يُنَافِي تَعَيُّنَ الْإِنْكَارِ بِهِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَلَوْ حَالَ الْإِنْكَارِ بِغَيْرِهِ
وَذَكَرَ قَبْلَهُ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ مِثْلَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ وَالتَّجَسُّسُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ أَيْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَيْسَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ وَالتَّجَسُّسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ، بَلْ إنْ عَثَرَ عَلَى مُنْكَرٍ غَيَّرَهُ جَهْدَهُ، هَذَا كَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَقَالَ: أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لِإِمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا مِثْلُ: أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا؛ فَيَجُوزَ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيَقْدُمَ عَلَى الْبَحْثِ وَالْكَشْفِ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ مَا لَا يُسْتَدْرَكُ، وَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ غَيْرُ الْمُحْتَسِبِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالْإِنْكَارِ، الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ، فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِجَ الدَّارِ وَلَمْ يَهْجُمْ عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ لَيْسَ ظَاهِرًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ الْبَاطِنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْهَتْكِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ وَلْيَنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ تَغْرِيمُ الرَّافِعِ أَوْ الْمَرْفُوعِ؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُ إذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ الْمَالُ عَادَةً. (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ بِالْقَلْبِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ فَرْضٌ إلَخْ) أَقُولُ: الْوَجْهُ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ فَالْقَلْبُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْمَرْتَبَتَانِ الْأُولَتَانِ اُكْتُفِيَ بِالْقَلْبِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي تَعَيُّنَ الْإِنْكَارِ بِهِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَلَوْ حَالَ الْإِنْكَارِ بِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ؛ فَإِنَّهُ بِهَذَا يَزُولُ إشْكَالُ كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فَلَيْسَ دَافِعًا لِإِشْكَالِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْقَلْبِ
بِهِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِنْكَارُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ إلَّا فَرْضَ عَيْنٍ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ نَفِيسٌ.
(وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَا الصَّلَاةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْقَصْدُ الْأَعْظَمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَفِي الْأَوَّلِ إحْيَاءُ تِلْكَ الْمَشَاعِرِ. (تَنْبِيهٌ)
مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِهِمَا هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ تَعَيُّنُ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي غَيْرُهُ وَلَوْ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا، وَصَرِيحُ عِبَارَةِ أَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِهَا، بَلْ وَبِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَنَقَلَ شَارِحٌ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَعَيُّنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَصْلِهَا تَعَيُّنَهُمَا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِمَا فِيهِمَا إلَّا بِتَأْوِيلٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ النُّسُكِ غَيْرَ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِمَّنْ لَا يُخَاطَبُ بِهِ كَالْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِهِ كَمَا مَرَّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، كَمَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ سُقُوطِ فَرْضِ السَّلَامِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِرَدِّ غَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْمِينُ وَلَيْسَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُنَا الْقَصْدُ ظُهُورُ الشِّعَارِ وَهُوَ حَاصِلٌ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ، وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ
(وَدَفْعُ ضَرَرِ) الْمَعْصُومِ مِنْ (الْمُسْلِمِينَ) وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَمَانِ عَلَى الْقَادِرِينَ، وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُمْ وَلِمُمَوَّنِهِمْ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْقَلْبِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَرْضُ عَيْنٍ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَجَبَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. سم
وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ مُسْتَنَدُهُمْ فِي التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ الْحَدِيثُ وَهُوَ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» فَمَعْنَى فَبِقَلْبِهِ عَلَى مَا يُعْطِيهِ السِّيَاقُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَتَوَجَّهَ بِهِمَّتِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إزَالَتِهِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهُ فِي عُمُومِ النَّاسِ فَحَسُنَ عَدُّ رُتْبَةِ الْأَمْرِ بِالْقَلْبِ الْمُرَادُ لِيُطَابِقَ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ فَتَأَمَّلْهُ إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهِ وَبِفَرْضِ تَحَقُّقِهِ فِي عُمُومِ النَّاسِ وَأَنَّ الْفَرْضَ التَّوَجُّهُ سَوَاءٌ صَدَرَ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ لَا يُجِيبَ تَوَجُّهَهُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِتَوَجُّهِ الْبَعْضِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْكَرَاهِيَةِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَهَا فِي فَرْدٍ يُنَافِي الْإِيمَانَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
أَقُولُ تَوْجِيهُهُ الْأَخِيرُ بَعْدَهُ ظَاهِرٌ وَتَوْجِيهُهُ الْأَوَّلُ الْجَارِي عَلَى مَشْرَبِ الصُّوفِيِّ وَجِيهٌ فِي ذَاتِهِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ عُمُومُ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا» فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْقَلْبِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى الرَّاجِعِ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ) أَيْ وَالْمَوَاقِفُ الَّتِي هُنَاكَ رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ كُلَّ سَنَةٍ)(فَائِدَةٌ)
الْحُجَّاجُ فِي كُلِّ عَامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ (قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقِرَانِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) اهـ قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. اهـ. ع ش
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ هُوَ الْحَجُّ (قَوْلُهُ: فَنَقَلَ شَارِحٌ إلَخْ) مِمَّنْ نَقَلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِأَنْ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى كَانَ فَانْظُرْهَا. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ عَقِبَ الْمَتْنِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلَ الزِّيَارَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَنَقَلَ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَابِقٍ إلَخْ) خَبَرٌ فَنَقْلُ شَارِحٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَأْوِيلٍ) مَرَّ آنِفًا عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا أَيْ كَوْنِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ حَصَلَ بِمَا أَتَى بِهِ سُقُوطُ فَرْضِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ كِفَايَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ التَّطَوُّعِ أُجِيبَ بِأَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ جِهَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ، وَجِهَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْيَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْعِبَادَةِ فَرْضًا كَاللُّمْعَةِ الْمُغْفَلَةِ فِي الْوُضُوءِ تُغْسَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى وَلِهَذَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَلَوْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكَانَ جَوَابًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يُخَاطَبُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيُتَصَوَّرُ وَلَوْ قَالَ فِيمَنْ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: كَالْأَرِقَّاءِ إلَخْ) لَعَلَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينِ) أَيْ بِأَنْ يُحْرِمَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَجَانِينِ وَكَذَا عَنْ الصِّبْيَانِ أَوْ بِإِذْنِ الْمُمَيَّزِينَ مِنْهُمْ فِي الْإِحْرَامِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ نُسُكَ مَنْ ذُكِرَ مَعَ ذَلِكَ أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ سُقُوطِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: فَرْضِ السَّلَامِ) أَيْ فَرْضِ جَوَابِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا تَسْقُطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ إلَخْ) أَيْ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: الْمَعْصُومُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَا يَسْتُرُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ إلَى وَنَذْرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى وَفَاءِ دُيُونِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفَقِيهُ مِنْ الْكُتُبِ وَالْمُحْتَرِفُ مِنْ الْآلَاتِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِمُمَوَّنِهِمْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِمُمَوَّنِهِ جَمِيعَ السَّنَةِ بَلْ يَكْفِي فِي
بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَرْضُ عَيْنٍ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَجَبَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا فَتَأَمَّلْهُ سم
(قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) وَلَوْ بِالْقِرَانِ م ر. (قَوْلُهُ: فَنَقْلُ شَارِحٍ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَعَيُّنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ بِأَنْ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى كَأَنْ فَانْظُرْهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينِ)
كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِي الْمُحْتَاجِ لَا فِي الْمُضْطَرِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْأَطْعِمَةِ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ حَالًا وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ يَحْتَاجُهُ بَعْدُ (كَكِسْوَةِ عَارٍ) مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ أَوْ يَقِي بَدَنَهُ مِنْ مُضِرٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، (وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ) ذَلِكَ الضَّرَرُ (بِزَكَاةٍ وَ) ، سَهْمِ الْمَصَالِحِ مِنْ (بَيْتِ مَالٍ) لِعَدَمِ شَيْءٍ فِيهِ أَوْ لِمَنْعِ مُتَوَلِّيهِ وَلَوْ ظُلْمًا وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ صِيَانَةً لِلنُّفُوسِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ قَادِرٌ فِي دَفْعِ ضَرَرٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَادِرٌ آخَرُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي لَهُ الِامْتِنَاعُ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهِ، فَالتَّوَاكُلُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا بِخِلَافِ الْمَالِ، فَإِنْ قُلْت: فَرَّقُوا بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ فِي أَوْلِيَاءِ النِّكَاحِ وَالشُّهُودِ بِأَنَّ اللُّزُومَ هُنَا فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَهَذَا يُفْهِمُ خِلَافَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْإِطْعَامِ. قُلْت: الْفَرْقُ صَحِيحٌ وَلَا يُفْهَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسَائِلَ الْعِلْمِيَّةَ تَقْتَضِي مَزِيدَ تَفَحُّصٍ وَتَطَلُّبٍ وَمِنْ شَأْنِهِ الْمَشَقَّةُ، بِخِلَافِ إعْطَاءِ الْمُحْتَاجِ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِشُحِّ النُّفُوسِ الْمَجْبُولِ عَلَيْهِ أَكْثَرُهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ شَيْئًا أَصْلًا، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالضَّرَرِ أَنَّ الْوَاجِبَ مَدُّ الضَّرُورَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَرِيبَ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا اقْتَضَاهُ تَخْرِيجُهُمَا ذَلِكَ عَلَى مُضْطَرٍّ وَجَدَ مَيْتَةً.
وَأَمَّا اعْتِرَاضُ اقْتِصَارِ الرَّوْضَةِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِأَنَّ الْوَجْهَ اعْتِبَارُ سَتْرِ الْبَدَنِ بِمَا يَلِيقُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الضَّرُورَةِ، وَثَمَّ عَلَى الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ، فَلَمْ يَجِبْ هُنَا إلَّا مَا يَحْصُلُ بِتَرْكِهِ تَضَرُّرٌ يُخْشَى مِنْهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ: أَنَّ مَا وَجَبَ لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَيُلْحَقُ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ أَدْوِيَةٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (تَنْبِيهٌ)
سَيَأْتِي أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ طَعَامِهِ لِلْمُضْطَرِّ إلَّا بِبَدَلِهِ، وَحِينَئِذٍ قَدْ يُشْكِلُ بِمَا هُنَا فَلْيُحْمَلْ ذَاكَ عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ تَلْزَمُهُ الْمُوَاسَاةُ حَتَّى يُجَامِعَ كَلَامَهُمْ هَذَا أَوْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ غَرَضَ إحْيَاءِ النُّفُوسِ
وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَحْوُ وَظَائِفَ يَتَحَصَّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ عَادَةً جَمِيعَ السَّنَةِ وَيَتَحَصَّلُ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مَا يُمْكِنُ الْمُوَاسَاةُ بِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ دَفْعِ الضَّرَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِنَفْسِهِ شَيْءٌ لَكِنَّ الْأَصَحَّ مَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِمُوَاسَاةِ الْمُحْتَاجِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ وُجُوبِ إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُهُ فِي ثَانِي الْحَالِ فَإِنَّ هَذَا فِي الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَذَاكَ فِي الْمُضْطَرِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يَقُولُهُ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَادِرِ هُنَا مَا ذُكِرَ الْمُقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ مُوَاسَاةِ الْمُحْتَاجِ عَلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْقَادِرِ هُنَا مَا ذُكِرَ عَنْ الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي اسْتِلْزَامِهِ لَهُ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقِي بَدَنَهُ مِنْ مُضِرٍّ إلَخْ) وَتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ مِثَالٌ. اهـ. نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِسْوَةِ سِتْرُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْبَدَنُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا شَكٍّ فَيَخْتَلِفُ الْحَالُ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ مُعْتَرَضٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ شَيْءٍ إلَخْ) ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ فَرْضًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا اسْتَأْذَنَ الْإِمَامَ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَوَقْفٌ) أَيْ عَامٌّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُفْتِي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ كَذَلِكَ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: غَيْرَهُ) أَيْ وَهُوَ عَدْلٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ الْإِفْتَاءِ. اهـ. سم وَكَذَا قَوْلُهُ: هُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ ثَمَّ) أَيْ فِي النَّظِيرِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ الشُّحُّ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِدَفْعِ ضَرَرِ مَنْ ذُكِرَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَمْ الْكِفَايَةُ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا فَيَجِبُ فِي الْكِسْوَةِ مَا يَسْتُرُ كُلَّ الْبَدَنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ أَيْ لَا مِنْ كَوْنِهِ فَقِيهًا أَوْ غَيْرَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ دَفْعُ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَجْهَ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي دَفْعِ الضَّرَرِ وَقَوْلُهُ ثَمَّ أَيْ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ وَيُلْحَقُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَى وَمِمَّا يَنْدَفِعُ وَقَوْلُهُ خِلَافًا إلَى وَلَوْ تَعَذَّرَ
(قَوْلُهُ: كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ إلَخْ) هَلْ يَجِبُ ثَمَنُ مَاءِ الطَّهَارَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ لَا يَجِبُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: سَيَأْتِي) أَيْ فِي الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ تَلْزَمُهُ الْمُوَاسَاةُ) أَيْ عَلَى مَالِكٍ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ بِكِفَايَةِ سَنَةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ إلَخْ)(أَقُولُ) أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ
أَيْ: بِأَنْ يُحْرِمَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَجَانِينِ وَكَذَا عَنْ الصِّبْيَانِ أَوْ يَأْذَنَ لِلْمُمَيِّزِينَ مِنْهُمْ فِي الْإِحْرَامِ
(قَوْلُهُ: مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَسْتُرُ الْعَارِي قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْعَارِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إلَخْ) ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ قَرْضًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْ اسْتَأْذَنَ الْإِمَامَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُفْتِي إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت فَرَّقُوا بَيْنَ هَذَا) أَيْ: الْإِفْتَاءِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا اعْتِرَاضُ اقْتِصَارِ الرَّوْضَةِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ إلَخْ) ، وَتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ مِثَالٌ م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا اعْتِرَاضُ اقْتِصَارِ الرَّوْضَةِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَجْهَ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ أَدْوِيَةٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) هَلْ يَجِبُ ثَمَنُ مَاءِ الطَّهَارَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ لَا يَجِبُ. (قَوْلُهُ: فَلْيُحْمَلْ إلَخْ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ إلَخْ) أَقُولُ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُضْطَرُّ
ثَمَّ أَوْجَبَ حَمْلَ النَّاسِ عَلَى الْبَذْلِ، بِأَنْ لَا يُكَلِّفُوهُ مَجَّانًا مُطْلَقًا، بَلْ مَعَ الْتِزَامِ الْعِوَضِ وَإِلَّا لَامْتَنَعُوا مِنْ الْبَدَلِ وَإِنْ عَصَوْا، فَيُؤَدِّي إلَى أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ رَهْنًا لَا فَوَاتَ لِلنَّفْسِ فَلَا مُوجِبَ لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي تَرْكِ الْمُوَاسَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْبَذْلُ هُنَا بِلَا بَدَلٍ لَا مُطْلَقًا، بَلْ مِمَّا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ السَّنَةِ، وَثَمَّ يَجِبُ الْبَذْلُ مِمَّا لَمْ يَحْتَجْهُ حَالًا وَلَوْ عَلَى فَقِيرٍ، لَكِنْ بِالْبَدَلِ، وَمِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فَكُّ أُسَرَائِهِمْ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي فِي الْهُدْنَةِ وَعِمَارَةُ نَحْوِ سُورِ الْبَلَدِ، وَكِفَايَةُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ خِلَافًا لِمَنْ حَدُّهُمْ بِأَنَّهُمْ مَنْ يَجِدُونَ بَعْدَمَا عَلَى كُلٍّ مِمَّا خَصَّهُ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى عَدَدِهِمْ مَا يَبْقَى مَعَهُ يَسَارُهُمْ وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ خَصَّ بِهِ الْوَالِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ.
(وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) عَلَى أَهْلٍ لَهُ حَضَرَ إلَيْهِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَوْ طَلَبَهُ إنْ عُذِرَ بِنَحْوِ قَضَاءٍ أَوْ عُذْرِ جُمُعَةٍ أَيْ: وَلَمْ يُعْذَرْ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ بِنَحْوِ عُذْرِ جُمُعَةٍ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، (وَأَدَاؤُهَا) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَا يَأْتِي
(وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ) كَالتِّجَارَةِ وَالْحِجَامَةِ لِتَوَقُّفِ قِيَامِ الدِّينِ عَلَى قِيَامِ الدُّنْيَا وَقِيَامِهَا عَلَى ذَيْنِك، وَتَغَايُرُهُمَا الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الصِّحَاحِ يَكْفِي فِيهِ أَنَّ الْحِرْفَةَ أَعَمُّ عُرْفًا؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ مَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا وَغَيْرَهُ كَأَنْ يَتَّخِذَ صُنَّاعًا يَعْمَلُونَ عِنْدَهُ، وَالصَّنْعَةُ تَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ. (تَنْبِيهٌ)
صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ فِعْلِ بَعْضِ الْحِرَفِ كَالْحِجَامَةِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِفَرْضِيَّتِهَا وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ مُخْتَلِفَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّا إذَا نَهَيْنَا النَّاسَ عَنْ فِعْلِ الْحِجَامَةِ مَثَلًا مِنْ أَيِّ حَيْثِيَّةٍ كَانَ يَلْزَمُ تَرْكُهُمْ لَهَا فَلَا مَخْلَصَ إلَّا اعْتِمَادُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ أَكْلُ كَسْبِهَا لِلْحُرِّ لَا فِعْلُهَا فَتَأَمَّلْهُ.
(وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَيْنِك (تَنْبِيهٌ)
لَا يُحْتَاجُ فِي هَذِهِ لِأَمْرِ النَّاسِ بِهَا؛ لِأَنَّ فِطَرَهُمْ مَجْبُولَةٌ عَلَيْهَا، لَكِنْ لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى تَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَثِمُوا وَقُوتِلُوا كَمَا هُوَ قِيَاسُ بَقِيَّةِ فُرُوضِ الْكِفَايَةُ.
(وَجَوَابُ سَلَامٍ) مَسْنُونٌ وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ وَلَوْ مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي كِتَابٍ، لَكِنْ هُنَا يَكْفِي جَوَابُهُ كِتَابَةً، وَيَجِبُ فِيهَا إنْ لَمْ يُرِدْ لَفْظًا الْفَوْرُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
وَيُسَنُّ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ وَالْبُدَاءَةُ بِهِ، فَيَقُولُ: وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فِيهِ
الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا فَإِنَّ الْغِنَى لَا يُنَافِي الِاضْطِرَارَ إذْ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَالِهِ فِي الْحَالِ وَقَدْ يُقَالُ الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ أَوْجَهُ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْمُوَاسَاةُ مَجَّانًا بِلَا اضْطِرَارٍ فَمَعَ الِاضْطِرَارِ أَوْلَى. اهـ. سم فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ هُنَا بِشَرْطِ الْغِنَى وَهُنَاكَ مُطْلَقًا الْبَذْلُ بِبَذْلٍ مَعَ غِنَى الْمَبْذُولِ إلَيْهِ وَبِدُونِهِ مَعَ فَقْرِهِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ فِي الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُكَلِّفُوهُ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَمْلِ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِلنَّاسِ وَالْمَنْصُوبُ لِلْبَذْلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ غَنِيًّا كَانَ الْبَاذِلُ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: وَهُنَا) أَيْ فِي الْمُحْتَاجِ (قَوْلُهُ: لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي تَرْكِ الْمُوَاسَاةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوجِبِ يَعْنِي لِتَرْغِيبِ النَّاسِ فِي الْمُوَاسَاةِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَنْدَفِعُ) إلَى قَوْلِهِ فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَكِفَايَةِ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا) أَيْ الْبَلَدِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجُنْدُ الْآنَ مِنْ الْجَوَامِكِ يَسْتَحِقُّونَهُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي إظْهَارِ شَوْكَتِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَأْخُذُهُ أُمَرَاؤُهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالْمَمَالِيكِ الَّتِي لَا يَتِمُّ نِظَامُهُمْ وَشَوْكَتُهُمْ إلَّا بِهَا لِقِيَامِهِمْ بِحِفْظِ حَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِينَ) أَيْ فِي شَرْحِ وَدَفْعِ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: حَدَّهُمْ) أَيْ فَسَّرَ الْقَادِرِينَ (قَوْلُهُ: مَا يَبْقَى إلَخْ) مَفْعُولُ يَجِدُونَ (قَوْلُهُ: اسْتِيعَابُهُمْ) أَيْ الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ (قَوْلُهُ: خُصَّ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ فَكِّ الْأَسْرَى وَمَا بَعْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلتَّوْزِيعِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إعَانَةُ الْقُضَاةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا وَتَحَمُّلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ وَلَمْ يُعْذَرْ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى أَهْلٍ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلٍ إلَخْ) أَيْ عَدْلٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ مَنْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ (قَوْلُهُ: مِنْ نِصَابٍ) وَهُوَ اثْنَانِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ تَحَمَّلَ اثْنَانِ فِي الْأَمْوَالِ. اهـ. مُغْنِي
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ) اعْلَمْ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا يَحْصُلُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي الْحِرَفِ هَلْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ جَمِيعِهَا أَوْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ أَوْ يَتَقَيَّدُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ يُفَصِّلُ فِيهَا بَيْنَ مَا تَشْتَدُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَمَا تَعُمُّ وَمَا تَنْدُرُ؟ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَتَّخِذَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ لِاسْتِلْزَامِهِ كَوْنَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَطْلُوبًا وَمَنْهِيًّا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَكْلُ كَسْبِهَا) أَيْ الْحِجَامَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) أَيْ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرَاثَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَفِي الْحَدِيثِ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» وَفَسَّرَهُ الْحَلِيمِيُّ بِاخْتِلَافِ الْهِمَمِ وَالْحِرَفِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَطْفٌ مُرَادِفٌ) إلَى قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا هُوَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: لَكِنْ هُنَا إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَذْكَارِ إلَى أَمَّا كَوْنُهُ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُضَعِّفْهُ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَيْنِك) أَيْ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسٌ إلَخْ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ) كَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ كَمَا يَأْتِي. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَكِنْ هُنَا) إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا. اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ الرَّدُّ فَوْرًا بِاللَّفْظِ فِي الرَّسُولِ وَبِهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ فِي الْكِتَابِ. اهـ. وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِفَوْرِيَّةِ الرَّدِّ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ هُنَا) أَيْ فِيمَا مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي كِتَابٍ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ
غَنِيًّا، فَإِنَّ الْغِنَى لَا يُنَافِي الِاضْطِرَارَ إذْ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَالِهِ الْحَالِّ، وَقَدْ يُقَالُ: الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ أَوْجُهُ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْمُوَاسَاةُ مَجَّانًا بِلَا اضْطِرَارٍ فَمَعَ الِاضْطِرَارِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ فَلَا يَقْوَى تِلْكَ الْقُوَّةَ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ هُنَا يَكْفِي جَوَابُهُ كِتَابَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ الرَّدُّ فَوْرًا بِاللَّفْظِ فِي الرَّسُولِ وَبِهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ فِي الْكِتَابِ. اهـ. وَهِيَ مُصَرَّحَةٌ بِفَوْرِيَّةِ الرَّدِّ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ:
مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُتَحَلِّلٍ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ (عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ: اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مُكَلَّفِينَ أَوْ سُكَارَى لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ سَمِعُوهُ، أَمَّا وُجُوبُهُ فَإِجْمَاعٌ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إسْقَاطُ الْمُسْلِمِ لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِي الْأَذْكَارِ: يُسَنُّ أَنْ يُحَلِّلَهُ بِنَحْوِ أَبْرَأْته مِنْ حَقِّي فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَلَمْ يُضَعِّفْهُ: يُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنْ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ فِيهِ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ الْبَاقِينَ وَيَخْتَصُّ بِالثَّوَابِ فَإِنْ رَدُّوا كُلُّهُمْ وَلَوْ مُرَتَّبًا أُثِيبُوا ثَوَابَ الْفَرْضِ كَالْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ.
وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَجْزَأَ إنْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا، أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ، وَهُنَا إلَّا مَنْ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ تَشْمِيتُ الصَّبِيِّ عَنْ جَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّبَرُّكُ وَالدُّعَاءُ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ.
وَلَوْ سَلَّمَ جَمْعٌ مُتَرَتِّبُونَ عَلَى وَاحِدٍ فَرَدَّ مَرَّةً قَاصِدًا جَمِيعَهُمْ وَكَذَا لَوْ أُطْلِقَ عَلَى الْأَوْجَهِ إجْزَاءٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ ضَارٌّ. وَدَخَلَ فِي قَوْلِي: مَسْنُونٌ سَلَامُ امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ نَحْوُ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ، وَكَذَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَهِيَ عَجُوزٌ لَا تُشْتَهَى، وَيَلْزَمُهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ رَدُّ سَلَامِ الرَّجُلِ، أَمَّا مُشْتَهَاةٌ لَيْسَ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا رَدُّ سَلَامِ أَجْنَبِيٍّ وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ، وَيُكْرَهُ لَهُ رَدُّ سَلَامِهَا وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ أَيْضًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ رَدَّهَا وَابْتِدَاءَهَا يُطْمِعُهُ فِيهَا أَكْثَرَ بِخِلَافِ ابْتِدَائِهِ وَرَدِّهِ، وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَامْرَأَةٍ وَمَعَ الْمَرْأَةِ كَرَجُلٍ فِي النَّظَرِ، فَكَذَا هُنَا.
وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ وَجَبَ رَدُّ إحْدَاهُنَّ، إذْ لَا يُخْشَى فِتْنَةٌ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ حَلَّتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ هُنَا كَالرَّجُلِ
لَا يُؤَخِّرَهُ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَتَوَقَّعُ فِيهِ وُصُولَ الْجَوَابِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِسَلَامٍ أَوْ صِفَةٌ لَهُ. اهـ. ع ش أَيْ كَقَوْلِ الْمَتْنِ عَلَى جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سُكَارَى إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي (قَوْلُهُ: سَمِعُوهُ) صِفَةٌ لِجَمَاعَةٍ وَيُحْتَمَلُ لِمُكَلَّفِينَ أَوْ سُكَارَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفِي الْأَذْكَارِ إلَى وَأَمَّا كَوْنُهُ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي فَرْضِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: إسْقَاطُ الْمُسَلِّمِ) بِشَدِّ اللَّامِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَرْعٌ لَوْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ وَرَضِيَ أَنْ لَا يَرُدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ فَرْضُ الرَّدِّ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَيَأْثَمُ بِتَعْطِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِتَعْطِيلِهِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ الْمَحَلِّ، وَكَذَا يَأْثَمُ قَرِيبٌ مِنْهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ وَيَخْتَلِفُ هَذَا بِكِبَرِ الْبَلَدِ وَصِغَرِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَقُّ الْآدَمِيِّ) أَيْ لَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْجُلُوسِ) جَمْعُ جَالِسٍ (قَوْلُهُ: فبه إلَخْ) مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ) أَيْ الرَّادُّ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ امْرَأَةٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ رَجُلٍ) أَيْ وَعَنْ نَفْسِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَيْهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ نَحْوَ مَحْرَمٍ لَهُ أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيٌّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ كَذَوِي صِبًا إلَخْ غَيْرُ مُرَادٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ جَمَاعَةٍ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ صَبِيٍّ أَيْضًا وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيهِمْ مُكَلَّفًا أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: عَنْ جَمْعٍ) أَيْ مُكَلَّفِينَ هُوَ فِيهِمْ (قَوْلُهُ مُتَرَتِّبُونَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ دَفْعَةً أَوْ مُرَتَّبًا. اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ ضَارٌّ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ وَالْجَوَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ضَارٌّ) كَذَا كَانَ فِي أَصْلِهِ رحمه الله ثُمَّ أُلْحِقَتْ فَاءٌ بِالرَّاءِ فَصَارَ صَارِفٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ مَحْرَمٍ) أَيْ كَعَبْدِهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّوَرِ) يَعْنِي فِيمَا لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهَا نَحْوُ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ وَهِيَ عَجُوزٌ لَا تُشْتَهَى (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَعَهَا امْرَأَةٌ إلَخْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهَا رَجُلٌ فَأَكْثَرُ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى عَدَمُ الْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ أَيْضًا) نَعَمْ لَا يُكْرَهُ سَلَامُ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الرِّجَالِ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً نِهَايَةٌ وَفِي سم بَعْدَ نَقْلِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَقِيَاسُهُ رَدُّهُمْ عَلَيْهَا وَهَلْ كَذَلِكَ رَدُّهَا سَلَامَهُمْ وَابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يَحْرُمَ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَعَ الرَّجُلِ إلَخْ) وَمَعَ الْخُنْثَى كَالرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَلَا يُكْرَهُ عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ هُنَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ. اهـ. ع ش أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمِنْ ثَمَّ حَلَّتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ:
مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) وَلَوْ صَبِيًّا. (قَوْلُهُ: لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّوْا بِالسُّكْرِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي أَوَّلَ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي قَوْلِي مَسْنُونٌ سَلَامُ امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ إلَخْ) فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَمْرَدَ كَالشَّابَّةِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ جَرَى خِلَافٌ فِي كَوْنِهِ عَوْرَةً بِخِلَافِ صَوْتِ الْأَمْرَدِ، وَأَيْضًا فَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مِنْ شِدَّةِ الْحَيَاءِ الزَّائِدِ بِمُحَادَثَتِهَا لَهُ فَيَنْفَتِحُ بِذَلِكَ بَابُ الْفِتْنَةِ مَا لَيْسَ بَيْنَ الْأَمْرَدِ وَالرَّجُلِ اهـ. وَالْفَرْقُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ الْآتِي هُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ رَدُّ سَلَامِهَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ لَا يُكْرَهُ مِنْ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ السَّلَامُ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ اهـ. وَقِيَاسُهُ رَدُّهُمْ عَلَيْهَا وَهَلْ كَذَلِكَ رَدُّهَا سَلَامَهُمْ وَابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يَحْرُمَ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَامْرَأَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ شَابٍّ فَلَهُ حُكْمُ الْعَجُوزِ مَعَ الرَّجُلِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ رَدُّ سَلَامِ الرَّجُلِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَجُوزِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ شَابًّا حَرُمَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الرَّجُلِ وَرَدُّهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا تَحْرُمُ بِالشَّكِّ وَيُجَابُ بِأَنَّا لَوْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ النَّظَرُ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ حُرْمَتُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ) لَمْ يُفْصِحْ يُسَنُّ السَّلَامُ مِنْهُنَّ عَلَيْهِ وَلَا مِنْهُ عَلَيْهِنَّ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا عَلَى جَمْعِ
ابْتِدَاءً وَرَدًّا.
وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ فَيَجِبُ رَدُّهُ بِعَلَيْك كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ يُسَنُّ وَلَا يَجِبُ، وَسَلَامُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مُمَيِّزٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ أَيْضًا، وَكَذَا سَكْرَانَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَعْصِ بِسُكْرِهِ.
وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْجُنُونَ وَالسُّكْرَ يُنَافِيَانِ التَّمْيِيزَ غَفْلَةً عَمَّا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ عَدَمِ التَّنَافِي، أَمَّا الْمُتَعَدِّي فَفَاسِقٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيَّزِ فَلَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلْخِطَابِ كَالْمَجْنُونِ، وَالْمُلْحَقُ بِالْمُكَلَّفِ إنَّمَا هُوَ الْمُتَعَدِّي، فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَالصَّلَاةِ، قُلْت: فَائِدَةُ الْوُجُوبِ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَا يُقْضَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلشَّارِحِ هُنَا، نَعَمْ لَوْ قِيلَ: فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ. وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ذَلِكَ الشَّارِحِ، وَخَرَجَ بِهِ السَّلَامُ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ وَمَنْ مَعَهُ، فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الرَّدُّ إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ كَاتِّصَالِ قَبُولِ الْبَيْعِ بِإِيجَابِهِ، وَخَرَجَ بِغَيْرِ مُتَحَلِّلٍ إلَخْ سَلَامُ التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ، إذَا نَوَى الْحَاضِرُ عِنْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَامِ التَّلَاقِي بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْأَمْنُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالرَّدِّ، وَهُنَا التَّحَلُّلُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِ الْحَاضِرِ بِهِ لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِمَا عَلَى صِدْقِ الِاسْمِ لَا غَيْرٍ، وَلَا رَدَّ سَلَامِ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ زَجْرًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ شَرَعَ سَلَامُهُ، وَخَرَجَ بِجَمَاعَةٍ الْوَاحِدُ فَالرَّدُّ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ. وَلَا بُدَّ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّمَاعُ
ابْتِدَاءً وَرَدًّا) أَيْ فَيُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَلَامٌ عَلَى الْآخَرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ) عُطِفَ عَلَى سَلَامِ امْرَأَةٍ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِعَلَيْك) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِوَعَلَيْك بِزِيَادَةِ الْوَاوِ ثُمَّ نَبَّهَ الْمُغْنِي عَلَى جَوَازِ إسْقَاطِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَسَلَامُ صَبِيٍّ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى سَلَامِ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونٍ مُمَيِّزٍ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَلِظَاهِرِ الْمُغْنِي وَقَوْلُهُ: مُمَيِّزٍ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَكَذَا سَكْرَانُ مُمَيِّزٌ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَعَدِّي) أَيْ بِسُكْرِهِ (قَوْلُهُ: فَفَاسِقٌ) أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ) أَيْ السَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ) أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ هَذَا) أَيْ الْإِلْحَاقِ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبٍ.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) أَيْ لِسُكْرِهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ مَسْنُونٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهُ) أَيْ عُطِفَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِلَفْظٍ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَكَذَا ضَمِيرُ بَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَوْدُ الْبَرَكَةِ لِلْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ) أَيْ بِقَصْدِ الْحَاضِرِ بِسَلَامِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: وَالسَّلَامُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الْمُنَوِّعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رَدُّ سَلَامٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ فِي الْمُغْنِي لَا قَوْلُهُ وَإِنْ شُرِعَ سَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَدُّ سَلَامٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ رَدُّهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَخْ وَلَا يُخْفَى مَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ سَلَامٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: زَجْرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا كَانَ فِي تَرْكِهِ زَجْرٌ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّثْنِيَةُ لِمَا مَرَّ عَنْ سم أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ الْمُنَوِّعَةِ كَالْمَعْطُوفِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ مُشْتَهَاةً وَالْآخَرُ رَجُلًا وَلَا نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ إلَخْ) فَإِنْ شَكَّ أَيْ الرَّادُّ فِي سَمَاعِهِ أَيْ الْمُسَلِّمِ زَادَ فِي الرَّفْعِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ نَدْبًا مَعَ الْإِسْمَاعِ لِلْمُسَلِّمِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إيقَاظِ النَّائِمِينَ ع ش (قَوْلُهُ:
نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ أَيْ: لَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً وَلَا رَدًّا عَلَيْهِنَّ مَا نَصُّهُ: بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ) عَطَفَ عَلَى سَلَامِ امْرَأَةٍ فِي قَوْلِهِ: وَدَخَلَ فِي قَوْلِي إلَخْ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ سَلَامِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَمْ أَرَهُ فَرَاجِعْهُ. (فَائِدَةٌ)
فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي الْبَابِ الْجَامِعِ آخِرَهَا مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةُ رَجُلٍ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ مُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ نَصْرَانِيٌّ فَأَنْكَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا قَصَدْت إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَقِيلَ لَهُ مِنْ حَقِّك أَنْ تَقُولَ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى فَهَلْ يُجْزِئُ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي؟ (الْجَوَابُ) لَا يُجْزِئُ فِي السَّلَامِ إلَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا بِهِ، وَيَجُوزُ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ نَصْرَانِيٌّ إذَا قَصَدَ الْمُسْلِمِينَ فَقَطْ، وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى فَإِنَّمَا شُرِعَ فِي صُدُورِ الْكُتُبِ إذَا كُتِبَتْ لِلْكَافِرِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. (مَسْأَلَةٌ)
إذَا قَالَ مَنْ يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدِي، أَوْ قَالَ مَنْ يَبْتَدِئُ: السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي، أَوْ الرَّادُّ: وَعَلَى سَيِّدِي السَّلَامُ. هَلْ يَتَأَدَّى بِذَلِكَ السُّنَّةُ أَوْ الْفَرْضُ؟ . (الْجَوَابُ) قَالَ ابْنُ صُورَةَ فِي كِتَابِ الْمُرْشِدِ: وَلْيَكُنْ التَّشْمِيتُ بِلَفْظِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ: وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ إذَا خَاطَبُوا مَنْ يُعَظِّمُونَهُ قَالُوا: يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدَنَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِطَابٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ زَمَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْ يَرْحَمُك اللَّهُ يَا سَيِّدَنَا، قَالَ: وَكَأَنَّهُ قَصَدَ الْجَمْعَ بَيْنَ لَفْظِ الْخِطَابِ وَبَيْنَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ التَّعْظِيمِ. اهـ. وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ السَّلَامِ. (مَسْأَلَةٌ)
رَجُلٌ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِك فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ شَخْصٌ فَمَنْ الْمُصِيبُ؟ الْجَوَابُ هَذَا الْكَلَامُ أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: الصَّوَابُ جَوَازُ ذَلِكَ وَمُسْتَقَرُّ الرَّحْمَةِ هُوَ الْجَنَّةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ كَاتِّصَالِ قَبُولِ الْبَيْعِ بِإِيجَابِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِلَفْظٍ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ)
بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي ثَقِيلِ السَّمْعِ، نَعَمْ إنْ مَرَّ عَلَيْهِ سَرِيعًا بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ صَوْتُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ وَسِعَهُ دُونَ الْعَدْوِ خَلْفَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ جَمِيعِ الصِّيغَةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ مُؤَذِّنٍ سَمِعَ بَعْضَهُ ظَاهِرٌ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ بَلَّغَهُ رَسُولٌ سَلَامَ الْغَيْرِ، قَالَ: وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ وَحَيْثُ زَالَتْ الْفَوْرِيَّةُ فَلَا قَضَاءَ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ، وَيَجِبُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَصَمِّ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ بِنَحْوِ الْيَدِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إلَّا إنْ جَمَعَ لَهُ الْمُسَلِّمُ عَلَيْهِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ، وَيُغْنِي عَنْ الْإِشَارَةِ فِي الْأَوَّلِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ فَهِمَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَصِيغَتُهُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا: عَلَيْك السَّلَامُ وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ تَنْكِيرُ لَفْظِهِ وَإِنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ فِي سَلَامِ الصَّلَاةِ حَتَّى عِنْدَ الرَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَارِدِ بِوَجْهٍ، وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ سَلَامًا عَلَيْكُمْ، وَكَذَا سَلَامُ اللَّهِ، قِيلَ: لَا سَلَامِي وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ إجْزَاءُ عَلَيْك وَعَكْسُهُ كَمَا بَحَثَ. وَالْأَفْضَلُ فِي الرَّدِّ وَاوٌ قَبْلَهُ، وَتَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ كَالِاقْتِصَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى أَحَدِ جُزْأَيْ الْجُمْلَةِ إلَّا وَعَلَيْك رَدُّ السَّلَامِ الذِّمِّيِّ، وَإِنْ نَوَى إضْمَارَ الْآخَرِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ وَيُسَنُّ عَلَيْكُمْ فِي الْوَاحِدِ نَظَرًا لِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، وَلَا تَجِبُ وَإِنْ أَتَى الْمُسَلِّمُ بِهَا، وَيَظْهَرُ إجْزَاءُ سَلَّمْت عَلَيْك وَأَنَا مُسَلِّمٌ عَلَيْك وَنَحْوُ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهُمَا
. (وَيُسَنُّ)
نَعَمْ إنْ مَرَّ) أَيْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أَيْ الرَّادُّ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ سَمِعَ بَعْضَهُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ مُؤْذِنٍ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لِلْأَذَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) خَبَرٌ وَالْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَيَجِبُ إلَخْ حَقُّهُ أَنْ يَكْتُبَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ مُتَحَلِّلٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ الِاتِّصَالِ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الرَّدِّ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَمِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَمَعَ لَهُ إلَخْ) فَلَا يَحْصُلُ سُنَّةُ السَّلَامِ عَلَيْهِ إلَّا بِذَلِكَ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: الْمُسَلِّمُ) بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَيْهِ أَيْ الْأَصَمِّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ لِسُقُوطِ الْإِثْمِ وَكَذَا فِي الثَّانِي لِحُصُولِ السُّنَّةِ ع ش وَسَمِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَخْرَسَ) الظَّاهِرُ الْأَصَمُّ سَيِّدُ عُمَرَ سم عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَنَّهُ أَيْ الْأَصَمَّ فَلَعَلَّ الْأَخْرَسَ هُنَا تَحْرِيفٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ إلَخْ) أَيْ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ وَإِلَّا كَانَتْ كِنَايَةً فَتُعْتَبَرُ مَعَهَا النِّيَّةُ لِوُجُوبِ الرَّدِّ وَلِحُصُولِ السُّنَّةِ مِنْهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَيْك السَّلَامُ) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَنْكِيرُ لَفْظِهِ) لَكِنْ التَّعْرِيفُ فِيهِمَا أَفْضَلُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ) أَيْ حَذْفُ التَّنْوِينِ (قَوْلُهُ: فِي سَلَامِ الصَّلَاةِ) أَيْ سَلَامِ التَّحَلُّلِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: سَلَامًا) بِالتَّنْوِينِ (قَوْلُهُ: لَا سَلَامِي) بِالْإِضَافَةِ إلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ عَلَيْك سَلَامُ اللَّهِ وَعَلَيْك سَلَامِي (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجِبُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ وَقَوْلُهُ وَمَغْفِرَتُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَهُ) خَبَرُ قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ سم.
(قَوْلُهُ: وَتَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ) فَلَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَا يَكُونُ سَلَامًا، وَلَمْ يَجِبْ رَدُّهُ وَالْإِشَارَةُ بِيَدٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَا يَجِبُ لَهَا رَدٌّ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّفْظِ أَفْضَلُ وَلَوْ سَلَّمَ بِالْعَجَمِيَّةِ جَازَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ حَيْثُ فَهِمَهَا الْمُخَاطَبُ وَوَجَبَ الرَّدُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَالِاقْتِصَارِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ عَنْ السَّلَامِ لَمْ يَكْفِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَمِثْلُهُ سَلَامُ مَوْلَانَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى إلَخْ) .
(فَائِدَةٌ)
فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ إذَا قَالَ مَنْ يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدِي أَوْ قَالَ مَنْ يَبْتَدِئُ السَّلَامَ عَلَى سَيِّدِي أَوْ الرَّادُّ وَعَلَى سَيِّدِي السَّلَامُ هَلْ يَتَأَدَّى بِذَلِكَ السُّنَّةُ وَالْفَرْضُ الْجَوَابُ قَالَ ابْنُ صُودَةٍ فِي الْمُرْشِدِ وَلْيَكُنْ التَّشْمِيتُ بِلَفْظِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِمَامِ وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ يَقُولُونَ يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدَنَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِطَابٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ. اهـ. وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ قُلْ يَرْحَمُك اللَّهُ يَا سَيِّدِي وَكَأَنَّهُ قَصَدَ الْجَمْعَ بَيْنَ لَفْظِ الْخِطَابِ وَبَيْنَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ التَّعْظِيمِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ السَّلَامِ انْتَهَى. اهـ. سم
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إلَخْ) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي الْوَاحِدِ إلَخْ) وَيَكْفِي الْإِفْرَادُ فِيهِ وَيَكُونُ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ دُونَ الْجُمُعَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ فَلَا يَكْفِي لِأَدَاءِ السُّنَّةِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمْعٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّدِّ وَعَلَيْك السَّلَامُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
هَلْ يُسَنُّ.
(قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي ثَقِيلِ السَّمْعِ مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي وَيَجِبُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَصَمِّ إلَخْ) يُعْرَفُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ ثَقِيلِ السَّمْعِ وَالْأَصَمِّ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ بَلَّغَهُ رَسُولٌ سَلَامَ الْغَيْرِ قَالَ: وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ) . وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَقُولُ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ زَالَتْ الْفَوْرِيَّةُ فَلَا قَضَاءَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ) يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْقَضَاءِ أَوْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْأَذْكَارِ مَا نَصُّهُ: فَصْلٌ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ أَخَّرَهُ ثُمَّ رَدَّ لَمْ يُعَدَّ جَوَابًا وَكَانَ آثِمًا بِتَرْكِ الرَّدِّ. اهـ. فَقَوْلُهُ لَمْ يُعَدَّ جَوَابًا، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَكَانَ آثِمًا بِتَرْكِ الرَّدِّ يَقْتَضِي ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ يَقْضِي لَمْ يَقُلْ بِتَرْكِ الرَّدِّ كَأَنْ يَقُولَ بِتَأْخِيرِ الرَّدِّ.
(قَوْلُهُ: وَيُغْنِي عَنْ الْإِشَارَةِ فِي الْأَوَّلِ) هَلَّا كَانَ الثَّانِي كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ شَامِلَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَخْرَسَ فَهِمَ بِقَرِينَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَيْ: الْأَصَمَّ فَلَعَلَّ الْأَخْرَسَ هُنَا تَحْرِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ قَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ جَازَ وَكُرِهَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ وَاوٌ خَبَرٌ. (قَوْلُهُ: وَتَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ) كَمَا فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْمُتَوَلِّي
. (قَوْلُهُ:
عَيْنًا لِلْوَاحِدِ وَكِفَايَةً لِلْجَمَاعَةِ كَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَجَوَابِهِ (ابْتِدَاؤُهُ) بِهِ عِنْدَ إقْبَالِهِ أَوْ انْصِرَافِهِ عَلَى مُسَلِّمٍ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ: «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» .
وَفَارَقَ الرَّدَّ بِأَنَّ الْإِيحَاشَ وَالْإِخَافَةَ فِي تَرْكِ الرَّدِّ أَعْظَمُ مِنْهُمَا فِي تَرْكِ الِابْتِدَاءِ. وَأَفْتَى الْقَاضِي بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ أَفْضَلُ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: ابْتِدَاؤُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، نَعَمْ يُحْتَمَلُ فِي تَكَلُّمٍ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَعُذِرَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فَيَجِبُ جَوَابُهُ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ، وَلَوْ أَرْسَلَ سَلَامَهُ لِغَائِبٍ يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ بِصِيغَةٍ مِمَّا مَرَّ، كَقُلْ لَهُ: فُلَانٌ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك لَا بِنَحْوِ سَلِّمْ لِي عَلَيْهِ عَلَى مَا قِيلَ، وَاَلَّذِي فِي الْأَذْكَارِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا، وَقَالَ: سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ، لَزِمَ الرَّسُولَ أَنْ يُبَلِّغَهُ بِنَحْوِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك كَمَا فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا. فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَجِبُ أَدَاؤُهَا
وَبَرَكَاتُهُ عَلَى السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا أَكْمَلُ مِنْ تَرْكِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَإِنْ أَتَى الْمُسَلِّمُ بِلَفْظِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} [النساء: 86] الْآيَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ عَيْنًا) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَجَوَابَهُ، وَإِلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إنْ سَكَتَ فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ إلَّا فِيمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ) أَيْ: وَلِلْجِمَاعِ (قَوْلُهُ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) وَالْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَجَوَابِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِهِ سُنَّةً كِفَايَةً مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْآتِي أَنَّ جَوَابَ التَّشْمِيتِ إنَّمَا يُسَنُّ لِلْعَاطِسِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى تَعَدُّدِ الْعَاطِسِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ: بِالسَّلَامِ وَتَقْدِيرُهُ لَفْظَةَ " بِهِ " مَبْنِيٌّ عَلَى إرْجَاعِ ضَمِيرٍ ابْتِدَاؤُهُ لِلشَّخْصِ، وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلسَّلَامِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّقْدِيرِ عِبَارَتُهُ أَيْ: السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مُسَلِّمٍ حَتَّى عَلَى الصَّبِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ إقْبَالِهِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ ذِكْرِ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مُسَلِّمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ " بِهِ " وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِالْإِقْبَالِ وَالِانْصِرَافِ عَلَى التَّنَازُعِ وَإِعْمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ: ابْتِدَاءُ السَّلَامِ حَيْثُ كَانَ سُنَّةً (قَوْلُهُ بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً أَفْضَلُ أَيْ: مِنْ الرَّدِّ الْفَرْضِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ أَيْ: الْمُسَلِّمَ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ تَكَلُّمٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا وَمِنْهُ صَبَاحُ الْخَيْرِ ثُمَّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ تَكَلَّمَ لَا يُبْطِلُ الِاعْتِدَادَ بِهِ فَيَجِبُ الرَّدُّ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الرَّدُّ إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ إلَخْ بُطْلَانُهُ بِالتَّكَلُّمِ وَإِنْ قَلَّ، وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ مَا مَرَّ بِالِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَمَا هُنَا بِمَا إذَا قَلَّ الْفَاصِلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ يُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْ الْبَيْعِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْأَمَانُ، وَقَدْ وُجِدَ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ فَلَا يَضُرُّ الْكَلَامُ بِهِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ، وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ مِنْ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَشْتَغِلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ قَابِلًا لِلْأَمَانِ بَلْ مُعْرِضًا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَفُوتُ الِابْتِدَاءُ) وَمِثْلُهُ الرَّدُّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا الذِّمِّيُّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ) فَإِنْ بَانَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ نَدْبًا اسْتَرْجَعْت سَلَامِي أَوْ رُدَّ سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ وَيَسْتَثْنِيهِ وُجُوبًا وَلَوْ بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَبْدَؤُهُ بِتَحِيَّةٍ غَيْرِ السَّلَامِ أَيْضًا كَأَنْعَمَ اللَّهُ صَبَاحَك وَأَصْبَحْت بِالْخَيْرِ إلَّا لِعُذْرٍ وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ كَتَبَ نَدْبًا بِالسَّلَامِ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى وَلَوْ قَامَ عَلَى جَلِيسٍ فَسَلَّمَ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَمَنْ دَخَلَ دَارًا نُدِبَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ دَخَلَ مَوْضِعًا خَالِيًا نُدِبَ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُسَمِّيَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بَعْدَ دُخُولِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ لِغَائِبٍ إلَخْ) يَنْبَغِي وَلَوْ فَاسِقًا فَيَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ الْأَمَانَةَ، وَإِنْ جَازَ تَرْكُ رَدِّ سَلَامِ الْفَاسِقِ زَجْرًا م ر اهـ سم اهـ ع ش (قَوْلُهُ يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ إلَخْ) خَرَجَ الْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ اهـ سم (قَوْلُهُ بِصِيغَةٍ إلَخْ) حَالٌ مِنْ سَلَامِهِ (قَوْلُهُ لَا بِنَحْوِ سَلِّمْ لِي عَلَيْهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّسُولُ بِصِيغَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ يَقُولُ: لَك السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك مِنْ فُلَانٍ كَمَا أَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ قُلْ لَهُ فُلَانٌ يَقُولُ لَك السَّلَامُ عَلَيْك يَكْفِي قَوْلُ الرَّسُولِ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ م ر اسم وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ الرَّشِيدِيِّ.
(قَوْلُهُ لَزِمَ الرَّسُولَ إلَخْ) جَوَابٌ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَخْ زَادَ الْمُغْنِي وَيَجِبُ الرَّدُّ كَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ أَنْ يُبَلِّغَهُ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِأَنْ نَسِيَ ذَلِكَ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ صِيغَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مِمَّا مَرَّ مِنْ الْمُرْسِلِ وَلَا مِنْ الرَّسُولِ وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى الْمُرْسِلُ بِصِيغَةٍ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَحَاوَلَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ رَدَّ كَلَامِهِ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: ابْتِدَاؤُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) فِي الرَّوْضِ عَطْفًا عَلَى الْمُسْتَحَبِّ وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْكَلَامِ اهـ. وَلَمْ يَزِدْ شَرْحُهُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لَهُ. (قَوْلُهُ لِغَائِبٍ) يَنْبَغِي وَلَوْ فَاسِقًا فَيَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ؛ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ الْأَمَانَةَ وَإِنْ جَازَ تَرْكُ رَدِّ سَلَامِ الْفَاسِقِ زَجْرًا م ر. (قَوْلُهُ: يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ) خَرَجَ الْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ. (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ سَلِّمْ لِي عَلَيْهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّسُولُ بِصِيغَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ يَقُولُ لَك السَّلَامُ عَلَيْك فَيَكْفِي قَوْلُ الرَّسُولِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ م ر.
(قَوْلُهُ:
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِ تِلْكَ الْأَمَانَةِ، أَمَّا لَوْ رَدَّهَا فَلَا، وَكَذَا إنْ سَكَتَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ وَكَمَا لَوْ جُعِلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدِيعَةٌ فَسَكَتَ، وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَعَدَمِهِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: قَالُوا يَجِبُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ تَبْلِيغُهُ وَمَحَلُّهُ إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّحَمُّلِ لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ؛ إذْ تَكْلِيفُهُ الْوُجُوبَ بِمُجَرَّدِ الْوَصِيَّةِ بَعِيدٌ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ، بَلْ إذَا اجْتَمَعَ بِهِ وَذَكَرَ بَلِّغْهُ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَصْدُ مَحَلِّهِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ شَدِيدَةً عُرْفًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ مَا أَمْكَنَ وَاجِبٌ، فَإِنْ قُلْت: الْوَاجِبُ فِي الْوَدِيعَةِ التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ. قُلْت: مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ بِهَا، وَإِلَّا وَجَبَ إعْلَامُهُ بِقَصْدِهِ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ إرْسَالُ خَبَرِهَا لَهُ مَعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَكَذَا هُنَا؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا فِي الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ يَلْزَمُهُ فَوْرًا إنْ عَرَفَ مَالِكَهُ إعْلَامُهُ بِهِ، (إلَّا عَلَى) نَحْوِ (قَاضِي حَاجَةٍ) بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ جِمَاعٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ، (وَ) شَارِبٍ وَ (آكِلٍ) فِي فَمِهِ اللُّقْمَةُ لِشُغْلِهِ عَنْ الرَّدِّ، (وَ) كَائِنٍ فِي (حَمَّامٍ) لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ؛ وَلِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ.
وَقَضِيَّةُ الْأَوْلَى نَدْبُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَغِلِ بِشَيْءٍ وَلَوْ دَاخِلَهُ، وَالثَّانِيَةُ عَدَمُ نَدْبِهِ عَلَى مَنْ فِيهِ وَلَوْ بِمَسْلَخَةٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ رَجَّحُوا أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخَةٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ كَوْنَهُ مَحَلَّ الشَّيَاطِينِ لَا يَقْتَضِي تَرْكَ السَّلَامِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ السُّوقَ مَحَلُّهُمْ، وَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِيهِ وَيَلْزَمُهُمْ الرَّدُّ.
وَإِلَّا عَلَى فَاسِقٍ، بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ عَلَى مُجَاهِرٍ بِفِسْقِهِ وَمُرْتَكِبِ ذَنْبٍ عَظِيمٍ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ وَمُبْتَدِعٍ إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ، وَإِلَّا عَلَى مُصَلٍّ وَسَاجِدٍ وَمُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَنَاعِسٍ وَخَطِيبٍ
بِنَحْوِ فُلَانٍ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ هُنَاكَ لَفْظَةَ أَيْ: (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ: التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: وُجُوبَ التَّبْلِيغِ (قَوْلُهُ إذَا رَضِيَ) أَيْ: الرَّسُولُ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا رَدَّهَا بِحَضْرَةِ الْمُسَلِّمِ الْمُرْسِلِ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ كَأَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ التَّبْلِيغُ أَوْ لَا يَصِحَّ كَمَا لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي اهـ.
سم عِبَارَةُ ع ش قَالَ م ر أَيْ: بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ الرَّدُّ فِي غَيْبَتِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَهُ كِتَابٌ وَفِيهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ فَلَهُ رَدُّهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَحَمُّلٌ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ تَحَمُّلَ هَذِهِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَهَا بِأَنْ يَرُدَّهَا فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
اهـ.
(قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ التَّبْلِيغَ بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ قَصْدًا جَازِمًا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ) أَيْ: بِالسَّلَامِ وَقَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا وَهُوَ قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ (قَوْلُهُ قُلْت مَحَلُّهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ إرْسَالَ السَّلَامِ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ قَصْدُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فَلْيُحَرَّرْ سم، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ وَنَيْلَ ثَوَابِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّبْلِيغِ، وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ بَوْلٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِلنَّهْيِ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ الْأُولَى فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ نَدْبُهُ عَلَى مَنْ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَدْبُهُ فِي الْمَسْلَخِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْغُولًا فِي الْحَمَّامِ بِغُسْلٍ وَنَحْوِهِ سُنَّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ وَوَجَبَ الرَّدُّ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ رَجَّحُوا أَنَّهُ يُسَلِّمُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخِهِ) أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَيُتَّجَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ يُسَنُّ إلَى وَمُبْتَدِعٍ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ وَقَوْلُهُ بِأَنَّ شَقَّ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ أَيْ: إنْ قَرُبَ إلَى وَرَجَّحَ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ السَّلَامُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ فِيهِ) أَيْ: السُّوقِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُمْ) أَيْ: الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ فِي السُّوقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَلَى فَاسِقٍ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ شَقَّ إلَى وَمُتَخَاصِمِينَ وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ إلَى وَرَجَّحَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ إلَى وَيُسَنُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَلَى فَاسِقٍ بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُخْفِيًا لَا يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ بَلْ يُبَاحُ وَإِنْ كَانَ مُجَاهِرًا يُسَنُّ تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَابْتِدَاؤُهُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَمُرْتَكِبٌ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُجَاهِرٍ اهـ رَشِيدِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ وَمُبْتَدَعٌ عُطِفَ عَلَى فَاسِقٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ فِي الثَّانِي وع ش فِي الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ كَالزِّنَا، وَهُوَ عَطْفُ أَخَصًّ عَلَى أَعَمّ اهـ.
(قَوْلُهُ ذَنْبٌ عَظِيمٌ) كَانَ الْمُرَادُ بِهِ بَعْضَ الصَّغَائِرِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي لَمْ تَصِلْ بَشَاعَتُهَا إلَى رُتْبَةِ الْكَبِيرَةِ.
اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَلَعَلَّ هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ وَمُبْتَدَعٌ) أَيْ: لَمْ يَفْسُقْ بِبِدْعَتِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْجَمِيعِ وَمِنْهُ خَوْفُهُ أَنْ يَقْطَعَ نَفَقَتَهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ) قَدْ يُقَالُ الْوَاوُ أَوْلَى لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى الْعُذْرِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ بَلْ الْأَوْلَى كَخَوْفٍ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَسْنَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَلَى مُصَلٍّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَمُلَبٍّ) أَيْ: فِي النُّسُكِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمُؤَذِّنٍ إلَخْ) وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ عَلَى حَالَةٍ لَا يَجُوزُ
أَمَّا لَوْ رَدَّهَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا رَدَّهَا بِحَضْرَةِ الْمُسَلِّمِ الْمُرْسِلِ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ كَأَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ التَّبْلِيغُ أَوْ لَا يَصِحَّ؟ كَمَا لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ غَيْبَةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ، فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي م ر. (قَوْلُهُ: قُلْت مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ إنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ إرْسَالَ السَّلَامِ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ قَصْدُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ رَجَّحُوا أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخِهِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَلَى مُصَلٍّ وَسَاجِدٍ إلَخْ) فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ: أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى
وَمُسْتَمِعِهِ وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَكْثَرَ مِنْ مَشَقَّةِ الْآكِلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَذْكَارِ، وَمُتَخَاصِمَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ (وَلَا جَوَابَ) يَجِبُ (عَلَيْهِمْ) ، إلَّا مُسْتَمِعَ الْخَطِيبِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِوَضْعِهِ السَّلَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ كَالْمُجَامِعِ وَيُسَنُّ لِلْآكِلِ، نَعَمْ يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَلْعِ وَقَبْلَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ بِالْفَمِ وَيَلْزَمُهُ الرَّدُّ، وَلِمَنْ بِالْحَمَّامِ وَمُلَبٍّ وَنَحْوُهُمَا بِاللَّفْظِ وَلِمُصَلٍّ وَمُؤَذِّنٍ بِالْإِشَارَةِ، وَإِلَّا فَبَعْدَ الْفَرَاغِ أَيْ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ نَحْوُ حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ نَدْبَهُ عَلَى الْقَارِئِ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالتَّدَبُّرِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَيُتَّجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الدُّعَاءِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُتَدَبِّرٍ لَمْ يَسْتَغْرِقْ التَّدَبُّرُ قَلْبَهُ، وَإِلَّا وَقَدْ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يُسَنَّ ابْتِدَاءً وَلَا جَوَابَ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، بَلْ يَنْبَغِي فِيمَنْ اسْتَغْرَقَهُ هَمٌّ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ ذَلِكَ.
وَيُسَنُّ عِنْدَ التَّلَاقِي سَلَامُ صَغِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ، وَمَاشٍ عَلَى وَاقِفٍ أَوْ مُضْطَجِعٍ، وَرَاكِبٍ عَلَيْهِمْ، وَقَلِيلِينَ عَلَى كَثِيرِينَ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْمَاشِي يَخَافُ مِنْ نَحْوِ الرَّاكِبِ؛ وَلِزِيَادَةِ مَرْتَبَةٍ نَحْوِ الْكَبِيرِ عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ حَيْثُ لَمْ يُسَنَّ الِابْتِدَاءُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ
أَوْ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ الْقُرْبُ مِنْهُ فِيهَا مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ وَمُسْتَمِعِهِ) هَلْ يُشْتَرَطُ الِاسْتِمَاعُ بِالْفِعْلِ أَوْ يَكْفِي وَلَوْ بِالْقُوَّةِ سَيِّدُ عُمَرَ، وَقَدْ يُرَجِّحُ الثَّانِي تَعْبِيرُ الْمُغْنِي بِحَاضِرِ الْخَطِيبِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ إلَخْ) الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ هَلْ يُسَنُّ السَّلَامُ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لِتَفْوِيتِهِ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ بِدُعَاءٍ إلَخْ) أَيْ: أَوْ مُرَاقَبَةِ الصُّوفِيِّينَ (قَوْلُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ الْآكِلِ) أَيْ: مِنْ مَشَقَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْآكِلِ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا يَكْتَفِي بِالْمُسَاوَاةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (أَقُولُ) : وَقَدْ يُفِيدُهُ صَنِيعُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ أَسْقَطَا ذَلِكَ التَّصْوِيرَ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ وُجُوبِ الْجَوَابِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ) أَيْ: الْجَوَابُ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِلْآكِلِ) أَيْ: بِاللَّفْظِ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَلِمَنْ بِالْحَمَّامِ) أَيْ: يُسَنُّ الْجَوَابُ لِمَنْ بِالْحَمَّامِ غَيْرِ الْمَشْغُولِ بِالِاغْتِسَالِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلِمُصَلٍّ إلَخْ) أَيْ: وَسَاجِدٍ لِتِلَاوَةٍ اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ: الْمُفْهِمَةِ لِرَدِّ السَّلَامِ بِرَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: إنْ لَمْ يَرُدَّ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ) أَيْ: عُرْفًا بِأَنْ لَا يَقْطَعَ الْقَبُولَ عَنْ الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ نَحْوُ حَرْبِيٍّ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِنَحْوِهِ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ نَدْبَهُ) أَيْ: السَّلَامِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَارِئِ) وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ وَالطَّلَبَةُ فَيُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ الرَّدُّ اهـ ع ش أَيْ: بِشَرْطِ عَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَلَا جَوَابَ) أَيْ: وَاجِبٌ عَلَيْهِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَلَا يَجِبُ رَدٌّ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ اسْتَغْرَقَهُ هَمٌّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دُنْيَوِيًّا (قَوْلُهُ حُكْمُهُ ذَلِكَ) أَيْ: لَا يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ عِنْدَ التَّلَاقِي) وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ مِنْ الْجَمْعِ بِالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْدَأَ بِالسَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي سُوقٍ أَوْ جَمْعٍ لَا يَنْتَشِرُ فِيهِمْ السَّلَامُ الْوَاحِدُ سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ أَوَّلَ مُلَاقَاتِهِ فَإِنْ جَلَسَ إلَى مَنْ سَمِعَهُ سَقَطَ عَنْهُ سُنَّةُ السَّلَامِ أَوْ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ سَلَّمَ ثَانِيًا وَلَا يَتْرُكُ السَّلَامَ لِخَوْفِ عَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ لِتَكَبُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ سَلَامُ صَغِيرٍ إلَخْ) فَإِنْ عُكِسَ أَيْ: بِأَنْ سَلَّمَ كَبِيرٌ عَلَى صَغِيرٍ، وَوَاقِفٌ أَوْ مُضْطَجِعٌ عَلَى مَاشٍ، وَغَيْرُ رَاكِبٍ عَلَى رَاكِبٍ، وَكَثِيرُونَ عَلَى قَلِيلِينَ لَمْ يُكْرَهْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَرَوْضٌ.
(قَوْلُهُ عَلَى كَبِيرٍ) وَلَوْ عَلِمَ نَحْوُ الْكَبِيرِ وَالْمَاشِي أَنَّ الصَّغِيرَ وَالرَّاكِبَ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يُنْدَبُ لَهُ السَّلَامُ أَوْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالتَّرَدُّدُ الْمَحْكِيُّ فِي الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ كَمَنْ ظَنَّ عِنْدَ الْمُلَاقَاةِ أَنَّ مُلَاقِيَهُ يَعْمَلُ بِالسُّنَّةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَأَنَّهُ فِي هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ لَا يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ بِلَا شَكٍّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَمَاشٍ عَلَى وَاقِفٍ أَوْ مُضْطَجِعٌ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِمْ الْآتِي وَخَرَجَ بِالتَّلَاقِي الْجَالِسُ وَالْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ إلَخْ فَفِيهِ تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ وَقَلِيلِينَ عَلَى كَثِيرِينَ) وَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا نِهَايَةٌ وَأَسْنَى أَيْ: فَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ع ش.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْمَاشِي) أَيْ: كَالصَّغِيرِ وَالْوَاقِفِ وَالْمُضْطَجِعِ وَقَلِيلِينَ، وَقَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ الرَّاكِبِ أَيْ: كَالْكَبِيرِ وَكَثِيرِينَ (قَوْلُهُ وَلِزِيَادَةٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ انْطِبَاقِهِ عَلَى مَدْلُولِهِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مَرْتَبَةً يَخَافُ مِنْ ضِدِّهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلضِّدِّ أَنْ يُسَلِّمَ حَتَّى يُؤَمِّنَ: كَالرَّاكِبِ مَعَ الْمَاشِي اهـ سَيِّدُ عُمَرَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْتَبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ لَا مَا يَشْمَلُ الدُّنْيَوِيَّةَ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَقَلَّ مَرْتَبَةً يَخَافُ إلَخْ مَمْنُوعٌ هُنَا (قَوْلُهُ نَحْوُ الْكَبِيرِ) أَيْ: كَالْكَثِيرِينَ وَقَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ أَيْ:
الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ. اهـ. وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْمُغْتَسِلِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَجَرِّدًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَشُقُّ عَلَيْهِ مُكَالَمَتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ إلَخْ) الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ هَلْ يُسَنُّ السَّلَامُ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ لِتَفْوِيتِهِ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا، وَاحْتِمَالُ أَنْ لَا يَفُوتَ بِعُذْرِهِ بِالرَّدِّ يُعَارِضُهُ الِاحْتِيَاطُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ الثَّوَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِالرَّدِّ فِي الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ، نَعَمْ إنْ قَيَّدَ الْكَلَامَ فِي الْأَخْبَارِ بِمَا لَيْسَ خَبَرًا اتَّجَهَ أَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ فَلَا كَلَامَ فِي نَدْبِ السَّلَامِ مَعَهَا وَوُجُوبِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: صَغِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ عَكَسَ لَمْ يُكْرَهْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَلِيلِينَ عَلَى كَثِيرِينَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِزِيَادَةِ مَرْتَبَةٍ نَحْوُ الْكَبِيرِ)
إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ هُنَا فِي ابْتِدَاءِ مَنْ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ السُّنِّيَّةِ هُنَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ هُوَ مُخَالَفَةُ نَوْعٍ مِنْ الْأَدَبِ، وَخَرَجَ بِالتَّلَاقِي الْجَالِسُ وَالْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ فَكُلُّ مَنْ وَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ تَرَتَّبَا كَانَ الثَّانِي جَوَابًا أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَحْدَهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِلَّا لَزِمَ كُلًّا الرَّدُّ.
(تَتِمَّةٌ)
لَا يَسْتَحِقُّ مُبْتَدِئٌ بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ بِالْخَيْرِ أَوْ قَوَّاك اللَّهُ جَوَابًا، وَدُعَاؤُهُ لَهُ فِي نَظِيرِهِ حَسَنٌ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِإِهْمَالِهِ تَأْدِيبَهُ؛ لِتَرْكِهِ سُنَّةَ السَّلَامِ وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ، وَقَالَ كَثِيرُونَ: حَرَامٌ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ وَعَنْ الْتِزَامِ الْغَيْرِ وَتَقْبِيلِهِ، وَأَمَرَ بِمُصَافَحَتِهِ.
وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِكَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ بِالرَّأْسِ وَتَقْبِيلِ نَحْوِ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَا سِيَّمَا لِنَحْوِ غَنِيٍّ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.» وَيُنْدَبُ ذَلِكَ لِنَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ شَرَفٍ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَبَّلَ يَدَ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَيُسَنُّ الْقِيَامُ لِمَنْ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ نَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخْشَى مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا عَظِيمًا أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، فِيمَا يَظْهَرُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّاخِلِ أَنْ يُحِبَّ قِيَامَهُمْ لَهُ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.» ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَحَبَّ قِيَامَهُمْ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ طَلَبًا لِلتَّكَبُّرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَخَفُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْأَوَّلِ إذْ هُوَ التَّمْثِيلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً؛ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَقَدْ قَبَّلَ الْحَسَنَ» «وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَشْرَةٌ مِنْ الْأَوْلَادِ مَا قَبَّلْتهمْ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ»
كَالْقَلِيلِ اهـ سم (قَوْلُهُ إلَّا مَا اسْتَثْنَى) وَهُوَ مُسْتَمِعُ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ هُنَا) إشَارَةٌ إلَى مَا فِي قَوْلِهِ وَيُسَنُّ عِنْدَ التَّلَاقِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ لَعَلَّهُ أَظْهَرُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يُنْدَبْ إلَخْ) كَنَحْوِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ: فِي سَلَامِ نَحْوِ الْكَبِيرِ عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحْدَهُ إلَى وَإِلَّا، وَقَوْلُهُ وَقَالَ: إلَى وَأَفْتَى وَقَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَى وَيُنْدَبُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى وَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ إلَى وَاسْتِمْرَارُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبًا إلَى أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِدُ صَغِيرًا أَمْ لَا قَلِيلًا أَمْ لَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ) أَيْ: مِنْ اثْنَيْنِ تَلَاقَيَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَا مَعًا.
(قَوْلُهُ لَا يَسْتَحِقُّ مُبْتَدِئٌ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشَمِّتْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَقَالَ إلَى وَأَفْتَى، وَقَوْلُهُ لَا سِيَّمَا إلَى وَيُنْدَبُ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إلَى وَيُسَنُّ، وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ إلَى وَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ: بِمُهْمَلَةٍ إلَى إذَا حَمِدَ، وَقَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ إلَى وَإِجَابَةُ مُشَمِّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ مُبْتَدِئٌ بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ إلَخْ) وَأَمَّا التَّحِيَّةُ بِالطَّلْبَقَةِ وَهِيَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك فَقِيلَ: بِكَرَاهَتِهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ، أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ فَالدُّعَاءُ بِذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ اهـ مُغْنِي زَادَ الْأَسْنَى بَلْ حَرَامٌ اهـ.
(قَوْلُهُ جَوَابًا) أَيْ: بِحَسَبِ أَصْلِ الشَّرْعِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ ضَرَرٍ إنْ لَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُ الْجَوَابِ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ لِعَارِضٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِإِهْمَالِهِ إلَخْ) أَيْ: فَتَرْكُ الدُّعَاءِ لَهُ أَحْسَنُ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا لِنَحْوِ غِنًى) كَشَوْكَةٍ وَوَجَاهَةٍ فَشَدِيدُ الْكَرَاهَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ ذَلِكَ) دَخَلَ فِيهِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ لِنَحْوِ صَلَاحٍ) أَيْ: مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَكِبَرِ سِنٍّ وَزُهْدٍ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش مِنْ النَّحْوِ الْمُعَلِّمِ الْمُسْلِمِ اهـ.
وَقَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ أَيْ: وِلَايَةِ حُكْمٍ كَالْقَاضِي رَشِيدِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ مَصْحُوبَةٍ إلَخْ) صِفَةُ وِلَايَةٍ (قَوْلُهُ بِصِيَانَةٍ) أَيْ: عَنْ خِلَافِ الشَّرْعِ وَيَظْهَرُ أَنَّ صِيَانَةَ كُلِّ زَمَنٍ بِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَيْرُ الْأُخْرَوِيُّ كَالْمُعَلِّمِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ الْحَدِيثَ الْمَارَّ سَيِّدُ عُمَرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْخَيْرِ الْأُخْرَوِيِّ نَحْوُ الْإِنْفَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحْتَاجِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ: هَذَا الْقِيَامُ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْإِعْظَامِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ: قَوْلَهُ وَيَحْرُمُ وَكَذَا ضَمِيرُ حَمْلِهِ (قَوْلُهُ وَحَمْلِهِ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ عِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَالْمُرَادُ بِتَمَثُّلِهِمْ لَهُ قِيَامًا أَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَمِثْلُهُ حُبُّ الْقِيَامِ لَهُ تَفَاخُرًا وَتَطَاوُلًا عَلَى الْأَقْرَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَاسْتِمْرَارَهُ) أَيْ: قِيَامِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَبًا) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبًا إلَخْ قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ: الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَيْ: وَالْمُغْنِي وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ لَا يُشْتَهَى وَلَوْ لِغَيْرِهِ، وَأَطْرَافُ شَفَتِهِ مُسْتَحَبٌّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَجْهُ طِفْلٍ) بَلْ أَيُّ مَحَلٍّ فِيهِ وَلَوْ فِي الْفَمِ وَقَوْلُهُ طِفْلٌ أَيْ: لَا يُشْتَهَى ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
أَيْ: كَالْكَثِيرِ، وَقَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ أَيْ: كَالْقَلِيلِ. (قَوْلُهُ: هُنَا) إشَارَةٌ إلَى مَا فِي قَوْلِهِ: وَيُسَنُّ عِنْدَ التَّلَاقِي عَنْهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: فَكُلُّ مَنْ وَرَدَ) وَلَوْ كَثِيرًا وَقَلِيلًا
(قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ ذَلِكَ) دَخَلَ فِيهِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
وَمَحْرَمٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ خَدَّ عَائِشَةَ لِحُمَّى أَصَابَتْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَيُسَنُّ تَقْبِيلُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَمُعَانَقَتُهُ لِلِاتِّبَاعِ الصَّحِيحِ فِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه، لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ تَقْبِيلِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ غَيْرِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ وَمَسِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ
. وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ بِمُهْمَلَةٍ وَمُعْجَمَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ حَرَكَةٌ مُزْعِجَةٌ رُبَّمَا تَوَلَّدَ عَنْهُ نَحْوُ لَقْوَةٍ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالرَّحْمَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِبَقَائِهِ عَلَى سَمْتِهِ وَخِلْقَتِهِ وَالْمَانِعَةِ مِنْ شَمَاتَةِ عَدُوِّهِ بِهِ إذَا حَمِدَ بِيَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ رَبُّك.
وَإِنَّمَا سُنَّ فِي السَّلَامِ رَدًّا وَجَوَابًا ضَمِيرُ الْجَمْعِ وَلَوْ لِلْوَاحِدِ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ كَمَا مَرَّ، وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ: أَصْلَحَك اللَّهُ، أَوْ: بَارَكَ فِيك، وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ، فَإِنْ شَكَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْته، وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ» أَيْ: وَجَعِ الضِّرْسِ وَاللَّوْصِ أَيْ: وَجَعِ الْأُذُنِ وَالْعِلَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الْبَطْنِ، وَتَكْرِيرُ التَّشْمِيتِ إلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ بَعْدَهَا يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا عَلِمَهُ مَزْكُومًا؛ وَحَذَفُوهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ تَتَابُعِهَا عُرْفًا مَظِنَّةُ الزُّكَامِ وَنَحْوِهِ، يَظْهَرُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُتَابَعْ كَذَلِكَ يُسَنُّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا مُطْلَقًا وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ وَخَفْضُ
اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمُحْرِمٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَقْبِيلٌ إلَخْ) وَتُنْدَبُ الْمُصَافَحَةُ مَعَ بَشَاشَةِ الْوَجْهِ وَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا لِلتَّلَاقِي، وَلَا أَصْلَ لِلْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا وَإِنْ قَصَدَ بَابًا لِغَيْرِهِ مُغْلَقًا يُنْدَبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ أُجِيبَ فَذَاكَ وَإِلَّا رَجَعَ، فَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ: مَنْ أَنْتَ نُدِبَ أَنْ يَقُولَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ أَوْ يَقُولَ: الْقَاضِي فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطِبُ إلَّا بِهِ، وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَا أَوْ الْخَادِمُ، وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرِ الْأَشْرَارِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ، وَتُنْدَبُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: تَقْبِيلُ قَادِمٍ) أَيْ: وَجْهَهُ صَالِحًا أَمْ لَا اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَمُعَانَقَتُهُ) وَيُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ: التَّقْبِيلُ وَالْمُعَانَقَةُ لِغَيْرِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ وَالْمُقَبَّلُ صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ نَحْوِ الْمُحْرَمِ) كَالْمَلِكِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا سُنَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِمُهْمَلَةٍ إلَى إذَا حَمِدَ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إلَخْ)، وَيُنْدَبُ رَدُّ التَّثَاؤُبِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ غَلَبَهُ سَتَرَ فَمَه بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَأَنْ يُرَحِّبَ بِالْقَادِمِ الْمُسَلِّمِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: مَرْحَبًا وَأَنْ يُلَبِّيَ الْمُسَلِّمُ الْمُنَادِيَ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: لَهُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَوْ لَبَّيْكَ فَقَطْ، أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَحْرِيمُ تَلْبِيَةِ الْكَافِرِ وَالتَّرْحِيبُ بِهِ، وَبَعِيدٌ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيَةِ الْفَاسِقِ وَالتَّرْحِيبُ بِهِ أَيْضًا، وَأَنْ يُخْبِرَ أَخَاهُ بِحُبِّهِ لَهُ فِي اللَّهِ وَأَنْ يَدْعُوَ لِمَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ حَفِظَك اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُمَا، وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ الْجَلِيلِ فِي عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك أَوْ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي، وَدَلَائِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى وَأَنْ يُخْبِرَ (قَوْلُهُ: بِمُهْمَلَةٍ إلَخْ) أَيْ: فِي التَّشْمِيتِ اهـ شَرْحٌ الْقَامُوسُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ لَقْوَةٍ) اللَّقْوَةُ دَاءٌ فِي الْوَجْهِ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَانِعَةُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الْمُتَضَمِّنَةُ (قَوْلُهُ: إذَا حَمِدَ) مُتَعَلِّقٌ بِيُسَنُّ، وَقَوْلُهُ: بِيَرْحَمُك اللَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: وَالتَّشْمِيتُ لِلْمُسْلِمِ بِيَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ رَبُّك وَيُرَدُّ بِيَهْدِيك اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَتَشْمِيتُ الْكَافِرِ بِيَهْدِيك اللَّهُ وَنَحْوِهِ لَا بِيَرْحَمُك اللَّهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: رَدًّا) الْأَصْوَبُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ) فِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ مَعَ الْعَاطِسِ مَلَائِكَةٌ أَيْضًا وَيُنَاقِشُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: الْآتِي بِنَحْوِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَلِصَغِيرٍ) أَيْ: وَمَا تَقَدَّمَ لِكَبِيرٍ وَيُشَمِّتُ لِصَغِيرٍ إلَخْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَصْلَحَك اللَّهُ إلَخْ) كَأَنْشَأَك اللَّهُ إنْشَاءً صَالِحًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ: التَّشْمِيتُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِصَغِيرٍ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ يَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِالْمُمَيِّزِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَمْدِ) أَيْ: فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَأْتِي بِهِ ثَانِيًا بَعْدَ الْحَمْدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ إلَخْ) أَيْ: وَتَحْصُلُ بِهَا سُنَّةُ التَّشْمِيتِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ) أَيْ: إنْ تَرَكَهُ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَالْعِلَّوْصُ) كَسِنَّوْرٍ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَتَكْرِيرُ التَّشْمِيتِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ) كَعَافَاك اللَّهُ أَوْ شَفَاك اللَّهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ: الدُّعَاءَ بِالشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفُوهُ) أَيْ: حَذَفَ غَيْرُهُ ذَلِكَ الْقَيْدَ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّهَا) أَيْ: الْعُطَاسَ الزَّائِدَةَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عُرْفًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِتَكَرُّرِهَا) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يُجَبْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِلْحَدِيثِ إلَى وَإِجَابَةٌ.
(قَوْلُهُ وَضْعُ شَيْءٍ) يَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ نَحْوِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَخَفْضُ
وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ وَلَوْ لِغَيْرِهِ لَا يُشْتَهَى وَأَطْرَافُ شَفَتِهِ مُسْتَحَبٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا قَالَ الْعَاطِسُ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْحَمْدِ لَمْ يُشَمَّتْ إلَى أَنْ قَالَ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُتَابَعْ كَذَلِكَ يُسَنُّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا سُنَّ تَشْمِيتُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ إلَى ثَلَاثٍ إلَخْ فَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ مُتَوَالِيًا يُفْهِمُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيَظْهَرُ إلَخْ
صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَهُ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ: «الْعَطْسَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ» ، وَإِجَابَةُ مُشَمِّتِهِ بِنَحْوِ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ، وَلَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ لَا إخَافَةَ بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشَمِّتْ يَرْحَمُنِي اللَّهُ، وَمَرَّ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَحْمَدُ سِرًّا وَنَحْوُ قَاضِي الْحَاجَةِ يَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ بِلَا لَفْظٍ
(وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) ؛ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا، (وَامْرَأَةٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ:«جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» ؛ وَلِأَنَّهَا جُبِلَتْ عَلَى الضَّعْفِ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى، (وَمَرِيضٍ) مَرَضًا يَمْنَعُهُ الرُّكُوبَ أَوْ الْقِتَالَ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْأَعْمَى وَكَالْمَرِيضِ مَنْ لَهُ مَرِيضٌ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ غَيْرُهُ، وَكَالْأَعْمَى ذُو رَمَدٍ وَضَعِيفُ بَصَرٍ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ اتِّقَاءُ السِّلَاحِ. (وَذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ) وَلَوْ فِي رَجُلٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ لِلْآيَةِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَخَرَجَ بِبَيِّنَةٍ يَسِيرَةٍ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْعَدُوَّ (وَأَقْطَع وَأَشَلَّ) وَلَوْ لِمُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدٍ وَاحِدَةٍ؛ إذْ لَا بَطْشَ لَهُمَا وَلَا نِكَايَةَ، وَمِثْلُهُمَا فَاقِدُ الْأَنَامِلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ مُعْظَمِ الْأَصَابِعِ هُنَا لَا فِي الْعِتْقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ هَذَا يَقَعُ فِي نَادِرٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ، فَيَسْهُلُ تَحَمُّلُهُ مَعَ قَطْعِ أَقَلِّهَا، وَذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إطَاقَتُهُ لِلْعَمَلِ الَّذِي يَكْفِيهِ غَالِبًا عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَطْعِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ، وَبَحَثَ عَدَمَ تَأْثِيرِ قَطْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ إذَا أَمْكَنَ مَعَهُ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ عَرَجٍ بَيِّنٍ. (وَعَبْدٍ) وَلَوْ مُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا لِنَقْصِهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ مُسْتَأْجِرَ الْعَيْنِ كَذَلِكَ، وَذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْجِزْيَةَ لِنَذُبَّ عَنْهُ لَا لِيَذُبَّ عَنَّا، نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِعِقَابِ الْآخِرَةِ كَمَا مَرَّ، (وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ) كَسِلَاحٍ وَمُؤْنَةِ نَفْسِهِ أَوْ مُمَوَّنِهِ ذَهَابًا أَوْ إيَابًا، وَكَذَا مَرْكُوبٌ. وَالْمَقْصِدُ مَسَافَةُ قَصْرٍ مُطْلَقًا أَوْ دُونَهُ وَلَا يُطِيقُ الْمَشْيَ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَجِّ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ بَذْلِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فَقْدُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ مِنْ الصَّفِّ مَا لَمْ يَفْقِدْ السِّلَاحَ وَيُمْكِنْهُ الرَّمْيُ بِحَجَرٍ مَثَلًا، أَوْ يُورِثُ انْصِرَافُهُ فَشَلًا فِي الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا حَرُمَ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ
صَوْتِهِ إلَخْ) وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ عُطَاسِهِ اهـ مُغْنِي زَادَ الْأَسْنَى بِأَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ فَلَوْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ أَحْسَنَ، وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ أَفْضَلَ اهـ.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ) أَيْ: كَغَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ كَانَ حَسَنًا اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَرُدُّ بِيَهْدِيكُمْ اللَّهُ، أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَابْتِدَاؤُهُ وَرَدُّهُ سُنَّةُ عَيْنٍ إنْ تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَكِفَايَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ) أَيْ: رَدُّ التَّشْمِيتِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ: وَيُسَنُّ قَوْلُ الْعَاطِسِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشَمَّتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُصَلِّيَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا جِهَادَ) أَيْ: وَاجِبٌ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُرْتَدٍّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَالِغٍ عَاقِلٍ ذَكَرٍ مُسْتَطِيعٍ لَهُ حُرٍّ وَلَوْ سَكْرَانَ وَاجِدًا هِبَةَ الْقِتَالِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَكْلِفِيهِمَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالدَّيْنُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: لِلْآيَةِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَمَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى) كَذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَرَضًا يَمْنَعُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يَتَعَذَّرُ قِتَالُهُ أَوْ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِصُدَاعٍ وَوَجَعِ ضِرْسٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْمَرِيضِ إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ: وَكَالْمَرِيضِ إلَى وَكَالْأَعْمَى، وَقَوْلُهُ: ذُو رَمَدٍ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ إلَخْ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ ذِي رَمَدٍ وَضَعِيفِ بَصَرٍ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي رِجْلٍ) أَيْ: وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ فِي الثَّلَاثَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: 17] اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُعْظَمِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُعْظَمٍ إلَخْ)، أَمَّا فَاقِدُ أُصْبُعَيْنِ كَخِنْصَرٍ وَبِنَصْرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا) أَيْ: الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ (قَوْلُهُ: فَاقِدُ الْأَنَامِلِ) أَيْ: أَكْثَرِهَا اهـ ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا) أَيْ: الْجِهَادَ وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ أَيْ: الْعِتْقُ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ أَوْ الْإِطَاقَةُ لَهُ وَالتَّذْكِيرُ لِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِأَنْ مَعَ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ تَأْثِيرِ قَطْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُبَعَّضًا) إلَى قَوْلِهِ أَوْ يُورِثُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَالْقِيَاسُ إلَى وَذِمِّيٍّ، وَقَوْلُهُ: نَعَمْ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُبَعَّضًا إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [الصف: 11] وَلَا مَالَ لِلْعَبْدِ وَلَا نَفْسَ يَمْلِكُهَا فَلَمْ يَشْمَلْهُ الْخِطَابُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَيْسَ الْقِتَالُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ الْمُسْتَحَقِّ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَقْتَضِي التَّعَرُّضَ لِلْهَلَاكِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: كَالْعَبْدِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْغَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذِمِّيٌّ) مَفْهُومُهُ وُجُوبُ الْجِهَادِ عَلَى الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ وَالْحَرْبِيِّ، وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْجِزْيَةَ إلَخْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا عَلَى كَافِرٍ اهـ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالذِّمِّيِّ لِكَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِأَحْكَامِنَا لِلِاحْتِرَازِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ ع ش، عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ) وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ حَوْلَهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْمُؤَنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ نَفْسِهِ) عُطِفَ عَلَى سِلَاحٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مُمَوِّنِهِ) وَكَذَا مُؤْنَتُهُمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى اهـ ع ش وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: أَوْ مُمَوِّنِهِ ذَهَابًا أَوْ إيَابًا أَيْ: فَقْدُ إحْدَى الْمُؤْنَتَيْنِ فِي الذَّهَابِ أَوْ فِي الْإِيَابِ كَافٍ فِي سُقُوطِ الْجِهَادِ اهـ.
(قَوْلُهُ: ذَهَابًا أَوْ إيَابًا) وَكَذَا إقَامَةً وَيَكْفِي فِي تَقْدِيرِهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ قُلْتُهُ بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى عَمِيرَةٌ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: أَطَاقَ الْمَشْيَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ دُونَهُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فَقْدُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ مَرِضَ بَعْدَمَا خَرَجَ أَوْ فَنِيَ زَادُهُ أَوْ هَلَكَتْ دَابَّتُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُهُ إلَخْ) وَقَوْلُهُ أَوْ يُورِثْ إلَخْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجَزْمِ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ لَمْ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَفْقِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَشَلًا) أَيْ: ضَعْفًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) ظَاهِرُهُ حُرْمَةَ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لَكِنْ لَا يَظُنُّ مَعَهَا الْمَوْتَ وَإِنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: حُرْمَةَ
قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوسِرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ اهـ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا بَعِيدًا وَأَرَادَ
إنْ لَمْ يَظُنَّ الْمَوْتَ جُوعًا أَوْ نَحْوَهُ لَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ
(وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ حَجٍّ مَنَعَ الْجِهَادَ) أَيْ وُجُوبَهُ، (إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ) فَإِنَّهُ وَإِنْ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ إنْ عَمَّ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ، إنْ أَمْكَنَتْ مُقَاوَمَتُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَخَاوِفِ، (وَكَذَا) خَوْفُهَا (مِنْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ) يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ إنْ عَمَّ وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِذَلِكَ
. (وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) وَلَوْ لِذِمِّيٍّ وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَثِيقٌ أَوْ كَفِيلٌ مُوسِرٌ، (يَحْرُمُ) عَلَى مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ وَالِدًا وَهُوَ مُوسِرٌ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَزْيَدَ مِمَّا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ فِيمَا يَظْهَرُ، قِيلَ: وَكَذَا الْمُعْسِرُ وَنُقِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأُلْحِقَ بِالْمَدِينِ وَلِيُّهُ، (سَفَرُ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ وَإِنْ قَصَرَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ؛ وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ فِي مُسْلِمٍ «الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنَ.» (تَنْبِيهٌ)
يَظْهَرُ ضَبْطُ الْقَصِيرِ هُنَا بِمَا ضَبَطُوهُ بِهِ فِي التَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهُوَ مَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّ التَّسَاهُلَ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرًا، (إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ وَالرِّضَا لِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ، بَلْ يَقِفُ وَسَطَ الصَّفِّ أَوْ حَاشِيَتَهُ حِفْظًا لِلدَّيْنِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ، وَإِلَّا إنْ اسْتَنَابَ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى مَلِيءٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِذْنِ وَلِيِّ الدَّائِنِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ. (وَالْمُؤَجَّلُ لَا) يَمْنَعُ سَفَرًا مُطْلَقًا وَإِنْ قَرُبَ حُلُولُهُ بِشَرْطِ وُصُولِهِ لِمَا يَحِلُّ لَهُ فِيهِ الْقَصْرُ، وَهُوَ مُؤَجَّلٌ إذْ لَا مُطَالَبَةَ لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ، نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ مَعَهُ لِيُطَالِبَهُ بِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ. (وَقِيلَ يُمْنَعُ سَفَرًا مَخُوفًا) كَالْجِهَادِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ
(وَيَحْرُمُ)
الِانْصِرَافِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَظُنَّ الْمَوْتَ جُوعًا إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَكُلُّ عُذْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ أَشَارَ لِضَابِطٍ يَعُمُّ مَا سَبَقَ وَغَيْرَهُ بِقَوْلِهِ: وَكُلُّ عُذْرٍ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ مَنَعَ وُجُوبَ حَجٍّ) وَمِنْهُ احْتِيَاجُ الْفَقِيهِ لِكُتُبِهِ وَالْمُحْتَرِفِ لِآلَتِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ: وُجُوبُهُ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ إنْ عَمَّ فِي الْمَحَلَّيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهُ مَحَلِّ الْوُجُوبِ فِي الصُّورَتَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ قُوَّةٌ تُقَاوِمُهُمْ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْذُورٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَخَاوِفِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) أَيْ: وَإِنْ قَلَّ كَفَلْسٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَحْرُمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ إلَى وَالْحَقُّ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرٌ إلَى وَإِلَّا إنْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ) هَذَا يُخْرِجُ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُمَا كَالذِّمِّيِّ وَيَشْمَلُهُمَا قَوْلُ الْمَنْهَجِ مُسْلِمًا كَانَ أَيْ: رَبَّ الدَّيْنِ أَوْ كَافِرًا بَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِحَرْبِيٍّ لَزِمَ الْمُسْلِمَ بِعَقْدٍ اهـ ع ش أَقُولُ: قَوْلُ الْأَسْنَى: مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، وَقَوْلُ الْمُغْنِي: عَلَى مُوسِرٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مُوَافِقَانِ لِتَعْبِيرِ الشَّرْحِ كَالنِّهَايَةِ بِالذِّمِّيِّ فَيَنْبَغِي حَمْلُ تَعْبِيرِ الْمَنْهَجِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ يُحَرِّمُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوسِرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي. وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْمَدِينِ وَلِيُّهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَالْمَدْيُونِ وَلِيُّهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالِبَ اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ سَفَرَ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ مُسَافِرًا مَعَهُ أَوْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي قَصَدَهَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا ع ش وَسَمِّ (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ) أَيْ: عَطْفًا عَلَى جِهَادٍ
(قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ يَظْهَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْقَصِيرِ هُنَا بِالْعُرْفِ لَا بِمَا ضُبِطَ بِهِ فِي التَّنَفُّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَبْطُ الْقَصِيرِ) لَعَلَّ الْوَجْهَ ضَبْطُ السَّفَرِ وَإِلَّا فَالْقَصِيرُ وَالطَّوِيلُ سَوَاءٌ هُنَا كَمَا لَا يُخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَظَاهِرٌ إلَى وَإِلَّا أَنَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَرَّضُ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ جَاهَدَ بِالْإِذْنِ وَقَوْلُهُ حِفْظًا لِلدِّينِ أَيْ: بِحِفْظِ نَفْسِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ) وَهُوَ ظَاهِرُ النِّهَايَةِ وَصَرَّحَ بِالِاسْتِحْبَابِ فِي الْمُنْتَقَى نَقْلًا عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ لَكِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ عَدَمَ التَّعَرُّضِ فِي الْمُؤَجَّلِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْمَنْعِ مِنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَالِ عِنْدَ الْإِذْنِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إنْ اسْتَنَابَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ أَيْ: فَلَا تَحْرِيمَ لِوُصُولِ الدَّائِنِ إلَى حَقِّهِ فِي الْحَالِ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الدَّائِنِ بِالْوَكِيلِ وَمِنْ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ ابْنُ حَجّ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، بَقِيَ مَا لَوْ امْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ عَزْلِ نَفْسِهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّوْفِيَةِ حَيْثُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَعَدَمُ إجْبَارِهِ عَلَى الدَّفْعِ وَالدَّائِنُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِالْقَاضِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ) أَيْ: بِخِلَافِ مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَصِلُ مُغْنِي وع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ الْمَالِ الْحَاضِرِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: دَيْنٌ ثَابِتٌ) أَيْ: لِمُرِيدِ السَّفَرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَلِيءٍ) أَيْ: وَأَذِنَ لِمَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَلَا يَكْفِي الْإِذْنُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي الدَّفْعِ لِلدَّائِنِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ، وَطَرِيقُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُحِيلَ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَالِهِ عَلَى الْمَدِينِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِشَرْطٍ إلَى إذْ لَا مُطَالَبَةَ (قَوْلُهُ لَا أَثَرَ إلَخْ) أَيْ: فِي السَّفَرِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مَخُوفًا أَوْ غَيْرَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِمَا يَحِلُّ لَهُ فِيهِ الْقَصْرُ) أَيْ: كَخَارِجِ الْعُمْرَانِ
السَّفَرَ لِمَا دُونَ مَسَافَتِهِ أَوْ مِثْلِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا حَلَّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ لِغَيْبَةِ مَالِهِ كَانَ كَالْمُعْسِرِ وَقَدْ يُفَرَّقُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ السَّفَرِ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُ الْمَدِينُ السَّفَرَ إلَيْهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا حَضَرَ بَعْدَ سَفَرِهِ فَتَفُوتُ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُ وَلِمَا فِي السَّفَرِ مِنْ الْخَطَرِ الَّذِي قَدْ يُفَوِّتُ الْمُطَالَبَةَ لِنَحْوِ تَلَفِ الْمَدِينِ أَوْ مَالِهِ، فِيهِ وَلَوْ سَافَرَ مَعَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِإِذْنٍ وَلَا مَنْعٍ فَهَلْ يَجُوزُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِعَدَمِ جَوَازِ سَفَرِ الزَّوْجَةِ مَعَ
عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (جِهَادٌ) وَلَوْ مَعَ عَدَمِ سَفَرٍ، (إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ) وَإِنْ عَلَيَا مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَا قِنَّيْنِ؛ لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ؛ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمَا لَهُ:«فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَصَحَّ: «أَلَك وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ فَأَكْرِمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا.» هَذَا (إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اسْتِئْذَانُ الْكَافِرِ؛ لِاتِّهَامِهِ بِمَنْعِهِ لَهُ حَمِيَّةً لِدِينِهِ وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا لِلْمُقَاتِلِينَ.
وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ اسْتِئْذَانُ سَيِّدِهِ أَيْضًا، وَالْقِنُّ يَحْتَاجُ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَبَوَيْهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِلَا إذْنٍ سَفَرٌ مَعَ الْخَوْفِ وَإِنْ قَصُرَ مُطْلَقًا وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ.
إلَّا لِعُذْرٍ، كَمَا قَالَ:(لَا سَفَرَ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ) ، وَمِثْلُهُ كُلُّ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهُ، لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمَا مَنْعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَيْ: وَقْتَهُ فِي الْعَادَةِ أَوْ أَرَادُوهُ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْوُجُوبِ؛ وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ أَنَّ لَهُمَا مَنْعَ مَنْ أَرَادَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ فِعْلِهَا عَمَّنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا فِي حَيَاتِهِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْوَاجِبِ رِعَايَةً لِعَظِيمِ فَضْلِهَا جَوَازُهُ هُنَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُهَا عَنْ ذِمَّتِهِ لَوْ اسْتَطَاعَ بَعْدُ. (وَكَذَا كِفَايَةٌ) مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ آلَةٍ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْأَصْلِ (فِي الْأَصَحِّ) ، إنْ كَانَ السَّفَرُ آمِنًا أَوْ قَلَّ خَطَرُهُ، وَإِلَّا كَخَوْفٍ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْحَجِّ اُحْتِيجَ لِإِذْنِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَوْجَهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِكَمَالِ مَا يُرِيدُهُ أَوْ رُجِيَ بِقَرِينَةِ زِيَادَةِ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادِ أُسْتَاذٍ كَمَا يَكْتَفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ بِتَوَقُّعِ زِيَادَةٍ أَوْ رَوَاجٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْأَصْلُ، وَسَوَاءٌ أَخَرَجَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ بِبَلَدِهِ مُتَعَدِّدُونَ يَصْلُحُونَ لِلْإِفْتَاءِ أَمْ لَا، وَفَارَقَ الْجِهَادَ لِخَطَرِهِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّعَ فِيهِ بُلُوغَ مَا قَصَدَهُ، وَإِلَّا كَبَلِيدٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ السَّفَرُ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَبَثِ.
وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ
اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: عَلَى حُرٍّ) إلَى قَوْلِهِ وَلِقَوْلِهِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ) وَلَوْ كَانَ الْحَيُّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَيَا) قِيَاسُهُ عُلْوًا ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهُ جَاءَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ فَيُقَالُ فِي مُضَارِعِهِ يَعْلُو وَيُعْلَى وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا عَلَى إحْدَى اللُّغَتَيْنِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ أَيْ: فِي الْجِهَادِ وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمَا لَهُ حَالٌ مِمَّنْ اسْتَأْذَنَهُ وَقَوْلُهُ «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِي رِوَايَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: تَحْرِيمُ الْجِهَادِ بِدُونِ إذْنِ أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ اسْتِئْذَانُ الْكَافِرِ) أَيٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا الْمُنَافِقُ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: حَمِيَّةً لِدِينِهِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ يَهُودِيًّا وَالْمُقَاتِلُونَ نَصَارَى أَوْ عَكْسُهُ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَمِيَّةِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَقَدْ يَمْنَعُ دَعْوَى الْقَطْعِ بِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ) أَيْ: إذَا أَرَادَ الْجِهَادَ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ وَالْقِنُّ يَحْتَاجُ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَأَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُكَلَّفِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فِي شَرْحٍ وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ كَالتِّجَارَةِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصِيرًا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَإِنْ غَلَبَ الْخَوْفُ فَكَالْجِهَادِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَالْوَالِدُ الْكَافِرُ فِي هَذِهِ الْأَسْفَارِ كَالْمُسْلِمِ مَا عَدَا الْجِهَادَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لِعُذْرٍ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ مَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَهُوَ تَحْرِيمُ السَّفَرِ الطَّوِيلِ مَعَ الْأَمْنِ بِلَا عُذْرٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ) يَشْمَلُ الْخَوْفَ وَقَيَّدَ بِالْأَمْنِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَقَدْ يُجْعَلُ الْوَاوُ هُنَا لِلْحَالِ فَيَكُونُ قَيْدًا اهـ سم، وَيُؤَيِّدُهُ لُزُومُ التَّكْرَارِ مَعَ مَا قَبْلَهُ لَوْ جَعَلَ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) وَمِنْهُ السَّفَرُ لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِمَا لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ يَتَيَسَّرُ لَكِنْ يَتَوَقَّعُ زِيَادَةً فِي ثَمَنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُسَافِرُ إلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَمَا يَكْتَفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ إلَخْ اهـ ع ش قَالَ سم هَلْ مِنْ الْعُذْرِ التَّنَزُّهُ اهـ.
(أَقُولُ) الظَّاهِرُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ لَا سَفَرَ تَعَلُّمٍ فَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ أَوْ تَوَقَّعَ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَيْ: مِثْلُ تَعَلُّمِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهُ) كَتَعَلُّمِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ مَثَلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَخْ) لَوْ تَكَرَّرَ خُرُوجُ قَوَافِلِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَهَلْ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ غَيْرِ آخِرِ قَافِلَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ جَوَازُهُ) أَيْ: جَوَازُ خُرُوجِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ عِلْمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِيمَا قَبْلَهُ اهـ سم أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِإِذْنِهِ) أَيْ: الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الْغَرَضِ) أَيْ: وَلَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا وَهَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ أَيْضًا فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ وَذَكَرَهُ هُنَاكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْآمِنُ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ صِفَةُ سَفَرِهِ
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى وَيُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ مِنْ قِيَاسِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْجِهَادِ (قَوْلُهُ الْجِهَادُ) أَيْ: حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ الْأَبَوَيْنِ إلَّا إذَا دَخَلُوا بَلْدَةً لَنَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِيهِ)
الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ مَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَهُوَ تَحْرِيمُ السَّفَرِ الطَّوِيلِ مَعَ الْأَمْنِ بِلَا عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ) شَمِلَ الْخَوْفَ وَقَيَّدَ بِالْأَمْنِ فِي قَوْلِهِ: الْآتِي وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدْ تُجْعَلُ الْوَاوُ هُنَا لِلْحَالِ فَتَكُونُ قَيْدًا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) هَلْ مِنْ الْعُذْرِ التَّنَزُّهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَخْ) لَوْ تَكَرَّرَ خُرُوجُ قَوَافِلِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَهَلْ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ غَيْرِ آخِر قَافِلَةٍ؟ . (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِيمَا قَبْلَهُ
وَلَوْ لِلْفَرْضِ رُشْدُهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ نَحْوُ مَحْرَمٍ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ الْأَصْلِ احْتَاجَ لِإِذْنِهِ أَوْ إنَابَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ الْأَصْلَ نَفَقَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْفَرْعِ الْأَهْلِ أَوْ إنَابَةٍ كَذَلِكَ، ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ التَّقْصِيرُ فِيهِ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَجَدَّدُ الضَّرَرُ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ، فَفِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ فَالْأَوْجَهُ مَنْعُهُ فِيهِمَا، وَكَذَا فِي الزَّوْجَةِ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ إنَابَةٍ كَمَا أَطْلَقُوهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ الْمَخُوفِ كَبَحْرٍ أَيْ: وَإِنْ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَكَسُلُوكِ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ وَلَوْ لِعِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَمِنْهَا السَّفَرُ لِحَجَّةٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا ذِمَّةً أَوْ عَيْنًا بَيْنَ الْأَصْلِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ
(فَإِنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ) أَوْ سَيِّدُهُ (وَالْغَرِيمُ) فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ) بَعْدَ خُرُوجِهِ (رَجَعُوا) ، أَوْ كَانَ الْأَصْلُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ، (وَجَبَ) عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ وَلَمْ يَخْشَ خَوْفًا وَلَا انْكِسَارَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ بِرُجُوعِهِ وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ بِجُعْلٍ (الرُّجُوعُ) كَمَا لَوْ خَرَجَ بِلَا إذْنٍ (إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ) وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ طُرُوُّ الْمَانِعِ كَابْتِدَائِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ لِنَحْوِ خَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُسَافِرَ لِمَأْمَنٍ أَوْ يُقِيمَ بِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مَعَ الْجَيْشِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَزِمَهُ، وَلَوْ حَدَثَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي السَّفَرِ لَمْ يَمْنَعْ اسْتِمْرَارَهُ فِيهِ إلَّا إنْ صَرَّحَ الدَّائِنُ بِمَنْعِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَغْتَفِرُهُ فِيهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ حُلُولَ الْمُؤَجَّلِ فِي الْإِلْغَاءِ كَذَلِكَ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارُ السَّفَرِ إلَّا إنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْمَنْعِ، فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ لَا مَنْعَ لِذِي الْمُؤَجَّلِ الْمُسْتَغْرِقِ أَجَلُهُ السَّفَرَ وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ
أَيْ: فِيمَنْ يُسَافِرُ لِتَعَلُّمِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْفَرْضِ) شَامِلٌ لِفَرْضِ الْعَيْنِ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ رُشْدُهُ) أَيْ: أَمَّا غَيْرُ الرَّشِيدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ اهـ ع ش، وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ يُقَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ الْخَارِجَ وَحْدَهُ بِالرَّشِيدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمْرَدَ جَمِيلًا) أَيْ: يُخْشَى عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: احْتَاجَ لِإِذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ إنَابَةٍ مِنْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى إذْنِهِ
(قَوْلُهُ: مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ) وَمِثْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى مَلِيءٍ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَوْ لَزِمَتْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ سَفَرُهُ) أَيْ: الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ الْفَرْعِ الْأَهْلِ) أَيْ: لِلْإِذْنِ وَهَذَا يُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ وَالِدٌ لَا يُسَافِرُ إلَّا بِإِذْنِ وَلَدِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَحَثَ) أَيْ: الْبُلْقِينِيُّ أَقَرَّهُ الْمُغْنِي وَاعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَرُدَّ فَرْقُ الشَّارِحِ الْآتِي بِمَا يَأْتِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ أَدَّى) أَيْ: لِلْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيْ: بَقِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ التَّقْصِيرُ إلَخْ وَيُرَدُّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَا تَعَلَّقَتْ أَيْ: اشْتَغَلَتْ بِهِ الذِّمَّةُ وَهُوَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ وَهُوَ نَفَقَةُ الْغَدِ فِي حَقِّ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ أَوْ الزَّوْجَةِ بِالْأَوْلَى اهـ بِزِيَادَةِ تَفْسِيرِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ سَفَرِهِ أَنْ يَتْرُكَ لِمُمَوِّنِهِ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ اهـ
(قَوْلُهُ: مَنَعَهُ) أَيْ: السَّفَرُ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ: الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ أَوْ تِجَارَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُمْ لِلْخُرُوجِ لِسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَوْ بَعُدَ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ إلَّا لِلْخُرُوجِ لِرُكُوبِ بَحْرٍ وَبَادِيَةٍ خَطِرَةٍ فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَصْلِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّدُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْجِهَادِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ حَدَثَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) أَيْ: الْأَصْلُ بَعْدَ إسْلَامِهِ.
(قَوْلُهُ بِرُجُوعِهِ) رَاجِعٌ لِلْخَوْفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ شَرَعَ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكَهُ وَذَكَرَ قَوْلَهُ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ بَلْ يُسْتَحَبُّ هُنَاكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى الْعَبْدِ) اُنْظُرْ لَوْ لَزِمَ مِنْ رُجُوعِهِ نَحْوَ الْهَزِيمَةِ أَوْ انْكِسَارِ الْقَلْبِ اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي.
فُرُوعٌ لَوْ خَرَجَ بِلَا إذْنٍ وَشَرَعَ فِي الْقِتَالِ حَرُمَ الِانْصِرَافُ أَيْضًا لِمَا مَرَّ وَرُجُوعُ الْعَبْدِ إنْ خَرَجَ بِلَا إذْنٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ وَاجِبٌ وَبَعْدَهُ مَنْدُوبٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الثَّبَاتُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَلَوْ مَرِضَ مَنْ خَرَجَ لِلْجِهَادِ أَوْ عَرَجَ عَرَجًا بَيِّنًا أَوْ تَلِفَ زَادُهُ أَوْ دَابَّتُهُ فَلَهُ الِانْصِرَافُ وَلَوْ مِنْ الْوَقْعَةِ إنْ لَمْ يُورِثْ فَشَلًا فِي الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ انْصِرَافُهُ مِنْهَا وَلَا يَنْوِي الْمُنْصَرِفَ مِنْ الْوَقْعَةِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فِرَارًا فَإِنْ انْصَرَفَ ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ دَارِ الْحَرْبِ لَا بَعْدَهُ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ لِلْجِهَادِ، وَمَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بِخِلَافِ مَنْ شَرَعَ فِي تَعَلُّمِ عِلْمٍ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ وَإِنْ آنَسَ مِنْ نَفْسِهِ الرُّشْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ غَالِبًا اهـ
(قَوْلُهُ: بَلْ يُسْتَحَبُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ بِانْصِرَافِهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الِانْصِرَافِ عَلَى الْعَبْدِ حَيْثُ رَجَعَ سَيِّدُهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ)، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِقَامَةُ وَلَا الرُّجُوعُ فَلَهُ الْمُضِيُّ مَعَ الْجَيْشِ لَكِنْ يَتَوَقَّى مَظَانَّ الْقَتْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ إلَّا إنْ صَرَّحَ الدَّائِنُ بِمَنْعِهِ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ مُوسِرٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الِابْتِدَاءِ) أَيْ: فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَفَارَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَغْرِقِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ أَجَلُهُ فَاعِلُهُ وَقَوْلُهُ السَّفَرَ مَفْعُولُهُ قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْمُسْتَغْرِقِ وَالضَّمِيرُ لَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ)
قَوْلُهُ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ) هُوَ مُتَّجَهٌ م ر. (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ إلَخْ) قِيلَ وَيَرِدُ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الذِّمَّةُ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ مَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ تِجَارَةٌ وَمِنْهَا السَّفَرُ لِحَجَّةٍ إلَخْ) وَلَا أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُمْ لِلْخُرُوجِ لِسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَوْ بَعُدَ إلَّا لِرُكُوبِ بَحْرٍ وَبَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ رَوْضٌ
. (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ) اُنْظُرْ لَوْ لَزِمَ
أَنَّ لَهُ السَّفَرَ، وَإِنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْمَنْعِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: لَوْ تَأَجَّلَ نَحْوُ الْمَهْرِ لَمْ يُحْبَسْ لِقَبْضِهِ وَإِنْ حَلَّ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِذِمَّتِهِ قُلْت: أَمَّا كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ مُقْتَضَى التَّأْجِيلِ ثُمَّ الرِّضَا بِتَسَلُّمِهِ الْبُضْعَ قَبْلَ إقْبَاضِهِ مُقَابِلَهُ فَعُومِلَ بِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ قَضِيَّةُ التَّأْجِيلِ مَنْعَ الْمُطَالَبَةِ وَطَلَبَ الْحَبْسِ بَعْدَ الْحُلُولِ فَمَكَّنَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ إمَّا الِامْتِنَاعُ بِالْمَنْعِ أَوْ عَدَمِهِ وَإِمَّا جَزْمُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْحُلُولِ تَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارُ السَّفَرِ بِلَا إذْنٍ كَابْتِدَاءِ السَّفَرِ مَعَ الْحُلُولِ فَبَعِيدٌ، بَلْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. (فَإِنْ) الْتَقَى الصَّفَّانِ أَوْ (شَرَعَ فِي الْقِتَالِ) ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ وَعَلِمَهُ (حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالثَّبَاتِ وَلِانْكِسَارِ الْقُلُوبِ بِانْصِرَافِهِ، نَعَمْ يَكُونُ وُقُوفُهُ آخِرَ الصَّفِّ لِيَحْرُسَ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ
(الثَّانِي) مِنْ حَالَيْ الْكُفَّارِ (يَدْخُلُونَ) أَيْ: دُخُولُهُمْ عُمْرَانَ الْإِسْلَامِ أَوْ خَرَابَهُ أَوْ جِبَالَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْسِيمُ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ يُفَصَّلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ مِمَّا دَخَلُوهُ وَالْبَعِيدِ مِنْهُ.
فَإِنْ دَخَلُوا (بَلْدَةً لَنَا) أَوْ صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَانَ خَطْبًا عَظِيمًا؛ (فَيَلْزَمُ أَهْلَهَا) عَيْنًا (الدَّفْعُ) لَهُمْ (بِالْمُمْكِنِ) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَطَاقُوهُ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:(فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ) بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوا بَغْتَةً (وَجَبَ الْمُمْكِنُ) فِي دَفْعِهِمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ، (حَتَّى عَلَى) مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ نَحْوُ:(فَقِيرٍ) بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَعَبْدٍ) وَامْرَأَةٍ فِيهَا قُوَّةٌ، (بِلَا إذْنٍ) مِمَّنْ مَرَّ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ بِهَذَا الْخَطَرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا سَبِيلَ لِإِهْمَالِهِ.
(وَقِيلَ: إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةُ أَحْرَارٍ) مِنَّا لَهُمْ (اُشْتُرِطَ إذْنُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لِلْغَنِيَّةِ عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ لَا لِتَقْوَى الْقُلُوبُ، (وَإِلَّا) يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِهُجُومِهِمْ بَغْتَةً (فَمَنْ قَصَدَ) مِنَّا (دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ) وُجُوبًا، (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ؛ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِسْلَامِ لِكَافِرٍ.
(وَإِنْ جُوِّزَ الْأَسْرُ وَالْقَتْلُ فَلَهُ) أَنْ يَدْفَعَ (أَنْ وَيَسْتَسْلِمَ) إنْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ قُتِلَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِسْلَامِ حِينَئِذٍ تَعْجِيلٌ لِلْقَتْلِ. (تَنْبِيهٌ)
مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ مِنْ قِسْمَيْ التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ بِقَيْدِهِ، وَهُوَ إنْ ظَنَّ إلَخْ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتِهَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْلِهَا الدَّفْعُ بِمَا أَمْكَنَهُمْ. وَلِلدَّفْعِ مَرْتَبَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: أَنْ يَحْتَمِلَ الْحَالُ اجْتِمَاعَهُمْ أَوْ تَأَهُّبَهُمْ لِلْحِزْبِ فَعَلَ كُلَّ
أَيْ: صَاحِبَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ إلَخْ) خَبَرُ قَضِيَّةٍ إلَخْ وَالضَّمِيرُ لِلْمَدِينِ (قَوْلُهُ: قُلْت أَمَّا كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً) أَيْ: فَلَوْ حَلَّ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحٍ، وَالْمُؤَجَّلُ لَا بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) أَيْ: قَوْلُهُمْ لَوْ تَأَجَّلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِتَسَلُّمِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَمَكَّنَّاهُ) أَيْ: الدَّائِنَ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: طَلَبِ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الِامْتِنَاعُ بِالْمَنْعِ) وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ عَلَى الدَّيْنِ الْحَادِثِ فِي السَّفَرِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا مَنْعَ لِذِي الْمُؤَجَّلِ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ (وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ) أَيْ: عَدَمُ الِامْتِنَاعِ مُطْلَقًا وَإِنْ مَنَعَهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا مَنْعَ لِذِي الْمُؤَجَّلِ إلَخْ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَشْمَلُ الْحُلُولَ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْحُلُولِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ الدَّائِنُ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ: الْتَقَى الصَّفَّانِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ) أَيْ: رُجُوعُ مَنْ ذُكِرَ وَإِسْلَامُ الْأَصْلِ وَتَصْرِيحُهُ بِالْمَنْعِ وَعِلْمُهُ أَيْ: عِلْمُ مَنْ حَضَرَ الصَّفَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ مِنْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ
(قَوْلُ الْمَتْنِ يَدْخُلُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ يَدْخُلُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ: دُخُولُهُمْ إلَخْ) يُوَجَّهُ بِأَنَّ رَفَعَ يَدْخُلُونَ بَعْدَ حَذْفِ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَدْخُلُونَ أُوِّلَ بِالْمَصْدَرِ سم وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: دُخُولُهُمْ بَيَانًا لِحَاصِلِ الْمَعْنَى أَيْ: الثَّانِي مَضْمُونُ يَدْخُلُونَ إلَخْ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيرِ أَنْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَيْ: كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَابَهُ أَوْ جِبَالَهُ) أَيْ: وَلَوْ بَعِيدًا عَنْ الْبَلَدِ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ) أَيْ: الْعُمُومُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَارَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْ يَسْتَسْلِمَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَيْنًا وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَانَ خَطْبًا إلَخْ) جَوَابُ فَإِنْ دَخَلُوا (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ: فَيَكُونُ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ: لِأَهْلِهَا تَأَهُّبٌ أَيْ: اسْتِعْدَادٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوهَا) بَابُهُ دَخَلَ انْتَهَى مُخْتَارٌ ع ش (قَوْلُهُ: بِمَا يَقْدُرُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالدَّفْعِ بِوَاسِطَةِ حَتَّى أَيْ: حَتَّى يَجِبَ الدَّفْعُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقَدَّرَهُ الْمُغْنِي عَقِبَ الْمُمْكِنِ أَيْضًا فَقَالَ أَيْ: الدَّفْعُ لِلْكُفَّارِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَامْرَأَةٌ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَحْتَاجَ الْمَرْأَةُ إلَى إذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فِيهَا قُوَّةٌ) وَإِلَّا فَلَا تَحْضُرُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّنْ مَرَّ) مِنْ أَبَوَيْنِ وَرَبِّ دَيْنٍ وَمِنْ سَيِّدٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ الْإِذْنِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَمَنْ قَصَدَ) أَيْ: مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ عَلِمَ) أَيْ: ظَنَّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ الِاسْتِسْلَامِ لِكَافِرٍ) أَيْ: فِي الْقَتْلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ جَوَّزَ) أَيْ: الْمُكَلَّفُ الْمَذْكُورُ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الِاسْتِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِسْمَيْ التَّمَكُّنِ) أَيْ: مِنْ التَّأَهُّبِ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُهُ أَيْ: عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّأَهُّبِ، وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَالْمُقْسَمُ دُخُولُ الْكُفَّارِ فِي دَارِنَا.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ بِقَيْدِهِ وَهُوَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي قِسْمَيْ الْعَدَمِ يَتَعَيَّنُ لِكُلٍّ قَيْدٌ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَيْدُ أَحَدِهِمَا الَّذِي زَادَهُ فِي الشَّارِحِ اهـ سم، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ
مِنْ رُجُوعِهِ نَحْوُ الْهَزِيمَةِ وَانْكِسَارِ الْقُلُوبِ.
(قَوْلُهُ: قُلْت أَمَّا كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً) أَيْ: فَلَوْ حَلَّ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ فِي قَوْلِهِ: نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَيْ: دُخُولُهُمْ) يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ رَفْعَ يَدْخُلُونَ بَعْدَ حَذْفِ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ. وَحِينَئِذٍ فَيَدْخُلُونَ مُؤَوَّلٌ بِالْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قِسْمَيْ التَّمَكُّنِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قِسْمَيْ التَّأَهُّبِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ بِقَيْدِهِ وَهُوَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّهُ
ذَلِكَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ثَانِيَتُهُمَا: أَنْ يَغْشَاهُمْ الْكُفَّارُ وَلَا يَتَمَكَّنُوا مِنْ اجْتِمَاعٍ وَتَأَهُّبٍ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ كَافِرٌ أَوْ كُفَّارٌ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ أُخِذَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا أَمْكَنَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقْتَلَ وَأَنْ يُؤْسَرَ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ لِقَتْلٍ جَازَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ، فَإِنَّ الْمُكَافَحَةَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ اسْتِعْجَالٌ لِلْقَتْلِ. وَالْأَسْرَ يَحْتَمِلُ الْخَلَاصَ انْتَهَتْ مُلَخَّصَةً. وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَيْ: ظَنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ أُخِذَ قُتِلَ عَيْنًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِسْلَامُ، وَكَذَا إنْ جَوَّزَ الْأَسْرَ وَالْقَتْلَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ امْتَنَعَ عَنْ الِاسْتِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ذُلٌّ دِينِيٌّ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى النَّفْسِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ لِعِلَّةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَعَجِيبٌ مِنْ شَيْخِنَا مَعَ جَرَيَانِهِ عَلَى حَاصِلِ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ عَنْ إيهَامٍ أَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مَا أَخَلَّ بِهِ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِمَا.
وَيَلْزَمُ الدَّفْعُ امْرَأَةً عَلِمَتْ وُقُوعَ فَاحِشَةٍ بِهَا الْآنَ بِمَا أَمْكَنَهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاحُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ، قَالَا: فَإِنْ أَمِنَتْ ذَلِكَ حَالًا لَا بَعْدَ الْأَسْرِ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا، ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا ذَلِكَ.
(وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْبَلَدِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ (كَأَهْلِهَا) فِي تَعَيُّنِ وُجُوبِ الْقِتَالِ وَخُرُوجِهِ بِلَا إذْنِ مَنْ مَرَّ، إنْ وَجَدَ زَادًا أَوْ يَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِمْ.
(وَمَنْ) هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ) الْمَذْكُورَةِ فَمَا فَوْقَهَا (يَلْزَمُهُمْ) إنْ وَجَدُوا زَادًا وَسِلَاحًا وَمَرْكُوبًا وَإِنْ أَطَاقُوا الْمَشْيَ (الْمُوَافَقَةُ) لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي الدَّفْعِ (بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ) دَفْعًا عَنْهُمْ وَإِنْقَاذًا لَهُمْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ. أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكُلَّ الْخُرُوجُ، بَلْ يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْحَرَجِ عَنْهُمْ خُرُوجُ قَوْمٍ مِنْهُمْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ.
(قِيلَ) تَجِبُ الْمُوَافَقَةُ عَلَى مَنْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا (وَإِنْ كَفَوْا) أَيْ: أَهْلُ الْبَلَدِ وَمَنْ يَلِيهِمْ فِي الدَّفْعِ لِمُعْظَمِ الْخَطْبِ وَرَدُّوهُ، بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْإِيجَابِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَفِيهِ أَشَدُّ الْحَرَجِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، لَكِنْ قِيلَ: هَذَا الْوَجْهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ، بَلْ يُوجِبُ الْمُوَافَقَةَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِلَا ضَبْطٍ حَتَّى يَصِلَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ كُفُوا
. (وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) فَوْرًا عَلَى كُلِّ قَادِرٍ وَلَوْ نَحْوَ قِنٍّ بِغَيْرِ إذْن نَظِيرُ مَا مَرَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ (لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ) وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فِيمَا يَظْهَرُ وُجُوبَ عَيْنٍ كَدُخُولِهِمْ دَارَنَا، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ، وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ، بَلْ وَكُلِّ مُوسِرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَأْتِي فِي الْهُدْنَةِ مَزِيدٌ لِذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَلَاصِهِ مُفَادَاتُهُ بِالْمَالِ، فَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَطْلِقْ أَسِيرَكَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ. وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي مُفَادَاتِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى مَا مَرَّ قُبَيْلَ الشَّرِكَةِ.
بَيَانُهُ لِسُكُوتِ الْمَتْنِ عَنْهُ بِخِلَافِ قَيْدِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إنْ عَلِمَ إلَخْ فَمَوْجُودٌ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ: التَّأَهُّبُ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا) الْمُنَاسِبُ التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ: صَاحِبُ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ: مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ الْكَافِرُ، (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَجُوزُ يَعْنِي: إنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ إلَخْ فَإِنَّ الْمُكَافَحَةَ أَيْ: الْمُقَابَلَةَ (قَوْلُهُ وَالْأَسْرُ يُحْتَمَلُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى اسْمِ إنَّ وَخَبَرِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ: الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ إلَخْ) أَيْ: التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ: قَتْلًا مُتَعَيَّنًا بِلَا تَجْوِيزِ أَسْرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ جُوِّزَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ أَيْ: فَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ لِعِلَّةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ قَوْلُهَا: فَإِنَّ الْمُكَافَحَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا أَخَلَّ) أَيْ: الرَّوْضُ بِهِ إلَخْ وَلَعَلَّهُ قَوْلُهَا فَمَنْ وَقَفَ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُهَا: وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ لِقَتْلٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا) أَيْ: الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِ: الْمَتْنِ وَلَوْ أُسِرُوا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَسِلَاحًا وَقَوْلُهُ قِيلَ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الدَّفْعَ امْرَأَةٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ الْأَمْرَدُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: احْتَمَلَ جَوَازَ اسْتِسْلَامِهَا إلَخْ) جَزَمَ بِهِ ع ش أَخْذًا مِنْ صَنِيعِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَدْفَعُ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَخُرُوجُهُ إلَى وَإِنْ كَانَ، وَقَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إلَى عِنْدَ الْعَجْزِ (قَوْلُ الْمَتْنِ كَأَهْلِهَا) وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَلْدَةِ ثُمَّ الْأَقْرَبِينَ فَالْأَقْرَبِينَ إذَا قَدَرُوا عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَلْبَثُوا إلَى لُحُوقِ الْآخَرِينَ.
(تَتِمَّةٌ)
لَا تَتَسَارَعُ الْآحَادُ وَالطَّوَائِفُ مِنَّا إلَى دَفْعِ مَلِكٍ مِنْهُمْ عَظِيمٍ شَوْكَتُهُ دَخَلَ أَطْرَافَ بِلَادِنَا لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْخَطَرِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِ مَنْ مَرَّ) أَيْ: مِنْ الْأَصْلِ وَالدَّائِنِ وَالسَّيِّدِ وَالزَّوْجِ (قَوْلُهُ هَذَا الْوَجْهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي ثُمَّ قَالَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَمَنْ عَلَى الْمَسَافَةِ قِيلَ: يَلْزَمُهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَفَى أَهْلَهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ قِنٍّ) كَالْوَلَدِ وَالْمَرْأَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ اهـ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا دَارَنَا وَقَوْلُهُ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ أَيْ: بِأَنْ يَكُونُوا قَرِيبِينَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ تَخْلِيصُهُ بِأَنْ لَمْ نَرْجُوهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ جِهَادُهُمْ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلضَّرُورَةِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَعْظَمُ) أَيْ: مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مَزِيدٌ لِذَلِكَ) وَمِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ النَّدْبِ عِنْدَ عَدَمِ تَعْذِيبِ الْأَسْرَى وَإِلَّا وَجَبَتْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مُفَادَاتِهِ بِالْمَالِ) يَنْبَغِي بِغَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ لِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِهَا لَهُمْ وَلَوْ كَانَ قُوتًا يَأْكُلُونَهُ، وَنَحْوَ حَدِيدٍ يُمْكِنُ اتِّخَاذُهُ سِلَاحًا، وَلَوْ قِيلَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ إنْ ظَهَرَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَامَّةٌ لَمْ يَبْعُدْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي رَدِّ سِلَاحِهِمْ لَهُمْ فِي تَخْلِيصِ أَسْرَانَا مِنْهُمْ اهـ ع ش وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَخْ) يَنْبَغِي إذَا لَمْ يَشْرِطْ نَحْوَ عَدَمِ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ الضَّمَانِ اهـ.
فِي قِسْمِ الْعَدَمِ يَتَعَيَّنُ كُلُّ قَيْدٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَيْدُ أَحَدِهِمَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ قَدْ كُفُوا) اُنْظُرْهُ مَعَ: وَإِنْ كُفُوا.