الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي الْكَفَّارَةِ
وَالْقَصْدُ بِهَا تَدَارُكُ مَا فَرَّطَ مِنْ التَّقْصِيرِ وَهُوَ فِي الْخَطَأِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ تَرْكُ التَّثَبُّتِ مَعَ خَطَرِ الْأَنْفُسِ (يَجِبُ بِالْقَتْلِ كَفَّارَةٌ) عَلَى الْقَاتِلِ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ وَالْجَلَّادِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ خَطَأَ الْإِمَامِ إجْمَاعًا لِلْآيَةِ وَيَجِبُ الْفَوْرُ فِي الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَدَارُكًا لِإِثْمِهِمَا بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَخَرَجَ بِالْقَتْلِ مَا عَدَاهُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ (وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ) الْمَذْكُورُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) لِأَنَّ غَايَةَ فِعْلِهِمَا أَنَّهُ خَطَأٌ وَهِيَ تَجِبُ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُمَا كَفَّارَةُ وِقَاعِ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مُرْتَبِطَةٌ بِالتَّكْلِيفِ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ وَهُنَا بِالْإِزْهَاقِ احْتِيَاطًا لِلْحَيَاةِ فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا فَإِنْ فُقِدَ فَصَامَا وَهُمَا مُمَيِّزَانِ أَجْزَأَهُمَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا
وَكَذَا وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ وَقَدْ قَبِلَ لَهُمَا الْقَاضِي التَّمْلِيكَ (وَعَبْدًا) فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ (وَذِمِّيًّا) قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَهُ نَقَضَ الْعَهْدَ أَوْ لَا وَمُعَاهِدًا وَمُسْتَأْمَنًا وَمُرْتَدًّا وَيُتَصَوَّرُ إعْتَاقُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ بِأَنْ يَرِثَهُ أَوْ يَسْتَدْعِي عِتْقَهُ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ وَسَفِيهًا وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ عِتْقِ الْوَلِيِّ عَنْهُ إنْ أَيْسَرَ (وَعَامِدًا) كَالْمُخْطِئِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْجَبْرِ وَلِمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ مِنْ إيجَابِهَا فِي قَتْلٍ اسْتَوْجَبَ صَاحِبُهُ النَّارَ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا عَمْدًا أَوْ شِبْهَهُ (وَمُخْطِئًا) إجْمَاعًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشُبْهَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا ذَكَرَهُ لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْهُمَا وَمَأْذُونًا لَهُ مِنْ الْمَقْتُولِ (وَمُتَسَبِّبًا) كَمُكْرَهٍ وَآمِرٍ لِغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَشَاهِدِ زُورٍ وَحَافِرٍ عُدْوَانًا وَإِنْ حَصَلَ التَّرَدِّي بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ فَالْمُرَادُ بِالْمُتَسَبِّبِ مَا يَشْمَلُ صَاحِبَ الشَّرْطِ أَمَّا الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ وَالْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ (بِقَتْلِ) مَعْصُومٍ عَلَيْهِ نَحْوَ (مُسْلِمٍ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ فِي صُوَرِهِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النساء: 92] الْآيَةَ أَيْ فِيهِمْ وَذِمِّيٌّ كَمُعَاهَدٍ وَمُسْتَأْمَنٍ كَمَا فِي آخَرِ الْآيَةِ وَكَمُرْتَدٍّ بِأَنْ قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ مِثْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ
وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُ زَانٍ مَحْضٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مِثْلِهِمْ لِإِهْدَارِهِمْ نَعَمْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا بُدَّ فِيهِ
[فَصْلٌ فِي الْكَفَّارَةِ]
(فَصْلٌ فِي الْكَفَّارَةِ)(قَوْلُهُ وَالْقَصْدُ بِهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَصَائِلٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ إجْمَاعًا وَقَوْلُهُ وَشِبْهُهُ وَقَوْلُهُ وَلِمَا فِي الْخَبَرِ إلَى الْمَتْنِ وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ التَّقْصِيرُ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْحَرْبِيِّ إلَخْ) صِفَةُ الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ وَالْجَلَّادِ) عَطْفٌ عَلَى الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) لَعَلَّهُ عَلَى حَذْفِ الْعَاطِفِ (قَوْلُهُ مَا عَدَاهُ) أَيْ مِنْ الْأَطْرَافِ وَالْجُرُوحِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ مَا عَدَاهُ أَيْ الْكَفَّارَةَ فِيهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ صَبِيًّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَوْ قُتِلَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ آمِرُهُ دُونَهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُمَا كَفَّارَةُ وِقَاعٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةٌ ع ش قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُرْتَبِطَةٌ بِالتَّكْلِيفِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْتَاجَ لِلْجَوَابِ عَنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ هُنَاكَ وَقَوْلُهُ وَهُنَا عَطْفٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْإِزْهَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمُعَاهَدًا وَمُسْتَأْمَنًا وَمُرْتَدًّا وَقَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ شِبْهُهُ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ ضَعِيفٌ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ مَالُهُمَا (قَوْلُهُ فَصَامَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَصَامَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَجْزَأَهُ اهـ وَزَادَ الْمُغْنِي وَأَلْحَقَ الشَّيْخَانِ بِهِ الْمَجْنُونَ فِي هَذَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ صَوْمَهُ لَا يَبْطُلُ بِطَرَيَانِ جُنُونِهِ وَإِلَّا لَمْ تُتَصَوَّرْ الْمَسْأَلَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا مِنْ مَالِهِ) أَيْ يُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُمَا ثُمَّ نَابَ عَنْهُمَا فِي الْإِعْتَاقِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَكَذَا وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ إلَخْ) أَيْ يَعْتِقَانِ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إذَا قَبِلَ الْقَاضِي تَمْلِيكَهُمَا لِمَالِهِمَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمَا وَيَصِيرُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِمَا فَيَعْتِقَانِ عَنْهُمَا بِوِلَايَتِهِمَا عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَقَدْ قَبِلَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُمَا عَنْ مُوَلِّيهِمَا لِأَنَّ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ خَاصٌّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَهُمَا) أَيْ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقَوْلُهُ التَّمْلِيكُ أَيْ تَمْلِيكُ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ.
(قَوْلُهُ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ مُسْلِمًا وَقُلْنَا بِنَقْضِ عَهْدِهِ بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ أَوْ لَا أَوْ ذِمِّيًّا وَيُتَصَوَّرُ إعْتَاقُهُ مُسْلِمًا فِي صُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يُسْلِمَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَرْتَدَّ أَوْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَفِيهًا) عَطْفٌ عَلَى صَبِيًّا (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ اسْتِيجَابُ النَّارِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْخَطَأَ يُطْلَقُ عَلَى شِبْهِ الْعَمْدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ) وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَامِدًا وَمُخْطِئًا (قَوْلُهُ وَمَأْذُونًا) أَيْ فِي الْقَتْلِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى صَبِيًّا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالتَّسَبُّبِ إلَخْ) وَتَقَدَّمَ أَوَائِلَ كِتَابِ الْجِرَاحِ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالسَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ أَيْ الْجَلَّادَ وَقَوْلُهُ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَعْصُومٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ.
(قَوْلُهُ أَوَّلَ الْبَابِ) أَيْ كِتَابِ الْجِرَاحِ اهـ سم (قَوْلُهُ كَمُعَاهَدٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِنَحْوِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ) أَيْ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَتِهِ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ إذَا قَتَلَهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ أَوْ عَكْسُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مِثْلِهِمْ) فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ
فَصْلٌ يَجِبُ بِالْقَتْلِ كَفَّارَةٌ إلَخْ) .
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا إلَخْ) وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّدَاقِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إعْتَاقِهِ عَنْ الصَّبِيِّ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى التَّرَاضِي وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ تَبَرُّعًا وَالْجَوَازُ عَلَى الْوَاجِبِ م ر. (قَوْلُهُ أَوَّلَ الْبَابِ) أَيْ كِتَابِ الْجِرَاحِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ فِيهِ
مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ (وَجَنِينٍ) مَضْمُونٍ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ (وَعَبْدِ نَفْسِهِ) لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (وَنَفْسِهِ) فَتَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِذَلِكَ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هَدَرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ شَارِحٌ وَإِنْ أَثِمَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ (وَفِي) قَتْلِ (نَفْسِهِ وَجْهٌ) أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا كَمَا لَا ضَمَانَ وَيَرُدُّهُ وُضُوحُ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ تَسْقُطْ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ
(لَا) فِي قَتْلِ (امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيَّيْنِ) وَإِنْ جُرِّمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِعِصْمَتِهِمَا بَلْ لِتَفْوِيتِ إرْقَاقِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَالصَّبِيِّ الْحَرْبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْحَرْبِيِّ (وَبَاغٍ) قَتَلَهُ عَادِلٌ حَالَ الْقِتَالِ وَعَكْسِهِ (وَصَائِلٍ) قَتَلَهُ مَنْ صَالَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِقَاتِلِهِمَا حِينَئِذٍ (وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ) قَتَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ لِبَعْضِ الْقَوَدِ لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ بِتَفْوِيتِهِ تَشَفَّى غَيْرُهُ وَلَا تَجِبُ عَلَى عَائِنٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَهْلَكًا عَادَةً عَلَى أَنَّ التَّأْثِيرَ يَقَعُ عِنْدَهَا لَا بِهَا حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ وَقِيلَ تَنْبَعِثُ مِنْهَا جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ تَتَخَلَّلُ الْمَسَامَّ فَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ الَّتِي «أَمَرَ بِهَا صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَوَضَّأَ الْعَائِنُ» أَيْ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَ إزَارِهِ أَيْ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنْ الْإِزَارِ وَقِيلَ وَرُكَبَهُ وَقِيلَ مَذَاكِيرَهُ وَيَصُبُّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعْيُونِ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَرَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا طُلِبَ مِنْ الْعَائِنِ فِعْلُ ذَلِكَ لَزِمَهُ لِخَبَرِ «وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا» وَعَلَى السُّلْطَانِ مَنْعُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَيَرْزُقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فَقِيرًا فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي مَنَعَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَأَنْ يَدْعُو الْعَائِنَ لَهُ وَأَنْ يَقُولَ الْمَعْيُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ حَصَّنْت نَفْسِي بِالْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَبَدًا وَدَفَعْت عَنْهَا السُّوءَ بِأَلْفِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ قَالَ الْقَاضِي وَيُسَنُّ لِمَنْ رَأَى نَفْسَهُ سَلِيمَةً وَأَحْوَالَهُ مُعْتَدِلَةً أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ قَالَ الرَّازِيّ وَالْعَيْنُ لَا تُؤَثِّرُ مِمَّنْ لَهُ نَفْسٌ شَرِيفَةٌ لِأَنَّهُ لِاسْتِعْظَامٍ لِلشَّيْءِ وَاعْتُرِضَ بِمَا رَوَاهُ الْقَاضِي «أَنَّ نَبِيًّا اسْتَكْثَرَ قَوْمَهُ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي لَيْلَةٍ مِائَةُ أَلْفٍ فَشَكَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إنَّك اسْتَكْثَرْتَهُمْ فَعِنْتهمْ فَهَلَّا حَصَّنْتهمْ إذَا اسْتَكْثَرَتْهُمْ؟ فَقَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أُحْصِنُهُمْ؟ قَالَ تَعَالَى تَقُولُ حَصَّنْتُكُمْ بِالْحَيِّ الْقَيُّومِ» إلَخْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ هُوَ الْأَغْلَبُ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ هَذَا إنْ صَحَّ بِأَنَّ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا غَفَلَ عَنْ الذِّكْرِ عِنْدَ الِاسْتِكْثَارِ عُوقِبَ فِيهِمْ لِيَسْأَلَ فَيَعْلَمَ فَهُوَ كَالْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ لَا أَنَّهُ عَانَ حَقِيقَةً
(وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفَّارَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ فَلَا يَتَبَعَّضُ كَالْقِصَاصِ وَبِهِ فَارَقَتْ الدِّيَةُ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ لَا بَدَلًا وَبِهِ فَارَقَتْ جَزَاءَ الصَّيْدِ
(وَهِيَ ك) كَفَّارَةِ (ظِهَارٍ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا فَيُعْتِقُ مَنْ يُجْزِئُ ثُمَّ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ أَيْضًا لِلْآيَةِ (لَكِنْ لَا إطْعَامَ فِيهَا) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا نَصَّ فِيهِ وَالْمُتَّبَعُ فِي الْكَفَّارَاتِ النَّصُّ
الْإِمَامِ) أَيْ قَبْلَ الْقَتْلِ سم اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِهِ بِلَا إذْنِ مَعْنَى الْقِصَاصِ فَلَا إشْكَالَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ فِيهِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي تَنْزِيلَ قَتْلِهِ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ قَتْلِ غَيْرِ مِثْلِهِ لَهُ لَا مَنْزِلَةَ قَتْلِ مِثْلِهِ لَهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ التَّنْزِيلِ سم عَلَى حَجّ وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَعَدَمُهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ فَيَشْرَبُ الْمَاءَ لِعَطَشِهِ وَيَتَيَمَّمُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ شَارِحُ) عِبَارَةِ النِّهَايَةِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْقَاتِلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَنْعَ مِنْ قَتْلِهِمَا اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ قَتَلَهُ مَنْ صَالَ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ التَّأْثِيرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ أَثِمَ إلَى وَلَا تَجِبُ وَإِلَى قَوْلِهِ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ وِرْكَيْهِ وَقِيلَ مَذَاكِيرُهُ (قَوْلُهُ مَنْ صَالَ عَلَيْهِ) وَكَانَ يَنْبَغِي إبْرَازُ الضَّمِيرِ اهـ رَشِيدِيٌّ أَيْ لِجَرَيَانِ الصِّلَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ (قَوْلُهُ لِإِهْدَارِهِمَا) أَيْ الْبَاغِي وَالصَّائِلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ لِبَعْضِ الْقَوَدِ) كَأَنْ انْفَرَدَ بَعْضُ الْأَوْلَادِ بِقَتْلِ قَاتِلِ أَبِيهِمْ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَخَالَفَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجِهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي عِنْدَ إذْنِ الْبَاقِينَ وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ عِنْدَ عَدَمِهِ اهـ مُغْنِي وَصَرِيحُ صَنِيعِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي عَلَى إطْلَاقِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ كَانَ قَتَلَ الْبَعْضَ بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ عَلَى عَائِنٍ) أَيْ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَا يَجِبُ قَتْلُ قَوَدٍ وَلَا دِيَةٌ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الْعَائِنِ الْوَلِيُّ إذَا قَتَلَ بِحَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَنْبَعِثُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إلَخْ وَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ أُصْلِحَ إلَى مَا تَرَى اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَيَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ فَقَطْ دُونَ السَّاعِدِ وَقَوْلُهُ وَدَاخِلَ إزَارِهِ أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ مَا يَلِي جَسَدَهُ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي وَأَنْ يَغْسِلَ جِلْدَهُ مِمَّا يَلِي إزَارَهُ بِمَاءٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا طَلَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش وَهَلْ يَجِبُ فِعْلُ ذَلِكَ إذَا وُجِدَ التَّأْثِيرُ فِي الْمَعْيُونِ وَطُلِبَ مِنْهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَفْعِ ذَلِكَ اهـ وَفِيهِ مَا فِيهِ إذْ لَا يُقْبَلُ كَلَامُهُ فِي مُخَالَفَةِ النَّوَوِيِّ وَالشَّارِحِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اسْتِدْلَالِهِمَا بِالْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَعَلَى السُّلْطَانِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُجَابُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَلَى السُّلْطَانِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَدْعُوَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُعِينِ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِالْمَأْثُورِ وَهُوَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَلَا تَضُرَّهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَيُسَنُّ إلَخْ) وَكَانَ الْقَاضِي يُحَصِّنُ تَلَامِذَتَهُ بِذَلِكَ إذَا اسْتَكْثَرَهُمْ اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حَقٌّ) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَالْقِصَاصِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ هَلَّا تَبَعَّضَتْ كَالدِّيَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ النَّفْسِ
مِنْ إذْنٍ) أَيْ فِي قَتْلِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِهِ بِلَا إذْنِ مَعْنَى الْقِصَاصِ فَلَا إشْكَالَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ فِيهِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي تَنْزِيلَ قَتْلِ نَفْسِهِ مَنْزِلَةَ