الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قِصَاصٌ عَلَى الْأَوْجَهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ. (إلَّا وَالِدًا) وَإِنْ عَلَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ، نَعَمْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ فِي كَافِرٍ وَحُرٌّ لِقِنٍّ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ أَيْضًا (فَإِنْ احْتَمَلَهُ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ) وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِحْسَانِهِ بِتَقْدِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيرًا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُمْ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ يُنَافِي مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ كُلَّمَا أَخَّرَ كَانَ أَخَفَّ إيلَامًا، قُلْت: لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ هُنَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَبْلَهُ أَسْهَلُ مِنْهُ بَعْدَهُ، وَثَمَّ حُسْبَانُ يَوْمِ الْوِلَادَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِهِ أَخَفُّ مِنْهُ مَعَ حُسْبَانِهِ. (وَأُجْرَتُهُ) وَبَقِيَّةُ مُؤْنَةٍ (فِي مَالِ الْمَخْتُونِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ كَالسَّيِّدِ.
(فَصْلٌ)
فِي حُكْمِ إتْلَافِ الدَّوَابِّ
(مَنْ كَانَ مَعَ) غَيْرِ طَيْرٍ؛ إذْ لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ أَيْ: مَا لَمْ يُرْسِلْ الْمُعَلِّمُ عَلَى مَا صَارَ إتْلَافُهُ لَهُ طَبْعًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يَضْمَنُ بِتَسْيِيبِ مَا عُلِمَتْ ضَرَاوَتُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ قَتَلَ جَمَلًا بِأَنَّهُ هَدَرٌ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِهِ دُونَ صَاحِبِ النَّحْلِ، إذْ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُهُ فَإِنْ قُلْت شُرْبُ النَّحْلِ لِلْعَسَلِ طَبْعٌ لَهُ، فَهَلْ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ ضَمَانُهُ بِإِرْسَالِهِ عَلَيْهِ فَشَرِبَهُ؟ قُلْت الظَّاهِرُ هُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّحْلِ أَنْ لَا يَهْتَدِيَ لِلْإِرْسَالِ عَلَى شَيْءٍ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى ضَبْطِهِ وَلَا نَظَرَ لِإِرْسَالِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِأَجْلِ الرَّعْيِ، وَحِينَئِذٍ لَوْ شَرِبَ عَسَلَ الْغَيْرِ ثُمَّ مَجَّ عَسَلًا فَهَلْ هُوَ لِصَاحِبِ الْعَسَلِ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ شُرْبَهُ لِلْعَسَلِ الْمُتَنَجَّسِ حِيلَةً مُطَهِّرَةً لَهُ؛ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي اسْتِحَالَةِ مَا شَرِبَهُ وَإِنْ نَزَلَ مِنْهُ فَوْرًا وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِحَالَتِهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَا شَرِبَهُ فَكَانَ لِمَالِكِهِ لَا لِمَالِكِ هَذَا، وَأَيْضًا فَقَدْ مَرَّ زَوَالُ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِاخْتِلَاطِهِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا فَزَالَ بِهِ الْمِلْكُ وَلَا بَدَلَ هُنَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَأَنْ يُقَالَ: نَعَمْ، وَالِاسْتِحَالَةُ إنَّمَا تُوجِبُ تَغَيُّرَ الْوَصْفِ دُونَ تَغَيُّرِ الذَّاتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي النَّجَاسَةِ. وَالْخَلْطُ إنَّمَا يَزُولُ بِهِ الْمِلْكُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُضْمَنُ حَتَّى يَنْتَقِلَ الْبَدَلُ لِذِمَّتِهِ، وَهُنَا لَا ضَمَانَ فَلَا مُزِيلَ لِلْمِلْكِ عَلَى أَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ هُنَا خَلْطًا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا عَسَلَ فِي جَوْفِ النَّحْلِ غَيْرُ هَذَا، بَلْ هُوَ الْأَصْلُ، وَأَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَرَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ تُحِيلُ الْعَادَةُ أَنَّ النَّازِلَ مِنْهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِمَالِكِهِ وَإِلَّا
وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهُ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ) كَأَنْ قَالَ لَهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: يَحْتَمِلُهُ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ قِصَاصٌ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُ الْمَتْنِ: إلَّا وَالِدًا) أَيْ: خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَحُرٌّ لِقِنٍّ، وَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً إلَخْ) نَعَمْ تَقَدَّمَ بِأَعْلَى الْهَامِشِ فِي الْبَالِغِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَالِغِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش. (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَلَا ضَمَانَ إلَخْ) وَالْبَالِغُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مُلْحَقٌ بِالصَّغِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي، وَالْمُسْتَقِلُّ إذَا خَتَنَهُ بِإِذْنِهِ أَجْنَبِيٌّ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ، وَكَذَا السَّيِّدُ فِي خِتَانِ رَقِيقِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ سم عَلَى حَجّ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِمَّنْ يُرِيدُ خِتَانَ وَلَدِهِ فَيَخْتِنُ مَعَهُ أَيْتَامًا قَاصِدًا بِذَلِكَ إصْلَاحَ شَأْنِهِمْ وَإِرَادَةَ الثَّوَابِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُزَيِّنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَكَذَا خَاتِنٌ إلَخْ وَمَنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْ الْقَاضِيَ قَبْلَ الْخَتْنِ وَحَيْثُ ضَمَّنَّاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِدِيَةِ شِبْهٍ وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ إلَخْ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ مُؤَنِهِ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ إلَخْ) وَمِنْهُ بَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ مَيَاسِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ اهـ. ع ش. (قَوْلًا كَالسَّيِّدِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا الرَّقِيقُ فَأُجْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ الْكَسْبِ لَهَا اهـ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ إتْلَافِ الدَّوَابِّ]
(فَصْلٌ)
فِي حُكْمِ إتْلَافِ الدَّوَابِّ. (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ إتْلَافِ الدَّوَابِّ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهُ كَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ وَدَخَلَ بِهِ سُوقًا وَإِنْ أُرِيدَ بِالدَّابَّةِ مَا يَشْمَلُ الْآدَمِيَّ دَخَلَ هَذِهِ، لَكِنْ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ: مَعَ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ حَمَلَ هُوَ الدَّابَّةُ لَا إنَّهُ مَعَهَا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: غَيْرَ طَيْرٍ) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ قُلْتَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: فِيمَا يَظْهَرُ إلَى قَوْلِهِ وَأَفْتَى. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لَيْلًا أَوْ نَهَارًا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَا لَمْ يُرْسِلْ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: إذْ لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: الْمُعَلَّمَ بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَارَ إتْلَافُهُ إلَخْ) أَيْ: فَيَضْمَنُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِإِتْلَافِهِ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا، وَقَوْلُهُ: طَبْعًا أَيْ: لِلْمُعَلَّمِ خَبَرُ صَارَ. (قَوْلُهُ: جَمَلًا) أَيْ: مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ أَيْ: الْجَمَلَ، وَقَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَضَعْهُ فِي بَيْتٍ مُسْقَفٍ أَوْ لَمْ يَضَعْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ النَّحْلِ إلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَمَلِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَهَلْ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ؟) أَيْ: بِقَوْلِهِ أَيْ: مَا لَمْ يُرْسِلْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَهْتَدِيَ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّرُ إلَخْ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ عَدَمِ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ: ذَلِكَ الْجُعْلُ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِحَالَتِهِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: لِمَالِكِهِ) أَيْ: النَّحْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَخْذًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا فَزَالَ بِهِ الْمِلْكُ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ قُلْتُ: الظَّاهِرُ هُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ الْمَضْمُونِيَّةِ إنَّمَا يُتَّجَهُ مَعَ تَلَفِ الْعَيْنِ لَا مَعَ بَقَائِهَا اهـ. سم. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ: الْخَلْطُ. (قَوْلُهُ: لِمَالِكِهِ) أَيْ: الْعَسَلِ
عَلَيْهِ م ر صَحَّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً) تَقَدَّمَ بِأَعْلَى الْهَامِشِ فِي الْبَالِغِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَالِغِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ.
(فَصْلٌ) مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ أَوْ دَوَابَّ ضَمِنَ إتْلَافَهَا نَفْسًا وَمَالًا لَيْلًا وَنَهَارًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِحَالَتِهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَا شَرِبَهُ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ اللَّازِمَ كَوْنُهُ غَيْرَ صِفَةٍ لَا ذَاتًا، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ تَفَرَّخَ الْبَيْضُ الْمَغْصُوبُ أَوْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فَفِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ
فَهُوَ لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّ نُزُولَهُ مِنْهَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي مِلْكِ مَالِكِهَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ.
(دَابَّةٌ أَوْ دَوَابُّ) فِي الطَّرِيقِ مَثَلًا مَقْطُورَةً أَوْ غَيْرَهَا سَائِقًا أَوْ قَائِدًا أَوْ رَاكِبًا مَثَلًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا بِحَقٍّ أَمْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا لَا يَأْتِي فِي مَرْكَبِهِ وَقِنًّا أَذِنَ سَيِّدُهُ أَمْ لَا، كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ فَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَلُقَطَةٍ أَقَرَّهَا بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَبَقِيَّةُ أَمْوَالِ السَّيِّدِ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ ثُمَّ يَتْرُكُهَا بِيَدِهِ الْمُنَزَّلَةَ مَنْزِلَةَ يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لَا يُقَالُ: الْقِنُّ لَا يَدَ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا الَّتِي تَقْتَضِي مِلْكًا بَلْ الَّتِي تَقْتَضِي ضَمَانًا، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَهُ يَدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، (ضَمِنَ إتْلَافَهَا) بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا (نَفْسًا) عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَمَالًا) فِي مَالِهِ (لَيْلًا وَنَهَارًا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا وَتَعَهُّدُهَا
فَإِنْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ أَوْ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ ضَمِنَا نِصْفَيْنِ أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، وَرَاكِبٌ ضَمِنَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ
قَوْلُهُ: لِمَالِكِهَا) أَيْ: النَّحْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا) أَيْ: الِاحْتِمَالَ الْأَخِيرَ. (قَوْلُهُ: فِي الطَّرِيقِ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا يُعْلَمُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَرْكَبِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ رَمُوحًا بِطَبْعِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَقَوْلُهُ: كَذَا إلَى وَمَا لَوْ غَلَبَتْهُ، وَقَوْلُهُ: كَمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَى لَكِنْ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ فِي سُوقٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي سَوَاءٌ أَكَانَ مَالِكًا أَمْ مُسْتَأْجِرًا أَمْ مُودِعًا أَمْ مُسْتَعِيرًا أَمْ غَاصِبًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَمْ غَيْرَهُ) الْأَوْلَى أَمْ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: أَمْ بِغَيْرِهِ شَمِلَ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَيَضْمَنُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَهَهُ عَلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ لَا عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَالْمُكْرَهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى الرُّكُوبِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا اكْتَرَاهُ مِنْ وَلِيِّهِ إنْسَانٌ لِيَسُوقَ دَابَّتَهُ أَوْ يَقُودَهَا أَوْ يَرْعَاهَا وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ إيجَارَهُ لِذَلِكَ، فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الصَّبِيِّ كَإِرْكَابِهِ لِمَصْلَحَتِهِ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ فِي سَوْقِهَا أَوْ قَوْدِهَا أَوْ رَعْيِهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ أَرْكَبَهُ أَجْنَبِيٌّ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ سم. (قَوْلُهُ: فِي مُرْكِبِهِ) اسْمُ فَاعِلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) قَدْ يُقَالُ: قَدْ يُوجَدُ هُنَا إقْرَارُ السَّيِّدِ بَعْدَ عِلْمِهِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُقَالُ: اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ وَاجِدِهَا، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا فَتَرْكُ السَّيِّدِ لَهَا فِي يَدِهِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ اهـ. ع ش، وَقَدْ يُقَالُ: أَيْضًا إنَّ اللُّقَطَةَ قَدْ تَصِيرُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ إتْلَافَهَا) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ: لَهُ يَدٌ. (قَوْلُ الْمَتْنِ ضَمِنَ إتْلَافَهَا) . (فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ رَاكِبًا حِمَارَةً مَثَلًا وَوَرَاءَهَا جَحْشٌ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ بِنَحْوِ بَوْلِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَاقِلَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ حَيْثُ أَطْلَقُوا ضَمَانَ النَّفْسِ فِي هَذَا الْبَابِ فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ) الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِلَةِ، بَلْ بِذِمَّتِهِ يُؤَدِّيهِ مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فِي مَالِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلَهَا) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ رَمُوحًا فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ ضَمِنَا إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ أَوْ رَكِبَهَا اثْنَانِ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَسْيِيرِهَا كَمَرِيضٍ وَصَغِيرٍ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالرَّدِيفِ سم وع ش وَرُشَيْدِيٌّ. (أَقُولُ) : وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّهُمَا لَوْ تَشَارَكَا فِي التَّسْيِيرِ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِهَذَا بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُغْنِي وَكَلَامِ النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ هُمَا) أَيْ: السَّائِقُ وَالْقَائِدُ. (قَوْلُهُ: وَرَاكِبٌ) سُئِلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَنْ أَعْمَى رَاكِبٍ دَابَّةً وَقَادَهُ بَصِيرٌ فَأَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى أَيُّهُمَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الرَّاكِبِ أَعْمَى أَوْ غَيْرَهُ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَرَاكِبٌ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَعْمَى وَنَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ ثُمَّ قَالَ. (فَرْعٌ)
لَوْ رَكِبَ اثْنَانِ فِي جَنْبَيْهَا فِي كَفَّيْ مَحَارَتَيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ رَكِبَ ثَالِثٌ بَيْنَهُمَا فِي الظَّهْرِ فَقَالَ م ر: الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا وِفَاقًا لِلطَّبَلَاوِيِّ انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ وَحْدَهُ) يُؤْخَذُ مِنْ
الْمَضْمُونِيَّةِ إنَّمَا يُتَّجَهُ مَعَ تَلَفِ الْعَيْنِ لَا مَعَ بَقَائِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) قَدْ يُقَالُ قَدْ يُوجَدُ هُنَا إقْرَارُ السَّيِّدِ بَعْدَ عِلْمِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ إلَخْ) سُئِلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَنْ أَعْمَى رَكِبَ دَابَّةً وَقَادَهُ بَصِيرٌ فَأَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى أَيِّهِمَا؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ أَعْمَى أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَى الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الِاثْنَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ مَثَلًا. اهـ. وَكَانَ وَجْهُ تَخْصِيصِ الْمُقَدَّمِ مِنْ الرَّاكِبَيْنِ أَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِمَا بِحَيْثُ لَوْ تَنَازَعَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ نُسِبَ سَيْرُهَا لِلْمُؤَخَّرِ فَقَطْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ نَحْوَ مَرِيضٍ لَا حَرَكَةَ لَهُ مَحْضُونٌ لِلْمُؤَخَّرِ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالْمُؤَخَّرِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْأَعْمَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي تَخْصِيصِ الرَّاكِبِ بِالضَّمَانِ كَوْنُ الزِّمَامِ بِيَدِهِ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ: لَعَلَّ تَضْمِينَ الرَّاكِبِ إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ تَضْمِينُ الْأَعْمَى بِمَا إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ.
(قَوْلُهُ: ضَمِنَا) هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّاكِبَيْنِ وَالْآخَرُ تَضْمِينُ الْمُقَدَّمِ فَقَطْ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَإِنْ كَانَ لَوْ تَنَازَعَاهَا جُعِلَتْ لَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ وَحْدَهُ) يُؤْخَذُ
مَا لَوْ انْفَلَتَتْ بَعْدَ إحْكَامِ نَحْوِ رَبْطِهَا وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ نَخَسَهَا غَيْرُ مَنْ مَعَهَا، فَضَمَانُ إتْلَافِهَا عَلَى النَّاخِسِ وَلَوْ رَمُوحًا بِطَبْعِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَنْ مَعَهَا، فَعَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ ذَاهِبَةً فَرَدَّهَا آخَرُ تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ الرَّدِّ بِهِ، كَذَا أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ رَدُّهُ بِنَحْوِ ضَرْبِهَا نَظِيرَ النَّخْسِ فِيمَا ذُكِرَ. أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا فَارْتَدَّتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا ضَمَانَ إذْ لَا إلْجَاءَ حِينَئِذٍ، وَمَا لَوْ غَلَبَتْهُ فَاسْتَقْبَلَهَا آخَرُ فَرَدَّهَا كَمَا ذُكِرَ، فَإِنَّ الرَّادَّ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ فِي انْصِرَافِهَا وَمَا لَوْ سَقَطَ هُوَ أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ، كَمَا لَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ فَانْكَسَرَ بِهِ قَارُورَةٌ بِخِلَافِ طِفْلٍ سَقَطَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهُ فِعْلًا، وَأَلْحَقَ الزَّرْكَشِيُّ بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ سُقُوطَهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَمَا لَوْ كَانَ رَاكِبُهَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَاتَّفَقَ أَنَّهَا غَلَبَتْهُ لِنَحْوِ قَطْعِ عَنَانٍ وَثِيقٍ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا يَضْمَنُهُ عَلَى مَا أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِمْ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ ضَمِنَ، لَكِنْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ
وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الضَّمَانُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الِاصْطِدَامِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي غَلَبَةِ السَّفِينَتَيْنِ لِرَاكِبِهِمَا؛ لِأَنَّ ضَبْطَ الدَّابَّةِ مُمْكِنٌ بِاللِّجَامِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَخَفُّ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ خُصُوصِ الِاصْطِدَامِ لِنُدْرَتِهِ وَإِنْبَائِهِ غَالِبًا عَنْ عَدَمِ إحْسَانِ الرُّكُوبِ، وَمَا لَوْ أَرْكَبَ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دَابَّةً لَا يَضْبِطُهَا مِثْلُهُمَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُتْلَفَهَا، وَمَا لَوْ كَانَ مَعَ دَوَابِّ رَاعٍ فَتَفَرَّقَتْ لِنَحْوِ هَيَجَانِ رِيحٍ وَظُلْمَةٍ لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ وَأَفْسَدَتْ زَرْعًا فَلَا يَضْمَنُهُ، كَمَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَفْسَدَتْ شَيْئًا، لَكِنْ هَذَا يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُ
هَذَا تَضْمِينُ الرَّاكِبَةِ مَعَ الْمُكَارِي الْقَائِدِ دُونَهُ الْأَعْلَى قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ لَعَلَّ تَضْمِينَ الرَّاكِبِ إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ فَلَا تَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهَا سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ يُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَرْكَبُ الْآنَ مَعَ الْمُكَارِي دُونَ الْمُكَارِي م ر انْتَهَى، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مَا لَوْ انْفَلَتَتْ إلَخْ) وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى النَّاخِسِ) أَيْ: وَلَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّدِّ بِهِ) أَيْ: بِالرَّادِّ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَنْ مَعَهَا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِي النَّاخِسِ اهـ. ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ اُنْظُرْ إلَى مَتَى يَسْتَمِرُّ ضَمَانُهُ، وَلَعَلَّهُ مَا دَامَ مُسَيِّرُهَا مَنْسُوبًا لِذَلِكَ الرَّادِّ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ) ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا إلَخْ) ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الضَّمَانُ إذَا أَثَّرَتْ الْإِشَارَةُ عَادَةً ارْتِدَادَهَا اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ غَلَبَتْهُ) إلَى قَوْلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَمَا ذُكِرَ) أَيْ: بِنَحْوِ ضَرْبِهَا. (قَوْلُهُ فَأَتْلَفَهُ) أَيْ: السَّاقِطُ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ طِفْلٍ سَقَطَ عَلَيْهَا أَيْ: الْقَارُورَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ كَانَ رَاكِبُهَا يَقْدِرُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ. هَذَا الْمَقَامُ غَايَةُ التَّأَمُّلِ، فَإِنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُصَوَّرٌ بِكَوْنِ الرَّاكِبِ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ تَصْوِيرَهُمْ وَتَعْلِيلَهُ لَا يَرْتَابُ فِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي هَذِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَائِلُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ، فَهُوَ أَخْذٌ سَدِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ حَقَّ تَأَمُّلِهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الْمُغْنِي خَامِسُهَا: أَيْ: الْمُسْتَثْنَيَاتُ لَوْ كَانَ الرَّاكِبُ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَفَصَمَتْ اللِّجَامَ وَرَكِبَتْ رَأْسَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ؟ قَوْلَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ اصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ تَرْجِيحُ الضَّمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى، وَلَوْ رَكِبَ صَبِيٌّ أَوْ بَالِغٌ دَابَّةَ إنْسَانٍ بِلَا إذْنٍ فَغَلَبَتْهُ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: عَدَمِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا هُنَا أَخَفُّ) الْأَوْلَى بِأَنَّهُ خَفَّفَ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَرْكَبَ) إلَى قَوْلِهِ: لَكِنَّ هَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لَا ضَبْطَهَا مِثْلُهُمَا، وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا إلَى وَمَا رَبَطَهَا وَإِلَى قَوْلِهِ: وَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ بِقَيْدِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إلَى وَخَرَجَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَإِنْ أَرْكَبَهَا الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ لِمَصْلَحَتِهِ وَكَانَ مِمَّنْ يَضْبِطُهَا ضَمِنَ الصَّبِيُّ، وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَلِيُّ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ سم وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَضْبِطُهَا مِثْلُهُمَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا ع ش وَرُشَيْدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ع ش مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُ) قَدْ يُقَالُ:
مِنْ هَذَا تَضْمِينُ الرَّاكِبَةِ مَعَ الْمُكَارِي الْقَائِدِ دُونَهُ الْأَعْلَى قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ: لَعَلَّ تَضْمِينَ الرَّاكِبِ إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ فَلَا تَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهَا. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا فَارْتَدَّتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا ضَمَانَ)، وَقَدْ يُتَّجَهُ الضَّمَانُ إذَا أَثَّرَتْ الْإِشَارَةُ عَادَةً ارْتِدَادَهَا. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ ضَمِنَ) شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَوْ رَكِبَ صَبِيٌّ أَوْ بَالِغٌ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَغَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَعَلَى الرَّاكِبِ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَكِبَ الْمَالِكُ فَغَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ غَلَبَ الْمَرْكُوبُ مُسَيِّرَهُ وَانْفَلَتَ وَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ أَيْ لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا وَأَمْسَكَ لِجَامَهَا فَرُكِبَتْ رَأْسًا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ قَوْلَانِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ اصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ تَرْجِيحُ الضَّمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَفْسَدَتْ شَيْئًا) فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فِيمَا لَوْ غَلَبَتْهُ لِنَحْوِ قَطْعِ عَنَانٍ وَثِيقٍ، لَكِنْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ يَتَحَصَّلُ مِنْهُمَا الْفَرْقُ بَيْنَ غَلَبَتِهَا عَلَى الرَّاكِبِ وَبَيْنَ انْفِلَاتِهَا وَخُرُوجِهَا مِنْ يَدِ غَيْرِ الرَّاكِبِ، وَكَانَ وَجْهُ الْفَرْقِ وُجُودَ الْيَدِ فِي الْأَوَّلِ عَلَيْهَا وَعَدَمَ وُجُودِهَا مَعَ الْعُذْرِ فِي الثَّانِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَكُمْ هَذَا يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَيْسَ فِي كَلَامِ
عَلَيْهِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسَعٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا لَوْ خَفَرَ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الطَّرِيقِ مَثَلًا مَنْ دَخَلَ دَارًا بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ فَعَقَرَهُ أَوْ دَابَّةٌ فَرَفَسَتْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُمَا إنْ عَلِمَ بِهِمَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَبِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا عَنْ لِدَارٍ وَلَوْ بِجَانِبِ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ تَحْتَهَا وَلَمْ يُعْرَفْ بِالضَّرَاوَةِ أَوْ رَبَطَهُ وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا رَبْطُهَا بِمَوَاتٍ أَوْ مِلْكِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ مُتْلَفُهَا اتِّفَاقًا
وَلَوْ أَجَّرَهُ دَارًا إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِيهِ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ، كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ بِقَيْدِهِ قِيلَ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ: نَفْسًا وَمَالًا صَيْدُ الْحَرَمِ وَشَجَرُهُ وَصَيْدُ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمَا لَا يَخْرُجَانِ عَنْهُمَا.
وَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ فِي دَابَّةٍ نَطَحَتْ أُخْرَى بِالضَّمَانِ إنْ كَانَ النَّطْحُ طَبْعَهَا وَعَرَفَهُ صَاحِبُهَا أَيْ: وَقَدْ أَرْسَلَهَا أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الضَّارِيَةِ، لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ثَمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهَا ضَرَاوَتَهَا أَوْ لَا، نَعَمْ تَعْلِيلُهُمْ لَهُ بِقَوْلِهِمْ إذْ مِثْلُ هَذِهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي يُرْشِدُ إلَى تَقْيِيدِهِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَصَرَّحَ الْعَبَّادِيُّ فِيمَنْ رَبَطَ دَابَّةً بِشَارِعٍ فَرَبَطَ آخَرُ أُخْرَى بِجَانِبِهَا فَعَضَّتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِأَنَّ الْعَاضَّ إنْ كَانَ هُوَ الثَّانِيَةَ ضَمِنَ صَاحِبُهَا أَوْ الْأُولَى فَلَا إلَّا أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهَا فَقَطْ، وَلَمْ يَمْنَعْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ فَيَضْمَنُهَا وَلَوْ اكْتَرَى مَنْ يَنْقُلُ مَتَاعَهُ
لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَعِيَّةُ حَالَ الْإِتْلَافِ سم عَلَى حَجّ أَيْ: لَكِنَّهُ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ، وَهُوَ كَافٍ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسَعٍ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَضْمَنُ وَظَاهِرُهُ لَا نَهَارًا وَلَا لَيْلًا سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنِهِمَا فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ عَرَّضَهُ لِإِتْلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ يُؤْخَذُ ضَمَانُهُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ: لِصَغِيرٍ خُذْ مِنْ هَذَا التِّبْنِ إلَخْ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) أَيْ: الدَّاخِلُ. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا عَلَيْهِ وَكَانَ أَعْمَى اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْخَارِجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَهَا إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا، وَقَوْلُهُ: السَّابِقُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ ضَمِنَهُ بِأَنَّ الْفَوَاسِقَ الَّتِي مِنْهَا الْكَلْبُ الْعَقُورُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا الْيَدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْرَفْ بِالضَّرَاوَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي آنِفًا لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: أَوْ رَبَطَهُ) أَيْ: رَبْطًا يَكُفُّ ضَرَاوَتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ رَبَطَهُ بِحَبْلٍ فِي رَأْسِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا بِرُمْحِهِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَرْبِطْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مَلَكَهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مَنْ دَخَلَ دَارًا بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ إلَخْ، وَلَعَلَّ الدَّابَّةَ فِيمَا مَرَّ شَأْنُهَا الضَّرَاوَةُ اهـ. رَشِيدِيٌّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مِلْكَهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُغْنِي عَلَى السَّابِقِ. (قَوْلُهُ: فَأَدْخَلَ) أَيْ: الْمُؤَجِّرُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) لَعَلَّهُ لِنِسْبَةِ الْمُكْتَرِي لِلتَّقْصِيرِ اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالتَّقْصِيرُ بِتَرْكِهِ مَفْتُوحًا لِغَلَبَةِ خُرُوجِهَا وَإِتْلَافِهَا وَعَدَمِ التَّقْصِيرِ، ثُمَّ هَلْ الدَّارُ كَالْبَيْتِ؟ فَإِذَا أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِهِ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ أَوْ لَا فَمَا الْفَرْقُ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. سم أَقُولُ إنَّ الْقَيْدَ الْمَارَّ فِي الْغَصْبِ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ وَإِنَّ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ مِنْ قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِهِ إلَخْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ) عِبَارَتُهُ: هُنَاكَ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَتْلَفَتْهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إنْ غَابَ وَظَنَّ أَنَّ الْبَيْتَ مُغْلَقٌ اهـ. (قَوْلُهُ: قِيلَ بِرَدِّ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَفْتَى فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا) أَيْ: الصَّيْدَ وَالشَّجَرَةَ وَلَا يَشْمَلُهُمَا نَفْسًا وَمَالًا اهـ. سم. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمَا لَا يَخْرُجَانِ عَنْهُمَا) أَيْ: عَنْ النَّفْسِ وَالْمَالِ، وَهُوَ لَمْ يَقُلْ لِآدَمِيٍّ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَقَدْ أَرْسَلَهَا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُعْتَادُ الْإِرْسَالُ فِيهِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الضَّارِيَةِ) أَيْ: بَلْ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِهَا؛ لِأَنَّهَا ضَارِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّطْحِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ: لِلضَّمَانِ بِالضَّارِيَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى تَقْيِيدِهِ) أَيْ: بِعِلْمِ وَاضِعِ الْيَدِ الضَّرَاوَةَ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: عَنْ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَ النَّطْحُ طَبْعَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَمَحَلُّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَقَطْ) مَفْهُومُهُ اخْتِلَافُ الْحُكْمِ إذَا حَضَرَ صَاحِبُ الْأُخْرَى أَيْضًا اهـ. سم. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهَا) أَيْ: يَضْمَنُ مُتْلِفُهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ.
الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ الْمَعِيَّةِ حَالَ الْإِتْلَافِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسَعٍ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَضْمَنُ، وَظَاهِرُهُ لَا نَهَارًا وَلَا لَيْلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَهَا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا وَقَوْلُهُ السَّابِقُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ ضَمِنَهُ بِأَنَّ الْفَوَاسِقَ الَّتِي مِنْهَا الْكَلْبُ الْعَقُورُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا الْيَدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْرَفْ بِالضَّرَاوَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي أَوَّلَ الصَّفْحَةِ، لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ثَمَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَبَطَهُ) أَيْ رَبْطًا يَكُفُّ ضَرَاوَتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ رَبَطَهُ بِحَبْلٍ فِي رَأْسِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَرْبِطْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالتَّقْصِيرُ بِتَرْكِهِ مَفْتُوحًا لِغَلَبَةِ خُرُوجِهَا وَإِتْلَافِهَا وَعَدَمِ التَّقْصِيرِ، ثُمَّ هَلْ الدَّارُ كَالْبَيْتِ فَإِذَا أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِهِ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ أَوْ لَا؟ فَمَا الْفَرْقُ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ يُشْكِلُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا) أَيْ وَلَا يَشْمَلُهُمَا نَفْسًا وَمَالًا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَرْسَلَهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي وَقْتٍ يَعْتَادُ الْإِرْسَالَ فِيهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِ الضَّارِيَةِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ فِي إرْسَالِهَا فِي وَقْتِ الْإِرْسَالِ. (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الضَّارِيَةِ)، بَلْ هَذِهِ مِنْ أَقْوَاهَا؛ لِأَنَّهَا ضَارِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّطْحِ. (قَوْلُهُ: فَقَطْ) مَفْهُومُهُ اخْتِلَافُ الْحُكْمِ إذَا حَضَرَ صَاحِبُ الْأُخْرَى أَيْضًا. (قَوْلُهُ:
عَلَى دَابَّتِهِ، وَعَادَتُهَا الضَّرَاوَةُ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهَا وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا مَعَ الْأَجِيرِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا بِيَدِهِ، لَكِنَّ الْمَالِكَ غَرَّهُ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ بِهَا فَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَهُ عَلَيْهِ
فَإِنْ أَنْكَرَ الْأَجِيرُ إتْلَافَهَا حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ، وَلَوْ رَبَطَ فَرَسَهُ فِي خَانٍ فَقَالَ لِصَغِيرٍ: خُذْ مِنْ هَذَا التِّبْنِ وَاعْلِفْهَا فَفَعَلَ فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ وَهُوَ حَاضِرٌ وَلَمْ يُحَذِّرْهُ مِنْهَا وَكَانَتْ رَمُوحًا ضَمِنَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ
(وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الْمُرُورِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ هَذَا مَا مَشَيَا عَلَيْهِ هُنَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْأَصْحَابِ مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَارُّ الْمَشْيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا هُنَا لَا يُنْكَرُ اتِّجَاهُهُ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ نُقِلَ انْتَهَى، وَيُؤَيِّدُ الِاتِّجَاهَ قَاعِدَةُ أَنَّ مَا بِالْبَابِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِتَحْرِيرِ مَا فِيهِ أَكْثَرُ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّهُمَا لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمَا بِمُخَالَفَتِهِمَا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ لِمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ.
(وَيَحْتَرِزُ) الْمَارُّ بِطَرِيقٍ (عَمَّا لَا يُعْتَادُ) فِيهَا (كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحْلٍ) أَوْ فِي مَجْمَعِ النَّاسِ، (فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) ؛ لِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ أَوْ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ فِي السُّوقِ أَوْ رَكِبَ فِيهِ مَا لَا يُرْكَبُ مِثْلُهُ إلَّا فِي صَحْرَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكَضَ، أَمَّا الرَّكْضُ الْمُعْتَادُ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ كَذَا قَالَاهُ كَالْإِمَامِ، وَفَرَّعَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ فَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَنْقُولِ يَضْمَنُ بِهِ أَيْضًا
. (وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَهِيمَةً) وَهُوَ مَعَهَا، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا (فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِوُجُودِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ دَابَّتِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقَّ الْهَدْمُ وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ الْآلَةِ شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ، وَمَثَّلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِبِنَاءٍ بُنِيَ مَائِلًا، أَوْ ثَمَّ مَالٌ وَأَضَرَّ بِالْمَارَّةِ فِيهِمَا وَمَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ مَا يَرُدُّ الثَّانِيَ
. (وَإِنْ دَخَلَ) حَامِلُ الْحَطَبِ (سُوقًا فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ)
قَوْلُهُ: عَلَى دَابَّتِهِ) أَيْ: الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلِمْهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَبَطَ) إلَى قَوْلِهِ: وَالْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَرَسَهُ فِي خَانٍ) أَيْ: مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَقَالَ إلَخْ) الْفَاءُ لِمُطْلَقِ التَّرْتِيبِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَفَعَلَ) أَيْ: الصَّغِيرُ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْفَاءَ هُنَا لِلتَّعْقِيبِ الْعُرْفِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَاضِرٌ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ؟ وَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِهِ؟ اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش مَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَلَمْ يُحَذِّرْهُ، وَهِيَ رَمُوحٌ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحَذِّرْهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّحْذِيرُ حَالَ الرُّمْحِ بِأَنَّ رَآهَا تَرْمَحُهُ فَلَمْ يُحَذِّرْهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَلَا يُخْفَى بُعْدُهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ: الْآمِرِ اهـ. ع ش
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ بَالَتْ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ وَاقِفَةً اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِالزَّلَقِ فِيهِ بَعْدَ ذَهَابِهَا ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَامْتَنَعَ) إلَى قَوْلِهِ: وَيُؤَيِّدُ الِاتِّجَاهَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَا مَشَيَا عَلَيْهِ) أَيْ: فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ زَعَمَ كَثِيرٌ أَنَّ نَصَّ الْأُمِّ وَالْأَصْحَابِ الضَّمَانُ نِهَايَةٌ اهـ. سم وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُؤَيِّدُ الِاتِّجَاهَ إلَخْ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا وَاعْتَمَدَ الْمَنْهَجُ وَالْمُغْنِي مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأُمُّ وَالْأَصْحَابُ مِنْ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ) أَيْ: فِي بَابِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ) أَيْ: بِمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّمَانِ) بَيَانٌ لِمَا جَرَيَا عَلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدُ الْمَارُّ الْمَشْيَ عَلَيْهِ) فَلَوْ مَشَى قَصْدًا عَلَى مَوْضِعِ الرَّوْثِ أَوْ الْبَوْلِ فَتَلِفَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا هُنَاكَ اهـ. مُغْنِي، وَقَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ أَيْ: قَطْعًا كَمَا فِي ع ش، وَقَوْلُهُ: هُنَاكَ أَيْ: فِي بَابِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلضَّمَانِ الْمَنْقُولِ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: وَمَا هُنَا) أَيْ: مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُقَرَّرِ) إلَى قَوْلِهِ: كَذَا قَالَاهُ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّهُمَا لَا يُعْتَرَضُ إلَخْ) لَكِنْ يُشْكِلُ بِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُقَالُ: الْمُخَالِفُ يُؤَوِّلُ النَّصَّ وَيَتَمَسَّكُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِنَصٍّ آخَرَ مَثَلًا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا أَشَرْتَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فِي شَرْحِ وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَنُصَّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، نَصُّهَا وَهَذَا حَيْثُ لَا دَلِيلَ يُعَضِّدُ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّونَ وَإِلَّا اتَّبَعُوا وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ لَهُمَا أَعْنِي الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيحُ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ وَلَوْ وَاحِدًا فِي مُقَابَلَةِ الْأَصْحَابِ اهـ.
. (قَوْلُهُ: الْمَارُّ بِطَرِيقٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَمِثْلُهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَهُوَ مَعَهَا إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ضَمَانُ مَنْ مَعَ الْإِبِلِ سَائِقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ مَقْطُورَةً سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَقَرَ أَوْ الْغَنَمَ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ وَاحِدَةً اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الصَّحْرَاءِ) كَالدَّوَابِّ الشَّرِسَةِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) فَلَوْ رَكَضَهَا كَالْعَادَةِ رَكْضًا وَمَحَلًّا وَطَارَتْ حَصَاةٌ لِعَيْنِ إنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: الْمَنْقُولِ) أَيْ: عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْأَصْحَابِ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: أَوْ بَهِيمَةً) أَيْ: عَلَيْهَا اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا سَقَطَ فِي الْحَالِ فَلَوْ وَقَفَ سَاعَةً ثُمَّ سَقَطَ فَكَمَنْ أَسْنَدَ خَشَبَةً إلَى جِدَارِ الْغَيْرِ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُنْسَبْ السُّقُوطُ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بُنِيَ مَائِلًا) أَيْ: إلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثُمَّ مَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَا إنْ كَانَ مُسْتَوِيًا ثَمَّ مَالَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَامِلُ الْحَطَبِ) أَيْ: عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ عَلَى بَهِيمَةٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ: سُوقًا) أَيْ: مَثَلًا اهـ.
وَهُوَ حَاضِرٌ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَلَمْ يُحَذِّرْهُ وَهِيَ رَمُوحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر ش. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّهُمَا لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمَا بِمُخَالَفَتِهِمَا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ) لَكِنْ يُشْكِلُ بِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ) قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ضَمَانُهُ مَعَ الْإِبِلِ سَائِقًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ مَقْطُورَةً
. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ مَا يَرُدُّ الثَّانِيَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّمْثِيلُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ
مُسْتَقْبِلًا كَانَ أَوْ مُسْتَدْبِرًا (ضَمِنَ) هـ (إنْ كَانَ زِحَامٌ) أَوْ لَمْ يَجِدْ مُنْعَطَفًا لِضِيقٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِتَقْصِيرِهِ بِفِعْلِ مَا لَا يُعْتَادُ، (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) زِحَامٌ أَوْ حَدَثٌ وَقَدْ تَوَسَّطَ السُّوقَ كَمَا بُحِثَ (وَتَمَزَّقَ) بِهِ (ثَوْبٌ) مَثَلًا (فَلَا) يَضْمَنُهُ إذَا كَانَ لَابِسُهُ مُسْتَقْبِلَ الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازَ مِنْهَا (إلَّا ثَوْبَ) أَوْ مَتَاعَ أَوْ بَدَنَ (أَعْمَى) أَوْ مَعْصُوبَ الْعَيْنِ (وَمُسْتَدْبِرَ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ) أَيْ: مَنْ ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ الْكُلَّ، إلَّا إذَا كَانَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْ الْمَتَاعِ فِعْلٌ كَأَنْ وَطِئَ هُوَ أَوْ بَهِيمَتُهُ ثَوْبَهُ أَوْ مَدَاسَهُ فَجَذَبَهُ صَاحِبُهُ وَلَوْ مَعَ زِحَامٍ فَالنِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِمَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَاطِئِ إلَّا فِيمَا عُلِمَ أَنَّ لِفِعْلِهِ تَأْثِيرًا فِيهِ مَعَ فِعْلِ اللَّابِسِ، فَإِنْ تَمَحَّضَ فِعْلُ أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَحْدَهُ، وَلَوْ عَلِمَ تَأْثِيرَ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي تَأْثِيرِ الْآخَرِ اُعْتُبِرَ الْأَوَّلُ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ تَحْكِيمُ الْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُمَا: وَإِنْ نَبَّهَهُ فَلَمْ يَتَنَبَّهْ فَلَا وَكَعَدِمِ التَّنْبِيهِ الْأَصَمُّ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَصَمُّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَعَدَمِهِ.
(وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ الْحَامِلُ أَوْ مَنْ مَعَ الْبَهِيمَةِ، (إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ وَاسِعًا وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا تَعْرِيضُهُ مَتَاعَهُ لِلضَّيَاعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ، (أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ) وَلَوْ بِغَيْرِ طَرِيقٍ (فَلَا) يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ. وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارِ الْحَطَبِ يُرِيدُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فَمَزَّقَ ثَوْبَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ سَائِقُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَكَذَا لَوْ وُضِعَ حَطَبٌ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ فَتَمَزَّقَ بِهِ ثَوْبُهُ
. (وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا) وَقَدْ أَرْسَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ، (فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا) أَيْ: مَنْ يَدُهُ عَلَيْهَا بِحَقٍّ كَوَدِيعٍ أَوْ أَجِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَغَصْبٍ، وَإِنْ نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْوِ الْوَدِيعِ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُرْسِلَهَا إلَّا بِحَافِظٍ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ حِفْظِهَا لَا مِنْ جِهَةِ إتْلَافِهَا، بَلْ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ فِيهِ كَالْمَالِكِ، (أَوْ لَيْلًا
مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلًا) إلَى قَوْلِهِ: وَبِهِ يُعْلَمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: إذَا كَانَ لَابِسُهُ مُسْتَقْبِلَ الْبَهِيمَةِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ زِحَامٍ. (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلًا كَانَ إلَخْ) أَيْ: مَا تَلِفَ بِذَلِكَ مِنْ النَّفْسِ وَالْمَالِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: ضَمِنَ إنْ كَانَ زِحَامٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِأَزِقَّةِ مِصْرَ مِنْ دُخُولِ الْجِمَالِ مَثَلًا بِالْأَحْمَالِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَضْطَرُّونَ الْمُشَاةَ أَوْ غَيْرَهُمْ فَيَقَعُ الْمُضْطَرُّ عَلَى غَيْرِهِ فَيُتْلِفُ مَتَاعَهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْجَمَلِ وَإِنْ كَثُرُوا؛ لِأَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْجَمَلَ بِحَمْلِهِ مَثَلًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا، فَالضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ لَا عَلَى مَنْ مَعَ الدَّابَّةِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: مُنْعَطِفًا لِضَيِّقٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ مُنْحَرِفًا لِضَيِّقٍ وَعَدَمِ عَطْفِهِ اهـ. قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: وَعَدَمُ عَطْفِهِ أَيْ: قَرِيبَةٌ فَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ لِغَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَدَثَ وَقَدْ تَوَسَّطَ السُّوقَ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْ دَخَلَ السُّوقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الزِّحَامِ فَحَدَثَ زِحَامٌ اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَابِسُهُ مُسْتَقْبِلَ الْبَهِيمَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَيَظْهَرُ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: إلَّا ثَوْبَ أَعْمَى) أَيْ: وَلَوْ مُقْبِلًا مُغْنِي، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَقْبِلَ الْحَطَبِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَالْأَعْمَى قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ عَاقِلًا أَوْ مُلْتَفِتًا أَوْ مُطْرِقًا مُفَكِّرًا ضَمَّنَهُ صَاحِبُ الْحَطَبِ إذْ لَا تَقْصِيرَ حِينَئِذٍ نِهَايَةٌ أَيْ: وَلَوْ مُفَكِّرًا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْصُوبَ الْعَيْنِ) أَيْ: لِرَمَدٍ وَنَحْوِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَنْ ذُكِرَ) أَيْ: الْأَعْمَى وَمَعْصُوبُ الْعَيْنِ وَمُسْتَدْبِرُ الْبَهِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ: لَمْ يُنَبِّهْ ضَمِنَ الْكُلَّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّنْبِيهِ وَعَدَمِهِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ مَا حَصَلَ بِهِ التَّلَفُ الْمُقْتَضِي لِلضَّمَانِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّنْبِيهِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: كَأَنْ وَطِئَ إلَخْ) أَيْ: الْمَارُّ فِي السُّوقِ. (قَوْلُهُ: فَالنِّصْفُ) أَيْ: فَعَلَى مَنْ وَطِئَ هُوَ أَوْ بَهِيمَتُهُ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ: فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ انْقَطَعَ مُؤَخَّرُ السَّابِقِ فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ أَوْ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فَفِي قُوَّةِ الِاعْتِمَادِ وَضَعْفِهِ؛ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِمَا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا وَوَجَبَ إحَالَةُ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْمُصْطَدِمَيْنِ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُوَّةِ مَشْيِ أَحَدِهِمَا وَقِلَّةِ حَرَكَةِ الْآخَرِ اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِمَا) أَيْ: فِعْلِ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَثَلًا وَفِعْلِ الْوَاطِئِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَبَّهَهُ فَلَمْ يَنْتَبِهْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ مُدْبِرًا أَوْ أَعْمَى وَنَبَّهَهُمَا فَلَمْ يَحْتَرِزَا انْتَهَتْ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِلَمْ يَنْتَبِهْ لَمْ يَحْتَرِزْ لَا عَدَمَ الشُّعُورِ بِالتَّنْبِيهِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَكَعَدِمِ التَّنْبِيهِ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ طَرِيقٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَكَعَدِمِ التَّنْبِيهِ الْأَصَمُّ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَبِّهْهُ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ) أَيْ: صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ مَا أَتْلَفَتْهُ بَهِيمَتُهُ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ) عَلَى بَابِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ)، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَسَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّوَارِعِ وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا لِلْبَيْعِ كَالْخُضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) إلَى قَوْلِهِ: وَكَذَا لَوْ وَضَعَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مِثْلَهُ) أَيْ: التَّعْرِيضِ لِلدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ: فَمَزَّقَ) أَيْ: الْحَطَبُ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا إلَخْ) هَذَا قِسْمٌ قَوْلُهُ: سَابِقًا مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ إلَخْ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ يَدُهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَقِيَاسُهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) الْأَوْلَى أَوْ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْوَدِيعِ) أَيْ: كَالْأَجِيرِ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ: نِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ هَذَا أَيْ: أَنْ لَا يُرْسِلَهَا إلَّا بِحَافِظٍ عَلَيْهِ أَيْ: نَحْوُ الْوَدِيعِ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: فِي نَحْوِ الْوَدِيعِ اهـ. ع ش فَلَهُ أَنْ يُرْسِلَهَا بِلَا حَافِظٍ عَلَى الْعَادَةِ
قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَجِدْ مُنْعَطَفًا لِضِيقٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْبَصِيرَ الْمُقْبِلَ بِمَا إذَا وَجَدَهُ مُنْحَرِفًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّحَامِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ) أَيْ: لَابِسُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَتَنَبَّهْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أَعْمَى وَنَبَّهَهُمَا فَلَمْ يَحْتَرِزَا اهـ. فَمُرَادُ الشَّارِحِ لَمْ يَتَنَبَّهْ لَمْ يُحْتَرَزْ لَا عَدَمُ الِامْتِثَالِ وَالشُّعُورِ بِالتَّنْبِيهِ
ضَمِنَ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ الْمُوَافِقِ لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي حِفْظِ نَحْوِ الزَّرْعِ نَهَارًا وَالدَّابَّةِ لَيْلًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدٍ بِعَكْسِ ذَلِكَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ أَوْ بِحِفْظِهَا فِيهِمَا ضَمِنَ فِيهِمَا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهَا لَوْ جَرَتْ بِعَدَمِهِ فِيهِمَا لَمْ يَضْمَنْ فِيهِمَا، أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الدَّعَاوَى لِمُخَالَفَتِهِ الْعَادَةَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَادَةَ لَوْ اطَّرَدَتْ بِهِ أُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا أَيْضًا كَالصَّحْرَاءِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِغَلَبَةِ ضَرَرِ الْمُرْسَلَةِ بِالْبَلَدِ فَلَمْ تَقْوَ فِيهَا الْعَادَةُ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ الدَّابَّةَ فِي الْبَلَدِ تُرَاقَبُ وَلَا تُرْسَلُ وَحْدَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ تَعْلِيلُهُمْ بِهَا عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ عَدَمُ إرْسَالِهَا بِالْبَلَدِ، فَلَمْ يُنْظَرْ لِعَادَةٍ مُخَالِفَةٍ لَهَا بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِيهَا بِشَيْءٍ عَلَى الْعُمُومِ، فَأَنَاطُوا الْحُكْمَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِعَادَةِ أَهْلِهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ نَهَارًا الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ مَا إذَا تَوَسَّطَتْ الْمَرَاعِي الْمَزَارِعَ فَأَرْسَلَهَا بِلَا رَاعٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَا تُرْسَلُ بِلَا رَاعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا بِدُونِهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي كُلٍّ عَلَى مَا اُعْتِيدَ فِيهِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْته فِي الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُخْتَلِفَةٌ غَالِبًا هُنَا لَا ثَمَّ، وَمَا لَوْ تَكَاثَرَتْ فَعَجَزَ أَصْحَابُ الزُّرُوعِ عَنْ رَدِّهَا فَيَضْمَنُ أَصْحَابُهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ، وَمَا لَوْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ فَيَضْمَنُ مُتْلَفَهَا نَهَارًا، وَإِنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِي الْوَاسِعِ وَمَا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ فَانْتَشَرَتْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَأَفْسَدَتْهُ فَيَضْمَنُهُ مُرْسِلُهَا وَلَوْ نَهَارًا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي.
وَإِذَا أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَضَاعَتْ أَوْ رَمَى عَنْهَا مَتَاعًا حُمِلَ عَلَيْهَا تَعَدِّيًا
اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِعَكْسِ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى بِإِرْسَالِ الْبَهَائِمِ أَوْ حِفْظِ الزَّرْعِ لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ اهـ. . (قَوْلُهُ: انْعَكَسَ الْحُكْمُ) أَيْ: فَيَضْمَنُ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ اتِّبَاعًا لِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلِلْعَادَةِ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ: إتْلَافَ الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا) إلَى قَوْلِهِ: وَقَضِيَّتُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: خِلَافًا إلَى لِمُخَالَفَتِهِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لَيْلًا وَنَهَارًا. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: التَّعْلِيلِ بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْعَادَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ نَعَمْ إنْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا فِيهِ أَيْ: فِي الْبَلَدِ بِلَا مُرَاقَبٍ اتَّجَهَ عَدَمُ الضَّمَانِ انْتَهَتْ اهـ. سم وَاسْتَظْهَرَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِإِرْسَالِهَا فِي الْبَلَدِ وَحْدَهَا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: كَالصَّحْرَاءِ) لَعَلَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: الْفَرْقَ. (قَوْلُهُ: قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الدَّابَّةَ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ التَّأْيِيدَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْعَادَةَ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا انْعَكَسَتْ الْعَادَةُ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الْبِلَادِ) أَيْ: جَمِيعِهَا. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى) إلَى قَوْلِهِ: وَإِذَا أَخْرَجَهَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا صَرَّحُوا إلَى وَمَا لَوْ تَكَاثَرَتْ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَى وَمَا لَوْ تَكَاثَرَتْ، وَقَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَبَطَ إلَى وَمَا لَوْ أَرْسَلَهَا، وَقَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْتُهُ إلَخْ) وَالْمُنَافَاةُ ظَاهِرَةٌ، وَانْدِفَاعُهَا بِمَا ذَكَرَهُ بَعِيدٌ فِي الْغَايَةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ) أَيْ: فِي الْمُرْسَلَةِ فِي الْبَلَدِ وَحْدَهَا. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الْمَرَاعِي الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْمَزَارِعِ لَا ثَمَّ أَيْ: فِي إرْسَالِهَا فِي الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ تَكَاثَرَتْ) أَيْ: الْمَوَاشِي فِي النَّهَارِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَبَطَ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحٍ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ، وَلِذَا اقْتَصَرَ النِّهَايَةُ عَلَى مَا هُنَاكَ وَالْمُغْنِي عَلَى مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: بِطَرِيقٍ) عَلَى بَابِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ إلَخْ) أَيْ: كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي) مِنْ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، سَوَاءٌ كَانَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَهُوَ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي إرْسَالِهَا اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَخْرَجَهَا إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ. (قَوْلُهُ: عَنْ مِلْكِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِنْ نَفَّرَ شَخْصٌ دَابَّةً مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ أَوْ جَرَّ السَّيْلُ حَبًّا فَأَلْقَاهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَتَضْيِيعُهُ، بَلْ يَدْفَعُهُ لِمَالِكِهِ، وَلَوْ لِنَائِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَالْحَاكِمُ فَيَنْبَغِي إذَا نَفَّرَهَا أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي إبْعَادِهَا، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ مِنْهُ إلَى زَرْعِهِ، وَلَوْ دَخَلَتْ دَابَّةُ الْغَيْرِ مِلْكَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ، إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ: أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَرْعُهُ مَحْفُوفًا بِزَرْعِ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا سَيَّبَهَا الْمَالِكُ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَيِّبْهَا فَيَضْمَنْهَا مُخْرِجُهَا إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ، وَيَدْفَعُ صَاحِبُ الزَّرْعِ الدَّابَّةَ عَنْ زَرْعِهِ دَفْعَ الصَّائِلِ فَإِنْ تَنَحَّتْ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ شُغْلَهَا مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لَا يُبِيحُ إضَاعَةَ مَالِ غَيْرِهِ، وَلَوْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ مَلْكَهُ فَرَمَحَتْهُ فَمَاتَ فَكَإِتْلَافِهَا زَرْعَهُ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ اهـ. بِأَدْنَى تَصَرُّفٍ قَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا سَيَّبَهَا مَالِكُهَا يُخْرِجُهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِتَرْكِهَا فَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنْ لَمْ تَنْفَصِلْ عَنْ مِلْكِهِ ضَمِنَهَا وَأَنَّ مَا لَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا إنْ أَهْمَلَهَا بَلْ يَجِبُ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ الْحَاكِمِ وَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ اُنْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَيِّبْهَا الْمَالِكُ إلَخْ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي تَسْيِيبِ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّسْيِيبِ فِي وَقْتٍ اُعْتِيدَ التَّسْيِيبَ فِيهِ وَالتَّسْيِيبِ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّارِحَ تَنَبَّهْ بَعْدُ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ مَا ذَكَرَهُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَزَادَ قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ لَا يُفِيدُ جَمِيعَ التَّفْصِيلِ الَّذِي تَبَيَّنَ فِي هَذِهِ
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَادَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: نَعَمْ إنْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا فِيهِ أَيْ: فِي الْبَلَدِ بِلَا مُرَاقِبٍ اُتُّجِهَ عَدَمُ الضَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ الدَّابَّةَ فِي الْبَلَدِ تُرَاقَبُ وَلَا تُرْسَلُ وَحْدَهَا) قَدْ يُمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْعَادَةَ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا انْعَكَسَتْ الْعَادَةُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ إلَخْ) أَيْ: كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِي الْوَاسِعِ) فَلَا ضَمَانَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ. اهـ. وَاَلَّذِي فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَمْ
لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ خَشِيَ مِنْ بَقَائِهَا بِمِلْكِهِ إتْلَافَهَا لِشَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا بِهِ فَيُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا وَإِعْلَامُهُ بِهَا فَوْرًا، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلدَّابَّةِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ الثَّوْبِ، وَكَلَامُهُمْ فِي الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى الْأَوَّلِ وَهُنَا أَقْرَبُ إلَى الثَّانِي وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ، فَإِنْ قُلْت: يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ لَهُ هُنَا غَرَضًا صَحِيحًا فِي تَفْرِيغِ مِلْكِهِ، قُلْت: يَنْجَبِرُ ذَلِكَ بِأَنَّ عَلَى مَالِكِهَا أُجْرَةَ مَحَلِّهَا كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّ وُجُوبَ قَبُولِهَا لَا يَمْنَعُ أَخْذَ أُجْرَةِ حِرْزِهِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِتَقْيِيدِ إخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمَا إذَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ خَشْيَةَ الْإِتْلَافِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ حِفْظِهَا كَالْإِتْلَافِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَالِكَ حَيْثُ سَيَّبَهَا لَمْ يَضْمَنْ بِإِخْرَاجِهَا وَإِلَّا ضُمِنَتْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا لَمْ يُقَصِّرْ لَزِمَ رَدُّهَا إلَيْهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ، وَظَاهِرُ تَقْيِيدِ هَذَا بِمَا قَدَّمْته أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَخْشَ مِنْ بَقَائِهَا بِمِلْكِهِ إتْلَافَهَا لِشَيْءٍ، (إلَّا أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِي رَبْطِهَا) بِأَنْ أَحْكَمَهُ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَاحْتَاطَ عَلَى الْعَادَةِ فَخَرَجَتْ لَيْلًا لِنَحْوِ حَلِّهَا أَوْ فَتْحِ لِصٍّ لِلْبَابِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ.
الْحَاشِيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ إلَخْ) أَمَّا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: الْوَجْهُ الضَّمَانُ سم وع ش وَرُشَيْدِيٌّ وَخَالَفَهُ الْمُغْنِي فَقَالَ الْأَوْجَهُ: عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِتَعَدِّي الْمَالِكِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْأَوْجَهُ الضَّمَانُ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ بِالتَّضْيِيعِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ الضَّمَانُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنَّ الْأَوْجَهَ فِيهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَثَوْبٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَخْ)، وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ سَطْحِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ خَارِجَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مُغْنِي وَأَسْنَى وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَإِنْ تَنَخَّمَ فِي مَمَرِّ حَمَّامٍ فَزَلَقَ بِهَا أَيْ: بِنُخَامَتِهِ رَجُلٌ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ: عَدَمُ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: الضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ: إلَى الثَّانِي أَيْ: عَدَمِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: يُفَرَّقُ) أَيْ: بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ، وَقَوْلُهُ: هُنَا أَيْ: فِي الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ إلَخْ) أَيْ: لِمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: بِتَقْيِيدِ إخْرَاجِهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَخْ) أَيْ: فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ مِلْكِهِ إذَا لَمْ تُتْلِفْ شَيْئًا فَيَضْمَنُهَا مُخْرِجُهَا حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ الْإِتْلَافُ بِالْفِعْلِ لَا الْخَشْيَةِ الَّتِي هِيَ الْمُدَّعَى. (قَوْلُهُ: كَالْإِتْلَافِ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ إخْرَاجُهُ لَهَا عِنْدَ خَشْيَتِهِ الْإِتْلَافَ مُضَمِّنًا اهـ. ع ش أَيْ: مَعَ الْعَجْزِ عَنْ حِفْظِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ: بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا. (قَوْلُهُ: تَقْيِيدُ هَذَا) أَيْ: قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَإِلَّا ضَمِنَتْ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْفَرْضَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا. (قَوْلُ الْمَتْنِ: إلَّا أَنْ يُفَرِّطَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَحْكَمَهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَكَذَا إنْ كَانَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَحْكَمَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِأَنْ أَحْكَمَهُ فَانْحَلَّ أَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ عَلَيْهَا فَفَتَحَهُ لِصٌّ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ فَخَرَجَتْ لَيْلًا فَأَتْلَفَتْ زَرْعَ الْغَيْرِ فَلَا ضَمَانَ؛ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ) فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَصَاحِبُ الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي أَنَّهُ احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الرَّبْطَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ
يَتَعَرَّضُوا لِلْفَرْقِ بَيْنَ رَبْطِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ دُونَ إذْنِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ) أَمَّا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضِ وَفِي شَرْحِهِ: أَنَّ الْأَوْجَهَ الضَّمَانُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا، أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ أَيْ: فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي شَرْحِهِ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَحَدُهُمَا لَا لِتَعَدِّي الْمَالِكِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ بِالتَّضْيِيعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ نَفَّرَ شَخْصٌ دَابَّةً مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ أَوْ جَرَّ السَّيْلُ حَبًّا فَأَلْقَاهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَتَضْيِيعُهُ، فَيَنْبَغِي إذَا نَفَّرَهَا أَنْ لَا يُبَالِغَ بَلْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ مِنْهُ إلَى زَرْعِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ إلَى مَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ فِيمَا مَرَّ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ مَحْفُوفًا بِزَرْعِ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا سَيَّبَهَا الْمَالِكُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا فَيَضْمَنَهَا الْمُخْرِجُ لَهَا؛ إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ إشَارَةٌ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ مَا سَيَّبَهَا مَالِكُهَا يُخْرِجُهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِتَرْكِهَا فَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا وَإِنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا إنْ أَهْمَلَهَا، بَلْ يَجِبُ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ الْحَاكِمِ، قَالَا: وَيَدْفَعُهَا صَاحِبُ الزَّرْعِ عَنْ الزَّرْعِ دَفْعَ الصَّائِلِ فَإِنْ تَنَحَّتْ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ شُغْلَهَا مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لَا يُبِيحُ إضَاعَةَ مَالِ غَيْرِهِ. اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا امْتِنَاعُ إخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ سَيَّبَهَا الْمَالِكُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا، وَعَلَى هَذَا فَمِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَعَ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي تَنْفِيرِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْفَصِلْ عَنْ مِلْكِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ اُنْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَيِّبْهَا الْمَالِكُ إلَخْ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي تَسْيِيبِ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّسْيِيبَيْنِ فِيهِ وَالتَّسْيِيبِ فِي غَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ تَنَبَّهَ بَعْدُ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَزَادَ قَوْلَهُ: الْآتِيَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ
وَكَذَا لَوْ خَلَّاهَا بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ لَمْ يَعْتَدْ رَدَّهَا مِنْهُ لِلْمَنْزِلِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ بَعُدَ الْمَرْعَى عَنْ الْمَزَارِعِ وَفُرِضَ انْتِشَارُ الْبَهَائِمِ إلَى أَطْرَافِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُرْسِلِهَا إلَيْهِ لِمَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ، (أَوْ) فَرَّطَ مَالِكٌ مَا أَتْلَفَتْهُ كَأَنْ عَرَّضَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِطَرِيقِهَا أَوْ (حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ) مَثَلًا (وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا) عَنْهُ لِتَفْرِيطِهِ، نَعَمْ إنْ حَفَّ مَحَلَّهُ بِالْمَزَارِعِ وَلَزِمَ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْهُ دُخُولُهَا لَهَا لَزِمَهُ إبْقَاؤُهَا بِمَحَلِّهِ، وَيَضْمَنُ صَاحِبُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ أَيْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ فَمِهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي بِجَانِبِهِ زَرْعُ مَالِكِهَا، فَهَلْ لَهُ إخْرَاجُهَا إلَيْهِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إبْقَائِهَا بِمَحَلِّهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَالِكَهَا يَضْمَنُ مُتْلَفَهَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَتَهَاوَنَ أَنَّ لَهُ تَنْفِيرَهَا عَنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ بِحَيْثُ يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهَا، فَإِنْ زَادَ وَلَوْ دَاخِلَ مِلْكِهِ ضَمِنَ مَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَيَّبَهَا كَمَا مَرَّ (، وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ تَرَكَهُ مَفْتُوحًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ غَلْقِهِ
(. وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا) مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي تَعَلُّمِ الْجَارِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا اعْتَمَدَهُ وَشَيْخُنَا اعْتَمَدَ الِاكْتِفَاءَ بِمَرَّةٍ، وَقَالَ: إنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْعَادَةِ فِي الْحَيْضِ وَمَا قِسْت عَلَيْهِ أَنْسَبُ بِمَا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى. (ضَمِنَ مَالِكُهَا) يَعْنِي مَنْ يُؤْوِيهَا مَا دَامَ مُكِّنَ لَمْ يَمْلِكْهَا مُؤْوِيًا لَهَا أَيْ قَاصِدًا إيوَاءَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ (فِي الْأَصَحِّ لَيْلًا وَنَهَارًا)
تَصْدِيقُ صَاحِبِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الدَّابَّةِ وُجِدَ، وَاقْتِضَاؤُهُ هُوَ الْأَصْلُ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يُخَالِفُهُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَكَذَا) إلَى قَوْلِهِ: وَيُؤَيِّدُهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ خَلَّاهَا) أَيْ: لَا يَضْمَنُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَدْ رَدُّهَا) أَيْ: لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهَا اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ إلَخْ) فِيهِ تَوَقُّفٌ. (قَوْلُهُ: وَفَرْضُ انْتِشَارِ الْبَهَائِمِ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ عَطْفٌ عَلَى الْمَرْعَى أَيْ: وَبَعْدَ احْتِمَالِ انْتِشَارِ الْبَهَائِمِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لَيْلًا وَنَهَارًا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَرَضَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِطَرِيقِهَا) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ سَابِقًا: فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَوْ فَرَّطَ فِي رَبْطِهَا لَكِنْ حَضَرَ إلَخْ وَهِيَ أَحْسَنُ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا) أَيْ: حَتَّى أَتْلَفَتْهُ فَلَا يَضْمَنُ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُهُ الْجَزْمَ بِهِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَنْهُ؛ لِتَفْرِيطِهِ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ: قَبْلَ تَمَكُّنِهِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْ حَفَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنْ كَانَ زَرْعُهُ مَحْفُوفًا بِمَزَارِعِ النَّاسِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا إلَّا بِإِدْخَالِهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقِيَ مَالَ نَفْسِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ بَلْ يَصْبِرُ وَيُغَرِّمُ صَاحِبَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: دُخُولُهَا) أَيْ: الدَّابَّةِ لَهَا أَيْ: لِلْمَزَارِعِ وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْمَزَارِعِ دُونَ قِيمَةِ الَّذِي هِيَ فِيهِ كَقَصَبٍ وَغَيْرِهِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: قَبْلَ تَمَكُّنِهِ) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ فِي الْعَادَةِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ رَبْطِ فَمِهَا) أَيْ: رَبْطًا لَا يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنْ فَعَلَ بِهَا مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ ضَمِنَهَا، وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالدَّافِعُ فِي ذَلِكَ، فَالْمُصَدَّقُ الدَّافِعُ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهَا إلَيْهِ) زَادَ النِّهَايَةُ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا اهـ. أَيْ: تَسَاوِي الزَّرْعَيْنِ فِي الْقِيمَةِ ع ش وَقَالَ السَّيِّدُ عُمَرَ: بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ النِّهَايَةِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. أَيْ: فَإِنَّهُ يُفْهِمُ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ عِنْدَ نُقْصَانِ زَرْعِ مَالِكِهَا قِيمَةً عَنْ الزَّرْعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إنَّ لَهُ تَنْفِيرَهَا عَنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ نَفَّرَ مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا انْتَهَى ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا يَجِبُ رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ أَيْ: إلَى مَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ عَلَى مَا سَيَّبَهَا الْمَالِكُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْضَحُ فِي هَذَا مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ فَانْظُرْهَا وَانْظُرْ إذَا شَكَّ هَلْ سَيَّبَهَا الْمَالِكُ أَوْ لَا؟ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُسَيَّبَةِ أَوْ لَا؟ وَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ اهـ. سم أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: الْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْيِيبِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ثُمَّ إذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَيُؤْتَى حُكْمُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ الزَّرْعِ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ سم أَقُولُ: لَعَلَّهُ أَرَادَ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِذَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَشَيْخُنَا فِي الْمُغْنِي
. (قَوْلُهُ: وَشَيْخُنَا اعْتَمَدَ الِاكْتِفَاءَ بِمَرَّةٍ) وَافَقَهُ النِّهَايَةُ وَقَالَ ع ش: هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: أَوْ طَعَامًا) أَيْ: أَوْ غَيْرَهُمَا إنْ عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا أَيْ: عَهِدَ الْمَالِكُ وَنَحْوُهُ ذَلِكَ مِنْهَا اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمَا قِسْتَ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ تَعَلُّمِ الْجَارِحَةِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ يَأْوِيهَا) أَيْ: فَلَيْسَ مِلْكُهَا قَيْدًا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْغَيْرِ وَآوَاهَا غَيْرُهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ، وَإِلَّا فَالْهِرَّةُ تُمْلَكُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُبَاحَاتِ تُمْلَكُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا هَكَذَا ظَهَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ فَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟ اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ: وَيُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ قَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ: مَالِكُهَا مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ يَأْوِيهَا اهـ. ثُمَّ قَالَ الرَّوْضُ: وَالْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ لَا تُعْصَمُ وَلَا تُمْلَكُ وَلَا أَثَرَ لِلْيَدِ فِيهَا بِاخْتِصَاصٍ اهـ. وَقَالَ شَارِحُهُ: وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ اهـ. (قَوْلُهُ: مَنْ يُؤْوِيهَا) الْأَنْسَبُ لِمَا بَعْدَهُ مَنْ يَأْوِيهَا مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: قَاصِدًا إيوَاءَهَا) أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ تَفَقَّدَهَا وَفَتَّشَ عَلَيْهَا اهـ.
تَصْدِيقٌ لَا يُفِيدُ جَمِيعَ التَّفْصِيلِ الَّذِي تَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْحَاشِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَيَّبَهَا كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ هَذَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ خِلَافُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ نَفَّرَ مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا يَجِبُ رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ أَيْ إلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ إلَّا إنْ كَانَ لِمَالِكٍ سَيَّبَهَا فَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ عَلَى مَا سَيَّبَهَا الْمَالِكُ وَإِلَّا تُضْمَنُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: إذْ حَقُّهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهَا لِمَالِكِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْضَحُ فِي هَذَا مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ فَانْظُرْهَا وَانْظُرْ