المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بأحكام الله تعالى نتيجة الأصول، فهو متأخر.   قال: (وأما‌ ‌ استمداده: فمن - تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول - جـ ١

[يحيى بن موسى الرهوني]

الفصل: بأحكام الله تعالى نتيجة الأصول، فهو متأخر.   قال: (وأما‌ ‌ استمداده: فمن

بأحكام الله تعالى نتيجة الأصول، فهو متأخر.

قال: (وأما‌

‌ استمداده:

فمن الكلام والعربية والأحكام.

أما الكلام؛ فلتوقف معرفة الأدلة الكلية على معرفة الباري تعالى، وصدق المبلغ عليه السلام، وتتوقف على دلالة المعجزة.

وأما العربية؛ فلأن الأدلة من الكتاب والسنة عربية.

وأم الأحكام؛ فالمراد تصورها، ليمكن إثباتها أو نفيها، وإلا جاء الدور).

أقول: لما فرغ من الحد والفائدة، شرع في الاستمداد، والحصر في الثلاثة استقرائي.

وقال بعضهم: ما يتوقف عليه البحث في مسائل أصول الفقه، إما أن يكون مما تتوقف حجية الأدلة وإفادتها الأحكام عليه أو لا، والأول الكلام. والثاني إما أن يكون مما تتوقف عليه دلالات ألفاظ الأدلة الكلية أو لا، والأول العربية، والثاني تصور الأحكام؛ لأنه مما تتوقف عليه، والأصل عدم غيره.

أما الأول: فلتوقف موضوع العلم الذي هو الأدلة على تحقق كونها شرعية، لتوقف إفادتها شرعًا للأحكام عليه، والعلم بذلك يتوقف على معرفة وجود الصانع، ومعرفة صفاته، من كونه عالمًا، قادرًا، مريدًا،

ص: 157

متكلمًا، وعلى معرفة كونه باعثًا للرسل، وذلك يتوقف على معرفة صدقهم، ومعرفة ذلك يتوقف على دلالة المعجزة عليه، فمتى لم تعلم المعجزة لا يعلم صدق الرسول، ومتى لم يعلم صدق الرسول لا يعلم أن الكتاب [الذي جاء به] من عند / الله تعالى، ومتى لم يعلم أنه من الله تعالى، لم تعلم السنة.

فلم تثبت الأدلة، وإذا لم تثبت الأدلة الشرعية، لم تثبت إفادتها الأحكام وإنما قال:(الأدلة الكلية)؛ لأن الأدلة الإجمالية التي انبنت عليها الأدلة التفصيلية والأدلة التي ثبتت بها مسائل الأحكام تتوقف على المذكور، وذلك لا يعلم في غير علم الكلام.

وأما العربية: فلأن الأصولي يبحث عن عوارض الأدلة، وإذا لم يعلم دلالتها لا يمكنه البحث عن أعراضها.

ص: 158

والأدلة عربية؛ لأنها من الكتاب والسنة وهما عربيان، فيتوقف البحث على معرفة الأوضاع اللغوية من حيث الحقيقة والمجاز، ومعرفة ما يعرض للألفاظ من العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والحذف والإضمار، إلى غير ذلك، فتتوقف إفادتها للأحكام على معرفة ذلك.

وأما الأحكام؛ فلأن الأصولي يبحث عن كيفية تعلق الحكم الشرعي بفعل المكلف عن الأدلة التي هي الكتاب والسنة والإجماع، بان يبين كيفية استخراج الحكم من ذلك الدليل، وبأي جهة دل عليه، بمنطوق، أو بمفهوم، أو بدلالة اقتضاء، أو إيماء، أو إشارة، ويبين بماذا يثبت كل دليل.

[مثلًا]: أن الأمر يثبت الوجوب، والنهي التحريم، فما لم يتصور

ص: 159

الوجوب والتحريم، لا يمكنه استخراج الوجوب من الدليل؛ لأن الحكم على الوجوب بأنه يثبت بالأمر فرع تصور الوجوب، فيكون البحث عن الأعراض الذاتية للأدلة موقوفًا على تصور الأحكام الخمسة.

فالعلم بدلالة الدليل على الحكم يتوقف على تصور الحكم، وأما العلم بذات الأدلة فإنه لا يتوقف على تصور الأحكام، فإن تصور كون القرآن كذا لا يتوقف على تصور الأحكام، وليس الأصول مستمدًا من ثبوت الأحكام لأفعال المكلفين، وإلا لزم الدور؛ لأن العلم بثبوت الأحكام لأفعال المكلفين متأخر عن الأصول لاستفادته عنها، فلو كان مبدأً للأصول لكان متقدمًا، ولزم الدور.

لا يقال: إنما يلزم الدور لو كان من المبادئ العامة، بأن تكون كل مسألة من الأصول تتوقف على العلم بثبوت الأحكام لأفعال المكلفين، أما إذا كان بعض مسائل الأصول موقوفًا عليه، فلا دور، لجواز أن يكون الحكم مستفادًا من غير تلك المسائل من الأصول.

لأنا نقول: الحكم الواحد يتوقف على جميع الأصول، لتوقف نفس الدليل على المبادئ مما تقدم، ويتوقف الاستنباط على الاجتهاد والترجيح.

وأيضًا: استقرينا فلم نجد شيئًا منها يتوقف على العلم بثبوت الأحكام.

وقوله: (ليمكن إثباتها أو نفيها) ، أي لأفعال المكلفين، لا

ص: 160