الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الإمام الفقيه أحمد بن ادريس القرافي (*) مؤلف كتاب الفروق في القواعد الفقهية:
هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبى العلاء: ادريس بن عبد الرحمن ابن عبد الله الصنهاجي المصري: الإِمام العلامة، وحيدُ دهرِه، وفريدُ عصره - أحد الأعلام المشهورين، انتهت اليه رئاسة الفِقْه على مذهب مالك، رحمه الله تعالى، وَجَدَّ في طلب العلوم، فبلغ الغاية القصوى، فهو الإمام الحافظ، والبحر اللافظ، المفوه المنطيق، والآخذ بأنواع الترصيع والتطبيق دلت مصنفاته على غزارة فوائده، وأعربت عن حسن مقاصده، جمع فأوعى، وفاق أضرابه جنسا ونوعا.
كان اماما بارعا في الفقه، والأصول، والعلوم العقلية، وله معرفة بالتفسير، وتخرج به جمع من الفضلاء، وأخذ كثيرا من علومه عن الشيخ الامام العلامة الملقب بسلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وأخذ عن الإِمام العلامة شرف الدين: محمد بن عمران الشهير بالشريف الكوكي، وعن قاضي القضاة شمس الدين: أبى بكر محمد بن ابراهيم بن عبد الواحد المقدسى، سمع عليه مصنفه كتاب "وصول ثواب القرآن".
كان أحسن من ألقى الدروس، وحَلَّي من بديع كلامه نحور الطروس، ان عرضت حادثة فبحسن توضيحه تزول، وبعزيمته تحول، فلفقده لسان الحال يقول:
حلف الزمان لياتين بمثله
…
حنِثَتْ يمينك يا زمانُ فكفر
سارت مصنفاته مسير الشمس! ورزق فيها الحظ السامي عن اللمس! مباحثه كالرياض المؤنقة! والحدائق المورقة! تتنزه فيها الأسماع دون الأبصار! ويجني الفكر ما بها
(*) الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب. لابن فرحون المالكي جـ 1، دار التراث للطبع والنشر، القاهرة.
من أزهار وأثمار! كم حرر مناط الإِشكال؟ ! وفاق أضرابه النظراء والأشكال؟ ! وألف كتبا مفيدة انعقد على كمالها لسان الإِجماع! وتشنفت بسماعها الأسماع. منها: كتاب "الذخيرة" في الفقه، من أجَلِّ كتب المالكية. وكتاب "القواعد" الذي لم يُسْبق الى مثله ولا أتى أحد بعده بشبهه، وكتاب "شرح التهذيب"، وكتاب "شرح الجلاب" وكتاب "شرح محصول الإِمام فخر الدين الرازي" وكتاب "التعليقات على المنتخَب" وكتاب "التنقيح" في أصول الفقه، وهو مقدمة "الذخيرة" وشرحه كتاب مفيد، وكتاب "الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة" في الرد على أهل الكتاب، وكتاب "الأمنية في ادراك النية"، وكتاب "الاستغناء في أحكام الاستثناء"، وكتاب "الإِحكام، في الفرق بين الفتاوى والأحكام" اشتمل على فوائد غزيرة، وكتاب "اليواقيت في أحكام المواقيت"، وكتاب "شرح الاربعين" لفخر الدين الرازي في أصول الدين.
وكتاب "الانتقاد في الاعتقاد" وكتاب "المنجيات والموبقات": في الأدعية وما يجوز منها، وما يكره، وما يحرم. وكتاب "الإبصار في مدركات الأبصار" وكتاب "البيان في تعليق الأيمان" وكتاب "العموم ورفعه"، وكتاب "الاجوبة عن الأسئلة الواردة على خطب ابن نباتة" وكتاب "الاحتمالات المرجوة" وكتاب "البارز للكفاح في الميدان" وغير ذلك.
قال الشيخ شمس الدين ابن علان الشافعي: أخبرني خالي الحافظ شيخ الشافعية بالديار المصرية أن شهاب الدين القرافي حرر أحد عشر علما في ثمانية أشهر - أو قال: ثمانية علوم في أحد عشر شهرا.
وذكر عِن قاضى القضاة تقي الدين بن بكر - قال: أجمع الشافعية والمالكية على أنَّ أفضل أهل عصرنا بالديار المصرية ثلاثة: القرافي بمصر القديمة، والشيخ ناصر الدين بن منير بالاسكندرية، والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد بالقاهرة المعزية، كلهم مالكية، خلا الشيخ تقي الدين، فإنه جمع بين المذهبين.
قال أبو عبيد الله بن رشيد. وذكر لي بعض تلامذته أن سبب شهرته بالقرافي أنه لما أراد أن يثبت اسمه في بيت الدرس كان حينئذ غائبا فلم يعرف اسمه، وكان إذا جاء للدرس يقبل من جهة القرافة، فكتب القرافي، فجرت عليه هذه النسبة.
وتوفي رحمه الله بدير الطين في جمادى الآخرة عام أربعة وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة.
وكان القرافي رحمه الله كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين:
وإذا جلست الى الرجال وأشرقت
…
في جو باطنك العلوم الشرد
فاحذر مناظرة الحسود، فإنما
…
تغتاظ أنت ويستفيد ويحرد
وكان كثيرا ما يتمثل بقول محيى الدين، المعروف بحافي رأسه:
عتبت على الدنيا، لتقديم جاهل
…
وتأخير ذى علم فقالت خذ العذرا
بنو الجهل أبنائى، وكُلُّ فضيلة
…
فأبناؤها أبناء ضرتيَ الأخْرَى