الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القواعد الأصولية
ولنبدأ بالمتعلق منها بالأمر والنهى وما يتعلق بذلك.
ومَبْلغها سبع وعشرون (*):
القاعدة الأولى: (1) نقرر فيها ما معنى خطاب التكليف وما معنى خطاب الوضع، ونقرر الفرق بينهما، فنقول:
خطاب التكليف يطلقه الأصوليون على الخطاب المتعلق به حكم من الأحكام الخمسة: الوجوب، والحظر، والندْب، والكراهة، والإباحة، وكانَ أصله ألَّا يقال إلا على ما فيه كلفة، وذلك الحرام والواجب، ولكنه اُطْلِقَ على ما ذكرناه اصطلاحًا.
وخطاب الوضع هو الخطاب بِنَصْب الأسباب ونصْب الشروط ونصْب المَوانع ونصْبِ التقادير الشرعية.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ساق 28 قاعدة
(1)
هي موضوع الفرق السادس والعشرين بين قاعدة خطاب التكليف وقاعدة خطاب الوضع، جـ 1، ص 161.
قال عنه القرافي رحمه الله، مبرزا أهميته بين بقية الفروق الأخرى في كتابه: "وهذا الفرق أيضا عظيم القدْر، جليل الخطَر، وبتحقيقه تنفرج امور عظيمة من الإشكالات، وترد إشكالات عظيمة أيضا في بعض الفروع. وسأبين لك ذلك في هذا الفرق إن شاء الله تعالى. قال: وتحرير القاعدتين أن خطاب التكليف في اصطلاح العلماء هو الاحكام الخمسة .. وأما خطاب الوضع فهو خطاب بنصْب الاسباب كالزوال ورؤية الهلال، ونصب الشروط كالحول في الزكاة، والطهارة في الصلاة، ونصب الموانع كالحيض مانع من الصلاة، والقتل مانع من الإرث، ونصْب التقادير الشرعية، وهي إعطاء الموجود حكم المعدوم، أو المعدوم حكم الموجود، كما نقدر رفع الاباحة بالرد بالعيب بعد ثبوتها قبل الرَّد، ونقول: ارْتفع العقد من أصله لا من حينه على أحد القولين للعلماء
…
إلح.
وقد علَّق الفقيه العلامة المحقق قاسم ابن الشاط الأنصارى رحمه الله على كلام الامام شهاب الدكن القرافي رحمه الله في هذا الفرق فقال: ما قاله القرافي في هذا الفرق صحيح، غير قوله "ونقدر وجود الملك لمن قال لغيره: أعتِقْ عبدك عَنِّي لِتثْبتَ له الكفارة والولاء مع أنه لا مِلْكَ له، ونُقدر المِلْكَ قي دية المقتول خطأ قبل موته حتى يصح فيها الإرث "، فإنه ليس بصحيح، وقد سبق التنبيه على ذلك قبل هذا.
ثم انه يُشتَرط في خطاب التكليف علْمُ المكلَّف وقدْرتُه على ذلك الفعلِ، وكونُهُ من كسبه، بِخلاف خطاب الوضع لا يشترط فيه ذلك، غيرَ أنه استثنى الشارع في خطاب الوضع قاعدتين يشترط فيهما العلم والقدرة (2):
القاعدة الأولى: أسباب العقوبات وهي الجنايات (3).
فالقصاص يشترط فيه العلم والقدرة والقصد. فلا قصاص في قتل الخطأ، ولاحد على المكرَه على الزنى، ولا على من وطئ أجنبية يظن أنها زوجته، (4) ولا على شارب خمر يعتقدهُ خَلًّا، فمِثلُ هذه الأسباب يُشترَط فيها العلمُ والقدرة والإرادة، واستثناء هذه القاعدة رحمة من الشارع، ولطفٌ منه (5)، لأن الغالب على نظر الله قلبُ العبد. (6)
القاعدة الثانية المستثناة: قاعدة أسباب انتقال الأملاك، كالبيع والهبة والصدقة وغير ذلك مما ينتقل به المِلْكُ، هذا كقوله صلى الله عليه وسلم "لا يحل مال امرئ
(2) قال ابن الشاط هنا: ما قاله القرافي في ذلك صحيح.
(3)
عبارة القرافي هنا كثر ظهورًا ووضوحًا حيث قال:
القاعدة الأولى: الأسباب التي هي أسباب للعقوبات، وهي جنايات، كالقتل الموجب للقصاص، يشترط فيه القدرة والعلم والقصد
…
الخ.
(4)
في نسخة ح: زوجة بالتنوين والتنكير، والمعنى لا يختلف عنه في التعريف.
(5)
في كل من نسختي ع، وح: ولطفا به، والذى هو موجود في نسخة أخرى، لطف عل اعتبار أن كلمة لطف معطوفة عل كلمة رحمة، وهي خبر للمبتدأ الذى هو كلمة استثناء، واللطف يكون من الشارع، وهو الله حقيقة، والنبي صلى الله عليه وسلم مجازا، اذ هو مبلغ عن الله رسالته إلى العباد، ويكون اللطف بالعباد فيما شرعه الله لهم من أحكام ميسرة، وما أودعه فها من مقاصد حكم وأسرار مثلما يكون بالرحمة بهم في كل الاحوال. عل حد قوله تعال:{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} .
(6)
هذا التعبير بالغالب يظهر غير مناسب، في جانب الله تعالى، إذ نظر الله إلى قلوب العباد دائم ومستمر، والانسان يعامل ويؤاخَذ عند الله تعالى بما في قلبه، وبما نتج عن اعتقاده من عمل صالح وغيره. وفي الحديث الصحيح:(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) وقال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} .
والله أعلم، والموفق لكل صواب في القول والعمل.
مسلم إلا عَن طيب نفسه" (7) ولا يحصل الرضى إلا مع الشعور والإرادة والمُكْنَةِ من التصرف. (8)
إذا تقرر هذا، فأزيد ذلك (9) بيانا بذكر ثلاث مسائل:(10)
المسألة الأولى:
إعْلَم أن خطاب الوضع قد يجتمع مع خطاب التكليف، وقد ينفرد كل واحد منهما بنفسه.
أمّا اجتماعهما فكالزنى فإنه حرامٌ، فهو خطابُ تكليفٍ، وهو سَبب الحَدِّ، وهو من هذا الوجه خطابُ وضْعٍ؛ وهذا كثير في الشريعة الاسلامية. وانفرادُ خطاب الوضع كالزوال وطلوع الهلال، ودَوران الحولِ ونحوها. وخطاب التكليف بدون خطاب الوضع كأداء الواجباتِ واجتناب المحرّمات.
(7) أوْرَده السيد سابق في كتابه فقه السنة، نقلا عن الإمام الدارقطني رحمه الله، ورواية عن أنس بن مالك رضى الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يَحِل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه.
(8)
علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عنذ القرافي في استثناء هاتين القاعدتَيْن فقال في الأولى: ليس ذلك باستثناء من خطاب الوضع، ولكنه ازدواج في هذه الامور خطاب التكليف والوضع، فلحقها اشتراط العقل وما معه من جهة خطاب التكليف لا من جهة خطاب الوضع، فإنه يرتفع التكليف مع عدم تلك الاوصاف، فيرتفع خطاب الوضع المرتب عليه، والله أعلم.
وقال في تعليقه على القاعدة الثانية:
هى أيضا ليست بمستثناة من خطاب الوضع، ولكن ازدوج فيها الخطابان، أما خطاب الوضع فظاهر، وأما خطاب التكليف فمن جهة إباحة تلك التصرفات، لكنها لم تُبْحْ إلا مع العلم والاختيار والرشد، فإذا وقعت عارية عن تلك الأوصاف، غير مصاحبة لها، لم تترتب عليها مسبباتها من وجوه انتقال الأملاك، والذى يوضح ذلك أن اشتراط العلم وما معه في خطاب التكليف مناسب ومطرد، واشتراطه في خطاب الوضع غير مناسب ولا مطرد
…
الخ.
(9)
في نسخة ح: فأزيده لك.
(10)
قال ابن الشاط: ما قاله القرافي فيها صحيح، والله أعلم.
ولا نقول (11) في مثل هذه: إنها أسباب أيضا من حيث إنها سبب لبراءة الذمة، لأن برآة الذمة ليس من فعل المكلف، ونحن ما نسمى السبب إلا ما كان كذلك.
المسألة الثانية
الصَبيُّ إذا أفْسَدَ مالًا على غيره وَجَب على وليه جَبْرُ ذلك من مال الصبي، فالإتلاف سببُ الضمان، وهو من خطاب الوضع، فإذا بلغ الصبيُّ، ولم تكن القيمة أخذَتْ من مالِهِ وجبَ عليه إخراجُها من ماله بعد بلوغه، فقد تقدم السبب وتأخر أثره إلى بعد البلوغ، ومقتضى هذا أن ينعقد بيعُهُ ونكاحهُ وطلاقه، فإنها أسبابٌ من باب خطاب الوضع الذى لا يُشترط فيه التكليفُ فَينعقدُ من الصبي العالِم، الراضى بانتِقَال ملكه، لأجْل ما تقدم في القاعدتين، والرضَى من الاُسباب، ويتأخر الحكم إلى بعد البلوغ، فيُقضَى (12) حينئذ بالتحريم أو غيره كما تأخر ايجاب الضمان إلى بعد البلوغ، قياسا على الضمان. (13)
قال شهاب الدين رحمه الله:
ولَمْ أرَ أحدًا قالَ بِه، ثم قال:
والجوابُ، الفرقُ بين الضمانِ وهذهِ الامور من وجهين:
الوجْهُ الأول: أن هذه الأمور يشترطُ فيها الرضَى وإن كانت من باب خطاب الوضع كما قررناه في القاعدتين. والرضى من الصبي معدومٌ شرعًا، والمعدومُ
(11) في نسخة ح: ولا يقال.
(12)
في نسخة ع: فيقضى بالياء، مبنيا للفاعل، والصواب والأظهر فيقْضى بضم الياء وفتح الضاد مبنيا للمجهول) أى فيقضي الفقيه والمفتي أو القاضي ممن له أهلية الفتوى والقضاء.
(13)
علق الفقيه ابن الشاط على هذه المسألة فقال: ما قاله القرافي فيها صحيح، غير قوله: قد تقدّم استثناء قاعدة الاملاك بن قاعدة خطاب الوضع"، فإنه قد سبق التنبيه على ما فيه وإنما لم تصحَّ تلك الأمور من الصبي لأنه يشترط فها اعتبار المصالح، والصبي ليس بأهل لذلك، والله أعلم.
شرعا كالمعدوم حِسًّا، إذ الشارع لمّا علِم عدَمَ معرفته بمصلحته لم يَعتبرْ رضاه رضىً، وغير الراضى لا يلزمه شئ مِمَّا ذكر، وقاعدة الإِتلاف لا أثر فيها للرضى الْبَتَّةَ.
الوجه الثاني: أن أثر الطلاق التحريم، وأثر البيع الإلزامُ، والصبيّ ليس أهلًا للتكليف بالتحريم والإلزامِ.
فإن قيل: تتأخرُ هذه الاحكام كما تأخر الإلزامُ دَفعْ القيمة (14)، قيل: الفرق أن تأخُّرَ المسبَّبَاتِ في أسبابها خلاف الأصل. وخولف هذا الأصل في الإتلاف، لضرورة حق الْآدَمى، مخافة أن يذهب مالُه مَجَّانا، ولا ضرورةَ تدعو لتقديم الطلاق وتأخير التحريم. (15).
المسألة الثالثة:
الطهارة، وسَتْر العورة، واستقبال القِبلة في الصلاة، الفتاوى متطابقة على أنها واجبة، مع أن المكلف لو توضأ قبل الوقت، واستتر، واستقبل الكعبة، ثم جاء الوقتُ وهو على تلك الصورة وصلى من غير أن يجدد فعلًا البتَّة (16) في هذه الثلاثة، أجزأته صلاته إجماعا، وفعْلُه قبل الوقت لا يوصَف بالوجوب (17)، فإن
(14) كذا في نسخة ع، وح، وفي نسخة أخرى: كما تأخر زمان دفع القيمة.
وعبارة الفروق: فإن قيل: فلِمَ لَا تتأخر هذه الأحكام بعذ البلوغ كما تأخر إلزام دفع القيمة؟ قلت: الفرق الخ
…
وهي عبارة اكثر ظهورا ووضوحا في سلامة اللفظ والدلالة عل المعنى.
(15)
زاد القرافي رحمه الله هنا في آخر هذه الفقرة قوله: بل إذا اسقطنا الطلاق واستصحبنا العصمة لم يلزم فساد ولا تفوت ضرورة، وكذلك إذا أبقينا الملك في البيع للصبي كنا موافقين للاصل، ولا يلزم محذور، البتة، أما لو أسقطا إتلافه ولم نعتبره لضاع مال المجني عليه وتلف، وتعَيَّن ضرره، وهذا فرق كبير، فتأملْه.
(16)
في نسخة ح: فِعْلَ النية. والذى في كتاب الفروق للامام القرافي رحمه الله، وكذلك في حاشتيه لعمدة المحققين ابن الشاط رحمه الله هو ما في نسخة الخزانة العامة، وهو: "من غير أن يُجَدِد فِعْلا البتَّةَ. وهو أظهر، في المعنى فليراجِع وليُحَقَّقْ.
(17)
علق الفقيه ابن الشاط على هذه الجملة عند القرافي بقوله: قول القرافي: "وفعْلُهُ قبلَ الوقت لا يوصف بالوجوب" ممْنوع، بل يوصف بالوجوب عند من يقول غنه من الواجب الموسَّع.
الوجوب لهذه متأخر عن وجوب الصلاة، والصلاة متأخرة عن زوال الشمس مثلا، فَقَبْلَ سبَبِ الوجوب لا وجوبَ
فإن قلنا: لا وجوبَ، قَامَ مَعَنا اشكال آخرُ وهو: فكَيْفَ أجزأ ما ليس بواجِب عما هو اجب، والقاعدة المقررة خلاف هذا، ولَمَّا توجه الإشكال اضْطَرَبَتْ أجْوِبة الفقهاء.
فقال القاضى: أبو بكر ابن العربي: "الوضوءُ واجبٌ وجوبًا مُوَسَّعا قبل الوقت وفي الوقت"(18). وهذا لا يصح، لأن ما ترتب حكمُه على سببٍ لا يتقدم سَبَبَه، وهو مرتب على ما رتب على الزوال أو غيره من الاسباب للصلوات، فالوضوء وسيلة للصلاة التى هي مقصُودة، ووجوبُ الوسائل تَبَع لِوجوبِ المَقَاصِد.
وقال غيْرُهُ: تَقَعُ غيرَ واجبةٍ وأجزَأتْ عن الواجب إجماعا، فهى مستثناة بالإجماع، وهذا لا يصح، لأن المجمع عليه الإجزاء، وأما أنها مستثناة بالإجماع فلا.
وقال آخَرُ: دوام ذلك فِعْل له، فَيَجبُ عليه الدوام على ذلك الحال عند دخول الوقتِ وقد فَعَلَهُ، وهذا - ايضًا - غيرُ مرضي، فإنَّا لا نقول: دوام تلك الحالة فِعْل لها، لأنه قد يدوم وهو غير شاعِر بها، وشرطُ الفعلِ المعتبَرِ في السّنِّة شعورُ فاعِله بِهِ.
وقال شهاب الدين: الجوابُ الصحيحْ عندي، أن نَقُولَ: هذه الاشياء قد
= وقوله: فقبْل سبَب الوجوب لا وجوب، ذلك مسلَم، لكن ليس سبب وجوب الطهارة المعيَّنة هو بعينه سبب وجوب الصلاة المعينة بل العزْم على استباحتها بتلك الطهارة، ولا استحالة في مغايَرة سبب المشروط سببَ الشرط، فإن هذه الأمورَ وضْعِيَّة تقع بِحسب قصد واضعها، والله أعلمُ.
(18)
قال القرافي: وهذا احسن الأجوبة التي رأيتُها، وهو لا يصح
…
الخ ما ذكره القراني والبقوري، وعلق ابن الشاط هنا على كلام ابن العربي فقال: ما قاله الامام ابو بكر صحيح، والله أعلم، وعلى ما قاله القرافي من أن الوجوب قبل سببه لا يُعقل في الشريعة لا مضيقا ولا موسَّعا، بأنه أمر مسلم.
تكون من خطاب الوضع وقد تكون من خطاب التكليف (19)، فإن كان لم يفعل شيئا من ذلك حتى دخل الوقتُ فَفِعْلُهُ لَها امتثالٌ لخطاب التكليف، ، وإن كان قد فَعلها قبل دخول الوقت فهي من خطاب الوضع لا من خطاب التكليف. غايةُ ما فيه أن يقال: يجبُ الوضوءُ في حالةٍ دون حالة، وهذا لا مُنْكر فيه، فإن شأن الشريعة تخصِيص الوجوبِ ببعض الحالاتِ وَبَعْضِ الأزمنة وبَعْضِ الأشخاص (20).
القاعدة الثانية (21):
نقرر فيها فرض العين وفرضَ الكفاية، ليتحقق الفرق بينهما بذلك فنقول: الأفعال قسمان: منها ما تَتَكرر مصلحته بتكرره، ومنها ما لا تتكرر مصلحته بتكرره. فالقسم الأول شرعَهُ صاحبُ الشرعٍ على الأعيان تكريرا للمصلحته بتكرر ذلك الفعل. والثاني جعله على الكفاية، نفيًا للعبث في الأفعال، وهذا كإنقاذ غريق إذا بادر لإنقاذه أحد، فنزول غيره بعد ذلك لا مصلحة فيه، والأمرُ به من باب العبَث.
(19) عبارة القرافي: "والجواب الصحيح عندي أن هذه الأمور الثلاثة: الطهارة والستارة والاستِقبال شروط، فهى من خطاب الوضع، وخطاب الوضع لا يشترط فيه فعل المكلف ولا علمُه ولا إرادتُه، فإن دخل الوقت وهو غير متطهر ولا لابس ولا مستقبلٍ، توجّه التكليف عليه بهذه الامور وتحصيلها، فاجتمع فيها حينئذ خطاب الوضع وَخطاب التكليف، وإن دخل الوقت وهو متطهر لابِسٌ مستقبِل، اندفع خطاب التكليف وبقي خطاب الوضع خاصة، فأجزأته الصلاة لوجود شروطها، وليس من شرط خطاب الوضع أن يجتمع معه خطاب التكليف، ولا يحتاج إلى شئ من تلك التعسفات، بل تُخَرجه على قعدة خطاب الوضع، ولا يلزم منه مخالفة قاعدة، البتَّة.
(20)
وعلق ابن الشاط على كلام القرافي هذا بقوله: "فإذا اجتمع فيها (اى في هذا الامور والاشياء الثلاثة) خطاب الوضع مع خطاب التكليف لزم اشتراط فعل المكلف وعلمِه وارادتِه، ثم قال ابن الشاط:
إنه مسَلَّمٌ أنه ليس من شرط خِطاب الوضع اجتماعه مع خطاب التكليف، ولكن الكلام إنما وقع في امور اجتمع فيها الخطابان معا". اهـ
(21)
هي موضوع الفرق الثالث عشر بين قاعدتي فرض الكفاية وفرض العين، وضابط كل واحد منهما وتحقيقه، بحيث لا يلتبِس بغيره" جـ 1، ص 116.
فإذا تقرر هذا فاعلَمْ أن الكفايةَ والأعيان يُتصَوّران في الواجباتِ وفي المندوبات، كصلاة الظهر، والصلاة على الجنازة، وكالأذان والوِتر.
ولْنَذْكُر هنا مسائل:
المسألة الأولى:
يكفي في سقوط المامور به على الكفاية ظنُّ الفعل لا وقوعُه تحقيقا، حتى لو غَلَبَ على ظن كل طائفة ذلك سقطَ عن الجميع (22).
سؤال: إذا كان الوجوب متَقررًا على الجميع فكيف سقط عمن لم يَفعَلْ، بفعلِ غيره، والعبادةُ البدنية، القاعدة فيها أنه لا يُجْزِئ فيها فِعْلُ أحدٍ عن أحد، فكيف وقعت التسويةُ بين من فَعَلَ ومَنْ لم يفعل؟
جوابه أن سبب السقوط ليس فِعْلَ أحد، بل سَبَبُه انَّهُ ما في فعله - حينئذ - حكمة (23).
قلت: سببُ السبب سببٌ، وفعْلُ الغير سببٌ لئلَّا يبْقَى في فعله حكمة فهو سبب.
والحق أن القاعدة ليسَتْ بحق على الاطلاق.، وسياتي الكلام عليها في موضِعها.
(22) علق الشيخ ابن الشاط على على ما جاء في هذه المسألة الاولى من هذا الفرق عند القرافي فقال: ما قاله في هذا الفرق صحيح، غير قوله:"يكفي في سقوط المامور به على الكفاية ظن الفعل"، فإنه يحتمل أن يقال: لا يكفي الظن، وغير اطلاقه لفظ السقوط عمن لم يفعل، فإن كان يريد أن الوجوب توجه على الجميع ثم سقط عن البعض، فليس ذلك بصحيح، وان أراد بلفظ السقوط أنه لم يجب عليه وأطلق اللفظ مجازا، فهو صحيح. اهـ كلام ابن الشاط رحمه الله.
فإن قيل: يتعذر القطع، فالجواب لا يتعذر القطع بالشروع في الفعل والتهيؤ والاستعداد. أما بتحصيل الغاية فيتعذر، فها هنا يكفي الظن في المقدمات لا في المبادئ.
(23)
هذا السؤال والجواب عنه هو مما ذكره الامام القرافي في المسألة الثانية من المسائل الاربعة التي ذكرها في الفرق الثالث عشر لتحقيق الفرق بين قاعدتي فرض الكفاية وفرض العين، وضابط كل منهما، ليس من وضع الشيخ البقوري هنا كما قد يتبادر إلى الذهن.
قال شهاب الدين رحمه الله:
وأما التسويةُ فما هي الا من حيث السقوط عنهما معا، وأما من حيث الثوابُ فلا، من فعل فله الثوابُ دون من لم يفعل.
المسألة الثانية:
نقل صاحب الطراز (24) أنَّ اللاحِقَ بالمجاهدين بعد أن كان سقط الفرض عنهُ يقع فعلُهُ فَرْضًا بَعْدَ ما لم يكن واجبا عليه (25)، وعلل ذلك بأن مصلحة الوجوب لم تحصل بعدُ، وما وقعت الا بفعل الجميع، فوجبَ أن يكون فعل الجميع واجبا، لأن الوجوب يتبع المصالح.
قلت: فَيَلْزَمُ على هذا ألَّا يسقط فرض الكفاية عنْ أحدٍ إلا بعد وقوع ذلك الفرض، ولذا كان الامر هكذا فقد سقط السؤال حيث قلت: وقع فعْلُه فرضا بعد مَا لم يكن واجبا.
قال شهاب الدين رحمه الله:
سؤال: هذه المسألةُ نَقْضٌ كبيرٌ على حد الواجب، فإما أن تصح الحدود المذكورة للواجب، المفيدةُ أنَّه لا سبيل إلى تركه ويبطُل هذا الذىْ قَلتم هنا، وإما أن يَصح فتبطل الحدود. (26)
(24) صاحب الطراز، المراد به مُحِب الدين الشيخ احمد بن عبد الله الطبرى الشافعى المتوفى سنة 694 هـ، مؤلف كتاب: الطراز المذهب في تلخيص المذهب.
(25)
هكذا في نسخة ح، ونسخة أخرى، وفي كتاب الفروق. وفي نسخة ع: يقع فعله فرضًا ما لم يكن واجبا عليه، حيث سقطت كلمة بعد، وهي ضرورية لسلامة المعنى وصحته، ولعَلَّ سقوطها من الناسخ لهذه النسخة، حيث إِنها ثابتة بعد في عبارة آتيه، وموجودة في الاصل، وفي نسختين أخرييْن من هذا الترتيب. والاختصار.
(26)
العبارة المفصلة عند القرافي في. هذه المسألة تزيدها وضوحا وبيانا اكثر وهي:
"هذه المسألة نقض كبير على حد الواجب بأى حد حددتموه، فإن هذا اللاحِقِ بالمجاهدين أو غيرهم كان له الترك إجماعا من غير ذم ولا لَوْمٍ ولا استحقاق عقاب، ومع ذلك فَقَد وصفتُم فعله بالوجوب، فقد اجتمع الوجوب وعدَمُ الذَّم على ترْكِه، وهذا يناقض حدود الواجب كلها، وهذا سؤال صعب، فيلزمُ إما بطلان تلك الحدود أو بطلانُ هذ القاعدة، والكل صعب جدا. والجواب عن هذا السؤال أن نقول: الخ
…
والجواب أن نقول: الوجُوبُ في هذه الصورة مشروط بالاتصال والاجتماع مع الفاعلين، ولاشك أنه ان تُرك مع الاجتماع أثِم، والتركُ مع الاجتماع لا يُتصور إلا إذا تركَ (27) الجميعُ، والعقاب - حينئذ - يتحقق. والقاعدة أن الوجوبَ المشروط بشروط ينتفي عند انتفاء الشرط الذي له، فإن كان منفردا عنهم كان شرط الوجوب مفقودا فذهب الوجوب، ولا عجبَ أن يكون الوجوب مشروطا بشرط الاتصال، ومفقودا عند الانفصال.
المسألة الثالثة
قال رحمه الله، : مُقتضى (28) ما قررتم من ضابط فرض الكفاية وَفَرض. العَين ألَّا تكُونَ صلاة الجنازة فرض كفاية، فإن مصلحتها المغفرة للميت، ولم تحصل بتحقيق (29)، فالجواب أنا لا نطلب حصولها بتحقيق، بل المطلوب حصولُ ظن المغفرة وهو حاصل. (30)
القاعدة الثالثة (31)
نريد أن نقرر فيها الفرق بين قولنا: الأمر. المطْلَق، وبيْنَ قولنَا:
مُطْلَقُ الأمرِ، وكذا مالَه من نظائر، كقولنا: البيعُ المطلَق، ومطلَقُ البِيْع، فقال رحمه الله:
(27) في نسخة ح: تركَهُ، بذكر الضمير المنصوب على انه مفعول به. وهو اكثر ظهورا ووضوحا في المعنى حتى لا يسبق إلى الذهْن أن الجميع هو المنصوب على أنه مفعول به.
(28)
في ح: يقتضى، والأولى أظهر، وهي ما في كتاب الفروق.
(29)
قال هنا شهاب الدين الفرافي رحمه الله: "فإن الدعاء مظنة الاجابة، فاندرجت صلاة الجنازة في فروض الكفاية وامتنعَتْ الإعادة، لحصول المصلحة التي هي معتمدُ الوجوب كما قاله مالك، ولم تبق إلا مصلحة تكثير الدعاء، وهي مصلحة نَدْبية. غير أن الشافعي رحمه الله يساعد على أن صلاة الجنازة لا يُتنقَّل بها، ولا تقعُ إلا واجبةَ، ولَا تقع مندوبةَ أصْلًا، فامتنعت الإعادة، وكانت هذه القاعدة حجة عليه" أى حيث إن الشافعي يَرَى مشروعية إعادتها لان مصلحتها المغفرة ولم تحصل بالقطع.
(30)
لأن مصلحة الجنازة هي كما يقولُ القرافي، حصول المغفرة ظنًا او قطعًا، والثاني متعذر، فبقي الاول.
(31)
هي موضوع الفرق الخامس عشر بين قاعدتي الامر المطلق ومطلق الامر
…
" جـ 1. ص 127.
هما مختلفان، وبهذا يصْدُقُ قَولنا: مطلَق البيع حلالٌ إجماعا، ويصدق - أيضا -: البيع المطلق لم يثبت فيه الحلّ بالاجماع ثم قرر هذه المخالفة بأن قال:
إذَا قلتَ: البيع المطلق فقد أدخلت الالف واللام على البيع، وذلك سببٌ لشمول جمبع أفراد البيع، بحيثُ لم يَبْقَ بَيْعٌ إلا دخل فيه، ثم وصفنَاه بعْد ذلك بالِإطلاق بمعنى أنه لم يقيد يُوجبُ تخصيصه من شرط أو صفةٍ أَو غير ذلك من اللواحِقِ (32).
وأما إذا قلنا: مطلق البيع فقد أثرنا بقولنا: "مطلَقُ البيع" إلى القدْر المشترك بين جميع البَيَاعَاتِ، وهو مسمى البيْع الذى يصدُق بفردٍ من أفراده، ثم أضيفَ هذا المطلَقُ - المشار اليه إلى البيع، ليتميزَ عَنْ مُطلَقِ الحَيَوانِ (33) وغير ذلك.
القاعدة الرابعة (34):
نقرر فيها الفرق بين خطاب غير المعين والخطاب الغير المعيّن فنقول:
أما من حيث مقتضى الألفاظ فظاهرٌ أن المراد بخطاب غير المعَيَّنِ أن يكون المكلف الذي توجَّه الخطابُ نحوَه غيرَ معيَّن، والخطاب الغير المعين، المراد به الخطاب بالشئ الذي وقع التكليف به هو المبهم، وفيه عدم التعيين. وما أردنا تَبْيِينَ هذا كما أردنا الفرق بين الامر الطلق ومطلق الامر، وانما أردنا أن نبين الفرق
(32) علق ابن الشاط على هذا بقوله: ما قاله القرافي مبني على أن الالف واللام الداخلتين على أسماء الاجناس تقتضي العموم والاستغراق، وفي ذلك خلاف، وكان من حقه أن يفصل فبقول: إذا قال القائل: الامر المطلق، فلا يخلو أن يريد بالالف واللام العهد في الجنس، أَو يريد بهما العموم والشمول، فإن أراد الأول فقوله: الامر المطلق ومطلق الامر سواء، وان أراد الثاني على رأى من أثبته فليْسَا سواء، بل الامر المطلق للعموم، ومطلق الامر ليس كذلك.
(33)
هكذا في نسخ ترتيب الفروق، وكذا في نسخة الفروق نفسها هكذا: "ليتميز مطلق البيع عن مطلق الحيوان ومطلق الأمر ومطلق غيره ومطلق جميع الحقائق، فأضفناه للتمييز فقط
…
" الخ.
(34)
هى موضوع الفرق الثاني والخمسين بين قاعدة خطاب غيْر المعيَّن، وقاعد الخطاب بغير المعين". جـ 2 ص 16.
والملاحظ أن عبارة الامام القرافي رحمه الله، فيها الخطاب بغير المعَيَّن، وعبارة الشيخ البقوري رحمه الله، فيها الخطاب الغير المعين. فليتأمل.
بينهما من حيث إن أحدهما موجود في الشريعة، والآخَرُ ليس بموجود، والذى ليس بموجود هو خطاب غير المعَيَّن، (35) لأنه ليس من الحكمة، لأنه إذا كان مبهَمًا لا ينبعث أحد من المكلفين إلى الامتثال، فتضيع الصلحة لذلك، فلم يات به الشارع، وفرضُ الكفاية يُتوهم أنه كذلك، وليس كذلك، بل الخطاب توجه نحو الجميع، غير أنه إذا فعله البعض سقط عن البعض الآخر، وقد مضى بيان ذلك، وبهذا نجيبُ عن قوله تعالى:"ولْيَشْهَدْ عذابهُمَا طائفة من المؤمنين"(36).
(35) علق الفقيه ابن الشاط رحمه الله هنا على كلام القرافي "بأن خطاب غير المعين لم يقع في الشريعة" بقوله: إن أراد بالخطاب ما هو ظاهره من القصد للإفهام، فما قاله صحيح، وإن أرَادَ بالخطاب التكليف والالزام، فما قاله غَيْرُ صحيح، فإنه لا مانعَ ان يقول السيد لجماعة عبيده: ليفعَلْ احدكم، من عر تعيين الفاعل من قَبلي ولا يفعلهُ احد غيره، فمن فعله اثبته، ومن شاركه فيه عاقبتُهُ، وإن لم يفعل أحد منكم ذلك الفعل عاقبتكم أَجمعين. فالخطاب في هذا المثال متوجه إلى الجميع، بأن يجتمعوا على تعيين أحدهم لذلك الفعل، ويعين من شاء منهم نفسه، وهكذا هو فرض الكِفاية، الخطاب للجميع، والتكليف لواحد غير معيَّن مُبْهَمٍ أوْ "لجماعة غير معينة منهم".
ثم زاد ابن الشاط قائلا: "وما قاله القرافي من أن السبب في ذلك والسِّر فيه (اي في عدم وقوع خطاب غير المعين في الشريعة) هو أن خطاب المجهول يؤدي إلى ترك الامر، ليس كما قال، فإنه يريد هنا - على ما يقتضيه كلامُهُ بعْدُ - بالخطاب التكليف، ولا مانع منه من جهة العقل كما في المثال السابق، ولا من جهة الشرع؛ في قوله تعالى: "ولْتكن منكم أمَّةٌ يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر، واولئك هم المفلحون"، وقوله سبحانه: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين". اهـ.
(36)
سورة النور: الآية 2. وقد أتى القرافي بهذه الآية في مسألة أولى من هذا الفرق قائلا: قوله تعالى في تلك الآية يقتضي أن المامور هنا غير معيَّن، وهو خلاف ما تقدم. والجواب عنه أن الامر متوجه على الجميع بالحضور عند حدِّ الزناة، حتى يفعل ذلك طائفة من المؤمنين، فيسقط الامر عن الباقين، وهذا ليس ماخوذا من اللفظ بل من القاعدة الاجماعية التى تقدمت، (وهى أن خطاب غير المعين لم يقع في الشريعة) فجعل صاحب الشرع الوُجوبَ في فروض الكفايات متعلقا بالكل ابتداء على سبيل الجمع، فإذا فعله البعض سقطَ عن الكل.
وقد علق ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة فقال: ما قاله فيها ليس بصحيح، لما سبق بيانه، وهو أن صاحب الشرع لم يجعل الوجوب في فروض الكفايات متعلقا بالكل، بل بالبعض غير المعين، ولا دليل على ما ذهب إليه، ولا ضرورة تحمل عليه. فلْيُتَأمل كلام هذيْن العالمين الجليلين في هذا الموضوع، وبيان كل منهما فيه.
وأما الخطاب الغير المعيَّنِ فكثير في الشريعة وموافق للحكمة، (37) لأن المصلحة تحصل معه، وهذا كالامر بإخراج شَاةٍ معينة، فالمصلحة حاصلة مع عدم التعْيين، وصُرِف التعيين إلى المكلَّف.
وهنا مسألة: قال الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (38)، فهذا خطاب بشئ غيرِ معيّن، وقد قلنا: إنه لا يجوز.
ولكنه هنا سؤالان على الآية (39):
السؤال الأول: ما ضابط هذا الظن؟ ، فإنَّ غيْر المعيَّن إذا وقع التكليف به في الشرع، تارة يُعَينه الشارع بعد ذلك، وتارة يُعَلق بالجميع الوجَوبَ، فهذا من أي القسمين هو؟
والجواب أن نقول: لنا أن نقضى بتحريم الجميع حتى يدُلَّ الدليل على خروج البعض من هذا التحريم. والجواب الثاني أن نقول: المحرّمُ من الظن المشار اليه - هنا - ما دلّ الدليل على تحريمه، ومالا فلا. (40)
السؤال الثاني: هو: كيف صح النهى عن الظن، وهذا أمر يهْجُم على النفس عند حضور أسبابه، لا قدرة على دفعه، فنقول:
(37) عبارة القرافي هنا هى: وأما الخطاب بغير المعين فهو واقع في الشريعة، كثير جدا، كالامر بإخراج شاة غير معينَّة، ودينار من اربعين، والسُّترَة بثوب، ولم يُعيّن الشارع في هذه المواطن شيئا من أشخاص تلك الأمور لتمكن المكلف من ايقاع غير المعيّن في ضمن معيَّن من ذلك الجنس
…
الخ.
(38)
سورة الحجرات: الآية 12.
(39)
عبارة القرافي رحمه الله: "ولْنذْكر من هذا الفرق (اى بين خطاب غير المعيَّن والخطاب بغير المعين) مسألتيْن: الأولى قوله تعالى: "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" يقتضى أن المامور هُوَ غير معين، وهو خلاف ما تقدم. وقد تقدم الكلام عنها.
والثانية قوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ، إشارة إلى ظن غير معين بالتحريم، والخطاب لغير المعين يجوز من حيث انه غير معين، غير أن هنا سؤالين
…
الخ
(40)
علق ابن الشاط على هذا بقوله: الطريقان (اى الجوابان) اللذان ذكرهما القرافي محتملان، والأول عندى أظهر وأقوى، . والله اعلم.