الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاجتهاد:
وفيه خمس قواعد:
القاعدة الأولى (1)
نقرر فيها من يجوز له أن يفتي ومن لا يجوز له أن يفتي، فنقول:
المشتغل بالفقه، له أحوال:
الحالة الأولى أن يشتغل بمختصَر من مختصرات مذْهَبه، فيه مُطْلَقات مقَيَّدةٌ في غيره، وعمومات مخصوصاتٌ في غيره، فهذا حرامٌ على الإنسان أن يفتي الناسَ بما فيه، إلا أن يعلمَ أن مسألة من مسائله عَرِيَتْ عن هذا وهي مسْتوفاةٌ فيه، فيجوز له أن ينقلها لمن سأل عنها ولا يشبِّهُ بها غيرَها، بل يذكرها أن كانت القضية هي هي، إذْ الفروق كثيرة، وقد لا يعرفُها.
الحالة الثانية، أن يَّكْثُر اشتغاله بالمطْلقات والمقَيَّدات ويطَّلِعَ على تفاصِيل المسائل في الشروحات والمطوَّلات، ولكنه لا يعْرف فداركَ إمامه ومستنداتِهِ في فروعه ضبطا متْقَناً، بل سَمْعاً من حيث الجملة من أفواهِ الطلبة والمشايخ، فهذا يجوز له أن يفتي بجميع ما ينقله ويَحفَظُه في مذهبه، اتّباعاً لمشهور ذلك الذهب، ولكنه إذا وقعت له واقعة ليست في حِفْظه لا يخَرجُها على محفوظاتِهِ ولا يقول: هذه تُشْبِهُ المسألة الفلانية، لأن ذلك إنما يصح لمن أحاط بمَدَارِك إمامه وأدلته وأقْيِسَتِه وعلله التي اعتمدَ عليها مفصّلة، ومعْرفةِ رتب تلك العِلل، ونِسْبَتِها إلى المصالح الشرعية، وهل هي من باب المصالح الضرورية أو الحاجية أو المتمِّمة؟ وهل
(1) هي موضوع الفرق الثامن والتسعين بين قاعدة من يجوز له أن يفتى وبين قاعدة من لا يجوز له أن يفتي: جـ 2، ص 107.
قال القرافي رحمه الله في أوله: "إعْلَمْ أنَّ طالب العلم له أحوال
…
الخ. ما ذكره هو، ولخصه تلميذه البقوري رحمهما الله.
هي من باب المُناسِب الذي اعتُبِر نوعُهُ في نوع الحكم، أو جِنسُه في نوْعِ الحكم (2)، وهل هي من باب المصلحة المرسَلة التي في أدنى رتب المصالح أو من قبيل ما شهِدتْ له أصول الشرع بِالاعتبار؟ ، وهل هي من باب قياس الشبَه أو المناسب، أو قياسِ الدلالة، أو قياس الإحالة، أو المناسب القريب إلى غير ذلك من تفاصيل الأقيسة ورتبِ العلل في نظر الشرع عند المجتهدين، فبهَذهِ الأشياء يَعرف الفُروقَ بيْن المشتبهات، فمَنْ لا يحيط بها كيف يَعْرفُها؟ فلَعَلَّ الفَارقَ عند إمامِهِ وهو لا يعرفه، فيمْتنع عليه حينئذ الفتوى بما ذكرنا من التشبيه.
وكذلك الحكم في إمامِه، إن لم يكن عارفا بهذه الأمور التي شأنُها أن تعِينَه على استنباط الأحكام من أدلتها، وإلَّا لم يصح تقليدُهُ. (3)
ثم المجتهد الذي يصح تقليده لوجود الشروط فيه قد يَغْلَطُ، فتأتي له فتوى على خلاف الإِجماع أو القواعِد أو النص أو القياسِ الجَليّ السالمِ عن المعارضِ،
(2) المناسِبُ في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: وصْف ظاهرٌ منضبط يلزم من ترتيب الحكم على وفْقِه حصوُل ما يَصْلحُ أن يكون مقصوداً للشارع من شرع الحكم، سواءٌ أكان ذلكِ الحكم نفيا أو إثباتا، وسواءٌ أكان ذلك المقصودُ جلْبَ مَصلحةٍ أو دَفعَ مَفْسَدَةٍ، كالبيع، فإن المقصود من شرعه هو حصول الملِك، وحكمهُ (أي البيع) الحل والجواز، والوصْفُ المناسبُ هو دفع الحاجة بالمعاوضة، والحكمة المقصودة من شرع البيع هي المِلْك. وكالقِصاص فإن الوصف المناسِب هو القتل العَمْدُ العُدْوانُ، والحكم وجوبُ القصاص، والحكمةُ المقصودة من شرعه الانزجار عن القتل، وحِفْظُ النفوس، مصداقا لقول الله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} الخ. اهـ. وللتوسع فيه باعتباره مسلكاً من مسالك العلة يُرجع إلى كتب أصول الفقه.
(3)
تعبير شهاب الدين القرافى في هذه المسألة أظهر وأوسَعُ حيث قال رحمه الله:
وسبب ذلك (أي سبب جواز الفتوى بما في فُروع المذهب للمطلع عليها في المختصرات والحواشى مع عدم التخريج لمسائل أخرى وتشبيهها بها فيما عنده من مسائل محفوظة)، أن الناظر في مذهبه، والمخَرِّج على أصول إمامه، نِسْبَتُهُ إلى مذْهبه وإمامه كنسبة إمامِهِ إلى صاحب الشرع في اتِّباع نصوصه والتخريج على مقاصده، فكما أن إمامه لا يجوزُ له أن يقيس مع قيام الفارق، لأن الفارق مبْطِلٌ للقياس، والقياسُ الباطِل لا يجوز الاعتماد عليه، فكذلك هو أيضا لا يجوز له أن يخَرجَ على مقاصد إمامه فرعاً على فرع نصّ عليه إمامُهُ، مع قيام الفارق بينهما، لأن الفروق إنما تنشأ عن رتب العلل، وتفاصيل أحوال الأقْيسَة .. إلى آخر ما أورده في هذا الفرق، ولخصهُ البقوري.
فلا يجوز لأحد أن يقلِده في ذلك ويُفْتي غيره بها، فإنه كما كُنَّا ننقضُ حُكْم الحاكم بذلك، فكذلك بل أحْرى هو ما قلناه هنا، واللهُ أعْلَمُ.
الحالة الثالثة. أن يصير طالب العلم إلى ما ذكرناه من الشروط مع الديانة الوازعة والعَدالة المتمكنة، فهذا يجوز له أن يفتِي في مذهَبه نقلا وتخريجا، ويعتمد على ما يقولهُ في جميع ذلك.
القاعدة الثانية (4)
نقرر فيها السبب الذي من أجله ارتفع الخلاف في مسائل الاجتهاد بعد حكم الحاكم وصارَ كل مجتهد إلى ما حكم به الحاكم، وقد كان الخلاف مقرّرا قبل الاجتهاد، غيرَ مرتفع، فنقول:
كان ذلك من حيث إن القصد بوضع الحاكم للحكْم، إنما هو رفْعُ التشاجُر والتنازع، لما في ذلك من الفساد، فإذا جوزنا بقاء الخلاف بعد حكم الحاكم، فنحن قد قضينا بإبطال ما بِسَببه وُضِع ونُصِّبَ الحاكم في الشريعة، وكان ذلك مؤدِّيا إلى دوام التنازع والتشاجر وحصول الفساد دائما، وذلك باطل.
(4) هي موضوع الفرق السابع والسبعين بين قاعدة الخلاف يتقرر في مسائل الاجتهاد قبل حكم الحاكم، وبين قاعدة مسائل الاجتهاد يَبْطل الخلاف فيها ويتعيَّن قول واحد بعد حكم الحاكم". جـ 2 ص 103. وذلك القول هو ما حكم به الحاكم على الأوضاع الشرعية.
قال شهاب الدينِ القرافي رحمه الله في أول الكلام على هذا الفرق: إعلَمْ أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفَع الخلاف، ويَرْجعُ المخالِفُ عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغيَّرُ فتْيَاه بعد الحكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء ..
وقد علق الفقيه ابن الشاط على كلام القرافي هذا بقوله:
قلت: ما قاله القرافي يوهم أن الخلاف يبطل مطلقا في المسألة التي تعلق بها حكم الحاكم، وليس الامر كذلك، بل الخلاف يبقى على حاله، إلا أنه إذا اسْتُفتي المخالِفُ في عيْن تلْك المسألة التي وقع الحكم فيها لا تسوغ الفتوى فيها بعينها، لأنه قد نفذ منها الحكم بقولة قائل ومضَى العمل بها، فإذا استفْتِيَ في مثْلِها قبْلَ أن يقع الحكم فيها أفتَى بمذهبه على أصْله، فكيف يقُولُ: يَبْطُلُ الخلاف، ولو بطل الخلاف لما ساغ ذلك، نعَم يبطُلُ الخلاف بالنظر إلى المسألة المعيَّنَة خاصة
…
اهـ.
الوجه الثاني أيضا أن الحاكم إذا حكم بَعدَ نظره واجتهاده فهو منشئ للحكم، فكان حكمه كحكم الله تعالى في الواقعة ابتداءً، والمفْتِي إنما هو مُخْبِرٌ عن الله تعالى بالحكم، فيثبت مقتضاه إذا وافق أنْ كان خبرُه صِدْقا، وإلَّا فلا، وكل واحد من المجتهدين حينئذ، أعني قبل الحكم - يقوُل: خَبَري هُوَ الصِّدْقُ، والآخَرُ يقُوُل كذلك. ثم إذا كان الامر هكذا، يصير حكْمُ الحاكم كالحكم من الله في تلك القضية المعَيَّنة بخصوص، ويبقى ما عدا تلك الصورة كأنه ورَد من الله تعالى فيها حكم عام، فيتعَارض العامُّ والخاصُّ، فَيُخَصَّصُ ذلك العامُّ بذلك الخاصِ جمْعاً بيْن الدليلين.
ومثال هذا مسألة تعليق الطلاق قبل المِلْكِ، قال مالك بلزومه، وقال الشافعي: لا يلزم، فإذا حكم حاكمٌ في تلك القضية بأنه غير لازم وبقيت العِصْمةُ ثابتة وافق مالكٌ االشافعي في أن هذه العصمة ثابتة ولا طلاق في تلك الصورة، وما عدا تلك الصورة يقول مالك فيها: إن الطلاق يلزم، واللهُ سبحانه أعلم، وهو الموفّق للصواب. (5)
(5) عبارة القرافي رحمه الله كما سبق في أول هذا الفرق هي قوله:
إعلم ان حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتواه بعْدَ الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء.
ثم مثل لذلك بأمثلة وقال: فمنِ لا يرى وقف المشاع، إذا حكم حاكم بصحة وقفه، ثم رفعت الواقعة لمن كان يفتي ببطلانه، نفَّذه وأمضاه، ولا يحل له بعد ذلك أن يفتي ببطلانه، وكذلك إذا قال (لامرأة): إن تزوجتك فأنت طالق، فتزوجَها وحكم حاكم بصحة هذا النكاح، فالذي كان يرى لزوم الطلاق له، ينفذ هذا النكاح، ولا يحل له بعد ذلك أن يفتي بالطلاق، هذا هو مذهب الجمهور، وهو مذهب مالك، ولذلك وقع له في كتاب الزكاة وغيره أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يُرَد ولا ينقضُ.
وعلق الفقيه ابن الشاط هنا على هذا الكلام فقال: "لقائل أن يقول: لا ينفذه ولا يمضيه، ولكنه لا يَرُذُهُ ولا ينقضه (اي حكم الحاكم بوقف المشاع)، وفَرْق بين كونه ينفذه ويمضيه، وكونه لا يَرُده ولا ينقضه" اهـ كلام ابن الشاط رحمه الله.
القاعدة الثالثة (6)
نقرر فيها لِمَ لم يَجُزْ تقليدُ أحد المجتهدين للآخر في مسألة الكعبة والأواني، وجاز ذلك في كثير من المسائل الفروعية.
قيل: إن الشافعي سُئِل عن هذه المسألة فقيل له: لِمَ جازَ أن يصليَ المالكي خلْف الشافعي والشافعي خلف المالك، وإن اختلفا في مسح الرأس وغيره من الفروع، ولمْ يجُزْ لواحد من المجتهدين في الكعبة والأواني أن يصلي خلف المجتهد الآخر؟ فسكتَ ولمْ يُجِبْ عن ذلك.
وأجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله عن ذلك بأن قال: إن الجماعة في الصلاة مطلوبة للشارع صلوات الله عليه، فلو قلنا بالِامتناع من الائتمام خلْفَ من يخالفه من المذهب لأدَّى إلى تعطيل الجماعات، إلا في حالة القِبْلة او قِلَّة الجماعات، واذا مَنَعْنا من ذلك في القِبْلة ونحوها لمْ يُخِلّ ذلك بالجماعة لِنُدْرة وقوع مثل هذه المسائل وكثرة وقوع الخلاف في مسائل الَفروعَ. هذا جوابه رحمه الله، وهو جواب حسن. (7).
وقال شهابُ الدين رحمه الله: وقد ظهر لي في ذلك جوابٌ هو أقوى من هذا، مبنيٌّ على قاعدة، وهي أن قضاء القاضى متى خالفَ إِجماعا أوْ نصًّا أو قياسا جلِيًّا أو القواعدَ نقضناه، وإذا كُنّا لا نُقِرُّ حكما تأكد بقضاء القاضي
(6) هي موضوع الفرق السادس والسبعين بين قاعدة المسائل الفروعية يجوز التقليد فيها من أحد المجتهدين فيها للآخر، وبين قاعدة مسائل الاواني والنسيان والكعبة ونحوها لا يجوز لأحد المجتهدين فيها أن يقلد الآخر"، والمراد بالأواني هنا كما سياتي بيانه، الأواني التي اختلط طاهرها بنجسها) جـ 2. ص 100.
وقد علق ابن الشاط على قول القرافي هنا في السائل الفروعية: يجوز التقليد فيها) فقال: قوله هذا مُوهم، وكان حقه أن يقول:"يجوز الاقتداء فيها وهو مُرَادهُ بلا شك".
(7)
علق الفقيه ابن الشاط على هذا الفرق والجواب فيه بقوله: قلت: ذلك فرق ضعيف، وليس ذلك عندي بالفرق، بل الفرق الصحيح أن مسألة اقتداء المالكي بالشافعي، مع أنه لا يتدلك، لا يمكن الخطأ فيها على القول بتصويب المجتهدين، أولا يمكنُ تَعْيينُ الخطأ فيها على القول بعَدم التصويب.
ومسألة الأواني ونحوُها لابدَّ من الخطأ فيها، ويمكن تعيينُه في بعض الأحوال، والله أعلم. اهـ.
لأجل ما ذكرناه، فأوْلَى أن لا نُقره إِذا لم يتأكد. فَعَلى هذه القاعدة كلُّ من اعتقدنا أنه خالَف الإِجماعَ لا يجوز تقليده، فإذا كانت القاعدة هذه، حَصَل باعتبارها الفرقُ، وبيانُه بذِكْر أرْبَعِ مسائِلَ:(8)
المسألة الأولى، المجتهدُونَ في الكعبة لم يجز التقليدُ بينهُمْ، لأن كلَّ واحِدٍ منهم يعتقد أن صاحبه ترك أمْراً مُجمَعاً عليه وهو الكعْبة، وتاركُ المجمع عليه لا يُقلَّد. أمَّا المختلفان في مسح الرأس فكل واحد منهم يعتقد في صاحبه أنه خالف ظاهراً أو مفهوماً، وذلك ليْسَ مُجْمعاً على اعتباره.
قلت: كَيْف يقال: تَرك أمْراً مجمعا عليه والفرضُ في حق كُلِّ واحدٍ ما أداهُ اليه اجتهادُه، كما يقال: الفَرْضُ في حقِ كل واحد من مسح الرأس ما أدَّاه اليه اجتهاده، فإن اعتُبِرتْ القِبْلة من حيثُ هي قِبْلَةٌ للمصلي وقُلتَ: هي ما فرض بإجماع، فمثلُه المسحُ في الرأس للوضوء فرضٌ بإجماع، وتعيينُ الكل أو البعض كتعْيين (9) الجهة من الجهةِ، فالمسألة كالمسألة، واللهُ أعْلَمُ.
قال: المسألة الثانية، المختلفون في الأواني التي اختلط طاهرها بنجسها، إذا اختلفوا وهم يعتقدون أن النجاسة مبطلة للصلاة، إما بالاجتهاد أو بالتقليد، فإن حكم الله في حقهم بالإِجماع ما ادَّى اليه اجتهادهم أو اجتهادُ إمامِهم، وإذا كان حكم الله - في حقهم ذلك بالاجماع، فكل واحد منهم يعتقد في صاحبه أنه لابَسَ في صلاته ما هو مُبْطِلٌ لصلاته بالاجماع، فقد خالف مجمعاً عليه فلا يجوز تقليده، بخلاف من لا يتدَلَّك في غسله أو لا يُبَسْمِل لم يخالف مُجْمَعاً عليه.
قلت: العجَبُ منه، يَجْعل الإِجماع في مسألة النجاسة، وينْفِيه في مسألة التدُّلكِ، فإن كان الإِجماع من حيث إن الأحكام استندت للاجتهاد، فالاجتهاد في المسألتين، وإن كان من حيثُ الأدلة واختلافُها في المسألتين فأدِلة النجاسة أنها مبطلة للصلاة ليس فيها إجماع ولا نصٌّ ولا قاعدة كما في أدلة التدلك، بل أدلة التدلك أقوى، فالخلاف واحِدٌ في الوضعَيْن، وهذا ضعيف.
(9) في نسخة ح: وتَعَيُّن الكل أو البعض كنَعَيُّن الجهة من الجهة.
والحقُّ ما قاله عز الدين، واللهُ أعلم.
قال: المسألة الثالثة، وذكر الثيابَ تُلبَسُ أيضا، وقال:
إنها كالأواني حَرْفاً بحرف. (10)
قلت: والجوابُ كالجواب حرْفاً بِحَرْف.
قال: والمسألة الرابعة. (11) أن شافِعِييْن إذا اختلفا في الأواني التي وقع فيها روْثُ عصْفور لم يجُزْ أن يأتمَّ أحدهما بالآخَر، ولوْ أنَّ مالكياً وشافعيا كان المالكي قد توضأ بما قد وقع فيه روثُ عصفور لجاز للشافعي أن يأتمَّ به، وعدَمُ الجواز هنا أوْلَى، لأنه تعين أن ذلك النجس هو في جانب الإِمام، وفي المسألة الأخرى ما نَحْن على يقين أنه في جانب الإِمام، وجوابه كالجواب المتقدم.
قلت: والرد عليه فيه كالرد عليه فيما تقدم. (12)
القاعدة الرابعة (13)
تقرر فيها الفَرْقَ بيْن الفتوى والحكم فنقول:
(10) عبارة القرافي رحمه الله في هذه المسألة التي هي: المسألة الثالثة: المجتهدون في الثياب التي اختلط طاهرها بنجسها إذا اختلفوا وهم يعتقدون أن النجاسة مبطلة للصلاة، إما باجتهادهم او اجتهاد إمام قلدوه، لا يقلد بعضهم بعضا كما تقدَّم في مسألة الأواني بعينها حرفًا بحَرْف. اهـ.
(11)
عبارة القرافي فيها: إناءٌ وقع فيها روث عصْفُور وتوضأ به مالكيِ وصَلَّى، يجوز للشافعي أن يصَلي خِلْفَهُ، ولا يضر ذلك الشافعي كما لا يضرُّه ترْك المالكي البسملة وغيْرها مما يعتقدهُ الشافعي. اهـ
(12)
علَّق الفقيه المحقق الشيخ قاسم بن الشاط الانصاري رحمه الله على هذه المسائل بقوله:
ما قاله شهاب الدين القرافي في المسائل صحيح، بناءً على ما قرره، وهو أن الفرق مخالَفَةُ الاجماع في أحَدِ الطرفيْن دون الآخر، لِتَعَيُّنِ المنَاط في مسألة الأواني ونحوها، وعدم تعَيينه في مسألة البسملة ونحوها، والله أعلم.
(13)
هي موضوع الفرق الرابع والعشرين والمائتين بين قاعدة الفتوى وقاعدة الحكم. جـ 4. ص 38. قال في اوله القرافي رحمه الله: "وينْبَنِي على هذا الفرق تمكينُ غيره من الحكم بغير ما قال في الفتيا في مواضع الخلاف، بخلاف الحكم، فكل ما يقال في العبادات إنما هو فتْيا لا يَدخلها الحكمُ البتَّة، إن كانت مذهب السامع أخذ بها، وإلَّا فله تركُها والعملُ بمذهبه."
العباداتُ كلها لا تكون إلا فتْوى، ولا يكون فيها حكمٌ وإنْ صدرَت من قاضٍ، ولهذا كان الخلاف بعد قول القاضى فيها كما كان قبله، كأن يكونَ القاضي قد أمَرَ منادياً ينادي بأن اليومَ من رمضان، لأجْل شهادة شاهدٍ واحد عنده قَبِلَه، فللمالكي الخلاف هنا، وما أشبه ذلك من الامور التعبدية، وإنما يكون حكم الحاكم مؤثِراً في رفع الخلاف بعد حُكْمه إذا أنشأ حكمَهُ في مسألة اجتهادية تتقاربُ فيها المداركُ لأجل مصلحة دنيوية، فاشتراطُ قيد الانشاء، احترازٌ من حكمه في موانع الإِجماع، فإن ذلك اخبار وتفنيذ مَحْضٌ (14) بخلاف موانع الخلاف، ففيها الانشاء، وهو إلزام أحد القولين اللذين قيل بهما في المسألة. وقَولِي: متقاربٌ مَدَاكها، احترازاً من الخلاف الشاذ يحكم به ترْجيحاً على غيره، واستِناداً إلى المدْرَك الضعيف فإنه لا يَرفَعُ الخلاف أيضا. وقوُلنا:"لأجل مصالح الدنيا"، قال صاحب الجواهر: احترازا من العبادات كما قلنا أوّلاً، وإنما يكون حكومة إذا وقعَتْ النازعة في العقود والأملاكِ والرُّهون وغيْر ذلك ممّا هو في مصالح الدنيا. قال صاحب الجواهر: ما قضَى القاضى به من نقل الأملاك وفسْخ العقود فهو حكم، فإن لم يفعلْ أكثر من تقرير الحادثة لا "رُفعتْ إليه كالمرأة
وقد علق الفقيه بن الشاط على هذه الفقرة الأولى من هذا الفرق بقوله: ما قاله القرافي في ذلك صحيح". اهـ.
ثم أتى شهاب الدين القرافي بأمثلة من مسائل العبادات التي لا يتعين فيها اتّباع حكم الحاكم، لكونها مختلَفا فيها بين الأئمة، وإنما يتبعُ الخالف في المسألة مذهبَ إمامه فيها، ولا يلزّمه قول ذلك القائل لا في عبادة ولا في سببها ولا شرْطِها ولا مانِعها.
ثم قال القرافي بعد ذلك: وبهذا يظهر أن الامام لو قال: لِمَ لا تقيمونَ الجمعة الا بإذْني لم يكن ذلك حكما، وإن كانتْ المسألة مختلفاً فيها، هلْ تفتقر الجمعة إلى إذْنِ السلطان أم لا؟ وللناس أن يقيموها بغير إذن الامام، إلا ان يكون في ذلك صورة المُشَاقَّة، وخرْقُ أبِّهة الولاية، وإظهارُ العِناد والمخالفةِ، فتُمْنعُ إقامتها بغير أمره، لأجل ذلك، لا لأنه موطن خِلاف اتصل به حكم الْحاكم، وقد قاله بعض الفقهاء وليس بصحيح
…
اهـ.
وعلق عليه ابن الشاط بقوله: قلت: بل هو صحيح كما قال ذلك الفقيه، لأنه حكم حاكم اتصل بأمْر مختلَفٍ فيه، فيتعيَّن الوقوف عند حكمه، والله أعلم اهـ.
(14)
علَّق الفقيه ابن الشاط على هذا بقوله: ليس ما قاله القرافي من أنه إخبار، بصحيح، بل هو تنفيذٌ محْض، وهو الحكم بعينه، إذ لا معنى للحكم إلا التنفيذ
…
الخ.
زوّجَتْ نفسها بغَير إذن وليها، فأقرَّه وأجازه، ئم عُزِل وجاء قاض بعده، قال عبد الملك: ليس بحكم، ولِغيره فسخه. وقال ابن القاسم: هو حكْمٌ، لأنه أمْضاهُ، والإِقرارُ عليه كالحُكْمِ بإجازته فلا يُنْقض. وأجازه ابن محرز وقال: إنه حكْمٌ في حادثة باجتهاد، بخلاف ما لو رُفِع اليه ذلك النكاحُ فقال: أنَا لا أجيز هذا النكاحَ بغير ولي، من غير أن يحكم بفسخ هذا النكاح بعينه فهى فتوى وليست بحُكْم، قال: ولا أعلمُ في هذا الوجه خلافا، وقد قررنا في القاعدة قبل هذه أن حكم الحاكم يرفع الخلاف في مسائل الاجتهاد ويُرْجعُ القوَل واحدا. وما ذكرناهُ هنا يتمم ذلك القوَل المذكور هنالك من حيث خروجُ العباداتِ كلها والحكمِ المُدْرَك الضعيف، والله سبحانه أعلمُ. وهو الموفق للصواب.
القاعدة الخامسة (15)
نقرر فيها أنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كان يتصرف بالإِمامة وبالفتَوى وبالقضاء.
هذا لأن النبي عليه الصلاة والسلام، ما مِن مَنصِبِ كريمٍ ديني إلا وهو أكبَرُ من الكبير في ذلك المنصِب، فله الفتوى، وله الإِمامة، وله القضاء، والغالبُ عليه التبليغ.
ئم قد يقَع الاجْماع على أن بعضَ الاشياءِ كانت منه بالتبليغ والفتوى، ومنها ما يجمع الناس على أنه بالقضاء، ومنها ما يجمع الناس عليه أنه بالإِمامة، ومنها ما يختلف العلماء فيه لتردده بين رتبتَيْن فصاعِداً، وهذه الاشياءُ إنما فصَّلتُها، لأن آثارَها تختلف، فكلُّ ما قالَهُ أو فعَله على سبيل التبليغ كان ذلك حكما عاما
(15) هي موضوع الفرق السادس والثلاثين بين قاعدة تصرفه صلى الله عليه وسلم بالقضاء، وبين قاعدة تصرفه بالفتوى وهي التبليغ وبين قاعدة تصرفه بالإِمامَةِ
…
جـ 1. ص 205.
قال القرافي رحمه الله في أولِهِ: "إعْلَمْ أن رسولَ صلى الله عليه وسلم هو الإِمام الأعظم، والقاضى الأحْكمُ، والمفْتي الأعْلَمُ، فهو صلى الله عليه وسلم إمام الائمة، وقاضي القضاة، وعالمُ العلماء، فجميعُ المناصب الدينية فوَّضها الله اليه في رسالته، وهو أعظم من كل من تولى منْصباً منها في ذلك المنصب إلى يوم القيامة.
على الثَّقَلَيْنِ (16) إلى يوْمِ القِيامةِ. وما تصرَّف فيه بالامامة لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الإِمام، وَمَا تصرّف فيه بالقضاء لا يجوز لأحدٍ أن يتقَدَّمَ عليه إلا بحكم حاكم، ويتحقق الفرق بين هذه بأرْبَعِ مسائل:
المسألة الأُولى أن نقرر الامَثلة لما ذكرناه فنقول:
تصرُّفُهُ صلى الله عليه وسلم بِبَعْثِ الجيوش، وقتال الكفار والخوارج، وتوليَةِ القضاة والولاة، وقِسمة الغنائم، وعقْدِ العهد مع الكفار، وما أشْبَه هذه الاشياء التي شأنُ الأئمة أن يفعلوها، تصرَّفَ (17) فيها بالإِمامة. والفصلُ بين خصْمَين في دعاوي الأموال أو أحْكَام الأبْدان ونحوها، وسائر ما يحكم به من البينات أو النُّكول ونحو ذلك (18) فهو تصرُّفٌ بالقضاء. كلُّ ما يتصرف فيه عليه الصلاة والسلام بقوله أو فعله في العبادات أو أجَابَ به سؤالَ سائل، فهذه فتْوَى وتبليغ. وهذه المواطِنُ لاخفاء فيها، ومَوَاطِن التَّرداد والخفاء في بقية المسائل (19).
المسألة الثانية، قال عليه الصلاة والسلام:"مَنْ أحْيَى أرضا ميتة فهي له"، قيل: هو تصرُّفٌ بالإِمامة، فليس لأحَدٍ أن يُحْيي إلا بإذن الإِمام، وإليه ذهب ابو حنيفة. وقيل: هو تصرُّف بالفتوَى فلا يتوقف الإِحياء على إذن
(16) كلمة الثَّقَلين يراد بها الإنس والجن، ومنه الآية الكريمة في سورة الرحمان، الح
…
"سنفْرُغُ لكم أيُّها الثقلان".
(17)
في نسخة ح: يتصرَّف (بصيغة الفعل المضارع).
(18)
في نسخة ح: ونحوها.
(19)
علق ابن الشاط على قول القرافي هنا: ونحقق ذلك باربع مسائل، وعقب عليه بقوله: لم يجود القرافي التعريف بهذه المسائل ولا أوْضَحَها كل الايضاح. والقول الذي يوضحها هو أن المتصرف في الحكم الشرعي، إما أن يكون تصرفه فيه بتعريفه وإما أن يكون بتنفيذه، فإن كان تصرُّفه بتعريفه فذلك هو الرسول إن كان هو المبلغ عن الله تعالى، وتصرُّفه هو الرسالة، والَّا فهو المفتي وتصرُّفُهُ هو الفتوى. وإن كان تصرُّفه فيه بتنفيذه، فإما ان يكون تنفيذه ذلك بفصل وقضاء، وإبرام وإِمضاء وإما ان لا يكون كذلك، فان لم يكن كذلك فذلك هو الإِمام، وتصرفه هو الإمامة، وإن كان كذلك فذلك هو القاضي، وتصرفه هو القضاء. اهـ.
الإِمام، وتفرقة مالك بين ما قرُبَ وَبَيْن ما بعُدَ، ليس بهذه القاعدة، (20) بل من حيث إن ما قربَ يؤدي إلى التشاجُر والفِتَن إن لم يرفعه الإِمام بإذنه، وما بَعُدَ وليس كذلك فلا يحتاج فيه لإِذنه. وقاعدة مالكٍ هنا بالترجيح للنظر للفتوَى من حيث إن الفتوى والتبليغ أغلبُ عَلَى أمْر النبي صلى الله عليه وسلم، والنظرُ إلى الغالب راجح.
المسألة الثالثة، قولُهُ عليه الصلاة والسلام لهندٍ زوجةِ أبي سفيان:"خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف"(21) هل هو بطريق القضاء فليس لمن ظفِر بحقه عند أحدٍ أن ياخذه بغير عِلْم خصمه، أو هو بطريق الفتوى والتبليغ، فله أن ياخذ حقه من خصْمِهِ من غير أن يشعر به؟ والقولان مذكوران عِند العلماء، حكاهما الخطابى. (22). والظاهِرُ أنها فتوى، لعدم حضور أبي سفيان.
المسألة الرابعة، قوله عليه الصلاة والسلام: "من قتل قتِيلا فله
(20) عبارة الامام القرافي فيها أظهر وأوضح، حيث قال: "وأما تَفْرِقَةُ مالك بين ما قَرُب من العمارة فلا يُحْيَى إلا بإذن الامام، وبين ما بَعُدَ فيجُوز بغير إذنه، فليس من هذا الذي نحن فيه، بل من قاعدة أخرى وهي أن ما قرب يؤدي إلى التشاجر والفتن وإدخال الضرر، فلا بد فيه من نظر الائمة، وما بَعُدَ فلا، فيجوز. ومذهب مالك والشافعي في الإِحياء أرجحُ، لأن الغالب في تصرفه صلى الله عليه وسلم الفتيا والتبليغ، والقاعدة أن الدائر بين الغالب والبادر، إضافتُه إلى الغالب أوْلى. اهـ. وقد علق ابن الشاط الفقيه المحقق على هذه المسألة وما جاءَ رحمه الله في هذا الفرق إلى آخره بقوله:
ما قاله القرافي فيها ظاهر، وما جح به مذهب مالك والشافعي راجح، والله تعالى أعلم. وما قاله بعدُ إلى آخر الفرق صحيح ظاهر، والله أعلم. اهـ.
(21)
حديث صحيح اخرجه الشيخان: البخاري ومسلم رحمهما الله عن عائشة ضى الله عنها. وأول الحديث ومطْلِعُهُ أن هندا بنْتَ عتْبةَ، قالت: يا رسولَ الله: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطينى وَولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعْلَمُ، فقال صلى الله عليه وسلم لها: خُذِي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف.
(22)
هو الامام الجليل، والمحدِث الاديب، أبو سليمان احمد بن محمد بن ابراهيم بن الخطاب الخطابي من علماء القرن الرابع الهجري، ولد في بوست من بلاد الافغان، عده ابن السبكي إماما جليلا من ائمة السنة، وله مصنفات كثيرة في السنة والفقه وعلم القرآن والحديث. الخ
من اشهرها وابرزها: أعلامُ السُّنن في شرح صحيح البخاري. وقد طبع في جزءين بتحقيق د. يوسف الكتاني جزاه الله خيرا.
سَلَبُهُ" (23) اختلف العلماء، هل تصرفه بالإِمامة او بالفتوى، فإن كان بالإِمامة فلا يكون حينئذٍ إلا بعْدَ إذن الامام، وإلى هذا ذهب مالك، وخالَفَ ما نَظَرَ اليه في الإِحياء من حيث اعتباره الغالبَ، وحمَلَهُ على ترك الغالب هنا أن الغنيمة أصْلُها أن تكون للغانِمين، فإخراجُ السَّلَب خلاف الاصل. وأيضا فذلك ربّما أفسدَ الاخلاص. (24)، إلى مفاسدَ أخَرَ في ذلك، واللهُ أعلم.
قلت: وأيضا فهو فعلُ أبي بكر وعمر ضى الله عنهما، وهما أعلمُ الناس بهذا الباب، فتَحقق ما قاله مالك رضي الله عنه.
قلت: وذكر شهاب الدين رحمه الله في كتابه فَرْقا، وهو السادسَ عشر والمائة بين السّلَب يستحقه القاتلُ وبيْنَ الإِقطاعات وغَيْرها مِما للإِمام أن ينتزعها مِمَّن هي بيده فقال: كان ذلك في السَّلَب، لأنَّهُ حين صدَرَ السبَبُ الذي هو القتل فقد استحق مِلْكَ السَّلب فلا يصحُّ نَزْعُهُ من يده، والاقطاعات إنما وضعَها الإِمام بيد من رأى المصلحة تحصل منه في الستقبل فأعانه على ذلك بوضعها في يده لا ليملكها ملكا حقيقيا، فكان له أن بيدّلَها له، أيّ وقت شاءَ، وليس في الفرق شيء زائدٌ على هذا إلا مُكَرَّراً، وهو ما ذكر في هذه القاعدة. (25)
(23) سَلَبُ القتيل بفتح السين واللام ما يكون معه من ثياب وسلاح ومتاع وغيرها، وفي رواية اخرى: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سَلَبُهُ، وهو فقرة من حديث طويل اخرجه الشيخان وبعض أصحاب السنن عن ابي قتادة رضي الله عنه. والحديث في معرض الجهاد في سبيل الله لإِعلاء كلمة الله، والدفاع عن حَوزة الاسلام والمسلمين.
(24)
عبارة القرافي هنا وهو يتحدث عن الامور التي اعتمدها الامام مالك في مخالفة أصله الذي اعتمده في الإِحياء، والذي يقول فيه: إن غَالِبَ تصرفه صلى الله عليه وسلم بالفتوى: "ومنها ان ذلك ربما أفسد الاخلاص عند المجاهدين يقاتِلون لهذا السَّلب دون نصْر كلمة الاسلام، والجهادُ في سبيل الله إنما يكون لذلك من أجل نصْرة الدين وأمة الايمان وملة الاسلام.
(25)
هذا الفرق السادس عشر والمائة مذكور في الجزء الثالث، ص 7. وقد توسَّعَ فيه القرافي رحمه الله. ومسألة إقطاع بعض الاراضي العامة لبعض الناس وتخصيصهم بها بهدف حرثها وزرعها واستصلاحها، وكذا مبحثها، تَكلم عنه العلماء كثيرا في كتب الاحكام السلطانية وفي المؤلفات الفقهية، فليرجع اليها هناك من اراد التوسع في معرفة هذا المصطلح ومدلوله الشرعي الفقهي.