المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التفكر من طرق تعظيم الله تعالى - تعظيم الله جل جلاله «تأملات وقصائد»

[أحمد بن عثمان المزيد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌عبادةُ التعظيمِ

- ‌تعظيم الله في أمهات العبادة

- ‌حقيقةُ تعظيمِ اللهِ تعالى

- ‌من معاني اسم الله (العظيم)

- ‌من شواهد العظمة

- ‌أإله مع الله

- ‌الطريق إلى تعظيم الله تعالى

- ‌تعظيمُ الأمرِ والنهيِ

- ‌كيف نعرف الله

- ‌معرفةُ جمالِ اللهِ

- ‌أعرفُ الناسِ باللهِ

- ‌الحمدُ من طرقِ تعظيمِ اللهِ تعالى

- ‌التفكرُ من طرقِ تعظيمِ اللهِ تعالى

- ‌وفي أنفسِكم أفلا تُبصرون

- ‌عنايةُ اللهِ بالإنسانِ

- ‌انظر حولَك .. تأملاتٌ في الكونِ والآفاقِ

- ‌تعظيمُ اللهِ تعالى من خلالِ أسمائِه وصفاتِه

- ‌نظراتٌ في الأسماءِ والصفاتِ وآثارِها

- ‌تعظيم الله تعالى في القرآن

- ‌وما قدروا الله حق قدره

- ‌تجلياتُ اللهِ تعالى في القرآن

- ‌تعظيمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لربِّه

- ‌أحاديث نبويةٌ في تعظيمِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌تعظيم الصحابة والسلف الصالح لله عز وجل

- ‌أثرُ الذنوبِ والمعاصِي في ضَعْفِ تعظيمِ اللهِ في القلبِ

- ‌عشرةُ وسائل لتعظيم الله عز وجل

- ‌من ثمراتِ تعظيمِ اللهِ عز وجل

- ‌أ - على الفردِ:

- ‌ب - على الأسرةِ:

- ‌جـ - من ثمراتِ تعظيمِ اللهِ على المجتمعِ:

- ‌المعاني الجامعة للأسماء الحسنى

- ‌قصائد فِي تَعْظِيم الله عز وجل

- ‌1 - أسماء الله الحسنى

- ‌2 - يا من له وجب الكمال بذاته

- ‌3 - أتيتك راجيًا يا ذَا الجَلالِ

- ‌4 - إلهي وخالقي

- ‌5 - هو الله

- ‌6 - يا من يَرَى ما في الضميرِ ويسمعُ

- ‌7 - عفوك اللهم

- ‌8 - لك الحمدُ

- ‌9 - مع الله

- ‌10 - لك الأمر وحدك

- ‌11 - وإياكَ لا تَجْعَلْ مع اللهِ غَيْرَه

- ‌12 - أسلمت وجهي إليك

- ‌13 - قريح القلب

- ‌14 - إلهي وسيدي

- ‌15 - أفرُّ إليك منك

- ‌16 - تبارك ذو الجلالِ وذو المحال

- ‌17 - ولكنني في رحمةِ اللهِ أطمعُ

- ‌18 - إلهى أنت للإحسانِ أهلٌ

- ‌19 - عظُمت صفاتُك يا عظيم

- ‌20 - عرفتك يا إلهي

- ‌21 - أشكو إليك ذنوبًا

- ‌22 - مسلم يخاطبُ الكونَ

- ‌23 - الجحود

- ‌24 - يا منزل الآياتِ والفرقانِ

- ‌25 - سبحانك اللهم

- ‌26 - سبحان من يعطي المنى

- ‌27 - إخلاصُ العبودية

- ‌28 - إلهي أقلني عثرتي

- ‌29 - رحمتك اللهم

- ‌30 - إلهنا ما أعدلك

- ‌31 - لك المجدُ في كل الوجودِ

- ‌32 - تسبيحات

- ‌33 - بكلِّ الشوقِ

- ‌34 - ربٌّ لا يقهر

- ‌35 - لله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ

- ‌36 - إلهي وجاهي

- ‌37 - سبحانك يا الله

- ‌38 - ربِّ رحماك

- ‌39 - أطيار

- ‌40 - يكفيك ربٌّ لم تَزَل في حفظِه

- ‌41 - تسبحُ كلُّ الكائناتِ بحمدهِ

- ‌42 - الله سندنا

- ‌43 - أمّن ينجيكم في ظلمات البر والبحر

- ‌44 - زهرةُ الروض أجيبي

- ‌45 - توبة وإقبال

- ‌46 - رحماك يا ربَّ العبادِ

- ‌47 - توكلتُ على اللهِ

- ‌48 - حبيبُ القلوب

- ‌49 - آياتٌ من الدُّررِ

- ‌50 - الإبداعُ

- ‌51 - عجائب أصناف النبات

- ‌52 - سبحانك ربي

- ‌53 - قف بالخضوع

- ‌54 - روعة الخلق

- ‌55 - سبحان الله

- ‌56 - إِلا بِبَابِكَ

- ‌57 - بك أستجير

- ‌58 - يسبحُك الخلقُ في كلِّ آن

- ‌59 - يا مجيب السائلين

- ‌60 - كتاب الكون

- ‌61 - إلهي أنت تعلم كيف حالي

- ‌62 - حبيبي أنت رحمن

- ‌63 - ربِّ سبحانك

- ‌64 - يا أرحم الرحماء

- ‌65 - تأملات إيمانية

- ‌66 - تبارك الله

- ‌67 - ما شئت كان

- ‌68 - يا كافل الرزق

- ‌69 - إليك جميع الأمر

- ‌70 - الكون البديع

- ‌71 - يا ربنا لك الصلاة

- ‌72 - يا ربِّ إني مذنبٌ أواهُ

- ‌73 - يا سروري

- ‌74 - سبحان الله

- ‌75 - أنا الفقير

- ‌76 - دليل الحائرين

- ‌77 - نحن العبيد وأنت الملك

- ‌78 - صرفت إلى ربِّ الأنام مطالبي

- ‌79 - عفوك اللهم

- ‌80 - يا عظيم النعم

- ‌81 - إليك أفرُّ من زللي

- ‌82 - رأيتُ اللهَ

الفصل: ‌التفكر من طرق تعظيم الله تعالى

‌التفكرُ من طرقِ تعظيمِ اللهِ تعالى

فمن تعظيمِ اللهِ تبارك وتعالى: التفكرُ في آياتِه وآلائِه وبديعِ صُنْعِه كما قالَ تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190 - 191].

قال ابنُ كثير رحمه الله: «ومعنى الآيةِ أن اللهَ تعالى يقولُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي هذه في ارتفاعِها واتساعِها، وهذه في انخفاضِها وكثافَتِها واتضاعِها، وما فيها من الآياتِ المشاهَدَةِ العظيمةِ من كواكبَ سياراتٍ، وثوابتَ وبحارٍ وجبالٍ وقفارٍ وأشجارٍ ونباتٍ، وزروعٍ وثمارٍ، وحيوانٍ ومعادنَ، ومنافعَ مختلفةِ الألوانِ والروائحِ والطعومِ والخواصِّ، {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي تعاقُبُهما وتقارضُهما الطولَ والقِصَرَ، فتارةً يطولُ هذا ويقصُرُ هذا، ثم يعتدلانِ ثم يأخذُ هذا من هذا فيطولُ الذي كان قصيرًا، ويقصُرُ الذي كانَ طويلًا. وكلُّ ذلك تقديرُ العزيزِ العليمِ، ولهذا قال تعالى:{لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} أي العقولِ التامةِ الذكيةِ التي تُدركُ الأشياءَ بحقائِقِها على جليَّاتِها، وليسُوا كالصُمِّ البُكْمِ الذين لا يعقلونَ، الذين قال الله فيهم:{وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:105 - 106]، ثم وصف تعالى أولي الألباب، فقال:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} . كما ثبت في صحيحِ البخاريِّ عن عمرانَ بن حصينٍ: أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 54

قال: «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطعْ فقاعدًا، فإن لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ» (1) أي لا يقطعونَ ذكرَه في جميعِ أحوالِهم بسرائرِهم وضمائرِهم وألسنتِهم، {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي يفهمونَ ما فيهما من الحِكَمِ الدالةِ على عظمةِ الخالقِ وقدرتِه وعلمِه وحكمتِه واختيارِه ورحمتِه.

وقال الشيخُ أبو سليمانَ الدارانيُّ: إني لأخرجُ من منزلي فما يقعُ بصري على شيءٍ إلا رأيتُ للهِ عليَّ فيه نعمةً ولي فيه عبرةٌ. رواه ابنُ أبي الدنيا في كتابِ التوكلِ والاعتبارِ.

وعن الحسنِ البصريِّ أنه قالَ: تفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من قيامِ ليلةٍ، وقال الفضيلُ: قال الحسنُ: الفكرةُ مرآةٌ تريك حسناتِك وسيئاتِك.

وقال سفيانُ بن عيينةَ: الفكرةُ نورٌ يدخلُ قلبَك وربَّما تمثَّل بهذا البيتِ:

إذا المرءُ كانت له فكرةٌ

ففي كلِّ شيءٍ لهُ عبرةٌ

وعن عيسى عليه السلام أنه قال: «طُوبى لمن كانَ قيلُه تذكُّرًا وصمتُه تفكرًا، ونظرُه عِبَرًا» .

قال لقمانُ الحكيمُ: «إن طولَ الوحدةِ ألهمُ للفكرةِ، وطولَ الفكرةِ دليلٌ على طرقِ بابِ الجنةِ» .

وقال وهبُ بنُ منبهٍ: «ما طالت فكرةُ امريءٍ إلا فَهِمَ، ولا فَهِمَ امرؤٌ قطُّ إلا عَلِمَ، ولا عَلِمَ امرؤٌ قطُّ إلا عَمِلَ» . وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: «الكلامُ بذكرِ اللهِ عز وجل حسنٌ، والفكرةُ في نعمِ اللهِ أفضلُ العبادةِ» .

(1) رواه البخاري (1050)، وأبو داود (815).

ص: 55

وقال مغيثٌ الأسودُ: «زورُوا القبورَ كلَّ يومٍ تُفَكِّرُكم، وشاهدُوا الموقفَ بقلوبِكم، وانظرُوا إلى المنصرفِ بالفريقينِ إلى الجنةِ أو النارِ، وأشعِرُوا قلوبَكم وأبدانَكُم ذكرَ النارِ ومقامِعَها وأطباقَها» .

وعنِ ابن عباسٍ أنه قال: «ركعتانِ مقتصدتانِ في تفكرٍ، خيرٌ من قيامِ ليلةٍ والقلبُ ساهٍ» .

وقال الحسنُ البصريُّ: «يا ابنَ آدمَ، كلْ في ثلثِ بطنِك، واشربْ في ثلثِه، ودعْ ثلثَه الآخرَ تتنفسُ للفكرةِ» .

وقال بعضُ الحكماءِ: «من نظرَ إلى الدنيا بغيرِ العبرةِ، انطمس من بصرِ قلبِه بقدرِ تلك الغفلةِ» .

وقال بشرُ بنُ الحارثِ الحافي: «لو تفكَّر الناس في عظمةِ اللهِ تعالى لما عَصَوْهُ» .

وقال الحسنُ عن عامرِ بنِ عبدِ قيسٍ، قال:«سمعتُ غيرَ واحدٍ ولا اثنينِ ولا ثلاثةٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يقولونَ: إن ضياءَ الإيمانِ أو نورَ الإيمانِ التفكُّرُ» .

وعن عيسى عليه السلام أنه قال: «يا ابنَ آدمَ الضعيفَ اتقِ اللهَ حيثما كنتَ، وكن في الدنيا ضيفًا، واتخذ المساجدَ بيتًا، وعلِّم عينَيْك البكاءَ، وجسدَك الصبْرَ، وقلبَكَ الفِكْرَ، ولا تهتمّ برزقِ غدٍ» .

وعن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، أنه بكى يومًا بين أصحابِه، فسُئل عن ذلك، فقال: «فكرتُ في الدنيا ولذاتِها وشهواتِها، فاعتبرتُ منها

ص: 56

بها، ما تكادُ شهواتُها تنقضي حتى تكدِّرَها مرارتُها، ولئن لم يكن فيها عبرةٌ لمن اعتبر إنَّ فيها مواعظَ لمن ادَّكَرَ».

وقال ابنُ أبي الدنيا: «أنشدني الحسين بن عبد الرحمن:

نزهةُ المؤمنِ الفِكَر

لذةُ المؤمنِ العِبَر

نحمدُ اللهَ وحدَه

نحنُ كلٌّ على خَطَر

ربَّ لاهٍ وعمرُه

قد تقضَّى وما شَعَر

رُبَّ عيشٍ قد كان فو

قَ المنى مونَقَ الزَّهَر

في خريرٍ من العُيو

نِ وظلٍ من الشَّجَر

وسرورٍ من النَّبَا

تِ وطيبٍ من الثَمَر

غيَّرتْه وأهلَه

سرعةُ الدهرِ بالغِيَر

نحمدُ الله وحدَه

إن في ذا لمعتَبَر

إنَّ في ذا لعِبْرةٌ

للَّبيبِ إن اعتَبَر

وقد ذم الله تعالى من لا يعتبرُ بمخلوقاتِه الدالةِ على ذاتِه وصفاتِه وشرعِه وقدرِه وآياتِه، فقال:{وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:105 - 106]، ومدح عبادَه المؤمنينَ:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} قائلين: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً} أي ما خلقْتَ هذا الخلقَ عبثًا، بل بالحقِّ لتجْزِيَ الذين أساؤوا

ص: 57

بما عمِلوا، وتجزي الذين أحسَنوا بالحسْنى، ثم نَزَّهُوهُ عن العبثِ وخلقِ الباطلِ، فقالوا:{سُبْحَانَكَ} أي عن أن تخلقَ شيئًا باطلًا {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أي يا من خلق الخلقَ بالحقِّ والعدلِ، يا من هو منزَّهٌ عن النقائصِ والعيبِ والعبثِ. قِنَا من عذابِ النارِ بحولِك وقوتِك وقَيِّضْنَا لأعمالٍ ترضَى بها عنا. ووفِّقْنَا لعملٍ صالحٍ تهدينا به إلى جناتِ النعيمِ، وتجيرنا به من عذابِك الأليم» (1).

* * *

(1) تفسير ابن كثير (1/ 570 - 572) باختصار.

ص: 58