الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 - يا منزل الآياتِ والفرقانِ
أبو محمد الأندلسي القحطاني
يَا مُنْزِلَ الآيَاتِ وَالفُرْقَانِ
…
بَينِي وَبَيْنَكَ حرْمَةُ القُرْآن
اشْرَحْ بِهِ صَدْرِي لمعرِفَةِ الهُدَى
…
وَاعْصِمْ بِهِ قَلبِي مِنَ الشَّيطَان
واحطُطْ بِهِ وِزْرِي وَأخْلِصْ نِيَّتِي
…
وَاشدُدْ بِهِ أَزْرِي وأَصْلِحْ شَانِي
واكْشِفْ بِهِ ضُرِّي وحقِّقْ تَوبَتِي
…
أرْبِحْ بِهِ بَيْعِي بِلَا خُسْرَان
طهِّر بِهِ قَلْبِي وصَفِّ سَرِيرَتِي
…
أجمِلْ بِهِ ذِكْرِي وَأَعْلِ مكَانِي
وَاقْطَعْ بِهِ طَمَعِي وَشرِّفْ هِّمَتِي
…
كَثِّرْ بِهِ وَرَعِي وَأحِي جِنَانِي
أسهِرْ بِهِ لَيْلِي وأظْمِ جَوَارِحِي
…
أسبِلْ بِفيْضِ دُمُوعِهَا أجفاني
وَأمزِجْهُ يَا رَبِّي بلحْمِي مَعْ دَمِي
…
وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي مِنَ الأَضْغَان
أَنْتَ الَّذِي صَوَّرْتَنِي وَخَلقتَنِي
…
وَهَديْتني لِشَرَائِعِ الإِيمَان
أَنْتَ الَّذِي عَلَّمْتَنِي ورَحِمْتَنِي
…
وَجعلتَ صَدْرِيَ واعِيَ القُرْآن
أَنْتَ الَّذِي أَطْعَمْتَنِي وَسقَيْتَنِي
…
مِنْ غَيْرِ كَسْبِ يَدٍ وَلَا دُكَّان
وجَبَرْتَنِي وَسَتَرْتَنِي وَنَصَرْتَنِي
…
وَغَمَرْتَنِي بِالفَضْلِ والإِحْسَان
أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَنِي وَحَبَوْتَنِي
…
وَهَدَيْتَنِي مِنَ حِيرَةِ الخُذْلَان
وَزَرَعَتَ لِي بَيْنَ القُلُوبِ مَوَدَّةً
…
وَالعَطْفَ مِنْكَ بِرَحْمَةٍ وَحَنَان
وَنَشرتَ لِي فِي العَالمِينَ مَحَاسِنًا
…
وَسَتَرْتَ عَنْ أبصَارِهِمْ عِصْيَانِي
وجعلتَ ذكْرِيَ في البَرِيَّةِ شَائِعًا
…
حَتَّى جَعلْتَ جَمِيعَهُم إِخوَانِي
وَاللهِ لَو عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي
…
لَأبَى السَّلَامَ عليَّ مَنْ يَلْقَانِي
ولَأعْرَضُوا عَنِّي ومَلُّوا صُحْبَتِي
…
وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كرامةٍ بَهَوان
لَكنْ سَتَرتَ مَعَايِبِي ومثَالِبِي
…
وحَلُمْتَ عَنْ سَقَطِي وعَنْ طُغيَانِي
فَلَكَ المحَامِدُ والمدَائِحُ كُلُّهَا
…
بَخوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
وَلقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بَأنْعُمٍ
…
مَا لِي بشُكْرِ أقلِّهنَّ يَدَان
فَوَحَقِّ حِكْمَتِكَ التِي آتَيْتَنِي
…
حَتَّى شَددتَ بِنُورِهَا بُرْهَانِي
لئنِ اجتَبَتْنِي مِنَ رِضَاكَ مَعُونَةٌ
…
حتى تُقوِّيَ أيدُهَا إِيمَانِي
لأُسَبِّحَنَّكَ بُكْرةً وَعَشِيَّةً
…
ولتخدمنَّكَ في الدُّجَى أَركَانِي
ولأذْكُرَنَّكَ قَائِمًا أَو قَاعِدًا
…
ولَأشْكُرَنَّكَ سائِرَ الأَحيَان
ولأكتُمَنَّ عَنْ البَرِيَّةِ خِلَّتِيَّ
…
ولاشْكُوَنَّ إليك جَهْدَ زمَانِي
ولأقْصِدنَّكَ في جَمِيعِ حَوَائِجِي
…
مِنْ دُونِ قصدِ فُلانةِ وفُلان
ولأحسِمَنَّ عَنْ الأنَامِ مَطَامِعِي
…
بحُسَامِ يَأسٍ لم تَشُبْهُ بَنَانِي
ولأجعلَنَّ رِضَاك أكبرَ هِمَّتي
…
ولاضرِبَنَّ مِن الهَوَى شَيْطَانِي
ولأكسُوَنَّ عُيوبِ نَفسِي بالتُّقُى
…
ولأقبِضَنَّ عَنِ الفُجُورِ عِنَانِي
ولأمنَعَنَّ النَّفْسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا
…
ولأجعَلَنَّ الزُّهْدَ مِنْ أعْوَانِي
ولأتْلُوَنَّ حُرُوفَ وَحْيِكَ فِي الدُّجَى
…
ولأحْرِقَنَّ بنُورِهِ شَيْطَانِي
أنت الذي يا ربّ قلتَ حروفَه
…
ووصفته بالوعْظِ والتبيان
ونَظَمْتَه ببلاغةٍ أزليةٍ
…
تكييفُها يخفَى على الأذْهان
وهو المحيطُ بكلِّ شيءٍ عِلْمُه
…
من غير إغفالٍ ولا نِسْيان
من ذا يكيِّفُ ذاتَه وصفاتِه
…
وهو القديمُ مكوِّنُ الأكوان
سبحانَه ملِكًا على العرشِ استوى
…
وَحَوَى جميعَ الملكِ والسطانِ (1)
* * *
(1) مختارات من نوية القحطاني، ط. مكتبة السوادي - جدة.