الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من معاني اسم الله (العظيم)
من أسمائِه تعالى: (العظيم) قال تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255]، وقال:{إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} [الحاقة:33].
قالَ الزجاجُ: العظيمُ: المعظَّمُ في صفةِ اللهِ تعالى يفيدُ عِظَمَ الشأنِ والسلطانِ، وليس المرادُ به وصفَه بعظمِ الأجزاءِ لأن ذلك من صفاتِ المخلوقينَ تعالى الله عن ذلك علوًّا (1).
قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله تعالى: «العظيمُ الجامعُ لجميعِ صفاتِ العظمةِ والكبرياءِ، والمجدِ والبهاءِ الذي تحبُّه القلوبُ، وتعظِّمُه الأرواحُ، ويعرفُ العارفونَ أنَّ عظمةَ كلِّ شيءٍ، وإن جَلّتْ في الصفةِ، فإنها مُضْمَحِلةٌ في جانبِ عظمةِ العليِّ العظيمِ.
واللهُ تعالى عظيمٌ له كلُّ وصفٍ ومعنىً يوجبُ التعظيمَ، فلا يقدرُ مخلوقٌ أنْ يُثْنِيَ عليه كما ينبغي له، ولا يُحصِي ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسِه، وفوقَ ما يُثْنِي عليه عبادُه.
واعلمْ أن مَعَانِي التعظيمِ الثابتةِ للهِ وحدَه نوعانِ:
أحدُهما: أنه موصوفٌ بكلِّ صفةِ كمالٍ، وله من ذلك الكمالِ أكملُه، وأعظمُه وأوسعُه، فلهُ العلمُ المحيطُ، والقدرةُ النافذةُ والكبرياءُ والعظمةُ، ومن عظمتِه أنَّ السمواتِ والأرضَ في كفِّ الرحمنِ أصغرُ من الخردلَةِ كما قال ابنُ عباسٍ وغيرُه، وقال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا
(1) تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (ص:46).
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر:67]، وقال:{إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [فاطر:41]، وقال تعالى وهو العليُّ العظيمُ:{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ} الآية [الشورى:5].
وفي الصحيحِ عنه صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ يقولُ: الكبرياءُ ردائِي والعظمةُ إزاري، فمن نازَعَني واحدًا منهما عذبتُه» (1)، فللهِ تعالى الكبرياءُ والعظمةُ، والوصفانِ اللذانِ لا يُقْدَرُ قدرُهما ولا يُبْلَغُ كُنْهَهُمَا.
النوعُ الثاني من معاني عظمتِه تعالى: أنَّه لا يستحقُّ أحدٌ من الخلقِ أن يعظِّمَ كما يعظَّمَ اللهُ؛ فيستحقُّ جل جلاله من عبادِهِ أن يعظِّمُوه بقلوبِهم، وألسنتِهم، وجوارحِهم؛ وذلك ببذلِ الجهدِ في معرفتِه، ومحبتِه، والذلِّ له، والانكسارِ له، والخضوعِ لكبريائِه، والخوفِ منه، وإعمالِ اللسانِ بالثناءِ عليه، وقيامِ الجوارحِ بشكرِه وعبوديتِه. ومن تعظيمِه: أن يُتَّقى حقَّ تقاتِه؛ فيطاعَ فلا يُعْصَى، ويذكرَ فلا يُنسى، ويُشْكَرَ فلا يُكْفَرُ.
ومن تعظيمِه: تعظيمُ ما حرَّمَهُ وشرعَهُ من زمانٍ ومكانٍ وأعمالٍ: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32]، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [الحج:30].
ومن تعظيمِه: أن لا يُعترضُ على شيءٍ مما خَلَقَهُ أو شَرَعَهُ» (2).
(1) رواه أبو داود (3567)، وابن ماجه (4164).
(2)
الحق الواضح المبين (ص:27 - 28).
وعظمةُ اللهِ سبحانه وتعالى لا تكيَّفُ ولا تحدُّ، ولا تمثَّلُ بشيءٍ، ويجبُ على العبادِ أن يعلَمُوا أنه سبحانَهُ عظيمٌ كمَا وصفَ نفسَهُ بذلك، ووصفَهُ به رسولُه صلى الله عليه وسلم بلا كيفيةٍ ولا تحديدٍ، وقدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ:«تفكرُوا في آلاءِ اللهِ ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ» ، وفي لفظ:«تَفكَّروا في خلقِ اللهِ ولا تَفَكَّرُوا في اللهِ» .
* * *