الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - إلهي أقلني عثرتي
عبد الرحيم البرعي
عَسى من خَفِيِّ اللطفِ سُبحانَهُ لُطْفٌ
…
بِعَطْفَةِ بِرٍّ فالكَرِيمُ لَهُ عَطفُ
عَسى مِن لَطِيفِ الصُّنعِ نَظرَةُ رَحمَةٍ
…
إلى مَنْ جفَاهُ الأهلُ والصَّحبُ والإِلْفُ
عَسى فَرَجٌ يأتِي بِهِ اللهُ عاجِلًا
…
يُسَرُّ بِهِ المَلْهُوفُ إن غَمَّهُ اللَّهفُ
عَسى لِغَريبِ الدَّارِ تَدبِيرُ رَأفَةٍ
…
وبِرٌّ مِنَ البارِي إذا العَيشُ لَمْ يَصفُ
عَسى نَفحَةٌ فَردِيَّةٌ صَمَديَّةٌ
…
بِها تنقَضِي الحاجاتُ والشَّمْلُ يُلتفُّ
فإنِّيَ والشَّكوى إلى اللهِ كالَّذِي
…
رَمى نَفسَهُ في لُجَّةٍ مَوجُها يَطفُو
فَمِنْ مِحَنِ الأيَّامِ قَلبِي مُعَذَّبٌ
…
ألَمَّ بِرَوحِي قَبلَ حَتفِ الفَنا حَتفُ
ومِنْ فُرقَةِ الأحبابِ قَلبِي مُقسَّمٌ
…
ثلاثٌ وأرباعٌ ونِصفٌ ولا نَصفُ
وإني لأرضَى ما قَضَى اللهُ لي ولو
…
عَبَدْتُ على حَرْفٍ لأَزْرَى بيَ الحرفُ
ولم أَبنِ حُسنَ الظَّنِّ في سيِّدي عَلى
…
شفا جُرُفٍ هارٍ فَيَنهارُ بي الجَرفُ
ولكِنْ دَعَوتُ اللهَ يَكشِفُ كُربَتِي
…
فَما كُربَةٌ إلَّا ومِنهُ لَها كَشفُ
فكَمْ بُسِطت كَفٌّ بسوءٍ تُرِيدُني
…
فَقالَ لَها الكافِي ألا غُلَّتِ الكَفُّ
وَكَمْ هَمَّ صَرفُ الدّهْرِ يَصرِفُ نابَهُ
…
عَلَيَّ فَجاءَ الموتُ وانصَرَفَ الصَّرفُ
ولمْ أَعتَصِمْ باللهِ إِلَّا وَمَدَّ لِي
…
مَنَ البِرِّ ظِلًّا في رضاءٍ لَهُ وَكْفُ (1)
وإني لمُستغَنٍ بِفَقرِي وفاقَتِي
…
إِليهِ ومُستقْوٍ وَإنْ كانَ بِي ضَعفُ
وفي الغَيبِ لِلعَبدِ الضَّعيفِ لَطائفٌ
…
بِها جَفَّتِ الأقلامُ وانطَوَتِ الصُّحفُ
(1) وكْف: الوكف الجريان والتتابع.
بِقُدرَةِ مَنْ شَدَّ الهوا وبَنى السَّما
…
طَرائِقَ فَوقَ الأرضِ فَهْي لَها سَقفُ
ومَنْ نَصَبَ الكُرسيَّ والعَرشَ واستَوى
…
على العَرشِ، والأملاكُ مِن حَولِهِ حَفُّوا
ومَنْ بَسَطَ الأرضِينَ فَهِيَ بِلُطفِه
…
لِحَيِّ بَنِي الدُّنيا ومَيِّتِهِمْ ظَرفُ
وألقى الجبِالَ الشُّمَّ فِيها رَواسِيًا
…
فَلَيسَ لها مِنْ قَبلِ مَوعِدِها نَسفُ
وأَلبْسَها من سُندُسِ النَّبتِ بَهجَةً
…
مِنَ النورِ ما صِنْفٌ يُشابِهُهُ صِنفُ
وسَخَّرَ من نَشْرِ السَّحابِ لواقِحًا
…
إذا انتشَرَت دَرَّت سَحائِبُها الوَطفُ (1)
وأَنشَأ من أَلفافِها كُلَّ حَبَّةٍ
…
به الأبُّ والريحانُ والحَبُّ والعَصْفُ
ويعلمُ مَسْعَى كلَّ سارٍ وساربٍ
…
وما أعلنوه من خِطابٍ وما أخْفُوا
(1) الوطف: الماء المنهمر.
ويَدرِي دَبِيبَ النَّملِ في اللَّيلِ إن سَعَت
…
وإن وَقَفَتْ ما أمكَنَ السَّعيُ والوقفُ
ووزنُ جِبالٍ كَمْ مَثاقِيلَ ذَرَّةٍ
…
وكَيْلُ بِحارٍ لا يُغَيِّضُها نَزفُ
وكَمْ في غَرِيبِ المُلكِ والمَلَكُوتِ مِنْ
…
عَجائِبَ لا يُحصِي لأيسَرِها وصفُ
فَسُبحانَ مَنْ إن هَمَّ وَهْمٌ يَقِيسُهُ
…
بِكُفءٍ وتكيِيفٍ يُلَجِّمُهُ الكَفُّ
إِلَهِي أقِلنِي عَثرَتِي وتَوَلَّنِي
…
بِعفوٍ فإنَّ النائِباتِ لها عُنفُ
خَلَعتُ عِذَارِي ثُمَّ جِئتُكَ عائِذًا
…
بِعُذرِي فإن لم تَعفُ عَنِي فَمَنْ يَعفُو
* * *