الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القارئ: فإن كانت الثمرة باقية أخذها ربها وإن كانت تالفة ضمنها لمن شاء منهما فإن ضمنها للغاصب ضمنه جميعها لأنه حال بينه وبينه وإن ضمنها العامل ضمنه النصف لأنه لم يحصل في يده غيره ويحتمل أن يضمنه الجميع لأن يده ثبتت عليه وعمل فيه فضمنه كالعامل في القراض.
الشيخ: معنى (ضمنه النصف) يعني أَخَذَ الثمر كلها فيكون الفائت على العامل هو النصف.
باب
المزارعة
القارئ: وهي دفع الأرض إلى من يزرعها بجزء من الزرع.
الشيخ: قوله (دفع الأرض إلى من يزرعها بجزء من الزرع) نقول نحتاج إلى زيادة قيد وهو أن يكون مشاعاً وقيد ثالث أن يكون معلوماً.
القارئ: وتجوز في الأرض البيضاء والتي بين الشجر لخبر ابن عمر رضي الله عنهما وما ذكرنا في المساقاة وأيهما أخرج البذر جاز لأن النبي صلى الله عليه وسلم دفع خيبر معاملة ولم يذكر البذر وفي ترك ذكره دليل على جوازه من أيهما كان وفي بعض لفظ الحديث ما يدل على أنه جعل البذر عليهم لقول ابن عمر (دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل خيبر وأرضها إليهم على أن يعملوها من أموالهم) رواه مسلم وفي لفظ (على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها) وعن عمر رضي الله عنه (أنه كان يدفع الأرض على أن من أخرج البذر فله كذا ومن لم يخرجه فله كذا) وظاهر كلام أحمد رضي الله عنه أنه يشترط كون البذر من رب الأرض لأنه عقد يشترك رب المال والعامل في نمائه فوجب أن يكون رأس المال من رب المال كالمساقاة والمضاربة فإن شرطه على العامل أو شرط أن يأخذ رب الأرض مثل بذره ويقتسما ما بقي فسدت المزارعة ومتى فسدت فالزرع لصاحب البذر لأنه من عين ماله ولصاحبه عليه أجرة مثله.
الشيخ: الصحيح أنه لا يشترط أن يكون البذر من رب الأرض لأنه لا دليل عليه والقياس لا يصح بل ظاهر الدليل أنه ليس على صاحب الأرض لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عامل أهل خبير بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ولم يذكر أن الحب الذي يزرع يكون عليهم وهذا هو الذي عليه العمل ولهذا قال صاحب زاد المستقنع ولا يشترط كون البذر والغراس من رب الأرض وعليه عمل الناس، وقوله (ولصاحبه عليه أجرة مثله) نقول الصحيح أن له سهم المثل لأن العقد وقع على المشاركة فيجب أن يعطى مثل نصيب مَنْ شارك.
فصل
القارئ: فإن دفع بذراً إلى ذي أرض ليزرعه فيها بجزء لم يصح لأن البذر لا من العامل ولا من رب الأرض فإن قال أنا أزرع أرضي ببذري وعواملي على أن سقيها من مائك بجزء لم يصح لأن المزارعة معاملة على الأرض فيجب أن يكون العمل فيها من غير صاحبها وعنه أنه يصح اختارها أبو بكر لأنه لما جاز أن يكون عوض العمل جزءاً مشاعا جاز أن يكون عوض الماء كذلك وإن كانوا ثلاثة من أحدهم الأرض ومن آخر العمل ومن آخر البذر والزرع بينهم فهي فاسدة لما ذكرنا في أول الفصل.
فصل
القارئ: فإن قال أجرتك هذه الأرض بثلث الخارج منها فقال أحمد رضي الله عنه يصح واختلف أصحابه فقال أكثرهم هي إجارة صحيحة يشترط فيها شروط الإجارة وقال أبو الخطاب هذه مزارعة بلفظ الإجارة فيشترط فيها شروط المزارعة وحكمها حكمها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كانت له أرض فليزرعها أو فليزرعها أخاه ولا يكريها بثلث ولا بربع ولا بطعام مسمى) رواه أبو داود ولأن هذا مجهول فلم يجز أن يكون عوضاً في الإجارة كثلث نماء أرض أخرى.
الشيخ: لو قال آجرتك هذه الأرض بمائة صاع فإنه يصح لأن المائة صاع خارجة عن الزرع الذي زرعه في الأرض، ولو قال آجرتك هذه الأرض بمائة صاع مما يخرج منها فإنه لا يصح لأن هذا شرط معلوم في المزارعة فلا يصح، ولو قال آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها ففيها قولان في مذهب الإمام أحمد قول أنه يصح وهو نص الإمام أحمد رحمه الله والقول الثاني أنه لا يصح، ولكن نقول الأصل في المعاملات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه بنص أو قياس صحيح.
فصل
القارئ: وحكم المزارعة حكم المساقاة فيما ذكرناه من الجواز واللزوم وما يلزم العامل ورب الأرض وغير ذلك من أحكامها لأنها معاملة على الأرض ببعض نمائها وإن كانت الأرض ذات شجر فقال ساقيتك على الأرض والشجر بالنصف أو قال ساقيتك على الشجر بالنصف وزارعتك الأرض بالثلث جاز لأنهما عقدان يجوز إفرادهما فجاز جمعهما كعينين.
فصل
القارئ: ومتى سقط من الحب شيء ثم نبت في عام آخر أو سقط من حب المستأجر ثم نبت في عام آخر فهو لصاحب الأرض لأن صاحب الحب أسقط حقه منه بحكم العرف بدليل أن لكل أحد التقاطه فسقط كما لو سقط النوى فنبت شجراً.
الشيخ: ما ذكره المؤلف صحيح وذلك أن الزرع عند الحصاد لا بد أن يتناثر منه حب فإذا نبت هذا الحب فهو لصحاب الأرض لأن هذا هو العرف والدليل على هذا أنه لو تتبع هذا الحب أحد بعد الحصاد فإنه له كما جرى به العرف لكن لو أصيب هذا الزرع ببرد فحصده حصداً ونبت الحب الذي تأثر بهذا البَرَد فهل نقول إنه لصاحب الأرض أو نقول إن الزرع لمالك الحب؟ الجواب الثاني لأن هذا شيء خارج عن العادة وصورة المسألة نقول هذا إنسان زرع هذه الأرض ثم أرسل الله عليها بَرَداً ثم إن البرد كسر هذا الزرع واختلط الحب بالطين وفي السنة الثانية نبت فهل نقول إنه لصاحب الأرض أو نقول إنه لصاحب الحب؟ الجواب الثاني ولا شك لأن هناك فرقاً بين ما جرت العادة بأنه يسقط ويملكه من لَقَطَهُ وبين هذا الذي تلف على صاحبه بآفة فإنه لازال ملكه عليه.
السائل: قول المؤلف أحمد رضي الله عنه ما حكم هذه العبارة رضي الله عنه؟
الشيخ: جرى العادة والعرف أن رضي الله عنه تقال للصحابة وأما من بعدهم فيقال رحمهم الله إلا أنهم يتساهلون بالنسبة للأئمة فيقولون الإمام أحمد رضي الله عنه، الإمام الشافعي رضي الله عنه، الإمام مالك رضي الله عنه، الإمام أبوحنيفة رضي الله عنه، لكن العرف المطرد أن هذا الدعاء رضي الله عنه للصحابة فقط، والأحسن أن يقال عن الأئمة رحمه الله.