الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير قماش القباء فقماش القباء يكون غليظاً وثخيناً والقميص بعكس ذلك، والمهم أن القول الراجح في هذه المسألة أن ننظر للقرائن باعتبار الشخص أو باعتبار الثوب.
باب
الجعالة
القارئ: وهي أن يجعل جعلاً لمن يعمل له عملا من رد آبق أو ضالة أو بناء أو خياطة وسائر ما يستأجر عليه من الأعمال فيجوز ذلك لقول الله تعالى (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) ولما روى أبو سعيد أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا حياً من أحياء العرب فلم يقروهم فبيناهم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا هل فيكم من راق فقالوا لم تقرونا فلا نفعل أو تجعلوا لنا جعلا.
الشيخ: قوله في الحديث (أو تجعلوا لنا جعلاً) نقول (أو) هنا بمعنى إلا، كقول القائل لأقتلن الكافر أو يُسلمَ والمعنى إلا أن يُسْلِم و (أو) تأتي بمعنى إلا أن، وتأتي بمعنى إلى أن فإذا كانت للغاية فهي بمعنى إلى أن وإذا كانت لغير الغاية فهي بمعنى إلا أن.
القارئ: فجعلوا لهم قطيع شياه فجعل رجل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرئ الرجل فأتوهم بالشياه فقالوا لا نأخذها حتى نسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوا فقال (وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي منها بسهم) متفق عليه ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك في رد الضالة ونحوها فجاز كالإجارة.
الشيخ: هذا الحديث فيه آية من آيات الله عز وجل، الصحابة رضي الله عنهم نزلوا على هذا الحي ولكن الحي لم يقوموا بالضيافة والضيافة واجبة (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) فتنحوا فسلط الله على سيدهم عقرباً لدغته فتألم منها فأتوا إلى الصحابة فقالوا هل فيكم من راقٍ؟ قالوا نعم، لكنكم لم تقرونا _أي تضيفونا_ فلا نقرأ إلا بجعل فجعلوا لهم جعلاً غنماً، فذهب أحدهم وجعل يقرأ عليه بفاتحة الكتاب فقط فقام هذا اللديغ كأنما نُشِطَ من عقال وسبحان الله هذا من تأثير القرآن لكن لا بد في نفع القراءة على المريض من ثلاثة أمور:
أولاً المحل القابل.
ثانياً أهلية الفاعل.
ثالثاً آلية القراءة.
أما قبول المحل أي بمعنى أن يكون المريض قابلاً لهذه القراءة موقناً أنها سوف تنفعه، وأما أهلية الفاعل وذلك بأن يكون عنده توكل على الله عز وجل وقوة وعزيمة واعتقاد بأن ذلك سينفع وأما إن فعل ذلك للتجربة فهذا لا ينفع والثالث الآلية وذلك أن يكون ما يقرأ به مما ورد في الكتاب والسنة أما إذا قرأ بأشياء لا يُعرف معناها كرموز وألغاز فهذا لا ينفع ولا يجوز وإن نفع فهو بواسطة الشيطان وهنا سؤال وهو هل هذا الرجل أعني سيد هؤلاء القوم هل هو قابل لهذه القراءة؟ الجواب قابل بلا شك فهم يطلبون أحداً يقرأ عليه وكذلك الرجل الفاعل أي القارئ هو أهل لذلك لأنه صحابي وقرأ على أساس أن القراءة سوف تنفع والآلية كذلك لا شك فيها لأن ما قرأ به هو القرآن وهي الفاتحة وسبحان الله يعني قد يقول قائل ما العلاقة بين المرض وبين الفاتحة؟ نقول العلاقة لأن الفاتحة أم القرآن فهي جامعة لمعاني القرآن كله فلذلك صارت رقية مع أنك لو قرأت الفاتحة على لديغ قد تقول ما العلاقة بين اللدغة وبين قراءة الفاتحة ولو قرأت مثلاً (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) لكان هذا مناسباً ووجه المناسبة هو ذكر السكون أو ما أشبه ذلك من الآيات التي تتناسب مع المرض، لكن ما مناسبة الفاتحة للرقية؟ الفاتحة هي أم القرآن وهي السبع المثاني ولا نظير لها في الكتب السابقة أبداً فلذلك كانت قرأتها على المرضى شفاء بإذن الله عز وجل، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم أشكل عليهم ما أخذوه من الغنم وقالوا لا نأخذها حتى نسأل الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا من ورعهم فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال (وما يدريك أنها رقية) وهذا الاستفهام للتقرير يعني أنها رقية وأذن لهم بأخذ الجعل وقال أضربوا لي منها بسهم وهذا هو العلم فهل هو بحاجة إلى أن يضرب له منها بسهم؟ الجواب لا، لكنه سألهم لمصلحتهم هم لا لمصلحته هو وذلك لكي تطمئن نفوسهم لأن
التعليل بالفعل أشد تأثيراً من التعليل بالقول وهذا كما أمرنا الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم أن نُصلِّيَ عليه مع أنه ليس بحاجة لنا لكن هذا لأجل مصلحتنا نحن لأننا إذا صلينا عليه وعلى آله وسلم مرة واحدة صلى الله علينا بها عشرة.
وفي هذا حديث أيضاً دليل على جواز أخذ الجعل على القراءة على المريض لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك فإن قال قائل كيف يجوز الأخذ على قراءة القرآن؟ قلنا ليس هذا الجعل لقراءته القرآن فلم يقل للرجل اقرأ علينا الفاتحة أو أقرأ علينا البقرة ونعطيك عشرة ريال مثلاً كل ذلك لم يُقَلْ، بل هذا الجعل من أجل أنَّ علاجه بقراءة القرآن فشفاه الله عز وجل فَنَفعُ هذه القراءة متعدي كما أنه يجوز أن تأخذ أجراً على تعليم القرآن وأما على قراءة القرآن فلا يجوز فإذا أخذ الإنسان أجراً على قراءة القرآن فهذا حرام ولا ثواب له وإذا أخذ أجراً على تعليم القرآن فهذا جائز ولا بأس به لأن الأجر هنا على عمل متعدي وإذا أخذ عوضاً على قراءة القرآن على مريض فهذا جائز لأن نفع ذلك متعدي فالمؤلف رحمه الله استدل بالحديث واستدل بالنظر وهو التعليل لأن الحاجة تدعو إلى ذلك في رد الضالة ونحوها فجاز كالإجارة ورد الضالة هو أن تعلن مثلاً من رد ضالتي فله كذا وكذا فهذا جائز فربما يردها عن قُرْبٍ وربما يردها عن بُعْدٍ فنقول هو وحظه إن وجدها قريبة من البلد فهذا حظه وإن وجدها بعيدة فهذا حظه ولو قُدِّرَ أن هذا الذي سمع بهذا الإعلان ذهب يطلب وتعب وأتعب سيارته وفي النهاية وجدها شخص آخر فهل الأول الذي تعب في البحث يستحق شيئاً؟ الجواب لا، لأنه ما تم المعقود عليه فالرجل قال من رد ضالتي، وهذا لم يردها فيكون الله عز وجل قد قدر الرزق للذي ردها، ثم نقول أيضاً هذا الذي ردها هل يستحق الجعل أو لا يستحق؟ الجواب إن كان الذي ردها عمل العمل لردها بعد علمه بالجعل فله ذلك وإن كان قبل علمه فلا شيء له، لأنه لم يعمل لأجل
العوض فقد تكون وقعت في يده وأخذها أو فعل ذلك تبرعاً ومساعدة لصاحبه فهو لم يأت بها بناءً على العوض.
السائل: قد يأتي إمام إلى أهل حي فيصلي بهم فتجد أثر قراءته ظاهراً على المصلين من خشوع وبكاء وقد يأتي إمام آخر إلى نفس أهل الحي فيصلي بهم لكن لا تجد ذلك التأثر فما السبب في ذلك؟
الشيخ: على كل حال الخشوع له أسباب منها الأداء فبعض الناس أداءه للقرآن الكريم يُخَشِّعُ الغير، ومنها أيضاً أنه إذا خشع الإمام فالغالب أن المأمومين يتأثرون ويخشعون، ومنها استحضار المعنى في آيات توجب رقة القلب فالآيات ليست على حد سواء فإذا قرأت مثلاً سورة ق أو قرأت سورة الواقعة لا شك إنك تتأثر أكثر مما لو قرأت آية الدين مثلاً فهذه لها أسباب، ثم إن قسوة القلوب الآن أكثر من قبل فالآن القلوب قاسية لأنه فتحت علينا الدنيا وانهمكنا بها فصار الإنسان يدخل في صلاته ويفكر ويخرج منها وهو يفكر وهذا لا شك أن له تأثير قوي.
السائل: قد يصاب الإنسان بألم ما فيقرأ على نفسه فيشفى في وقت قصير وقد يصيبه نفس الألم فيقرأ عليه نفس القراءة ومع ذلك قد لا يشفى إلا في وقت طويل فما سر ذلك؟
الشيخ: هذا معلوم لأن الأمر بيد الله عز وجل فما كل سبب يؤثر فالأسباب لا تؤثر بنفسها قد يكون هناك مانع ما وقد يكون الله عز وجل أراد أن يدخر لهذا الداعي ما هو خير وقد يكون الله عز وجل يريد أن يترقى هذا الذي أصابه المرض إلى درجة الصابرين لأن الصبر درجة عالية لا تنال إلا بوجود ما يُصْبَرُ عليه وانظر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ألم يكن يوعك كما يوعك الرجلان مع أنه خير الله عز وجل ولكن هذا لأجل أن ينال درجة الصبر فهو نال عليه الصلاة والسلام درجة الصبر على أقدار الله ونال درجة الصبر على طاعة الله فقد يدعو الناس وهم يؤذونه ويحاربونه ويقتلون أصحابه وهو صابر على هذه الدعوة، ثم الصبر على محارم الله وهو معروف.
القارئ: ويجوز عقد الجعالة لعامل غير معين وعمل مجهول فيقول من رد ضالتي فله كذا للآية ولأن الحاجة داعية إليه مع الجهل فجاز كالمضاربة ولا يجوز إلا بعوض معلوم لأنه عقد معاوضة فاشترط العلم بعوضه كالإجارة.
الشيخ: قوله (فله كذا للآية) ماهي الآية؟ الجواب هي قوله تعالى (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) فهو لم يعين العامل ولم يعين العمل لأنه لا ندري ما يأتي به.
القارئ: فإن شرط مجهولاً فسد وله أجرة المثل لأنه عقد يجب المسمى في صحيحه فوجبت أجرة المثل في فاسده كالإجارة.
فصل
القارئ: وهي عقد جائز لأنها تنعقد على مجهول فكانت جائزة كالمضاربة وأيهما فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء للعامل وإن فسخه العامل قبل تمام العمل فلا شيء له لأنه إنما يستحق بعد الفراغ من عمله وقد تركه وإن فسخه الجاعل بعد التلبس به فعليه أجرة ما عمل العامل لأنه إنما عمل بعوض لم يسلم له وإن تم العمل لزم العقد ووجب الجعل لأنه استقر بتمام العمل فأشبه الربح في المضاربة وإن زاد في الجعل أو نقص منه قبل الشروع في العمل جاز لأنه عقد جائز فجازت الزيادة فيه والنقصان قبل العمل كالمضاربة.
فصل
القارئ: ولا يستحق الجعل إلا بعد فراغه من العمل لأنه كذا شرط وإن جعل له جعلاً على رد آبق فرده إلى باب الدار فهرب أو مات قبل تسليمه لم يستحق شيئا لأنه لم يأت بما جُعِلَ الجعل فيه وإن قال من رده من مصر فله دينار فرده من نصف طريقها أو قال من رد عَبْدَيَّ فله دينار فرد أحدهما فله نصف الدينار لأنه عمل نصف العمل وإن رده من أبعد من مصر لم يستحق إلا الدينار لأنه لم يضمن لما زاد شيئا وإن رده جماعة اشتركوا في الدينار لأنهم اشتركوا في العمل فإن جعل لواحد في رده ديناراً ولآخر اثنين ولآخر ثلاثة فلكل واحد منهم ثلث جعله.
الشيخ: كم يستحق كل واحد منهم؟ الأول له ثلث دينار والثاني ثلثا دينار والثالث دينار كامل.
القارئ: وإن جعل لواحد منهم ثوباً فله ثلث أجرة المثل لأنه عوض مجهول فاستحق ثلث أجرة المثل وإن جعل لواحد جعلا فأعانه آخر فالجعل كله للمجعول له لأن العمل كله له فإن قال الآخر شاركته لأشاركه في الجعل فللعامل نصف الجعل لأنه عمل نصف العمل ولا شيء للآخر لأنه لم يشرط له شيء.
فصل
القارئ: ومن عمل لغيره عملاً بغير جعل فلا شيء له لأنه بذل منفعته بغير عوض فلم يستحقه وإن التقط لقطة قبل الجعل ثم بلغه الجعل لم يستحقه لأنه وجب عليه ردها بالتقاطها فلم يجز له أخذ العوض عن الواجب وإن التقطها بعد الجعل ولم يعلم بذلك لم يستحقه لأنه تطوع بالالتقاط وإن نادى غير صاحب الضالة من ردها فله دينار فردها رجل فالدينار على المنادي لأنه ضمن العوض وإن قال في النداء قال فلان من رد ضالتي فله دينار فردها رجل لم يضمن المنادي لأنه لم يضمن إنما حكى قول غيره.
الشيخ: إذا أنكر صاحب الضالة وقال أنا لم أقل أن من ردَّ ضالتي له دينار وهذا المنادي كذب عليَّ، فهنا يضيع حقه على كلام المؤلف لأنه لم يحتط لنفسه، ولكن نقول الذي يظهر أن هذا المنادي إذا كان موثوقاً فإنه يضمن لأنه موثوق فيقال له أحضر الجعل الذي جعلت وارجع أنت على صاحب الضالة لأن المنادي الذي قال: قال فلان من رد ضالتي فله كذا وثق الناس في قوله وذهبوا يطلبون الضالة لأجل ثقتهم به فإذا أحضروها نقول له عليك الضمان لأنك رجل ثقة والناس ما عملوا إلا بناءً على استحقاقهم لهذا الجعل ثم أنت ارجع على صاحبك وهذا الأمر يكون فيما إذا أنكر صاحب الضالة أما إذا أقر فهنا وجب عليه الجعل _ أي على صاحب الضالة _.
فصل
القارئ: وإن اختلفا في الجعل أو في قدره أو في المجعول فيه الجعل فالقول قول المالك لأنه منكر ما يدعى عليه والأصل عدمه.
الشيخ: قوله (الأصل عدمه) وفي نسخة (الأصل معه).
فصل
القارئ: وإن رد آبقاً من غير شرط ففيه روايتان إحداهما لا جعل له فيما ذكرنا والثانية له الجعل لأن ذلك يروى عن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل في الآبق إذا جاء به خارجاً من الحرم دينارا ولأن في ذلك حثاً على رد الآبق وصيانة عن الرجوع إلى دار الحرب وردتهم عن دينهم فينبغي أن يكون مشروعا وقدر الجعل دينار أو اثنا عشر درهما لما رُوِّينَا ولأن ذلك يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما وعن أحمد رضي الله عنه أنه إن رده من خارج المصر فله أربعون درهما وإن رده من المصر فله دينار لأنه يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه وسواء كان ذلك كقيمة العبد أو أقل أو أكثر فإن مات السيد استحق الجعل في تركته وما أنفقه على الآبق في قوته رجع به على سيده سواء رده أو هرب منه في بعض الطريق.
الشيخ: الصحيح أن له عوضاً في رده للآبق، لكن تقديره باثني عشر ديناراً أو الاختلاف بين المصر وغيره فيه نظر لأن ما روي عن الصحابة في هذا يمكن أن يكون في ذلك الوقت هو أجرة المثل فقدروه بذلك لأنه أجرة المثل فالصواب أنه يستحق لأن خطر الآبق ليس كغيره وعليه فهو يستحق العوض لكن يرجع في ذلك إلى أجرة المثل وأما التقدير الوارد عن الصحابة فهذا لأنه كان في عهدهم يستحق هذا القدر.
السائل: لوقال رجلٌ من ردَّ ضالتي (فله جائزة) ولم يعين ما هي هذه الجائزة ومن المتعارف عليه عند أهل هذه البلاد مثلاً أن من رد الضالة فله عشر قيمتها فهل إذا وجدها رجل ما وردها يستحق عشر قيمتها أم لا وهل هناك فرق بين أن يقول فله (جائزة) أو فله (الجائزة)؟
الشيخ: نعم لو قال (فله الجائزة) فهنا يأخذ ما كان معروفاً وهو عشر القيمة ولكنه قال (فله جائزة) فيرجع في ذلك إلى أجرة المثل.