الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: في مسجد الخليل
قال تقي الدين رحمه الله في أواخر كتابه تفسير سورة الإخلاص ما مثاله ولما كان اتخاذ القبور مساجد وبناء المسجد عليها محرمًا لم يكن شيء من ذلك على عهد الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولم يكن يعرف قط مسجد على قبر. وكان الخليل عليه السلام في المغارة التي دفن فيها وهي مسدودة لا أحد يدخل إليها ولا تشد الصحابة الرحال لا إليه ولا إلى غيره من المقابر؛ لأن في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا" 1 فكان يأتي من يأتي منهم إلى المسجد الأقصى يصلون فيه ثم يرجعون لا يأتون مغارة الخليل ولا غيرها، وكانت مغارة الخليل مسدودة حتى استولى النصارى على الشام في أواخر المائة الرابعة ففتحوا الباب وجعلوا ذلك المكان كنيسة، ثم لما فتح المسلمون البلاد اتخذه بعض الناس مسجدًا وأهل العلم ينكرون ذلك والذي يرويه بعضهم في حديث الإسراء أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم:"هذه طيبة انزل فصل -فنزل فصلى- هذا مكان أبيك انزل فصل" كذب موضوع لم يصل النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة إلا في المسجد الأقصى خاصة كما ثبت في ذلك الصحيح
1 صح عن جمع من الصحابة، وقد خرجتهم في "الإرواء""765، 952" و"أحكام الجنائز""ص224-226".
ولا نزل إلا فيه ولهذا لما قدم الشامة من الصحابة من لا يحصي عددهم إلا الله وقدمها عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وبعد فتح الشام لما صالح النصارى على الجزية وشرط عليهم الشروط المعروفة، وقدمها مرة ثالثة حتى وصل إلى سرغ ومعه أكابر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فلم يذهب أحد منهم إلى مغارة الخليل ولا غيرها من آثار الأنبياء التي بالشام لا ببيت المقدس ولا بدمشق ولا غير ذلك مثل الآثار الثلاثة التي بجبل قاسيون، في غربيه الربوة المضافة إلى عيسى عليه السلام وفي شرقيه المقام المضاف إلى الخليل عليه السلام، وفي وسطه وأعلاه مغارة الدم المضافة إلى هابيل لما قتله قابيل فهذه البقاع وأمثالها لم يكن السابقون الأولون يقصدونها ولا يزورونها ولا يرجون منها بركة.