الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: في مزارات ما حول المدينة المنورة
قال شيخ الإسلام أيضًا عليه الرحمة في التفسير المنوه به بعد ما تقدم: ولهذا لم يستحب علماء السلف من أهل المدينة وغيرها قصد شيء من المساجد والمزارات التي بالمدينة وما حولها بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مسجد قباء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد مسجدًا بعينه يذهب إليه هو. وقد كان بالمدينة مساجد كثيرة لكل قبيلة من الأنصار مسجد لكن ليس في قصده دون أمثاله فضيلة بخلاف مسجد قباء فإنه أول مسجد بني في المدينة على الإطلاق وقد قصده الرسول بالذهاب إليه وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من توضأ في بيته ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه كان كعمرة" 1 ومع هذا فلا يسافر إليه لكن إذا كان الإنسان بالمدينة أتاه ولا يقصد إنشاء السفر إليه بل يقصد إنشاء السفر إلى المساجد الثلاثة لحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
…
" إلخ2 ويستحب زيارة قبور البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم والاستغفار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد ذلك مع أن هذا مشروع لجميع موتى المسلمين كما يستحب السلام عليهم والدعاء لهم والاستغفار. وزيارة القبور بهذا القصد مستحبة وسواء في ذلك قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم. وكان عبد الله بن عمر إذا دخل المسجد يقول: السلام عليك يا
1 قلت: وصححه الحاكم والذهبي وهو كما قالا كما في "تخريج الترغيب""2: 139".
2 تقدم قبل حديث.
رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف. وأما زيارة قبور الأنبياء والصالحين لأجل طلب الحاجات منهم أو دعائهم والإقسام بهم على الله أو ظن أن الدعاء والصلاة عند قبورهم أفضل منه في المساجد والبيوت فهذا ضلال وشرك وبدعة باتفاق أئمة المسلمين، ولم يكن أحد من الصحابة يفعل ذلك. كانوا إذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم يقفون يدعون لأنفسهم ولهذا كره ذلك مالك وغيره من العلماء؛ لأنها من البدع التي لم يفعلها السلف واتفق العلماء الأربعة وغيرهم من السلف على أنه إذا أراد أن يدعو يستقبل القبلة ولا يستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا سلم عليه فأكثرهم قالوا: يستقبل القبر، قاله مالك والشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: بل يستقبل القبلة أيضًا ويكون القبر عن يساره، وقيل: بل يستدبر القبلة. ا. هـ بحروفه