الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: في آداب الإمام والقدوة
-وفيه فروع:
الأول فيه مسائل:
1-
قال التاج السبكي في معيد النعم: من حق الإمام النصح للمؤتمين بأن يخلص في صلاته ويجأر في دعائه ويتضرع في ابتهاله ويحسن طهارته وقراءته ويحضر إلى المسجد أول الوقت فإن اجتمع الناس بادر بالصلاة وإلا انتظر الجمع ما لم يفحش الانتظار. وبالجملة فينبغي أن يأتي بصلاته على أكمل ما يطيقه من الأحوال. ا. هـ.
2-
قال الإمام ابن عاشر المالكي: شرط الإمام أن يكون قادرًا على أدائها فإن عرض للإمام ما يمنعه القيام استخلف ورجع إلى الصف مأمومًا. وأن يكون عارفًا بحكم الصلاة أي عالمًا بما لا تصح الصلاة إلا به من القراءة والفقه فلا يصح الاقتداء بمن لا يحفظ من القرآن شيئًا ولا يعرفه والفقه هو معرفة كيفية الغسل والوضوء وأن يكون غير فاسق وأن يكون غير لحان وأن لا يكره المؤتمون أو أكثرهم وأن لا يكون مجهول الحال ما لم يكن راتبًا وأن لا يكون ضعيف العقل ولا متهمًا بارتكاب فاحشة تلغط الألسنة فيها وأن لا يكون مجذومًا يتأذون به ومثله من فيه مرض منفر وأن لا يشترط أجرة، وأما ما وقف فهو عطية لمن
قام بتلك المئونة.
3-
إمام المسجد وساكن البيت أحق ممن حضر إلا من ذي سلطان. والحر والحضري والمقيم والبصير والمختون ومن عليه ثوبان وساتر رأسه أولى من ضدهم "زاد المستقنع".
4-
يلي الإمام من المأمومين الرجال ثم الصبيان ثم النساء "زاد".
5-
يسن للإمام التخفيف مع الإتمام وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية.
6-
إذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها، وبيتها أفضل لها لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تمنعوا إماء الله مسجد الله، وبيوتهن خير لهن، وليخرجن تفلات" 1 رواه الإمام أحمد وأبو داود. وتخرج غير مطيبة ولا لابسة ثياب زينة.
7-
من ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرجع ليأتي به بعده لتحصل المتابعة الواجبة ويحرم سبق الإمام عمدًا للوعيد الشديد فيه "زاد".
8-
لو أحس الإمام في ركوعه أو التشهد الأخير بداخل يريد الاقتداء وإدراك الركن استحب انتظاره بشرط أن لا يطوله وأن يقصد به التقرب إلى الله تعالى ولم يفرق بين داخل وداخل. وأما إذا أقيمت الصلاة فلا يحل الانتظار بلا خلاف "كذا في روضة النووي".
9-
المسجد الذي يكثر جمعه فالصلاة فيه أفضل إلا في مسألتين: إحداهما إذا
1 حديث صحيح، وهو من حديث أبي هريرة، لكن ليس فيه "وبيوتهن خير لهن"، وإنما هذا في حديث آخر من رواية ابن عمر، وهما مخرجان في "صحيح أبي داود""574، 576".
تعطل المسجد القريب بغيبة جماعة فالصلاة فيه أفضل وإن قل جمعه، الثانية إذا كان إمام مسجد الأكثر مبتدعًا وجماعة غيره أقل فهو أفضل "كذا في الاستغنا في الفرق والاستثناء في القاعدة 35".
10-
يسن للمصلي أن يديم نظره إلى موضع سجوده إلا في مسائل منها حالة التشهد فينظر إلى سبابته ومنها إذا كان بقرب الكعبة استحب له أن ينظر إليها1 في وجه ومنها إذا خشي الهلكة ممن يأتيه غفلة منها عدم سماع مبلغ على وجه "كذا في الاستغناء في القاعدة 38".
11-
قولهم تقبل الله منا ومنكم وتقبيل اليد بعد الصلاة بدعة لا أصل لها من السنة "كذا في عمدة المريد في البدع لابن زروق".
12-
تعمق الإمام في المحراب وطول قيامه قبل الإحرام ودخوله قبل استواء الصفوف وقراءته بالثانية بأطول من الأولى كله بدعة "كذا في عمدة المريد".
2-
سنية تحية المسجد لكل داخل إلا في صور:
يستحب لمن دخل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين إلا في مسائل: منها الخطيب إذا دخل المسجد للخطبة فإنه يصعد على المنبر ويجلس عليه ولا يصلي التحية. ومنها إذا كان في وقت الكراهة بقصد التحية2. ومنها إذا دخل والإمام
1 لا دليل على هذا في السنن الصحيحة. "ناصر الدين".
2 قلت: الراجح أن لا كراهة؛ لأن التحية من ذوات الأسباب، وهو مذهب الإمام الشافعي، ومن الدليل على ذلك أمره صلى الله عليه وسلم لسليك الغطفاني بصلاة التحية حينما دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، وأمره للجالسين بمثله أمرًا عامًّا، ولا يخفى أن مطلق التنفل لا يشرع أثناء الخطبة فدل أمره صلى الله عليه وسلم بالتحية في أثنائها فتأمل. "ناصر الدين".
آخر الخطبة لم يصل التحية لئلا يفوته إدراك أول الصلاة مع الإمام ومنها إذا دخل من يريد الاقتداء والإمام في المكتوبة ومنها من دخل المسجد الحراف للطواف "استغناء".
3-
خطر إقامة من سبق إلى مكان في المسجد إلا في صور:
من جلس في موضع من المسجد لصلاة أو اعتكاف لم يجز إخراجه. وكذا كل موضع مباح إلا في مسألتين أحداهما إذا جلس في موضع من المسجد لصلاة أو اعتكاف، وكان يعتاد جلوسه المفتي للإفتاء والمدرس للتدريس فيها أولا لعموم نفعهما بموضع اعتاده وعرفا به. المسألة الثانية إذا اعتاد أحد أصحاب البياعات موضوعًا للبيع فجاء غيره فجلس فيه فلمن اعتاد إخراجه منه وجلوسه في الموضع الذي اعتاد "استغناء".
4-
حظر المرور بين يدي المصلي إلا في صور:
المرور بين يدي المصلي حرام إلا في مسألتين إحداهما المرور بين يدي المصلي لسد الفرجة التي في الصف الأول لتقصير من في الصف الثاني. الثانية ما إذا ازدحم الناس فلا نهي ولا دفع. قاله الغزالي والإمام وصوب النووي عدم الفرق وفي الكافية: إن كان تقصيرًا كما إذا صلى في طريق فلا كراهة
1 قلت: وفي هذه الحال ينبغي أن ينتظر قائمًا، لكي لا يقع في مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم: $"فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". "ناصر الدين".
جزمًا. ومثله ما إذا صلى حول الكعبة في زمن الحاج وازدحم الناس عند الكعبة أو داخلها1.
5-
نهي ذي الريح الخبيثة عن دخول المسجد إلا في صورة:
إذا أكل شيئًا نيئًا كالثوم والبصل والكراث فلا يدخل المسجد للنهي عنه لعلة التأذي الحاصل منه إلا في مسألة وهي ما إذا كان أكله لضرورة به. روى البيهقي في السنن الكبرى من رواية المغيرة بن شعبة قال: أكلت الثوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت المسجد وقد سبقت بركعة فدخلت معهم في الصلاة فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحه فقال: "من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها" فأتممت صلاتي فلما سلمت قلت: يا رسول الله أقسمت عليك إلا ما أعطيتني يدك فناولني يده فأدخلتها في كمي حتى انتهيت بها إلى صدري فوجده معصوبًا فقال: "إن لك عذرًا" أو "أرى2 ذلك عذرًا"3. هذا لفظه في الحديث فاقتضى الاستثناء "كذا في الاستغناء".
1 قلت: وأما استباحة المرور بين يدي المصلي في المسجد المكي، والمدني بدون عذر شرعي، فمما لا دليل عليه، وقد ابتلي أكثر الحجاج بها، وقد ثبتت لدينا آثار كثيرة عن السلف أنهم كانوا يتخذون السترة في المسجد الحرام. ولا محال لبيان ذلك الآن. "ناصر الدين".
2 الأصل "ورأى" والتصحيح من "السنن الكبرى". "ناصر الدين".
3 حديث صحيح أخرجه أيضا أحمد "4، 249" وأبو داود "2، 147" وابن حبان "219" بإسناد صحيح على شرط مسلم، وهو عند البيهقي "3، 77".