المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أدب الخطب والخطباء: - إصلاح المساجد من البدع والعوائد

[جمال الدين القاسمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة الناشر

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌مقدمة الكتاب:

- ‌مقدمات:

- ‌الباب الأول: في بدع الصلاة في المساجد

- ‌الفصل الأول: في بدع صلاة الجمعة

- ‌المحدثات في خطبة الجمعة

- ‌ صلاة الظهر جماعة عقب صلاة الجمعة:

- ‌ خروج الجمعة عن موضوعها بكثرة تعددها:

- ‌ خصائص الجمعة في العهد النبوي وفي عهد الخلفاء الراشدين:

- ‌ أداء الجمعة في حجرة ورفض الصفوف:

- ‌ أدب الخطب والخطباء:

- ‌ دعاء المؤذن بين الخطبتين أثر جلوس الخطيب:

- ‌ الأحاديث المروية على المنابر في فضل رجب:

- ‌ التمسح بالخطيب إذا نزل من المنبر:

- ‌الفصل الثاني: في بدع محدثة في الصلاة

- ‌الجهر بالنية قبل تكبيرة الاحرام

- ‌ صلاة النافلة إذا أقيمت الصلاة:

- ‌ إساءة الصلاة:

- ‌ رفض الجماعة الأولى لانتظار الثانية:

- ‌ الإفتئات على الإمام الراتب:

- ‌ صلاة جماعتين فأكثر في محل واحد يشوش بعضهم على بعض:

- ‌ بدعة السجدتين بعد الصلاة بلا سبب مشروع:

- ‌ التأخر عن الصفوف في الرفوف:

- ‌ المسيئون صلاة التراويح:

- ‌ انفراد المصلين للوتر عن القدوة بإمام التراويح المخالف لمذهبهم:

- ‌الفصل الثالث: في آداب الإمام والقدوة

- ‌الباب الثاني: في البدع المادية

- ‌الفصل الأول

- ‌زخرفة المساجد

- ‌ كثرة المساجد في المحلة الواحدة ومزية المسجد العتيق:

- ‌الفصل الثاني: تنوير المساجد في الأشهر الثلاثة وغيرها

- ‌زيادة التنوير ليلة أول جمعة من رجب

- ‌ زيادة التنوير ليلة النصف من شعبان ونشر فضائلها وقراءة أدعية فيها:

- ‌ زيادة التنوير في رمضان:

- ‌ إبقاء المصابيح متقدة إلى الضحوة أيام العيد:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌ المقاصير والدرابزين في المسجد:

- ‌ كرسي القارئ في المسجد والتشويش بالقراءة عليه وقصد الدنيا بالقرآن:

- ‌الباب الثالث: في الأدعية والأذكار والقصص في المساجد

- ‌الفصل الأول

- ‌السماع في المسجد

- ‌ الذاكرون المغيرون للفظ الجلالة:

- ‌ رفع الصوت في المسجد بذكر أو غيره:

- ‌ تحقيق وقت السحر، وما ينتقد على قارئي ورده في المسجد:

- ‌ الاحتراز عن البدع في الاحتفال بقراءة المولد النبوي:

- ‌ التحلق لحديث الدنيا في المسجد:

- ‌ كتابة آيات السلام ليلة آخر أربعاء من صفر الخير:

- ‌ القصاص في المساجد:

- ‌الفصل الثاني: في القراءة والقراء وغير ذلك

- ‌ اللغط وقت القراءة:

- ‌ التشويش بالقراءة على الناس:

- ‌ التشويش على القراء في المسجد:

- ‌ المعرضون عن مجالس العلم بالمسجد:

- ‌ المعرضون عن سماع خطبة العيد:

- ‌ المشتغلون بنوافل العبادة في المساجد مع الجهل وترك محل العلم:

- ‌ المسرعون بقراءة القرآن:

- ‌ اللاحنون بالقرآن في المسجد:

- ‌ دعاء ليلتي أول السنة وآخرها:

- ‌الفصل الثالث: في المؤذنين

- ‌ آداب الأذان والإقامة:

- ‌ فروع في الأذان:

- ‌ الأذان داخل المسجد في المغرب والعشاء مع الأذان في المنائر:

- ‌ الزيادة على الأذان المشروع وبدعة التنعيم:

- ‌ إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر في رمضان تعجيلًا للسحور:

- ‌ الموقتون في بعض المساجد:

- ‌ إقامة من يؤذن:

- ‌ زيادة لفظ "سيدنا" في ألفاظ إقامة الصلاة:

- ‌ الزعق بالتأمين عقب الصلوات "وترك الورد المأثور بالجهر بالصلاة الكمالية

- ‌ الإنشاد قبل خطبة الجمعة:

- ‌ تبليغ المؤذنين جماعة:

- ‌ التبليغ بالأنغام المعروفة:

- ‌ حكم التبليغ عند عدم الحاجة إليه:

- ‌ جهر المؤذنين بالورد المعلوم وبالأناشيد:

- ‌ إنشاد الغزليات في المنارات:

- ‌ نشيد وداع رمضان:

- ‌ بيان أنه لا عبرة بوجود هذه البدع بالجامع الأموي "وسكوت الأقدمين عليه

- ‌الباب الرابع: في الدروس الخاصة والعامة

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول: فيما يفعلونه للميت في المسجد من البدع والمحدثات وهو أمور

- ‌نعي الميت في المآذن والنداء للصلاة عليه

- ‌ رفع الأصوات أمام الميت بالأناشيد "حين دخول المسجد وقبله وبعده

- ‌ رثاء الميت في المسجد وقراءة نسبه وحسبه:

- ‌ تأخير الميت في المسجد:

- ‌ الجلوس للتعزية في المسجد:

- ‌ دفن الميت في المسجد أو بناء مسجد عليه:

- ‌ نعي الإمام الشهيد الحسين عليه السلام على المنبر "في جمعة عاشوراء

- ‌الفصل الثاني: في أمور ينبغي التنبه لها

- ‌ما ينويه الماكث في المسجد من النيات الحسنة "ليبلغ بها درجات المقربين

- ‌ الانقطاع في المسجد لحفظ النفس:

- ‌ القانعون بسكنى المساجد عن الكسب:

- ‌المعتزلون في المساجد والمدارس وآفات الاعتزال

- ‌ البصراء والمتعففون الذين يألفون المساجد:

- ‌ اتخاذ الجوامع خانقاهات:

- ‌اتخاذ المساجد مكاتب أو مخافر:

- ‌ التماوت وإطراق الرأس وإحناء الظهر في المسجد وغيره:

- ‌ جهل بعض أئمة القرى:

- ‌ تقصير أكابر القرى في عمارة مساجدهم:

- ‌ تنطع من يدخل حافيًا المسجد وهو يعمر:

- ‌ إيلاف مسجد لاعتقاد فضل فيه غير المساجد الثلاثة:

- ‌ المحافظون لنعال الناس في المسجد:

- ‌ إيواء القطط في المسجد:

- ‌ إيواء المجاذيب في بعض المساجد:

- ‌ دخول الصبيان المساجد:

- ‌ بيع الأدوية والأطعمة والتعويذات وتخلل السؤال الصفوف "ونحوها في المسجد

- ‌ الإيطان في موضع من المسجد:

- ‌ واجبات نظار المساجد:

- ‌ الاجتماع في المسجد للدعاء برفع الوباء:

- ‌الباب السادس: في المشروع في المساجد الثلاثة المشرفة والمبتدع

- ‌الفصل الأول: في بيت المقدس

- ‌الفصل الثاني: في مسجد الخليل

- ‌الفصل الثالث: في مزارات ما حول المدينة المنورة

- ‌الفصل الرابع: في مزارات مكة المشرفة

- ‌الفصل الخامس: في الموازنة بين مذهب عمر وبقية الخلفاء والصحابة رضي الله عنهم

- ‌الباب السابع: في بدع شتى

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس:

الفصل: ‌ أدب الخطب والخطباء:

7-

‌ أدب الخطب والخطباء:

قال بعض الفضلاء: ابلغ الخطب ما وافق الزمان والمكان والحال، ففي زمن صيام رمضان مثلا يبين الخطيب للناس حكمه وأحكامه والمقصود منه، وينهاهم عن البدع التي تحدث فيه مبينًا ضررها. وفي عيد الفطر يبين أحكام صدقة الفطر ولا يحسن به أن يستبدلها ببيان أحكام الأضحية أو غير ذلك ويتركها بتاتًا. وفي مكان تفرق أهله يخطب فيهم بالاتحاد، أو تكاسلوا عن طلب العلم حثهم عليه، أو أهملوا تربية أبنائهم حثهم أيضًا عليها.. إلى غير ذلك مما يوافق أحوالهم ويلائم مشاربهم ويناسب طباعهم، يخطب في كل مكان بحسبه، مراعيًا أحوال العالم، بصيرًا بمقترفاتهم الحاصلة في خلال الأسبوع، فينهاهم عنها، وينبههم عليها، متى رقي منبر الحطابة، عسى أن يهتدوا طريقًا قويمًا. ثم قال:

"كيف كانت الخطب في الصدر الأول؟ " كانت الخطب في الصدر الأول لها المكانة العالية والمقام الأسنى. كانت موضوع المفاخرة بين العرب كما يفتخرون في الشعر. كانوا ينتقون من جواهر الألفاظ أعذبها وأظرفها وأحلاها، ومن المعاني أرقها، وأدقها وأغلاها، ومع ذلك فكانوا يضمنونها آيات من كتاب الله تعالى لتزداد حلاوة وطلاوة حتى إنه ليعاب على خطبة ليس فيها آية من القرآن الكريم1. بلغت زمن الخلفاء الراشدين عنفوان شبابها فإن القرآن بما اشتمل عليه من أبدع الأساليب أعانهم على الخوض في عباب التفنن في دائرة الإرشادات الجاذبة بمغناطيسها الأفئدة. كانوا لا يتقيدون بوقت بل كلما دعت الحاجة اجتمعوا فألقيت عليهم استشارة أو وعظ أو تذكير أو إعلان أمر

إلخ.

1 انظر البيان والتبيين للجاحظ "1: 65 سنة 1332"، المطبعة.

ص: 67

كان الخطيب إذا قام لأمر ما سحر الألباب وملك بمرصعات المواعظ ما لا يملك بمرهفات السيوف والرماح. يؤلف بين من تفرق، ويسكن الفتن ويزيل المخاصمات ويقطع المنازعات، يقيمهم إن شاء ويقعدهم إن أراد بقوة اقتداره وشدة تأثيره. ثم قال:

"متى حدث الانحطاط في الخطب؟ " إن الخطابة قبل كانت بيد الخلفاء الراشدين والرؤساء العظام وكانت موضع احتراس. كان يخطب الخطيب قائمًا "إلا خطبة النكاح" آخذا بيده عصا أو مخصرة أو قناة أو غير ذلك. فلما جاءت الدولة المروانية واستولى الترف وعم، وتولى كرسي المملكة الوليد بن عبد الملك بن مروان بدأ يخطب -واأسفاه- جالسًا ترفعًا منه واستهانة بهذا الموقف الجليل. ومن هذا أخذت الخطابة في الاضمحلال والتلاشي فكان آخر خطيب أجاد من أئمة الإسلام المأمون بن هارون الرشيد من خلفاء الدولة العباسية، وترك الملوك الخطابة ووكلوا أمرها كغيرها من الأمور لغيرهم فصارت منحطة القدر بعد الرفعة وموضع الاستهانة بعد التجلة تولاها أناس ما قدروها حق قدرها وما دروا المقصود منها بجهالاتهم المطبقة حتى إنك لو خاطبت أحدهم عن الخطبة المتبعة وتغييرها بما يستدعيه الزمان ما أجابك إلا بقوله: لا يمكن للنفوس الآن أن تتزحزح عن غيها، وأن الخطب الآن هي من قبيل الرسوم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فأنت ترى اليوم ببغاء كل منبر ينفث سموم الإماتة والتدمير والإقعاد عن العمل متمسكًا بمثل قوله رحمه الله: "لمن تقتني الدنيا وأنت تموت، ولمن تبتني العلياء والمقابر بيوت

إلخ" مما أمات الأمة غافلًا عن قول سيد الزاهدين: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"1 ثم قال:

"شرط الخطيب" يشترك في الخطيب أن يكون "عالما بالعقائد الصحيحة" حتى لا يزيغ ويؤذي الناس بسوء عقيدته في درك ظلمات الضلال فتسوء العقبى

1 لا أصل له، كما بينته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة""8".

ص: 68

"وعلم الفروع" كي يصحح العبادات بما علمه من علم الفقه ولأنه عرضة يسأله المأمومون في الأحكام فيجيبهم عن حقيقة ويهديهم بنور الشريعة إلى صراط مستقيم لا يهرف ويخبط خبط عشواء في أمور الدين بجهالاته كأغلب الخطباء والأئمة اليوم فرحماك اللهم رحماك. "واللغة العربية" وبالأخص علم الإنشاء كي يقتدر على تأليف كلام بليغ وتنسيق درر مضيئة يشرق نور أسرارها على أفئدة السامعين، فيسحرهم ببديع لفظه ويختلب ألبابهم بجواهر آيات وعظه. "وأن يكون نبيهًا" كي لا تعزب عليه شاردة إلا أحصاها ولا واردة إلا استقصاها ولينظر بمنظار التأمل والانتقاد ويغوص في بحار الشريعة فيستخرج لآلئ الأحكام ودررها من غير ما يعتريها تشويه ولا يشوبها كلل، "وإن يكون لسنًا" فصيحًا منطلق اللسان معبرًا عما يخطر بباله من المعاني الكامنة في ضميره يبرز ما انطوت عليه السريرة من جليل النصائح وجميل الإرشادات مما يكفل السعادة للعباد، "ووجيهًا" تهابه القلوب وتجله العيون وتعظمه النفوس يهابه الصغير ويوقره الكبير حتى يكون لكلامه تأثير ويجد له سميعًا يعي ما يقال ويعمل بما يسمع، "وصالحًا" تقيا مهذبا ورعا قنوعًا زاهدًا غير متجاهر بمعصية ولا متلبسًا بمخالفة يفعل ما يقول فإن ذلك أدعى إلى قبول الموعظة منه. قال الشاعر الحكيم أبو الأسود الدؤلي رضي الله عنه:

يا أيها الرجل المعلم غيره

هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي العنا

كيما يصح به وأنت سقيم

ونراك تصلح بالرشاد عقولنا

ابدا وأنت من الرشاد عديم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

وهناك يقبل ما تقول ويشتفى

بالقول منك وينفع التعليم

لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

ولله الأمر في عباده بفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وإلى الله المصير1.

1 قلت: لقد فات المصنف رحمه الله تعالى أن يضم إلى الشروط المذكورة شرطًا آخر مهمًا أخل به كافة الخطباء في عامة البلدان مع الأسف، ألا وهو أن يكون عالمًا بالسنة عارفًا بما صح فيها مما لم يصح، حتى لا يكون سببًا لإذاعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة بين الناس، فيضل ويضلوا به، وما أكثر الأحاديث الواهية التي ينشرونها بمناسبة بعض المواسم المبدعة وغيرها.

ص: 69