الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْسِيرُ
سُورَةِ التَّكْوِيرِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ الْقَاصُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ الصَّنْعَانِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وإِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «2» وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ به.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة التكوير (81) : الآيات 1 الى 14]
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (4)
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ يَعْنِي أَظْلَمَتْ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنْهُ: ذَهَبَتْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اضْمَحَلَّتْ وَذَهَبَتْ، وَكَذَا قال الضحاك وقال قتادة: ذهب ضوؤها، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كُوِّرَتْ غُوِّرَتْ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: كُوِّرَتْ يَعْنِي رُمِيَ بِهَا، وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: كُوِّرَتْ أُلْقِيَتْ، وَعَنْهُ أَيْضًا: نُكِّسَتْ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: تَقَعُ فِي الْأَرْضِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «3» : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّكْوِيرَ جَمْعُ الشَّيْءِ بعضه على بعض، ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بعض، فمعنى قوله تعالى:
كُوِّرَتْ جَمْعُ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ لُفَّتْ فَرَمَى بِهَا، وَإِذَا فُعِلَ بِهَا ذَلِكَ ذَهَبَ ضوؤها.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَجِيلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قَالَ يُكَوِّرُ اللَّهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْبَحْرِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا دَبُّورًا فَتُضْرِمُهَا نَارًا، وَكَذَا قَالَ عَامِرُ الشَّعْبِيُّ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ ابن يزيد بن أبي
(1) المسند 2/ 27، 36، 100.
(2)
أخرجه الترمذي في تفسير سورة 81، باب 1.
(3)
تفسير الطبري 12/ 457.
مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قَالَ: «كُوِّرَتْ فِي جَهَنَّمَ» .
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا موسى بن محمد بن حبان حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الشمس والقمر نوران عَقِيرَانِ فِي النَّارِ» هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ ضَعِيفٌ، وَالَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ «1» ، وَهَذَا لَفْظُهُ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ بِدْءِ الْخَلْقِ وَكَانَ جَدِيرًا أَنْ يَذْكُرَهُ هَاهُنَا أَوْ يُكَرِّرَهُ كَمَا هِيَ عَادَتُهُ فِي أَمْثَالِهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فَجَوَّدَ إِيرَادَهُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَجَاءَ الْحَسَنُ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَحَدَّثَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ نُورَانِ فِي النَّارِ عقيران يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَمَا ذَنْبُهُمَا؟ فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: - أَحْسَبُهُ قَالَ- وَمَا ذَنْبُهُمَا. ثُمَّ قَالَ لَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يَرْوِ عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.
وقوله تعالى: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أَيِ انْتَثَرَتْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ [الِانْفِطَارِ: 2] وَأَصْلُ الِانْكِدَارِ الِانْصِبَابُ. قَالَ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سِتُّ آيَاتٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بَيْنَا النَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ إِذْ ذَهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَنَاثَرَتِ النُّجُومُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَتِ الْجِبَالُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَتَحَرَّكَتْ وَاضْطَرَبَتْ وَاخْتَلَطَتْ فَفَزِعَتِ الْجِنُّ إِلَى الْإِنْسِ وَالْإِنْسُ إِلَى الْجِنِّ، وَاخْتَلَطَتِ الدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ وَالْوُحُوشُ فَمَاجُوا بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ.
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ قَالَ: اخْتَلَطَتْ وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ قَالَ: أَهْمَلَهَا أَهْلُهَا وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ قَالَ: قَالَتِ الْجِنُّ نَحْنُ نَأْتِيكُمْ بِالْخَبَرِ، قَالَ فَانْطَلَقُوا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا هو نار تتأجج، قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ صَدْعَةً وَاحِدَةً إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى وَإِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرِّيحُ فَأَمَاتَتْهُمْ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «2» وَهَذَا لَفْظُهُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِبَعْضِهِ، وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وأبو
(1) أخرجه البخاري في بدء الخلق باب 4.
(2)
تفسير الطبري 12/ 460. [.....]
صَالِحٍ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالضَّحَّاكُ فِي قوله جلا وعلا: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أَيْ تَنَاثَرَتْ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أَيْ تَغَيَّرَتْ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قَالَ «انْكَدَرَتْ» فِي جَهَنَّمَ وَكُلُّ مَنْ عَبَدَ مَنْ دُونِ اللَّهِ فَهُوَ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عِيسَى وَأُمِّهِ وَلَوْ رَضِيَا أَنْ يُعْبَدَا لَدَخَلَاهَا» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ أَيْ زَالَتْ عَنْ أَمَاكِنِهَا وَنُسِفَتْ فَتَرَكَتِ الْأَرْضَ قَاعًا صَفْصَفًا وَقَوْلُهُ: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: عِشَارُ الْإِبِلِ، قَالَ مُجَاهِدٌ:
عُطِّلَتْ تُرِكَتْ وَسُيِّبَتْ وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَالضَّحَّاكُ، أَهْمَلَهَا أَهْلُهَا، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ:
لَمْ تَحْلِبْ وَلَمْ تُصَرَّ تَخَلَّى مِنْهَا أَرْبَابُهَا، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تُرِكَتْ لَا رَاعِيَ لَهَا وَالْمَعْنَى فِي هَذَا كُلِّهِ مُتَقَارِبٌ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْعِشَارَ مِنَ الْإِبِلِ وَهِيَ خِيَارُهَا وَالْحَوَامِلُ مِنْهَا الَّتِي قَدْ وَصَلَتْ فِي حَمْلِهَا إِلَى الشهر العاشر- واحدتها عُشَرَاءُ وَلَا يَزَالُ ذَلِكَ اسْمُهَا حَتَّى تَضَعَ- قَدِ اشْتَغَلَ النَّاسُ عَنْهَا وَعَنْ كَفَالَتِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ مَا كَانُوا أَرْغَبَ شَيْءٍ فِيهَا بِمَا دَهَمَهُمْ مِنَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الْمُفْظِعِ الْهَائِلِ، وهو أمر يوم الْقِيَامَةِ وَانْعِقَادُ أَسْبَابِهَا وَوُقُوعِ مُقَدِّمَاتِهَا وَقِيلَ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهَا أَصْحَابُهَا كَذَلِكَ لا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَيْهَا، وَقَدْ قِيلَ فِي الْعِشَارِ إنها السحاب تعطل عَنِ الْمَسِيرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لِخَرَابِ الدُّنْيَا وقيل إِنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي تُعَشَّرُ، وَقِيلَ إِنَّهَا الدِّيَارُ التي كانت تسكن تعطلت لِذَهَابِ أَهْلِهَا. حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّذْكِرَةُ وَرَجَّحَ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَعَزَاهُ إِلَى أَكْثَرِ النَّاسِ. (قلت) : لَا يُعْرَفُ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ سِوَاهُ وَاللَّهُ أعلم.
وقوله تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ أَيْ جُمِعَتْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [الْأَنْعَامِ: 38] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُحْشَرُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الذُّبَابُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّ هَذِهِ الْخَلَائِقَ مُوَافِيَةً فَيَقْضِي اللَّهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ حَشْرُهَا مَوْتُهَا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1» : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطوسي حدثنا عباد بن العوام حدثنا حُصَيْنٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ قَالَ حَشْرُ الْبَهَائِمِ موتها، وحشر كل شيء الموت غير الْجِنُّ وَالْإِنْسُ فَإِنَّهُمَا يُوقَفَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ قَالَ أَتَى عَلَيْهَا أَمْرُ اللَّهِ، قَالَ سُفْيَانُ قَالَ أَبِي فَذَكَرْتُهُ لِعِكْرِمَةَ فَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَشْرُهَا مَوْتُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قال
(1) تفسير الطبري 12/ 459.
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ اخْتَلَطَتْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْأُولَى قَوْلُ مَنْ قَالَ حُشِرَتْ جُمِعَتْ قَالَ الله تعالى: وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً أي مجموعة.
وقوله تعالى: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1» : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَيْنَ جَهَنَّمُ؟ قَالَ الْبَحْرُ فَقَالَ مَا أَرَاهُ إِلَّا صَادِقًا وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ [الطور: 6] وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ يُرْسِلُ اللَّهُ عليها الرياح الدَّبُّورِ فَتُسَعِّرُهَا وَتَصِيرُ نَارًا تَأَجَّجُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الكلام على ذلك عند قوله تعالى: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ [الطور: 6] وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ النَّفَّاطُ- شَيْخٌ صَالِحٌ يُشْبِهُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْبَحْرَ بَرَكَةٌ- يَعْنِي بَحْرَ الرُّومِ، وَسَطَ الْأَرْضِ وَالْأَنْهَارُ كُلُّهَا تَصُبُّ فِيهِ وَالْبَحْرُ الْكَبِيرُ يَصُبُّ فِيهِ، وَأَسْفَلُهُ آبَارٌ مُطَبَّقَةٌ بِالنُّحَاسِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُسْجِرَ وَهَذَا أَثَرٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ «لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَوْ غَازٍ فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا» «2» الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ فَاطِرٍ. وَقَالَ مجاهد والحسن بن مسلم:
سُجِّرَتْ أو قدت وَقَالَ الْحَسَنُ: يَبِسَتْ وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: غَاضَ ماؤها فذهب فلم يُبْقِ فِيهَا قَطْرَةً، وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَيْضًا: سُجِّرَتْ فجرت، وقال السدي: فتحت وصيرت، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: سُجِّرَتْ فَاضَتْ.
وَقَوْلُهُ تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أَيْ جُمِعَ كُلُّ شَكْلٍ إلى نظيره كقوله تَعَالَى:
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصَّافَّاتِ: 220] وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ- قَالَ- الضُّرَبَاءُ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ كُلِّ قَوْمٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ عَمَلَهُ» وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ [الْوَاقِعَةِ: 7- 10] قَالَ هُمُ الضُّرَبَاءُ.
ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ عَنْ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أن عمر بن الخطاب خَطَبَ النَّاسَ فَقَرَأَ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ فَقَالَ: تَزَوُّجُهَا أَنْ تُؤَلَّفَ كُلُّ شِيعَةٍ إِلَى شِيعَتِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ هُمَا الرَّجُلَانِ يَعْمَلَانِ الْعَمَلَ فَيَدْخُلَانِ بِهِ الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ النُّعْمَانِ قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال: يقرن بين الرجل الصالح
(1) تفسير الطبري 12/ 460.
(2)
أخرجه أبو داود في الجهاد باب 9.
مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَيُقْرَنُ بَيْنَ الرَّجُلِ السُّوءِ مَعَ الرَّجُلِ السُّوءِ فِي النَّارِ فَذَلِكَ تَزْوِيجُ الْأَنْفُسِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلنَّاسِ: مَا تَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ؟ فَسَكَتُوا قَالَ: وَلَكِنْ أعلمه هُوَ الرَّجُلُ يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالرَّجُلُ يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ قَرَأَ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قَالَ ذَلِكَ حِينَ يَكُونُ النَّاسُ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عن مجاهد وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال، والأمثال مِنَ النَّاسِ جُمِعَ بَيْنَهُمْ، وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ «1» وهو الصحيح.
[قول آخر] في قوله تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سرار عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَسِيلُ وَادٍ مَنْ أَصْلِ الْعَرْشِ مِنْ مَاءٍ فِيمَا بَيْنَ الصَّيْحَتَيْنِ وَمِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ عَامًا، فَيَنْبُتُ مِنْهُ كُلُّ خَلْقٍ بَلِيَ مِنَ الْإِنْسَانِ أَوْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ، وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مَارٌّ قَدْ عَرَفَهُمْ قبل ذلك لعرفهم على وجه الْأَرْضِ قَدْ نَبَتُوا، ثُمَّ تُرْسَلُ الْأَرْوَاحُ فَتَزَوَّجُ الْأَجْسَادُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَيْضًا فِي قوله تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أَيْ زُوِّجَتْ بِالْأَبْدَانِ. وَقِيلَ: زُوِّجَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْحُورِ الْعِينِ وَزُوِّجَ الْكَافِرُونَ بِالشَّيَاطِينِ حكاه القرطبي في التذكرة.
وقوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ هَكَذَا قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ سئلت.
والموؤودة هِيَ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدُسُّونَهَا فِي التراب كراهية البنات، فيوم القيامة تسأل الموؤودة عَلَى أَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَهْدِيدًا لقاتلها، فإنه إذا سُئِلَ الْمَظْلُومُ فَمَا ظَنُّ الظَّالِمِ إِذًا؟ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ أَيْ سَأَلَتْ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الضُّحَى: سَأَلَتْ أَيْ طَالَبَتْ بِدَمِهَا. وَعَنِ السُّدِّيِّ وَقَتَادَةَ مثله.
وقد وردت أحاديث تتعلق بالموؤودة فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ وَهُوَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ جذامة بَنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ:
«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ «3» فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يغيلون أولادهم ولا يضر
(1) تفسير الطبري 12/ 462.
(2)
المسند 6/ 434.
(3)
الغيلة: أن يجامع الرجل زوجته وهي ترضع.
أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا» ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذلك الوأد الخفي وهو الموؤودة سُئِلَتْ» «1» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرّحمن المقري وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ. وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ وَتُقِرِّي الضَّيْفَ وَتَفْعَلُ، هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟
قَالَ: «لَا» قُلْنَا: فَإِنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قال «الوائدة والموؤودة فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ يُدْرِكَ الْوَائِدَةَ الْإِسْلَامُ فَيَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَأَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«الوائدة والموؤودة فِي النَّارِ» وَقَالَ أَحْمَدُ «3» أَيْضًا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَتْنِي حَسْنَاءُ ابْنَةُ مُعَاوِيَةَ الصَّرِيمِيَّةُ عَنْ عَمِّهَا قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ:
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «الموؤودة فِي الْجَنَّةِ» هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الظَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِي الْجَنَّةِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ في النار فقد كذب يقول الله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْمَدْفُونَةُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ قَالَ: جَاءَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَأَدْتُ بَنَاتٍ لِي فِي الجاهلية قال: «أَعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَقَبَةً» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صَاحِبُ إِبِلٍ قَالَ: «فَانْحَرْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَدَنَةً» قَالَ الحافظ أبو بكر
(1) أخرجه مسلم في النكاح حديث 140، 141، وأبو داود في الطب باب 16، والترمذي في الطب باب 27، والنسائي في النكاح باب 54، والدارمي في النكاح باب 33، ومالك في الرضاع حديث 17.
(2)
المسند 3/ 478، وأخرجه أيضا أبو داود في السنة باب 17.
(3)
المسند 5/ 58.