الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ورواه الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَجْلَانَ الْأَفْطَسِ بِهِ فَذَكَرَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِشُكْرٍ فِي كِتَابِ الْعَجَائِبِ بِسَنَدِهِ عَنْ قُبَاثِ بْنِ رَزِينٍ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: أُسِرْتُ فِي بِلَادِ الرُّومِ فَجَمَعَنَا الْمَلِكُ وَعَرَضَ عَلَيْنَا دِينَهُ عَلَى أَنَّ مَنِ امْتَنَعَ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَارْتَدَّ ثَلَاثَةٌ وَجَاءَ الرَّابِعُ فَامْتَنَعَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأُلْقِيَ رَأْسُهُ فِي نَهْرٍ هُنَاكَ فَرَسَبَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ طَفَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَنَظَرَ إِلَى أُولَئِكَ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ: يَا فُلَانُ وَيَا فُلَانُ وَيَا فُلَانُ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ثُمَّ غَاصَ فِي الْمَاءِ، قَالَ فَكَادَتِ النَّصَارَى أَنْ يُسْلِمُوا وَوَقَعَ سَرِيرُ الْمَلِكِ وَرَجَعَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ وَجَاءَ الْفِدَاءُ مِنْ عِنْدِ الْخَلِيفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فَخَلَّصَنَا.
وَرَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ رَوَاحَةَ بِنْتِ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهَا حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْسًا بِكَ مُطَمْئِنَةً تُؤْمِنُ بِلِقَائِكَ وَتَرْضَى بِقَضَائِكَ وَتَقْنَعُ بِعَطَائِكَ» ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ وبر أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ رَوَاحَةَ هَذَا وَاحِدُ أُمِّهِ، آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَجْرِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
تَفْسِيرُ
سُورَةِ الْبَلَدِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة البلد (90) : الآيات 1 الى 10]
بسم الله الرحمن الرحيم
لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (4)
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَداً (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (9)
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)
هذا قسم من الله تبارك وتعالى بِمَكَّةَ أُمِّ الْقُرَى فِي حَالِ كَوْنِ السَّاكِنِ فِيهَا حَالًا لِيُنَبِّهَ عَلَى عَظَمَةِ قَدْرِهَا فِي حَالِ إِحْرَامِ أَهْلِهَا، قَالَ خُصَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ لَا رَدَّ عَلَيْهِمْ. أَقْسَمَ بِهَذَا الْبَلَدِ. وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ
يَعْنِي مَكَّةَ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ قَالَ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُقَابِلَ بِهِ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَعَطِيَّةَ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَا أَصَبْتَ فِيهِ فَهُوَ حَلَالٌ لَكَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ قَالَ: أَنْتَ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ وَلَا إِثْمٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قالوه وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ. «إِنَّ هذا البلد حرم اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ «1» ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كحرمتها بالأمس، ألا فليبلغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» وَفِي لَفْظٍ آخَرَ:«فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ فَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لكم» «2» .
وقوله تعالى: وَوالِدٍ وَما وَلَدَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «3» : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنِ عَطِيَّةَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تعالى: وَوالِدٍ وَما وَلَدَ الْوَالِدُ الَّذِي يَلِدُ وَمَا وَلَدَ الْعَاقِرُ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي بِهِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ الْوَالِدُ الْعَاقِرُ وَمَا وَلَدَ الَّذِي يَلِدُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَخُصَيْفٌ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ: يَعْنِي بِالْوَالِدِ آدَمَ وَمَا وَلَدَ وَلَدَهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ وَأَصْحَابُهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَقْسَمَ بِأُمِّ الْقُرَى وهي أم الْمَسَاكِنُ أَقْسَمَ بَعْدَهُ بِالسَّاكِنِ وَهُوَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ وَوَلَدُهُ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ: هُوَ إِبْرَاهِيمُ وَذُرِّيَّتُهُ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَخَيْثَمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ يَعْنِي مُنْتَصِبًا، زَادَ ابن عباس في رواية عنه منتصبا فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالْكَبَدُ الِاسْتِوَاءُ وَالِاسْتِقَامَةُ، وَمَعْنَى هذا القول لقد خلقناه سويا مستقيما كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ [الِانْفِطَارِ: 6- 7] وَكَقَوْلِهِ تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التِّينِ: 4] وقال ابن جُرَيْجٍ وَعَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي كَبَدٍ قَالَ فِي شِدَّةِ خَلْقٍ أَلَمْ تَرَ إِلَيْهِ وذكر مولده ونبات أسنانه، وقال مُجَاهِدٌ فِي كَبَدٍ نُطْفَةٌ ثُمَّ عَلَقَةٌ ثُمَّ مُضْغَةٌ يَتَكَبَّدُ فِي الْخَلْقِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: وَهُوَ كقوله تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَأَرْضَعَتْهُ كُرْهًا ومعيشته كره فهو يكابد ذلك.
(1) لا يختلى خلاه: أي لا يقطع شجرة، والخلا: النبت الرطب.
(2)
أخرجه البخاري في العلم باب 39، ومسلم في الحج حديث 445، 447، 464.
(3)
تفسير الطبري 12/ 586.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ فِي شِدَّةٍ وَطَلَبِ مَعِيشَةٍ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ:
فِي شِدَّةٍ وَطُولٍ، وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي مَشَقَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ سَأَلَ رَجُلًا مَنِ الْأَنْصَارِ عن قول الله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ قَالَ: فِي قِيَامِهِ وَاعْتِدَالِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ، وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَوْدُودٍ سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ قَالَ: يُكَابِدُ أَمْرًا مَنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَأَمْرًا مَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُكَابِدُ مَضَايِقَ الدُّنْيَا وَشَدَائِدَ الْآخِرَةِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ قَالَ: آدَمُ خُلِقَ فِي السَّمَاءِ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْكَبَدُ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مُكَابَدَةُ الْأُمُورِ ومشاقها.
وقوله تعالى: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْنِي أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَأْخُذُ مَالَهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ: ابْنُ آدَمَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يُسْأَلَ عَنْ هَذَا الْمَالِ مَنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَأَيْنَ أَنْفَقَهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ قال الله عز وجل، وقوله تعالى: يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَداً أَيْ يَقُولُ ابْنُ آدَمَ أَنْفَقْتُ مَالًا لُبَدًا أَيْ كَثِيرًا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْ أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ اللَّهُ عز وجل وَكَذَا قال غيره من السلف: وقوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ أَيْ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِساناً أَيْ يَنْطِقُ بِهِ فَيُعَبِّرُ عَمَّا فِي ضَمِيرِهِ وَشَفَتَيْنِ يَسْتَعِينُ بِهِمَا عَلَى الْكَلَامِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَجَمَالًا لِوَجْهِهِ وَفَمِهِ.
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الرَّبِيعِ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ قَدْ أَنْعَمْتُ عَلَيْكَ نِعَمًا عِظَامًا لَا تُحْصِي عَدَدَهَا وَلَا تُطِيقُ شُكْرَهَا، وَإِنَّ مِمَّا أَنْعَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ جَعَلْتُ لَكَ عَيْنَيْنِ تَنْظُرُ بِهِمَا وَجَعَلْتُ لَهُمَا غِطَاءً، فَانْظُرْ بِعَيْنَيْكَ إِلَى مَا أَحْلَلْتُ لَكَ، وَإِنْ رَأَيْتَ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ فَأَطْبِقْ عَلَيْهِمَا غِطَاءَهُمَا، وَجَعَلْتُ لَكَ لِسَانًا وَجَعَلْتُ لَهُ غُلَافًا فَانْطِقْ بِمَا أَمَرْتُكَ وَأَحْلَلْتُ لك، فإن عرض عليك مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ فَأَغْلِقْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ. وَجَعَلْتُ لَكَ فَرْجًا وَجَعَلْتُ لَكَ سِتْرًا، فَأَصِبْ بِفَرْجِكَ ما أحللت لك، فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك، ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَا تَحْمِلُ سُخْطِي وَلَا تطيق انتقامي» .
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ الطريقين قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَالضَّحَّاكِ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ فِي آخَرِينَ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هُمَا نَجْدَانِ فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ» تَفَرَّدَ بِهِ سِنَانُ بْنُ سَعْدٍ، وَيُقَالُ سَعْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ