الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عِيسَى بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إن في أصلاب أصلاب رجال من أصحابي ورجالا وَنِسَاءً مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ» ثُمَّ قَرَأَ: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ يَعْنِي بَقِيَّةٌ مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أَيْ: ذُو الْعِزَّةِ وَالْحِكْمَةِ في شرعه وقدره، وقوله تعالى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يَعْنِي مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْ النُّبُوَّةِ الْعَظِيمَةِ وَمَا خَصَّ بِهِ أُمَّتَهُ مِنْ بَعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم إليهم.
[سورة الجمعة (62) : الآيات 5 الى 8]
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)
يَقُولُ تَعَالَى ذَامًّا لِلْيَهُودِ الَّذِينَ أُعْطُوا التَّوْرَاةَ وَحَمَلُوهَا لِلْعَمَلِ بها ثم لم يَعْمَلُوا بِهَا: مَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا، أَيْ كَمَثَلِ الْحِمَارِ إِذَا حُمِّلَ كُتُبًا لَا يَدْرِي مَا فِيهَا، فَهُوَ يَحْمِلُهَا حَمْلًا حِسِّيًّا وَلَا يَدْرِي مَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ فِي حَمْلِهِمُ الْكِتَابَ الَّذِي أُوتُوهُ حَفِظُوهُ لَفْظًا وَلَمْ يَفْهَمُوهُ وَلَا عَمِلُوا بِمُقْتَضَاهُ، بَلْ أَوَّلُوهُ وَحَرَّفُوهُ وَبَدَّلُوهُ فَهُمْ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْحَمِيرِ، لِأَنَّ الْحِمَارَ لَا فَهْمَ لَهُ، وَهَؤُلَاءِ لهم فهوم لم يستعملوها، ولهذا قال تعالى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:
أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ [الأعراف: 179] وقال تعالى هاهنا: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» رحمه الله: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لَيْسَ لَهُ جُمُعَةٌ» .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ عَلَى هُدًى، وَأَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَادْعُوا بِالْمَوْتِ عَلَى الضَّالِّ مِنَ الفئتين إن كنتم صادقين، أي فِيمَا تَزْعُمُونَهُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أَيْ بِمَا يَعْمَلُونَ لَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالْفُجُورِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وقد قدمنا الكلام في سورة البقرة عَلَى هَذِهِ الْمُبَاهَلَةِ لِلْيَهُودِ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
(1) المسند 1/ 230.