الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ وَأَبِي كَامِلٍ، كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أيوب به.
[سورة المجادلة (58) : آية 11]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)
يَقُولُ تَعَالَى مُؤَدِّبًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَآمِرًا لَهُمْ أَنْ يُحْسِنَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي الْمَجَالِسِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ وَقُرِئَ «فِي الْمَجْلِسِ» فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» «1» وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» «2» وَلِهَذَا أَشْبَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَلِهَذَا قَالَ تعالى: فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ قَتَادَةُ:
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوه بِمَجَالِسِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله تعالى أَنْ يُفْسِحَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ «3» .
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يوم الجمعة، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ فِي الصُّفَّةِ وَفِي الْمَكَانِ ضِيقٌ، وَكَانَ يُكْرِمُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَجَاءَ ناس من أهل بدر وقد سبقوه إِلَى الْمَجَالِسِ، فَقَامُوا حِيَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عليهم، ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى الْقَوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ، فَقَامُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَنْتَظِرُونَ أَنْ يُوَسَّعَ لَهُمْ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْقِيَامِ فَلَمْ يُفْسَحْ لَهُمْ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَدْرٍ:«قُمْ يَا فُلَانُ وَأَنْتَ يَا فُلَانُ» فَلَمْ يَزَلْ يُقِيمُهُمْ بِعِدَّةِ النَّفَرِ الَّذِينَ هُمْ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ المهاجرين والأنصار أَهْلِ بَدْرٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُقِيمَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْكَرَاهَةَ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ؟ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَاهُ قَبْلُ عَدَلَ عَلَى هَؤُلَاءِ إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم فَأَقَامَهُمْ وَأَجْلَسَ مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ، فَبَلَغَنَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا فَسَّحَ لِأَخِيهِ» فَجَعَلُوا يَقُومُونَ بعد ذلك سراعا فيفسح الْقَوْمُ لِإِخْوَانِهِمْ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَيَجْلِسَ فِيهِ وَلَكِنْ تفسحوا وتوسعوا» «4»
(1) أخرجه مسلم في المساجد حديث 24، 25.
(2)
أخرجه مسلم في الذكر حديث 38.
(3)
انظر تفسير الطبري 12/ 18.
(4)
أخرجه البخاري في الجمعة باب 20، وأحمد في المسند 2/ 17، 22، 102.
وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ افْسَحُوا» عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا فليح عن أيوب بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسْ فِيهِ وَلَكِنِ افْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ» وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ وَيُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ فُلَيْحٍ بِهِ وَلَفْظُهُ: «لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَكِنِ افْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ «2» .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْقِيَامِ لِلْوَارِدِ إِذَا جَاءَ عَلَى أَقْوَالٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» «3» وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» «4» وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ يَجُوزُ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ سَفَرٍ وَلِلْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قِصَّةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَإِنَّهُ لِمَا اسْتَقْدَمَهُ النَّبِيُّ حَاكِمًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَرَآهُ مُقْبِلًا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَكُونَ أَنْفَذَ لِحُكْمِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا اتِّخَاذُهُ دَيْدَنًا فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْعَجَمِ، وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَنِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ إِذَا جَاءَ لَا يَقُومُونَ لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي السُّنَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ، وَلَكِنْ حَيْثُ يَجْلِسُ يَكُونُ صَدْرُ ذلك المجلس فكان الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم يَجْلِسُونَ مِنْهُ عَلَى مراتبهم، فالصديق رضي الله عنه يُجْلِسُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ غَالِبًا عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ لِأَنَّهُمَا كَانَا مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمَا بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثم الذين يلونهم، ثم الذي يَلُونَهُمْ» «5» وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنْهُ مَا يَقُولُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا أَمَرَ أُولَئِكَ النَّفَرَ بِالْقِيَامِ لِيَجْلِسَ الَّذِينَ وَرَدُوا مَنْ أَهْلِ بَدْرٍ، إِمَّا لِتَقْصِيرِ أُولَئِكَ فِي حَقِّ البدريين أو ليأخذ البدريون من العلم نصيبهم، كما أخذ أولئك قبلهم أو
(1) المسند 2/ 523.
(2)
المسند 2/ 338، 438.
(3)
أخرجه البخاري في العتق باب 17، والاستئذان باب 26، وأبو داود في الأدب باب 144، وأحمد في المسند 3/ 22، 71، 6/ 142.
(4)
أخرجه الترمذي في الأدب باب 13، ولفظه:«من سرّه أن يتمثل له الرجال قياما» . [.....]
(5)
أخرجه مسلم في الصلاة حديث 122، 123، وأبو داود في الصلاة باب 95، والترمذي في المواقيت باب 54، والنسائي في الإمامة باب 23، 26، وابن ماجة في الإقامة باب 45، والدارمي في الصلاة باب 51، وأحمد في المسند 1/ 457.
تَعْلِيمًا بِتَقْدِيمِ الْأَفَاضِلِ إِلَى الْأَمَامِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا «2» ، وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا أَمْرَهُ لَهُمْ فِي الصلاة أن يليه العقلاء منهم والعلماء فَبِطْرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ للشياطين وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ» «3» وَلِهَذَا كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ إِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ انْتَزَعَ مِنْهُ رَجُلًا يَكُونُ مِنْ أَفْنَاءِ الناس، ويدخل هو في الصف المتقدم وَيَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ:«لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» .
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ لَا يَجْلِسُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَقُومُ لَهُ صَاحِبُهُ عَنْهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَتِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ، وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْأُنْمُوذَجِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَإِلَّا فَبَسْطُهُ يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَمَّا أَحَدُهُمْ فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَدَخَلَ فِيهَا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ وَرَاءَ النَّاسِ، وَأَدْبَرَ الثَّالِثُ ذَاهِبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَبَرِ الثَّلَاثَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَآوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» «4» .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «5» : حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا» «6» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ بِهِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قوله تعالى:
(1) المسند 4/ 122.
(2)
انظر الحاشية ما قبل الأخيرة.
(3)
أخرجه أبو داود في الصلاة باب 93.
(4)
أخرجه البخاري في العلم باب 8، ومسلم في السّلام حديث 26، وأحمد في المسند 5/ 219.
(5)
المسند 2/ 213.
(6)
أخرجه أبو داود في الأدب باب 21، والترمذي في الأدب باب 11.