الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: وَكِلَاهُمَا مُتَوَاتِرٌ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وقوله تعالى: وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ أَيْ وَمَا هَذَا الْقُرْآنُ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهِ وَلَا يُرِيدُهُ وَلَا يَنْبَغِي له كما قال تعالى: وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [الشُّعَرَاءِ: 210- 212]، وقوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ أَيْ فَأَيْنَ تَذْهَبُ عُقُولُكُمْ فِي تَكْذِيبِكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ مَعَ ظُهُورِهِ وَوُضُوحِهِ وَبَيَانِ كونه حقا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عز وجل كَمَا قَالَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لِوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ حِينَ قَدِمُوا مُسْلِمِينَ وَأَمَرَهُمْ فَتَلَوْا عَلَيْهِ شَيْئًا من قرآن مسيلمة الكذاب الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الْهَذَيَانِ وَالرَّكَاكَةِ فَقَالَ: ويحكم أين تذهب عقولكم؟ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ، أَيْ مِنْ إِلَهٍ، وَقَالَ قَتَادَةُ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ أَيْ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَعَنْ طَاعَتِهِ.
وقوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أَيْ هَذَا الْقُرْآنُ ذِكْرٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ يَتَذَكَّرُونَ بِهِ وَيَتَّعِظُونَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ أَيْ مَنْ أَرَادَ الْهِدَايَةَ فَعَلَيْهِ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ مَنْجَاةٌ لَهُ وَهِدَايَةٌ، وَلَا هِدَايَةَ فِيمَا سِوَاهُ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ أَيْ لَيْسَتِ الْمَشِيئَةُ مَوْكُولَةً إِلَيْكُمْ فَمَنْ شَاءَ اهْتَدَى وَمَنْ شَاءَ ضَلَّ، بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ تَابِعٌ لمشيئة الله تعالى رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: الْأَمْرُ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَسْتَقِمْ فأنزل الله تعالى: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ التَّكْوِيرِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
تَفْسِيرُ
سُورَةِ الِانْفِطَارِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَدَامَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَامَ مُعَاذٌ فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَطَوَّلَ فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «أفتان أنت يَا مُعَاذُ؟ أَيْنَ كُنْتَ عَنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالضُّحَى، وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ» «1» وَأَصْلُ الْحَدِيثِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَكِنْ ذُكِرَ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ في إفراد النسائي. وقد تقدم مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «من سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْقِيَامَةِ رَأْيَ عَيْنٍ فليقرأ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت» «2» .
(1) أخرجه البخاري في الأدب باب 74، ومسلم في الصلاة حديث 178، والنسائي في الافتتاح باب 70.
(2)
أخرجه الترمذي في تفسير سورة 81، باب 1، وأحمد في المسند 2/ 27، 36، 100.