الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَطَيْرًا فِيهِ سَبْعُونَ أَلْفَ رِيشَةٍ فَيَقَعُ عَلَى صَحْفَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَنْتَفِضُ، فَيُخْرِجُ مَنْ كُلِّ رِيشَةٍ يَعْنِي لَوْنًا أَبْيَضَ مِنَ اللَّبَنِ وَأَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَأَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ، لَيْسَ مِنْهَا لَوْنٌ يُشْبِهُ صَاحِبَهُ ثُمَّ يَطِيرُ» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا والرصافي وَشَيْخُهُ ضَعِيفَانِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إن طائر الجنة أمثال البخت يأكل مِنْ ثَمَرَاتِ الْجَنَّةِ وَيَشْرَبُ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، فيصطففن له فإذا اشتهى منها شيئا أتى حَتَّى يَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَأْكُلُ مِنْ خَارِجِهِ وَدَاخِلِهِ ثُمَّ يَطِيرُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ، صَحِيحٌ إِلَى كَعْبٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلَى الطَّيْرِ فِي الْجَنَّةِ فَتَشْتَهِيهِ فَيَخِرُّ بَيْنَ يديك مشويا» .
وقوله تعالى: وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ قَرَأَ بَعْضُهُمْ بِالرَّفْعِ وَتَقْدِيرُهُ وَلَهُمْ فِيهَا حُورٌ عِينٌ! وَقِرَاءَةُ الْجَرِّ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْإِعْرَابُ على الإتباع بما قبله كقوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كما قال تعالى:
وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة: 6] وكما قال تَعَالَى: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ [الْإِنْسَانِ: 21] وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَطُوفُ بِهِ الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ عَلَيْهِمُ الْحُورُ الْعِينُ، وَلَكِنْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْقُصُورِ لَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، بَلْ فِي الْخِيَامِ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْخُدَّامُ بِالْحُورِ الْعِينِ، والله أعلم. وقوله تعالى: كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ أَيْ كَأَنَّهُنَّ اللُّؤْلُؤُ الرَّطْبُ فِي بَيَاضِهِ وَصَفَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصَّافَّاتِ: 49] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ وَصْفُهُنَّ أَيْضًا، وَلِهَذَا قَالَ: جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ هَذَا الَّذِي أَتْحَفْنَاهُمْ بِهِ مُجَازَاةً لَهُمْ عَلَى مَا أَحْسَنُوا من العمل.
ثم قال تعالى: لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً أَيْ لَا يَسْمَعُونَ فِي الجنة كلاما لاغيا أي عبثا خَالِيًا عَنِ الْمَعْنَى أَوْ مُشْتَمِلًا عَلَى مَعْنًى حَقِيرٍ أَوْ ضَعِيفٍ كَمَا قَالَ لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً [الْغَاشِيَةِ: 11] أَيْ كَلِمَةً لَاغِيَةً وَلا تَأْثِيماً أَيْ وَلَا كَلَامًا فِيهِ قُبْحٌ إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً أَيْ إِلَّا التَّسْلِيمَ مِنْهُمْ بعضهم على بعض كما قال تعالى: تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ [إِبْرَاهِيمَ: 23] وَكَلَامُهُمْ أَيْضًا سَالِمٌ من اللغو والإثم.
[سورة الواقعة (56) : الآيات 27 الى 40]
وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (31)
وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36)
عُرُباً أَتْراباً (37) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَآلَ السَّابِقِينَ وَهُمُ الْمُقَرَّبُونَ، عَطَفَ عَلَيْهِمْ بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وهم
الْأَبْرَارُ، كَمَا قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَصْحَابُ اليمين منزلتهم دُونَ الْمُقَرَّبِينَ فَقَالَ وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَمَا حَالُهُمْ وَكَيْفَ مَآلُهُمْ. ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَقُسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ وَالسَّفَرُ بْنُ نُسَيْرٍ، وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ وَالسُّدِّيُّ وأبو حزرة وَغَيْرُهُمْ: هُوَ الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمُوَقَرُ بِالثَّمَرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا: كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّهُ الْمُوقَرُ الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هَذَا وَهَذَا، فَإِنَّ سِدْرَ الدُّنْيَا كَثِيرُ الشَّوْكِ قَلِيلُ الثَّمَرِ، وَفِي الْآخِرَةِ عَلَى عَكْسٍ مِنْ هَذَا لَا شَوْكَ فِيهِ وَفِيهِ الثَّمَرُ الْكَثِيرُ الَّذِي قَدْ أَثْقَلَ أصله.
كما قال الحافظ أبو بكر أحمد بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ هو البغوي، حدثني حمزة بن العباس، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُنَا بِالْأَعْرَابِ وَمَسَائِلِهِمْ، قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً تُؤْذِي صَاحِبَهَا، فَقَالَ رسول الله:«وَمَا هِيَ؟» قَالَ السِّدْرُ فَإِنَّ لَهُ شَوْكًا مؤذيا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
[طريق آخر] قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حدثني يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمَعُكَ تَذْكُرُ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً لَا أَعْلَمَ شَجَرَةً أَكْثَرَ شَوْكًا مِنْهَا، يَعْنِي الطَّلْحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا ثَمَرَةً مِثْلَ خُصْوَةِ التَّيْسِ الْمَلْبُودِ، فِيهَا سَبْعُونَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ لَا يُشْبِهُ لَوْنٌ آخَرَ» وَقَوْلُهُ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ الطَّلْحُ شَجَرٌ عِظَامٌ يَكُونُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ مِنْ شَجَرِ الْعِضَاةِ وَاحِدَتُهُ طَلْحَةٌ، وَهُوَ شَجَرٌ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة:[البسيط]
بَشَّرَهَا دَلِيلُهَا وَقَالَا
…
غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ وَالْجِبَالَا «1»
وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَنْضُودٍ أَيْ مُتَرَاكِمُ الثَّمَرِ يُذَكِّرُ بِذَلِكَ قُرَيْشًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْجَبُونَ مِنْ وَجٍّ ظلاله من طلح وسدر وقال السدي: مَنْضُودٍ مصفود. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُشْبِهُ طَلْحَ الدُّنْيَا، وَلَكِنْ لَهُ ثَمَرٌ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالطَّلْحُ لُغَةٌ فِي الطَّلْعِ قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ هَمْدَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عليا يقول هذا الحرف في
(1) البيت للجعدي في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 17/ 208، وفيه «والأحبالا» بدل «والجبالا» ، وبلا نسبة في تفسير الطبري 11/ 636.
طَلْحٍ مَنْضُودٍ، قَالَ: طَلْعٌ مَنْضُودٌ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ صِفَةِ السِّدْرِ، فَكَأَنَّهُ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَخْضُودٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا شَوْكَ لَهُ، وَأَنَّ طَلْعَهُ مَنْضُودٌ وَهُوَ كَثْرَةُ ثَمَرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قَالَ الْمَوْزُ، قَالَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَقُسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ وقَتَادَةَ وَأَبِي حَزْرَةَ مِثْلُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ: وَزَادَ فَقَالَ:
أَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْمَوْزَ الطَّلْحَ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ جَرِيرٍ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ «1» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ بِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظلها مائة عام، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ» وَكَذَا رَوَاهُ مسلم من حديث الأعرج به. وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «3» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ فُلَيْحٍ بِهِ، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَعَوْفٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «4» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَجَّاجٌ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ أَبَا الضَّحَّاكِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ- أَوْ مِائَةَ- سَنَةٍ هِيَ شَجَرَةُ الْخُلْدِ» . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هارون عن محمد بن عمرو بن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظلها مائة عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ عَبْدَةَ وعبد الرّحيم والبخاري، كلهم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الترمذي من حديث عبد الرّحمن بْنِ سُلَيْمَانَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «5» : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ زِيَادٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ
(1) أخرجه البخاري في تفسير سورة 56، باب 1، ومسلم في الجنة حديث 6، 8.
(2)
المسند 2/ 482.
(3)
كتاب بدء الخلق باب 8.
(4)
المسند 2/ 445.
(5)
تفسير الطبري 11/ 637.
اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا فَقَالَ: صَدَقَ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ، لَوْ أَنَّ رَجُلَا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأعلى تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَا بَلَغَهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرِمًا، إِنَّ اللَّهَ غَرَسَهَا بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ روحه، وإن أفنانها لمن وراء ستار الْجَنَّةِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ نَهْرٌ إِلَّا وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضرير: حدثنا يزيد بن زريع عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قَالَ:
«فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا» وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «1» عَنْ رَوْحِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عن عمران بن داود الْقَطَّانِ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ، وَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَأَبُو هِلَالٍ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضْمَرَ «2» السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا» «3» فَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ مُتَوَاتِرٌ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ النُّقَّادِ، لِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ وَقُوَّةِ أَسَانِيدِهِ وَثِقَةِ رِجَالِهِ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «4» : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابٍ فِي مَوْضِعٍ وَمَعَنَا أَبُو صَالِحٍ وَشَقِيقٌ يَعْنِي الضَّبِّيَّ، فَحَدَثَّ أَبُو صَالِحٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظلها سَبْعِينَ عَامًا، قَالَ أَبُو صَالِحٍ:
أَتُكَذِّبُ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: مَا أُكَذِّبُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَكِنِّي أُكَذِّبُكَ أَنْتَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْقُرَّاءِ يَوْمَئِذٍ.
قُلْتُ: فَقَدْ أَبْطَلَ مَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ ثُبُوتِهِ وَصِحَّتِهِ وَرَفْعِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ الْقَزَّازُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا سَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ» «5» ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الظِّلُّ الْمَمْدُودُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ عَلَى سَاقٍ ظِلُّهَا قَدْرُ مَا يسير الراكب في كل نَوَاحِيهَا، مِائَةَ عَامٍ، قَالَ: فَيَخْرُجُ إِلَيْهَا أَهْلُ الجنة أهل
(1) كتاب بدء الخلق باب 8.
(2)
الجواد المضمّر: هو الذي يعلف حتى يسمن، ثم يرد ليخف، وقيل: هو الذي يشد عليه السرج حتى يعرق تحته فيذهب رهله ويشتد لحمه.
(3)
أخرجه البخاري في الرقاق باب 51، ومسلم في الجنة حديث 8.
(4)
تفسير الطبري 11/ 639.
(5)
أخرجه الترمذي في الجنة باب 1. [.....]
الْغُرَفِ وَغَيْرُهُمْ فَيَتَحَدَّثُونَ فِي ظِلِّهَا، قَالَ: فَيَشْتَهِي بَعْضُهُمْ وَيَذْكُرُ لَهْوَ الدُّنْيَا فَيُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَتَحَرَّكَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ بِكُلِّ لَهْوٍ في الدنيا. هذا أثر غريب إسناده جَيِّدٌ قَوِيٌّ حَسَنٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فِي قوله تعالى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قَالَ سَبْعُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بُنْدَارٍ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1» : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قَالَ: فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَقَالَ عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا» رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الْجَنَّةِ شَجَرٌ لَا يَحْمِلُ يُسْتَظَلُّ بِهِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَأَبُو حزرة في قوله تعالى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ لَا يَنْقَطِعُ، لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلَا حَرٌّ مِثْلُ قَبْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْجَنَّةُ سَجْسَجٌ»
كَمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْآيَاتُ كقوله تعالى: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا [النِّسَاءِ: 57] وَقَوْلِهِ: أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها [الرَّعْدِ: 35] وَقَوْلِهِ: فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [الْمُرْسَلَاتِ: 41] إلى غير ذلك من الآيات وقوله تعالى:
وَماءٍ مَسْكُوبٍ قال الثوري: يَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ [محمد: 15] الآية. بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله تَعَالَى: وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ أَيْ وَعِنْدَهُمْ مِنَ الْفَوَاكِهِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَنَوِّعَةِ فِي الْأَلْوَانِ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خطر على قلب بشر، كما قال تَعَالَى:
كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً [الْبَقَرَةِ: 25] أَيْ يُشْبِهُ الشَّكْلُ الشَّكْلَ وَلَكِنَّ الطَّعْمَ غَيْرُ الطَّعْمِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي ذِكْرِ سدرة المنتهى:«فَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ وَنَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ» «3» . وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خُسِفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ مَعَهُ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ، وَفِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ، قَالَ:«إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدنيا» .
(1) تفسير الطبري 11/ 637.
(2)
الجنة سجسج: أي ظلها معتدل، لا حر ولا برد.
(3)
أخرجه البخاري في بدء الخلق باب 6، ومسلم في الإيمان حديث 259.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ إِذْ تَقَدَّمُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَقَدَّمْنَا مَعَهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ شَيْئًا لِيَأْخُذَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ، فَلَمَّا قضى الصلاة قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ الْيَوْمَ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا مَا كُنْتَ تَصْنَعُهُ، قَالَ:«إِنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ وَالنَّضْرَةِ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ لِآتِيَكُمْ بِهِ فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَوْ أَتَيْتُكُمْ بِهِ لَأَكَلَ مِنْهُ مِنْ بَيْنِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا ينقص منه» «1» وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عن عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبِكَالِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ السُّلَمِيَّ يَقُولُ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فسأله عَنِ الْحَوْضِ وَذَكَرَ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فِيهَا فَاكِهَةٌ؟
قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طوبى» . قال: فَذَكَرَ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ، قَالَ: أَيُّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ؟ قَالَ: «لَيْسَتْ تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ؟» فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَتَيْتَ الشَّامَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ:
«تُشْبِهُ شَجَرَةً بِالشَّامِ تُدْعَى الْجَوْزَةَ تَنْبُتُ على ساق واحدة وينفرش أعلاها» . قال: ما عِظَمُ الْعُنْقُودِ؟ قَالَ: «مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْغُرَابِ الْأَبْقَعِ لا يفتر» . قَالَ: مَا عِظَمُ أَصْلِهَا؟ قَالَ: «لَوِ ارْتَحَلَتْ جَذَعَةٌ مِنْ إِبِلِ أَهْلِكَ مَا أَحَاطَتْ بِأَصْلِهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تَرْقُوَتُهَا هَرَمًا» قَالَ: فِيهَا عِنَبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَمَا عِظَمُ الْحَبَّةِ؟ قَالَ: «هَلْ ذَبَحَ أَبُوكَ تَيْسًا مِنْ غَنَمِهِ قَطُّ عَظِيمًا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَسَلَخَ إِهَابَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّكَ فَقَالَ اتَّخِذِي لَنَا مِنْهُ دَلْوًا؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فَإِنَّ تِلْكَ الْحَبَّةَ لَتُشْبِعُنِي وَأَهْلَ بَيْتِي؟ قال: «نعم وعامة عشيرتك» .
وقوله تعالى: لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ أَيْ لَا تَنْقَطِعُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا بَلْ أُكُلُهَا دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا، مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ بقدرة الله شيء، وقال قَتَادَةُ: لَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ تَنَاوُلِهَا عُودٌ وَلَا شَوْكٌ وَلَا بُعْدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ «إِذَا تَنَاوَلَ الرَّجُلُ الثَّمَرَةَ عَادَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى» وقوله تعالى: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ أَيْ عَالِيَةٌ وَطِيئَةٌ نَاعِمَةٌ قَالَ النَّسَائِيُّ وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ:
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قَالَ: «ارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ «3» ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ ارْتِفَاعُ الْفُرُشِ فِي الدَّرَجَاتِ وَبُعْدُ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، هَكَذَا قَالَ إِنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَذَا إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُوَ الْمِصْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ بْنُ جَرِيرٍ عن أبي
(1) أخرجه أحمد في المسند 3/ 353.
(2)
المسند 4/ 184.
(3)
أخرجه الترمذي في الجنة باب 8.
كريب عن رشدين به.
ثُمَّ رَوَاهُ هُوَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فَذَكَرَهُ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ مِنْ حَدِيثِ حَرْمَلَةَ عَنِ ابن وَهْبٍ بِهِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ «1» أَحْمَدُ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُوسَى عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا دراج فذكره. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ أَبِي سَهْلٍ يَعْنِي كَثِيرَ بْنَ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قَالَ: ارْتِفَاعُ فِرَاشِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ ثمانين سنة.
وقوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ جَرَى الضَّمِيرُ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ. ولكن لَمَّا دَلَّ السِّيَاقُ وَهُوَ ذِكْرُ الْفُرُشِ عَلَى النِّسَاءِ اللَّاتِي يُضَاجِعْنَ فِيهَا اكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِنَّ وَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِنَّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تعالى: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 31- 32] يَعْنِي الشَّمْسَ عَلَى المشهور من قول المفسرين، وقال الأخفش في قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً أَضَمَرَهُنَّ وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ذُكِرْنَ فِي قَوْلِهِ تعالى: وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ فقوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ أي أعدناهن في النشأة الأخرى بعد ما كُنَّ عَجَائِزَ رُمْصًا «2» ، صِرْنَ أَبْكَارًا عُرُبًا أَيْ بعد الثيوبة عدن أبكارا عربا مُتَحَبِّبَاتٍ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ بِالْحَلَاوَةِ وَالظَّرَافَةِ وَالْمَلَاحَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عُرُباً أَيْ غَنِجَاتٍ، قَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً قَالَ نِسَاءٌ عَجَائِزُ كُنَّ فِي الدُّنْيَا عُمْشًا رُمْصًا» «3» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ «4» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ثم قال الترمذي: غريب، وموسى ويزيد ضعيفا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً يَعْنِي الثَّيِّبَ وَالْأَبْكَارَ اللَّاتِي كُنَّ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حدثنا مصعب بن مقدام، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَتَتْ عَجُوزٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ الله تعالى أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَدْخُلُهَا عَجُوزٌ» قَالَ: فَوَلَّتْ تَبْكِي. قَالَ: «أَخْبِرُوهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً» . وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشمائل عن عبد بن حميد.
(1) المسند 3/ 75.
(2)
الرمص، بفتحتين: وسخ أبيض يجتمع في العين.
(3)
أخرجه الترمذي في تفسير سورة 56، باب 5.
(4)
تفسير الطبري 11/ 641.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْبَيْرُوتِيُّ، أخبرنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عن قول الله تعالى: حُورٌ عِينٌ قَالَ: «حُورٌ بِيضٌ عِينٌ ضِخَامُ الْعُيُونِ شُفْرُ الْحَوْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ جَنَاحِ النَّسْرِ» قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قوله تعالى: كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ قَالَ: «صَفَاؤُهُنَّ صَفَاءُ الدَّرِّ الَّذِي فِي الْأَصْدَافِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي» قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قوله:
فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ قَالَ «خَيِّرَاتُ الْأَخْلَاقِ حِسَانُ الْوُجُوهِ» قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عن قوله كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قَالَ: «رِقَّتُهُنَّ كَرِقَّةِ الْجِلْدِ الَّذِي رَأَيْتَ فِي دَاخِلِ الْبَيْضَةِ مِمَّا يَلِي الْقِشْرَ وَهُوَ الْغِرْقِئُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عُرُباً أَتْراباً قَالَ «هُنَّ اللَّوَاتِي قُبِضْنَ فِي الدار الدنيا عجائز رمصا شمصا، خَلَقَهُنَّ اللَّهُ بَعْدَ الْكِبَرِ فَجَعَلَهُنَّ عَذَارَى عُرُبًا مُتَعَشِّقَاتٍ مُحَبَّبَاتٍ أَتْرَابًا عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدٍ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَمِ الْحُورُ الْعِينِ؟ قَالَ: «بَلْ نِسَاءُ الدُّنْيَا أَفْضَلُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ كَفَضْلِ الظِّهَارَةِ عَلَى الْبِطَانَةِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَبِمَ ذَاكَ؟ قَالَ:
«بِصَلَاتِهِنَّ وَصِيَامِهِنَّ وَعِبَادَتِهِنَّ اللَّهَ عز وجل. أَلْبَسَ اللَّهُ وُجُوهَهُنَّ النُّورَ وَأَجْسَادَهُنَّ الْحَرِيرَ.
بِيضُ الْأَلْوَانِ خُضْرُ الثِّيَابِ صُفْرُ الْحُلِيِّ مَجَامِرُهُنَّ الدُّرُّ وَأَمْشَاطُهُنَّ الذَّهَبُ، يَقُلْنَ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ أَبَدًا وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ أَبَدًا، وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ أَبَدًا أَلَا وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ أَبَدًا، طُوبَى لِمَنْ كُنَّا لَهُ وَكَانَ لَنَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ مِنَّا تَتَزَوَّجُ زَوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ ثُمَّ تَمُوتُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَدْخُلُونَ مَعَهَا، مَنْ يَكُونُ زَوْجَهَا؟
وَفِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ الْمَشْهُورِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَشْفَعُ لِلْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ في دخول الجنة، فيقول الله تعالى قد شفعتك وأذنت لهم بدخولها، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا بِأَعْرَفَ بِأَزْوَاجِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِأَزْوَاجِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ، فَيَدْخُلُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً سَبْعِينَ مِمَّا يُنْشِئُ اللَّهُ، وَثِنْتَيْنِ مَنْ وَلَدِ آدَمَ لَهُمَا فَضْلٌ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ اللَّهُ بِعِبَادَتِهِمَا اللَّهَ فِي الدُّنْيَا، يَدْخُلُ عَلَى الْأُولَى مِنْهُمَا فِي غُرْفَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٍ بِاللُّؤْلُؤِ عَلَيْهِ سَبْعُونَ زَوْجًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَإِنَّهُ لَيَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى يَدِهِ مِنْ صَدْرِهَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا وَلَحْمِهَا، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مُخِّ سَاقِهَا كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى السِّلْكِ فِي قَصَبَةِ الْيَاقُوتِ كَبِدُهُ لَهَا مِرْآةٌ، يَعْنِي وَكَبِدُهَا لَهُ مِرْآةٌ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهَا لَا يَمَلُّهَا وَلَا تَمَلُّهُ وَلَا يَأْتِيهَا مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَجَدَهَا عَذْرَاءَ، مَا يفتر ذكره ولا يشتكي قُبُلَهَا إِلَّا أَنَّهُ لَا مَنِيَّ وَلَا مَنِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لَا تَمَلُّ وَلَا تُمَلُّ، إِلَّا أَنَّ لَكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهَا فَيَخْرُجُ فَيَأْتِيهِنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا جَاءَ وَاحِدَةً قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحْسَنُ مِنْكَ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ:
أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ ابْنِ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنَطَأُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ «نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ دَحْمًا دَحْمًا «1» ، فَإِذَا قَامَ عَنْهَا رَجَعَتْ مُطَهَّرَةً بِكْرًا» .
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَابِرٍ الْفَقِيهُ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك الدقيقي الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا جَامَعُوا نِسَاءَهُمْ عُدْنَ أَبْكَارًا» .
وَقَالَ أبو داود الطيالسي: أخبرنا عِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا فِي النِّسَاءِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَيُطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ» «2» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَصِلُ إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ فِي الْيَوْمِ إِلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ» قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: عُرُباً قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي مُتَحَبِّبَاتٍ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، أَلَمْ تَرَ إِلَى النَّاقَةِ الضُّبَعَةِ «3» هِيَ كَذَلِكَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْعُرُبُ الْعَوَاشِقُ لِأَزْوَاجِهِنَّ وَأَزْوَاجُهُنَّ لَهُنَّ عَاشِقُونَ، وَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَعَطِيَّةُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وغيرهم، وقال ثور بن يزيد عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: عُرُباً قَالَ: هِيَ الْمَلِقَةُ لِزَوْجِهَا. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: هِيَ الْغَنِجَةُ. وَقَالَ الْأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ: هِيَ الشَّكِلَةُ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: عُرُباً قَالَ: الشِّكِلَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْغَنِجَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ: هِيَ حُسْنُ التَّبَعُّلِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: الْعُرُبُ حَسِنَاتُ الْكَلَامِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ذُكِرَ عَنْ سَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُرُباً- قَالَ- كَلَامُهُنَّ عَرَبِيٌّ» .
وَقَوْلُهُ: أَتْراباً قَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي فِي سِنٍّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأَتْرَابُ الْمُسْتَوِيَاتُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ الْأَمْثَالُ، وَقَالَ عَطِيَّةُ الْأَقْرَانُ وقال السدي
(1) دحمة: دفعه شديدا، ودحم المرأة: نكحها بدفع وقوة.
(2)
أخرجه الترمذي في الجنة باب 6.
(3)
ضبعت الناقة: أي اشتهت الفحل.
أَتْراباً أَيْ فِي الْأَخْلَاقِ الْمُتَوَاخِيَاتُ بَيْنَهُنَّ، لَيْسَ بَيْنَهُنَّ تَبَاغُضٌ وَلَا تَحَاسُدٌ، يَعْنِي لَا كَمَا كن ضَرَائِرَ مُتَعَادِيَاتٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْكَهْفِ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ عُرُباً أَتْراباً قَالَا: الْمُسْتَوَيَاتُ الْأَسْنَانِ يَأْتَلِفْنَ جَمِيعًا وَيَلْعَبْنَ جَمِيعًا.
وَقَدْ رَوَى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَمُجْتَمَعًا لِلْحُورِ الْعِينِ يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها- قال- يَقُلْنَ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ» «1» ثُمَّ قَالَ:
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: أخبرنا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب عن فلان ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ لَيُغَنِّينَ فِي الْجَنَّةِ يَقُلْنَ نَحْنُ خَيِّرَاتٌ حِسَانٌ خُبِّئْنَا لِأَزْوَاجٍ كِرَامٍ» قُلْتُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ هَذَا هُوَ أَبُو الْمُنْذِرِ الْوَاسِطِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُلَقَّبُ بِدُحَيْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنِ ابْنٍ لَأَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ يُغَنِّينَ فِي الجنة نحن الحور الحسان خلقنا لأزواج كرام» وقوله تعالى: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أي خلقن لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ أَوِ ادُّخِرْنَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ أَوْ زُوِّجْنَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ فَتَقْدِيرُهُ أَنْشَأْنَاهُنَّ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَهَذَا توجيه ابن جرير.
وروي عن أبي سليمان الداراني رحمه الله تعالى قَالَ: صَلَّيْتُ لَيْلَةً ثُمَّ جَلَسْتُ أَدْعُو وَكَانَ الْبَرْدُ شَدِيدًا فَجَعَلْتُ أَدْعُو بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، فَأَخَذَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ حَوْرَاءَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ أَتَدْعُو بِيَدٍ واحدة وأنا أغذى لك في النعيم منذ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ.
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أَيْ فِي أَسْنَانِهِمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى ضَوْءِ أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَتَمَخَّطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة
(1) أخرجه الترمذي في الجنة باب 24. [.....]
أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ» «1» .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بن جدعان عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا بِيضًا جعادا مكحلين أبناء ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، وَهُمْ عَلَى خَلْقِ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ» .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ عِمَرَانَ الْقَطَّانِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مردا مكحلين بني ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً» «3» ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ يُرَدُّونَ بَنِي ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَزِيدُونَ عَلَيْهَا أَبَدًا وَكَذَلِكَ أَهْلُ النَّارِ» «4» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ رِشْدِينِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ عَلَى طُولِ آدَمَ سِتِّينَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمَلِكِ! عَلَى حُسْنِ يُوسُفَ، وَعَلَى مِيلَادِ عِيسَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَعَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ جُرْدٌ مُرْدٌ مُكَحَّلُونَ» وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم «يُبْعَثُ أَهْلُ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فِي ميلاد عيسى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ جُرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ. ثُمَّ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ فَيُكْسَوْنَ مِنْهَا لَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُمْ» .
وَقَوْلُهُ تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ أَيْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْآخَرِينَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ عَنْ بَعْضٍ قَالَ: أَكْرَيْنَا «5» ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ غَدَوْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «عرضت علي الأنبياء
(1) أخرجه البخاري في الأنبياء باب 1، ومسلم في الجنة حديث 15، 16.
(2)
المسند 2/ 295، 343.
(3)
أخرجه الترمذي في الجنة باب 8.
(4)
أخرجه الترمذي في الجنة باب 23.
(5)
أكرينا: أي أطلنا وأخرنا.